المزمور الثالث عشر – سفر المزامير – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور الثَّالِثُ عَشَرَ

الالتجاء إلى الله.

لإمام المغنين. مزمور لداود.

"إلى متى يا رب تنسانى.." (ع1).

مقدمة:

1. كاتب هذا المزمور هو داود النبي.

2. متى قيل هذا المزمور:

هناك آراء ثلاثة هي:

أ - عندما كان داود هاربًا من وجه شاول، وكان شاول يضع مراقبين له في كل مكان، ويطارده بجيوش كبيرة للقبض عليه، وكاد في بعض الأوقات أن يقبض عليه، ولكن في آخر لحظة نجاه الله.

ب - عندما سقط داود في خطاياه الكبيرة مثل الزنا والقتل، فشعر بضيق شديد، كأن الله فارقه وصرخ إليه.

ج - عندما قام عليه أبشالوم ابنه وطرده من المملكة، وخرج ليحاربه محاولًا قتله.

3. هذا المزمور يردد جماعيًا لأنه معنون لإمام المغنين، أي جماعة من المغنين لها قائد.

4. هي صلاة قصيرة ينادى بها إنسان الله في الضيقة الشديدة، وتشمل جوانب الصلاة الأساسية وهي الشكوى والتضرع والتسبيح.

5. تتكلم بروح النبوة عن الضيقة التي تقابل شعب الله وهي السبي والذل أربع مرات على أيدي الممالك أشور وبابل، ثم مادي وفارس وبعدها اليونان؛ لذا يردد داود سؤال هام لله وهو "إلى متى" أربع مرات.

6. هذا المزمور يرمز للضيقات التي تأتى على الإنسان من كل ناحية في حياته، أي من أربع جهات العالم، لذا نجده قد كرر إلى متى؛ أربع مرات.

7. هذا المزمور يقال في الأجبية في صلاة باكر.

العدد 1

ع1:

إِلَى مَتَى يَا رَبُّ تَنْسَانِي كُلَّ النِّسْيَانِ؟ إِلَى مَتَى تَحْجُبُ وَجْهَكَ عَنِّي؟

لا يسأل داود سؤال استفهامى عندما يقول "إلى متى؟" بل يتوسل إلى الله من كل قلبه ويعاتبه، إذ يشعر أنه قد أهمله وتركه، بل يشعر أيضًا أنه قد حجب وجهه عنه؛ لأجل خطيته وضعفه، أو لإحاطة المشاكل والضيقات به.

إن داود رغم شعوره بعدم وجود الله معه لضغط الضيقة عليه، ولكن له رجاء فيه أن يخلصه؛ لذا صرخ إليه إلى متى تنسانى؟

يشعر الإنسان في فتوره الروحي أن الله قد أهمله، مع أن الله يتخلى قليلًا؛ حتى يجاهد الإنسان ويسعى نحو الله، فيختبر أعماقًا جديدة من محبته.

يحارب الشيطان الإنسان في الضيقة، فيوهمه أن الله قد ينساه كل النسيان، أو إلى الانقضاء حسب الترجمة السبعينية؛ ليسقط في اليأس، ولكن الجميل في داود أنه لم يستسلم، بل قام يصلى في عتاب لله؛ لينقذه من الضيقة.

إن داود قد تعود عشرة الله؛ لذا شعر أن الله قد حجب وجهه عنه، فتضايق جدًا وقدم توبة وصلاة؛ ليستعيد إحساسه بالله، الذي هو حياته. أما الإنسان البعيد عن الله، فلا يشعر بهذه المشاعر ولا يطلب الله بهذا الإلحاح.

هذه الآية نبوة عن المسيح الذي قال على الصليب "إلهى إلهي لماذا تركتنى؟" (مت27: 46)، فهو يعتبر من هذه الناحية من المزامير المسيانية.

نلاحظ أن داود لم يشتك من شاول، أو أبشالوم، أو أى ظروف صعبة تحيط به، بل وجه شكواه لله قائلًا إلى متى تنسانى؟ إذ يشعر أن وجود الله معه يكفيه ويحميه وينقذه من أية ضيقة، فهو لا يتضايق من الناس لكنه محتاج لله.

