اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالسَّادِسُ – سفر المزامير – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور المئة والسادس

في المزامير السابقة تعلمنا تسبيح الله بسبب الفداء الذي قدمه والغفران الذي حصلنا عليه ثم تسبيحه من أجل أعماله في الطبيعة والخليقة. ثم تسبيحه لأجل أعماله العجيبة في خروج شعبه من مصر. وهنا نجد تسبيح من نوع آخر، فالمرنم يعترف بخطايا شعبه وتمردهم وتذمرهم. هو يعطي المجد لله ليس فقط بسب صلاحه ولكن أيضاً بالاعتراف بسوء حالة الشعب، وبالرغم من سوء حالة الشعب وخطاياهم كان الله ينقذهم من أعدائهم، لكنه كأب لشعبه كان يؤدبهم. فمحبة الله التى تجعله يحتمل سوء حالة الشعب وينقذهم ويحميهم وكأب يؤدبهم تستحق التسبيح منا، إذ أنه ما زال يفعل نفس الشئ معنا. والإعتراف بفسادنا يجعل قداسة الله تزداد ظهوراً وإشراقاً مع غفرانه ومحبته وطول أناته معنا. وتأديبه لنا يظهر قداسته وعدم قبوله للخطية. لذلك فنحن حين نتأمل في قداسة الله تظهر بشاعة خطايانا. ومع أن هذا المزمور فيه إعتراف بخطايا الشعب إلا أنه يبدأ وينتهي بكلمة هللويا. فالخطية يجب ألا تمنعنا عن تسبيح الله. ومن المعتقد أنه كتب في فترة السبي بسبب آية (47) إجمعنا من بين الأمم. ولكن هناك من ينسبه أيضاً لداود فالآية الأولى والآيتين الأخيرتين نجدهما في المزمور الذي كتبه داود وسلمه إلى أساف (1أي34: 16 - 36). وبالتالي يكون قوله إجمعنا من بين الأمم إشارة لفترة هروب داود لجت. وبالطبع كان هناك كثير من الأتقياء قد هربوا إلى الأمم أيضاً ونتعلم من هذا المزمور كيف نقف أمام الله معترفين بخطايانا الشخصية وخطايا الأقرباء.. نقف لنعترف بخطايانا دون أن نلقي اللوم على أحد بل نعطي المجد والقداسة لله وهذا ما عمله دانيال ونحميا (دا 9 + نح 1).

العدد 1

آية (1): -

"1هَلِّلُويَا. اِحْمَدُوا الرَّبَّ لأَنَّهُ صَالِحٌ، لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ.".

لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ = إذا تذكرنا خطايانا واعترفنا بها يرحمنا الله "من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها ويتركها يرحم" (أم28: 13) وهنا فلنسبح الله الذي مازال يقبلنا برحمته ولم يرفضنا حتى الآن.

الأعداد 2-3

الآيات (2 - 3): -

"2مَنْ يَتَكَلَّمُ بِجَبَرُوتِ الرَّبِّ؟ مَنْ يُخْبِرُ بِكُلِّ تَسَابِيحِهِ؟ 3طُوبَى لِلْحَافِظِينَ الْحَقَّ وَلِلصَّانِعِ الْبِرَّ فِي كُلِّ حِينٍ.".

في (2) يتساءل من يستطيع أن يسبح الرب ويتكلم عن جبروته وإقتداره وفي (3) يجيب بأنه هو الحافظ الحق والصانع البر. فطوبى لمثل هذا الإنسان الذي يسبح الله. والمعنى أنه لن يستطيع أن يتكلم عن الرب إلا من يعرفه حقيقة، ولن يستطيع أن يسبحه إلا من إنفتحت عيناه وعرفه فأحبه. ومن هو الذى يعرفه؟ هو من يحفظ الحق ويصنع البر وهؤلاء هم أنقياء القلب الذين تنفتح عيونهم فيروا الله ويعرفونه فيسبحنه.

