اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالْخَامِسُ وَالثَّلاَثُونَ – سفر المزامير – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر المزامير – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المزمور المئة والخامس والثلاثون

تسبيح الله القوي المبارك.

"هللويا سبحوا اسم الرب سبحوا يا عبيد الرب..." (ع1).

مقدمة:

كاتبه: غير معروف، فهو من المزامير اليتيمة التي لا يذكر في عنوانها اسم كاتبها. لكن يميل البعض إلى أن الكاتب هو داود النبي.

يدعو هذا المزمور إلى تسبيح الله، ويناسب كل من يحب الله، وينمو روحيًا. فينبغى التمتع بالوجود بين يديه، وشكره على أعماله معه. لذا فهذا المزمور يدعو للتسبيح ثلاث مرات في بدايته.

يشبه هذا المزمور المزمور السابق له في تسبيح الله، ولكن يتميز هذا المزمور في أنه يعطى دوافع هذا التسبيح وهي أعمال الله مع أولاده وضعف وحقارة عبادة الأصنام. فهو يعلن بوضوح رفض العبادة الوثنية، وتسبيح الله وحده.

يعتبر هذا المزمور من مزامير الهليل العظمى التي تسبح وتمجد الله مع المزمور التالي له. وكانا يرنمان في الخدمة الصباحية في يوم السبت وفى عيد الفصح. فهو بالتالى مزمور ليتورجى. وكان يرنم أيضًا بعد الرجوع من السبي، وأيضًا أثناء السبي ليرفض المؤمنون عبادة الأوثان.

يبدأ هذا المزمور بكلمة "هللويا" وينتهى أيضا بها مثل المزامير (106، 113، 146، 148، 149، 150).

يتشابه هذا المزمور مع الأصحاح التاسع من سفر نحميا في أنهما يدعوان اللاويين لمباركة الله وشكره على أعماله العظيمة مع شعبه.

لا يوجد هذا المزمور بالأجبية.

العدد 1

ع1:

هَلِّلُويَا. سَبِّحُوا اسْمَ الرَّبِّ. سَبِّحُوا يَا عَبِيدَ الرَّبِّ.

ينادى كاتب المزمور عبيد الرب ليسبحوه؛ إذ أنه اختبر حلاوة التسبيح؛ لذا يريد أن كل المؤمنين بالله يتمتعون بتسبيحه. فالعلامة التي تعلن إيمان عبيد الرب به أن يحبوه، ويشعروا بفضله، فيشكروه، ويسبحوه.

إذا رفع عبيد الرب قلوبهم بالتسبيح لله يتعلقون به، فيهبهم الله نعمة البنوة التي أعلنت بوضوح في العهد الجديد؛ لأن المسيح الابن الوحيد في الجوهر بفدائه لنا صار بكرًا بين إخوة كثيرين، فصرنا نحن بالتالى أبناء لله ملتصقين به نسعى لتسبيحه، مثل الملائكة الذين يسبحونه في كل حين، بل إن بعض البشر قد كرسوا حياتهم لتسبيح اسمه القدوس، وهم الآباء الرهبان.

تسبيح اسم الرب يعنى شخصه، وهذا يحوى كل جمال الرب من فضائل وبركات يراها ويختبرها أولاده.

العدد 2

ع2:

الْوَاقِفِينَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ، فِي دِيَارِ بَيْتِ إِلهِنَا.

ينادى هنا كاتب المزمور الواقفين في بيت الرب، وهم كل المؤمنين الذين يقدمون عبادة في بيت الرب، وخاصة الكهنة واللاويين الذين يقفون أوقاتًا طويلة لتقديم عبادة وصلوات وتسبيح للرب.

"الواقفين" تعنى اليقظة الروحية والانتباه، وتعنى أيضًا الخشوع في حضرة الله العظيم. وكذلك تعنى الاستقامة في الإيمان أمام الله. كل هذا يجذب قلوب أولاد الله للحياة معه في عبادة مقدسة في هيكله، وبالتالي يبعدهم تمامًا عن معابد الأوثان.

العدد 3

ع3:

سَبِّحُوا الرَّبَّ لأَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ. رَنِّمُوا لاسْمِهِ لأَنَّ ذَاكَ حُلْوٌ.