العدد 2

ع2:

إِلَى مَتَى أَجْعَلُ هُمُومًا فِي نَفْسِي وَحُزْنًا فِي قَلْبِي كُلَّ يَوْمٍ؟ إِلَى مَتَى يَرْتَفِعُ عَدُوِّي عَلَيَّ؟

بعد أن عاتب داود الله في الآية الأولى العتاب الأول وهو الإهمال والنسيان، وعاتبه العتاب الثاني وهو حجب وجهه عنه، يعاتبه هنا العتاب الثالث وهو أن قلبه قد امتلأ بالهموم والحزن، نتيجة خطيته وقسوة الضيقة عليه، فأفكار داود التي يحركها الشيطان تضغط عليه؛ ليكتئب تحت ثقل أفكار الهم والخوف.

يعاتب داود الله العتاب الرابع، فيقول لماذا سمحت أن يقوى علىَّ عدوى، وهو الشيطان ويذلنى، فهو اعتراف بضعفه وإيمان بقوة الله القادر أن يبعد عنه عدوه.

إن داود يتدرج في صراخه إلى الله في أربع درجات:

أ - إحساسه بإهمال الله له.

ب - شعوره بفقدان رؤية الله وعشرته؛ لأنه حجب وجهه عنه.

ج - امتلاء قلبه بالأفكار الشريرة من الهموم والحزن.

د - ضيقه من انتصار العدو عليه.

ولكن رغم كل هذا له رجاء في الله، فيصرخ إليه لينقذه من كل هذه المتاعب، التي تدرجت، كما ذكرنا، فالخطية المتدرجة الله قادر أن يرفعها وكل نتائجها.

إن داود يمثل الإنسان الروحي، الذي لا يستريح إلا في أحضان الله، فمهما كانت إمكانيات داود وقوته، فهو يطلب وجه الله، الذي يشبعه وينجيه من كل المتاعب، إذ أن عشرة الله هي حياته ولا بديل لها من غنى العالم؛ أو قوته، فإن كانت معه كل الإمكانيات وليس معه الله، فهو في ضيقة عظيمة.

الله لا ينسى الإنسان، ولكن الإنسان في خطيته يشعر أن الله قد نسيه، ولكن بالصلاة يستعيد إحساسه بالله.

إن القلق والهم والشعور بفقدان الله هو نتيجة طبيعية للخطية، ويعتبر ذلك نعمة إلهية، إذ تدفع الإنسان الروحي للصلاة، فيستعيد حياته مع الله.

† عندما تحل بك ضيقة اطلب الله وألح عليه؛ حتى يتدخل ويعيد إليك سلامك ويشعرك بوجوده، سواء برفع الضيقة في الحال، أو تركها لفترة، ولكنك ستفرح لإحساسك بأن الله معك.

العدد 3

ع3:

انْظُرْ وَاسْتَجِبْ لِي يَا رَبُّ إِلهِي. أَنِرْ عَيْنَيَّ لِئَلاَّ أَنَامَ نَوْمَ الْمَوْتِ،.

يخاطب داود الله "انظر" فهو يقصد أن ينظر إلى ذله واحتياجه وتجبر العدو عليه وتوبته؛ حتى ينقذه لأنه ابنه، وليس له رجاء إلا فيه.

يؤمن داود بأن الله أبوه السماوى، سيشعر به ويستجيب لصلاته؛ لذا يطالبه "استجب" ويقول له إلهى، فأنت الرب سيد كل الممالك، ولكنك أيضًا إلهي الذي تحبنى، ولا تطيق أن ترانى في هذا الضعف والذل. فأنت قادر يا الله على كل شيء، وفى نفس الوقت تحبنى محبة كاملة، وتخصنى بالرعاية لأننى ابنك.

يطلب أيضًا داود من الله أن ينير عينيه، أي يعطيه الاستنارة الروحية، وهي معرفة الله ليخرج من فتوره الروحي ويتخلص من خطيته، التي تفصل بينه وبين الله.

