49 – البابا مرقس الثاني – Mark II – الأستاذ أشرف صالح


[بطاركة القرن الثامن الميلادي].

Mark II - البابا مرقس الثاني - 48

799 م - 819 م

مقدمة

ولد البابا "مرقس الثاني" في مدينة الأسكندرية، من أبوين مسيحيين تقيين، وقد تعلم تفسير الكتاب المقدس، ونبغ في تفسيره، فغدى عالمًا ببطون الكتاب المقدس، كما أنه كان يتحلى بالفضائل وحسن الصفات.

وقد سلك في شبابه المبكر في حياة الرهبنة، فصار ناسكًا عفيفاً، مواظباً على الصلوات، مُنكباً على قراءة الكتاب المقدس بتأمل عميق، ولما أرتأى فيه البابا يوحنا الرابع صلاحاً، رسمه شماسًا، ثم قساً، ولما وثق في أمانته، سلم إليه البابا تدبير البطريركية.

الجلوس على الكاتدراء المرقسي

رؤية تتنبأ بجلوسه على الكرسي الباباوي

هناك رواية تدل على مدى قداسة البابا "مرقس الثاني"، مضمونها هو أنه لما رسمه البابا يوحنا شماساً، فقسا، نظراً لأمانته وبره وصلاحه، بالإضافة إلى أنه كان يملك صوتاً ملائكياً حين يترنم بألحان الكنيسة، وترتيلاتها وصلواتها، لدرجة أن كل من يَسمعه، يُطرب بصوته، وبحسن نغماته في الصلاة، فسلم إليه البابا البطريرك تدبير البطريركية.

ولم يكن يعمل شيئًا إلا بعد أخذ رأيه، وعندما ألبسه الإسكيم المقدس - cxhma في الهيكل، صاح أحد الشيوخ قائلاً: "هذا الشماس الذي إسمه مرقس، سيستحق أن يجلس علي كرسي أبيه مرقس، لما تنيَّح البابا يوحنا أجمع الأساقفة علي اختياره بطريركًا فهرب إلى البرية، ولكنهم لحقوا به، وأحضروه، ورسموه بطريركاً في يوم 2 أمشير سنة 515 ش. (26 يناير 799م.

ولما تنيَّح البابا يوحنا الرابع، أجمع الأساقفة على إختياره بطريركًا، فهرب إلى البرية فلحقوا به وأحضروه ورسموه في 2 أمشير سنة 515 ش، فإهتم بعمارة الكنائس وأبرأ مرضى كثيرين وأخرج شياطين كثيرة.

أعماله خلال الخدمة الباباوية ومواهب إخراج الشياطين

منذ أن تسلم البابا "مرقس الثاني" أمور الخدمة الباباوية الرعوية للكنيسة القبطية، وهو لم يدخر جُهداً من أجل الإرتقاء بجميع أشكال الخدمة التي تحمل أمانتها في عنقه، فإهتم بشئون الكنائس، وعمر ما خرب منها ورد أرباب البدع إلى الرأي القويم، وأبرأ مرضي كثيرين وأخرج من بعضهم الشياطين، وقال لبعضهم أن ما أصابكم، حدث نتيجة تجاسركم علي التناول من الأسرار المقدسة بجهل، فأحفظوا نفوسكم منذ الآن من الكلام الرديء الذي يخرج من أفواهكم.

أهم الأحداث المعاصرة

هجوم العرب على جزائر الروم والأسكندرية

في خلال فترة جلوس البابا "مرقس الثالث"، حدث أن إستولي العرب علي جزائر الروم، وسبوا كثيرين من نسائهم وأولادهم، وآتوا بهم إلى الإسكندرية، وشرعوا في بيعهم، فجمع من المؤمنين مالا علاوة علي ما كان عنده من أموال الأديرة، ودفع في سبيل إنقاذهم، وإطلاق حريتهم مبلغ ثلاثة آلاف دينار، وكتب لهم أوراق عتقهم وزود من رجع إلى بلاده بالمال اللازم له، وزَوٌجَ من بقي منهم، وصار يعتني بهم، وإهتم هذا الأب بكنيسة المخلص التي بالإسكندرية، وجددها، فأحرقها بعض الأشرار، ثم عاد، وجددها للمرة الثانية.