الأعداد 4-5

الآيات (4 - 5): -

"4اذْكُرْنِي يَا رَبُّ بِرِضَا شَعْبِكَ. تَعَهَّدْنِي بِخَلاَصِكَ، 5لأَرَى خَيْرَ مُخْتَارِيكَ. لأَفْرَحَ بِفَرَحِ أُمَّتِكَ. لأَفْتَخِرَ مَعَ مِيرَاثِكَ.".

حين قال المرنم أن الحافظ الحق في كل حين هو الذي يستطيع أن يسبح الله، شعر بأنه غير قادر على حفظ الحق دائماً فهو ضعيف ومتقلب والعدو يحاربه دائماً فصرخ لله اذْكُرْنِي يَا رَبُّ بِرِضَا شَعْبِكَ = أي إذكرني بحسب المحبة والرضا اللذان في قلبك نحو شعبك. تَعَهَّدْنِي بِخَلاَصِكَ = أنا وحدي لا أستطيع دون معونة منك.

لأَرَى خَيْرَ مُخْتَارِيكَ = لكي يكون لي نصيب في الخير الذي سيكون لهم. ولكن هذه الآيات هي صرخة العهد القديم لتجسد المسيح ليأتي بالخلاص، وكأن المرنم يشتهي أن يرى هذه الأيام ويرى خير مختاري الله المؤمنين بالمسيح ويفتخر مع ميراث الله أي المؤمنين.

الأعداد 6-38

الآيات (6 - 38): -

"6أَخْطَأْنَا مَعَ آبَائِنَا. أَسَأْنَا وَأَذْنَبْنَا. 7آبَاؤُنَا فِي مِصْرَ لَمْ يَفْهَمُوا عَجَائِبَكَ. لَمْ يَذْكُرُوا كَثْرَةَ مَرَاحِمِكَ، فَتَمَرَّدُوا عِنْدَ الْبَحْرِ، عِنْدَ بَحْرِ سُوفٍ. 8فَخَلَّصَهُمْ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ، لِيُعَرِّفَ بِجَبَرُوتِهِ. 9 وَانْتَهَرَ بَحْرَ سُوفٍ فَيَبِسَ، وَسَيَّرَهُمْ فِي اللُّجَجِ كَالْبَرِّيَّةِ. 10 وَخَلَّصَهُمْ مِنْ يَدِ الْمُبْغِضِ، وَفَدَاهُمْ مِنْ يَدِ الْعَدُوِّ. 11 وَغَطَّتِ الْمِيَاهُ مُضَايِقِيهِمْ. وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَبْقَ. 12فَآمَنُوا بِكَلاَمِهِ. غَنَّوْا بِتَسْبِيحِهِ. 13أَسْرَعُوا فَنَسُوا أَعْمَالَهُ. لَمْ يَنْتَظِرُوا مَشُورَتَهُ. 14بَلِ اشْتَهَوْا شَهْوَةً فِي الْبَرِّيَّةِ، وَجَرَّبُوا اللهَ فِي الْقَفْرِ. 15فَأَعْطَاهُمْ سُؤْلَهُمْ، وَأَرْسَلَ هُزَالاً فِي أَنْفُسِهِمْ. 16 وَحَسَدُوا مُوسَى فِي الْمَحَلَّةِ، وَهارُونَ قُدُّوسَ الرَّبِّ. 17فَتَحَتِ الأَرْضُ وَابْتَلَعَتْ دَاثَانَ، وَطَبَقَتْ عَلَى جَمَاعَةِ أَبِيرَامَ، 18 وَاشْتَعَلَتْ نَارٌ فِي جَمَاعَتِهِمْ. اللَّهِيبُ أَحْرَقَ الأَشْرَارَ.

