المَزْمُورُ الثَالِثُ وَالسَبْعُونَ – سفر المزامير – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور الثالث والسبعون

في (2أي30: 29) نسمع عن أنهم يسبحون بكلام داود وأساف الرائي. وأساف هو واضع كلمات هذا المزمور والعشرة مزامير التالية.

موضوع المزمور هو المشكلة أو السؤال الذي يواجه كثيرين (إر 12: 1 - 3 + سفر أيوب كله) من أولاد الله "لماذا تنجح وتزدهر حياة الأشرار" والمقصود طبعاً نجاحهم المادي بينما هم متكبرون. وعلى الصعيد الآخر نجد أن أولاد الله يتألمون. والمزمور يضع النقاط التالية كحل:

  1. نجاح الأشرار هو نجاح وقتي. فالشرير المتكبر لابد وسيدركه سخط الله.
  2. قد يكون نجاحهم مستمراً حتى موتهم ولكن هناك دينونة أبدية تنتظرهم.
  3. الإنسان البار سيكتشف أن فرحه الحقيقي ليس في النجاح الزمني، بل في أن له شركة شخصية مع الله. لذلك لا ينبغي أن يغار أحد من نجاح الأشرار.

الأعداد 1-3

الآيات (1 - 3): -

"1إِنَّمَا صَالِحٌ اللهُ لإِسْرَائِيلَ، لأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ. 2أَمَّا أَنَا فَكَادَتْ تَزِلُّ قَدَمَايَ. لَوْلاَ قَلِيلٌ لَزَلِقَتْ خَطَوَاتِي. 3لأَنِّي غِرْتُ مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ، إِذْ رَأَيْتُ سَلاَمَةَ الأَشْرَارِ.".

إِنَّمَا صَالِحٌ اللهُ = هذه العبارة الإيجابية تدل على عدم وجود شك في ذهن المرنم الآن. أَمَّا أَنَا فَكَادَتْ تَزِلُّ قَدَمَايَ = هذه تدل على وقت سابق أوشك فيه أن ينحرف عن طريق الثقة فى الله وأحكامه. وذلك بسبب نجاح المتكبرين وسلامة الأشرار وربما تعني هذه البداية إِنَّمَا صَالِحٌ اللهُ لإِسْرَائِيلَ لأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ = سبب تجربته التي كان سيسقط فيها، فهو يؤمن أن الله صالح، وخيراته لإسرائيل لا يشكك فيها أحد، وكون أن الله يكافئ أنقياء القلب فهذا مؤكد. ولكن المرنم ينظر إلى حاله، فيجد أنه يعاني من مشاكل كثيرة. بينما الأشرار في سلام. وهنا تثور تجربة مشهورة جداً يُحارَب بها معظم أولاد الله وهي أن الله فعلاً صالح لكل الكنيسة فهم أنقياء أتقياء إنما الله لا يحبني أنا بالذات لذلك فهو لا يعطيني النجاح، ومثل هذه المشاعر ما هي سوى أفكار خاطئة يستغلها إبليس دائماً في حربه ضد الإنسان، ليشعر هذا الإنسان بمرارة تجاه الله إذ أن الله يحب كل إسرائيل (الكنيسة) ولا يحبه هو شخصياً. أَمَّا أَنَا فَكَادَتْ تَزِلُّ قَدَمَايَ = الأفكار هاجمته بشدة حتى كاد يسقط ويصدق ما لا يليق عن الله.

الأعداد 4-5

الآيات (4 - 5): -

"4لأَنَّهُ لَيْسَتْ فِي مَوْتِهِمْ شَدَائِدُ، وَجِسْمُهُمْ سَمِينٌ. 5لَيْسُوا فِي تَعَبِ النَّاسِ، وَمَعَ الْبَشَرِ لاَ يُصَابُونَ.".

ما جعل المرنم يغار من الأشرار أنهم غارقون في الخيرات حتى ساعة موتهم.

الأعداد 6-7

الآيات (6 - 7): -

"6لِذلِكَ تَقَلَّدُوا الْكِبْرِيَاءَ. لَبِسُوا كَثَوْبٍ ظُلْمَهُمْ. 7جَحَظَتْ عُيُونُهُمْ مِنَ الشَّحْمِ. جَاوَزُوا تَصَوُّرَاتِ الْقَلْبِ.".

طول أناة الله عليهم كانت لكي يتوبوا، ولكنهم إستهتروا وتكبروا وظلموا الناس.

