اَلْمَزْمُورُ الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ – سفر المزامير – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور الرَّابِعُ والستون

انتقام الله من مكايد الأشرار.

لإمام المغنين. مزمور لداود.

"استمع يا الله صوتى في شكواى.." (ع1).

مقدمة:

1. كاتبه: هو داود النبي كما يظهر من عنوان المزمور.

2. متى كتب:

أ - عندما كان داود مطاردًا من شاول، الذي دبر له مؤامرات كثيرة لإهلاكه.

ب - عندما كان مطاردًا من وجه ابنه أبشالوم.

3. يعتبر هذا المزمور مرثاة شخصية لداود، تُظهر مدى معاناته، ولكن في نفس الوقت ثقته وإيمانه بالله.

4. يناسب هذا المزمور كل إنسان يحارب من حوله، وتُدبر له المكايد، فهذا المزمور يثبت إيمانه بالله.

5. هذا المزمور يعتبر من المزامير المسيانية، إذ أن معظم أياته تتكلم عن أحداث واضحة في حياة المسيح.

6. لا يوجد هذا المزمور بصلاة الأجبية.

العدد 1

ع1:

اِسْتَمِعْ يَا اَللهُ صَوْتِي فِي شَكْوَايَ. مِنْ خَوْفِ الْعَدُوِّ احْفَظْ حَيَاتِي.

شعر داود بمؤامرات الأعداء المدبرة له، فالتجأ إلى الله بشكوى، طالبًا معونته، ليس فقط لإبطال هذه المؤامرات، بل حتى ينزع الخوف من قلبه، فلا يخشى الأعداء؛ لأن الله معه، فلا يستطيع أحد أن يغلبه. ويطلب أيضًا أن ينزع الله الخوف من قلبه من الشياطين، فهم لا شيء أمام حماية الله له.

هذه الصرخة إلى الله نبوة عن المسيح، وهو على الصليب، فيطلب من الآب أن يسمع صلاته، وهذا يثبت ناسوت المسيح. وهذه الصرخة نبوة أيضًا عن صرخات الشهداء، والكنيسة المتألمة في كل جيل.

العدد 2

ع2:

اسْتُرْنِي مِنْ مُؤَامَرَةِ الأَشْرَارِ، مِنْ جُمْهُورِ فَاعِلِي الإِثْمِ،.

يطلب داود من الله أن يحميه، ويستر عليه، فلا تصيبه مؤامرات الأعداء، خاصة وأن أعدادهم كبيرة، وهم جمهور أكبر منه، ولكن اعتماده على قوة الله يطمئنه.

يطلب أيضًا داود بلسان كل مؤمن أن يستر عليه من عرى الخطية، وخزيها، فلا يشمت به جمهور الشياطين، الذين يريدون إسقاطه وإهلاكه.

كانت مؤامرات اليهود على المسيح كثيرة، وتجمهروا بشكل كبير، فهذه الآية نبوة عن المسيح.

العدد 3

ع3:

الَّذِينَ صَقَلُوا أَلْسِنَتَهُمْ كَالسَّيْفِ. فَوَّقُوا سَهْمَهُمْ كَلاَمًا مُرًّا،.

صقلوا: تقال على السيف بمعنى تجعله حادًا، وتعنى هنا أن تكون ألسنتهم قوية وحادة في إيذائه.

فوقوا: ثبتوا السهم في الوتر، استعدادًا ليصيب هدفه. وتعنى هنا قوة ألسنتهم التي توجه كلامًا عنيفًا ليصيب داود.

يصف داود كلام أعدائه، وألسنتهم كالسيف المصقول، الحاد جدًا، وبالسهم المصوب بدقة نحو هدفه، ويصف أيضًا كلامهم بأنه مر، وهذا يبين مدى معاناة داود من كلام أعدائه القاسى عليه.

العدد 4

ع4:

لِيَرْمُوا الْكَامِلَ فِي الْمُخْتَفَى بَغْتَةً. يَرْمُونَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ.

