36 – البابا انسطاسيوس – Anastasius – الأستاذ أشرف صالح


بطاركة القرن السابع الميلادي.

36 - البابا أنسطاسيوس - Anastasius

606 م - 616 م.

مقدمة

ي ظل تلك الأحداث المُحتدمة، والصراعات التي كانت تجرى على أرض مصر، والظروف القاسية التي كانت تعيشها، والتي تتمثل في مرورها بفترتين إنتقاليتين خطيرتين في تاريخها، كانت لم تزل تُبدل عباءة الحكم الروماني الذي إستمر قائماً زهاء أكثر من 6 قرون ونصف، كانت الكنيسة القبطية، وشعب المسيح في أرض مصر، يعاني مرار المعاناة في تلك الظروف التي كانت تعبر بها البلاد، فمن الكبوة التي تعرضت لها في فترة الإضطهاد الروماني الخلكيدوني في القرن السادس الميلادي، إلى الإحتلال الفارسي الذي ظلل على الأحداث بسحابات سوداء في بداية القرن السابع الميلادي، فأظلمت الحياة فيها، وحُجِبَ عنها النور، والإضطهاد في ربوعها ضد الكنيسة وشعبها،.

إستمر قائماً، حتي بلوغها الفترة الإنتقالية الثانية – والأخطر في تاريخها – بإتمام تسليم مقاليد حكم مصر إلى يد العرب المسلمين، الذي غزوها في عام 641م، وبعد أن قام ” المقوقس ” – الخائن – بتسليمها إلى ” عمرو بن العاص ” – قائد الجيوش العربية الإسلامية – دون شروط، بل وترك حرية للقائد عمرو بن العاص بوضع الشروط وإلزام الأقباط بها،.

وفيما يلي – بياناً لتاريخ الأمة القبطية، والكرسي الباباوي والكنيسة القبطية في القرن السابع الميلادي، وذلك بدايةً من تاريخ البابا "أنسطاسيوس" - بابا الكنيسة القبطية السادس والثلاثون في باباوات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

كان البابا أنسطاسيوس قد نشأ في أسرة تتكون من أبوين وجيهين.

ولما إكتملت رجولته، سَلَكَ طريق الصلاح، كما أنه كان حكيماً، مُزيناً بالفضائل.

وقد بدأ خدمته الكهنوتية، شماساً، ثم رُسِمَ قساً في كنيسة الإنجيليٌين، وكنيستي قُزمان.

ودميان بالإسكندريـــة، وكـــان في خلال فترة خــــدمته الكهنوتية، يشغـــل أوقاته فــي.

قراءة كتب البيعة (الكنيسة)، وفهم الأمانة (الإيمان).

ولقــــــد كان البابــــا أنسطاسيوس قبل الرِسَامَة، أحـــــد أكابر الإسكندرية، حيــث كان يـــشغل منصـب رئيسً الديـوان، ثم صار بعد ذلك قسًــا على كـنيسة الثـِــغر الإسكندري إلى أن تم إختياره بإجماع الآراء كبابا للكنيسة القبطية.

وكان الــــبابا أنسطاسيوس، منذ بداية جلوسه على الكرسي الباباوي المرقسي، مُهتماً إهتماماً شديداً بأمور البيعة بحرصٍ عظيم، ومشتغلا ًبالعلوم الروحانية.

الجلوس على الكاتدراء المرقسي

إجتمعت كلمة الشعب على إنتخاب أنسطاسيوس كبابا للكنيسة القبطية في أبيب في سنــة 320 ش - أي سنة 605 م - في عهد فوقا قيصر المُغتَصِب. ولقد كان البابـا أنسطاسيوس، قــوىٌ القلب، يمضى إلى المدينة (الإسكندريــــة)، على الرغـــم من أن البطاركة كانوا ممنوعين من الدخول إليها، ويرسم فيها الكهنة.

متاعب ما بعد الجلوس على الكاتدراء المرقسي

البطريرك الأنطاكي يُشكك في قانونية رسامة البابا أنسطاسيوس

وشي بعض الأشرار إلى خليفته إن البطريرك، لما رسم حرم الملك وأمانته، فغضب الملك، وأرسل إلى والي الإسكندرية أن يُسلم إلى أولوجيوس بطريرك الروم كنيـــسة قزمان ودميان وأوقافها، فحزن الأب من ذلك كثيرًا، غير أن الرب عزٌاه من نـــاحية أخرى، وذلك أن بطرس المخالف بطريرك إنطاكية، كان قد مات.