19صَنَعُوا عِجْلاً فِي حُورِيبَ، وَسَجَدُوا لِتِمْثَال مَسْبُوكٍ، 20 وَأَبْدَلُوا مَجْدَهُمْ بِمِثَالِ ثَوْرٍ آكِلِ عُشْبٍ. 21نَسُوا اللهَ مُخَلِّصَهُمُ، الصَّانِعَ عَظَائِمَ فِي مِصْرَ، 22 وَعَجَائِبَ فِي أَرْضِ حَامٍ، وَمَخَاوِفَ عَلَى بَحْرِ سُوفٍ، 23فَقَالَ بِإِهْلاَكِهِمْ. لَوْلاَ مُوسَى مُخْتَارُهُ وَقَفَ فِي الثَّغْرِ قُدَّامَهُ لِيَصْرِفَ غَضَبَهُ عَنْ إِتْلاَفِهِمْ. 24 وَرَذَلُوا الأَرْضَ الشَّهِيَّةَ. لَمْ يُؤْمِنُوا بِكَلِمَتِهِ. 25بَلْ تَمَرْمَرُوا فِي خِيَامِهِمْ. لَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ الرَّبِّ، 26فَرَفَعَ يَدَهُ عَلَيْهِمْ لِيُسْقِطَهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ، 27 وَلِيُسْقِطَ نَسْلَهُمْ بَيْنَ الأُمَمِ، وَلِيُبَدِّدَهُمْ فِي الأَرَاضِي. 28 وَتَعَلَّقُوا بِبَعْلِ فَغُورَ، وَأَكَلُوا ذَبَائِحَ الْمَوْتَى. 29 وَأَغَاظُوهُ بِأَعْمَالِهِمْ فَاقْتَحَمَهُمُ الْوَبَأُ. 30فَوَقَفَ فِينَحَاسُ وَدَانَ، فَامْتَنَعَ الْوَبَأُ. 31فَحُسِبَ لَهُ ذلِكَ بِرًّا إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ، إِلَى الأَبَدِ.

32 وَأَسْخَطُوهُ عَلَى مَاءِ مَرِيبَةَ حَتَّى تَأَذَّى مُوسَى بِسَبَبِهِمْ. 33لأَنَّهُمْ أَمَرُّوا رُوحَهُ حَتَّى فَرَطَ بِشَفَتَيْهِ. 34لَمْ يَسْتَأْصِلُوا الأُمَمَ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ الرَّبُّ عَنْهُمْ، 35بَلِ اخْتَلَطُوا بِالأُمَمِ وَتَعَلَّمُوا أَعْمَالَهُمْ. 36 وَعَبَدُوا أَصْنَامَهُمْ، فَصَارَتْ لَهُمْ شَرَكًا. 37 وَذَبَحُوا بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ لِلأَوْثَانِ. 38 وَأَهْرَقُوا دَمًا زَكِيًّا، دَمَ بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمِ الَّذِينَ ذَبَحُوهُمْ لأَصْنَامِ كَنْعَانَ، وَتَدَنَّسَتِ الأَرْضُ بِالدِّمَاءِ. ".

