20 – البابا أثناسيوس الأول – Athanasius – الأستاذ أشرف صالح


20 – البابا أثناسيوس الأول - Athanasius - الأستاذ أشرف صالح 9

تابع بطاركة القرن الرابع الميلادي.

20 – البابا أثناسيوس الأول - Athanasius

[أثناسيوس الرسولي]

326م - 372م

مقدمة

في خلال الفترة من بداية خدمة البابا "أرشلاوس"، ومروراً بفترة خدمة البابا "ألكسندروس"، ووصولاً لفترة خدمة البابا "أثناسيوس الرسولي" – ظهرت بدعة آريوس، والتي لولا تكاتف الشعب القبطي، وأساقفة كنيسة الأسكندرية مع البطريرك القائم على أمور الخدمة فيها، لتعرضت الكنيسة القبطية إلى الإنقسام، كما هو الحال في الكنائس الشرقية والغربية التي تأثرت بتلك البدعة، وإنقسم البعض منها على الآخر، وإنشق منهم البعض الآخر عن تعاليم الكنيسة التي تسلمتها منذ العصر الرسولي.

الجلوس على الكاتدراء المرقسي

لقد بدأت فترة خدمة البابا ” أثناسيوس ” – البابا العشرون في ترتيب باباوات الكنيسة القبطية – في عام 326 م، وكان إختياره للكرسي الباباوي، بإجماع أساقفة الكنيسة بالاسكندرية، بالتضامن مع الأكليروس والغالبية العُظمى من الشعب القبطي.

وقد كان جلوس البابا ” أثناسيوس ” على الكُرسي الباباوي في عام 326 م.

أعمال البابا أثناسيوس خلال الخدمة الباباوية

1 - مقاومة بدعة آريوس والحد من إنتشارها

حتى إستطاع التخلص منها تماماً بموجب إقرار قانون الإيمان في مجمع نيقية المسكوني، والذي بمقتضاه، تم الإعتراف بجوهرية الإيمان بلاهوت السيد المسيح في كنيستنا القبطية، وأيضاً إتخذت بعض من الكنائس من هذا القانون – عقيدة جوهرية لإيمانها، ويبدأ قانون الإيمان، والمعمول به حتى الآن في كنيستنا القبطية الأرثوذكسية بجملة {بالحقيقة نؤمن بإله واحد. الله الكُل، ضابط السماء والأرض، ما يُرى وما لا يُرى، نؤمن بربٍ واحد يسوع المسيح إبن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور}.

2 - إقرار قانون الإيمان المسيحي الأرثوذكسي

20 – البابا أثناسيوس الأول - Athanasius

القديس البابا أثناسيوس الرسولي.

لقد جاء إقرار [قانون الإيمان المسيحي الأرثوذكسي]، بعد فترة طويلة من الجهاد والكفاح من قِبل القديس البابا "أثناسيوس"، في سبيل مقاومة تلك البدعة التي كادت تحدث إنقساماً وشرخاً وتصدعاً عميقاً في وحدة الكنيسة المسيحية في مصر. ذلك - في الوقت الذي إِتخذت فيه بعض كنائس الغرب – وعلى رأسها – كنيسة روما – من هذه البدعة – منهاجاً لها، تسير على نمط تعاليمه، كما تأثر بها بعض من أباطرة الكرسي الملكي الروماني، بدايةَ من الإمبراطور "قسطنطين الكبير" (306م – 337م)، ووصولاً إلى الإمبراطور: "قُسطنطس" [337م – 240 م].

الأباطرة الرومان المعاصرون للخدمة

الإمبراطور قسطنطين الكبير - Constantius I

306م – 337م

الإمبراطور قسطنطين الكبير - Constantius I

قسطنطين الكبير.

هو إبن الإمبراطور ” قسطنطين جلوروس ” – حاكم القسم الغربي من الإمبراطورية الرومانية في أيام عهد الإمبراطور ” دقلديانوس ”، وكان يضم القسم الغربي كلِ من (فرنسا، بريطانيا، إسبانيا)، ولما مات الإمبراطور قسطنطين جلوروس، طمع الإمبراطور: ” جاليريوس ” – عدو الكنيسة الأول في التاريخ المسيحي في تلك الفترة، في إعتلاء العرش الغربي للإمبراطورية، ولكنه لم يستطع الصمود أمام الإمبراطور ” قسطنطين الكبير ”، الذي تمكن من ردعه، والإنتصار عليه في عدة مواقع حربية، منها الموقعة الشهيرة، التي ظهر فيها الصليب للإمبراطور ” قسطنطين” في السماء، وكانت الغَلبَة والنُصرة له في تلك الموقعة الحاسمة، وبدأ عهد حكم الإمبراطور قسطنطين في عام 306م.

