المزمور الثاني عشر – سفر المزامير – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور الثَّانِي عَشَرَ

صراخ المساكين وتدخل الله.

لإمام المغنين على "القرار". مزمور لداود.

"خلص يا رب لأنه قد انقرض التقى.." (ع1).

مقدمة:

1. كاتبه: هو داود وكان يرنم بواسطة مجموعة لها إمام، أو قائد.

2. المناسبة التي قيل فيها هذا المزمور:

هناك رأيان:

أ - عندما كان داود يخدم شاول وكانت هناك أقاويل من مساعدى شاول، وكانوا يتملقونه ويتكلمون كلامًا شريرًا على داود، فصرخ داود إلى الله؛ لينقذه ويسنده.

ب - عندما هجم الفلسطينيون على مدينة قعيلة ونهبوها، صرخ داود إلى الله، وطلب إرشاده، فقال له أن يحارب الفلسطينيين ويحرر قعيلة. وكان ذلك أثناء هروبه من شاول (1 صم23: 1 - 6).

3. في عنوان هذا المزمور يقول على القرار وهى درجة من درجات الصوت، ينشد عليها هذا المزمور.

4. في الترجمة السبعينية يعنون هذا المزمور بكلمة للنهاية أو للتمام، وهي تعنى أن تدخل الله وإنقاذه للمساكين تكون طوال الأيام، أى طوال عمر البشرية.

أيضًا في الترجمة السبعينية يعنون في هذا المزمور بكلمة "للثامن" أو "عن الثامن" وهذا معناه أن كلام الأشرار يبطل، أما الأبرار فهم الذين يبقون مع الله إلى الثامن؛ الذي يرمز للأبدية، أي 5. يبقى الأبرار مع الله إلى الأبد، أما الأشرار فيذهبون للجحيم.

6. نجد علاقة بين المزامير 9، 10، 11، 12 وكذلك المزمور 14، فكلها تتكلم عن كلام الأشرار وأفعالهم وتدخل الله؛ لإنقاذ أولاده المساكين، فهي تناسب أوقات الضيقة والظلم، فيردد أولاد الله هذه المزامير؛ لينالوا معونة الله.

7. يوجد هذا المزمور في صلاة باكر بالأجبية ويختلف في رقمه فيأخذ رقم 11 في الأجبية لانضمام مزمورى 9، 10 في مزمور واحد في الترجمة السبعينية التي أخذت منها الأجبية.

العدد 1

ع1:

خَلِّصْ يَا رَبُّ، لأَنَّهُ قَدِ انْقَرَضَ التَّقِيُّ، لأَنَّهُ قَدِ انْقَطَعَ الأُمَنَاءُ مِنْ بَنِي الْبَشَرِ.

يتذكر داود مظالم شاول له، وكذلك الفلسطينيين، وكل ظلم يقع على أولاد الله، فيصرخ إلى الرب قائلًا "خلص يا رب"؛ لأنه لا رجاء للمساكين في الضيقة إلا الله.

قد "انقرض التقى"، أي قل جدًا عدد خائفى الله؛ الذين يسلكون بالبر نتيجة ظلم الأشرار لهم، فمات البعض وخاف الآخرون من الناس، فتركوا البر. والأشرار يحاولون إفناء الأبرار حتى لا يدينونهم بصلاحهم، فيتخلص الأشرار من وخز الضمير، إذ يُشعرهم الشيطان أن ما يعملونه من شر هو السلوك الطبيعي للناس.

"انقطع الأمناء من بنى البشر"، أي قل جدًا عدد الأمناء في المعاملات التجارية وكذلك الأمناء في التمسك بالإيمان والعقيدة، فأصبحت الأغلبية يشوبها الأفكار الغريبة والشكوك.

يطلب داود الخلاص لانتشار الشر في العالم، وهذا الخلاص قد تم في ملء الزمان بتجسد المسيح المخلص. وقد شعر إيليا بنفس مشاعر داود، عندما قال لله وبقيت أنا وحدى بعد أن ضل الكل، فطمأنه الله أن هناك سبعة آلاف ركبة لم تجثُ لبعل (1 مل19: 18).

العدد 2

ع2:

يَتَكَلَّمُونَ بِالْكَذِبِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ صَاحِبِهِ، بِشِفَاهٍ مَلِقَةٍ، بِقَلْبٍ فَقَلْبٍ يَتَكَلَّمُونَ.

