اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالسَّابِعُ وَالثَّلاَثُونَ – سفر المزامير – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور المئة والسابع والثلاثون (المئة والسادس والثلاثون في الأجبية)

هذا المزمور كتب في بابل أثناء فترة السبي، والشعب في ذل، والبابليين يهزأون بهم في صلف وكبرياء السادة الذين يذلون عبيدهم. وربما قيل هذا المزمور بعد سقوط بابل بيد كورش، لأن المرنم هنا يقول يا بنت بابل المخربة (آية 8)، أو ربما دعاها كذلك بسبب خطاياها ونجاساتها، فتوقع خرابها كما خربت أورشليم بسبب خطاياها والسبعينية تنسب هذا المزمور لإرمياء.

وهذا المزمور يعبر عن حال كل خاطئ مستعبد لخطيته، فهو غير قادر على التسبيح طالما هو مستعبد. ومن تحرر من خطيته يسبح، فالشعب حين خرجوا من عبودية فرعون، كان أول ما عملوه هو أنهم سبحوا (خروج 15). ويعبر هذا أيضاً عن أننا في السماء سيكون فرحنا فرحاً حقيقياً كاملاً، حين نخرج من هذا العالم ونخلع هذا الجسد. لذلك نجد في السماء الـ144000 (الذين خلصوا من العهد القديم والعهد الجديد) يرنمون (رؤ1: 14 - 5). ولذلك في ترنيمنا لهذا المزمور نذكر كل إخوتنا الذين مازالوا مستعبدين للخطية ونطلب لأجلهم أن يتحرروا. ونذكر أنفسنا وأننا مازلنا في ألام هذا العالم معرضين لتجارب وخداعات إبليس ومعرضين لإضطهاد أتباعه ونشتاق لمجيء المسيح الثاني لنسبح للأبد.

لذلك نرنم هذا المزمور في صلاة النوم للتعبير عن أننا نشتاق للسماء بعد نهاية عمرنا. قمة الحياة الروحية ظهرت في المزمور السابق، وهو الإمتلاء من الروح والتسبيح. وهنا العكس تماماً فمن هو مازال في عبودية الخطية نجده عاجزاً عن التسبيح.

العدد 1

آية (1): -

"1عَلَى أَنْهَارِ بَابِلَ هُنَاكَ جَلَسْنَا، بَكَيْنَا أَيْضًا عِنْدَمَا تَذَكَّرْنَا صِهْيَوْنَ.".

ناح اليهود المسبيين عند أنهار دجلة والفرات في بابل. وأنهار بابل ترمز لأمور هذا العالم إذا شغلتنا عن الله، فننجرف للفتور ثم للخطية وبالتالي العبودية. وكل مؤمن حقيقي حين يذكر إخوته الذين مازالوا في هذه العبودية يبكي مصلياً ليعودوا للكنيسة (أورشليم).

العدد 2

آية (2): -

"2عَلَى الصَّفْصَافِ فِي وَسَطِهَا عَلَّقْنَا أَعْوَادَنَا.".

الصَّفْصَافِ = شجرة تنبت على مجارى المياه وهي شجرة عديمة الثمر، شأن كل من ينغمس في ملذات العالم (أنهار بابل). وهناك علقوا قيثاراتهم (أعواد بحسب النص العبري) والعود أو القيثارة هي لعزف أنغام الفرح، وكيف يفرحون وهم مستعبدين. ويذكر أنهم لم يكسروا أعوادهم كرمز لليأس، بل علقوها على رجاء استخدامها في المستقبل حين يعودون إلى أورشليم، حيث الثمار والأرض التي تفيض لبناً وعسلاً.

ملحوظة: بابل في الكتاب المقدس ترمز لمملكة الشر من بداية الكتاب المقدس حتى نهايته ففيها تمرد الناس على الله فبلبل ألسنتهم (تك9: 11). ومنها خرج نمرود الذي تجبر أمام الله (تك9: 10، 10). وهي الزانية العظيمة في (رؤ1: 17 - 6).

العدد 3

آية (3): -

"3لأَنَّهُ هُنَاكَ سَأَلَنَا الَّذِينَ سَبَوْنَا كَلاَمَ تَرْنِيمَةٍ، وَمُعَذِّبُونَا سَأَلُونَا فَرَحًا قَائِلِينَ: «رَنِّمُوا لَنَا مِنْ تَرْنِيمَاتِ صِهْيَوْنَ».".

حين رآهم البابليين على الأنهار سألوهم في سخرية أن يغنوا لهم أغنية على أعوادهم، وهل يمكن أن يشهد أحد لله أو يسبحه وهو في أرض عبوديته؟! هل نتصوَّر أن خاطئ في وسط مجلس مستهزئين يستطيع أو يقدر ان يفتح فمه بالشهادة لله أو تسبيح الله؟!

العدد 4

آية (4): -

"4كَيْفَ نُرَنِّمُ تَرْنِيمَةَ الرَّبِّ فِي أَرْضٍ غَرِيبَةٍ؟".

