الْمَزْمُورُ الرَّابِعُ وَالثَّمَانُونَ – سفر المزامير – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور الرابع والثمانون (الثالث والثمانون في الأجبية)

تقول بعض الأراء أن هذا المزمور كُتِبَ أثناء فترة السبي أو بعدها تعبيراً عن اشتياق المسبيين للعودة، أو فرحتهم بالعودة إلى بيت الرب. ولكن رأى آخرين أن هذا المزمور هو بلسان داود إذ يحمل أنفاسه واشتياقاته لبيت الرب، وقيل في هذا أنه كتبه وهو هارب من إبشالوم وقيل أيضاً أنه كتبه حين رفض الرب أن يبني هو الهيكل تاركاً هذا العمل لإبنه سليمان.

روحياً نرتل هذا المزمور ونتعلم منه الاشتياق لبيت الرب والسعادة بالسكنى فيه. وأن في العبادة شبع للروح كما يشبع الجسد بالغذاء.

ونصلي هذا المزمور في الساعة السادسة لنذكر ألام الرب يسوع وأنه إنتصر بألامه على أعدائه "طوبى للرجل الذي نصرته من عندك يا رب". ونرتل نحن هذا المزمور لأننا صرنا كالعصفور الذي وجد له بيتاً، مساكين بالروح كالعصفور الضعيف ولكننا وجدنا في الكنيسة جسد المسيح حماية وسلام دبرهم لنا بصليبه. ولكن على شعبه أن يعلم أنه خلال فترة غربته على الأرض فهو يعبر في وادي البكاء. ولكن من قوة إلى قوة.

الأعداد 1-2

الآيات (1 - 2): -

"1مَا أَحْلَى مَسَاكِنَكَ يَا رَبَّ الْجُنُودِ! 2تَشْتَاقُ بَلْ تَتُوقُ نَفْسِي إِلَى دِيَارِ الرَّبِّ. قَلْبِي وَلَحْمِي يَهْتِفَانِ بِالإِلهِ الْحَيِّ.".

مَسَاكِنَكَ = هذه نبوة عن الكنيسة التي تسجد لله في كل مكان (يو20: 4 - 24) لكن بالروح والحق، أما اليهود فلم يكن لهم سوى مسكن واحد أيام داود (الخيمة) ومسكن واحد أيام سليمان ومن بعده حتى المسيح (وهو الهيكل). أما وجود كنيسة في كل مكان فلم يحدث سوى مع المسيحية. قَلْبِي وَلَحْمِي = "قلبي وجسدي" (سبعينية) فأنا أشتاق بكل كياني للوجود في مسكن الله، وهذا اشتياق كل مؤمن الآن أن ينطلق ليسكن مع الله في الحياة الأبدية "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح.." فمعرفة الله هي الحياة الأبدية (يو3: 17).

العدد 3

آية (3): -

"3الْعُصْفُورُ أَيْضًا وَجَدَ بَيْتًا، وَالسُّنُونَةُ عُشًّا لِنَفْسِهَا حَيْثُ تَضَعُ أَفْرَاخَهَا، مَذَابِحَكَ يَا رَبَّ الْجُنُودِ، مَلِكِي وَإِلهِي.".

الأممي (الوثني) كان ضالاً مثل عصفور بلا عش، وبإيمانه صار بيت الله مسكناً له. بل صار للمؤمنين أولاداً روحيين = حَيْثُ تَضَعُ أَفْرَاخَهَا. مَذَابِحَكَ يَا رَبَّ الْجُنُودِ = هي لي مثل عش العصفور والسنونة (اليمامة في السبعينية) والمؤمنين وأولادهم الروحيين يجدون غذاءهم من على مذابح رب الجنود (التناول). وفي الإشارة للطيور، ربما وجد داود أن في طيرانها فوق وحول مسكن الله ميزة لها عنه، وهو الآن بعيداً عن مسكن الله. وربما رأى فيها ضعفاً متناهياً مثل ضعفه وهو عاجز عن الدفاع عن نفسه، وبالرغم من ضعفها فالله أعطاها مسكناً، ورأى في هذا رجاءً له أن يكون له هو أيضاً مسكن الله ملجأ وحصناً له. وربما رأى المرتل أن العصفورة واليمامة وهي طيور طاهرة إشارة إلى أن من يسكن بيت الله الطاهرين.

العدد 4

آية (4): -

"4طُوبَى لِلسَّاكِنِينَ فِي بَيْتِكَ، أَبَدًا يُسَبِّحُونَكَ. سِلاَهْ.".

طوبى لمن ولد في الكنيسة (المعمودية) ويعيش فيها (يتغذى من مذبحها)، يحيا في طهارة فيمتلئ من الروح ويعيش مسبحاً الله كل عمره، مبتعداً عن الأرضيات.

العدد 5

آية (5): -

"5طُوبَى لأُنَاسٍ عِزُّهُمْ بِكَ. طُرُقُ بَيْتِكَ فِي قُلُوبِهِمْ.".

طوبى للرجل الذى نصرته من عندك يا رب. رتَّب مصاعد فى قلبه. (سبعينية).

مثل من ذُكِرَ في (آية4) طوباه من هو مثل هؤلاء. عِزُّهُمْ بِكَ = الله هو مصدر قوتهم طُرُقُ بَيْتِكَ فِي قُلُوبِهِمْ = ما هي الطرق التي نعرفها من الكتاب المقدس التي توصلنا إلى السكني في بيت الله؟ (من يحب الله يحفظ وصاياه، ومن يحب الله يحب قريبه) وفي السبعينية ترجمت رتب في قلبه أن يصعد = فطرق الله تصعد بنا دائماً من الأرضيات إلى السمائيات.

