63 – البابا فيلوثاؤس – Philotheos – الأستاذ أشرف صالح


[بطاركة القرن العاشر / القرن الحادي عشر الميلادي].

63 - البابا فيلوثاؤس - Philotheos

979 م - 1003 م

الجلوس على الكاتدراء المرقسي

مما عُرِفَ عن البابا "فيلوثاؤس" - أنه جلس على الكرسي الباباوي المرقسي في عام 979 م.

وقد عُرف عنه أنه كان غير حَسَن السيرة، وكانت نهايته نهاية سيئة، وذلك لأنه لم يكن يحيا الحياة النسكية التي تليق بطقسه كراهب وبطريرك، فقد دخل إلى كنيسة مارمرقس بالإسكندرية ومعه جماعة من الأساقفة، ودخل الهيكل ليقدس الأسرار، فلما رفع القربان سكت، ولم يقدر أن ينطق بكلمة، فجلس، وأكمل القداس الأنبا مرقس أسقف البهنسا، وحملوا البطريرك إلى بيت أحد الأقباط، وظل صامتًا تسع ساعات من النهار، ثم سأله المقربون عما حدث له، فقال: قبل أن أرشم القربان، فإنشقت شرقية الهيكل، وخرجت يد صلبت على القربان.

الولاة المسلمون المعاصرون للخدمة

[تابع: عصر الخلافة الفاطمية الإسلامية].

(الخليفة العزيز بالله)

955م - 996م

كنيسة القديس سمعان الخراز بجبل المقطم بالقاهرة

مقدمة

هو الخليفة "العزيز بالله نزار بن معد بن إسماعيل" - الخامس في خلفاء الدولة الفاطمية، والإمام الخامس عشر من أئمة الإسماعيليين.

بداية فترة حكمه

لقد بدأت فترة حكم الخليفة العزيزبالله في سنة 955م.

أهم إنجازاته وأعماله

ومن الأعمال التي قام بها الخليفة العزيز بالله منذ أن تولى الحكم، إعلان وظيفة الوزير، والتي لم تكن موجودة في البلاط الفاطمي من قبل، وكان أول وزير للخليفة الفاطمي هو يعقوب بن كلس [رجلاً يهوديًا إعتنق الإسلام]، وكان ذلك في عام 367 هجري.

ومما يعرف عن إنجازات الخليفة العزيز بالله أيضاً، أنه قام بقطع الخطبة للخليفة العباسي في اليمن، وإعلانها للعزيز بالله الفاطمي.

ومن الإنجازات التي قام بها الخليفة العزيز بالله - ففي مجال المعمار والتشييد، فقد شهد عصر العزيز بالله العديد من مظاهر العمران والنهضة الحضارية التي شملت الكثير من العلوم والفنون والآداب.

وكان من أبرز الآثار المعمارية التي أنشأها العزيز "قصر اللؤلؤة"، الذي شيده على النيل، كما إهتم كذلك بالقصر الشرقي الكبير الذي أسسه جوهر الصقلي، والذي يعد من أعظم عمائر الفاطميين.

وكانت القاهرة طوال العصر الفاطمي هي مركز الدعوة الإسماعيلية في العالم الإسلامي، وقد تركزت هذه الدعوة في بداية الأمر في الأزهر، وشهدت بداية خلافة العزيز بالله أولى حلقات الدراسة في الجامع الأزهر، حيث جلس القاضي على بن النعمان في سنة (365هـ = 975م)، ليملي مختصراً في الفقه على جمع كبير من العلماء والكبراء.

كما شهدت الفنون المتطورة في عهد الخليفة العزيز بالله، إزدهاراًَ كبيراً، حتى بلغت أقصى درجات الجودة والإتقان، ومن ذلك صناعة الخزف والمصنوعات الزجاجية، وخاصة في عهد الخليفة العزيز بالله.

كما أنشأ أيضاً - ملحقاً بقصره - ضم مكتبة ضخمة عُرفت بكونها أكبر مكتبة في التاريخ الإسلامي، ضمت مجموعة هائلة من ملايين المجلدات والكتب في شتي العلوم والآداب، لكن هذه المكتبة إحترقت، ودُمرت وضاعت منها مئات آلاف الكتب والمجلدات حين وقع الخلاف بين الجنود السودانين والأتراك في عام 1068 م، حين لم يتمكن الخليفة آنذاك من دفع رواتب الجند، فهجموا علي المكتبة وأتلفوا محتوياتها.

وقد أشار القلقشندي إلى نهاية المكتبة بقوله: وكانت من أعظم الخزائن، وأكثرها جمعًا للكتب النفيسة من جميع العلوم، ولم تزل على ذلك إلى أن انقرضت دولتهم - أي دولة الخلفاء.