الأعداد 8-9

الآيات (8 - 9): -

"8يَسْتَهْزِئُونَ وَيَتَكَلَّمُونَ بِالشَّرِّ ظُلْمًا. مِنَ الْعَلاَءِ يَتَكَلَّمُونَ. 9جَعَلُوا أَفْوَاهَهُمْ فِي السَّمَاءِ، وَأَلْسِنَتُهُمْ تَتَمَشَّى فِي الأَرْضِ.".

في كبريائهم استهزئوا بكل شئ، وظلموا الأبرياء. مِنَ الْعَلاَءِ يَتَكَلَّمُونَ = كأنهم في تعاليمهم يتكلمون من العلاء، أو هم تصوروا أن لهم سلطان سمائي، بل هم أعلى من الآخرين. جَعَلُوا أَفْوَاهَهُمْ فِي السَّمَاءِ = بل هم تكلموا على الله نفسه. أَلْسِنَتُهُمْ تَتَمَشَّى فِي الأَرْضِ = كلامهم الظالم عن الناس وإشاعاتهم المغرضة وافتراءاتهم إنتشرت فلوثوا سمعة الأبرياء، وكلمات إحتقارهم للناس وإستهزائهم بهم دمر نفسياتهم = يَسْتَهْزِئُونَ.

العدد 10

آية (10): -

"10لِذلِكَ يَرْجعُ شَعْبُهُ إِلَى هُنَا، وَكَمِيَاهٍ مُرْوِيَةٍ يُمْتَصُّونَ مِنْهُمْ.".

هو لاحظ نجاح الأشرار بالرغم من كبريائهم، وقارن هذا مع حالته التعيسة، بل حالة كثير من الأبرار فهم متألمون بالرغم من قداستهم. لِذلِكَ يَرْجعُ شَعْبُهُ إِلَى هُنَا = بسبب هذه المقارنة يرجع الأبرار إلى طريق الشر، يغويهم إبليس أن طريق الأشرار هو طريق النجاح. أو تفهم الآية أنهم يرجعون إلى نفس ما وصلت إليه وهو الخصومة مع أحكام الله والشكوى من أنها غير عادلة وهذا هو التفسير الأدق. والسبب الألام التي تصيبهم وكانت لهم مثل كأس مروية عليهم أن يتجرعوها إلى نهايتها ويُمْتَصُّونَ مِنْهُمْ = 1) منهم عائدة على الأبرار المتألمين الذي عليهم أن يمتصوا مياه الألام حتى آخرها، حتى آخر نقطة، أو أن الألام التى يتسبب فيها الأشرار سوف تمتص الأبرار أو تعصرهم (بحسب الترجمة الإنجليزية old kjv)، أو هكذا يتصور الأبرار أن الله تركهم حتى تعصرهم الألام وتمتصهم حتى آخر قطرة فى حياتهم. أو 2) أن الأبرار الذين إنخدعوا سيمتصون الشرور كَمِيَاهٍ مُرْوِيَةٍ، وفي هذا التفسير تصير يُمْتَصُّونَ عائدة علي المياه ومِنْهُمْ عائدة علي الأبرار الذين إنخدعوا وتصوروا ان الشرور سوف ترويهم. والتفسير الأول أدق.

العدد 11

آية (11): -

"11 وَقَالُوا: «كَيْفَ يَعْلَمُ اللهُ؟ وَهَلْ عِنْدَ الْعَلِيِّ مَعْرِفَةٌ؟ »".

الأشرار قَالُوا كَيْفَ يَعْلَمُ اللهُ = الله لن يعلم بما نفعله. وقد يكون هذا تساؤل الأبرار وهم في ألامهم وَهَلْ عِنْدَ الْعَلِيِّ مَعْرِفَةٌ = هل يعرف الله حقاً الألام التي نعاني منها وهذا هو التفسير الأصوب، فالمرنم يرسم حالة نفس تتصادم مع أحكام الله وهى فى حالة يأس، فتتصور أن الله تركها للأشرار غير ملتفت إلى ألامها.

