اَلْمَزْمُورُ الثَّامِنُ وَالسِّتُّونَ – سفر المزامير – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور الثامن والستون

غالباً كتب داود هذا المزمور حين أعطاه الله راحة من كل أعدائه فأصعد تابوت العهد من بيت عوبيد أدوم إلى الخيمة. وكان التابوت رمزاً لحضور الله، وأيضاً فالتابوت رمز للكفارة التي قدمها المسيح. وما يؤكد أن داود كتب هذا المزمور بمناسبة نقل تابوت العهد أن الآية الأولى من المزمور، هي نفسها الصلاة التي كان يرددها موسى عند نقل التابوت (عد35: 10) وما أن بدأ داود في تسبيحه هنا قاده الروح فقال أشياء مجيدة عن عمل المسيح خصوصاً صعوده إلى السموات وتأسيس كنيسته.

الأعداد 1-3

الآيات (1 - 3): -

"1يَقُومُ اللهُ. يَتَبَدَّدُ أَعْدَاؤُهُ وَيَهْرُبُ مُبْغِضُوهُ مِنْ أَمَامِ وَجْهِهِ. 2كَمَا يُذْرَى الدُّخَانُ تُذْرِيهِمْ. كَمَا يَذُوبُ الشَّمَعُ قُدَّامَ النَّارِ يَبِيدُ الأَشْرَارُ قُدَّامَ اللهِ. 3 وَالصِّدِّيقُونَ يَفْرَحُونَ. يَبْتَهِجُونَ أَمَامَ اللهِ وَيَطْفِرُونَ فَرَحًا.".

هذه صلاة ضد الأعداء، وصلاة لأجل شعب الله الصديقين ليعطيهم الله فرحاً بخلاصه. يَقُومُ اللهُ = هذه نبوة عن قيامة المسيح بالجسد. فهذه لا تقال للاهوت أبداً (فاللاهوت لا ينعس ولا ينام ولايرقد ولا يجلس ثم يقوم) وقيامة المسيح جعلت الأبالسة أمامه يبيدون. وكانت فرح وتسبيح الأبرار الصديقين. وحينما تقال فى العهد القديم فالمقصود منها أن الله يبدأ فى ضرب أعدائه وأعداء شعبه.

العدد 4

آية (4): -

"4غَنُّوا ِللهِ. رَنِّمُوا لاسْمِهِ. أَعِدُّوا طَرِيقًا لِلرَّاكِبِ فِي الْقِفَارِ بِاسْمِهِ يَاهْ، وَاهْتِفُوا أَمَامَهُ.".

أَعِدُّوا طَرِيقًا لِلرَّاكِبِ فِي الْقِفَارِ = بالنسبة لتابوت العهد، فالتصوير هنا، أن الرب راكب تابوت العهد، والمرنم يطلب إعداد طريقاً له وسط الأمم حتى يأتي ويدخل أورشليم. ولكن تابوت العهد عموماً يرمز للمسيح الذي تجسد، واسْمِهِ يَاهْ = هي اختصار يهوه ومعناه "أنا هو" كما كان المسيح يقول أنا هو الطريق و.. وهو أتي بالجسد وعاش في قفار العالم وعاش وسط الشعوب الخاطئة وذلك ليأتي بها للآب. وهو للآن راكب على القفار. لقد رأي يوحنا المسيح راكباً على فرس أبيض (رؤ2: 6). والفرس يشير لكل فرد من المؤمنين ترك قيادة حياته للمسيح الملك، يقوده في قفار وبرية هذا العالم.

العدد 5

آية (5): -

"5أَبُو الْيَتَامَى وَقَاضِي الأَرَامِلِ، اَللهُ فِي مَسْكِنِ قُدْسِهِ.".

حقاً الله راكباً القفار ولكنه في سمائه أيضاً مسكن قدسه، على عرشه (يو13: 3) وهو حين رأي الإنسان كاليتيم بلا أب يخلصه وكأرملة لا زوج يعولها جاء هو ليخلص.

العدد 6

آية (6): -

"6اَللهُ مُسْكِنُ الْمُتَوَحِّدِينَ فِي بَيْتٍ. مُخْرِجُ الأَسْرَى إِلَى فَلاَحٍ. إِنَّمَا الْمُتَمَرِّدُونَ يَسْكُنُونَ الرَّمْضَاءَ.".

