53 – البابا خائيل الثاني – Khail II – الأستاذ أشرف صالح


[ب [بطاركة القرن التاسع الميلادي].

53 - البابا خائيل الثاني - Khail II

849م – 851 م

مقدمة

من المعلومات المتوافرة لدينا عن البابا خائيل الثاني، أنه كان راهباً من رهبان دير القديس الأنبا يحنس، وكان إسمه قبل الرسامة "خائيل" أيضاَ، وكان ذو صلاح وتقوى، سالكاً في الفضائل.

الجلوس على الكرسي الباباوي المرقسي

بعد نياحة البابا يوساب، أجمعت أصوات الكهنة بإتفاق آرائها مع الشعب وأبناء الأمة على إختيار الراهب الأب خائيل من دير أنبا يحنس خلفًا له، فرُسِمَ بطريركًا في 24 هاتور سنة 566 ش. الموافق 20 نوفمبر سنة 849 م.

مُحاربة الولاة المسلمون لرسامته الباباوية

كان البابا "خائيل الثاني" - قد تعرض له الولاة الظالمون طالبون منه مبالغ كثيرة رشوة لكي لا يمنعوه من الجلوس على الكرسي، مما اضطره لبيع ذخائر الكنيسة ليوفي المطلوب.

ولم يمكث على السدة المرقسية سوى سنة و4 أشهر و28 يومًا، وكان محل إقامة البطريرك المرقسية بالإسكندرية.

فترة إضطهاد معاصرة للخدمة

لقد عانى الأقباط في خلال فترة باباوية البابا "خائيل الثاني" الكثير من الإضطهاد.

الخلفاء المعاصرين للخدمة

[تابع - خلفاء الدولة العباسية الإسلامية الشيعيٌة]

فترة حكم الخليفة المتوكل على الله

809 م - 833 م

دينار الخليفة المتوكل على الله

دينار الخليفة المتوكل على الله.

(ملخص تاريخ الخليفة المتوكل على الله)
مقدمة تعريفية

هو الخليفة العباسي "أبو الفضل جعفر المتوكل على الله" قيل أنه قتل العديد من أعلام المسلمين ليبقي على حكمه، كما اشتهر المتوكل في بعض المصادر بمجالسه التي كثر فيها المنكر من الأغاني، وكان لاهثًا وراء إشباع شهواته ومدمنًا للخمر، وكان له أربعة آلاف سرية ووطئ الجميع،.

وقد أظهر المتوكل إكرام الإمام أحمد بن حنبل الذي ضرب، وأوذى، وسجن خلال فتنة خلق القرآن، فقام المتوكل بإستدعائه من بغداد إلى سامراء، وأمر له بجائزة سَنية، لكنه إعتذر عن قبولها، فخلع عليه خِلْعَةً عظيمة من ملابسه، فإستحيا الإمام أحمد، فلبسها إرضاء له، ثم نزعها بعد ذلك.

ومما يذكر للمتوكل من مواقف خلال فترة خلافته، أنه كان قد أصدر أوامرة بتولى يحيى بن أكثم لمنصب قاضى القضاة، هذا ولم يَخْلُ عهده من فتن وثورات قضى عليها.

إنجازاته خلال فترة الخلافة

لقد حاول المتوكل إصلاح ما فسد من أمور البلاد في فترات من أخلفوه على كرسي الخلافة، فراح يعزل الكثير من عمال الولايات، ويصادر أملاكهم بعد أن عَمَّت الشكوى، وعزل يحيى بن أكثم عن القضاء، وولى جعفر بن عبد الواحد مكانه، وكذلك عزل عامله على المعونة أبا المغيث الرافعي، وعين مكانه محمد بن عبده، ولكنه لم يكد يُحكم سيطرته على العمال والولاة حتى هبت ريحاً سَمُوم، أكلت الأخضر واليابس، وأهلكت الزرع والضرع في بغداد والكوفة والبصرة، وإستمرت خمسين يومًا أوقفت فيها حركة الحياة، وقتلت خلقًا كثيرًا.

إضطهاده للكنيسة وإذلاله للمسيحيين واليهود في العراق

من جُملة قرارات وأوامر الخليفة العباسيى المتوكل على الله، منذ أن جلس على كرسي الخلافة، أنه أمر بهدم جميع الكنائس في العراق ومناطق أخرى.

