المزمور الثامن والثلاثون – سفر المزامير – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور الثامن والثلاثون

هذا المزمور هو أحد مزامير التوبة لداود، مملوء أحزاناً وشكوى، فالخطية تأتي معها بثمارها من الألام والأحزان، بل يبدو أيضاً أن بعض الأمراض قد أصابته. والله يسمح بهذه الألام للخاطئ ليتواضع وينسحق أمامه. ومن الألام التي أوجعته جداً هجر أصحابه له وإضطهاد أعداؤه له. لقد تلذذ بالخطية لحظات وجنى ثمارها المرة سنوات. كل هذه الألام مع إحساسه بالندم على خطيته كان ممكناً أن يدفعه لليأس، ولكننا نراه يلجأ إلى الله بالصلاة لينال عوناً.

عنوان المزمور للتذكير = ليذكر خطيته وتكون أمامه كل حين، ويذكر تأديب الرب فلا يعود لها. وفي السبعينية تذكر لأجل السبت = والسبت هو الراحة. وفي اعترافنا وتوبتنا نجد راحة.

العدد 1

آية (1): -

"1يَا رَبُّ، لاَ تُوَبِّخْنِي بِسَخَطِكَ، وَلاَ تُؤَدِّبْنِي بِغَيْظِكَ،".

هي نفسها (مز1: 6). هو لا يرفض التوبيخ، لكنه يرفض غضب الله عليه.

العدد 2

آية (2): -

"2لأَنَّ سِهَامَكَ قَدِ انْتَشَبَتْ فِيَّ، وَنَزَلَتْ عَلَيَّ يَدُكَ.".

سهام الله هي تأديباته. وقبل أن تجرحنا سهام تأديباته، تجرح ضميرنا سهام كلماته فإن لم نتحرك ونتوب من توبيخ الضمير تأتي علينا السهام الخارجية.

الأعداد 3-8

الآيات (3 - 8): -

"3لَيْسَتْ فِي جَسَدِي صِحَّةٌ مِنْ جِهَةِ غَضَبِكَ. لَيْسَتْ فِي عِظَامِي سَلاَمَةٌ مِنْ جِهَةِ خَطِيَّتِي. 4لأَنَّ آثامِي قَدْ طَمَتْ فَوْقَ رَأْسِي. كَحِمْل ثَقِيل أَثْقَلَ مِمَّا أَحْتَمِلُ. 5قَدْ أَنْتَنَتْ، قَاحَتْ حُبُرُ ضَرْبِي مِنْ جِهَةِ حَمَاقَتِي. 6لَوِيتُ. انْحَنَيْتُ إِلَى الْغَايَةِ. الْيَوْمَ كُلَّهُ ذَهَبْتُ حَزِينًا. 7لأَنَّ خَاصِرَتَيَّ قَدِ امْتَلأَتَا احْتِرَاقًا، وَلَيْسَتْ فِي جَسَدِي صِحَّةٌ. 8خَدِرْتُ وَانْسَحَقْتُ إِلَى الْغَايَةِ. كُنْتُ أَئِنُّ مِنْ زَفِيرِ قَلْبِي.".

داود الذي لم ينحني أمام جليات ولا الأسد والدب، داود الجبار نجده بسبب الخطية متألماً، مريضاً منحنياً تحت ثقل الخطية. أَنْتَنَتْ، قَاحَتْ جراحاتي = هذه للتعبير عن نتانة الخطية ورائحتها النتنة. والمرنم يعتبر الخاطئ جاهلاً أحمق = مِنْ جِهَةِ حَمَاقَتِي والعكس نسمع رأس الحكمة مخافة الرب (أم7: 1). والعجيب أن المسيح ليشفينا قَبِل أن يحمل هو ثقل خطايانا وينحني تحت الصليب ليرفع رأسي المنحني. وعلى كل منا أن ينسحق أمام الله، خافضاً رأسه معترفاً بخطاياه ليحملها هو عنه = انْسَحَقْتُ إِلَى الْغَايَةِ.

الأعداد 9-15

الآيات (9 - 15): -

"9يَا رَبُّ، أَمَامَكَ كُلُّ تَأَوُّهِي، وَتَنَهُّدِي لَيْسَ بِمَسْتُورٍ عَنْكَ. 10قَلْبِي خَافِقٌ. قُوَّتِي فَارَقَتْنِي، وَنُورُ عَيْنِي أَيْضًا لَيْسَ مَعِي. 11أَحِبَّائِي وَأَصْحَابِي يَقِفُونَ تُجَاهَ ضَرْبَتِي، وَأَقَارِبِي وَقَفُوا بَعِيدًا. 12 وَطَالِبُو نَفْسِي نَصَبُوا شَرَكًا، وَالْمُلْتَمِسُونَ لِيَ الشَّرَّ تَكَلَّمُوا بِالْمَفَاسِدِ، وَالْيَوْمَ كُلَّهُ يَلْهَجُونَ بِالْغِشِّ.