وكان الإمبراطور قسطنطين الكبير، مُحباً للمسيح، فإعتمد عن إيمان، وصار مسيحياً، وكانت أمه الملكة ” هيلانة ”، هي صاحبة الفضل في العثور على الصليب المقدس وأدوات التعذيب التي قام اليهود بتعذيب السيد المسيح بها، من مسامير وإكليل الشوك وكرابيج الجلد، وقد قامت الملكة هيلانة بتشييد كنيسة القيامة في موضع "قبر السيد المسيح"، وكنيسة المهد في موضع ” الميلاد ” في بيت لحم، كما قامت بتأسيس مجموعة أخرى من الكنائس.

الإمبراطور مكسنتيوس - MAXENTIVS

312 م – 312م

الإمبراطور مكسنتيوس - MAXENTIVS
.

الإمبراطور ليسنيوس - Licinius

324 م – 325م

الإمبراطور ليسنيوس - Licinius

عُين ليسنيوس، الذي كان صهراً لقسطنطينوس جلوروس أغسطساً في الغرب من قبل غاليريوس في عام 308 م، معارضًا لمكسنتيوس.

وقد أصبح أغسطس في الشرق عام 311 م بعد وفاة غاليريوس (مع ماكسيمينوس الثاني). هزم ماكسيمينوس في الحرب الأهلية ليصبح أغسطس المنطقة الشرقية الأوحد في 313 م. قام بتعيين فاليريوس فالنس أغسطس (الغرب) في 317 م.

الإمبراطور: فالينس - VALENS

317م – 325م

الإمبراطور : فالينس - VALENS

لما هُزم ماكسيمينوس في الحرب الأهلية ليصبح أغسطس المنطقة الشرقية الأوحد في 313 م. قام بتعيين فاليريوس فالنس أغسطس (الغرب) في 317 م.

MARTININANVS الإمبراطور مارتينيانوس -

324 م – 324م

في عام 324 م، عُين مارتینیانوس أغسطس (الغرب)، وذلك في معارضة لقسطنطين، إلا أن كلاهما أُعِدمَا في غضون أسابيع.

MAXIMINVS IIالإمبراطور مكسيمينوس الثاني -

311 م – 313م

MAXIMINVS IIالإمبراطور مكسيمينوس الثاني -
.

الإمبراطور قسطنطين الثاني - Constantine II

337م – 340م

الإمبراطور قسطنطين الثاني - Constantine II

Constans Iالإمبراطور قسطنس -

337م – 350م

Constans Iالإمبراطور قسطنس -
.

CONSTANTIVS - 11 الإمبراطور قنسطنطينوس الثاني

337م – 350م

CONSTANTIVS-11 الإمبراطور قنسطنطينوس الثاني

VETRANIO - الإمبراطور فتريانو

350 م – 356م

CONSTANTIVS-11 الإمبراطور قنسطنطينوس الثاني

كان: "فتريانو" في واقع الأصل، جنرالاً في جيش قنسطنس، ثم أعلن كقيصر ضد ماجننتيوس، وقُبِلَ مؤقتاً كأغسطس في الغرب من قبل الإمبراطور قنسطانطيوس الثاني.

Julianالإمبراطور يوليانوس -

363 م – 364م

Julianالإمبراطور يوليانوس -

Jovianالإمبراطور جوفيان -

363 م – 364م

20 – البابا أثناسيوس الأول - Athanasius - الأستاذ أشرف صالح 10

Valentinian I الإمبراطور فالينتينيان الأول -

364 م – 375م

Valentinian I الإمبراطور فالينتينيان الأول -
.

