اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالثَّانِي وَالأَرْبَعُونَ – سفر المزامير – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور المئة والثانى والأربعون

الله المنقذ من الضيقة.

قصيدة لداود لما كان في المغارة "صلاة".

"بصوتى إلى الرب أصرخ بصوتى إلى الرب أتضرع" (ع1).

مقدمة:

كاتبه: داود النبي كما يظهر من عنوان المزمور.

متى كتب؟ عندما كان داود مطاردًا من شاول الملك، وكان في المغارة، وهي إما مغارة عدلام (1 صم22) أو مغارة عين جدى (1 صم24) وفى كلتا الحالتين كان يهرب أمام شاول، وكان مع داود عدد من الناس المضطهدين من شاول، وهاربين في البرية.

يوجد تشابه بين هذا المزمور ومز57 ففى كليهما كان داود في المغارة، كما يظهر من عنوانيهما. ولكن في (مز57) يظهر داود القوى المنتصر بقوة الله، أما في هذا المزمور فيظهر داود الضعيف الملتجئ إلى الله؛ لينقذه من أعدائه.

يناسب هذا المزمور كل مصلى يعانى من ضيقات، واضطهادات، ولكن له إيمان ورجاء في الله، فيصلى إليه، ويطلب معونته.

يعتبر هذا المزمور من المزامير المسيانية لأنه يتكلم عن المسيح المضطهد من اليهود حتى الموت.

هذا المزمور نبوة أيضًا عن الكنيسة المضطهدة على مر الزمان، ولكن ملجأها ونصيبها هو الله.

يوجد هذا المزمور بالأجبية في صلاة النوم، حيث يلتجئ الإنسان لله في نهاية اليوم ويلقى كل مشاكله ومتاعبه بثقة على الله؛ حتى ينام مستريحًا وله رجاء في الأيام التالية.

الأعداد 1-2

ع1 - 2:

:

بِصَوْتِي إِلَى الرَّبِّ أَصْرُخُ. بِصَوْتِي إِلَى الرَّبِّ أَتَضَرَّعُ. أَسْكُبُ أَمَامَهُ شَكْوَايَ. بِضِيقِيْ قُدَّامَهُ أُخْبِرُ.

يظهر داود مدى معاناته بأربعة أفعال، وهي أصرخ، وأتضرع، وأسكب، وأخبر، فبكل الصور يظهر آلامه. فالصراخ هو من عمق القلب. والتضرع يعنى الاتضاع والاحتياج واللجاجة. والسكب يبين إخراج كل ما في داخله، وهذا دليل على نقاوته، وتوبته عن كل شر. والإخبار معناه إعلان ضيقه بكل جوانبه، فهو يحب الله، ويثق فيه، وله دالة البنوة، فيتكلم مع الله بكل مشاعره.

تنوع صلاة داود مع الله تبين استمراريته في الصلاة في كل وقت، وبكل شكل. وأن الله هو الملجأ الوحيد له، وبالتالي يظهر تعلقه بالله، وبهذا يحصل على سلام، حتى وسط الضيقة الشديدة.

العدد 3

ع3:

عِنْدَ مَا أَعْيَتْ رُوحِي فِيَّ، وَأَنْتَ عَرَفْتَ مَسْلَكِي. فِي الطَّرِيقِ الَّتِي أَسْلُكُ أَخْفَوْا لِي فَخًّا.

أعيت: تعبت.

تعب داود جدًا من ثقل الضيقة عليه، أي تعبت روحه في داخله. ولكنه استمر سالكًا في الفضيلة والبر، رغم أن الأشرار وضعوا له فخًا ليسقطوه؛ حتى يتعطل عن البر، ويبتعد عن الله. ولكن الضيقة قادته إلى صلاة حارة وصراخ إلى الله. وهذا يبين محبة داود لله، فلم يتذمر، أو يظهر أي شر في قلبه.

هذه الآية نبوة عن المسيح وهو في بستان جثسيماني، وعرقه يتصبب كقطرات دم، وأعلن للآب ثقل الآلام، وطلب أن تعبر عنه كأس الآلام (لو22: 44)، ولكنه في نفس الوقت خاضع للمشيئة الإلهية وهي إتمام الفداء. فهو بناسوته يعانى من الآلام، ولكن خاضع لللاهوت الذي فيه، ومازال يسلك بالبر رغم قيام الشيطان ضده، ومحاولة اليهود اصطياده بكلمة، بل وقتله.

العدد 4

ع4:

انْظُرْ إِلَى الْيَمِينِ وَأَبْصِرْ، فَلَيْسَ لِي عَارِفٌ. بَادَ عَنِّي الْمَنَاصُ. لَيْسَ مَنْ يَسْأَلُ عَنْ نَفْسِي.

المناص: الملجأ أو النجاة.

