المزمور الرابع والأربعون – سفر المزامير – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور الرابع والأربعون

غير مؤكد من هو كاتب هذا المزمور، وإن كان داود فهو قد كتبه بروح النبوة ليعبر عن حال الشعب في السبي. ولكنه هو تعبير عن حال شعب الله المتألِّم دائماً في برية هذا العالم. وإن كان هناك مزامير كثيرة تترنم بالخلاص فلابد أن تكون هناك مزامير تتكلم عن حال الكنيسة المتألمة في هذا العالم، لذلك إستخدم بولس الرسول الآية (22) في (رو36: 8) ليعبر عن حاله وحال كل الكنيسة المتألمة حتى الموت في عصور الإستشهاد. لقد بدأت الكنيسة عصر الاستشهاد بقتل هابيل وإستمر مسلسل إضطهاد الكنيسة وسيستمر ليصل إلى ذروته عند مجيء ضد المسيح. ونسمع صدى هذه الألام في السماء (رؤ9: 6 - 11). فالكنيسة دخلت في شركة الصليب مع مسيحها.

الأعداد 1-3

الآيات (1 - 3): -

"1اَللَّهُمَّ، بِآذَانِنَا قَدْ سَمِعْنَا. آبَاؤُنَا أَخْبَرُونَا بِعَمَل عَمِلْتَهُ فِي أَيَّامِهِمْ، فِي أَيَّامِ الْقِدَمِ. 2أَنْتَ بِيَدِكَ اسْتَأْصَلْتَ الأُمَمَ وَغَرَسْتَهُمْ. حَطَّمْتَ شُعُوبًا وَمَدَدْتَهُمْ. 3لأَنَّهُ لَيْسَ بِسَيْفِهِمُ امْتَلَكُوا الأَرْضَ، وَلاَ ذِرَاعُهُمْ خَلَّصَتْهُمْ، لكِنْ يَمِينُكَ وَذِرَاعُكَ وَنُورُ وَجْهِكَ، لأَنَّكَ رَضِيتَ عَنْهُمْ.".

هذه خبرات سمع عنها المرنم من الكتاب المقدس عن أعمال الله مع الشعب سابقاً. ومن المهم دائماً أن نسبح الله ونذكر أعماله السابقة لإحياء روح الرجاء فينا وسط ألامنا. وكما أعان الله موسى ويشوع لدخول الأرض وهزيمة الأعداء. هكذا كان بالصليب هزيمة إبليس والمسيح هنا هو يمين الرب وذراعه ونور وجهه فهو النور الذي رأيناه وفيه رأينا الآب "الله لم يره أحد قط الإبن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خَبَّر" (يو1: 18).

مَدَدْتَهُمْ = أي وسعت تخومهم وأخذوا الأرض كلها.

الأعداد 4-8

الآيات (4 - 8): -

"4أَنْتَ هُوَ مَلِكِي يَا اَللهُ، فَأْمُرْ بِخَلاَصِ يَعْقُوبَ. 5بِكَ نَنْطَحُ مُضَايِقِينَا. بِاسْمِكَ نَدُوسُ الْقَائِمِينَ عَلَيْنَا. 6لأَنِّي عَلَى قَوْسِي لاَ أَتَّكِلُ، وَسَيْفِي لاَ يُخَلِّصُنِي. 7لأَنَّكَ أَنْتَ خَلَّصْتَنَا مِنْ مُضَايِقِينَا، وَأَخْزَيْتَ مُبْغِضِينَا. 8بِاللهِ نَفْتَخِرُ الْيَوْمَ كُلَّهُ، وَاسْمَكَ نَحْمَدُ إِلَى الدَّهْرِ. سِلاَهْ.".

هذه صلاة ليخلص الله شعبه الآن كما خلَّص سابقاً "فيسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد" (عب8: 13). أنت هو ملكي يا الله. فَأْمُرْ بِخَلاَصِ يَعْقُوبَ = ما أجمل أن يستغل المؤمن دالته لدى الله، ويصلي طالباً الخلاص لكل الكنيسة. بِكَ نَنْطَحُ مُضَايِقِينَا = أي خطايانا وشهواتنا وإبليس نفسه. فأنت قوتنا = وعَلَى قَوْسِي (قوتي) لاَ أَتَّكِلُ.

الأعداد 9-16

الآيات (9 - 16): -

"9لكِنَّكَ قَدْ رَفَضْتَنَا وَأَخْجَلْتَنَا، وَلاَ تَخْرُجُ مَعَ جُنُودِنَا. 10تُرْجعُنَا إِلَى الْوَرَاءِ عَنِ الْعَدُوِّ، وَمُبْغِضُونَا نَهَبُوا لأَنْفُسِهِمْ. 11جَعَلْتَنَا كَالضَّأْنِ أُكْلاً. ذَرَّيْتَنَا بَيْنَ الأُمَمِ. 12بِعْتَ شَعْبَكَ بِغَيْرِ مَال، وَمَا رَبِحْتَ بِثَمَنِهِمْ. 13تَجْعَلُنَا عَارًا عِنْدَ جِيرَانِنَا، هُزْأَةً وَسُخْرَةً لِلَّذِينَ حَوْلَنَا. 14تَجْعَلُنَا مَثَلاً بَيْنَ الشُّعُوبِ. لإِنْغَاضِ الرَّأْسِ بَيْنَ الأُمَمِ. 15الْيَوْمَ كُلَّهُ خَجَلِي أَمَامِي، وَخِزْيُ وَجْهِي قَدْ غَطَّانِي. 16مِنْ صَوْتِ الْمُعَيِّرِ وَالشَّاتِمِ. مِنْ وَجْهِ عَدُوٍّ وَمُنْتَقِمٍ.".