الْمُتَوَحِّدِينَ = الذين إعتزلوا خطايا العالم. وتشير لليهود الذين كانوا منعزلين عن العالم هؤلاء أسكنهم الله في بيته أي كنيسته. وحرر أسرى عبودية إبليس ومن يسكن الكنيسة الآن فله نصيب في أورشليم السماوية. ومن يتمرد على الله فنصيبه جهنم = يَسْكُنُونَ الرَّمْضَاءَ = الرمضاء هى شدة الحر أو هى الأرضُ أو الحجارة التي حَمِيَت من شدَّةِ وَقْع الشمس.

الأعداد 7-14

الآيات (7 - 14): -

"7اَلَّلهُمَّ، عِنْدَ خُرُوجِكَ أَمَامَ شَعْبِكَ، عِنْدَ صُعُودِكَ فِي الْقَفْرِ. سِلاَهْ. 8الأَرْضُ ارْتَعَدَتِ. السَّمَاوَاتُ أَيْضًا قَطَرَتْ أَمَامَ وَجْهِ اللهِ. سِينَا نَفْسُهُ مِنْ وَجْهِ اللهِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ. 9مَطَرًا غَزِيرًا نَضَحْتَ يَا اَللهُ. مِيرَاثُكَ وَهُوَ مُعْيٍ أَنْتَ أَصْلَحْتَهُ. 10قَطِيعُكَ سَكَنَ فِيهِ. هَيَّأْتَ بِجُودِكَ لِلْمَسَاكِينِ يَا اَللهُ. 11الرَّبُّ يُعْطِي كَلِمَةً. الْمُبَشِّرَاتُ بِهَا جُنْدٌ كَثِيرٌ: 12«مُلُوكُ جُيُوشٍ يَهْرُبُونَ يَهْرُبُونَ، الْمُلاَزِمَةُ الْبَيْتَ تَقْسِمُ الْغَنَائِمَ. 13إِذَا اضْطَجَعْتُمْ بَيْنَ الْحَظَائِرِ فَأَجْنِحَةُ حَمَامَةٍ مُغَشَّاةٌ بِفِضَّةٍ وَرِيشُهَا بِصُفْرَةِ الذَّهَبِ». 14عِنْدَمَا شَتَّتَ الْقَدِيرُ مُلُوكًا فِيهَا، أَثْلَجَتْ فِي صَلْمُونَ.".

المرنم هنا يسبح الله على إحساناته لشعبه عند خروجهم من مصر ودخولهم كنعان وهو يذكر لله أنه هو الذي قاد شعبه لذلك لم يهلكوا في البرية الواسعة القفر، ولم يتمكن منهم فرعون وجيوشه، وهزم ملوك أمامهم سواء عماليق أو كل ملوك كنعان عند دخولهم بقيادة يشوع. وكانت غنائمهم كثيرة حتى أن السيدات في البيوت كان لهن نصيبهن. وكان أعظم ما ناله شعب إسرائيل في هذه المرحلة ظهور مجد الله لهم من على جبل سيناء، فلم يحدث هذا لأي شعب أن رأي مجد الله أو سمع صوته كما حدث لهم. (تث32: 4، 33). وأعطاهم الله ناموسه. وتزلزلت الأرض وإرتعبت الشعوب منهم. (قض4: 5، 5) بل تزلزلت الأرض والجبل نفسه إهتز = سِينَا نَفْسُهُ بسبب حضور الله. وربما هذه الزلازل والصواعق إمتد تأثيرها للشعوب المجاورة فكانت سبباً أيضاً لرعبهم من شعب الله. السَّمَاوَاتُ قَطَرَتْ = ربما أمطار رعدية صاحبت هذه الظهورات وربما هي إشارة للوصايا الإلهية (تث2: 32) أو يكون هذا إشارة للمن الذي كان ينزل من السماء يومياً وهذا أيضاً معنى هَيَّأْتَ بِجُودِكَ لِلْمَسَاكِينِ يَا اَللهُ. وإحسانات الله على شعبه المرهق = مُعْيٍ من عبودية فرعون والهروب من وجهه ظهرت في أنه هيأ لهم إقامة هادئة وسط البرية = مِيرَاثُكَ وَهُوَ مُعْيٍ أَنْتَ أَصْلَحْتَهُ. وأعطاهم أرضاً تفيض لبناً وعسلاً. وحينما عطشوا أرسل لهم مطراً غزيراً. ولم يتركهم الله بل أرسل لهم أنبياء يحملون كلمته = الرَّبُّ يُعْطِي كَلِمَةً. الْمُبَشِّرَاتُ بِهَا جُنْدٌ كَثِيرٌ. وربما يشير هذا لتسليم الناموس بيد ملائكة. فالوصايا والشريعة كانت بيد ملائكة (عب2: 2 + أع53: 7) والله جعل من شعبه شعباً نقياً مثل ثلوج جبال صلمون = أَثْلَجَتْ فِي صَلْمُونَ بعد أن شتت القدير ملوك كنعان أمامهم. وبعد أن كان الشعب في عبودية في مصر غارقين في الطين، صاروا شعباً له جمال ويعيشون في حرية. وإتخذ المرنم صورة لحمامة تعيش في سوريا ترمز للجمال لون جناحيها كالذهب، والحمام يشير للطهارة وهو من الطيور الطاهرة، فالتصوير هنا يشير لأن الله طهر شعبه وقدسه بكلمته = أَجْنِحَةُ حَمَامَةٍ مُغَشَّاةٌ بِفِضَّةٍ. وجعله سماوياً = رِيشُهَا بِصُفْرَةِ الذَّهَبِ.