الأعداد 12-15

الآيات (12 - 15): -

"12هُوَذَا هؤُلاَءِ هُمُ الأَشْرَارُ، وَمُسْتَرِيحِينَ إِلَى الدَّهْرِ يُكْثِرُونَ ثَرْوَةً. 13حَقًّا قَدْ زَكَّيْتُ قَلْبِي بَاطِلاً وَغَسَلْتُ بِالنَّقَاوَةِ يَدَيَّ. 14 وَكُنْتُ مُصَابًا الْيَوْمَ كُلَّهُ، وَتَأَدَّبْتُ كُلَّ صَبَاحٍ. 15لَوْ قُلْتُ أُحَدِّثُ هكَذَا، لَغَدَرْتُ بِجِيلِ بَنِيكَ.".

هو رأى راحة الأشرار فقال حَقًّا قَدْ زَكَّيْتُ قَلْبِي بَاطِلاً = إن كان الأمر هكذا والأشرار في راحة فباطلاً كان تعبي في طاعة وصية الله. وَكُنْتُ مُصَابًا الْيَوْمَ كُلَّهُ = حين فكرت في هذا، كان ضميري يجلدني اليوم كله = وَتَأَدَّبْتُ كُلَّ صَبَاحٍ = الصباح يعني شروق الشمس، فالله لم يكن يتركه لأفكاره السوداء حتى لا يهلك، بل كان يشرق عليه بإجابات عن تساؤلاته، وهذه الإجابات كانت تؤدبه كل صباح، هو كان فى حالة صراع بين أفكار اليأس ومحاولات الله معه ليهدأ ويثق فى حكمة الله. أو أن الآية (14) تفهم هكذا "لقَدْ زَكَّيْتُ قَلْبِي بَاطِلاً وَغَسَلْتُ بِالنَّقَاوَةِ يَدَيَّ ومع هذا لم يتركني الله بل ظل يؤدبني كل صباح وظل الله سامحاً بالألام تقع علىَّ اليوم كله = وَكُنْتُ مُصَابًا الْيَوْمَ كُلَّهُ. وبالرغم من هذه الأفكار السوداوية عن حكمة الله وأنه سمح له بأن يُظلم، لم يفتح فاه أمام أحد بما كان يجول في خاطره حتى لا يشكك أحد = لَوْ قُلْتُ أُحَدِّثُ هكَذَا لَغَدَرْتُ بِجِيلِ بَنِيكَ = وهذه نقطة إيجابية تحسب للمرنم، أنه لا يريد أن يكون سبب عثرة لأحد.

العدد 16

آية (16): -

"16فَلَمَّا قَصَدْتُ مَعْرِفَةَ هذَا، إِذَا هُوَ تَعَبٌ فِي عَيْنَيَّ.".

المرنم حاول أن يفهم أسرار حكمة الله وتدابيره فقال إِذَا هُوَ تَعَبٌ فِي عَيْنَيَّ = أي لم يستطع أن يرى، فهي حكمة عميقة لا يمكن أن ندركها في ضوء المنطق الإنساني الخافت والمحدود المعرفة. وإن لم يكن هناك حقاً عالم آخر يشتد فيه الضوء فنفهم، لكان تفسير كثير من الأحداث حقاً مؤلم. فوجود عالم آخر يذهب إليه أولاد الله للراحة يعطينا عزاء في ألامنا. وفي هذا العالم الآخر سنفهم ما لم نستطع فهمه هنا وسنرى ما صعب علينا رؤيته هنا ونفهم لماذا سمح الله بهذا أو بذاك من الأحداث التي تحيط بنا (إش13: 40، 14 + رو33: 11 - 36).

العدد 17

آية (17): -

"17حَتَّى دَخَلْتُ مَقَادِسَ اللهِ، وَانْتَبَهْتُ إِلَى آخِرَتِهِمْ.".

مَقَادِسَ اللهِ = يمكن فهمها أنها السماء، فهناك سنرى نهاية الأشرار وأنهم لم يستفيدوا من كل ما كنا نتصوَّر أنه سبب سعادة لهم. وقد تكون هيكل الله علي الارض وقد يكون اللقاء مع الله في أي مكان بل الاقرب أن هذا المكان هو قلبي إذا تقدس أى تكرس وتخصص لله = وما عدت أتركه نهبا لأفكار التشكيك التى يضعها إبليس فيه. وفي هذا اللقاء سنلمس محبة الله العجيبة لنا وسنفهم أن ألامنا التي سمح بها الله هي التي أدبتنا كل صباح حتى تكون نهايتنا هنا في السماء. ولاحظ أن المرنم كان فى حالة صراع حتى الآن، بين محاولات الله لإقناعه بمحبته حتى وهو فى ألامه، وبين تشكيك إبليس فى محبة الله له. ولكن قوله أنه دخل إلى مقادس العلى يشير لقرار إتخذه هو أنه قرر أن يسمع الله فقط، فسمعه.

