65 – البابا شنودة الثاني – Shenouda II – الأستاذ أشرف صالح


[بطاركة القرن الحادي عشر الميلادي].

65 - البابا شنودة الثاني - Shenouda II

1032 م - 1047 م

مقدمة

ولد البابا "شنودة الثاني" في قرية بلبانه عدى، إحدى قرى مركز منيا القمح.

وقد بدأ حياته الرهبانية، في دير القديس الأنبا مقار الكبير ببرية شيهيت.

ومما عُرف عنه من سلوكيات وصفات شخصية ـ أنه كان حاد الطباع، ويسيء معاملة الناس.

ومن جملة ما ورد عن البابا "شنودة الثاني" من صفات غير حسنة، فقد ذكر عنه تاريخ البطاركة - أنه ميالاً لمحبة المال، فجمع منه الكثير، ووهبه لأهله، كما أنه كان محبًا لمجد هذا العالم، ولم يكن يرسم أسقفًا إلا بعد أخذ مبلغ من المال من المتقدم للأسقفية.

الجلوس على الكاتدراء المرقسي

لما خلا الكرسي المرقسي، تردد الأساقفة في إختيار من يصلح، وأخيرًا إستقروا على الراهب شنوده المقاري، ورقوه إلى رتبة القمصية، ثم ساروا به إلى الإسكندرية لرسامته.

وقد بدأ الأساقفة في التشاور فيما بينهم فيمن سيختارون، ووقع اختيارهم على إنسان كان قد تَرَهَّب في دير أبو مقار، وكان يبلغ من العمر وقتئذٍ 41 سنة، وكان إسمه شنودة، عارفًا بالكتب المقدسة.

عاصر الخليفين الظاهر والمستنصر، كما عاصر بقيرة الرشيدي أحد المقربين لبيت الحكم، فذهب بقيرة، ومعه بعض أكابر الأقباط ليستصدروا أمراُ من الخليفة بالموافقة على تنصيب بطريرك، وكان الله معهم، فسمح لهم بذلك، مع تنازل بيت المال عن المبلغ الذي كان يُدفَع عادة في مثل هذه المناسبة وقدره ثلاثة آلاف دينار.

وقيل أن أحدهم قال إنه رأى في رؤية في الليل من يقول له: "إن مَنْ يدخل من باب البيعة ويقبل الأجساد المقدسة في الدير يكون هو البطريرك"، وكان هذا الداخل هو شنودة.

ولكن كان شنودة من الذين يشتهون هذا المنصب، حيث قال انه رأى هو أيضا رؤية فيها الرسولان بطرس ويوحنا، وكأنما يسلمان مفاتيحًا، وهذا بالطبع ليس أسلوباً لتولى مثل هذا المنصب، فمن يدرينا بصحة هذه الرؤى، لاسيما وذا كان مشهورًا عنه شهوته للمنصب، ولذلك سنرى النتيجة.

واجه الراهب شنودة مشكلة الراهب يؤانس مرة أخرى، إذ طلب رسامته أسقفاً، حيث لم يكن الأنبا زكريا قد رسمه، فوعده برسمه على كرسي الفرما، فقبل يؤانس هذا مقابل صرف ثلاثين دينارًا، حيث أن الكرسي فقير، وكان هذا وعد من الراهب شنودة قبل الرسامة.

إجتمع أراخنة الإسكندرية بالراهب شنودة، وقبل رسامته طلبوا منه أن يسدد كل عام مبلغ 500 دينارًا تصرف في شئون البطريركية، وبألا يستعمل السيمونية في الرسامة.

مساوئ الخدمة للبابا شنودة الثاني وآثارها

البابا شنودة الثاني يمارس السيمونية

بعد رسامة الراهب "شنودة" - كبابا للكنيسة القبطية، في الإسكندرية، وإستكمالها في القاهرة، وتحديداً في كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بجزيرة الروضة، بدأ بعدها يتنكر لمبادئه وعهوده، وإستعمل القوة في التعامل معهم، وإستعمل السيمونية بشكل كبير لرسامة أسقف ببا وأسقف أسيوط، فلما علم أهل أسيوط، أنه رسم لهم أسقف بالسيمونية (قبض المال)، وقفوا ضده ومنعوه من دخول مدينتهم ثلاث سنوات، وعاد إلى البطريرك ليطالبه بالمبلغ الذي دفعه له، فأعاده إليه ولكن أهل أسيوط لم يمكنوه أيضاً نظراً لأعماله الشائنة التي كان يقترفها.

البابا شنودة الثاني يتوقف عن سداد ديون الكنيسة

كما توقف البابا شنودة الثاني عن دفع مبلغ الخمسمائة دينار التي وعد بدفعها سنوياً، وكان قد دفعها سنتين، ثم توقف، وخيَّرهم بين السيمونية أو تخفيض المبلغ، وإستمر على السيمونية تحت دعوى الصرف على وجوه البر وعلى البطريركية والعاملين فيها، وكان يتحدى في هذا رأى الإكليروس والأراخنة الذين كثيرا ما نصحوه بالتخلي عنها.

فعقد هؤلاء اجتماعا برئاسة بقيرة الشهيد وطالبوا البطريرك بالتزامات، فطلب منهم البطريرك الصك الذي وقَّع عليه ليراجعه، وما أن حصل عليه إلا ومزقه، فغضب الأساقفة والشعب المجتمعون، وتوتر الموقف على إثر إصرار كل من الطرفين على موقفه، بل وقام جماعة من أتباع البطريرك بضرب بقيرة الرشيدى ومَنْ معه، وإنفض الإجتماع على لا شيء.

أهم الأحداث المعاصرة

إنخفاض منسوب مياه النيل وحدوث مجاعات وقحط

زيادة من مظاهر غضب الله على الشعب بسببه أن إنخفض فيضان النيل، وعمَّ البلاء وإنتشر الفقر، مما أزاد غضب الشعب عليه.

النياحة

وكانت هذه هي نهاية البابا شنودة الثاني - الذي لم يُحسن التصرف في خلال فترة تحمله للمسئولية الرعوية كبابا للكنيسة القبطية بالصورة اللائقة، وذلك، بعد أن ظلت الكنيسة القبطية تعانى من مساوئ أعماله، وتصرفاته، حيث كانت إرادة الله، أن يُصاب بصداع شديد في رأسه مع سعال شديد، وأحسَّ وكأن نارًا تأكل رأسه، وظل مريضاً هكذا لمدة ثلاث سنين حتى إختاره الرب ليستر الكنيسة في 29 أكتوبر 1046 م.


الموضوع الأصلي متاح من خلال موقع المؤلف هنا https://kingdomoftheearth.blogspot.com/

التاريخ القبطي عبر العصور - الأستاذ أشرف صالح
التاريخ القبطي عبر العصور - الأستاذ أشرف صالح