ملقة: من التملق وهو إظهار غير ما يبطن الإنسان لخداع المستمع بمديح زائف.

بقلب فقلب: يكون للشرير قلبان بمعنى وجهين، فيتكلم بالغش للمستمع مع أن في داخله مشاعر عكسية.

الأشرار كذابون لأنهم يظهرون غير ما يبطنون، فيتكلمون بمديح للآخرين مع أنهم يكرهونهم في قلوبهم، أو يطمئنونهم مع أن الأمر يحتاج إلى احتراس؛ وذلك ليوقعوهم في الفخ، فالمقصود من كلام الأشرار خداع الأبرار وإسقاطهم بمؤامرات خبيثة في مشاكل كثيرة للتخلص منهم، وهذا استمرار لما ذكرته الآية الأولى.

أورد أرميا نفس المعنى على الأشرار في (أر9: 4، 5) والمسيح نفسه وبخ الكتبة والفريسيين؛ لأجل ريائهم (مت23)، ويعقوب الرسول يحدثنا عن خطورة لسان الأشرار.

العدد 3

ع3:

يَقْطَعُ الرَّبُّ جَمِيعَ الشِّفَاهِ الْمَلِقَةِ وَاللِّسَانَ الْمُتَكَلِّمَ بِالْعَظَائِمِ،.

العظائم: الخطايا الكبيرة.

وصل شر الأشرار ليس فقط إلى الغش، بل إلى التكلم ببجاحة عن الخطايا الكبيرة الشنيعة كأنها أمر عادى.

يعلن داود النبي أن هناك تهديدًا إلهيًا للأشرار بأن الله يستأصل الشفاه الغاشة واللسان الشرير، أي يستأصل الأشرار إن لم يتوبوا، فهو دعوة للتوبة ولكن بحزم لعل الأشرار ينتبهون.

العدد 4

ع4:

الَّذِينَ قَالُوا: «بِأَلْسِنَتِنَا نَتَجَبَّرُ. شِفَاهُنَا مَعَنَا. مَنْ هُوَ سَيِّدٌ عَلَيْنَا؟ ».

يصف هؤلاء الأشرار بالكبرياء، الذين جبروتهم وقوتهم في لسانهم، مع أنهم في الحقيقة غشاشون ليست لهم قيمة أمام قوة الله. وهم أعلنوا أنهم أحرار يقولون ما يريدون.

ظهر على مر التاريخ أشرار أهملوا وجود الله وتكبروا مثل فرعون (خر15: 4) الذي كانت نهايته الغرق مع جيشه في البحر الأحمر وهيرودس الذي قبل المدح كإله، فضربه الله بالدود ومات.

† لا تنزعج من مؤامرات الأشرار وظلمهم، فهو مؤقتة وستنتهي تمسك بصلاتك، فإن الله يسمعك وقريب منك وما يسمح به من متاعب لك هو لخيرك، حتى تتنقى من خطاياك، ولكنه يحفظك وأعد لك مكانًا عظيمًا في الملكوت.

العدد 5

ع5:

«مِنِ اغْتِصَابِ الْمَسَاكِينِ، مِنْ صَرْخَةِ الْبَائِسِينَ، الآنَ أَقُومُ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَجْعَلُ فِي وُسْعٍ الَّذِي يُنْفَثُ فِيهِ».

في وسع: أي في اتساع وراحة.

الذى ينفث فيه: الذي ينفخ ويصب الأشرار غضبهم عليه ويؤذونه.

يطيل الله آناته على الأشرار؛ ليتوبوا ولكن تماديهم في الشر يجعلهم يستنفذون فرصتهم، خاصة عندما يصرخ إلى الله المساكين نتيجة تعرضهم لظلم الأشرار، فيتدخل الله سريعًا، إذ يقول الآن أقوم.

لا يوقف الله الأشرار فقط، بل يمجد أولاده المساكين الأبرار يجعلهم في راحة وحياة متسعة آمنة. ويكون هذا معلنًا واضحًا أمام الكل؛ ليثبت خائفى الله وينبه الأشرار ليتوبوا. وفى الترجمة السبعينية، أي الأجبية يقول أصنع الخلاص علانية بدلًا من أجعل في وسع الذي ينفث فيه، أي يكون خلاص المساكين المظلومين واضحًا أمام الكل.