ولنسأل أيوب الآن، هل لو عادت الأيام للوراء، أكنت ترفض هذه الألام التي أتت بك للسماء؟! ومقادس الله لا تعني فقط السماء بل على كل متسائل عن الحكمة الإلهية عليه أن يطلع على الكتاب المقدس، عليه أن يصلي ويدخل إلى العمق وسيكتشف أن ملكوت الله ليس بعيداً عنه، بل هو في داخله والكتاب المقدس سيؤكد له نهاية الأشرار الأليمة والروح القدس في داخله سيؤكد له نفس الشئ فبدلاً من غيرته من الأشرار سيشفق عليهم.

الأعداد 18-20

الآيات (18 - 20): -

"18حَقًّا فِي مَزَالِقَ جَعَلْتَهُمْ. أَسْقَطْتَهُمْ إِلَى الْبَوَارِ. 19كَيْفَ صَارُوا لِلْخَرَابِ بَغْتَةً! اضْمَحَلُّوا، فَنُوا مِنَ الدَّوَاهِي. 20كَحُلْمٍ عِنْدَ التَّيَقُّظِ يَا رَبُّ، عِنْدَ التَّيَقُّظِ تَحْتَقِرُ خَيَالَهُمْ.".

طرقهم الشريرة كانت مَزَالِقَ لهُمْ = لقد إنزلقوا فيها إلى دمارهم (مثال: الشواذ جنسياً كانوا يظنون أنهم يرضون شهواتهم ولكنهم إنزلقوا إلى مرض خطير وهو الإيدز). أَسْقَطْتَهُمْ إِلَى الْبَوَارِ = قد يحدث هذا هنا على الأرض وتكون نهاية الشرير رهيبة (أع21: 12 - 23 + 11: 13) وتكون سريعة بغتة (أع5: 5، 10) فَنُوا مِنَ الدَّوَاهِي = لقد سمح الله لشعب بابل أن ينقض على إسرائيل الخاطئة كالدواهي وسمح لأهل فارس أن ينقضوا على بابل أيام بيلشاصر المستبيح لآنية هيكل الرب، وكانوا كالدواهي أي المصائب. كَحُلْمٍ عِنْدَ التَّيَقُّظِ = حين تنهال المصائب على الشرير تكون خيراته السابقة كأنها حلم إستيقظ منه، لقد مرت أيامه السعيدة سريعاً.

الأعداد 21-22

الآيات (21 - 22): -

"21لأَنَّهُ تَمَرْمَرَ قَلْبِي، وَانْتَخَسْتُ فِي كُلْيَتَيَّ. 22 وَأَنَا بَلِيدٌ وَلاَ أَعْرِفُ. صِرْتُ كَبَهِيمٍ عِنْدَكَ.".

نرى المرنم بعد أن أقنعه الروح القدس ببطلان طريق الشر يعترف بغبائه حين خاصم الله بسبب نجاح الأشرار. بل قال عن نفسه أنه بَلِيدٌ.. وبَهِيمٍ. لأنه لم يستطع أن يفهم أن أحكام الله هي لخير أولاده وتذمر على الله = تَمَرْمَرَ قَلْبِي = تمرد على أحكام الله وتذمر عليها. وما أجمل هذه الصورة أن نفهم أننا لن نفهم أحكام الله الآن كما قال الرب لبطرس ولكننا سنفهم فيما بعد (يو13: 7). ولكن علينا الآن أن نترك له قيادة أمور حياتنا كما تترك البهيمة نفسها لقيادة قائد العربة وهي واثقة في حسن قيادته. أما في تمردنا علي الله نكون كبهيمة تعاند صاحبها الذي يريد ان يأخذها الي مرعي خصيب.

وبنفس المنطق فالله بهذه الألام التى يسمح بها إنما هدفه أن نكمل ويكون لنا النصيب السمائى الذى أعده لنا، ومن يتذمر على أحكام الله يكون كالبهيمة التى يقودها صاحبها إلى مرعى جيد (هو النصيب السمائى) وهى تعاند وتقاوم وتتمرد بغير فهم.