كان أعداء داود متربصين له في كل مكان، حتى عندما كان يختفى عن أعينهم يذهبون إليه، ويرمونه بسهامهم، أي لا يتركونه في راحة أبدًا، ويطاردونه في كل مكان، وينقضون فجأة عليه؛ ليهلكوه، ولا يخشون الله، فهو بار وكامل ولم يؤذهم في شيء، ولكنهم أشرار وطبيعتهم شريرة، فيصنعون الشر حتى مع الأبرار.

هذه الآية تنطبق بروح النبوة على المسيح الذي أخفى لاهوته، وسلك بالبر، ولكن اليهود الأشرار صنعوا له مكايد، وانقضوا عليه بكلامهم، وأسئلتهم المحرجة، بل نادوا بصلبه بعد أن هجموا عليه بغتة في البستان، وقبضوا عليه، ولم يخشوا الله في كل ما صنعوه.

العدد 5

ع5:

يُشَدِّدُونَ أَنْفُسَهُمْ لأَمْرٍ رَدِيءٍ. يَتَحَادَثُونَ بِطَمْرِ فِخَاخٍ. قَالُوا: «مَنْ يَرَاهُمْ؟ ».

يشددون أنفسهم: يشجعون ويقوون أنفسهم.

طمر: دفن.

أظهر داود أن أعداءه كانوا يشجعون أنفسهم للإساءة إليه بأعمال ردية. وكانوا ينصبون له فخاخ يخفونها في الأرض، ويغطونها حتى لا تظهر، فيسقط فيها داود. وفيما هم يحفرون هذه الفخاخ يقولون في أنفسهم أن لا أحد يرانا؛ لأنهم يعملون ذلك في الخفاء، ناسين أن الله يراهم، وسيجازيهم عن شرورهم.

الفخاخ المطمورة إما كمين للانقضاض على داود وقتله، أو شهوات شريرة تغرى الناس بلذاتها، كما دبر الشيطان لداود فخ امرأة أوريا الحثى، فسقط معها، ثم ندم وتاب.

هذه الآية نبوة عن ما حدث مع المسيح، عندما اتفق اليهود على قتله، وحاولوا اصطياده بكلمة، ثم نادوا "اصلبه اصلبه"، ودبروا مكيدة للقبض عليه بواسطة يهوذا الأسخريوطى تلميذه، الذي أعطاهم علامة القبلة لتسليمه. فعلوا كل هذا ونسوا أن الله يراهم، وسيجازيهم عن أعمالهم، فتم خراب أورشليم سنة 70 م على يد الرومان، وقتل عدد ضخم من اليهود.

العدد 6

ع6:

يَخْتَرِعُونَ إِثْمًا، تَمَّمُوا اخْتِرَاعًا مُحْكَمًا. وَدَاخِلُ الإِنْسَانِ وَقَلْبُهُ عَمِيقٌ.

يواصل داود وصف الأشرار الذين يعادونه، فيقول أنهم يخترعون شرورًا متنوعة، واختراعاتهم كانت مدبرة بدقة للإيقاع بداود، وكل إنسان بار، مثل قيام أبشالوم ابن داود بثورة على أبيه، وطرده، ومحاولة قتله، فهذا اختراع لا يأتي على بال إنسان أن يهاجم الابن أبيه، ويحاول إهلاكه. وكذلك جعل الشيطان صديق داود وهو أخيتوفل يضع خطة لقتل داود. وهكذا نرى قلب الإنسان الشرير عميق مملوء شرًا، واختراعات إثم.

هذه الآية أيضًا تنطبق على المسيح، إذ جعل الشعب الذي أطعمه المسيح، وشفى مرضاه، وأخرج الشياطين منه، قام عليه وطالب "اصلبه اصلبه". بل أكثر من هذا جعل الشيطان تلميذ المسيح يهوذا الاسخريوطى يقوم عليه، ويبيعه لليهود، ويسلمه لهم.