كما أمر أيضاً كذلك بهدم الكينس اليهودي.

ولم يكتفي بكل هذا، بل أمر بأن توضع شارات معينة على ملابس المسيحيين واليهود من أجل تمييزهم بها عن سائر أهل العراق، كما منعهم من ركوب الخيل، وكانت هذه القرارات قد صدرت في عام 244هـ.

جرائم الخليفة المتوكل على الله

كما أمر بقتل العالم والأديب العربي إبن السكيت، مؤلف كتاب إصلاح المنطق بالإضافة لعدة كتب أخرى، الذي إشتهر بتشيُّعه؛ حيث يُروى أن المتوكل ألزم إبن السكيت تعليم إبنيه المعتز والمؤيد، فسأله (أي المتوكل) ذات يوم:

"أيّهما أحبّ إليك إبناي هذان: المعتز، والمؤيّد، أو الحسين والحسن؟".

فقال إبن السكيت: "والله إن قنبرًا خادم علي بن أبيطالب خير منك ومن إبنيك"، فقال المتوكل للأتراك:

"سلو لسانه من قفاه"، ففعلوا، فمات، ثم همٌ بعد ذلك بقتل غيره الكثير من الشيعة.

كما كلف بعض مَسَالحه في الطريق إلى الروضة الحسينية، فما أن وجدوا زائرًا أخذوه إلى الخليفة، فيقتله أو ينهكه بالعقاب.

كما قام بإيذاء والتضييق على الإمام علي بن محمد الهادي، في أكثر من محفل، وفيه ألقى الإمام قصيدة "باتوا على قلل الجبال".

قال الشيخ الذهبي عنه: "أنه كان معروفًا بالنّصب، فتألّم المسلمون لذلك، وكتب أهل بغداد شتْمَه على الحيطان والمساجد، وهجاهُ الشعراء".

وقال إبن الأثير في تاريخه، وكان المتوكل شديد البغض لعلي بن أبي طالب، ولأهل بيته؛ وكان يقصد من يبلغه أنه يتولى علياً وأهله بأخذ المال والدم.

قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، لما حدث (نصر بن علي) بهذا الحديث، أمر المتوكل بضربه ألف سوط، فكلمه جعفر بن عبد الواحد؛ وجعل يقول له؛ هذا الرجل من أهل السنة، ولم يزل به حتى تركه، قلت: إنما أمر المتوكل بضربه لأنه ظنه رافضياً، فلما علم أنه من أهل السنة يقول أبو الفرج الأصفهاني: أن المتوكّل كان شديد الوطأة على آل أبي طالب، غليظاً على جماعتهم مهتماً بأمورهم شديد الغيظ والحقد عليهم، وسوء الظنّ والتهمة لهم، واتفق له أنّ عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزيره يسئ الرأي فيهم، فحسن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله، وكان من ذلك أن كرب قبر الحسين وعفى أثاره، ووضع على سائر الطرق مسالح له لا يجدون أحداً زاره إلا أتوه به، فقتله أو أنهكه عقوبة.

وقد ذكرت كتب التاريخ والحديث العديد من الأحداث التي تدل على عداوة المتوكل للإمام علي الهادي، ومحاولته الإقلال من قدره ومنزلته أمام الناس، إحدى هذه المحاولات، كما يذكر المسعودي في كتابه مروج الذهب أنه نمي إلى المتوكل بعلي بن محمد أنّ في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قم، وأنّه عازم على الوثوب بالدولة، فبعث إليه جماعة من الأتراك، فهاجموا داره ليلاً، فلم يجدوا فيها شيئاً، ووجدوه في بيت مغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف، وهو جالس على الرمل والحصى، وهو متوّجه إلى الله تعالى يتلو آيات من القرآن، وعلى هذه الحال حمل إلى المتوكل العباسي، وأدخل عليه، وكان المتوكل في مجلس شراب، وبيده كأس الخمر، فناول الإمام الهادي، فردّ الإمام: « والله ما خامر لحمي ولا دمي قط فأعفني »، فأعفاه. فقال له: «أنشدني شعراً»، فقال الإمام: «أنا قليل الرواية للشعر». فقال: «لابد». فأنشده:

