اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالْخَامِسُ وَالأَرْبَعُونَ – سفر المزامير – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور المئة والخامس والأربعون

تمجيد عظمة الرب.

تسبيحة. لداود.

"أرفعك يا إلهي الملك وأبارك أسمك إلى الدهر والأبد" ع1.

مقدمة:

كاتبه: داود النبي كما يظهر من عنوان المزمور.

هذا المزمور تسبيحه لله كما يظهر من العنوان. وكل آياته تسبح الله.

هذا المزمور والمزامير التالية هي مزامير تسابيح، أي من المزمور 145 إلى المزمور 150. فسفر المزامير ينتهى بتسبيح الله، الذي هو الاستعداد والدخول إلى الأبدية.

هذا المزمور مرتب على الأبجدية العبرية، وتبدأ كل آية بأحد الحروف الهجائية. وكل آية مكونة من قسمين، كما سيظهر عند شرح المزمور.

هذا المزمور ليتورجى، أي كان يصلى في العبادة اليهودية الجماعية. فيصلى مرتين في النهار، ومرة في المساء، أي ثلاث مرات كل يوم لتمجيد الله وتسبيحه.

هذا المزمور يقتبس منه القداس الإلهي في الكنيسة (ع15)، أي أنه يصلى في العبادة الجماعية في العهد الجديد.

يبدأ هذا المزمور بتسبيح داود الله، وينتهى بتسبيح الخليقة كلها له، فالمزمور يدعو الكل لتسبيح الله.

لا يوجد هذاالمزمور في الأجبية.

الأعداد 1-2

ع1 - 2:

:

أَرْفَعُكَ يَا إِلهِي الْمَلِكَ، وَأُبَارِكُ اسْمَكَ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ. فِي كُلِّ يَوْمٍ أُبَارِكُكَ، وَأُسَبِّحُ اسْمَكَ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ.

يشعر داود الملك أن الله هو الملك الحقيقي، وهو ملك الملوك؛ لذا يعلن خضوعه لله في أن يرفعه، ويباركه، ويسبحه، بل يعبر عن شعوره على الدوام كل يوم، أي طوال أيام حياته، بل على مدى اليوم كله في أفراحه، وأحزانه، في وقت الراحة ووقت الضيقة.

يشعر داود بعلاقة خاصة بينه وبين الله، فيقول إلهى، فله دالة البنوة والمحبة القوية لله، وتسبيحه الدائم يستمر إلى الأبد. فهو إذ تمتع بالتسبيح على الأرض يشتاق للتسبيح الدائم بعد خلع الجسد، ليفرح إلى الأبد مع الله. ويفهم ضمنيًا أن من لم يختبر التسبيح على الأرض لن يشتاق إلى التسبيح الدائم في السموات، أو لن يكون له نصيب في ملكوت السموات.

تُقْرَأ هاتان الآيتان في اليوم الثاني لعيد الصليب (18 توت) لأن المسيح ملك على الصليب؛ لذا نسبحه ونباركه لأنه الفادى والمخلص للبشرية. ويفهم من هذا أن هذا المزمور ليتورجى في الكنيسة، أى يستخدم في العبادة الجماعية.

العدد 3

ع3:

عَظِيمٌ هُوَ الرَّبُّ وَحَمِيدٌ جِدًّا، وَلَيْسَ لِعَظَمَتِهِ اسْتِقْصَاءٌ.

استقصاء: كمال الفحص والبحث.

تسبيح الله دائم إلى الأبد؛ لأن عظمته لا نهاية لها، لا يستطيع إنسان أن يستقصيها أو يصل إلى نهايتها.

عندما يعظم داود الله يرفع عينيه إلى السماء فيتعلق بالسماويات، ويرتفع عن الشهوات الأرضية، ويتضع أمام الله الذي لا يصل إلى أعماق عظمته اللانهائية.

الأعداد 4-7

ع4 - 7:

:

دَوْرٌ إِلَى دَوْرٍ يُسَبِّحُ أَعْمَالَكَ، وَبِجَبَرُوتِكَ يُخْبِرُونَ. بِجَلاَلِ مَجْدِ حَمْدِكَ وَأُمُورِ عَجَائِبِكَ أَلْهَجُ. بِقُوَّةِ مَخَاوِفِكَ يَنْطِقُونَ، وَبِعَظَمَتِكَ أُحَدِّثُ. ذِكْرَ كَثْرَةِ صَلاَحِكَ يُبْدُونَ، وَبِعَدْلِكَ يُرَنِّمُونَ.

ألهج: أتأمل وأتكلم على الدوام.

يبدون: يظهرون.

تسبيح الله هو من دور إلى دور، أي من جيل إلى جيل، فهو دائم على مدى الأجيال، بل وإلى الدور الآتي، أي في السماء وذلك لأسباب كثيرة هي:

أعمالك: وهي كثيرة جدًا تظهر في خليقته؛ الحية والجامدة؛ الإنسان والحيوان والنبات.

