اَلمَزْمُورُ الثَالِثُ وَالخَمْسُونَ – سفر المزامير – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور الثَّالِثُ والخمسون

خلاص الرب.

مزمور لداود حينما هرب من وجه أبشالوم ابنه.

"يا رب ما أكثر مضايقيَّ.." (ع1).

مقدمة:

أ - هذا المزمور تكرار للمزمور الرابع عشر، ولكن لماذا تكرر هذا المزمور في سفر واحد؟

1. لأن كاتبهما واحد، وهو داود النبي، فهما متشابهان إلى حدٍ كبير.

2. وضع المزمور الأول وهو (مز14) في المجموعة الأولى، بحسب التقسيم اليهودي، وتشمل (مز1 - 41)، وهي المجموعة إلى تتكلم عن خلاص الإنسان، فيظهر زيغان قلب الإنسان وراء الشر، ومن أجل هذا تجسد المسيح ليفديه. أما المزمور الثاني (مز53) فوضع في المجموعة الثانية التي تشمل (مز42 - 72)، وهي المجموعة التي تتحدث عن خلاص الجماعة، أو الكنيسة المعرضة ككل للزيغان، والفساد، وتحتاج كلها للخلاص.

3. فكرة هذا المزمور - وهي أن قلب الإنسان مُعَرَّض للفساد، والشر، والخيانة - فِكرة متكررة على مر الأجيال، والمقصود بالتكرار تنبيه الإنسان لخطورة هذا الفساد ليحترس منه، خاصة وأن كل إنسان مهما كان قربه من الله معرض للسقوط، كما حدث مع يهوذا تلميذ المسيح.

4. رغم تكرار المزمور، ولكن يوجد بعض الفروق بين المزمورين، وهذا يؤكد أن الكاتب كتبهما كل على حدة، فتأتى الكتابة مختلفة قليلًا، وليست طبق الأصل؛ فهذا المزمور ليس نسخة من المزمور الآخر. وهذا يؤكد عدم تحريف الكتاب المقدس، فلم تتدخل يد الإنسان لتحذف أحد هذه المزامير؛ حتى لا يعترض أحد على هذا التكرار.

قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلهٌ». فَسَدُوا وَرَجِسُوا رَجَاسَةً. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا.

اَللهُ مِنَ السَّمَاءِ أَشْرَفَ عَلَى بَنِي الْبَشَرِ لِيَنْظُرَ: هَلْ مِنْ فَاهِمٍ طَالِبِ اللهِ؟

كُلُّهُمْ قَدِ ارْتَدُّوا مَعًا، فَسَدُوا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا، لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ.

أَلَمْ يَعْلَمْ فَاعِلُو الإِثْمِ، الَّذِينَ يَأْكُلُونَ شَعْبِي كَمَا يَأْكُلُونَ الْخُبْزَ، وَاللهَ لَمْ يَدْعُوا؟

هُنَاكَ خَافُوا خَوْفًا، وَلَمْ يَكُنْ خَوْفٌ، لأَنَّ اللهَ قَدْ بَدَّدَ عِظَامَ مُحَاصِرِكَ. أَخْزَيْتَهُمْ لأَنَّ اللهَ قَدْ رَفَضَهُمْ.

لَيْتَ مِنْ صِهْيَوْنَ خَلاَصَ إِسْرَائِيلَ. عِنْدَ رَدِّ اللهِ سَبْيَ شَعْبِهِ، يَهْتِفُ يَعْقُوبُ، وَيَفْرَحُ إِسْرَائِيلُ.

ب - الفروق الموجودة بين المزمورين:

1. في (مز14: 1) نجد "رجسوا بأفعالهم" أما في (مز53: 1) فنجد بدلًا منها "رجسوا رجاسة".

2. في (مز14: 2) نجد "الرب من السماء"، أما في (مز53: 2) فنجد بدلًا منها "الله من السماء".

3. في (مز14: 3) نجد "الكل قد زاغوا" أما في (مز53: 3) فنجد بدلًا منها "كلهم قد ارتدوا".

4. في (مز14: 4) نجد "ألم يعلم كل فاعلى الإثم" أما في (مز53: 4) فنجد بدلًا منها "ألم يعلم فاعلوا الإثم".

5. (مز14: 5، 6) يحدثنا عن خوف الأشرار من الأبرار، رغم معارضتهم، ومقاومتهم لهم، وللإنسان المتضع، كما شرحنا بالتفصيل في (مز14). أما في (مز53: 5) فيتحدث عن خوف الأشرار، رغم عدم وجود ما يخيف، وقد بدد الله قوة من حاصروا البار وأخزاهم؛ لأنهم أشرار، والله قد رفضهم، كما أزال قوة سنحاريب وجيشه، الذين حاصروا أورشليم أيام حزقيا الملك. أي أن (مز53: 5) هو دمج لمعنى آيتى (5، 6) في (مز14).

