المَزْمُورُ الحَادِي وَالسَبْعُونَ – سفر المزامير – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور الحادي والسبعون

كثيرين ينسبون المزمور لداود ويقولون أنه قاله في أواخر أيامه في فترة ألام مثل فترة ألامه بسبب إبشالوم (آية18). وفي هذا المزمور اقتباسات من مزامير كثيرة سابقة.

الأعداد 1-8

الآيات (1 - 8): -

"1بِكَ يَا رَبُّ احْتَمَيْتُ، فَلاَ أَخْزَى إِلَى الدَّهْرِ. 2بِعَدْلِكَ نَجِّنِي وَأَنْقِذْنِي. أَمِلْ إِلَيَّ أُذْنَكَ وَخَلِّصْنِي. 3كُنْ لِي صَخْرَةَ مَلْجَأٍ أَدْخُلُهُ دَائِمًا. أَمَرْتَ بِخَلاَصِي لأَنَّكَ صَخْرَتِي وَحِصْنِي. 4يَا إِلهِي، نَجِّنِي مِنْ يَدِ الشِّرِّيرِ، مِنْ كَفِّ فَاعِلِ الشَّرِّ وَالظَّالِمِ. 5لأَنَّكَ أَنْتَ رَجَائِي يَا سَيِّدِي الرَّبَّ، مُتَّكَلِي مُنْذُ صِبَايَ. 6عَلَيْكَ اسْتَنَدْتُ مِنَ الْبَطْنِ، وَأَنْتَ مُخْرِجِي مِنْ أَحْشَاءِ أُمِّي. بِكَ تَسْبِيحِي دَائِمًا. 7صِرْتُ كَآيَةٍ لِكَثِيرِينَ. أَمَّا أَنْتَ فَمَلْجَإِي الْقَوِيُّ. 8يَمْتَلِئُ فَمِي مِنْ تَسْبِيحِكَ، الْيَوْمَ كُلَّهُ مِنْ مَجْدِكَ.".

هي صرخة للرب لينقذه من أعدائه، فهو يتكل على الله، والكتاب يلعن من يتكل على ذراع بشر (إر5: 17 - 7). وعَلَيْكَ اسْتَنَدْتُ مِنَ الْبَطْنِ = الطفل لا يعرف أن يلقي إستناده على الله وهو بعد في بطن أمه، إنما المعنى = أنت يا رب حافظ الأطفال الصغار وأنت الذي حفظتني حتى خرجت إلى هذه الدنيا. ثم حفظتني حتى الآن. وإكمالاً لهذا المعنى، أنني منذ بدأت أفهم معنى الإتكال عليك يا رب فلم ألجأ لسواك. صِرْتُ كَآيَةٍ لِكَثِيرِينَ = كثيرين صاروا ينظرون لي وينتظروا أن يروا ماذا سوف تكون نهاية هذه الألام العجيبة التي أصابت هذا الشخص، وما هي نهاية ثقته في الله، هل سينصره الله عليها أم يتخلى عنه فيهلك. أو تعنى أنني صرت في نظر الكثيرين عجباً من شدة وهول ما حدث لي. وبهذا المعنى قال بولس الرسول "صرنا منظراً للناس والملائكة" (1كو9: 4 - 13). ومع كل ألامه ففمه مملوء تسابيح لله عن إحساناته القديمة وعما ينتظره من إحسانات جديدة.

الأعداد 9-16

الآيات (9 - 16): -

"9لاَ تَرْفُضْنِي فِي زَمَنِ الشَّيْخُوخَةِ. لاَ تَتْرُكْنِي عِنْدَ فَنَاءِ قُوَّتِي. 10لأَنَّ أَعْدَائِي تَقَاوَلُوا عَلَيَّ، وَالَّذِينَ يَرْصُدُونَ نَفْسِي تَآمَرُوا مَعًا. 11قَائِلِينَ: «إِنَّ اللهَ قَدْ تَرَكَهُ. الْحَقُوهُ وَأَمْسِكُوهُ لأَنَّهُ لاَ مُنْقِذَ لَهُ». 12يَا اَللهُ، لاَ تَبْعُدْ عَنِّي. يَا إِلهِي، إِلَى مَعُونَتِي أَسْرِعْ. 13لِيَخْزَ وَيَفْنَ مُخَاصِمُو نَفْسِي. لِيَلْبَسِ الْعَارَ وَالْخَجَلَ الْمُلْتَمِسُونَ لِي شَرًّا. 14أَمَّا أَنَا فَأَرْجُو دَائِمًا، وَأَزِيدُ عَلَى كُلِّ تَسْبِيحِكَ. 15فَمِي يُحَدِّثُ بِعَدْلِكَ، الْيَوْمَ كُلَّهُ بِخَلاَصِكَ، لأَنِّي لاَ أَعْرِفُ لَهَا أَعْدَادًا. 16آتِي بِجَبَرُوتِ السَّيِّدِ الرَّبِّ. أَذْكُرُ بِرَّكَ وَحْدَكَ.".

