المزمور الخامس والأربعون – سفر المزامير – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور الخامس والأربعون (الرابع والأربعون في الأجبية)

هو مزمور تسبحة العرس للمسيح الملك المحارب، والعُرس بين المسيح العريس وكنيسته.

المزامير السابقة كلمتنا عن الألم سواء للفرد أو للجماعة أو للمسيح، وهنا نرى أفراح العرس فالألم هو طريق العرس والمجد الأبدي. هنا نرى الشعب وقد إتحد بالمسيح الملك يدخل إلى مجد داخلي كعروس سماوية مزينة، يشتهي الملك جمالها الروحي، تدخل إلى قصره وتنعم به كملكة في بيت عريسها الملك، بل ونبوة عن دخول الأمم نسمع عن عذارى يأتين في إثرها.

والعريس لم يقتنيها مجاناً بل حارب جبابرة ليقتنيها. وبعد أن إقتناها يسمعها صوته "إنس شعبك وبيت أبيك" (العالم الذي وُلدتِ فيه) فيشتهي الملك حسنك.

المزمور أنشودة حب بين الكنيسة والمسيح، فالكنيسة تقول له "أنت أبرع جمالاً من بني البشر".

نرى هنا المسيح يُمسح بالروح القدس لحساب كنيسته وشعبه (هو بكر بين إخوة كثيرين) "مسحك الله بزيت البهجة أفضل من رفقائك" لذلك نصلي هذا المزمور في صلاة الساعة الثالثة فنذكر أن ألام المسيح إنتهت بقيامته وحلول الروح القدس في هذه الساعة على الكنيسة. والروح القدس هو الذي يقدس النفس لتصير على صورة عريسها يأخذ مما له ويعطيها.

تستعمل الكنيسة صلوات وآيات من هذا المزمور في طقس الزواج بكون سر الزواج هو ظلاً للعرس الأبدي بين الله الكلمة والكنيسة، والعروسان يستمدان حبهما ووحدتهما من حب المسيح لكنيسته وحب الكنيسة لعريسها المسيح. ولذلك نجد عنوان المزمور ترنيمة محبة. ولذلك شبه السيد المسيح علاقته بالكنيسة بعرس (مت2: 22 + 1: 25).

يقول بعض الكتاب والمفسرين أن هذا المزمور يشير لعرس سليمان وهذا خطأ كبير لأن هذا المزمور يتكلم عن رجل قتال وسليمان لم يكن رجل قتال أبداً. وربما كتبه داود النبي كنبوة عن المسيح ولذلك أخذ منه بولس الرسول (عب8: 1، 9).

وفي أعياد القديسة العذراء مريم نرنم بآيات هذا المزمور التي تتكلم عن العروس، فالعذراء هي أم الكنيسة وشفيعتها وطهارة العذراء جعلت المسيح يشتهي حسنها، وهي مشتملة بثوب ذهب رمز طهارتها وحياتها السمائية فالذهب يرمز للسماويات، وكل مجدها من داخل فهي يتيمة بسيطة فقيرة لكن قلبها كان سماء.

العدد 1

آية (1): -

"1فَاضَ قَلْبِي بِكَلاَمٍ صَالِحٍ. مُتَكَلِّمٌ أَنَا بِإِنْشَائِي لِلْمَلِكِ. لِسَانِي قَلَمُ كَاتِبٍ مَاهِرٍ.".

المرتل وقد رأى خلاص المسيح وحبه كعريس لعروسه، فاض قلبه بالحب له، بل فاض لسانه بكلمات حب، أعطاها له الروح القدس. وكان لسان داود وهو ينطق بما يقول فى هذا المزمور وغيره، هو مجرد قلم يكتب ما يمليه عليه كاتب ماهر هو الروح القدس = لِسَانِي قَلَمُ كَاتِبٍ مَاهِر. وهو وجد أن مشاعره كفيض، ويريد أن يعبر به عن محبته، وحينما لم يسعفه لسانه، أعطاه الروح القدس أن يفيض (يو37: 7، 38). فاض عليه الروح القدس الكاتب الماهر بما قاله وكتبه فكان الروح القدس كمن يمسك لسانه ليكتب به. فوجد نفسه لا يحتاج للتفكير ولا يتوقف فالروح يملي عليه ما يقوله. وفي السبعينية = إني أخبر الملك بأفعالي = فالحب لم يجعل لسانه فقط يتكلم بل كل أفعاله صارت تنطق بهذا الحب، لقد صارت أعضاؤه آلات بر (رو6). وعموماً فهذه طريقة كتابة المزامير وهناك من قال عن المزامير.. "هل كان الروح القدس يعزف على قيثارة داود أم كان داود يعزف على قيثارة الروح القدس". ويرى بعض الأباء أن عبارة فَاضَ قَلْبِي بِكَلاَمٍ صَالِحٍ = هي تعبير عن ولادة المسيح (كلمة الله) من الآب. فهو الكلمة الذي يفيض من قلب الآب.