هنا يبدأ المرنم في ذكر خطايا الشعب وتمرده. وهنا يذكر تمردهم، ويذكر خلاص الرب لهم مع أنهم تمردوا عند كل ضيقة تواجههم. وأنه في بعض الأحيان كان الرب مضطراً كأب حكيم أن يؤدبهم كأولاده. ومن أمثلة التأديب حين إشتهى الشعب أن يأكل لحماً وتذمروا أعطاهم الله فأكلوا، وحينما أكلوا بوحشية وبشهوة، لم ينفعهم ما أكلوه بل صار نقمة عليهم وقبلوا جزاء شهوتهم الرديئة هُزَالاً فِي أَنْفُسِهِمْ. وحينما تمردوا على موسى وهرون فتحت الأرض وابتلعت داثان.. ومع ازدياد تذمرهم وبالذات حين أرسلوا الجواسيس لأرض الميعاد، وصدقوا كلام الجواسيس ورذلوا الأرض الشهية كان قرار الرب أن لا يدخل هذا الشعب أرض الميعاد = فَرَفَعَ يَدَهُ عَلَيْهِمْ لِيُسْقِطَهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ. وَتَعَلَّقُوا بِبَعْلِ فَغُورَ، وَأَكَلُوا ذَبَائِحَ الْمَوْتَى = بعل فغور أي سيد الفجور والذبائح. وبنات موآب ذهبن للشعب وأسقطوهم في الزنى معهن ثم في تقديم الذبائح لإلههن بعل فغور. وكان الشعب لحبه في خطية الزنى، يزنون مع بنات موآب ثم يقدمن الذبائح للآلهة الميتة ويأكلوا من هذه الذبائح، ليشتركوا في مائدة الشياطين (1كو15: 10 - 22)، ومن يفعل هذا فهو يتحد بالشياطين الميتة ويحكم على نفسه بالموت، أما من يشترك في مائدة الرب فتكون له حياة. وآية (30) بسبب الخطية ضرب الله الشعب بالوبأ. حتى َوَقَفَ فِينَحَاسُ وَدَانَ = فِينَحَاسُ وهو من سبط لاوي. وَدَانَ فِعْلْ وليس اسم شخص ومعناه قضى وحكم على المذنب. لا عن كراهية له بل غيرة على مقدس الرب قتل المذنب فامتنع الوبأ. وجاءت الكلمة دان في الانجليزية بمعني يتدخل بالقوة لتسوية نزاع.

الأعداد 39-46

الآيات (39 - 46): -

"39 وَتَنَجَّسُوا بِأَعْمَالِهِمْ وَزَنَوْا بِأَفْعَالِهِمْ. 40فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى شَعْبِهِ، وَكَرِهَ مِيرَاثَهُ. 41 وَأَسْلَمَهُمْ لِيَدِ الأُمَمِ، وَتَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ مُبْغِضُوهُمْ. 42 وَضَغَطَهُمْ أَعْدَاؤُهُمْ، فَذَلُّوا تَحْتَ يَدِهِمْ. 43مَرَّاتٍ كَثِيرَةً أَنْقَذَهُمْ، أَمَّا هُمْ فَعَصَوْهُ بِمَشُورَتِهِمْ وَانْحَطُّوا بِإِثْمِهِمْ. 44فَنَظَرَ إِلَى ضِيقِهِمْ إِذْ سَمِعَ صُرَاخَهُمْ. 45 وَذَكَرَ لَهُمْ عَهْدَهُ، وَنَدِمَ حَسَبَ كَثْرَةِ رَحْمَتِهِ. 46 وَأَعْطَاهُمْ نِعْمَةً قُدَّامَ كُلِّ الَّذِينَ سَبَوْهُمْ.".

نرى صورة الشعب ملخصة في تَنَجَّسُوا بِأَعْمَالِهِمْ وَزَنَوْا بِأَفْعَالِهِمْ. ونرى أيضاً تأديب الرب وَأَسْلَمَهُمْ لِيَدِ الأُمَمِ. فصرخوا. فَنَظَرَ إِلَى ضِيقِهِمْ إِذْ سَمِعَ صُرَاخَهُمْ ونرى صورة حية لله الرحوم الذي بحسب كثرة رحمته كان يغفر لشعبه. بل كان يعطيهم نعمة قدام كل الذين سبوهم (كما حدث مع دانيال) حتى لا يفنيهم أعداؤهم.

الأعداد 47-48

الآيات (47 - 48): -

"47خَلِّصْنَا أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُنَا، وَاجْمَعْنَا مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ، لِنَحْمَدَ اسْمَ قُدْسِكَ، وَنَتَفَاخَرَ بِتَسْبِيحِكَ. 48مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ. وَيَقُولُ كُلُّ الشَّعْبِ: «آمِينَ». هَلِّلُويَا.".

هي صرخة الشعب المسبي في ألامه ليردهم من السبي سواء سبي بابل أو غيره. وهي صرخة العهد القديم ليأتي المسيح ويخلص. وصرختنا نحن ليظهر المسيح في مجيئه الثاني.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالسَّابِعُ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالْخَامِسُ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 106
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 106