عودة الإتحاد بين كنيستي الأسكندرية وإنطاكية سوريا

أقيم عِوضًا عنه راهب قديس عالم يُسمي أثناسيوس قويم المُعتقد، الذي بمجرد أن صار بطريركاً، عمل علي تجديد الإتحاد بين كنيستي الإسكندرية وإنطاكية، فكتب رسالــــــة بالإيمان المٌستقيم، وأرسلها إلى الأب أنسطاسيوس، فَفَرِحَ بها جدًا، وجــمع بعضًا من الأساقفة والكهنة وقرأها عليهم، ثم رد علي الأب أثناسيوس، بأنه يتمني من صميم قلبه أن يراه، فحضر الأب أثناسيوس إلى الإسكندرية، ومعه الأساقفة والكهنة، فلمــــا عَلِمَ بقدومه الأب أنسطاسيوس، وكان بالأسقيط حضر إلى الإسكندرية، ذهب إلى البحر مع الأساقفة والكهنة وإستقبله بالتحية والإكرام، ثم عقدوا مجمعًا بأحد الأديرة التي عـــلي ساحل البحر إستمر شهرًا وهم يتباحثون في أصول الدين، ثم عاد البطريرك الأنطاكــي إلى كرسيه بسلام، وكان الأب أنسطاسيوس مداومًا علي تعليم رعيته بنفسه وبكتــبه.

أهم الأحداث المعاصرة

عودة الإضطهاد الخلكيدوني في عهد الإمبراطور فوقاس

كان له تعب عظيم من جماعة تيباريوس، وأبلساريوس، الذين صار عليهم إســــم: [قيانوس]، وأصحاب المجمع الخلقيدوني، وعُيِّن وقتئذٍ رجل شرير يُدعى أولوجيوس.

بطريركــاً للملكيين، وكــــــان حاقدًا على البابا أنسطاسيوس جدًا، وحاول أن يوٌقـــــع به، لكـــن الله لـــم يُسلمه في يديــه، وكانت وظيفــة البطاركة الملكييٌـــن سياسية أكثر منها دينية، ولم يكن لهم عمل سوى تنفيذ إرادة الإمبراطور.

وثم حدث بعد ذلك، أن قام حينئذ رجل يُدعى فوقاس، وقتل القيصر، وجـلس وضعـه،.

وكان ظالِمًا عاتيًا، فكتب له أولوجيوس في البابا أنسطاسيوس بأقوال كاذبة؛ منها قوله.

أن البطريرك، لما كرز في بيعة يوحنا المعمدان حرمة هو، وجميع الملــوك المنتصــر.

للمجمع الخلقيدوني.

فلما سمــــع فوقًا ذلك، كتب لوالى الإسكندرية، أن يغتصب من البطريرك بيعة قــــزمان.

ودميــان، جميع أوانيـــها ويدفعها لأولوجيوس، فأُخِذَت البيعــــة بالقوة، ورجــع البابا أنسطاسيوس إلى الدير، وقلبه ملآن بالحزن.

الغزو الفارسي لمصر

في أيام البابا أنسطاسيوس، إفتتح الملك كسرى - ملك الفرس بـــلاد الشام، ووصــــــل.

حدود مصر يتهددها، وكان كثيرون من مسيحي سوريا قد فرّوا إلى مصر، مُـــــلتجئين.

إليها من ظلم الفُرس، فعمل البابا أنسطاسيوس كل ما في وسعه لتخفيف ويلاتهم.

وكان البطريرك الروماني الذي خلف تاودروس الذي جاء بعد أولوجيوس يدعى يوحنــا.

المُلقب بـ (الرحيم)، وذلك لرقة أخلاقه المسيحية،.

فتسابق مع البابا الإسكنـــــدري في مواساة هؤلاء المنكوبــــين، وقدَّم مساعدة كبـيــرة.

للبابا أنسطاسيوس إذ كان أوسع منه ثروة، وكان البابا أنسطاسيوس، في وقته يشتهى.

أن يجمع الله بين الكرسيين - الإسكندري، والإنطاكي الذي فرّقه بطـــرس، فســـمع الله.