لسانى قلم كاتب ماهر = داود كتب كلاما عجيبا لم يحدث له وكمثال لهذا ما قاله فى مزمور 22 "ثقبوا يدىَّ ورجلىَّ" فهل هذا حدث مع داود؟ هذا لم يحدث. لكن داود إذ وجد نفسه يقول هذا نجده هنا يفسر لماذا قال ذلك، وأنه وجد من يضع هذه الكلمات على لسانه، فقال أنه الروح القدس الكاتب الماهر، وفى هذا يقول بطرس الرسول "أن رجال الله القديسون تكلموا مسوقين بالروح القدس" (2بط1: 21).

العدد 2

آية (2): -

"2أَنْتَ أَبْرَعُ جَمَالاً مِنْ بَنِي الْبَشَرِ. انْسَكَبَتِ النِّعْمَةُ عَلَى شَفَتَيْكَ، لِذلِكَ بَارَكَكَ اللهُ إِلَى الأَبَدِ.".

هذا المولود من الآب أزلياً صار بشراً ولكنه أَبْرَعُ جَمَالاً مِنْ بَنِي الْبَشَرِ. ليس المقصود هو جمال الجسد بل لأنه كان بلا خطية لذلك أضاف انْسَكَبَتِ النِّعْمَةُ عَلَى شَفَتَيْكَ لم يقل أنه أبرع جمالاً من الملائكة فهو أخذ طبيعتنا وليس طبيعة الملائكة. ولنلاحظ أن الخطية في القلب تترك بصماتها على شكل الوجه، فالغضوب والحاسد والشهواني والخبيث.. هؤلاء يظهر على وجوههم ما في قلوبهم، فتصير وجوههم بلا جمال. لِذلِكَ بَارَكَكَ اللهُ إِلَى الدهر = المسيح بحسب الناسوت كان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة (لو52: 2) فهو كان يمارس هذا بكونه إنساناً حقيقياً وكان هذا يظهر فيه تدريجياً. ويقال أن الله باركه بمعنى أنه يصير بركة للكنيسة أى أن ما تناله الكنيسة من بركات إلهية يكون هذا خلال الرأس وباسمه فهو أعطانا حتى جسده مأكلا حقيقيا نحيا به. والنعمة التي انسكبت على شفتيه هي تعاليمه، وكلمات الغفران للخطاة، والحب والشفقة لمن يحتاج. والبركة التي سمعها يوم العماد "هذا هو ابني الحبيب.." كانت لحساب كنيسته.

العدد 3

آية (3): -

"3تَقَلَّدْ سَيْفَكَ عَلَى فَخْذِكَ أَيُّهَا الْجَبَّارُ، جَلاَلَكَ وَبَهَاءَكَ.".

الفَخْذ إشارة إلى جسد الرب يسوع (تك2: 24 + 10: 49). والسَيْفَ هو صليبه الذي حمله ليحارب به أعداء عروسته (الشياطين).. تَقَلَّدْ سَيْفَكَ عَلَى فَخْذِكَ فالسيف يعلق على الفخذ فعلاً ويشهره المحارب للقتال. والمسيح حمل صليبه على ظهره وكان هذا كسيف للقتال، بل سُمِّرَ عليه وكأنه متمسك به وهذه تساوي "أوثقوا الذبيحة بربط إلى قرون المذبح" (مز27: 118). والحقيقة أن الذى أوثق المسيح بصليبه كانت محبته لنا. وبنفس هذا المعنى وجدنا الكبش الذي قدمه إبراهيم عوضاً عن إسحق إبنه "ممسكاً في الغابة بقرنيه" (تك13: 22). والقرون إشارة للقوة، فالمسيح كان مرتبطاً بالصليب بقوة ليهزم إبليس ويحررنا. وكلٌ منا حين يحمل صليبه تابعاً المسيح دون تذمر فهو يحارب إبليس بنفس طريقة المسيح فيصير تلميذاً للمسيح.

