اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالسَّادِسُ عَشَرَ – سفر المزامير – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور المئة والسادس عشر (الجزء الأول) (المئة والخامس عشر في الأجبية)

قسمت الترجمة السبعينية هذا المزمور إلى قسمين. الأول (الآيات 1 - 9) الثاني (الآيات 10 - 19). وهذا المزمور يشير للضيقات التي ألمت بداود، من شاول غالباً. وكيف أن الله لم يتركه بل خلصه؟، بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من الموت. وفي هذا يصير داود رمزاً للمسيح الذي مات فعلاً ثم أقامه الله. وهو مزمور شكر لأجل الخلاص بعد ضيقة الموت لذلك نصلي هذا المزمور في الساعة التاسعة.

العدد 1

آية (1): -

"1أَحْبَبْتُ لأَنَّ الرَّبَّ يَسْمَعُ صَوْتِي، تَضَرُّعَاتِي.".

أَحْبَبْتُ = I love the LORD في الإنجليزية. فهو أحب الله لأنه إله محب حنون يسمع تضرعاته، يشعر بألامه، ويستجيب له حين يطلب.

العدد 2

آية (2): "2لأَنَّهُ أَمَالَ أُذْنَهُ إِلَيَّ فَأَدْعُوهُ مُدَّةَ حَيَاتِي.".

لأَنَّهُ أَمَالَ أُذْنَهُ إِلَيَّ = هذه كناية عن سماحة الله وإستجابته. وكانت أعظم إستجابة هي تجسد المسيح لخلاصنا. أَمَالَ أُذْنَهُ قد تشير للتجسد، فالأذن قد ترمز للجسد (راجع عب6: 10 + مز6: 40). ولكن أن يميل الله أذنه ليسمعنى فهذا دليل على مدى الإهتمام.

الأعداد 3-5

الآيات (3 - 5): -

"3اكْتَنَفَتْنِي حِبَالُ الْمَوْتِ. أَصَابَتْنِي شَدَائِدُ الْهَاوِيَةِ. كَابَدْتُ ضِيقًا وَحُزْنًا. 4 وَبِاسْمِ الرَّبِّ دَعَوْتُ: «آهِ يَا رَبُّ، نَجِّ نَفْسِي! ». 5الرَّبُّ حَنَّانٌ وَصِدِّيقٌ، وَإِلهُنَا رَحِيمٌ.".

كانت الضيقات حول داود شديدة وخطيرة، بل اقترب من الموت. والحبال تشير لتقسيم الميراث، أي أن ميراثه ونصيبه وما كان مقرراً عليه هو الموت. وبالنسبة لكل منا فالخطية تقودنا للموت. وماذا فعل داود؟ بِاسْمِ الرَّبِّ دَعَوْتُ = هذا تعليم لكل منا أن نصرخ لله إذا اجتذبتنا حبال الشهوة لتقودنا في طريق الخطية، طريق الموت. الرَّبُّ حَنَّانٌ وَصِدِّيقٌ وَإِلهُنَا رَحِيمٌ. = صديق بمعنى عادل، ولكن نلاحظ أنه يسبق قوله صديق أن الرب حنان ويتبعه أنه رحيم. فعدل الله مغلف بالرحمة. وهذا ما ظهر على الصليب.

العدد 6

آية (6): -

"6الرَّبُّ حَافِظُ الْبُسَطَاءِ. تَذَلَّلْتُ فَخَلَّصَنِي.".

الرَّبُّ حَافِظُ الْبُسَطَاءِ = "الأطفال" في السبعينية. الطفل حين يصيبه أذى يصرخ ولكنه لا يفكر في الانتقام بل يلجأ لوالديه. ولذلك إذا تركنا الأمر لله دون تفكير في الانتقام يحفظنا. تَذَلَّلْتُ = "إتضعت" (السبعينية). فالإتضاع أمام الله هو مقدمة للخلاص.

الأعداد 7-9

الآيات (7 - 9): -

"7ارْجِعِي يَا نَفْسِي إِلَى رَاحَتِكِ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْكِ. 8لأَنَّكَ أَنْقَذْتَ نَفْسِي مِنَ الْمَوْتِ، وَعَيْنِي مِنَ الدَّمْعَةِ، وَرِجْلَيَّ مِنَ الزَّلَقِ. 9أَسْلُكُ قُدَّامَ الرَّبِّ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ.".

هنا نجد داود وقد أنقذه الله من ضيقته وعاد لوطنه = ارْجِعِي يَا نَفْسِي إِلَى رَاحَتِكِ. لقد خلصه الله من ألامه وأنقذ نفسه من الموت. وَعَيْنِي مِنَ الدَّمْعَةِ لقد بدَّل الله حزنه إلى فرح ومسح دموعه. وَرِجْلَيَّ مِنَ الزَّلَقِ = داود في هروبه من شاول إضطر مرتين أن يلجأ إلى الفلسطينيين وكان هذا إنزلاقاً له، فقد يضطر أن يشترك معهم في عبادتهم الوثنية، بل إضطر مرة أن يذهب هو ورجاله ليحارب شعبه إسرائيل لولا تدخل الله. وحين عاد لراحته شكر الله أن هذه الغلطة لن تتكرر بل وَعَدَ الله أن يسلك أمامه في أرض الأحياء (أورشليم).