آية (9) تشير أن المرنم كتب هذا المزمور وهو كبير سناً. ونلاحظ في (10، 11) فيها نبوة عما حدث للمسيح حين ظن صالبوه أن الله تخلى عنه. يا الله، لا تبعد عني. لِيَخْزَ وَيَفْنَ مُخَاصِمُو نَفْسِي = إذا رأى أعدائي أنك لم تبتعد عنى ولم تتركني وأنك كذَّبت قولهم حينئذ سيخجلون. وفي تأمل روحي في هذه الآيات، نرى أن الشيخوخة تشير للشيخوخة الروحية والضعف = فَنَاءِ قُوَّتِي يشير لفترات الفتور الروحي. وعلينا فيهما أن نلجأ إلى الله فلا يتركنا، بل أن الله يعيد مثل النسر شبابنا فيخزى أعداءنا الشياطين.

الأعداد 17-24

الآيات (17 - 24): -

"17اَلَّلهُمَّ، قَدْ عَلَّمْتَنِي مُنْذُ صِبَايَ، وَإِلَى الآنَ أُخْبِرُ بِعَجَائِبِكَ. 18 وَأَيْضًا إِلَى الشَّيْخُوخَةِ وَالشَّيْبِ يَا اَللهُ لاَ تَتْرُكْنِي، حَتَّى أُخْبِرَ بِذِرَاعِكَ الْجِيلَ الْمُقْبِلَ، وَبِقُوَّتِكَ كُلَّ آتٍ. 19 وَبِرُّكَ إِلَى الْعَلْيَاءِ يَا اَللهُ، الَّذِي صَنَعْتَ الْعَظَائِمَ. يَا اَللهُ، مَنْ مِثْلُكَ؟ 20أَنْتَ الَّذِي أَرَيْتَنَا ضِيقَاتٍ كَثِيرَةً وَرَدِيئَةً، تَعُودُ فَتُحْيِينَا، وَمِنْ أَعْمَاقِ الأَرْضِ تَعُودُ فَتُصْعِدُنَا. 21تَزِيدُ عَظَمَتِي وَتَرْجعُ فَتُعَزِّينِي. 22فَأَنَا أَيْضًا أَحْمَدُكَ بِرَبَابٍ، حَقَّكَ يَا إِلهِي. أُرَنِّمُ لَكَ بِالْعُودِ يَا قُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ. 23تَبْتَهِجُ شَفَتَايَ إِذْ أُرَنِّمُ لَكَ، وَنَفْسِي الَّتِي فَدَيْتَهَا. 24 وَلِسَانِي أَيْضًا الْيَوْمَ كُلَّهُ يَلْهَجُ بِبِرِّكَ. لأَنَّهُ قَدْ خَزِيَ، لأَنَّهُ قَدْ خَجِلَ الْمُلْتَمِسُونَ لِي شَرًّا.".

من الذي علم داود الراعي الصغير كل هذه الحكمة والمزامير، ومن الذي علم يديه القتال = اَلَّلهُمَّ، قَدْ عَلَّمْتَنِي مُنْذُ صِبَايَ.. وَأَيْضًا إِلَى الشَّيْخُوخَةِ. فالله يعلمنا ويفيض من إحساناته علينا. وماذا يفعل داود إلَى الآنَ أُخْبِرُ بِعَجَائِبِكَ.. ويريد أن يستمر في شهادته لله = حَتَّى أُخْبِرَ بِذِرَاعِكَ الْجِيلَ الْمُقْبِلَ = أي يخبر الكل بقوة الله الذي كان يخلصه في كل شدة. والله له وسائله في التعليم والتهذيب = أَنْتَ الَّذِي أَرَيْتَنَا ضِيقَاتٍ كَثِيرَةً. فالذي يحبه الرب يؤدبه (عب6: 12، 7). بل بعد سقوط آدم تركه الله في يد إبليس يستعبده ويستعبد كل بنيه ليعرفوا نتائج الخطية، ويكون هذا سبب تأديب لهم وبالتالي سبب خلاص. وقوله تَعُودُ فَتُحْيِينَا = يشير للمعمودية التي بها نقوم مع المسيح ونولد ولادة ثانية. وقوله وَمِنْ أَعْمَاقِ الأَرْضِ تَعُودُ فَتُصْعِدُنَا = تشير للتوبة التي بها نترك الخطايا والشهوات الأرضية لنحيا في السماويات. وفى كثير من الأحيان تكون الضيقات التي يسمح بها الله سبب توبة لنا. ويشير هذا لعمل المسيح الذي أنقذ الجنس البشري من أعماق الجحيم = تَعُودُ فَتُصْعِدُنَا (أف6: 2). وبعد أن إنحط الجنس البشري بسبب الخطية، كان خلاص المسيح سبباً أن يعود الإنسان لمركزه السابق كإبن لله = تَزِيدُ عَظَمَتِي. وبعد أن كانت الخطية سبب حزنه صار الفداء وحلول الروح القدس عليه سبباً في تعزيته = وَتَرْجعُ فَتُعَزِّينِي. وقد تفهم الآيات بالنسبة لليهود عن خروجهم من أرض مصر ودخولهم إلى أرض الميعاد، أو رجوعهم من السبي. ومن حل الروح القدس عليه يسبح = فَأَنَا أَيْضًا أَحْمَدُكَ. ولاحظ سبب التسبيح = وَنَفْسِي الَّتِي فَدَيْتَهَا.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

المَزْمُورُ الثَانِي والسَبْعُونَ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

اَلْمَزْمُورُ السَّبْعُونَ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 71
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 71