واقعة إتهام البابا أثناسيوس بقتل "أرسانيوس"

ومن جملة الإفتراءات التي تقدم بها أعداء القديس البابا "أثناسيوس" من الآريوسيين، أن قام أحدهم بإتهامه ظُلماً بـأنه قتل رجلاً يُدعى "أرسانيوس"، من صعيد مصر، وكانوا قد قدموا دليلاً على إتهامهم هذا، ذراعاً آدمية، ثم نسبها للقتيل "أرسانيوس"، في المجمع، وبعد إنتهاء المجمع، إجتمع الإمبراطور "قسطنطين الكبير" بعدد من الأساقفة، وكان من بين الحضور: "تيموثاوس" الحاضر عن البابا "أثناسيوس" ـ كانت المُحصلة، هي الحكم ببراءة البابا "أثناسيوس" من جميع التُهم المسندة إليه إرتكابها، وقد إستطاع رجال الكنيسة، وعلى رأسهم "الاب تيموثاوس" الموفد كنائب عن البابا: "أثناسيوس"، من إحضار الشخص الذي تم إتهام البابا بقتله، والمدعو "أرسانيوس"، فمثل بشخصه أمام المجمع، فسقطت التُهمة عن البابا: "أثناسيوس"، وأضحت باطلة.

واقعة نفي البابا أثناسيوس الرسولي

بسبب محاربة القديس أثناسيوس الرسولي: "البابا أثناسيوس"، لبدعة آريوس، والعمل على الحد من إنتشارها، قام "آريوس" بتقديم شكوى في حقه إلى الإمبراطور "قسطنطين الأول"، الذي ما إن تلقى الشكوى، حتى أمر بنفى البابا "أثناسيوس"، وبالتالي - عزله عن كرسيه الباباوي.

إغتصاب آريوس للكرسي الباباوي

في خلال فترة عزل البابا: "أثناسيوس" عن كرسيه الباباوي، ونفيه، جلس "آريوس" على الكرسي الباباوي للكنيسة القبطية، رغماً عن إرادة الشعب القبطي ورغبته، ومما يُحكى من روايات، أوردها بعض المؤرخون عن آريوس، أنه كان يذهب إلى الكنيسة في صُحبة حُراسة المُدججون بالأسلحة، وكان ذات مرة قد قصد الذهاب إلى كنيسة الأسكندرية، فرفضت جماعة من المؤمنون دخوله في ظل هذه الحراسة الُمشددة، والتي لاتليق برجل من المفترض أنه بطريركاً، فما كان عليه إلا أن اصدر أوامره إلى الحرس، بإتخاذ اللازم معهم، وجرت مذبحة داخل الكنيسة، سقط على أثرها من الجرحي الكثيرون.

أهم الأحداث المعاصرة للخدمة

إكتشاف الصليب المقدس والزخائر المقدسة

في عام 326م، تلقت الملكة هيلانة - والدة الإمبراطور: "قسطنطين الكبير"، الأمر الإلهي، بالذهاب إلى أورشليم، والبحث عن الصليب المقدس [صليب السيد المسيح]، و[الزخائر المُقدسة]، وبالفعل ـ قصدت الملكة هيلانة للذهاب إلى أورشليم، وكان لقاءها بالبطريرك الأورشليمي القائم على أمر الكنيسة وقتئذٍ.

وكانت القديسة والملكة هيلانة تسير في وسط حراسة كثيرة العدد، أثناء عملية بحثها عن صليب السيد المسيح المقدس، ولكن، لم يُعلمها أحد عن مكانه، فأخذت شيخاً من اليهود، وضيقت عليه بالجوع والعطش، حتى إضطر إلى إرشادها عن المكان الذي يحتمل وجود الصليب فيه بكيمان الجلجثة، فأشارت بتنظيف هذا المكان الذى كان يحتوى على أكوام من "الزبالة" فعثرت على ثلاثة صلبان، ولما لم يعرفوا الصليب الذي صلب عليه السيد المسيح وكان بالصدفة هناك جنازة ميت فوضعوا عليه أحد الصلبان فلم يقم، وكذا عملوا فى الآخر، ولكنهم لما وضعوا عليه الثالث قام لوقته، تحققوا بذلك أنه صليب السيد المسيح، أرسلت جزءاً منه إلى إبنها قسطنطين مع المسامير، وأسرعت فى تشييد كنائس في جميع المواضع التي حدثت على أرضها جميع أحداث رحلة الخلاص، بدايةً بموضع الميلاد - حيث أسست كنيسة المهد، ثم موضع الصلاة الربانية، فأسست الكنيسة الجثمانية، ثم موضع الصعود، فأسست كنيسة الصعود، ثم موضع القيامة، فأسست كنيسة القيامة.