جَلاَلَكَ وَبَهَاءَكَ = ومعركة الصليب أثبتت أنه جبار فقد سحق الشيطان وكسر شوكة الموت وفتح الجحيم (1كو18: 1)، بل الكرازة بالصليب صارت كسيف (مت34: 10). وكلمة الله صارت سيف ذو حدين (عب12: 4 + أف17: 6) فهي سيف يقطع حركات الشهوة وأهواء النفس التي يثيرها فينا عدو الخير حتى الآن. والمسيح في معركته كان يبدو أمام الناس كضعيف ولكنه كان جباراً وفي جلال، فلقد إظلمت الشمس والقبور تفتحت فآمن الجندي الوثني من جلال المصلوب.

العدد 4

آية (4): -

"4 وَبِجَلاَلِكَ اقْتَحِمِ. ارْكَبْ. مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ وَالدَّعَةِ وَالْبِرِّ، فَتُرِيَكَ يَمِينُكَ مَخَاوِفَ.".

بعد معركته أقام الرب مملكته المؤسسة على الْحَقِّ وَالدَّعَةِ والعدل = الْبِرِّ. وهذا عكس مملكة إبليس القائمة على الباطل وشهوة هذا العالم الزائفة. وحينما نقبله فينا بكونه الحق لا يجد الباطل مكاناً فينا. وحينما نقتنيه وهو الوديع يهرب منا الكبرياء. وحين نتقلد هذه الأسلحة، الحق والدعة والعدل نصير أقوياء كما تقلدها فصنع أعمالاً عجيبة بيَمِينُه = قوته. أعمالاً عجيبة أخافت الشياطين، وسقطت ممالك. اقْتَحِمِ = مملكة الموت مملكة إبليس، ليؤسس الرب مملكته.

العدد 5

آية (5): -

"5نَبْلُكَ الْمَسْنُونَةُ فِي قَلْبِ أَعْدَاءِ الْمَلِكِ. شُعُوبٌ تَحْتَكَ يَسْقُطُونَ.".

نبل السيد المسيح هي كلمات الكرازة بواسطة الرسل، وهم كل من آمن بالمسيح وأحبه فصار كسهم موجه للشيطان. والشعوب هي الشياطين التي انهزمت أو الأمم التي آمنت بالسيد المسيح كالدولة الرومانية التي تحولت للمسيحية، بعد أن كانت مستعبدة لابليس.

العدد 6

آية (6): -

"6كُرْسِيُّكَ يَا اَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. قَضِيبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ.".

ترتل كنيستنا القبطية هذه الآية في الساعة الثانية عشرة من يوم الجمعة العظيمة في لحن طويل "بيك إثرونوس" لتقول للمسيح ولو أنك صلبت ومت ودفنت، إلا أنك على عرشك إلى دهر الدهور. وواضح أن هذه الكلمات لا توجه إلى ملك أرضي سواء داود أو سليمان فلم يكن أى ملك أرضى إلى دهر الدهور أى أبدى، بل هي للمسيح ملكنا السماوي، فهو قبل أن يتأنس كان ملكاً ورباً منذ الأزل. وبصليبه صار ملكاً ورباً على كل من آمن به وأحبه وملكه على قلبه. وبعد صعوده جلس عن يمين الآب إلى دهر الدهور. وسيأتى اليوم الذى يدين فيه كل العالم ويخضع الكل له. قَضِيبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ = القضيب هو صولجان الملك، وهو يملك بالعدل، تارة يترفق وتارة يؤدب، هو محب للبر ومبغض للإثم، فلا شركة للنور مع الظلمة. قَضِيبُ مُلْكِكَ = هو صولجان الملك الذي هو الصليب وهو طريق البر والإستقامة.

العدد 7

آية (7): -

"7أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ مَسَحَكَ اللهُ إِلهُكَ بِدُهْنِ الابْتِهَاجِ أَكْثَرَ مِنْ رُفَقَائِكَ.".

دُهْنِ الابْتِهَاجِ = إشارة لحلول الروح القدس على المسيح لحساب الكنيسة. ويسمى دهن الابتهاج فهو قَبِلَ أن يمسح بإبتهاج، يمسح ليكون الملك والكاهن والذبيحة (عب2: 12) فهو مع ألامه التى لا ندركها كان فرحا بخلاصنا نحن البشر. ونحن رفقائه وبسبب أنه هو مُسِحَ صرنا مسيحيين لأننا به نُمسح لله بالروح القدس، فنتقدس أى نتكرس ونتخصص وتُفرز قلوبنا لحساب ملكوته، ويسكن فينا الروح القدس الذى حل على المسيح يوم المعمودية وكان هذا لحسابنا ليسكن فى الكنيسة وفينا بالميرون (راجع أع37: 10، 38) ومن ثماره الفرح فنبتهج حين يسكن في أعماقنا. وتنزع عنا روح الغم، ولكن هذا لمن يحب البر ويبغض الإثم.