الأعداد 23-24

الآيات (23 - 24): -

"23 وَلكِنِّي دَائِمًا مَعَكَ. أَمْسَكْتَ بِيَدِي الْيُمْنَى. 24بِرَأْيِكَ تَهْدِينِي، وَبَعْدُ إِلَى مَجْدٍ تَأْخُذُنِي.".

ما أنار له الطريق أنه لم ينفصل عن الله = وَلكِنِّي دَائِمًا مَعَكَ = هو كان له تساؤلات وصلت لحالة التمرد والتذمر ولكنه لم يشتكي لإنسان، بل اشتكى لله في صلواته، لذلك إستجاب الله صلواته = أَمْسَكْتَ بِيَدِي الْيُمْنَى.. بِرَأْيِكَ تَهْدِينِي اليمنى إشارة للشئ المحبب أو للقوة والمعنى هنا يشير لإقناع الله له، أي هداه الله إلى الرأي والإجابة التي ملأت قلبه سلاماً وثقة في أحكام الله وعدله. وَبَعْدُ إِلَى مَجْدٍ تَأْخُذُنِي = هذه تشير للحياة في السماء بعد الموت في مجد. وتشير إلى أن المرنم بعد أن رأي عمل الله وإقتنع، شعر بالحضور الإلهي والتصالح مع الله. فنحن حينما نصطدم بالله ونتخاصم معه نفقد الشعور بوجوده وسطنا. ولكننا الآن نراه بالإيمان وسطنا ووسط كنيسته مجداً لها. وبعد ذلك في السماء سنكون في مجده عياناً.

العدد 25

آية (25): -

"25مَنْ لِي فِي السَّمَاءِ؟ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئًا فِي الأَرْضِ.".

مَنْ لِي فِي السَّمَاءِ إلا أنت (حسب الإنجليزية) وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئًا فِي الأَرْضِ حين شعر المرنم بأن الحضور الإلهي عاد له فعاد له مجده وفرحه نطق بهذه الآية الرائعة بأنه لا يريد شيئاً لا في السماء ولا في الأرض سوى الله، الله وحده هو الذي يشبعه. وهذه حقيقة فلأننا مخلوقين على صورة الله فلن يشبعنا سواه.

العدد 26

آية (26): -

"26قَدْ فَنِيَ لَحْمِي وَقَلْبِي. صَخْرَةُ قَلْبِي وَنَصِيبِي اللهُ إِلَى الدَّهْرِ.".

هنا يتكلم المرنم كمن لا يهتم حتى بنفسه، هو سبق وقال لا أريد شيئاً ما مما في السماء أو ما في الأرض. لا أريد شيئاً سوى الله وحده. والآن نراه لا يهتم بصحته فهو واثق أنه حتى لو فَنِيَ لَحْمِه (جسده) وَقَلْبِه (مشاعره وحالته النفسية وعواطفه) فالله سيشدده. الله صَخْرَةُ قَلْبِه، وهو يسنده مهما كانت الألام الجسدية أو النفسية.

الأعداد 27-28

الآيات (27 - 28): -

"27لأَنَّهُ هُوَذَا الْبُعَدَاءُ عَنْكَ يَبِيدُونَ. تُهْلِكُ كُلَّ مَنْ يَزْنِي عَنْكَ. 28أَمَّا أَنَا فَالاقْتِرَابُ إِلَى اللهِ حَسَنٌ لِي. جَعَلْتُ بِالسَّيِّدِ الرَّبِّ مَلْجَإِي، لأُخْبِرَ بِكُلِّ صَنَائِعِكَ.".

إن كان الله هو صخرة تسند من يقترب منه، فماذا يكون حال البعداء. بالتأكيد هم يبيدون إذ لا أحد يسندهم حين تهاجمهم الضيقات الجسدية أو النفسية بل أن الله يكون ضدهم = تُهْلِكُ كُلَّ مَنْ يَزْنِي عَنْكَ = الزنا هنا هو الالتصاق بآخر والانفصال عن الله. وهذا سوف يهلكه الله فهو إله غيور. لذلك كان قرار المرنم النهائي = الاقْتِرَابُ إِلَى اللهِ حَسَنٌ لِي = لقد بدأ مزموره بالتساؤل والآن وصل للقرار الصحيح. بل في ثقة يقول لأُخْبِرَ بِكُلِّ صَنَائِعِكَ = سيكون شاهداً لله على إحساناته.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

المَزْمُورُ الرَابِعُ وَالسَبْعُونَ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

المَزْمُورُ الثَانِي والسَبْعُونَ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 73
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 73