جبروتك: أي قوتك العظيمة التي هي فوق كل قوة في العالم، التي حطمت آلهة مصر، وشقت البحر الأحمر، وتغلبت على كل آلهة الأمم الوثنية.

جلالك ومجدك: المسبح من السمائيين والأرضيين، ولا يستطيع أي إنسان أن يحتمل رؤيته، كما شعر موسى عندما ألح لكي يرى الله (خر33: 20 - 23).

عجائبك: التي تظهر في ترتيب خلائقك سواء في جسم الإنسان وروحه، وترتيب نظام الأجرام السماوية، والتوازن البيئى بين الحيوانات بأنواعها والنباتات المختلفة.

مخاوفك: الله مخوف ومهوب جدًا، وظهر هذا في أوقات قليلة؛ لأجل أن الإنسان لم يحتمل، وظهر لموسى والشعب على الجبل بالدخان والنار، والسحاب الثقيل، وصوت البوق والرعد. ومخافته تقود الإنسان لترك الخطية والحياة النقية. وتظهر مخاوفه في أعمال كثيرة عظيمة، مثل الأجرام السماوية والبحر المتسع والرعود والبروق.

عظمتك: التي تظهر في اتحاد المخافة العظيمة بالحنان الكبير، فرغم أن الملائكة تغطى وجوهها من بهاء مجده، فهو في نفس الوقت يعتنى بأصغر خلائقه مثل الحشرات، والنباتات الصغيرة. إنه الكمال في كل شيء.

صلاحك: أي الخير كله الذي يطعم كل ذى جسد، ويعتنى بكل خلائقه، وفيه كمال الطهارة والحب وكل فضيلة.

عدلك: فأنت ترفض الشر، وتتنافر معه، ورغم رحمتك العظيمة، فأنت أيضًا عظيم في عدلك. واقترن العدل والرحمة في المسيح يسوع على الصليب.

† ما أعظم، وما أحلى التأمل في صفات الله وإحساناته الكثيرة، حتى يتحول التأمل إلى شكر وتسبيح يملأ القلب فرحًا، ويشيع السعادة في كل الجو المحيط به.

الأعداد 8-9

ع8 - 9:

:

اَلرَّبُّ حَنَّانٌ وَرَحِيمٌ، طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ. الرَّبُّ صَالِحٌ لِلْكُلِّ، وَمَرَاحِمُهُ عَلَى كُلِّ أَعْمَالِهِ.

إن كان الله مهوب وعادل وعظيم، لكنه في نفس الوقت محب ورحيم وتظهر محبته في طول أناته وحنانه. وتختلط رحمة الله بكل أعماله. فعندما يكون عادلًا ومخوفًا، وحازمًا يكون أيضًا رحيمًا، كما سمح بعبودية شعبه في مصر، ولكن أخرجهم بقوة عظيمة. وكما سمح بذلهم في عصر القضاة لأجل عبادتهم الأوثان، رحمهم عندما صرخوا إليه، وأرسل إليهم قضاة حرروهم من العبودية.

إن صلاح الله ورحمته هي على كل البشر الأبرار والأشرار، فشمسه وهواؤه، وعطاياه للكل، ليعرفوه ويحيوا معه، بل هو صالح مع كل خلائقه، فيطعم الوحوش، والحيوانات الأليفة. إنه يرحم ويهتم بأصغر المخلوقات.

الأعداد 10-13

ع10 - 13:

:

يَحْمَدُكَ يَا رَبُّ كُلُّ أَعْمَالِكَ، وَيُبَارِكُكَ أَتْقِيَاؤُكَ. بِمَجْدِ مُلْكِكَ يَنْطِقُونَ، وَبِجَبَرُوتِكَ يَتَكَلَّمُونَ، لِيُعَرِّفُوا بَنِي آدَمَ قُدْرَتَكَ وَمَجْدَ جَلاَلِ مُلْكِكَ. مُلْكُكَ مُلْكُ كُلِّ الدُّهُورِ، وَسُلْطَانُكَ فِي كُلِّ دَوْرٍ فَدَوْرٍ.

كل أعمال الله، أي خلائقه تمجده من خلال خضوعها للنظام الإلهي، فتسير في النظام المرسوم لها وهذا يبهر البشر، فيحمدون الله. أما الأتقياء، فيعرفون الله، وينطقون بتسبيحه، فيتمتعون بعشرته. ويتحدثون عن ملك الله على كل الخلائق، ويسبحون قوتك العظيمة.

إذ يسبح الأتقياء بكلماتهم وأعمالهم يبشرون كل البشر بعظمة الله، التي تدوم طوال الحياة، بل وإلى الأبد.

† إن شكرك لله كل يوم على معاملاته معك هي بشارة هادئة بالله العظيم، المعطى بركات لكل البشر. فأنت بهذا الشكر تدعو الكل بهدوء لتمجيد الله.