أَكْثَرَ = فالمسيح حلَّ عليه الروح القدس كاملاً بأقنومه (حمامة كاملة). أما على التلاميذ حل الروح القدس على شكل ألسنة نار منقسمة على كل واحد منهم فنحن البشر لسنا آلهة حتى يسكن فينا الروح بكامله كالمسيح. حقاً نحن مسكن للروح القدس ولكن نحن نأخذ منه ما نحتاج إليه فقط. وحينما حل الروح القدس على شكل حمامة فلأن الحمام يرجع دائماً إلى بيته (مثل حمامة نوح والحمام الزاجل). والروح حل على جسد المسيح الذي هو كنيسته ليقود الكنيسة دائماً إلى المسيح، فعمله هو أن يثبتنا في المسيح.

العدد 8

آية (8): -

"8كُلُّ ثِيَابِكَ مُرٌّ وَعُودٌ وَسَلِيخَةٌ. مِنْ قُصُورِ الْعَاجِ سَرَّتْكَ الأَوْتَارُ.".

المُرٌّ = مر الطعم جداً (إشارة لألام الصليب) ولكن رائحته زكية (إشارة للطاعة) وكانوا يكفنون الموتي بالمر والصبر وهكذا عَمِلَ يوسف الرامي مع جسد المسيح. عود = هو عطر شرقى رائحته طيبة. وفى السبعينية "المر والميعة والسليخة من ثيابك".

ثيابك = الثياب تحيط بالجسد وتلتصق به وهكذا الكنيسة هى ملتصقة بالمسيح عريسها.

الميعة وَالسَلِيخَةٌ = أنواع من الأطياب تشير لألام المسيح فهي مرة (الميعة) أوهي تسلخ من شجرتها فتموت الشجرة (السليخة)، والمر والميعة يسيلان من بعض الاشجار. ولقد فاحت رائحة ألام المسيح وطاعته فهو أطاع حتى الموت موت الصليب، وفاحت الرائحة في جميع القصور = والقصور هي بيوت الله وهياكله، وهى أيضا قلوب قديسيه التي هي هياكل للروح القدس. وثوب المسيح هو كنيسته وحين يسكنها الروح القدس تصير لها رائحة حلوة، رائحة قبولها الألم مع مسيحها. وذكر عدة أنواع من العطور فلكل منا فضيلة معينة تختلف عن الآخر. وكنيسته = هي قُصُورِ الْعَاجِ والعاج لونه أبيض فالكنيسة تبررت بموت عريسها. ونلاحظ أن العاج يأخذونه من الأفيال بعد موتها، فالكنيسة قبلت الموت مع عريسها لذلك فاحت رائحتها العطرة لقبولها الصليب، وهكذا كل نفس تقبل الصليب. سَرَّتْكَ الأَوْتَارُ = تسبحتها تفرحك.

الأعداد 9-17

الآيات (9 - 17): -

"9بَنَاتُ مُلُوكٍ بَيْنَ حَظِيَّاتِكَ. جُعِلَتِ الْمَلِكَةُ عَنْ يَمِينِكَ بِذَهَبِ أُوفِيرٍ. 10اِسْمَعِي يَا بِنْتُ وَانْظُرِي، وَأَمِيلِي أُذُنَكِ، وَانْسَيْ شَعْبَكِ وَبَيْتَ أَبِيكِ، 11فَيَشْتَهِيَ الْمَلِكُ حُسْنَكِ، لأَنَّهُ هُوَ سَيِّدُكِ فَاسْجُدِي لَهُ. 12 وَبِنْتُ صُورٍ أَغْنَى الشُّعُوبِ تَتَرَضَّى وَجْهَكِ بِهَدِيَّةٍ.

13كُلُّهَا مَجْدٌ ابْنَةُ الْمَلِكِ فِي خِدْرِهَا. مَنْسُوجَةٌ بِذَهَبٍ مَلاَبِسُهَا. 14بِمَلاَبِسَ مُطَرَّزَةٍ تُحْضَرُ إِلَى الْمَلِكِ. في إِثْرِهَا عَذَارَى صَاحِبَاتُهَا. مُقَدَّمَاتٌ إِلَيْكَ. 15يُحْضَرْنَ بِفَرَحٍ وَابْتِهَاجٍ. يَدْخُلْنَ إِلَى قَصْرِ الْمَلِكِ. 16عِوَضًا عَنْ آبَائِكَ يَكُونُ بَنُوكَ، تُقِيمُهُمْ رُؤَسَاءَ فِي كُلِّ الأَرْضِ. 17أَذْكُرُ اسْمَكَ فِي كُلِّ دَوْرٍ فَدَوْرٍ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ تَحْمَدُكَ الشُّعُوبُ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ. ".