13 وَأَمَّا أَنَا فَكَأَصَمَّ لاَ أَسْمَعُ. وَكَأَبْكَمَ لاَ يَفْتَحُ فَاهُ. 14 وَأَكُونُ مِثْلَ إِنْسَانٍ لاَ يَسْمَعُ، وَلَيْسَ فِي فَمِهِ حُجَّةٌ. 15لأَنِّي لَكَ يَا رَبُّ صَبَرْتُ، أَنْتَ تَسْتَجِيبُ يَا رَبُّ إِلهِي. ".

نرى هنا الرجوع إلى الله. والمرنم يلجأ لله الذي يسمع تنهدات قلبه وأنينه وهو القادر أن يشفيه ويرفع عنه ألامه الداخلية والخارجية. وهو يصف حالته بصدق أمام الله قَلْبِي خَافِقٌ = أي مضطرب. وفَارَقَتْه قُوَّتِه، فهو في حالة خوف، وفقد إستنارته وأصدقاؤه رأوا ألامه ووقفوا بعيداً كمن لا يهمهم أمره. ولم يساندوه في ضيقته ويواسوه، ولم يقفوا معه ضد أعدائه الخارجيين الذين يهينونه (ألم يتحمل المسيح عنا كل ذلك) أَمَّا أَنَا فَكَأَصَمَّ لاَ أَسْمَعُ وَكَأَبْكَمَ.. = داود قرَّر أن لا يجيب على شاتميه الذين يهينونه تاركاً الأمر كله لله، فطالما أن التأديب من الله، فهو يترك له تدبير كل شئ ورد حقه منهم. ولكن هذه الآية تنطق بما فعله المسيح، إذا وقف صامتاً أمام كل من حاكموه ولم يدافع عن نفسه.

الأعداد 16-22

الآيات (16 - 22): -

"16لأَنِّي قُلْتُ: «لِئَلاَّ يَشْمَتُوا بِي». عِنْدَمَا زَلَّتْ قَدَمِي تَعَظَّمُوا عَلَيَّ. 17لأَنِّي مُوشِكٌ أَنْ أَظْلَعَ، وَوَجَعِي مُقَابِلِي دَائِمًا. 18لأَنَّنِي أُخْبِرُ بِإِثْمِي، وَأَغْتَمُّ مِنْ خَطِيَّتِي. 19 وَأَمَّا أَعْدَائِي فَأَحْيَاءٌ. عَظُمُوا. وَالَّذِينَ يُبْغِضُونَنِي ظُلْمًا كَثُرُوا. 20 وَالْمُجَازُونَ عَنِ الْخَيْرِ بِشَرّ، يُقَاوِمُونَنِي لأَجْلِ اتِّبَاعِي الصَّلاَحَ. 21لاَ تَتْرُكْنِي يَا رَبُّ. يَا إِلهِي، لاَ تَبْعُدْ عَنِّي. 22أَسْرِعْ إِلَى مَعُونَتِي يَا رَبُّ يَا خَلاَصِي.".

هو سكت أمام أعدائه، لكنه لم يسكت أمام الله، بل كان يصرخ إليه في ثقة أنه سيستجيب. فلا يشمت به أعداءه (16) ويتهللون لسقوطه. لأَنِّي مُوشِكٌ أَنْ أَظْلَعَ = أي أعرج. وترجمت في السبعينية "أما أنا للسياط فمستعد" أي المرنم مستعد للآلام التي يسمح بها الرب حتى إن وصلت لأن يعرج. ولكن جاءت السبعينية لتتنبأ في روعة عن ألام المسيح. وفي (18) نرى ضرورة الإعتراف بالخطية. وفي (19) نرى قوة الأعداء ولذلك لا نلجأ سوى لله الأقوى منهم. وفي (20) نرى صورة لتخلي الجميع عن الرب يسوع وصورة لما يحدث لكل خاطئ، والمسيح صار خطية لأجلنا وتحمل كل هذه الألام كحامل خطية. وهو الذي عظموا عليه اتهاماتهم = عَظَّمُوا. ومن الذي فعل هذا؟ أصدقاؤه وأقاربه بالجسد وهو لم يفتح فاه. وينهي المزمور بصراخه لله لكي لا يبعد عنه، ويعينه. وتفهم عظموا أن الذين ظلموه إنتفخوا وكبروا وهم المخطئين.

ولكن نلاحظ أن الأعداء قاموا عليه وتقووا عليه بعد أن أخطأ، وكان هذا تأديبا له من الله الذى يحبه ليكره الخطية ويستعيد نقاوة قلبه. وهذا ما سمح به الله ضد سليمان إذ أخطأ فأقام عليه عدة أعداء يقاومونه.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

المزمور التاسع والثلاثون - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

المزمور السابع والثلاثون - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 38
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 38