اَلْمَزْمُورُ التَّاسِعُ وَالتِّسْعُونَ – سفر المزامير – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور التاسع والتسعون (الثامن والتسعون في الأجبية)

هذا المزمور مثل ما سبقه، تسبيح لله الذي أقام مملكته بصليبه على الأرض. وهذا المزمور يشير لأن عمل الله الذي كمل على الصليب بدأ منذ زمان طويل في العهد القديم. وأن الله الذي أظهر مراحمه على الصليب أظهرها بصور أخرى مع شعب العهد القديم، فالله لم يترك شعبه بل تعهدهم بأنبيائه وأخيراً أرسل إبنه "يسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد" (عب8: 13). مراحم الله ثابتة لا تتغير ولكنها تجلت بصورة عجيبة على الصليب.

هذا المزمور هو واحد من 3 مزامير تبدأ بأن الرب قد ملك، والمرنم يتهلل كنبوة بالمسيح الذي سيملك بصليبه. ولكن المسيح منذ الأزل هو ملك بدليل أنه جالس على الكروبيم وأنه يثبت الاستقامة والحق ومنه ترتعد الشعوب.

العدد 1

آية (1): -

"1اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ. تَرْتَعِدُ الشُّعُوبُ. هُوَ جَالِسٌ عَلَى الْكَرُوبِيمِ. تَتَزَلْزَلُ الأَرْضُ.".

تَرْتَعِدُ الشُّعُوبُ = فالمسيح هو الديان الذي دان إبليس على الصليب وبعدله سيدين كل من يتبعه. بل بعمل روحه القدوس في الكرازة، كان من يسمع يرتعد (أع25: 24 + أع11: 5). فعمل الله بقوة، والكلام الذي من الروح القدس له قوة ترهب من يسمع. والله جَالِسٌ عَلَى الْكَرُوبِيمِ = ملكه أزلى، هو أعلى من الملائكة وكاروب تعني معرفة، فهم مملوئين أعيناً، أي مملوئين حكمة ومعرفة لله وأموره. وقوله جالس تفيد سموه عنهم، وتشير لراحة الله فيهم، إذ هم يعرفونه كملك السماء والأرض. ومن يعرف الله يحبه ومن يرفض الله سيرتعد من أحكامه. تَتَزَلْزَلُ الأَرْضُ = الأرض الجماد، لا تحتمل مجد الله فتتزلزل (خر18: 19 + 1مل11: 19). وهكذا كل نفس حين تسمع صوت الروح القدس تتزلزل، ومن يستجيب تتغير حياته بالتوبة، ومن لا يستجيب سيجد رعباً.

العدد 2

آية (2): -

"2الرَّبُّ عَظِيمٌ فِي صِهْيَوْنَ، وَعَال هُوَ عَلَى كُلِّ الشُّعُوبِ.".

هذا لأن معرفة الله وناموسه وشرائعه بدأت مع شعب اليهود. وبالمسيح اجتمع اليهود مع الأمم وصار الله عَال عَلَى كُلِّ الشُّعُوبِ = الكل آمنوا بالله.

العدد 3

آية (3): -

"3يَحْمَدُونَ اسْمَكَ الْعَظِيمَ وَالْمَهُوبَ، قُدُّوسٌ هُوَ.".

العدد 4

آية (4): -

"4 وَعِزُّ الْمَلِكِ أَنْ يُحِبَّ الْحَقَّ. أَنْتَ ثَبَّتَّ الاسْتِقَامَةَ. أَنْتَ أَجْرَيْتَ حَقًّا وَعَدْلاً فِي يَعْقُوبَ.".

عِزُّ الْمَلِكِ أَنْ يُحِبَّ الْحَقَّ = "كرامة الملك أن يحب العدل" (سبعينية). والعدل يقول أن الخاطئ يموت، وهذا صنعه المسيح بدلاً عنا وسط يعقوب أي في أورشليم.

العدد 5

آية (5): -

"5عَلُّوا الرَّبَّ إِلهَنَا، وَاسْجُدُوا عِنْدَ مَوْطِئِ قَدَمَيْهِ. قُدُّوسٌ هُوَ.".

عَلُّوا الرَّبَّ إِلهَنَا = علُّوه ومجدوه بالرغم من أنكم ترونه الآن متواضعاً على الصليب. لذلك فتسبحة البصخة "لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد.." ومن إستجاب وفهم وأدرك عظمة عمل المسيح إلهنا الذى عمله على الصليب ماذا يصنع؟ اسْجُدُوا عِنْدَ مَوْطِئِ قَدَمَيْهِ = يفهم اليهود أن موطئ قدمي الله هو هيكل سليمان (مرا 1: 2) وفي العهد الجديد نفهم أن هيكل سليمان يشير لجسد المسيح (يو21: 2). فموطئ قدمي الله هو جسد المسيح، فرأس المسيح هو لاهوته لإرتفاع علوه وسيادته، وأما قدميه فهو الجسد الذي لبسه ليسير به على الأرض. وصار مكان صليبه هو مَوْطِئِ قَدَمَيْهِ. ومهما حاولنا أن نرفع عقولنا لندرك علو إرتفاعه سنفشل، ولعلنا نتواضع ونسجد أمامه، أمام سر تجسده ومحبته التي بهما كان يسير على الأرض حباً لنا. لنسجد لهذه المحبة العجيبة التى كانت سببا فى حياتنا الأبدية.