هنا وصف للحالة المؤلمة الحالية، فالله حين رفض شعبه بسبب خطاياهم صاروا عاراً وهزءاً بين أعدائهم. وهذا تعبير عن حال الشعب في السبي، وحال بنى آدم حين إستعبدهم إبليس وحال كل خاطئ يتخلى الله عنه. ولنلاحظ أن ما حلَّ بالشعب أو ببني آدم ليس بسبب قوة العدو بل بسبب تخلي الله عنهم لخطاياهم، والله سمح بهذا للتأديب. فمثلاً من ظن نفسه قوى حين يرى نفسه مثل شاة تساق للذبح يعرف ضعفه ويتضع فيخلص. ونجد المرنم هنا يعاتب الله = بِعْتَ شَعْبَكَ بِلاِ ثمن، وَمَا رَبِحْتَ بِثَمَنِهِمْ = حين سلمهم الله للعار وسط أعدائهم الذين يهينونهم ويهينون إسم الله. هو عتاب ودي ليرفع الله الضيقة عن شعبه، وهو تعليم للشعب فالله لا يطلب نفعاً لنفسه من وراء ضيقتهم فهو لم يبعهم منتظراً ربحاً. بل سلمهم وباعهم ليؤدبهم فيخلصوا. بل صار تأديبنا صورة لألام المسيح فالآيات (14 - 16) تتكلم عن ألام المسيح فنحن نشترك معه في صليبه لنشترك معه في قيامته. (وهذه السخرية هي سخرية الأدوميين ضد شعب الله وحدثت عند سبي بابل).

الأعداد 17-22

الآيات (17 - 22): -

"17هذَا كُلُّهُ جَاءَ عَلَيْنَا، وَمَا نَسِينَاكَ وَلاَ خُنَّا فِي عَهْدِكَ. 18لَمْ يَرْتَدَّ قَلْبُنَا إِلَى وَرَاءٍ، وَلاَ مَالَتْ خَطْوَتُنَا عَنْ طَرِيقِكَ، 19حَتَّى سَحَقْتَنَا فِي مَكَانِ التَّنَانِينِ، وَغَطَّيْتَنَا بِظِلِّ الْمَوْتِ. 20إِنْ نَسِينَا اسْمَ إِلهِنَا أَوْ بَسَطْنَا أَيْدِيَنَا إِلَى إِلهٍ غَرِيبٍ، 21أَفَلاَ يَفْحَصُ اللهُ عَنْ هذَا؟ لأَنَّهُ هُوَ يَعْرِفُ خَفِيَّاتِ الْقَلْبِ. 22لأَنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ الْيَوْمَ كُلَّهُ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ.".

هنا المرنم مازال يعاتب الله الذي تركه بالرغم من أنه متمسك بالإيمان به. هذا مثل صوت بطرس "يا رب أنت تعلم أني أحبك" لذلك إقتبس بولس الآية (22) للإعلان عن حبه للمسيح، هنا إعلان عن حب الله رغماً عن العقاب الصادر ضد الإنسان بالموت = غَطَّيْتَنَا بِظِلِّ الْمَوْتِ = فموتنا الآن هو ظل الموت، أما الموت الحقيقي فهو الإنفصال عن الله. وتعني أن حياتنا قصيرة نسير فيها نحو هدف واحد هو الموت. بل نحن معرضين للموت كل حين، وأولاد الله يسيرون في هذا الطريق الضيق بلا تذمر كما فعل الشهداء فهم يعرفون أنهم في طريق المسيح وكما إحتمل هو الألم والموت ثم قام وصعد، سيقومون معه إن كانوا ثابتين فيه فهو الطريق. ويكمل عتابه الرقيق لله = حَتَّى سَحَقْتَنَا فِي مَكَانِ التَّنَانِينِ = التنانين هي مخلوقات جبارة تشير للمتكبرين والعتاة من البشر الذين سحقهم الله، والعتاب معناه لقد قبلنا منك يا رب أن تحكم علينا بالموت مثلهم، مع أننا نحبك ولم نترك طريق الإيمان بك. ثم يترك الأمر كله بين يدي الله الذي يعرف خفايا القلوب ويعلم إيمانه ومحبته.

الأعداد 23-26

الآيات (23 - 26): -

"23اِسْتَيْقِظْ! لِمَاذَا تَتَغَافَى يَا رَبُّ؟ انْتَبِهْ! لاَ تَرْفُضْ إِلَى الأَبَدِ. 24لِمَاذَا تَحْجُبُ وَجْهَكَ وَتَنْسَى مَذَلَّتَنَا وَضِيقَنَا؟ 25لأَنَّ أَنْفُسَنَا مُنْحَنِيَةٌ إِلَى التُّرَابِ. لَصِقَتْ فِي الأَرْضِ بُطُونُنَا. 26قُمْ عَوْنًا لَنَا وَافْدِنَا مِنْ أَجْلِ رَحْمَتِكَ.".

هي صرخة من أجل الخلاص، مبنية على القيامة مع المسيح = اِسْتَيْقِظْ يَا رَبُّ لِمَاذَا تنام = تَتَغَافَى.. انْتَبِهْ = قم فنحن نقبل أن نموت لأن لنا رجاء في القيامة، والصراخ للمسيح ليستيقظ هو صراخنا نحن بالتوبة والصبر والاحتمال.

انْتَبِهْ = المعني أنظر إلي حالنا البائس ولا تتركنا هكذا.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

المزمور الخامس والأربعون - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

المزمور الثالث والأربعون - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 44
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 44