وشهدت مصر كذلك في عهده إستقراراً ملحوظاً، ونهضة إقتصادية ورواجاً تجارياً، فضلاً عن النهضة العمرانية العظيمة وإنشاء العديد من المساجد والأربطة والمدارس، والإهتمام بالحدائق والبساتين وتشييد القصور الأنيقة والمباني الفخمة؛ وهو ما يعكس حياة الترف والرفاهية التي إتسم بها عهد العزيز.

أهم الأحداث المعاصرة للحكم

أحداث خارجية:
ملك الروم يحتل أجزاء من سوريا

في خلال فترة حكم الخليفة العزيزبالله، وصل ملك الروم إلى حلب فإستولى، على ما فيها، ثم إتجه إلى حمص فإستولى عليها، وسار إلى طرابلس، فحاصرها أربعين يوماً دون أن يتمكن من فتحها، حتى إضطر إلى العودة إلى بلاده مرة أخرى.

وعندما علم العزيز بما حدث عظم ذلك عليه، ونادى في الناس بالخروج للقتال، وفتح خزائنه، فأنفق منها على التجهيز للحرب، وأعد أسطولاً حربياً، جمع له العدد والآلات والأسلحة اللازمة.

جوهر الصقلي يسترجع دمشق من هفكتين

من أهم الأحداث المعاصرة لفترة حكمه - قيام جوهر الصقلي - بقيادة حملــــة عسكري.

ضد أفتكين والقرامطة، تمكن خلالها من إحكام السيطرة التامة على دمشق في سنة 368 هــ.

ونذكر أيضاً من بين الأحداث المعاصرة لحكم الخليفة العزيز بالله - خروج حملة عسكرية ضد الروم الذين إستولوا على حلب عام 386 هجري.

أحداث طبيعية:
الريح الشديدة تتسبب في إحتراق إسطول الخليفة العزيزبالله

ولكن حدثت مجموعة من الكوارث العجيبة والأحداث الغريبة، فقد إحترق الأسطول الذي أنفق الكثير من الجهد والمال لتجهيزه قبل أن يخرج للقتال، فتمّ صنع أسطول آخر، فلما خرج إلى البحر هَبٌت ريح قوية، فتحطم الأسطول، وغرق عدد كبير من الجنود.

ولكن ذلك كله لم يجعل الوهن أو اليأس يتسرب إلى نفس العزيز بالله، ولم يضعف ذلك من عزيمته، فخرج في جيوش هائلة إلى بلاد الشام لينتقل منها إلى أرض الروم.

الخليفة العزيز بالله والكنيسة القبطية

مما يعرف عن الخليفة العزيز بالله ـ أنه كان كارهاً للأقباط في بداية حكمه، ولكنه بعد ذلك قام بتغيير سياسته مع الأقباط، وأصبح معتدلاً معهم.

المرأة في حياة الخليفة العزيز بالله

هذا - وقد لعبت المرأة دورًا هاماً في حياة الخليفة الفاطمي العزيز بالله، وبالرغم من أن المرأة ساهمت بنصيب كبير في سياسة البلاد الداخلية والخارجية في العصر الفاطمي، فإنها نالت في عهد الخليفة العزيز مكانة لم تحظ بها في أي من العهود السابقة.

السيدة المعزية أم الخليفة العزيز، زوجة الخليفة المعز لدين الله، والتي تلقبت بـأم الأمراء، وإسمها "تغريد"، وقيل وهي "أم ولد" من أصل عربي تزوجها الخليفة المعز بالمغرب قبل أن يأتي إلى مصر، وكان لها نشاط تجاري واسع في مصر، وبالرغم من أنه لم يكن لها أي دور سياسي معروف فإن الخليفة المعز كان يتشاور معها في بعض الأمور السياسية على نحو ماتقدم بذكره المؤرخ المقريزي.

كما كانت لزوجته السيدة العزيزية مكانة كبيرة في حياته، وكان لها أثر كبير في كثير من السياسات التي إنتهجها العزيزبالله؛ فقد كانت تلك السيدة مسيحية على المذهب الملكاني - مذهب الكنيسة القسطنطينية - وهي أمست الملك أخت الحاكم بأمر الله لأبيه، وكان لهذه السيدة سلطان كبير على الخليفة العزيز؛ وهو ما جعله يرفع أخويها إلى أرقى المناصب الكنسية، فعين أخاها "أُرِيسْتس" مطراناً على بيت المقدس سنة (375هـ = 985م)، وعين أخاها الآخر أرسانيوس مطراناً على القاهرة، ثم أصبح بطريركا على القاهرة بعد ذلك.

أما ست الملك ابنة الخليفة العزيز بالله وأخت الخليفة الحاكم بأمر الله فقد حظيت بمكانة عالية لدى أبيها الذي أحاطها بكل أسباب الترف والثراء، حتى إنه بنى لها القصر الغربي لتعيش فيه بمفردها، وكانت تمتلك ثروة كبيرة من التحف الثمينة والجواهر النفيسة، ولها إقطاع في ضياع الصعيد والوجه البحري، فضلاً عما كانت تملكه من الدور والبساتين.