كاتب المزمور الذي اختبر حلاوة التسبيح يدعو الكهنة واللاويين ليسبحوا الله، والذي يشجعهم على التسبيح هو أنه صالح. ومن يتقدم ليسبح الله الصالح ينبغى أن يكون ساعيًا في طريق الصلاح.

عندما يسبح المؤمنون الله الصالح فإنهم يسبحونه لأجل صلاحه، فهو يعاملهم بحسب صلاحه ويباركهم. ويسبحونه أيضًا ليس فقط لأجل المنفعة والاستجابة لطلباتهم، لكن لأنه حلو ويستحق التسبيح.

العدد 4

ع4:

لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَ يَعْقُوبَ لِذَاتِهِ، وَإِسْرَائِيلَ لِخَاصَّتِهِ.

اختار الله يعقوب، أو إسرائيل أب الأسباط، وكل شعب بني إسرائيل؛ لأجل إيمانه، وسعيه في طريق الكمال، ومحبته لله، فرعاه، واهتم به؛ ليكون هذا الشعب نورًا للعالم، وقدوة لباقى الشعوب وإذ يتمجد الله في شعبه يدعو باقي الشعوب للإيمان به.

اختيار الله لشعبه فخر عظيم يجعل هذا الشعب متميزًا عن باقي الشعوب، كما أعلنت الشريعة (تث7: 6). ويدعو الشعب للتمسك بالشريعة والوصايا؛ ليتمتعوا بعشرة الله وعمله المتزايد فيهم. وبالأحرى في العهد الجديد يتميز المسيحيون في الكنيسة باختيار الله لهم، وهذا يجعلهم يتمسكون بكلامه، ويتحدون به من خلال الأسرار المقدسة، ويكتسبون فضائله، فيتمتعون بوجوده الدائم معهم.

† إن الله حلو، وبالتالي من الطبيعي أن نسبحه، ومن غير الطبيعي أن نهمل تسبيحه؛ لأن التسبيح يعبر عن إيماننا به، ومحبتنا له، وتقديرنا لعطاياه التي نشكره عليها. لذا ليتنا نهتم أن نخصص وقتًا ولو صغير كل يوم للتسبيح.

الأعداد 5-7

ع5 - 7:

:

لأَنِّي أَنَا قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ الرَّبَّ عَظِيمٌ، وَرَبَّنَا فَوْقَ جَمِيعِ الآلِهَةِ. كُلَّ مَا شَاءَ الرَّبُّ صَنَعَ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ، فِي الْبِحَارِ وَفِي كُلِّ اللُّجَجِ. الْمُصْعِدُ السَّحَابَ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ. الصَّانِعُ بُرُوقًا لِلْمَطَرِ. الْمُخْرِجُ الرِّيحِ مِنْ خَزَائِنِهِ.

اللجج: الأمواج.

يعلن كاتب المزمور خبرته مع الله، فيقول أنه عظيم، بل أعظم من كل الآلهة الوثنية التي تتبعها شعوب العالم. وأنه قادر على كل شيء في كل مكان؛ سواء في السماء، أو الأرض، أو البحر؛ لأنه خالق الكل، وبالتالي هو وحده الذي يستحق الصلاة والتمجيد والعبادة.

يقدم كاتب المزمور أمثلة لقوة الله، فهو وحده المصعد السحاب من أقصى الأرض إلى أقصاها. وهو محمل بالخيرات الكثيرة وهي الأمطار التي تفيضها على البشر بحكمة الله بالمقدار المناسب. ويعطى نورًا للسماء وهي البروق، وكذا يحرك الرياح في اتجاهاتها المختلفة. وهذه الأمثلة ترمز لقوة الله التي ترسل الرسل والكهنة والخدام إلى العالم ليفيضوا عليه ببركات كلام الله وأسراره، وهم السحب. أما البروق فترمز للاستنارة الروحية التي يهبها الله لأولاده. والرياح ترمز لعمل الروح القدس المتعدد في كل اتجاه لإشباع احتياجات الكنيسة والمؤمنين.

الأعداد 8-9

ع8 - 9:

:

الَّذِي ضَرَبَ أَبْكَارَ مِصْرَ مِنَ النَّاسِ إِلَى الْبَهَائِمِ. أَرْسَلَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ فِي وَسَطِكِ يَا مِصْرُ، عَلَى فِرْعَوْنَ وَعَلَى كُلِّ عَبِيدِهِ.