وكل ما سبق يشير لعمل المسيح الذي خرج بتجسده وصليبه أمام شعبه وجاء إلى قفر هذا العالم وفي صلبه ارتعدت الأرض وتزلزلت. وبعد صعوده أرسل الروح القدس = مَطَرًا غَزِيرًا ليصلح مِيرَاثُه المُعْي = وميراثه هو كنيسته. الرب يعطي كلمة الإنجيل بواسطة رسله = الْمُبَشِّرَاتُ بِهَا جُنْدٌ كَثِيرٌ. والشياطين إنسحقوا = مُلُوكُ جُيُوشٍ يَهْرُبُونَ. ومن يحصل على الغنائم؟ الملازم للكنيسة = الْمُلاَزِمَةُ الْبَيْتَ تَقْسِمُ الْغَنَائِمَ وبنفس المعنى = إِذَا اضْطَجَعْتُمْ بَيْنَ الْحَظَائِرِ = إذا لم تفارقوا الكنيسة تمتلئون من الروح القدس فتصيرون كحَمَامَةٍ مُغَشَّاةٌ بِفِضَّةٍ (كلمة الله) تعيشون في السماويات = رِيشُهَا بِصُفْرَةِ الذَّهَبِ. ودم المسيح يطهرنا من كل خطية = فالكنيسة أَثْلَجَتْ فِي صَلْمُونَ = صارت في بياض الثلج (مز7: 51 + إش18: 1 + رؤ14: 7). والحمام له إتجاه واحد أنه دائماً يعود إلى بيته (فلك نوح + الحمام الزاجل). والذهب يشير للسماويات والفضة تشير لكلمة الله (مزمور12) وتشير أيضاً للفداء (راجع تفسير نصف شاقل فضة في سفر الخروج). وبهذا فما يجعل شعب الله سماوياً هو الفداء + دراسة كلمة الله + الرجوع المستمر إلى الله = إِذَا اضْطَجَعْتُمْ بَيْنَ الْحَظَائِرِ (رجعتم دائماً إلى حضن الكنيسة) فَأَجْنِحَةُ حَمَامَةٍ (تطيرون دائماً إلى المسيح) مُغَشَّاةٌ بِفِضَّةٍ (يغطيكم دم كفارة المسيح). وَرِيشُهَا بِصُفْرَةِ الذَّهَبِ (أي تحيون حياة سماوية).