العدد 14

ع14:

اَلرَّبُّ عَاضِدٌ كُلَّ السَّاقِطِينَ، وَمُقَوِّمٌ كُلَّ الْمُنْحَنِينَ.

عاضد: مساند.

مقوم: يرده إلى الطريق المستقيم.

تظهر رحمة الله في أول صورها وهي مساندة الساقطين، والمنحنين التائبين الراجعين إلى الله. فالله يفرح بالتائبين، بل ويحنو أيضًا على غير التائبين، وينبههم لعلهم يتوبون. فهو أب حنون يسعى لخلاص أولاده، ويسامحهم على سقطاتهم إن تابوا.

الأعداد 15-16

ع15 - 16:

:

أَعْيُنُ الْكُلِّ إِيَّاكَ تَتَرَجَّى، وَأَنْتَ تُعْطِيهِمْ طَعَامَهُمْ فِي حِينِهِ. تَفْتَحُ يَدَكَ فَتُشْبعُ كُلَّ حَيٍّ رِضًى.

الصورة الثانية لرحمة الله هي إشباع احتياجات البشر، بل وكل الكائنات الحية. فهو يشبع الكل من الحشرة الصغيرة إلى الوحوش المفترسة، وفوق الكل الإنسان رأس الخليقة، بل ويهب الإنسان ليس فقط الشبع المادي، بل النفسى أيضًا، فيكون راضيًا، وشاكرًا الله، وفوق كل شبع يعطيه الشبع الروحي. فيشبع من محبته لله كلما اقترب إليه.

هذه الآيات نصليها في القداسات الإلهي في أوشية أهوية السماء والمياه والزروع، كما نصليها أيضًا في نهاية الهوس الثاني وهو (مز136).

العدد 17

ع17:

الرَّبُّ بَارٌّ فِي كُلِّ طُرُقِهِ، وَرَحِيمٌ فِي كُلِّ أَعْمَالِهِ.

الصورة الثالثة لرحمة الله هي اقترانها بالبر. فرحمة الله ليست لتدليل الإنسان وإفساده، بل لتقوده إلى البر والصلاح. وقد يحتاج الإنسان من رحمة الله أن تؤدبه أحيانًا، أو تمنع عنه بعض مشتهياته؛ حتى تسمو به، فيحيا في البر.

الأعداد 18-19

ع18 - 19:

:

الرَّبُّ قَرِيبٌ لِكُلِّ الَّذِينَ يَدْعُونَهُ، الَّذِينَ يَدْعُونَهُ بِالْحَقِّ. يَعْمَلُ رِضَى خَائِفِيهِ، وَيَسْمَعُ تَضَرُّعَهُمْ، فَيُخَلِّصُهُمْ.

الصورة الرابعة لرحمة الله هي اقترابه من البشر، فهو ليس إله يترفع ويتباعد عن خليقته، بل أب محب يقترب من أولاده؛ ليعطيهم حبه.

الذين يتمتعون بالإحساس أن الله قريب منهم هم:

أ - من يدعونه بالحق، أي يطلبون طلبات بحسب مشيئة الله، فيستجيب لهم.

ب - يخافونه، فيسلكون باستقامة ويرفضون الخطية، وإن سقطوا يسرعون للتوبة.

فالله موجود في كل مكان ولكن يشعر بقربه كل من يقترب إليه، ويدعوه بالحق، ويخافه. ومن يقترب من الله يقترب الله إليه ويستجيب لطلباته. ومن يعمل مشيئة الله يحقق له الله رغباته ويغفر خطاياه.

العدد 20

ع20:

يَحْفَظُ الرَّبُّ كُلَّ مُحِبِّيهِ، وَيُهْلِكُ جَمِيعَ الأَشْرَارِ.

الصورة الخامسة لرحمة الله هي حفظه لكل من يحبه، فيحفظه من الأخطار والمشاكل التي تفوق قدرته، ويعبر به بسلام في طريق الحياة. وعلى العكس هو عادل فيهلك جميع الأشرار الذين يضايقون أولاده، فيساند أولاده في كل خطواتهم.

العدد 21

ع21:

بِتَسْبِيحِ الرَّبِّ يَنْطِقُ فَمِي، وَلِيُبَارِكْ كُلُّ بَشَرٍ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ.

يختم المزمور بتسبيح الله بفهمه وقلبه، وبهذا التسبيح يحرك قلوب سامعيه، فيباركهم أيضًا الله، وهكذا تمتلئ الأرض من تسبيح الله.

† أنظر رحمة الله عليك وتأملها حتى تقودك إلى رحمة من حولك فلا تدينهم أو تغضب عليهم، بل تلتمس لهم الأعذار، وإن استطعت تصلى لأجلهم وتساندهم بأعمال محبتك فتجتذب قلوبهم لله.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالسَّادِسُ وَالأَرْبَعُونَ - سفر المزامير - مارمرقس مصر الجديدة

اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالرَّابِعُ وَالأَرْبَعُونَ - سفر المزامير - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 145
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 145