القديسة هيلانة مُمسكة خشبة الصليب المقدس وإلى جوارها إبنها الإمبراطور قسطنطين الكبير

القديسة هيلانة مُمسكة خشبة الصليب المقدس وإلى جوارها.

إبنها الإمبراطور قسطنطين الكبير.

إزدهار الحركة الرهبانية في مصر

في مُستهل حديثنا ـ الذي نُقدم به لسلسلة "تاريخ الرهبنة المصرية"، في فترة القرن الرابع الميلادي - وتحديداً - في خلال فترة عهد حكم الإمبراطور "قسطنطين الأول" - في الفترة من سنة 313 م، وحتي سنة 343 م، وإستكمالاً لما بدأناه من حديث عن تاريخ الرهبنة في الجزء الأول من المقدمة التمهيدية لهذا الموضوع، نقول - أن الرهبنة كانت قد نشأت بدايةً في أرض مصر، ثم إنتشرت من مصر إلى سائر أرجاء العالم، حيث أنها عرفت في القرن الثالث الميلادي، أي قبل ظهور الآباء القديسين [الأنبا بولا]، و [الأنبا أنطونيوس]، الذين تعتبرهم الكنيسة القبطية - أوائل الرهبان في التاريخ، وباكورة من إستوطنوا المغائر، والكهوف، وعاشوا في البراري والصحارى القاحلة، في ما يُعرف بإسم [الرهبنة الأولى]، والتي ظهرت في البرية الشرقية بالبحر الأحمر في منتصف القرن الرابع الميلادي.

حيث أنه توجد في بعض المصادر التاريخية القديمة، التي تؤرخ للرهبنة الأولى في مصر، أن الرهبنة كانت قد بدأت أولاً في صعيد مصر، وأن أول رهبان البرية في تاريخ الرهبنة المصرية، كان القديس "فرومنتينوس".

وفلسفة الرهبنة هى «الموت عن العالم»، ولذا تم تسميتها بـ«رهبنة الكفن»، وهى رغبة الإنسان باختياره ومحض إرادته للجوء للدير، وبعد اختباره وإرشاده لسنوات يُقبَل فى شركة الدير الذى يصلى عليه صلاة جنائزية بعد أن يغطى بستر يُعتبر بمثابة «كفن»، ويعيش بعد ذلك بالنذور الرهبانية التى تشمل الإنعزال عن العالم والفقر الاختيارى وحياة الطاعة والتبتل الطوعى، لكى تكون حياته نقية. والرهبنة تُعتبر الزاد الحقيقى لخدمة الكنيسة وعملها فى كل مكان.

ولقد كانت البداية الفعلية لظهور الرهبنة فى مصر - في أوائل القرن الرابع الميلادي، وكان مركزها الأول، في البرية الشرقية [الصحراء الشرقية بالبحر الاحمر]، ثم إنتشرت فى كل أنحاء العالم، والرهبان، وكان مؤسسها الفعلي - هو القديس الأنبا انطونيوس، على الرغم من أنه لم يكن الأول فيمن سلكوا حياة النسك والتوحد في البرية، بل سبقه إليه القديس الأنبا "بولا"، إلا أن القديس الأنبا أنطونيوس - كان هو أول من قام بوضع الأسس والمبادئ التي تقوم عليها الحياة الرهبانية.

والرهبان - من حيث التعريف العام - هم مجموعة من النُساك الذين بحثوا عن «الخلاص» بالمفهوم المسيحى، فى دروب الصحراء وأطراف المدن، إنعزلوا عن الناس بمحض إرادتهم، مُكرّسين حياتهم للصلاة، مستمدين فكرهم، بحسب القمص أثناسيوس فهمى جورج، فى كتاب « التربية عند آباء البرية »، من أقوال السيد المسيح وتلاميذه، فلم تكن الرهبنة نوعاً جديداً من المسيحية، بل نبعت من حياة الكنيسة.