لطلبته، ومات بطرس المذكور، وجلس عوضه على الكرسي الأنطاكي، رجلاً صالحــاً.

عالم يدعى أثناسيوس، فأصلح ما أفسده بطـــــرس الضال، فجمع البابا أنسطاسـيوس.

الأساقفة، وأخبرهم بالأمر، فَسُرُّوا جميعًا لعودة الإتـحاد بين الكرسيين. أعماله في الخدمة البطريركية.

1 - أعماله في مجال الكتابة والتدوين لقد كان البابا أنسطاسيوس يمتلك موهبة الكتابة، فإستطاع أن يكتب إثنتي عشرة كتابًا رَتٌبها على الحروف الهجائية القبطية - أى بمعني أنه قام بترتيبها، إبتداءاً بأول ســــنة بــحرف: (A)، والثانية بحرف: (B)، وهكذا، إلى إن كتب الكتاب الثاني عشر ورسمه بحرف: (L).

وقد كان من كَثرة علمه وفصاحته، يكتب كل سنة كتاباً.

2 - إسترداد الكنائس التي إستولى عليها الملكيين

ونظراً لما كان يتمتع به البابا أنسطاسيوس من شخصية قوية، وصرامة، وجديُـــة في.

التعامل مع المواقف، أخذ يعمل مع قومه جاهداً، حتى تمكن من إسترداد ما إستولــــى.

عليه الملكيون من كنائس المُتأصلين.

3 - ترميم الكنائس القديمة والمتهدمة

كما قام البابا أنسطاسيوس أيضاً، بترميـــــم عدد من الكنائس القديمـــة، والمتهدمة،.

والــتي أصابتها أضراراً في أيام الإضطرابات، فأخذ البيٌعة التي هي بربوة إثارات وبيعة.

على إسم رئيس الملائكة الجليل ميخائيل.

4 - الإهتمام بالكنائس ورسامة الأساقفة والكهنة

نظراً لما أولاه البابا أنسطاسيوس، من إهتمام زائد بالكنائس في سائر ربوع مصر، فقد إهتم برسامة أساقفة وكهنة علي الجهات الخالية.

الأباطرة المعاصرين للخدمة

الإمبراطور موريسيوس - MAURICVS

565 م - 602م

الإمبراطور موريسيوس  - MAURICVS

هو الإمبراطور فلافيوس موريكيوس تيبيريوس أغسطس أو "موريكيوس"، أو "موريق" في بعض المراجع التاريخية الأخرى.

حكم منذ 5 أغسطس عام 582م، وحتى نوفمبر 602 م، عين كوريث إمبراطوري من قبل تيبريوس الثاني.

وقد تزوج من إبنة تيبيروس الثاني، قسطنطينا، وأصبح إمبراطوراً بعد أسبوع من رحيل أبيه.

عهد موريكيوس كان مليئاً بالحروب غير المنتهية على كل الحـــدود، وعلى الرغم مـــن.

تميزه في الحكم تمكن فقط بأن يمنع تفكك الإمبراطورية العظيمة لجستنيان الأول، بشكل.

مؤقت.

بعد فترة قصيرة من تعيينه، تدخل في حروب ضد الفرس في عام 590م، وساعد الـــملك خسرو الثاني بهدف إستعادة منصبه - وفي المقابل - إستردت الإمبراطــورية البيزنطـية - أرمينيا، ومنطقة ما بين النهرينالشرقية، وقد تزوج خسرو امرأة تدعى ماريا، يعتقد بأنها إبنة الإمبراطور موريكيوس.

الإمبراطور فوقا - Phocas

602 م - 610 م

الإمبراطور فوقا - Phocas

هو. "فوكاس - أو" فوقا "، أو" فوكاس.

تولى حكم الإمبراطورية الرومانية الشرقية في الفترة من من 602 إلى 610 م.

ةولقد كانت الحياة حياة المُــبكّرة لفوقاس غير معــــروفة إلى حدّ كبير، لكنّه صـــعد إلى الصّدارة في عام 602 م، كقائد في التمرّد ضد الإمبراطور موريكيوس.