الأعداد 15-17

الآيات (15 - 17): -

"15جَبَلُ اللهِ، جَبَلُ بَاشَانَ. جَبَلُ أَسْنِمَةٍ، جَبَلُ بَاشَانَ. 16لِمَاذَا أَيَّتُهَا الْجِبَالُ الْمُسَنَّمَةُ تَرْصُدْنَ الْجَبَلَ الَّذِي اشْتَهَاهُ اللهُ لِسَكَنِهِ؟ بَلِ الرَّبُّ يَسْكُنُ فِيهِ إِلَى الأَبَدِ. 17مَرْكَبَاتُ اللهِ رِبْوَاتٌ، أُلُوفٌ مُكَرَّرَةٌ. الرَّبُّ فِيهَا. سِينَا فِي الْقُدْسِ.".

داود كتب هذه الكلمات عن إسرائيل، وهو يسبح الله الذي إرتضى أن يسكن فيها. وحيثما يسكن الله يبارك المكان ويجعله سماوياً وثابتاً ولذلك شبه إسرائيل مكان سكن الرب (أو صهيون مكان الهيكل) بأنه جبل (عالي سماوي ثابت) وبالذات جَبَلُ بَاشَانَ (مراعي دسمة). مُسَنَّمَةُ = مجبنة، لوفرة اللبن والخيرات. ثم يتوجه بالسؤال للمتكبرين في هذا العالم (16) لِمَاذَا أَيَّتُهَا الْجِبَالُ الْمُسَنَّمَةُ = فهم لهم أموال وقوة وخيرات (لنلاحظ أن الله يفيض بخيراته على الأبرار والأشرار). والسؤال لهم لِمَاذَا تَرْصُدْنَ الْجَبَلَ الَّذِي اشْتَهَاهُ اللهُ لِسَكَنِهِ = وفي الإنجليزية لماذا تتقافذن، في كبرياء وتعالٍ على جبل الله؟ ربما أنتم أقوى وأغنى. ولكن ما يميز جبل صهيون أن الله يسكن فيه.

ولكن داود بروح النبوة رأى أن الله يسكن في كنيسته فهذه الآيات لا تصلح أن تطبق تماماً على شعب إسرائيل بسبب قوله يَسْكُنُ فِيهِ إِلَى الأَبَدِ = وبهذا فهي لا تنطبق سوى على الكنيسة. وهي الجبل المسنم فهي تسقي أولادها لبناً (1كو3: 3) وهي التي قال عنها النبي أن جبل بيت الرب يكون ثابتاً في رأس الجبال (إش2: 2). مَرْكَبَاتُ اللهِ رِبْوَاتٌ أُلُوفٌ مُكَرَّرَةٌ قيل عن الشاروبيم أنهم مركبة الله، فالله جالس على الشاروبيم (حز1). والله ركب على شعبه في البرية أي إستراح فيهم وقادهم وحارب بهم أعداء شعبه. والله جلس على رسله لينشر كرازته في العالم كله، وهذه الصورة مكررة، فكل من يقدم نفسه لله كمركبة يستخدمه الله كمركبة حربية يحارب بها الشياطين وينتصر. وكما حل الله قديماً على جبل سيناء يحل الآن في كنيسته وفي كل نفس تقبله = سِينَا فِي الْقُدْسِ.

العدد 18

آية (18): -

"18صَعِدْتَ إِلَى الْعَلاَءِ. سَبَيْتَ سَبْيًا. قَبِلْتَ عَطَايَا بَيْنَ النَّاسِ، وَأَيْضًا الْمُتَمَرِّدِينَ لِلسَّكَنِ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ.".

هي نبوة عن الصعود ونرتلها في مزمور إنجيل قداس عيد الصعود. ولقد سبق المرتل وقال في بداية المزمور يقوم الله كنبوة عن قيامة الرب وها هو يتنبأ عن صعوده ولقد إستخدم بولس الرسول الآية في (أف8: 4) (راجع أف9: 4 - 12). سَبَيْتَ سَبْيًا = بعد أن كنا مسبيين في يد إبليس، أمسك بنا من يد العدو، وجعلنا مسبيين له بغلبته صرنا سبايا حبه. قَبِلْتَ عَطَايَا بَيْنَ النَّاسِ = لقد حل الروح القدس يوم العماد على المسيح لحساب الكنيسة. وقيل أنه صار وارثاً لكل شيء وكان هذا لحساب الكنيسة ومن هي الكنيسة التي صارت وارثة أو بالأحرى ماذا كان حالها قبل خلاص المسيح، كانت شعباً متمرداً = وَأَيْضًا الْمُتَمَرِّدِينَ لِلسَّكَنِ. قَبِلْتَ عَطَايَا بَيْنَ النَّاسِ = تعني أن إبن الله صار بشراً بين الناس وقَبِلَ حلول الروح القدس عليه.

