اَلْمَزْمُورُ السَّابِعُ وَالثَّمَانُونَ – سفر المزامير – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور السابع والثمانون (السادس والثمانون في الأجبية)

هذا المزمور هو مديح لصهيون كرمز للكنيسة. بل ما ذُكِرَ في هذا المزمور لا ينطبق بالكامل إلا على كنيسة المسيح. ونجد في المزمور أن صهيون مفضلة عن باقي أرض إسرائيل. لأن الهيكل مؤسس هناك، وهناك العبادة لله.

يرى البعض أن المزمور كُتِبَ في فترة إزدهار أورشليم، أيام داود أو سليمان. ويقول أصحاب هذا الرأي أنه كُتِبَ أثناء نقل التابوت من بيت عوبيد أدوم إلى صهيون، أو أثناء تدشين هيكل سليمان. وهناك من قال أنه كُتِبَ بعد السبي أثناء خراب أورشليم لتشجيع المسبيين على العودة إلى أورشليم لتعميرها، بناءً على الوعود التي قيلت عنها ومحبة الله لها. فبالرغم من أن أورشليم خربة ولا أحد يهتم بها، لكن الله قال عنها أشياء مجيدة. وهذا ينطبق على كنيسة المسيح التي صار لها الأمجاد تحت راية المسيح. (سواء الكنيسة على الأرض أو في السماء).

العدد 1

آية (1): -

"1أَسَاسُهُ فِي الْجِبَالِ الْمُقَدَّسَةِ.".

أَسَاسُه = يتكلم المرتل هنا عن هيكل تأسس على الجبال المقدسة. وهو مؤسس بقوة وهذا ما تشير إليه كلمة الْجِبَالِ الْمُقَدَّسَةِ. ولأن الهيكل مؤسس على الجبال فهو ثابت، عكس المسكونة المؤسسة على البحار، إذاً هي متقلبة (مز2: 24). والهيكل قد يكون هيكل سليمان، أو الكنيسة هيكل المسيح (يو21: 2). والكنيسة مؤسسة على الرسل والأنبياء والمسيح هو حجر الزاوية (أف20: 2). والهيكل كان مبنياً على جبل المريا في صهيون. وطالما الكنيسة مؤسسة على المسيح (جبل بيت الرب) الثابت في رأس الجبال (الرسل والأنبياء) (إش2: 2) فهي لن تسقط أبداً، وهي عالية شامخة. وهي جبال مقدسة، فالقداسة هي التي أعطت قوة للبناء.

العدد 2

آية (2): -

"2الرَّبُّ أَحَبَّ أَبْوَابَ صِهْيَوْنَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ مَسَاكِنِ يَعْقُوبَ.".

صِهْيَوْنَ = هي أورشليم عاصمة إسرائيل، وهناك كان الهيكل لذلك تعظمت على باقي مدن إسرائيل = مَسَاكِنِ يَعْقُوبَ. خصوصاً بعد إنفصال العشرة أسباط عن يهوذا وعبادتهم للبعل. وصهيون كلمة عبرية معناها حصن. وكان هذا الحصن قائماً على جبل إسمه صهيون. وأورشليم ضمت هذا الجبل مع الجبال المحيطة وهم ثلاثة آخرين (المريا واكرا والبيزيتا). وكانت أورشليم عاصمة أعظم ملوك إسرائيل وهم داود وسليمان. وكان الهيكل فيها، وفي الهيكل تابوت العهد. بل كان ملكي صادق رمز المسيح الكاهن والملك حاكماً على أورشليم. وعلى جبل المريا قدم إبراهيم ابنه اسحق ذبيحة وعاد حياً رمزاً لما حدث مع المسيح. الرَّبُّ أَحَبَّ أَبْوَابَ صِهْيَوْنَ = الله أحَّب صهيون ففيها الهيكل والعبادة وفيها كرسي داود الذي أحبه الله. والله أحب أبواب صهيون لأن من هذه الأبواب يدخل المؤمنين ليعبدوا في الهيكل. وبالنسبة للكنيسة فأبوابها الآن هي الإيمان المسلم مرة للقديسين (يه3) والمعمودية والتوبة.

العدد 3

آية (3): -

"3قَدْ قِيلَ بِكِ أَمْجَادٌ يَا مَدِينَةَ اللهِ: سِلاَهْ.".

هناك أَمْجَادٌ كثيرة ونبوات مجيدة عن أورشليم لأن الله ساكن فيها (مر11: 9) وكما سكن الله في أورشليم سكن في بطن العذراء مريم. لذلك ترتل الكنيسة هذه الآية عشية عيد ميلاد السيدة العذراء ومع هذه الآية أجزاء أخرى "أعمال مجيدة قد قيلت لأجلك يا مدينة الله وهو العلي الذي أسسها إلى الأبد لأن سكنى الفرحين جميعهم فيك" فالمزمور يشيد بصهيون الأم والذي ولد فيها هو الإنسان وهو نفسه العلي الذي أسسها. وأورشليم أيضاً هي الكنيسة جسد المسيح (سواء على الأرض أو في السماء) (عب22: 12 + رؤ2: 21 - 4) وما هي الأشياء المجيدة التي قيلت عن كنيسة المسيح؟ أنها عروس المسيح وأن أبواب الجحيم لن تقوى عليها وأنه إشتراها بدمه وأنها كنيسة ملوك وكهنة.

العدد 4

آية (4): -

"4«أَذْكُرُ رَهَبَ وَبَابِلَ عَارِفَتَيَّ. هُوَذَا فَلَسْطِينُ وَصُورُ مَعَ كُوشَ. هذَا وُلِدَ هُنَاكَ».".