الأعداد 6-7

الآيات (6 - 7): -

"6مُوسَى وَهَارُونُ بَيْنَ كَهَنَتِهِ، وَصَمُوئِيلُ بَيْنَ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِهِ. دَعَوْا الرَّبَّ وَهُوَ اسْتَجَابَ لَهُمْ. 7بِعَمُودِ السَّحَابِ كَلَّمَهُمْ. حَفِظُوا شَهَادَاتِهِ وَالْفَرِيضَةَ الَّتِي أَعْطَاهُمْ.".

يسوع هذا الذي نراه مصلوباً، هو من تنبأ عنه الأنبياء، بل هو الذي أرسلهم حباً لشعبه، ليعلموا شعبه الوصايا، فلا يهلك الشعب، بل هم كانوا رجال صلاة يتشفعون عن الشعب، وكانوا يصلون له، فهو يهوه، وهو يستجيب. هم كانوا كهنة يقدمون ذبائح رمزاً للذبيح الأعظم الذي إستجاب أخيراً لصلواتهم وقدم نفسه. بِعَمُودِ السَّحَابِ كَلَّمَهُمْ = عمود السحاب رمز لروح الله الذى كان يقودهم وهم نقلوا ما قاله الروح بأمانة = حَفِظُوا شَهَادَاتِهِ. وقد نفهم أن عمود السحاب يشير لعدم فهمهم للنبوات الى قالوها كما يخفى السحاب الشمس لكنهم كتبوا ما سمعوه من الروح بأمانة، وتحقق كل ما كتبوه.

العدد 8

آية (8): -

"8أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُنَا، أَنْتَ اسْتَجَبْتَ لَهُمْ. إِلهًا غَفُورًا كُنْتَ لَهُمْ، وَمُنْتَقِمًا عَلَى أَفْعَالِهِمْ.".

كان الله يستجيب لهم في شفاعاتهم عن الشعب، وينتقم من أعداء الشعب وكل من قاومهم (قورح / داثان.. العماليق..). وقد استجاب أخيراً بصليبه وفدائه الذى تنبأوا عنه والذي به غفر فعلاً كل خطايا المؤمنين، وبه انتقم من إبليس وأتباعه.

العدد 9

آية (9): -

"9عَلُّوا الرَّبَّ إِلهَنَا، وَاسْجُدُوا فِي جَبَلِ قُدْسِهِ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَنَا قُدُّوسٌ.".

تعليق على المزمور.

الرب قد ملك. ترتعد الشعوب = ملك الرب بصليبه وإرتعدت الشياطين التى صار لها الصليب علامة رعب وعرفوا مصيرهم. بل هم إرتعدوا منذ شعروا بقوة المسيح أثناء حياته على الآرض فقالوا "آه! ما لنا ولك يا يسوع الناصري! اتيت لتهلكنا! انا اعرفك من انت قدوس الله" (مر1: 24). ويذهب مع الشياطين إلى مصيرهم كل من تبعهم = الشعوب. فيسوع الناصرى هذا هو الديان = الجَالِسٌ عَلَى الْكَرُوبِيمِ. أما المخلصين = يَحْمَدُونَ اسْمَكَ الْعَظِيمَ وَالْمَهُوبَ. هؤلاء المخلصين كان محكوما عليهم بالموت بسبب خطاياهم، ولمحبة الله لهم ولأنه يحب العدل أيضاً فقد فداهم بإبنه الوحيد = وَعِزُّ الْمَلِكِ أَنْ يُحِبَّ الْحَقَّ = فيا أيها المخلصين _ عَلُّوا الرَّبَّ إِلهَنَا - فلقد ظهرت عظمته وجلاله وعدله فى هذا الفداء. وكان فداء المسيح بتقديم نفسه ذبيحة، فصار رئيس كهنتنا الحقيقى كما كان هرون فى القديم. وصار شفيعا عنا أمام الله الآب فى السماء كما كان موسى وصموئيل فى العهد القديم. فشعب الله فى العهد القديم إحتاج لرئيس كهنة وكهنة يقدمون عنهم ذبائح دموية، ولأبرار يشفعون فيه بصلواتهم كما فعل موسى وصموئيل ليصيروا مقبولين أمام الله = دَعَوْا الرَّبَّ وَهُوَ اسْتَجَابَ لَهُمْ. وهذا ما قام به المسيح تماما إذ قدم نفسه ذبيحة عنا وهو يشفع فينا أمام الله (عب7: 22 - 28). وكما كان عمود السحاب يقود الشعب فى البرية والناموس يقودهم بعد ذلك = بِعَمُودِ السَّحَابِ كَلَّمَهُمْ. حَفِظُوا شَهَادَاتِهِ وَالْفَرِيضَةَ الَّتِي أَعْطَاهُمْ، صار الروح القدس هو الذى يقود الكنيسة. ولنا وصايا المسيح نورا لنا. حقا "الناموس... له ظل الخيرات العتيدة" ورموزا تشرح عمل الفداء العظيم (عب10: 1).

المزمور بدأ بأن الرب يسوع قد ملك بصليبه وشفاعته الكفارية. ثم تأمل فى عمل الله فى القديم فوجد أن خطة الله للخلاص هى خطة أزلية، إذ بدأ الله فى شرح خطته الخلاصية فى كهنوت هرون وشفاعة موسى وصموئيل فى شعبه. وكيف كان موسى هو المخلص لشعب الله من العبودية، وذبائح هرون تشفع فى الشعب عبر رحلتهم.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

اَلْمَزْمُورُ الثَّامِنُ وَالتِّسْعُونَ - سفر المزامير - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 99
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 99