ولقد كان الأنبا أنطونيوس هو أوّل شخصية مؤثرة وهامة فى الرهبنة الأولى، ويُعتبر « أبوالرهبنة »، رغم أنه لم يكن الأوّل فى ذلك المجال، فقد سبقه آخرون فى حياة الرهبنة، وعاشوا على حدود قرى مصر، ومنهم أخذ القديس أنطونيوس إرشاده، ولكن هؤلاء الرهبان لم يعرفوا البرية البعيدة، أما الأنبا أنطونيوس، فقد دخل إلى « البرية »، وعاش عشرين عاماً من حياة الوحدة، ليخرج بعد ذلك، ويقوم بإرشاد الرهبان الذين عاشوا متتلمذين له ملتفّين حوله، فنشأت الأديرة حتى فى الجبال، وصارت البرية مدينة مليئة بالرهبان الذين تركوا مدنهم.

القديس الأنبا أنطونيوس   مؤسس الرهبنة المصرية

القديس الأنبا أنطونيوس مؤسس الرهبنة المصرية

وقد ولد الأنبا "أنطونيوس" - فى بلدة قمن العروس، التابعة لبنى سويف، نحو عام 251، من والدين غنيين، وبعد موت والده باع أملاكه ووزعها على الفقراء وتفرغ للعبادة بزهد عام 269 م، حينما ظهر له ملاك يدعوه إلى ذلك - بحسب المراجع الكنسية - قبل أن يذهب إلى الصحراء متوحداً عام 285 م، حينما نهرته فتيات وطالبنه بالذهاب إلى الصحراء - حسب المراجع الكنسية - وكسر خلوته في عام 305م لتعليم تلاميذه الرهبنة.

الأنبا باخوميوس

أما الخطوة التالية نحو تنظيم أفضل للرهبنة، فقد قام بها القديس باخوميوس، المعروف بـ«أبوالشركة» (292 - 346) م، الذى أنشأ أول أديرته فى عام 323 م، وعند وفاته كان أسس تسعة أديرة للرهبان، وديرين للراهبات، وكان إجمالى عدد هؤلاء الرهبان والراهبات نحو عشرة آلاف، كما يُعد الأنبا باخوميوس هو أول مشرّع رهبانى.

وكانت الفكرة لديه هى أن يضع قانون جهاد روحى مشترك يستطيع جميع الرهبان، أن يُتمموه ويُبلّغوه، ثم يُشجعهم بعد ذلك أن يرتقوا فى جهاداتهم لمقامات أعلى، كل بحسب إشتياقاته وقدراته، ثم جاء الأنبا شنودة رئيس المتوحدين (348 - 466) م، الذى يُعد أهم شخصية فى الرهبنة القبطية، وكان مُشرِّعاً شهيراً، وكاتباً معروفاً باللغة القبطية.

وفى قانونه اختلف عن باخوميوس، وتحدّث عن نذر رهبانى مكتوب يوقّعه الرهبان، وبعده ظهر باسيليوس الكبير (330 - 379) م، والمعروف بـ « أبو الرهبنة الشرقية »، وقدّم فكرة الأديرة الصغيرة التى يضم كل منها ما بين ثلاثين إلى أربعين راهباً، وأكد على الإهتمام بالتعليم والثقافة، لتنتشر بعد ذلك الحركة الرهبانية فى الشرق الأوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط، ولتصبح الرهبنة قوّة فعّالة تستخدمها الكنيسة فى مواجهة الهراطقة والوثنيين، بحسب القمص أثناسيوس.

أما الأنبا مكاريوس، الأسقف العام للمنيا وأبوقرقاص، فيقول فى كتابه: « لماذا يُقبل شباب الأقباط على الرهبنة »، إن الرهبنة جاءت بديلاً عن شهوة الإستشهاد التى كانت تتملّك كل إنسان تقى يعرف المسيح، مشيراً إلى أن الرهبنة: "هى إستشهاد يومى بدون سفك دم، وهذا ما كان آباء الرهبنة يريدون أن يقدموه فى بداية خوضهم فى هذا الطريق".