رَهَبَ = هي مصر ومعنى الكلمة كبرياء. بَابِلَ = مركز عبادة الأصنام. صُور = حيث الغني والمال والخطايا البشعة. كُوشَ = اللون الأسود رمز الخطية (إر23: 13). واللون الأسود يشير لظلام النفس والقلب. هؤلاء كانوا عابدي أوثان مع فلسطين. وبعد مجيء المسيح دخل الأمم للإيمان. أَذكر رهب وبابل عارفتىَّ = فالله لم ينسى الأمم فهم خلقته ويحبهم ويذكر أنه سيضمهم له، فكما قال سليمان فى سفر الحكمة "فإنك لو أبغضت شيئاً لم تُكَوِّنه" (إصحاح 11). ولكن الله إختار اليهود أولا ليأتى منهم المسيح فى ملء الزمان، والذى فيه يدخل ملء الأمم. لذلك قيل عن مصر وَبَابِلَ عَارِفَتَيَّ وبعد أن كانت مصر رمز للكبرياء صارت بعد المسيح من المؤمنين وقيل عنها "مبارك شعبي مصر" (إش25: 19). هذَا وُلِدَ هُنَاكَ = "هؤلاء ولدوا هناك" (سبعينية) فهذه الشعوب بالمعمودية ولدت هناك، أي في صهيون أي الكنيسة. وبحسب ترجمة بيروت هذا ولد هناك فيكون المقصود هو المسيح، وكل الأمم ولدوا فى المسيح.

العدد 5

آية (5): -

"5 وَلِصِهْيَوْنَ يُقَالُ: «هذَا الإِنْسَانُ، وَهذَا الإِنْسَانُ وُلِدَ فِيهَا، وَهِيَ الْعَلِيُّ يُثَبِّتُهَا».".

الإِنْسَانُ الذي وُلِدَ فِي صهيون هو المسيح الذي بصليبه صار لنا ولادة ثانية بالمعمودية فتصير صهيون الكنيسة أمنا حينما نولد من الماء والروح. وَهِيَ الْعَلِيُّ يُثَبِّتُهَا = المسيح المولود في صهيون هو العليُّ الذي يثبت كنيسته.

العدد 6

آية (6): -

"6الرَّبُّ يَعُدُّ فِي كِتَابَةِ الشُّعُوبِ: «أَنَّ هذَا وُلِدَ هُنَاكَ». سِلاَهْ.".

لقد صار المسيح بولادته معدودا من شعوب البشر (بل هو ولِد فى بيت لحم بسبب تعداد لو2: 1). وكل من ولد بالمعمودية يعده الله من المكتوبين في السماوات (لو20: 10).

العدد 7

آية (7): -

"7 وَمُغَنُّونَ كَعَازِفِينَ: «كُلُّ السُّكَّانِ فِيكِ».".

هذا حال المؤمنين في الكنيسة، التسبيح والفرح بسبب ما هم فيه من سلام.

  1. والكنيسة تصلي هذا المزمور طوال الصوم الأربعيني المقدس بعد أن يفرغ الكاهن من إنتقاء الحمل ووضعه في الصينية وبعد أن يصب الخمر في الكأس، إشارة للكنيسة التي تأسست بذبيحة المسيح (التي يقدمها على المذبح)، والكنيسة التي صار يسوع المسيح ساكناً فيها، وهو معنا على المذبح، فبعد أن سكن في بطن العذراء، هو الآن ساكن وسط كنيسته يثبتها. كنيسته المولودة في المعمودية. ونصلي بالمزمور في أثناء فترة الأربعين المقدسة لأنها تنتهي بأسبوع الألام الذي فيه صُلِب رب المجد ومات وقام، هذه الأمور التي قامت عليها الكنيسة الجديدة.

ونصلي بهذا المزمور في الساعة السادسة، ففي هذه الساعة صُلِب رب المجد ليجمع كل الشعوب المتفرقة إلى واحد. ولن يكتب في سفر الحياة إلا الذين وُلِدوا في الكنيسة المقدسة، هؤلاء هم الفرحون الذين يسكنون فيها إلى الأبد.

تعليق على المزمور.

كيف يولد الأمم فى أورشليم؟ أورشليم كما قلنا ترمز للكنيسة التى نولد فيها كلنا بالمعمودية. ولكن المعمودية هى موت مع المسيح الذى صُلِب ومات فيها ليعطى قوة لمياه المعمودية ليموت فيه إنساننا العتيق ويقوم فيها الجديد متحدا بالمسيح الذى قام فى أورشليم أيضا. وصعد للسماء من أورشليم ليصعدنا معه. وأرسل الروح القدس على التلاميذ فى أورشليم يوم الخمسين، ليبدأ تأسيس الكنيسة من أورشليم. وكل هذه الأمجاد تنبأ عنها الأنبياء = قَدْ قِيلَ بِكِ أَمْجَادٌ يَا مَدِينَةَ اللهِ.

فالكنيسة التى نولد فيها ولدت فى أورشليم. حقا المسيح ولد فى بيت لحم القريبة جدا من أورشليم، لكن الكنيسة ولدت فى أورشليم. فولادة الكنيسة تعنى موت الخليقة العتيقة وقيام الخليقة الجديدة وعمل الروح القدس فى تجديد هذه الخليقة. وكل هذا تم فى أورشليم.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلْمَزْمُورُ الثَّامِنُ وَالثَّمَانُونَ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

اَلْمَزْمُورُ السَّادِسُ وَالثَّمَانُونَ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 87
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 87