هذا التهديد الإلهي بقيام الله ليخلص الأبرار من أيدى الأشرار، نفذه الله مرات كثيرة مثل إخراج شعبه من أرض مصر، وإغراق فرعون وجيشه في البحر وكذلك تخليصه شعبه من عماليق في حربهم داخل برية سيناء. وتخليص شعبه من الأمم الوثنية المحيطة مرات كثيرة، أيام يشوع والقضاة وشاول وداود وسليمان.

هذا الخلاص الإلهي العلنى تممه المسيح في ملء الزمان على الصليب وسيعلنه أيضًا بقوة في يوم الدينونة أمام كل البشر من آدم إلى نهاية الدهور.

العدد 6

ع6:

كَلاَمُ الرَّبِّ كَلاَمٌ نَقِيٌّ، كَفِضَّةٍ مُصَفَّاةٍ فِي بُوطَةٍ فِي الأَرْضِ، مَمْحُوصَةٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ.

بوطة: فرن لصهر المعادن (بوتقة).

ممحوصة: مصفاة من الشوائب، أي نقية.

إن كان كلام الأشرار غش وتملق ونفاق، فكلام الله نقى، وينقى سامعيه، كما قال المسيح بنفسه "أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به" (يو15: 3).

كلام الله نقى مثل الفضة التي تنقى في البوطة سبع مرات، أي تنقية كاملة. فهو يُظهر مدى نقاوة كلام الله، إذ ليس به أية شوائب. والمسيح في عظته على الجبل قال السبع تطويبات الأولى والتي توجد فيمن يقبل التطويب الثامن وهو الطرد، أي لا يمكن الوصول إلى التطويب الثامن إلا إذا تنقى الإنسان بواسطة التطويبات السبع الأولى.

العدد 7

ع7:

أَنْتَ يَا رَبُّ تَحْفَظُهُمْ. تَحْرُسُهُمْ مِنْ هذَا الْجِيلِ إِلَى الدَّهْرِ.

يعلن داود النبي أن الله يحفظ ويحرس أولاده الأبرار من أيدي الأشرار، فلا تصيبهم ضيقة إلا بما يسمح به الله لمنفعتهم، فهم في حماية الله طوال حياتهم في هذا الدهر وهذا يعطيهم طمأنينة، فيتحركون بحرية في علاقتهم بالله وخدمتهم له.

يَعِد النبي الأبرار المتضعين، أي المساكين بأن الله يحفظهم معه إلى الأبد، بل يمتعهم بعشرته في ملكوت السموات، فهم يتمتعون بالله طوال حياتهم، ثم في السماء. وذلك بخلاف الأشرار الذين يحيون في اضطراب وعندما يموتون يذهبون للعذاب الأبدي. ولذا فعنوان هذا المزمور يقول إلى النهاية للثامن أي يحفظ الله حياة الأبرار على الأرض ويمتعهم بأمجاد الملكوت التي يرمز إليها اليوم الثامن.

العدد 8

ع8:

الأَشْرَارُ يَتَمَشَّوْنَ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ عِنْدَ ارْتِفَاعِ الأَرْذَالِ بَيْنَ النَّاسِ.

الأرذال: الأشرار.

يتمشون من كل ناحية: ينتشرون في العالم كله.

بعد أن ختم داود المزمور في الآية السابعة برعاية الله لأولاده، يعود في الآية الأخيرة الثامنة هنا، فيعلن أن الأشرار سيظلوا منتشرين في كل مكان في العالم، ومعظمهم لن يتوب، فلا يتشكك الأبرار من انتشار الشر، بل يثبتوا ويستندوا على الله، الذي يحميهم.

سيسند الأشرار تولى بعضهم سلطات كبيرة في العالم، فيشجعون الشر، وتنتشر الخطايا، بل تصبح هي قانون العالم، ولكن كل هذا لا يجعل أولاد الله يضطربون؛ لأن المسيح قال "العالم كله قد وضع في الشرير" (1 يو5: 19).

† إن الله يسمع طلبتك خاصة وأنت في الضيقة الشديدة، ويسرع إليك، فلا تيأس، بل اطلبه بإيمان وإلحاح، فهو قادر أن ينقذك من كل شر، مهما أحاط بك.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

المزمور الثالث عشر - سفر المزامير - مارمرقس مصر الجديدة

المزمور الحادي عشر - سفر المزامير - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 12
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 12