6. نلاحظ اختلاف الترقيم بعد هذا بين المزمورين، أي أن (مز14: 7) تقابل (مز53: 6).

الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ والخمسون.

حتمية الخلاص الإلهي.

قصيدة لداود عندما أتى الزيفيون وقالوا لشاول.

أليس داود مختبئًا عندنا.

"اللهم باسمك خلصنى.." (ع1).

مقدمة:

كاتبه: داود كما هو مذكور في العنوان.

متى كتب؟ عندما كان داود مطرودًا من شاول، ووصل إلى منطقة زيف الجبلية، الواقعة في سبط يهوذا جنوب أورشليم وحبرون. وذهب الزيفيون إلى شاول، وأخبروه أن داود مختبئ عندهم؛ ليأتى ويقبض عليه. وهذا يبين مدى خوفهم من شاول، ومحاولتهم إرضائه، ولكن الله أنقذه من يد شاول، وحاول الزيفيون مرة أخرى وأخبروا شاول أن داود موجود في برية زيف، وأنقذه الله أيضًا (1 صم26: 1 - 25). وغالبًا كتب داود هذا المزمور بعد إنقاذ الله الأول له عندما كان في عين جدى وكان شاول محاصرًا له، وكاد أن يقبض عليه، ولكن أتاه خبر بهجوم الفلسطينيين على أرض بني إسرائيل، فترك داود وذهب لمواجهة الفلسطينيين (1 صم23: 14 - 29) فشكر داود الله الذي سمح بهذا الهجوم لإنقاذه من يد شاول.

يطلب داود في هذا المزمور من الله أن يخلصه، فيتدخل الله ويخلصه، فيشكره على خلاصه، ويسبحه. فهو مزمور شكر لكل إنسان مرَّ بضيقة، وصلى إلى الله فأنقذه.

هو أحد المزامير الثمانية التي يحمل عنوانها أن داود مطرود من شاول وتسمى مزامير الطريد.

هذا المزمور مكمل للمزمور السابق له؛ لأن المزمور 53 يبين مقاومة الأشرار للبار، وهذا المزمور يظهر مساندة الله للبار، وإنقاذه من أيدي الأشرار.

هذا المزمور موجود في بداية صلاة الساعة السادسة بالأجبية، التي فيها يصلب المسيح عن العالم، وداود يعانى من الآلام ويشارك المسيح صليبه، ثم يقدم ذبيحة التسبيح والشكر لله، أي أننا نمجد ذبيحة المسيح على الصليب بالشكر والتسبيح. ولذلك تقرأه الكنيسة الغربية في يوم الجمعة العظيمة تذكارًا لصلب المسيح.

العدد 1

ع1:

اَللَّهُمَّ، بِاسْمِكَ خَلِّصْنِي، وَبِقُوَّتِكَ احْكُمْ لِي.

اسم الله يخلص أولاده، ويكسر أعداءه؛ لذا اهتمت الكنيسة بترديد اسم الله منذ القرون الأولى للمسيحية في صلاة يسوع، وكذلك في الأبصاليات اليومية للتسبحة.

لأن داود يسلك بالاستقامة، فيطلب حكم الله العادل؛ لينقذه من أعدائه، فهو يثق في عدل الله، وبسلوكه (داود) المستقيم، ويؤمن أن الله لا يرفض صلوات طالبيه؛ ولذلك فالكنيسة تطلب المسيح مخلصها مهما حلت بها الضيقات، واثقة من قوته وحمايته.

العدد 2

ع2:

اسْمَعْ يَا اَللهُ صَلاَتِي. اصْغَ إِلَى كَلاَمِ فَمِي.

إن داود يصلى من قلبه دون كلام، ويفتح شفتيه بصلوات مسموعة، فهو بقلبه ولسانه يطلب الله لينقذه من أعدائه. وبالطبع الله لا يمكن أن يتركه.

العدد 3

ع3:

لأَنَّ غُرَبَاءَ قَدْ قَامُوا عَلَيَّ، وَعُتَاةً طَلَبُوا نَفْسِي. لَمْ يَجْعَلُوا اللهَ أَمَامَهُمْ. سِلاَهْ.

عتاة: جبابرة.

أعداء داود يقسمهم إلى مجموعتين:

أ - غرباء: ويقصد بهم الزيفيين، مع أنهم يهود، ومن نفس سبطه، أي سبط يهوذا، ولكنهم تغربوا عنه، ولا يحبونه، وحاولوا قتله بتسليمه ليد شاول.

ب - العتاة: ويقصد بهم شاول وجنوده الذين يريدون قتل داود، وحاولوا ذلك مرات كثيرة.

هاتان الفئتان فعلا الشر؛ لأنهما أهملا وجود الله، فلم يكن في داخلهما إلا أفكارهما البشرية الشريرة، ولكن الله قادر أن ينقذ داود من أيديهما.