ضرب الله المصريين بعشر ضربات ليظهر لهم ضعف آلهتهم التي يعبدوها؛ حتى ينتبهوا ويرجعوا إليه ويعرفوا أنه هو الإله الواحد.

كانت الضربات تدريجية حتى يرجعوا إليه، ولكن لأجل قساوة قلوبهم تزايدت قوة الضربات حتى وصلت للضربة العاشرة، وهي أصعبها، التي ضرب فيها أبكار الناس، وأيضًا البهائم؛ لأن البهائم بركة من الله، فإذا انحرف الإنسان يسحب الله عطيته منه.

كل هذه الضربات أتت على المصريين، ولم تأت على بني إسرائيل، إذ عاشوا في سلام وبركات إلهية؛ كل هذا لينتبه المصريون، ويعرفوا قوة الله الذي يرعى شعبه ويحميهم لعلهم يؤمنون، ويتوبون، ويرجعون إليه.

الأعداد 10-12

ع10 - 12:

:

الَّذِي ضَرَبَ أُمَمًا كَثِيرَةً، وَقَتَلَ مُلُوكًا أَعِزَّاءَ: سِيحُونَ مَلِكَ الأَمُورِيِّينَ، وَعُوجَ مَلِكَ بَاشَانَ، وَكُلَّ مَمَالِكِ كَنْعَانَ. وَأَعْطَى أَرْضَهُمْ مِيرَاثًا، مِيرَاثًا لإِسْرَائِيلَ شَعْبِهِ.

بعد تحرير شعب الله من عبودية مصر، واجتيازهم برية سيناء، وصلوا إلى أرض كنعان، فواجهوا في مقدمتها شرق نهر الأردن شعوب قوية من العمالقة، وهم الأموريون، وعلى رأسهم سيحون - الذي يرمز للكبرياء والتشامخ - وعوج، الذي يرمز للاعتماد على البركات والقوة المادية. فقتلهم بنو إسرائيل بقوة الله، واجتازوا نهر الأردن، وانتصروا أيضًا بقوة الله على كل الملوك والممالك التي واجهوها في أرض كنعان، وامتلكوا أرضها.

انتصر بنو إسرائيل بقوة الله على الشعوب الكنعانية، وقتلوهم لأجل شرهم، وهم يرمزون للشياطين، لأنهم أشرار ويعبدون الأوثان، وامتلكوا أرضهم بدلًا منهم؛ لأن شعب الله يؤمن به، ويسلك بوصاياه وشريعته. وإذا ابتعد شعب الله وسلكوا في الشر، أدبهم الله بالضيقات والسبي. وسبب كل البركات هو الإيمان بالله، والسلوك بوصاياه.

† قوة الله معك تحميك وتطمئنك، بل وتملأ قلبك فرحًا طالما أنت تجاهد في طريق وصاياه، وتتوب إن أخطأت، ولكن إحذر التهاون لئلا يتخلى عنك الله وتعانى من متاعب كثيرة، وتفقد مكانك الأبدي.

العدد 13

ع13:

يَا رَبُّ، اسْمُكَ إِلَى الدَّهْرِ. يَا رَبُّ، ذِكْرُكَ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ.

الله أزلي أبدى، فهو مختلف عن كل الآلهة الوثنية الضعيفة، ولأجل أعماله العظيمة مع شعبه، فينبغى أن يذكروه، ويشكروه. وهذا يثبت إيمانهم، وينمى محبتهم له، ثم يهبهم بركات جديدة من الله، ويحيون دائمًا في فرح مطمئنين؛ لأن إلههم قوى، وثابت إلى الأبد، ليس في هذا الدور، أي العمر الذي يقضونه على الأرض، بل أيضًا في الدور الآتي وهو الحياة الأبدية.

العدد 14

ع14:

لأَنَّ الرَّبَّ يَدِينُ شَعْبَهُ، وَعَلَى عَبِيدِهِ يُشْفِقُ.

الله يدين الأشرار من شعبه على خطاياهم إذ هو عادل، ويؤدبهم ليرجعوا إليه. أما إن تابوا فيشفق عليهم، ويباركهم ويعوضهم عما فات، كما أدب شعبه في السبي، ثم ساندهم وباركهم وأرجعهم من السبي.