العدد 19

آية (19): -

"19مُبَارَكٌ الرَّبُّ، يَوْمًا فَيَوْمًا يُحَمِّلُنَا إِلهُ خَلاَصِنَا. سِلاَهْ.".

لقد قيل من قبل أعطى للناس عطايا، وهنا يقول المرنم = يُحَمِّلُنَا إِلهُ خَلاَصِنَا بالمواهب والعطايا بوفرة.

العدد 20

آية (20): -

"20اَللهُ لَنَا إِلهُ خَلاَصٍ، وَعِنْدَ الرَّبِّ السَّيِّدِ لِلْمَوْتِ مَخَارِجُ.".

بركات القيامة والصعود نجدها هنا في حل مشكلة الموت التي يعاني منها البشر.

العدد 21

آية (21): -

"21 وَلكِنَّ اللهَ يَسْحَقُ رُؤُوسَ أَعْدَائِهِ، الْهَامَةَ الشَّعْرَاءَ لِلسَّالِكِ فِي ذُنُوبِهِ.".

أما من يقاوم الله فمن المؤكد أنه سوف يُدَمَّرْ، وهؤلاء هم الشيطان وأتباعه. وهذه الآية فيها تحقيق لوعد الله في (تك15: 3). الْهَامَةَ الشَّعْرَاءَ = ومعنى الكلمة.

الهامة = فروة أو جلدة الرأس الشعراء = كثيرة الشعر. وهذه لها عدة تفسيرات: -.

  1. قالوا هي إشارة للعادة القديمة أن يبقي الرأس مكشوفاً حتى يتم العمل المنوى القيام به.
  2. أن الله سيحاسب هؤلاء الرافضون له على أدق شئ من ذنوبهم الذي يكون بمقدار شعرة الرأس.
  3. إشارة لكل معجب بذاته كما كان إبشالوم معجب بشعره، وبسببه هلك.
  4. كان النذير متى تتم أيام إنتذاره يحلق رأسه إشارة لكمال التطهير، فالشعر لأنه ناتج طبيعي للجسم، فهو معبر عن فساد الطبيعة البشرية. فمن يجده الله على فساده، ولم يتغير إلى صورة أولاد الله سيعاقب على كل خطية إرتكبها. وربما يكون هذا المعنى هو الأقرب.

الأعداد 22-31

الآيات (22 - 31): -

"22قَالَ الرَّبُّ: «مِنْ بَاشَانَ أُرْجعُ. أُرْجعُ مِنْ أَعْمَاقِ الْبَحْرِ، 23لِكَيْ تَصْبغَ رِجْلَكَ بِالدَّمِ. أَلْسُنُ كِلاَبِكَ مِنَ الأَعْدَاءِ نَصِيبُهُمْ». 24رَأَوْا طُرُقَكَ يَا اَللهُ، طُرُقَ إِلهِي مَلِكِي فِي الْقُدْسِ. 25مِنْ قُدَّامٍ الْمُغَنُّونَ. مِنْ وَرَاءٍ ضَارِبُو الأَوْتَارِ. فِي الْوَسَطِ فَتَيَاتٌ ضَارِبَاتُ الدُّفُوفِ. 26فِي الْجَمَاعَاتِ بَارِكُوا اللهَ الرَّبَّ، أَيُّهَا الْخَارِجُونَ مِنْ عَيْنِ إِسْرَائِيلَ. 27هُنَاكَ بِنْيَامِينُ الصَّغِيرُ مُتَسَلِّطُهُمْ، رُؤَسَاءُ يَهُوذَا جُلُّهُمْ، رُؤَسَاءُ زَبُولُونَ، رُؤَسَاءُ نَفْتَالِي. 28قَدْ أَمَرَ إِلهُكَ بِعِزِّكَ. أَيِّدْ يَا اَللهُ هذَا الَّذِي فَعَلْتَهُ لَنَا. 29مِنْ هَيْكَلِكَ فَوْقَ أُورُشَلِيمَ، لَكَ تُقَدِّمُ مُلُوكٌ هَدَايَا. 30انْتَهِرْ وَحْشَ الْقَصَبِ، صِوَارَ الثِّيرَانِ مَعَ عُجُولِ الشُّعُوبِ الْمُتَرَامِينَ بِقِطَعِ فِضَّةٍ. شَتِّتِ الشُّعُوبَ الَّذِينَ يُسَرُّونَ بِالْقِتَالِ. 31يَأْتِي شُرَفَاءُ مِنْ مِصْرَ. كُوشُ تُسْرِعُ بِيَدَيْهَا إِلَى اللهِ.".