إستولى فوقاس على القسطنطينية، وأطاح بموريكيوس في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 602 م، وأعلن نفسه الإمبراطور البيزنطي في نفس اليوم، لم يثق فوقاس بعم بنخبة القسطنطينيّة، وبالتّالي أقام أقاربه في مناصب عسكرية عالية، وطهّر خصومــه بوحشيّة. وكان فوقاس قائدًا غير كفء، كل من الإدارة والجيش، وتحته الإمبراطوريّة الرومانية البيزنطيّة تعرضوا للتّهديد من قبل أعداء متعدّدين، مع غارات متكرّرة في منطقة البلقان من الآڤاروالسلاف، وغزو المقاطعات الشرقية الساسانية في فارص، تمرد إكسارخوس قرطاج، هرقل الأكبر، ضده.

وقد نجح إبن هرقل الكبير، في الإستيلاء على القسطنطينيّة في 5 تشرين الأول (أكتوبر) 610 م، وأعدم فوقاس في نفس اليوم، قبل أن يُعلن نفسه الإمبراطور البيزنطي.

الإمبراطور هراكليوس - Heraclius

610 م - 641 م

الإمبراطور هراكليوس -Heraclius

هو الإمبراطور "هراكليوس - Heraclius".

في مراجع أخرى يُنطق إسمه: "هرقل".

وإسمه بالكامل فلافيوس أغسطس هرقل.

باللاتينية: Heraclius Flavius Augustus.

باليونانية: Φλάβιος Ἡράκλει.

ولد في عام 575م.

جلس على عرش الإمبراطورية الرومانية كإمبراطور روماني، لايُنازعه أحد في المُلك في الفترة من سنة 610 م، وحتي وفاته في سنة 641 م.

هو إمبراطور الإمبراطورية البيزنطية الذي شهد العالم كله خلال عهد حكمه، جٌملة من الأحداث الهامة على الصعيدين - الداخلي والخارجي، فمن جهة، تجددت الحملات الفارسية ضد الإمبراطورية الرومانية، وإحتدت ذروتها في عهد حكمه، ومن جهة أخرى، بدأت تحركات قوى جديدة، لم تكن موجودة على مسرح الصراع التاريخي للى سلطة حكم العالم من قبل - ألا وهي القوى العربية - التي إتخذت مما أسمته "دعوة الإسلام" - رسالةً لها، لكي تُبارك بموجب هذه الرسالة، غزواتهم، وتطلعاتهم في توسيع رُقعة ممالك شبه العربية الإسلامية، والتي عظم شأنها في عهد مشترع ديانة الإسلام - محمداً إبن عبد الله.

ولكن، كان وصول "هرقل" - إلى عرش الإمبراطورية الرومانية، في بداية الأمر، هو القيام بتمرد ضد الإمبراطور السابق له فوقاس، الذي تسلّم السلطة بعد خلع الإمبراطور موريس، ودون شعبية تذكر، وذلك - في ظل القلاقل التي عانت منها الإمبراطورية.

كان والد هرقل، وهو هرقل الأكبر، قائدًا عسكريًا ناجحًا، شارك في حروب الإمبراطور موريس، وعينه المذكور في أعقاب الحرب نائبًا إمبراطوريًا على شمال أفريقيا ومقر حكمه في قرطاج، حيث قضى هرقل الشطر الأول من حياته، وبكل الأحوال تشير المصادر التاريخية المتوافرة، لكون هرقل من أصول أرمنية في كبادوكية؛ أيضًا يُعتبر هرقل - هو المؤسس للسُلالة الهراقلية - التي إستمرت بحكم الإمبراطورية البيزنطية حتى عام 711 م.

النياحة

ظل البابا أنسطاسيوس على الكرسي الباباوي المرقسي إثنتي عشرة سنة، وستة أشهر.

وعشرة أيام كتب أثناءها إثني عشر كتاباً، ثم أراد السيد المسيح، أن ينقله إلى كـــورة.

الأحياء في الثاني والعشرين من كيهك سنة 332 ش. وسنة 616 م.

تعيد الكنيسة بنياحته في الثاني والعشرين من شهر كيهك.


الموضوع الأصلي متاح من خلال موقع المؤلف هنا https://kingdomoftheearth.blogspot.com/

التاريخ القبطي عبر العصور - الأستاذ أشرف صالح
التاريخ القبطي عبر العصور - الأستاذ أشرف صالح