اَلْمَزْمُورُ السَابِعُ وَالْخَمْسُونَ – سفر المزامير – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور السابع والخمسون (السادس والخمسون في الأجبية)

في أشد أوقات داود لم يترك قيثارته ولا صلواته، وها هو هارب من شاول ولكنه لا يكف عن التسبيح والتضرع إلى الله بثقة (قارن هذا المزمور مع 2كو7: 4 - 11).

على لا تهلك = نشيد معروف يشير إليه، ربما ليرتلونه بنفس النغمة. ومعنى لا تهلك أن لا تقابل الشر بالشر. كما عفا داود عن شاول في المغارة ولم يقتله.

نصلي هذا المزمور في الساعة السادسة، فداود كان في اضطهاد الأقوياء له رمزاً للمسيح. حفروا قدامي حفرة = هذه مؤامرة اليهود. سقطوا في وسطها = هذه نهايتهم استيقظ يا مجدي = استيقظي يا نفسي (سبعينية) هذه نصرة المسيح بالقيامة.

العدد 1

آية (1): -

"1اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ ارْحَمْنِي، لأَنَّهُ بِكَ احْتَمَتْ نَفْسِي، وَبِظِلِّ جَنَاحَيْكَ أَحْتَمِي إِلَى أَنْ تَعْبُرَ الْمَصَائِبُ.".

تكرار ارْحَمْنِي = يدل على أننا محتاجون إلى رحمة الله في الدهر الحاضر وفي الدهر الآتي. وإلى اللجاجة في الطلب. الْمَصَائِبُ = "الإثم" في السبعينية إشارة للتجارب التي يثيرها الشيطان. جَنَاحَيْكَ = إشارة لعناية الله بنا (مت37: 23) والدجاجة إذا هاجمها صقر ترفرف بجناحيها وتضم فراخها تحتها.

العدد 2

آية (2): -

"2أَصْرُخُ إِلَى اللهِ الْعَلِيِّ، إِلَى اللهِ الْمُحَامِي عَنِّي.".

الصراخ لا يعني الصوت العالي بل رغبة بحرارة القلب، والإرادة الأكيدة في الطلب.

العدد 3

آية (3): -

"3يُرْسِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَيُخَلِّصُنِي. عَيَّرَ الَّذِي يَتَهَمَّمُنِي. سِلاَهْ. يُرْسِلُ اللهُ رَحْمَتَهُ وَحَقَّهُ.".

يُرْسِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَيُخَلِّصُنِي = ألم يرسل الآب إبنه الوحيد من السماء ليخلصنا (يو13: 3) يَتَهَمَّمُنِي = يطأونني أو يضطهدونني (سبعينية). وهم الشياطين. رَحْمَتَهُ وَحَقَّهُ = فعلي الصليب ظهرت رحمة الله وحقه (عدله)، هذه هي طريقة الخلاص، فالذي استوفى مطاليب الحق الإلهي هو المسيح المصلوب برحمته. فداس لنا أعدائنا.

العدد 4

آية (4): -

"4نَفْسِي بَيْنَ الأَشْبَالِ. أَضْطَجعُ بَيْنَ الْمُتَّقِدِينَ بَنِي آدَمَ. أَسْنَانُهُمْ أَسِنَّةٌ وَسِهَامٌ، وَلِسَانُهُمْ سَيْفٌ مَاضٍ.".

الأَشْبَالِ = هم الاعداء الأقوياء الذين أحاطوا بداود (شاول ورجاله) أو هم كل من اجتمع حول المسيح (الرومان واليهود) (مز13: 22). ولم يقل الأسود، فهؤلاء المحيطين به يعتمدون علي الملك شاول، كما تعتمد الأشبال علي أبوها الأسد. أَضْطَجعُ = إشارة إلى موت المسيح بالجسد. بَيْنَ الْمُتَّقِدِينَ = يشبه نفسه بالتبن وأعدائه بنيران حارقة.