الخلفاء المسلمين المعاصرون للخدمة

لقد عاصر البابا: "مرقس الثاني" من خلفاء الدولة العباسية كلٍ من:

الخليفة هارون الرشيد.

[تابع فترة الخلافة العباسية الإسلامية الشيعية].

الخليفة هارون الرشيد

786م - 809 م

الخليفة هارون الرشيد

الخليفة هارون الرشيد.

هو أبو جعفر هارون بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور (149 هـ - 193 هـ)، الخليفة العباسي الخامس من خلفاء الدولة العباسية الإسلامية الشيعية في بغداد.

ولد في مدينة الري عام149 هـ والموافق لسنة 766 م، وتوفي في مدينة طوس اليوم عام 809 م.

وقد بويع بالخلافة ليلة الجمعة، التي توفي فيها أخوه موسى الهادي عام 170 هـ، وكان عمره آنذاك 22 سنة ـ وأمه الخيزران بنت عطاء وهي أم ولد يمانية جرشية.

يعتبر هارون الرشيد من أشهر الخلفاء العباسيين، وأكثرهم ذكراً حتى في المصادر الأجنبية كالحوليات الألمانية في عهد الإمبراطور شارلمان التي ذكرته بإسم (آرون)، والحوليات اليابانية والصينية، التي ذكرته بإسم (الون) - أما المصادر العربية - فقد أفاضت الكلام عنه، لدرجة أن أخباره، كانت قد إمتزجت فيها حقائق التاريخ بخيال القصص، ولا سيّما كتاب "ألف ليلة وليلة" التي صورته بالخليفة المُسرف في الترف والملذات، وأنه لا يعرف إلا اللهو وشرب الخمور ومراقصة الغانيات.

هارون الرشيد في مرحلة الشباب

هارون الرشيد في مرحلة الشباب.

والواقع أن هذا الخليفة كان من خيرة الخلفاء، فقد كان يحج عامًا ويغزو عامً، وذكر أنه كان يصلي في خلافته في كل يوم مائة ركعة إلى أن مات، ويتصدق بألف، وكان يحب العلماء، ويعظم حرمات الدين، ويَبغض الجدال والكلام، ويبكي على نفسه ولهوه وذنوبه، لا سيما إذا وعظ، وقد تم فتح الكثير من البُلدان في زمنه، واتسعت رقعة الإسلام وإستتب الأمن وعم الرخاء وكثر الخير بما لا نظير له، ثم إن هذا الخليفة كان حسن السيرة والسريرة.

كذلك كان يصور بصورة الخليفة الحذر الذي يبث عيونه وجواسيسه بين الناس ليعرف أمورهم وأحوالهم، بل كان أحيانًا يطوف بنفسه متنكرًا في الأسواق والمجالس ليعرف ما يقال فيها.

والواقع - أن هذه الصورة المتباينة للرشيد، ما هي إلا انعكاس للعصر الذي عاش فيه بمحاسنه ومساوئه، وهو العصر العباسي الأول أوما عرف بإسم: "العصر الإٍسلامي الذهبي"، وقد تميز عصره بالحضارة والعلوم، والإزدهار الثقافي والديني، وأسس المكتبة الأسطورية بيت الحكمة في بغداد، وبدأت بغداد خلال فترة حكمه بالإزدهار كمركز للمعرفة والثقافة والتجارة.

النياحة

لقد أقام البابا مرقس الثاني على الكرسي البطريركي 20 سنة وشهرين و21 يوماً، وكان مقر رئاسته المرقسية، وقد تنيَّح بسلام في 22 برمودة سنة 535 ش. الموافق 17 ابريل سنة 819 م.

وقد ورد في مصدر تاريخي آخر ما يلي:

"لما أراد الرب نياحته مرض قليلًا، فقام بخدمة القداس وتناول الأسرار الإلهية ثم ودع الأساقفة الذين كانوا عنده وتنيَّح بسلام بعد أن أقام علي الكرسي عشرين سنة وشهرين وواحد وعشرين يومًا. صلاته تكون معنا. آمين".


الموضوع الأصلي متاح من خلال موقع المؤلف هنا https://kingdomoftheearth.blogspot.com/

التاريخ القبطي عبر العصور - الأستاذ أشرف صالح
التاريخ القبطي عبر العصور - الأستاذ أشرف صالح