الله يدين الأشرار من شعبه ليتوبوا، ويشفق على عبيده المؤمنين به الحافظين وصاياه، ويحفظهم من كل شر.

الأعداد 15-18

ع15 - 18:

:

أَصْنَامُ الأُمَمِ فِضَّةٌ وَذَهَبٌ، عَمَلُ أَيْدِي النَّاسِ. لَهَا أَفْوَاهٌ وَلاَ تَتَكَلَّمُ. لَهَا أَعْيُنٌ وَلاَ تُبْصِرُ. لَهَا آذَانٌ وَلاَ تَسْمَعُ. كَذلِكَ لَيْسَ فِي أَفْوَاهِهَا نَفَسٌ! مِثْلَهَا يَكُونُ صَانِعُوهَا، وَكُلُّ مَنْ يَتَّكِلُ عَلَيْهَا.

هذه الآيات موجودة في (مز115: 4 - 6، 8) وهذا المزمور موجود في نفس هذا الكتاب فقد سبق شرحها، فليت القارئ يرجع إليها. وخلاصة الشرح أن الأصنام، أي الآلهة الوثنية تماثيل صنعها البشر بأيديهم، وهي عاجزة عن الكلام والبصر، والسمع والتنفس، فهي تماثيل جامدة لها شكل إنسان، أو حيوان، وهي ملعونة ومسكن للشياطين وكذلك يكون صانعوها، أشرار، ملعونين، وأدوات في يد الشيطان، أي فاقدى القدرة على الكلام والبصر.. والمقصود الكلام الروحي والبصيرة، فصانعوها أحياء بالجسد مائتون بالروح وليس لهم حياة أبدية.

الأعداد 19-20

ع19 - 20:

:

يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ، بَارِكُوا الرَّبَّ. يَا بَيْتَ هَارُونَ، بَارِكُوا الرَّبَّ. يَا بَيْتَ لاَوِي، بَارِكُوا الرَّبَّ. يَا خَائِفِي الرَّبِّ، بَارِكُوا الرَّبَّ.

يختتم المزمور بدعوة لمباركة الرب وتمجيده، فيدعو شعب الله كله أولًا، ثم الكهنة قادة الخدمة، وبعدهم اللاويين خدام الهيكل، وفى النهاية خائفى الرب، أي الأبرار والصديقين فكل فئات الشعب تسبح الله.

يذكر هذه الفئات المختلفة، ويدعوهم للتسبيح لأن كل فئة تختلف عن الأخرى في تسبيح الله، والله في محبته يقبل كل المستويات الروحية. بالإضافة إلى أنه يخصص الكهنة واللاويين؛ لأنهم قدوة للشعب. أما خائفو الرب فهي دعوة لهم لأن ليزيدوا تسبيحهم ومباركتهم لله، إذ أنهم أحبوا البر والتقوى.

العدد 21

ع21:

مُبَارَكٌ الرَّبُّ مِنْ صِهْيَوْنَ، السَّاكِنُ فِي أُورُشَلِيمَ. هَلِّلُويَا.

الله مبارك من صهيون، أي من هيكله المقدس، فمن الهيكل ترتفع تسابيح كثيرة أكثر مما ترتفع في بيوت المؤمنين. ويعبر الداخلون إلى الهيكل عن مباركتهم لله بتقديم الذبائح والصلوات الكثيرة.

الله مبارك وسط شعبه إسرائيل؛ لأنه ساكن بينهم. وهذا يحرك قلوب كل الشعب للطمأنينة والفرح، والفخر، وفى النهاية التسبيح، بل هي دعوة للتسبيح الدائم؛ لأن الله ساكن دائمًا في وسطهم. ويعبر عن هذا التسبيح عندما يختم المزمور بكلمة هللويا.

† الله ساكن في قلبك لأنك تتناول جسده ودمه، بل هو متحد بك، أفلا يدعوك هذا للتمجيد والصلوات الدائمة لله من قلبك ولسانك، سواء بترديد المزامير أو التسابيح، أو صلاة يسوع؟!

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالسَّادِسُ وَالثَّلاَثُونَ - سفر المزامير - مارمرقس مصر الجديدة

اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالرَّابِعُ وَالثَّلاَثُونَ - سفر المزامير - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر المزامير الأصحاح 135
تفاسير سفر المزامير الأصحاح 135