هذه الاستنارة هي الحياة لداود وبدونها يموت، فلا حياة بدون معرفة الله. ومن ناحية أخرى يطالب الله بالإسراع في إنارة عينيه، قبل أن يبتلع من الحزن، ويضعف أمام عدوه، فيهلكه، أي يطلب قوة الله ونوره لتحميه من الشياطين.

الاستنارة الروحية قادرة أن تعيد الثقة لنفس داود، والحماس الروحي، وتزيل الأحزان، وتصرع العدو تحت قدميه، أي ترد على كل درجات الخطية الأربع السابق ذكرها في.

العدد 4

ع4:

لِئَلاَّ يَقُولَ عَدُوِّي: «قَدْ قَوِيتُ عَلَيْهِ». لِئَلاَّ يَهْتِفَ مُضَايِقِيَّ بِأَنِّي تَزَعْزَعْتُ.

1. يطالب داود الله بالتدخل؛ لئلا تنقلب المبادئ بانتصار الشيطان، فيظن أنه أقوى من أولاد الله، وأنه استطاع أن يزعزهم ويبعدهم عن الله. فيطلب من الله أن يتدخل لما يلي:

أ - لمجد اسم الله.

ب - لينقذه من الهلاك.

ج - حتى يثبت الأبرار في البر ولا يتشككون.

د - ليخزى الأشرار فيتوبون.

2. كما تفرح السماء بخاطئ واحد يتوب، فالشياطين من ناحية أخرى تفرح بهلاك بار واحد ويهتفون؛ لذا يطالب داود الله بالتدخل السريع؛ لإيقاف فرح الأشرار بهلاك الصديق.

† إن إبليس ليس له سلطان عليك، فإن سقطت قم وطالب الله أن يبعده عنك وينقذك، بل يرفعك فتختبر عشرته، وينير عينيك، فتعوض كل ما فاتك.

العدد 5

ع5:

أَمَّا أَنَا فَعَلَى رَحْمَتِكَ تَوَكَّلْتُ. يَبْتَهِجُ قَلْبِي بِخَلاَصِكَ.

إذ تضرع داود إلى الله في.

وطلب الاستنارة الروحية، وضع كل اتكاله على رحمة الله، فاستقر نفسيًا وروحيًا وشعر بالطمأنينة، واستراح قلبه؛ لأنه لم يتكل على أية قوة بشرية، بل على الله القادر على كل شيء واسع المراحم، الذي يغفر كل خطية.

بعد الطمأنينة، شعر داود بالفرح لإحساسه بعمل الله معه، الذي أنقذه من عدوه، وكل أفكاره الشريرة، وغفر خطاياه.

بروح النبوة رأى داود المسيح المخلص، فابتهج قلبه بالخلاص الكامل على الصليب.

نرى هنا قوة الصلاة التي تحول الإنسان من الحزن الشديد والشكوى لله إلى التضرع بثقة وطلب الاستنارة، ثم الاتكال، وفى النهاية الفرح.

العدد 6

ع6:

أُغَنِّي لِلرَّبِّ لأَنَّهُ أَحْسَنَ إِلَيَّ.

شعر داود بنعمة الله وغفرانه ومساندته وإحسانه العظيم إليه؛ لذا رفع قلبه بالشكر والتسبيح والغناء.

يظهر إيمان داود، فرغم أن الضيقة لم ترفع خارجيًا؛ لكنه نال سلامًا قلبيًا بإيمانه، فشكر الله وسبحه، وبعد هذا كمل عمل الله فيه ورفعه ومجده.

رغم أن المزمور مختصر وصغير، لكنه شامل لكل مشاعر الإنسان في الضيقة، وعمل الله في القلب؛ حتى يفرحه في النهاية، فهو يصلح للصلاة في كل الضيقات.

† ما أجمل الشكر والتسبيح الذي ترفعه لله عندما يعمل في حياتك، فهو يثبت إيمانك، ويفرح قلبك، ويفرح قلب الله.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

المزمور الرابع عشر - سفر المزامير - مارمرقس مصر الجديدة

المزمور الثاني عشر - سفر المزامير - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 13
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 13