وقد أضاف الأنبا مكاريوس قائلاً: ما مضمونه - أن عدد رهبان وراهبات الكنيسة القبطية، وصل فى تسعينات القرن الماضى إلى ما يقارب 1500 راهباً وراهبة، بمن فى ذلك الرهبان والراهبات الذين يعيشون فى أديرة خارج مصر، مشيراً إلى تناقص عدد الرهبان على مدى القرون الماضية بسبب العوامل التى تعرضت لها البلاد، لافتاً إلى أنه - بحسب بعض الكتابات - كان يعيش فى مصر، وقت الفتح العربى، نحو 70 ألف راهب، قائلاً: (بدأ عدد الرهبان فى الهبوط منذ غزو الفرس وهدم الأديرة وسوء الأحوال فى البلاد، بسبب الإضطرابات السياسية، حتى تخرّب أكثر الأديرة وهجرها سكانها، باستثناء ما يقارب عدد الأصابع، ثم تحسنت الأحوال قليلاً خلال القرنين الحادى عشر والثانى عشر، ثم ما لبثت أن مُنيت الرهبنة بنكسة، حتى وصل عدد الرهبان فى العصور المظلمة، ما بين القرنين الرابع عشر والثامن عشر، إلى عدة عشرات فى كل الكنيسة، ثم عادت الحياة لتدب من جديد منذ أيام البابا كيرلس الرابع أبى الإصلاح، حتى وصل عددهم فى بداية القرن العشرين نحو مائة وخمسين راهباً فى منطقة وادى النطرون، ثم شهدت الرهبنة القبطية أخيراً نهضة كبيرة فى أيام قداسة البابا كيرلس السادس، وإزدهرت فى أيام قداسة البابا شنودة).

مصابيح برية مصر وثلاثي الرهبنة القبطية الأولى

مصابيح برية مصر وثلاثي الرهبنة القبطية الأولى.

الآباء القديسين: الأنبا أنطونيوس - الأنبا مقار الكبير.

الأنبا باخوميوس.

نذكر في هذا الصدد أيضاً - "يوحنا الأول" - أول « ابن من أبناء البرية » يصبح بطريركاً عام 496 ميلادية، وأديرة « المُتبتلات » تسمى « بيوت العذارى »، والبابا السابق قصرها على خريجى المؤهلات العليا.

ويبلغ عدد رهبان وراهبات الكنيسة القبطية حالياً ما يزيد على 3 آلاف، واللافت فى التاريخ الكنسى أن فكرة الرهبنة تقوم على العزلة والموت عن العالم، إلا أنه بمرور الوقت أصبحت الأديرة، والرهبان هم المسئولين عن إدارة الكنيسة ليتولوا مناصب الأساقفة والمطارنة وصولاً إلى البابا البطريرك.

وكان أول راهب يصير بطريركاً هو البابا يوحنا الأول، البطريرك 29 فى تاريخ الكنيسة، وذلك عام 496 ميلادياً، قبل أن يصبح من المستقر منذ البابا إسحق، البطريرك 41 للكنيسة، فى عام 690 ميلادياً، أن يكون الرهبان هم بابوات الكنيسة، بإستثناء حالات قليلة.

مشاهير الشخصيات القبطية المعاصرة

ظهور الجيل الأول من رهبان البرية المصرية.

القديس الأنبا بولا [292 م - 343م]

القديس الأنبا بولا [ 292 م - 343م ]

القديس الأنبا باخوميوس [292 م - 348م]

القديس الأنبا باخوميوس [ 292 م - 348م ]
.

القديس الأنبا أنطونيوس [251 م - 356م]

القديس الأنبا أنطونيوس [ 251 م - 356م ]

القديس الأنبا مقار الكبير [300 م - 392م]

القديس الأنبا مقار الكبير [ 300 م - 392م ]

نياحة البابا أثناسيوس الرسولي

بعد فترة قضاها القديس أثناسيوس الرسولي: "البابا أثناسيوس" في النفي بأمر من الإمبراطور ” قسطنطين الأول ”، على خلفية تداعيات دفاع الأخير عن بدعة آريوس، وبعد فترة مزدهرة بالخدمة المباركة خلال فترة جلوس البابا أثناسيوسعلى الكرسي الباباوي، تنيح البابا أثناسيوس في يوم من عام 372 م.

المحتويات


الموضوع الأصلي متاح من خلال موقع المؤلف هنا https://kingdomoftheearth.blogspot.com/

التاريخ القبطي عبر العصور - الأستاذ أشرف صالح
التاريخ القبطي عبر العصور - الأستاذ أشرف صالح