عندما زادت الضيقة على داود نظر إلى يمينه، أي إلى أصدقائه وعبيده ومريديه وأحبائه، فلم يجد أحدًا يعينه، إذ الكل انشغل عنه، ولم يجد من يلتجئ ويستند عليه. الكل أظهروا وكأنهم لا يعرفونه، وبالتالي لم يجد من يسأل عنه، أو يهتم بإخراجه من الضيقة، ولم يبق إلا الله الذي رفع إليه عينيه نحو السماء، وصرخ وتضرع إليه.

هذه الآية أيضًا نبوة عن المسيح الذي تفرق عنه كل أحبائه؛ حتى تلاميذه المقربين إليه، فناموا وتركوه يصلى وحده في البستان، وهربوا عندما قبض عليه، ولم يسنده أحد في محاكماته وتعذيبه وصلبه لأجل ضعفهم.

† أسرع إلى الله في كل ضيقة، فهو يشعر بك، ويحبك، وقادر أن ينقذك وإن أراد الله سيوجه الناس؛ ليساعدوك، وبهذا تحيا مستقرًا، ولا تنزعج من أي أمر يمر بك.

العدد 5

ع5:

صَرَخْتُ إِلَيْكَ يَا رَبُّ. قُلْتُ: "أَنْتَ مَلْجَإِي، نَصِيبِي فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ".

عندما ترك الناس داود وحده لم يجد أمامه إلا الله، فصرخ مرة ثانية والتجأ إليه، ووجد فيه الحصن المنيع الذي يحميه حماية كاملة؛ حتى لو كان وحده وبلا سلاح، أو أية قوة أرضية.

اكتشف داود أيضًا أن الرب هو وحده نصيبه بعد أن تركه الناس، وهو نصيبه في أرض الأحياء، أي طوال حياته، وليس فقط وقت الضيق، فتمتع بعشرة الله، وأصبح في سلام وفرح رغم وجود الضيقة. وكان مؤمنًا أن الرب سيظل نصيبه في أرض الأحياء الآتية، أي الحياة الأبدية، حيث التمتع الكامل بالوجود مع الله.

العدد 6

ع6:

أَصْغِ إِلَى صُرَاخِي، لأَنِّي قَدْ تَذَلَّلْتُ جِدًّا. نَجِّنِي مِنْ مُضْطَهِدِيَّ، لأَنَّهُمْ أَشَدُّ مِنِّي.

مازال داود يعلن معاناته لله، فيذكر للمرة الثالثة كلمة صراخ، ويترجى الله أن ينتبه ويصغى إلى صراخه، وحجته أنه قد تذلل جدًا، أي تعب تعبًا شديدًا من ثقل الضيقة عليه، ولكن المفيد أنه تذلل، أي اتضع وتعلق بالله الذي ليس له معين سواه.

السبب الثاني الذي من أجله يطلب داود تدخل الله السريع أن الذين يضطهدونه أقوى وأشد منه، إذ هم رؤساء العالم، ولهم قوة كبيرة، فشاول هو الملك، ومعه كل الجيش، ولكن الله أقوى بالطبع من شاول وأية قوة أخرى، وهذا يبين إيمان داود بالله.

العدد 7

ع7:

أَخْرِجْ مِنَ الْحَبْسِ نَفْسِي، لِتَحْمِيدِ اسْمِكَ. الصِّدِّيقُونَ يَكْتَنِفُونَنِي، لأَنَّكَ تُحْسِنُ إِلَيَّ.

يكتنفوننى: يحيطون بى.

يطلب داود في النهاية من الله أن يخرجه من الحبس، أي الضيقة التي يمر بها، وهي مطاردة شاول الذي يريد قتله. ويقصد أيضًا بالحبس الضيق النفسى الذي يعانى منه نتيجة شر شاول ومن معه، بالإضافة إلى تفرق أحباء داود عنه، فيطلب راحة لنفسه؛ حتى يواصل انشغاله بهدفه، وهو حمد الله وشكره، إذ لا يرى هدفًا لحياته إلا محبة الله، والتمتع بتسبيحه.

يشتاق أيضًا داود أن تنطلق نفسه من جسده ليرتفع إلى السماء، ويحيا في تسبيح دائم لله في الملكوت، حيث يحيط به القديسون ويسبحون الله معه.

يرى داود بعين الرجاء أن الله قد خلصه من ضيقته، فتثبت الصديقون في إيمانهم، وأحاطوا به ليفرحوا معه بإحسان الله له. وهكذا يعود مع كل المؤمنين إلى عبادة الله أمام بيت الرب، أي خيمة الاجتماع.

† ليتك تشكر الله عندما يخلصك من أية ضيقة، أو يعطيك عطية جديدة، فهذا هو شعور الابن مع أبيه، فتفرح، وتفرح قلب الله أيضًا.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالثَّالِثُ وَالأَرْبَعُونَ - سفر المزامير - مارمرقس مصر الجديدة

اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالْحَادِي وَالأَرْبَعُونَ - سفر المزامير - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 142
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 142