الكنيسة تقابل أعداء في كل جيل، سواء من أبنائها الذين تغربوا عنها بسقوطهم في البدع، أو الكبرياء، أو الشهوات المختلفة، وأحيانًا غرباء ليسوا من أبناء الكنيسة. وهؤلاء يستعينوا بأقوياء العالم للإساءة إلى الكنيسة، وليس أمامهم خوف الله، ولكن الله القوى ينقذ كنيسته مهما تكاثر عليها الأشرار.

تنتهي هذه الآية بكلمة "سلاه" وهي وقفة موسيقية للتأمل في اسم الله الذي يحفظنا ويحمينا، ويقوينا، ويشبع نفوسنا.

† لا تخف من الأشرار وتهديداتهم مهما كانت قوتهم، أو كثرتهم؛ لأن الله قادر على حمايتك. فقط اطلب الله وألح عليه، فتنال مراحمه وبركاته.

العدد 4

ع4:

هُوَذَا اللهُ مُعِينٌ لِي. الرَّبُّ بَيْنَ عَاضِدِي نَفْسِي.

إن كان داود قد بدأ مزمور في طلب الخلاص من الله، لكنه يعود فيشكر الله المساند له، ويسبحه، وهذه هي عادة داود في كل مزاميره. فيعلن هنا أن الرب معين له، بل مساند، بالتالى إن كان الله معينًا وعاضدًا، فمن يستطيع أن يقف أمام داود؟ وهذا يظهر إيمان داود، وطمأنينته بين يدى الله.

وعندما يقول إن الرب بين عاضدى نفسي لا يقصد أنه مجرد واحد من المساندين، ولكن يقصد أنه المساند الحقيقي الأساسى، حتى لو وجد بعض الناس المساندين لداود. بالإضافة إلى أن وجود الله بين المساندين يشجع هؤلاء المساندين في مساندتهم لداود.

العدد 5

ع5:

يَرْجعُ الشَّرُّ عَلَى أَعْدَائِي. بِحَقِّكَ أَفْنِهِمْ.

بروح النبوة يتنبأ داود عن أعدائه أن يرجع شرهم على رؤوسهم، وبحق الله، أي قوته يفنى هؤلاء الأعداء. وبهذا يثبت العدل الإلهي، ولا يضطرب الأبرار من كثرة الشر. ولعل الأشرار الباقين يتوبون، ويؤمنون بالله.

قد يقصد بالأعداء الشياطين، الذين نهايتهم العذاب الأبدي.

لا يقصد داود الانتقام والشماتة بالأعداء؛ لأن تسامح داود واضح، إذ صفح عن شاول عدوه مرتين، رغم أنه كان قادرًا على إهلاكه، فهو بالطبع هنا لا يقصد الانتقام من أعدائه، ولكن إظهار فساد الشر وبطلانه.

العدد 6

ع6:

أَذْبَحُ لَكَ مُنْتَدِبًا. أَحْمَدُ اسْمَكَ يَا رَبُّ لأَنَّهُ صَالِحٌ.

منتدبًا: طوعًا، وعن طيب خاطر.

إذ آمن داود بالله المعين، والمساند له، والمخلص من كل ضيقاته، تحرك قلبه بالحب نحو الله؛ ليقدم له ذبائح الشكر كتعبير عن محبته، وليس طلبًا للمكافأة؛ لأنه قد نال فعلًا الطمأنينة والسلام؛ لمساندة الله له. وهذه الذبائح ليست إجبارية لداود، بل تطوع، ومحبة منه؛ لأن داود كان مستبعدًا، مطرودًا، بعيدًا عن الهيكل، فلم يستطع أن يقدم ذبائح حيوانية، فقدم ذبائح الشفاة الإختيارية، تسبيحًا لله. وما يدفع داود لشكر الله هو تأمله الدائم في صلاح الله، وعنايته، وعطاياه المستمرة له.

العدد 7

ع7:

لأَنَّهُ مِنْ كُلِّ ضِيْق نَجَّانِي، وَبِأَعْدَائِي رَأَتْ عَيْنِي.

ظهر صلاح الله واضحًا في إنقاذ داود من كل ضيقة، بل تدخل الله السريع في ضرب الأعداء، فرأى داود انتصاره، وتشجع ليثبت في بره. لذا استمر في شكره وتسبيحه لله؛ إذ كان يسترجع دائمًا ما رأته عيناه في أعمال الله معه، وإنقاذه من الأعداء.

قد يكون الله متع داود برؤيا لهزيمة أعدائه، أو هلاكهم الأبدي؛ حتى لا يضطرب منهم؛ لذا تشجع وتثبت في إيمانه، وشكره.

† انظر إلى المسيح إلهك المخلص، فيتشجع قلبك أمام أي ظروف صعبة، بل تصير شجاعًا لا تخاف من أحد، وتتمتع باختبار الله، فتسبحه دائمًا.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

المزمور الرابع والخمسون - سفر المزامير - مارمرقس مصر الجديدة

اَلْمَزْمُورُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ - سفر المزامير - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 53
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 53