والكنيسة تقرأ هذه الآيات في صلوات الجنازات، فالكنيسة ترى أن كل منتقل قد انتقل من أرض الأموات إلى أرض الأحياء، مكان الراحة، حيث لا سقوط ثانية ولا زلق ولا تجارب، حيث يمسح الله كل دمعة من العيون (رؤ4: 21).

وكل خاطئ هو ميت، أما التائب فيقال عنه "ابني هذا كان ميتاً فعاش". وبالتوبة يعود الخاطئ للحياة، ويعطيه الله فرحاً عوضاً عن أحزانه والنعمة تحفظه من الزلق في طريق الأشرار ثانية. والتوبة هي وعد من الخاطئ أن لا يعود لطريق الشر ويقول مع داود "أَسْلُكُ قُدَّامَ الرَّبِّ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ القديسين التائبين".

المزمور المئة والسادس عشر (الجزء الثاني) (المئة والخامس عشر في الأجبية)

العدد 10

آية (10): -

"10آمَنْتُ لِذلِكَ تَكَلَّمْتُ: «أَنَا تَذَلَّلْتُ جِدًّا».".

لقد وعد صموئيل داود بأنه سيصير ملكاً، وداود آمن، وطالما وَعْدْ الله صادق فكل مؤامرات ضده لن تنجح. ولأنه آمن تكلم، وتضرع، وسبح. لأنه وثق أن الموت لن ينال منه. وبولس الرسول إقتبس هذه الآية آمَنْتُ لِذلِكَ تَكَلَّمْتُ ليشير أنه مؤمن بأن الله يعطيه قيامة، فلماذا الخوف من الموت، فليقتلوا الجسد.. لكن الله سيقيمه (2كو13: 4). فبولس بالرغم من ضيقاته لم يكن يهتم فله وعد بالحياة الأبدية بل هو إستمر في كرازته، فالإيمان القوي لابد أن يصاحبه اعتراف بالإيمان الذي نؤمن به. وكل من يؤمن بالله، ويرى عظمة الله وضعفه هو البشري يقول وأَنَا تَذَلَّلْتُ (إتضعت).

العدد 11

آية (11): -

"11أَنَا قُلْتُ فِي حَيْرَتِي: «كُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبٌ».".

أَنَا قُلْتُ فِي حَيْرَتِي = في ضيقتي ويأسي من الخلاص = كُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبٌ = أي باطل، أي لا يوجد إنسان قادر أن يعطيني الخلاص، لا يوجد سوى الله.

العدد 12

آية (12): -

"12مَاذَا أَرُدُّ لِلرَّبِّ مِنْ أَجْلِ كُلِّ حَسَنَاتِهِ لِي؟".

مَاذَا أَرُدُّ لِلرَّبِّ مِنْ أَجْلِ كُلِّ حَسَنَاتِهِ لِي = الرب وحده مصدر خلاصي ورب نعمتي. وماذا يطلب الرب منا "يا ابني إعطني قلبك" (أم26: 23). أي تعطيني نفسك بإرادتك.

الأعداد 13-14

الآيات (13 - 14): -

"13كَأْسَ الْخَلاَصِ أَتَنَاوَلُ، وَبِاسْمِ الرَّبِّ أَدْعُو. 14أُوفِي نُذُورِي لِلرَّبِّ مُقَابِلَ كُلِّ شَعْبِهِ.".

كَأْسَ الْخَلاَصِ أَتَنَاوَلُ = قال السيد المسيح عن ألام الصليب التي كان بها الخلاص "الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها" (يو11: 18) (مت29: 26 + مر36: 14 + لو42: 22 + مت22: 20 + مر38: 10 + مت42: 26) من كل هذا نفهم أن الكأس هي كأس الألام التي يسمح بها الله. وكل ما يسمح به الله فهو للخلاص وعلينا أن نقبله بشكر. لقد كانت تعييرات وإهانات شمعي لداود كأساً مريراً، ولكن داود قبلها إذ وجدها كأساً للخلاص. من يد الرب قبلها "الله قال لشمعي إشتم داود". ولهذا فرح بولس الرسول بألامه إذ ستكون سبب خلاص أولاده (في19: 1).

والكأس تشير للتناول من دم المسيح. وكل من يتناول بإسم الرب يدعو ويعترف بما قدمه له المسيح. ونوع آخر من الاعتراف هو أنه يوفِي نُذُورِه لِلرَّبِّ = صلواته بل تقديم حياته كلها لله. فهو نذر أن يقدم حياته كلها لله، وسيفعل هذا أمام كُلِّ الناس. هو لا يخجل من علاقته بالله بل يوفي نذوره قدام الناس، وهو مستعد حتى للموت ليفي نذره لله، كما فعل دانيال وصلي، وتعرض للموت بسبب ذلك، ولا يفعل ذلك ليلفت نظر الناس بل ليعترف بفضل الله عليه أمام الكل وعلينا أن كل من يتناول يفي نذره لله بأن يموت عن شهواته الجسدية. وفي إعترافه بالرب يكون مستعداً للموت تماماً.