ولم يكن يدري أن ساعات قليلة تفصل بين يومه الذي يحياه وغده الذي لن يراه؛ فقد إشتد عليه مرض "القولنج" الذي أصابه ببلبيس عند خروجه من مصر، وتزايد عليه حتى أودى بحياته في (28 من رمضان 386هـ = 15 من أكتوبر 996م)، وهو في الرابعة والأربعين من عمره.

[تابع - عصر الخلافة الفاطمية].

الخليفة الحاكم بأمر الله الفاطمي

996 م - 1020 م

الخليفة الحاكم بأمر الله الفاطمي

الحاكم بأمر الله الفاطمي.

مقدمة

في بداية عهد الحاكم، حاول بعض الطامحين، إستغلال صغر سنه لتحقيق أطماعهم في السلطة، فكان أولهم شيخ كتامة (أبو محمد بن عمار) الذي أجبر الحاكم على توليته لشؤون الدولة، فأصبح هو المُتصرف فيها ولُقب بـ (أمين الدولة).

وكان ينافسه في الوقت نفسه رجل آخر وهو (أبو الفتوح برجوان) وقد كان موجودا أيام العزيز بالله، ووصل إلى مرتبة (كبير الخدم). ونجح برجوان في إثارة طوائف المشارقة ضد طوائف المغاربة الذين إستبدوا بالحكم مع سيدهم (ابن عمار) وكانت بينهم مواقع عديدة انتهت بانتصار (برجوان) وهروب إبن عمار.

فترة الصراع على الحكم

قام (برجوان) بإخراج الحاكم وأخذ له البيعة من جديد، ثم تولى شئون الدولة وكوّن لنفسه طائفة خاصة من الجند والمماليك. ثم تلطَف بإبن عمار ومنحه إقطاعاته التي كانت له من قبل، واشترط عليه الطاعة وبذلك استمال إليه المغاربة أيضا. على أن برجوان سرعان ما جنح للطغيان والاستبداد فكان يعتبر نفسه الخليفة الحقيقى. وصار يستصغر خليفته الحاكم. كما أنه استغل منصبه في تكوين ثروة ضخمة له. هذا بالإضافة إلى انشغاله باللهو والملذات مما أدى إلى انصرافه عن شؤون الدولة التي تعطلت وفسدت من جراء ذلك. وقد نسى برجوان في غمرة ذلك أن الحاكم قد جاوز سن الصبا ودخل مرحلة الشباب وصار متنبها إلى استبداد برجوان وتغلبه عليه.

وقام الحاكم بتدبير مؤامرة لقتل برجوان، وتم ذلك وأصدر الحاكم بياناً يبرر فيه أسباب قتل برجوان.

ثم قام بعد ذلك بالتخلص من رجال برجوان في الجيش والقصر، كما أنه أعد كمينا لشيخ كتامة إبن عمار بأن حرّض عليه بعض المشارقة الذين قتلوه، ثم أفنى الحاكم أعوانه من شيوخ كتامة.

إنفراد الحاكم بأمر الله بالحكم

بذلك تمكن الحاكم من إسترداد سلطانه والتخلص من كل المنافسين والسيطرة على كل مقاليد الحكم وكان حينها قد تجاوز الـ 15 سنة.

وقد أظهر الحاكم عندما تولى تقشفا وزهدا على عكس آبائه، إذ أخرج من قصره جماعة من حظاياه، وأعتق سائر مماليكه من الإناث والذكور وملّكهم أمر نفوسهم والتصرف فيما يملكونه وإقتنوه منه ومن أبيه. كما إنه انتقل تدريجيا من الملابس المذهبة على عادة آبائه إلى ملابس خشنة من الصوف كما أنه خفف من الإسراف الذي كان يحدث في الاحتفالات بالمناسبات المختلفة، وأمر كذلك بألا يصلى عليه أحد في كتاباته ويقتصر على هذه الصيغة: "سلام الله وتحياته ونوامى بركاته على أمير المؤمنين".

وقد ظلت فترة خلافة الحاكم بأمر الله قائمة حتي مابعد نياحة البابا "فيلوثاؤس".

المرض والنياحة

قبل نياحته - ظل البابا "فيلوثاؤس" - مريضًا لفترة طويلة، إلى أن تنيح بعد أن جلس على الكرسي المرقسي أكثر من أربع وعشرين سنة ونصف.


الموضوع الأصلي متاح من خلال موقع المؤلف هنا https://kingdomoftheearth.blogspot.com/

التاريخ القبطي عبر العصور - الأستاذ أشرف صالح
التاريخ القبطي عبر العصور - الأستاذ أشرف صالح