هم رفضوا إذ تذكروا أن هذه الترانيم كانوا ينشدونها وهم في الهيكل في قداسة فهل تستخدم الآن لتسلية البابليين، في هذا إهانة لتلك التسابيح "لا تعطوا القدس للكلاب". وبنفس المفهوم نجد أن المستعبد للخطية هو في ارض غريبة عن مكان أولاد الله، فلا يقدر ان يسبح.

الأعداد 5-6

الآيات (5 - 6): -

"5إِنْ نَسِيتُكِ يَا أُورُشَلِيمُ، تَنْسَى يَمِينِي! 6لِيَلْتَصِقْ لِسَانِي بِحَنَكِي إِنْ لَمْ أَذْكُرْكِ، إِنْ لَمْ أُفَضِّلْ أُورُشَلِيمَ عَلَى أَعْظَمِ فَرَحِي!".

تَنْسَى يَمِينِي = أي يُشَّل ذراعي وتنتهي قوتي. لو أنساني العالم بأنهاره ولذاته أورشليم. وِيَلْتَصِقْ لِسَانِي بِحَنَكِي = ليخرس لساني إن مدحت غيرك يا أورشليم. وهكذا ينبغي أن يكون ولاؤنا لكنيستنا واشتياقنا لوطننا السمائي، فلا نفضل أي شئ عليهما. وهكذا ينبغي أن ننظر لخلاص نفوسنا أن له الأولوية على أي شئ.

الأعداد 7-9

الآيات (7 - 9): -

"7اُذْكُرْ يَا رَبُّ لِبَنِي أَدُومَ يَوْمَ أُورُشَلِيمَ، الْقَائِلِينَ: «هُدُّوا، هُدُّوا حَتَّى إِلَى أَسَاسِهَا». 8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ، طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا! 9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!".

بابل استعبدت يهوذا، شعب الرب وسبتهم إلى هناك، أما أدوم فقد كان لها موقفاً شامتاً لكل الألام التي وقعت للشعب، حقاً كان الله يؤدب شعبه بعصا تأديب هي بابل، لكن الله لا يحب شماتة أحد في الشرور التي تصيب أولاده. بل إن أدوم كان لها موقفاً معادياً بالأكثر فقد كانوا ينتظرون الهاربين من يهوذا أثناء ضرب البابليين لهم ويمسكونهم ويقتلونهم أو يبيعونهم عبيداً (نبوة عوبديا) وأدوم له عداوة تقليدية بينه وبين يعقوب من البطن. فأدوم هو عيسو.

ومن هنا نفهم أن بابل تمثل إبليس الذي يسقطنا في الخطية فنسقط، وإذا سقطنا يؤدبنا الله، ونفهم أن أدوم هي الشياطين التي تشمت في بليتنا. وكلمة أدوم تعني أحمر، والشيطان "كان قتالاً للناس منذ البدء" (يو44: 8).

وفي (7) يذكر المرنم أن أدوم يوم كانت بابل تمزق أورشليم، أن أدوم هذه كانت تشجع في شماتة البابليين على أفعالهم، بل كانوا يطلبون هدم أورشليم حتى الأساس. وهنا المرتل يطلب الإنتقام من أدوم على ما فعلته، فشريعة العهد القديم عين بعين وسن بسن وأما في العهد الجديد فنفهم هذا عن إبليس عدونا الذي يريد هلاكنا. والمرتل يسمى أدوم هنا بنت بابل لأنها شابهت بابل في تخريبها وشرها. وفي (9) يشير لحادثتين سابقتين، قتل فيهما الملوك المنتصرون شبان أدوم وأبطالها بأن يلقيهم الملوك من فوق الصخور العالية فينزلون مهشمين (1أي12: 18) ويقول المفسرون أن أبيشاي قائد الجيش كان يسوق بني أدوم إلى صخرة عالية في وادي الملح، ومن هناك يطرحهم إلى أسفل. وهناك حادثة أخرى أيام أمصيا الملك، إذ ذهب إلى وادي الملح وضرب من أدوم 10. 000، وسبا 10. 000 وأتى بهم إلى رأس سالع وطرحهم من عليها فتكسروا (2أي11: 25، 12) والمعنى الروحي لطُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ = ممكن أن نفهمه إذ فهمنا أن الصخرة هي المسيح (1كو4: 10). فطوبى لمن يضرب بنات بابل (الزانية العظيمة) وهن الخطايا والشهوات ( * ) في هذه الصخرة الأبدية (رؤ5: 17). طوبى لمن يدفن شهواته أي أطفال بابل تحت الصخرة الثابتة أي يسوع المسيح، وذلك بالتوبة الدائمة والاعتراف والتناول. وحين تدفن النفس هذه البنات سيكون لها بنون صالحين هم الفضائل المكتسبة. ومن له هؤلاء الأولاد (الفضائل) لا يخزى إذا كلّم أعداءه في الأبواب (مز127: 5).

( * ) وقد تكون بنات بابل هي الخطايا الصغيرة = الثعالب الصغيرة (نش 2: 15).

يرجى مراجعة شرح مزمور 127 لإستكمال شرح المعنى.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالثَّامِنُ وَالثَّلاَثُونَ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالسَّادِسُ وَالثَّلاَثُونَ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 137
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 137