العدد 6

آية (6): -

"6عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ، يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعًا. أَيْضًا بِبَرَكَاتٍ يُغَطُّونَ مُورَةَ.".

فى وادى البكاء، فى المكان الذى قرره (عائدة على الآية السابقة ـــ هو قرر أن يصعد ويجاهد ويبكى على خطاياه. وهذا طريقه الذى قرر أن يسلك فيه). لأن البركات يعطيها واضع الناموس "(سبعينية). فمن يقرر الجهاد يكافأ بالبركات. فالإنسان حر لذلك سأل المسيح مريض بيت حسدا" هل تريد أن تبرأ ". والبداية هى الجهاد أى التغصب، حينئذ تملأ النعمة الإنسان لتغير طبيعته ويصير خليقة جديدة.

عابرين في وادي البكاء. وادي البكاء هو طريق مؤدي لأورشليم. ولم يكن فيه أبار أولاً. فكان المسافر إلى أورشليم أثناء عبوره في هذا الوادي معرضاً للهلاك، إلا إذا حفر بئراً ليشرب، أو يحفرون حفراً لتستقبل مياه الأمطار، ويبدو أنهم حفروا هذه الحفر وتركوها تمتلئ بمياه الأمطار لمساعدة المسافرين. والكلمة الأصلية وَادِي الْبُكَا = تشير كلمة البكا إلى البكاء فعلاً وقد تعني شجرة البلسان وهذا البلسان يستعمل كدواء للأمراض والجروح (إر22: 8). وهذا البلسان يحصلون عليه بجرح الشجرة بفأس فيخرج العصير من قشرتها فيتلقونه في أوانٍ خزفية. وكلا المعنيين له تأمل رائع. فنحن في رحلتنا لأورشليم السماوية نعبر في هذا العالم، وادي البكاء الجاف معرضين للهلاك، ولكننا بجهادنا (حفر الآبار) نمتلئ من الروح القدس، الماء المنسكب من أعلى فلا نهلك، بل هو يشفي (البلسان). ويشير البكاء للتوبة والجهاد. والذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج (مز5: 126). فعلينا أن نقضي أيام غربتنا في بكاء على خطايانا، والله هو الذي يملأنا بفرح حقيقي من عنده. ومن يبكي هكذا على خطاياه يحول الوادي إلى ينبوع تعزيات. بِبَرَكَاتٍ يُغَطُّونَ مُورَةَ = راجع الكتاب المقدس بشواهد فهذه الآية مترجمة ترجمة أخرى "أيضاً ببركات يكسيه المطر المبكر" وفي الإنجليزية "الأمطار تملأ البرك" (الحُفَرْ). وغالباً مورة كان وادي جاف والمعنى أنه حين يبارك الله يتحول الجفاف إلى بركة ونعمة من الروح القدس.

نحن أمام إنسان قرر أن يسلك فى طريق السماويات ليقول مع داود النبى "إليك يا رب رفعت نفسى" (مز25) فجاهد بدموع وحافظ على وصايا الناموس وهى طرق بيت الله. فكافأه واضع الناموس بأن ملأه بالروح القدس وتعزيات الروح القدس.

العدد 7

آية (7): -

"7يَذْهَبُونَ مِنْ قُوَّةٍ إِلَى قُوَّةٍ. يُرَوْنَ قُدَّامَ اللهِ فِي صِهْيَوْنَ.".

هؤلاء الذين ينمون سائرين في طريق أورشليم يَذْهَبُونَ مِنْ قُوَّةٍ إِلَى قُوَّةٍ. أي من فضيلة إلى فضيلة، ومن خطية إلى بر. ومن هذا العالم إلى الحياة الأبدية.

العدد 8

آية (8): -

"8يَا رَبُّ إِلهَ الْجُنُودِ، اسْمَعْ صَلاَتِي، وَاصْغَ يَا إِلهَ يَعْقُوبَ. سِلاَهْ.".

يَا إِلهَ يَعْقُوبَ = المسيحية هي عبادة إله يعقوب وليس إلهاً آخر.

العدد 9

آية (9): -

"9يَا مِجَنَّنَا انْظُرْ يَا اَللهُ، وَالْتَفِتْ إِلَى وَجْهِ مَسِيحِكَ.".

مِجَنَّنَا = الله لنا كمجن أي ترس حماية. الْتَفِتْ إِلَى وَجْهِ مَسِيحِكَ = نحن بدون شفاعة المسيح عنا نكون غير مقبولين أمام الآب، ولا يستجاب لنا إلا إن طلبنا بإسمه (نحن غير مقبولين من الله ليستجيب لنا إلاّ بإستحقاقات دم المسيح) ويصير معنى الآية إستجب لنا من أجل مسيحك.

الأعداد 10-12

الآيات (10 - 12): -

"10لأَنَّ يَوْمًا وَاحِدًا فِي دِيَارِكَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ. اخْتَرْتُ الْوُقُوفَ عَلَى الْعَتَبَةِ فِي بَيْتِ إِلهِي عَلَى السَّكَنِ فِي خِيَامِ الأَشْرَارِ. 11لأَنَّ الرَّبَّ، اللهَ، شَمْسٌ وَمِجَنٌّ. الرَّبُّ يُعْطِي رَحْمَةً وَمَجْدًا. لاَ يَمْنَعُ خَيْرًا عَنِ السَّالِكِينَ بِالْكَمَالِ. 12يَا رَبَّ الْجُنُودِ، طُوبَى لِلإِنْسَانِ الْمُتَّكِلِ عَلَيْكَ.".

يوم واحد في مسكنك يا رب خير من ألف في مساكن الأشرار بعيداً عنك.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلْمَزْمُورُ الْخَامِسُ وَالثَّمَانُونَ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

اَلْمَزْمُورُ الثَّالِثُ وَالثَّمَانُونَ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 84
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 84