باتوا على قُلَلِ الأجبال تحرسهم

غُلْبُ الرجال فما أغنتهمُ القُلل

وإستنزلوا بعد عزّ عن معاقلهم

فأودعوا حُفَراً، يا بئس ما نزلوا

ناداهُم صارخ من بعد ما قبروا

أين الأسرة والتيجان والحلل؟

أين الوجوه التي كانت منعمة

من دونها تضرب الأستار والكلل

فأفصح القبر عنهم حين ساء لهم

تلك الوجوه عليها الدود يقتتل

قد طالما أكلوا دهراً وما شربوا

فأصبحوا بعد طول الأكل قد أُكلوا

وطالما عمروا دوراً لتحصنهم

ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا

وطالما كنزوا الأموال وادخروا

فخلفوها علي الأعداء وارتحلوا

أضحت مَنازِلُهم قفْراً مُعَطلة

وساكنوها إلي الأجداث قد رحلوا

أهم الأحداث المعاصرة لخلافته

زلزال مدمر يقتل الكثيرين.

وقد حدث أن وقع زلزالاً مُدمراً في عهد الخليفة المتوكل على الله، فيؤدى إلى قتل عدد كبير من الناس، لقد بدأت الزلازل في السنة التي تولى فيها المتوكل حيث تعرضت دمشق لزلزلة هائلة تهدمت بسببها الدور والمنازل، وهلك تحتها خلق كثير.

وقد إمتدت الزلزلة إلى أنطاكية فهدمتها، وإلى الجزيرة العراقية فقضت عليها، وإلى الموصل فأدت إلى وفاة خمسين ألفًا. وفي سنة 242 هـ والموافقلسنة 875 م.

وقد ورد في بعض المصادر التاريخية الأخرى ما يلي: "زُلْزِلَت الأرض زَلْزلَةً عظيمة" بتونس "، وضواحيها، و" الرَّى "و" خراسان "، و" نيسابور "، و" طبرستان "، و" أصبهان "، وتقطعت الجبال، وتشققت الأرض، ومات من الناس خلق كثيرون. أما في سنة 245 للهجرة، فقد كَثُرَت الزلازل، وشملت أماكن عديدة حتى قيل: إنها عمت الدنيا.

وكان لابد أن تصاب الحياة بالشلل التام، ويعم الخراب والدمار والبؤس.

واقعة غزو الروم لمصر.

فى سنة 238 هـ قامت جيوش الروم بغزو بحري مفاجيء من جهة دمياط، وهم الذين أدبهم المعتصم وأخرسهم في واقعة عمورية، لكنهم بعثوا بثلاثمائة مركب وخمسة آلاف جندي إلى دمياط، وقتلوا من أهلها خلقًا كثيرًا، وحرقوا المسجد الجامع والمنبر، وأسروا نحو ستمائة إمرأة مسلمة، وأخذوا كثيرًا من المال والسلاح والعتاد، وفر الناس أمامهم، وتمكن الجنود الرومان من العودة إلى بلادهم منتصرين.

ولم تمضِ ثلاث سنوات على هذا الغزو حتى عاود الروم عدوانهم على البلاد؛ فأغاروا على ثغر من الثغور يُسمى "عين زربة" بلد بالثغور قرب المصيصة بتركيا حصَّنها الرشيد)، وأسروا بعض النساء والأطفال، وإستولوا على بعض المتاع.

وقد إستمرت المناوشات ومعارك الحدود بين الروم والمسلمين منذ سنة.

853للهجرة، والموافق (238) م ـ وحتى سنة 860للهجرة، والموافق (246) م - بقيادة على بن يحيى الأرمنى.

كان الروم قد أجهزوا على كثير من أسرى المسلمين، الذين رفضوا التحول إلى النصرانية؛ لأن أم ملك الروم كانت تعرض النصرانية على الأسارى فإن رفضوا تقتلهم، وتم تبادل الأسرى بمن بقى حيّا من المسلمين في السنتين الأخيرتين.

غارات الأحباش على مصر.

في خلال فترة خلافة المتوكل على الله، حدث أن قام الأحباش بشن سلسلة من الغارات على حدود مصر وبالقرب من بلاد النوبة.