العدد 15

آية (15): -

"15عَزِيزٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ مَوْتُ أَتْقِيَائِهِ.".

من يموت ويسكب نفسه في إعترافه بالرب يكرمه الله "أنا أكرم الذين يكرمونني" فالله يفرح بموتهم ويضمهم مع قديسيه وشهدائه = عَزِيزٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. مَوْتُ أَتْقِيَائِهِ ولنرى المعجزات التي تتم يومياً باسم الشهداء لنرى كيف كرمهم الله.

وألا نرى في هذه الآية تطبيقاً لها عن موت المسيح وطاعته "ذلك رفعه الله وأعطاه إسماً فوق كل إسم" (في7: 2 - 11). لذلك نصلي هذا المزمور في الساعة التاسعة. إلا أن هذه الآية تفهم أيضاً أن الله يحفظ نفس قديسيه من أيدي أعدائهم، فنفس الإنسان ليست ملك إنسان آخر، وحين يريد الله ينقذ نفس عبيده، فالله أرسل ملاك لينقذ بطرس، وأرسل زلزلة فتحت أبواب السجن لبولس، والسيد المسيح أجاب بيلاطس "لم يكن لك علىَّ سلطان البتة إن لم تكن قد أعطيت من فوق"، ولكن متي تنجح مؤامرة الاعداء ويتمكنوا من قتل اولاد الله؟ هذا إن كان الله يريد ذلك إذا كانوا قد أنهوا أعمالهم التى خلقهم الله ليقوموا بها (أف2: 10) حينئذ تنتهي الحياة بأي أسلوب يراه الله. لذلك نجح هيرودس أن يقتل يعقوب الرسول لأنه كان قد أنهى عمله، ولكن لم يتمكن من قتل بطرس فعمله كان لم ينتهى بعد (أع 12).

العدد 16

آية (16): -

"16آهِ يَا رَبُّ، لأَنِّي عَبْدُكَ! أَنَا عَبْدُكَ ابْنُ أَمَتِكَ. حَلَلْتَ قُيُودِي.".

لأَنِّي عَبْدُكَ = أن نتعبد لله أي نصير له عبيداً فهذا يحررنا حرية حقيقية لذلك فالرسل كانوا يفضلون أن يقول.. فلان عبد يسوع المسيح حتى من كان منهم قريباً له بالجسد (يع1: 1 + يه1). نحن نتعبد له بحريتنا وليس إجباراً منه، وبينما هو الخالق والسيد الرب وهذا حقه إلا أنه لا يجبر أحداً على أن يعبده، لأن الله يفضل أن نعبده بإختيارنا وليس إجباراً. وهنا داود شعر بحب شديد لله، دفعه أن يقول هذا. وإذا فهمنا أن داود يشير للمسيح ويرمز له نفهم قوله ابْنُ أَمَتِكَ = أن في هذا إشارة للمسيح أنه إبن العذراء مريم وليس منسوباً لرجل. ونلاحظ أن داود إطمأن لحماية الله له وأنه لن يموت فهو قال أنه عزيز في عيني الرب موت أتقيائه. ولكنه لم يقل أنا قديسك يا رب بل قال أنا عبدك. بالرغم من أنه ملك، ونبي وقديس ولكننا أمام الله نكتشف أننا لا شئ وبحب نعبده.

حَلَلْتَ قُيُودِي = المسيح حل قيودنا بصليبه. وحل قيود الموت والإضطهاد عن داود. ومن حل قيودنا علينا أن نرتبط معه بقيود الحب والعبودية، فهذا يحررنا حقيقة.

العدد 17

آية (17): -

"17فَلَكَ أَذْبَحُ ذَبِيحَةَ حَمْدٍ، وَبِاسْمِ الرَّبِّ أَدْعُو.".

نقدم للرب ذبائح التسبيح والشكر والاعتراف.. الخ.

العدد 18

آية (18): -

"18أُوفِي نُذُورِي لِلرَّبِّ مُقَابِلَ شَعْبِهِ،".

العدد 19

آية (19): -

"19فِي دِيَارِ بَيْتِ الرَّبِّ، فِي وَسَطِكِ يَا أُورُشَلِيمُ. هَلِّلُويَا.".

كل علاقة لنا بالله يجب أن تكون في الكنيسة = فِي دِيَارِ بَيْتِ الرَّبِّ. ولا علاقة صحيحة مع الله خارجاً عن الكنيسة. ولقد قال الأباء من ليست الكنيسة أمه فالله ليس أبوه.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالسَّابِعُ عَشَرَ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالْخَامِسُ عَشَرَ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 116
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 116