يحدثنا المرتل هنا عن العروس. هي ملكة. عَنْ يَمِينِكَ. فهي عروس الملك. واليمين هو مكان الكرامة المعد للخراف لا للجداء. وهي في مكان الشفاعة فالكنيسة تصلي عن شعبها. وهي لها ثوب من ذَهَبِ أُوفِير = والذهب رمز للسماويات سمة العروس. بنات ملوك في تكريمك = بَيْنَ حَظِيَّاتِكَ (نسائك المكرمين) = هم المؤمنين الذين صاروا أبناء الملك والملكة يكرمونه يومياً بتسابيحهم وأعمالهم. "مزينة بأنواع كثيرة" (بحسب السبعينية) والمقصود حياتها المقدسة وفضائلها وقديسيها وشهدائها وألامها وأسرارها. وبعد أن تمتعت العروس بهذا الشرف عليها أن تنسى ماضيها (وثنيتها وخطاياها) ولاحظ أنها عروس وملكة وإبنة = اِسْمَعِي يَا أبِنْتُي = الله يشتاق لها لتلتصق به وتترك أهلها (العالم) وعاداتها السابقة كما ترك إبراهيم أور، وتنسي خطاياها، وكل ما كانت متعلقة به سابقاً كما ترك الرسل شباكهم وتركت السامرية جرتها. وعليها كعروس أن تقدم العبادة لله = فَاسْجُدِي لَهُ. ونرى هنا أن الأمم الوثنيين = صُورٍ هي نموذج للوثنيين وكانت أغنى أمم العالم وأكثرها خطية. سيقدمون هدية للعريس، وما هي الهدية المقبولة عنده سوى إيمانهم به. ولاحظ نصيحة المرتل أو العريس لعروسه الجديدة = أَمِيلِي أُذُنَكِ = أي تنفذي الوصايا. وتسمعي كل كلامه وتؤمني بقدرته. (مت21: 15 - 28) لقد خرجت المرأة الكنعانية إلى المسيح وقدمت له هدية هي إيمانها ولاحظ أنها من نواحي صور وصيدا. والعروس كل مجدها من داخل = خدرها هذا يذكرنا بخيمة الاجتماع من داخل ذهب وشقق موشاة ومن خارج كباش محمرة وتخس. والكنيسة مجدها في مسيحها داخلها ومن خارج يوجد ألام واضطهاد. وكل نفس مسيحي مجده من داخل، في قلبه الذي تقدس وفرح بعريسه. فعلاقة العروس بعريسها هي في صلاة سرية في المخدع = خدرها (نش12: 4). المؤمن الحقيقي لا يهتم بالخارج ولكنه يهتم بالداخل، فالعروس لا تكشف جمالها إلا لعريسها الذي أحبته، أما كشف فضائلنا لمن هم في الخارج فيوقعنا في الكبرياء. فتقول عروس النشيد "أدخلنى الملك إلى حجاله نبتهج ونفرح بك" (نش1: 4). وحجاله فى هذه الآية هى أيضا إشارة لعلاقة النفس بعريسها السماوى فى المخدع، وهذه العلاقة كلها فرح، تفرح هى ومن إجتذبتهم = "نبتهج ونفرح بك".

مَنْسُوجَةٌ بِذَهَبٍ مَلاَبِسُهَا = مشتملة بأطراف موشاة بالذهب (سبعينية) الأطراف كانت رمانات وأجراس تعلق بأهداب رئيس الكهنة إشارة لتعليم العروس السماوي وكرازتها. والذهب يرمز للسماويات، فهى صارت لها الشكل السمائى.

بِمَلاَبِسَ مُطَرَّزَةٍ تُحْضَرُ إِلَى الْمَلِكِ. في إِثْرِهَا عَذَارَى صَاحِبَاتُهَا. مُقَدَّمَاتٌ إِلَيْكَ = تجذب النفس المؤمنة غيرها للمسيح. وهذا إشتياق كل نفس عرفت المسيح وأحبته أن يعرف المسيح كل إنسان لذلك قالت عروس النشيد "إجذبنى وراءك فنجرى" (نش1: 4). والكل في فرح بسبب وجودهم في قصر العريس السماوي. وهي كنيسة ولود، فعوض الآباء يكون دائماً هناك أبناء. ولقد قدمت كنيستنا رؤساء كثيرين ولدتهم في معمودية (أثناسيوس / كيرلس / أوريجانوس..) وأنطونيوس مؤسس الرهبنة.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

المزمور السادس والأربعون - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

المزمور الرابع والأربعون - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 45
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 45