المقصود تصوير داود (داود هنا كرمز للمسيح) أنه راقد وسط أعدائه ممدا على الصليب = "نمت مضطربا. أسنان أبناء البشر سلاح وسهام" (سبعينية) المسيح يبدو هنا فى صورة ضعف بينما هم كوحوش فى شرهم كنار متقدة مع أنهم بشر = بنى آدم.

أَضْطَجعُ بَيْنَ الْمُتَّقِدِينَ بَنِي آدَمَ. أَسْنَانُهُمْ أَسِنَّةٌ وَسِهَامٌ..... (ترجمة بيروت).

"نمت مضطربا. أسنان أبناء البشر سلاح وسهام"......... (سبعينية).

ولاحظ أن السبعينية ضمت تعبير أبناء البشر للجملة التالية وهذا أوقع فى طريقة التعبير.

العدد 5

آية (5): -

"5ارْتَفِعِ اللَّهُمَّ عَلَى السَّمَاوَاتِ. لِيَرْتَفِعْ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ مَجْدُكَ.".

في هذه الإشارة نرى الله يقيم المظلوم ويرفعه، وهي نبوة عن قيام وصعود المسيح بالجسد. وفي نصرة المظلوم يرتفع مجد الله أمام أنظار الشعوب. حينما نضع هذه الآية مع آية (8) إستيقظ يا مجدي نفهم أن الله يتمجد ويرتفع حينما يقيم المسيح. والآية وحدها تشير لأن الله يقيم المظلوم ويرفعه، وفي هذا يرتفع ويظهر مجد الله. مجد داود ليس في ملكه أو جيشه أو غناه، إنما مجده هو الله "أكون مجدا في وسطها" (زك2: 5). إذاً استيقظ يا مجدي هي نداء ورجاء للمسيح إبن الله ليقوم من الأموات ويقيمه هو أيضا، وبصعوده يصعد للمجد ويتمجد مجدا أبديا.

العدد 6

آية (6): -

"6هَيَّأُوا شَبَكَةً لِخَطَوَاتِي. انْحَنَتْ نَفْسِي. حَفَرُوا قُدَّامِي حُفْرَةً. سَقَطُوا فِي وَسَطِهَا. سِلاَهْ.".

حين رأى المرتل مؤامرات الأعداء لإصطياده = شَبَكَةً / حُفْرَةً وانْحَنَتْ نَفْسِه من أحزانه (حفرة مخفية كشرك ليوقعوه فيها). ولكنهم سقطوا هم فيها (هامان).

وهذا ما حدث مع المسيح في هذه الساعة، إذ نجحت وقتياً خطة الأشرار وصلبوه. وكان في حزن عظيم "نفسي حزينة إلى الموت". سَقَطُوا فِي وَسَطِهَا = وهذا ما حدث مع المسيح حين أتى إبليس وجنوده ليقبضوا علي روح المسيح فإذ به يقبض هو عليهم. ويقيدهم ألف سنة. وهذا ما حدث مع داود وشاول، فسقط شاول في يد داود.

العدد 7

آية (7): -

"7ثَابِتٌ قَلْبِي يَا اَللهُ، ثَابِتٌ قَلْبِي. أُغَنِّي وَأُرَنِّمُ.".

ثَابِتٌ قَلْبِي = "وحين تمت الأيام لإرتفاعه ثَبَّت وجهه لينطلق إلى أورشليم" (لو9: 51) + "أيها الآب نجنى من هذه الساعة. ولكن لأجل هذه الساعة أتيت" (يو12: 27). نرى الرب هنا متجها بثبات للصليب. وتعنى أن قلبي ثابت لم يتزعزع أثناء مقاومة الأعداء لي، بل كنت أغني وأرنم فهو فى فرح لأنه سيتمم الخلاص للإنسان الذى يحبه. والقديس أثناسيوس الرسولي يفسر ثابت قلبي (مستعد حسب السبعينية) أن قلبه (قلب أثناسيوس) مستعد لحلول الروح القدس الذي يعلمه الترنيم والتسبيح. والروح القدس حلَّ علينا بعد أن تم عمل المسيح الفدائي.