في (20) "قال الله لنا إله خلاص" وهنا نرى خلاص الله فهو أرجع شعبه من بَاشَانَ = حيث كانوا تائهين يحاربهم عوج ملك باشان، وأتى بهم إلى كنعان. وكان سكان باشان أقوياء مختبرين القتال. وهذا إشارة لأن الله لم يتركنا تائهين في العالم تحت عبودية إبليس القوي، بل هزمه وأعطانا أن نعود لكنيسته. وهو أرْجع شعبه مِنْ عْمَقِ الْبَحْرِ الأحمر = والبحر يشير للعالم بأمواجه وملوحته. والله أقامنا من موت العالم وأجلسنا في السماويات (أف6: 2). وقد يشير البحر للجحيم الذي أخرج الله منه قديسيه. وفي (23) تَصْبغَ رِجْلَكَ بِالدَّمِ = نرى صورة لإنتصار المسيح على الشياطين مأخوذة من صورة معركة حربية سالت فيها دماء الأعداء وداسها الرب المنتصر بقدميه، وأعداؤه هم الشياطين (إش2: 63، 3 + 6: 34، 7 + رؤ20: 14). وكما لعقت الكلاب دم أخاب وإيزابل هكذا تلعق دماء أعداء المسيح. هذا تعبيراً عن إنتصار المسيح على إبليس وعلى الخطية وعلى الموت. والقديس غريغوريوس الكبير فسر هذه الآية بأن الكلاب تشير للكارزين الذي يلعقون جراحات شعب الله كما فعلت الكلاب مع لعازر المسكين، وهم ككلاب صيد يرسلهم المسيح ليصطادوا له المؤمنين ويهاجمون الذئاب ويحرسون قطيعه. رَأَوْا طُرُقَكَ = هنا نرى أن الكارزين رأوا طرق الرب وأعماله وذهبوا يخبرون بها العالم. وإن كانت على الأعداء فهم رأوا في طرق الله قوة الله ضدهم ورأوا فيها حماية الله لشعبه. وفي (25، 26) كما سبح الشعب الله بعد خروجهم من البحر الأحمر، هكذا كل من حرره المسيح يسبح الله بفرح.. أَيُّهَا الْخَارِجُونَ مِنْ عَيْنِ إِسْرَائِيلَ = المولودين من الماء والروح. وفي (27) نرى كتاب الإنجيل فبولس من سبط بنيامين وباقي الرسل من زبولون ونفتالي التي هي في الجليل (إش1: 9، 2 + مت15: 4). وكل هؤلاء صاروا إخوة بالجسد للمسيح الذي أتى من سبط يهوذا. هؤلاء صاروا عظماء ومعلمي المسكونة وأساس الكنيسة. كانوا بسطاء وصيادين والمسيح جعلهم عظماء ومعلمي المسكونة ببشارة الإنجيل. ثم يطلب المرنم أن يؤيد الله كرازتهم = أَيِّدْ يَا اَللهُ هذَا الَّذِي فَعَلْتَهُ لَنَا. مِنْ هَيْكَلِكَ.. لَكَ تُقَدِّمُ مُلُوكٌ هَدَايَا = من كنيستك هيكلك يقدم المؤمنين الذين جعلتهم ملوكاً هدايا لك، إيمانهم العامل بمحبة وقد تفهم هكذا... من أجل تجسدك (هيكل جسدك) تقدم لك ملوك الأرض هدايا لكنيستك. وهذه تشير لدخول الأمم ومحبتهم للمسيح وكنيسته.

وفي (30) نرى صورتان متناقضتان: -.