† إن كانت مؤامرات الأشرار ومكايدهم مدبرة بدقة، ومخفية ليسقط فيها البار، فلا تنزعج؛ لأن كل شيء مكشوف وعريان أمام الله، وهو قادر أن يكشف هذه الفخاخ، وينقذك منها، فهو إلهك الذي يحبك، ويرعاك، فتمجده على إنقاذه لك.

العدد 7

ع7:

فَيَرْمِيهِمِ اللهُ بِسَهْمٍ. بَغْتَةً كَانَتْ ضَرْبَتُهُمْ.

إن الله أطال أناته على الأشرار، فدبروا مكايد كثيرة، تشمل اختراعات شريرة متنوعة، والله صبر عليهم، ليعطيهم فرصة للتوبة، ولكن إذا أصروا على الشر ينتقم منهم، فيرميهم فجأة بسهم قاتل، كما عاقب هيرودس الملك، الذي وصفه الصيدونيون أنه إله، فتكبر، وظن أنه إله، فحينئذ ضربه الله بالدود فمات.

نرى هذه الآية في حياة المسيح الذي حاول الأشرار قتله واستطاعوا فعلًا أن يصلبوه، ويموت على الصليب، ولكن بموته داس الموت، وخلص كل المؤمنين به، إذ رفع دين الخطية عنهم، وأعطاهم حياة جديدة.

العدد 8

ع8:

وَيُوقِعُونَ أَلْسِنَتَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. يُنْغِضُ الرَّأْسَ كُلُّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ.

ينغض الرأس: يهز رأسه احتقارًا وسخرية لما يراه.

إذا كان الأشرار يتكلمون بكلام قاسى على البار، فإن الله يجعل ألسنتهم تأتى على رؤوسهم، أي كلامهم الشرير، ومحاولاتهم اصطياد البار يقعون هم فيها، كانتقام إلهي منهم، فيتعجب كل من يمر بهم، بل ويسخر منهم؛ لأن شرهم قد أتى عليهم.

العدد 9

ع9:

وَيَخْشَى كُلُّ إِنْسَانٍ، وَيُخْبِرُ بِفِعْلِ اللهِ، وَبِعَمَلِهِ يَفْطَنُونَ.

يفطنون: يفهمون.

بعدما يعاقب الله الأشرار، ويظهر خزيهم أمام الناس، يفهم الكل قوة الله المساندة للبار، أي داود، ويفهمون تدبير الله، ورعايته لأولاده.

تظهر هذه الآية في المسيح، الذي شمت به اليهود عندما صلب ومات، ولكنهم فهموا تدبير الله عندما رأوه قد قام من الأموات، وظهر لتلاميذه، ثم صعد إلى السماء.

العدد 10

ع10:

يَفْرَحُ الصِّدِّيقُ بِالرَّبِّ وَيَحْتَمِي بِهِ، وَيَبْتَهِجُ كُلُّ الْمُسْتَقِيمِي الْقُلُوبِ.

في الختام يعلن داود أن الصديق، أي داود، يفرح بعمل الله معه، وحمايته له، وكيف أبطل مؤامرات الأعداء، وأنقذه منها. وأيضًا عاقبهم؛ ليثبت داود في إيمانه، بل وكل الأبرار؛ لأن الله ثبت البر، وأظهر بطلان الشر.

تنطبق هذه الآية على المسيح فإنه هو الصديق الذي يفرح بإكمال سر الفداء، ويبتهج كل تلاميذه بقيامته، ويتشددون؛ لأن الله يحميهم.

† كن واثقًا من مبادئك، وتمسكك بوصايا الله، حتى لو ظهر تفوق الأشرار المؤقت، ولكن في النهاية آمن أن الله سيكافئك بالسلام في الأرض، والفرح العجيب في السماء.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلْمَزْمُورُ الْخَامِسُ وَالسِّتُّونَ - سفر المزامير - مارمرقس مصر الجديدة

اَلْمَزْمُورُ الثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ - سفر المزامير - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 64
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 64