ومن كلا الترجمتين نفهم أن المعنى المقصود أن كل من يثبت قلبه أمام التجارب ولا يرتد ويضعف، يمتلئ من الروح القدس وهذا الإمتلاء يملأه فرحا وسط ألامه فيسبح.

العدد 8

آية (8): -

"8اسْتَيْقِظْ يَا مَجْدِي! اسْتَيْقِظِي يَا رَبَابُ وَيَا عُودُ! أَنَا أَسْتَيْقِظُ سَحَرًا.".

اسْتَيْقِظْ يَا مَجْدِي = "استيقظي يا نفسي" (سبعينية) إشارة لمجد الله الذي ظهر في إقامة المسيح، وفي معونة من إلتجأ إليه. وفي حلول الروح الذي أعطانا حياة التسبيح = رباب وعود. أنا أستيقظ سحراً (مبكراً) سبعينية. فالمسيح قام فجر الأحد. وكل من حل عليه روح الله وإمتلأ به يستيقظ مبكراً ولا يتغافل ويقوم ليرنم.

نسمع فى (زك5: 2) قول الله "أكون مجدا فى وسطها" فكلمة مجد تشير لله. فقول المزمور هنا إستيقظ يا مجدى هو إشارة لقيامة المسيح إبن الله. وقيامة المسيح كانت لحسابنا، فبقيامته قمنا من موت الخطية وقمنا لحياة أبدية فى المجد = إستيقظ يا مجدى، لذلك جاءت ترجمة السبعينية هكذا "إستيقظى يا نفسى" أى قومى من موت الخطية فالمسيح قد قام. وكأن المرنم يشتهى قيامة المسيح ويصلى لذلك = إستيقظ يا مجدى فتقوم نفسه أيضا بقيامة المسيح. وبقيامة المسيح وإتحاده بنا فى المعمودية يكون هذا مجدا لنا لكنه غير معلن الآن، وسيعلن فى اليوم الأخير (رو6: 1 - 14 + رو8: 18).

وعلامة القيامة من الخطية هى التسبيح، ولاحظ تسبيح زكريا وأليصابات بعد أن إمتلئا من الروح (لو1). فبعد القيامة يمتلئ الإنسان من الروح القدس وعلامة الإمتلاء هى التسبيح. وهذا ما عمله داود فى بقية المزمور فى الآيات التالية.

الأعداد 9-11

الآيات (9 - 11): -

"9أَحْمَدُكَ بَيْنَ الشُّعُوبِ يَا رَبُّ. أُرَنِّمُ لَكَ بَيْنَ الأُمَمِ. 10لأَنَّ رَحْمَتَكَ قَدْ عَظُمَتْ إِلَى السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى الْغَمَامِ حَقُّكَ. 11ارْتَفِعِ اللَّهُمَّ عَلَى السَّمَاوَاتِ. لِيَرْتَفِعْ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ مَجْدُكَ.".

أُرَنِّمُ لَكَ بَيْنَ الأُمَمِ = هذه بروح النبوة، فمزامير داود ترتل بها كل الأمم الآن. رَحْمَتَكَ عَظُمَتْ إِلَى السَّمَاوَاتِ = رحمة الله رفعت الإنسان الترابي إلى السماء فسبحت الملائكة السمائيين الله على عمله العجيب. وَإِلَى الْغَمَامِ حَقُّكَ = طلب داود هنا ان يرتفع الله ويتعالي أعلي من السموات والسحاب، أي عاليا جدا ويري مجده كل الشعوب. والغمام أو السحاب يشير للقديسين (إش1: 19 إشارة للعذراء + عب1: 12) فكل من عاش حياة مقدسة يشبه بالسحاب لأنه أرتفع عن الأرضيات. ومراحم الله تشبه بالمطر المتساقط على البشر يعطيهم الخير. لِيَرْتَفِعْ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ مَجْدُكَ = إيمان كل الأرض.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلْمَزْمُورُ الثَامِنُ وَالْخَمْسُون - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

اَلْمَزْمُورُ السَادِسُ وَالْخَمْسُونَ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 57
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 57