  1. الأولى: نرى فيها المسيح ينتهر الأمم الوثنية المتوحشة ويشبهها هنا بوَحْشَ الْقَصَبِ = أي السباع التي تسكن غابات القصب. وينتهر اليهود ورؤساؤهم ويشبههم بالثِّيرَانِ. وشعب اليهود ويشبههم بالعُجُولِ (مز12: 22). كل هؤلاء المسيح إنتهر الروح النجس الذي فيهم الذي جعلهم كالوحوش وجمعهم كقطيع واحد فى كنيسته. صِوَارَ الثِّيرَانِ = الصوار هو قطيع من البقر والمعنى أن المسيح جمع قطعانه في حظائرها أى الكنيسة. المترامين = وهؤلاء حين عادوا للمسيح بالإيمان قدموا له فِضَّةٍ في خضوع وفي محبة خضعوا له بالكامل مقدمين عطاياهم بلهفة ومحبة كما يفهم من الترجمة العربية مترامين أى يرمون أنفسهم وما يملكون أمام المسيح كما فرشوا ثيابهم أمام المسيح فى دخوله إلى أورشليم. أما الترجمة الإنجليزية فتشير أن المسيح أخضعهم بإنتهاره فقدموا له الفضة.
  2. شَتِّتِ الشُّعُوبَ الَّذِينَ يُسَرُّونَ بِالْقِتَالِ = أما المتمردين، الذين أحبوا حرب الكنيسة وحرب المسيح هؤلاء سيشَتِّتِهم.

وعلامة دخول الأمم للإيمان، تدخل مِصْر للإيمان ويخرج منها قديسون عظماء، مصر تشير للكبرياء والله حطم كبرياء الوثنيين وبإيمانهم صاروا متواضعين وحول كُوشُ السوداء رمز الخطية إلى مؤمنين. فالإيمان بالمسيح يحطم الكبرياء والشر.

الأعداد 32-35

الآيات (32 - 35): -

"32يَا مَمَالِكَ الأَرْضِ غَنُّوا لِلهِ. رَنِّمُوا لِلسَّيِّدِ. سِلاَهْ. 33لِلرَّاكِبِ عَلَى سَمَاءِ السَّمَاوَاتِ الْقَدِيمَةِ. هُوَذَا يُعْطِي صَوْتَهُ صَوْتَ قُوَّةٍ. 34أَعْطُوا عِزًّا ِللهِ. عَلَى إِسْرَائِيلَ جَلاَلُهُ، وَقُوَّتُهُ فِي الْغَمَامِ. 35مَخُوفٌ أَنْتَ يَا اَللهُ مِنْ مَقَادِسِكَ. إِلهُ إِسْرَائِيلَ هُوَ الْمُعْطِي قُوَّةً وَشِدَّةً لِلشَّعْبِ. مُبَارَكٌ اللهُ!".

دعوة لكل الأمم ليؤمنوا ويسبحوا الله القدير الرَّاكِبِ عَلَى سَمَاءِ السَّمَاوَاتِ الْقَدِيمَةِ = إشارة لسلطان الله الذي منذ الأزل على السموات والأرض وممالكها والسموات بأفلاكها. هُوَذَا يُعْطِي صَوْتَهُ = صوت الله يشير للرعد الذي يلقي رعباً في النفوس. وأيضاً لصوت الكرازة، ونلاحظ إرتعاب فيلكس الوالي من كلام بولس الرسول (أع25: 24) عَلَى إِسْرَائِيلَ جَلاَلُهُ = جلال الله ظهر في حمايته لإسرائيل وعقوباته ضدها حين تخطئ فهو إله قدوس. وهكذا مع كنيسته. قُوَّتُهُ فِي الْغَمَامِ = الغمام يشير للقديسين (عب1: 12) والله أعطى للتلاميذ قوات عجيبة وصلت لإقامة الأموات، كما تظهر قوة الله في إعطائه المطر للأرض وحرمانها منه إن أخطأ الشعب. وتظهر عظمة الله في أنه يعطي قوة وشدة لشعبه فيدوسوا الحيات والعقارب وينتصروا على الخطايا والموت والعالم.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلْمَزْمُورُ التَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

اَلْمَزْمُورُ السَّابِعُ وَالسِّتُّونَ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 68
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 68