وكان المصريون يعكفون على استخراج الذهب والجواهر الكريمة، وإذا بطائفة من الأحباش على مقربة من "عيذاب" على البحر الأحمر يعرفون بإسم "البجة" يهجمون على تلك المناجم، ويقتلون عددًا كبيرًا من عمالها المسلمين، ويأسرون بعض نسائهم وأطفالهم مما جعل العمل في هذه المناجم يتوقف أمام هذه الهجمات.

يحاط المتوكل علمًا بما حدث، ولكن معاونيه أخبروه بما يعترض إرسال الجيش من عقبات تتمثل في أن أهل "البجة" يسكنون الصحارى، ومن الصعب وصول جيش المتوكل إليهم، فلم يرسل إليهم في بادئ الأمر، وتمادى البجة في عدوانهم وتجرئوا، فأخذوا يُغيرون على أطراف الصعيد، حتى خاف أهله على أنفسهم وذرياتهم، واستغاث أهل الصعيد بالمتوكل، فجهز جيشًا بقيادة محمد بن عبد الله القمى من عشرين ألف رجل، على أن يعينه القائمون بالأمر في مصر بما يحتاج إليه الجيش من طعام وشراب ومؤن.

ثم حدث أن إلتقى الجيش مع البَجة، وقضى على جموعهم بالكامل في سنة 241هـ - الموافق: 856 م.

مقتل الخليفة المتوكل على الله

أما عن واقعة مقتل الخليفة المتوكل على الله، فلقد وقع المتوكل في نفس غلطة جده الرشيد عندما عقد الولاية لثلاثة من أبناءه الأمين فالمأمون فالمؤتمن، وأدى ذلك لإقتتال شديد راح ضحيته الكثير في مقدمتهم الأمين نفسه، قام المتوكل بعقد الولاية لثلاثة من أبناءه المنتصر، ثم المعتز، ثم المُؤيد، ولم تكن قلوب الأتراك مطمئنة إلى المتوكل فعملوا على إستغلال كراهية المنتصر لأبيه المتوكل، بسبب تفضيل المتوكل لولده المعتز على المنتصر، ثم وقعت حادثة أشعلت نار الحقد في قلب المنتصر ضد أبيه عندما مرض المتوكل يوماً، فأمر المعتز أن يخطب الجمعة مكانه، فأجاد فيها، وعَظٍمَ في أعين الناس فخاف المنتصر فوات الخلافة منه لأخيه، فتآمر مع بعض قادة الأتراك على قتل أبيه المتوكل وبالفعل في ليلة الأربعاء 4 شوال سنة 247 هـ - دخلوا على المتوكل - فقتلوه بسيوفهم وقتلوا معه صديقه الفتح بن خاقان، وأشاعوا أن الفتح هو الذي قتله، وأنهم قتلوه لفعلته وولوا المنتصر مكانه، وكانت هذه الحادثة إيذاناً ببدء سلسلة طويلة من قتل، وعزل الخلفاء، بعد أن ضاعت كرامتهم على يد الأتراك، يوم أن إستقدمهم المعتصم ليدخلوا بلاد المسلمين.

[ختام تاريخ الخليفة المتوكل على الله].

النياحة

لما جاءت أيام الصوم المقدس، صعد البابا "خائيل الثاني" إلى البرية ليقضيها هناك، فتذكر حياته الأولى في البرية، فسأل الله ببكاء وتضرع قائلًا: "أنت تعلم يا رب أنى لا أزال أهوى الوحدة، وأنى ليس لي طاقة على هذا المركز الذي أنا فيه"، فقبل الرب دعاءه، وتنيَّح بسلام بعد عيد الفصح، بعد أن قضى على الكرسي سنة واحدة وأربعة أشهر وثمانية وعشرين يومًا.

وتعيد الكنيسة لنياحته في الثاني والعشرين من شهر برموده.


الموضوع الأصلي متاح من خلال موقع المؤلف هنا https://kingdomoftheearth.blogspot.com/

التاريخ القبطي عبر العصور - الأستاذ أشرف صالح
التاريخ القبطي عبر العصور - الأستاذ أشرف صالح