الأصحاح الثالث والستون – سفر إشعياء – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر إشعياء – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثالث والستون

هنا استعارة مأخوذة من الشرق حين كان أهل الشرق يجمعون العنب ويطرحونه في معصرة عظيمة ثم يخلع الشبان ثيابهم ونعولهم ويلبسون ثياباً بيض ويدخلون إلى أرض المعصرة حفاة الأقدام فيدوسون العنب فتتلطخ ثيابهم بدم العنب الأحمر وكان ذلك وقت بهجة عارمة وكان موسم فرح عند العبرانيين، وكان الشباب يخرجون من المعاصر وثيابهم ملطخة وحمراء.

وقد ذكرت معصرة العنب هذه في (رؤ 14: 18 - 20) حين قطفت عناقيد كرم الأرض لأن عنبها (الأشرار) قد نضج فألقى هذا العنب إلى معصرة غضب الله العظيمة، وديست هذه المعصرة خارج المدينة فخرج دم من المعصرة حتى إلى لجم الخيل. وهنا عصير العنب إشارة للدم (حروب عظيمة).

لكن هنا في الآيات القادمة نتقابل مع شاب يلبس لباساً أحمر هو المسيح الفادى الذي غطى دمه جسده على الصليب، وهنا غطى ثيابه إشارة للكنيسة التى غطاها بدمه وهذه هى الكفارة. وهذا الشاب داس المعصرة إشارة لأنه داس أعداءه وأعداء شعبه (الشياطين) والفرحة (فرحة عصير العنب) إشارة لفرحة الكنيسة بخلاصها من أعدائها.

الأعداد 1-6

الآيات (1 - 6): -

"1مَنْ ذَا الآتِي مِنْ أَدُومَ، بِثِيَابٍ حُمْرٍ مِنْ بُصْرَةَ؟ هذَا الْبَهِيُّ بِمَلاَبِسِهِ، الْمُتَعَظِّمُ بِكَثْرَةِ قُوَّتِهِ. «أَنَا الْمُتَكَلِّمُ بِالْبِرِّ، الْعَظِيمُ لِلْخَلاَصِ». 2مَا بَالُ لِبَاسِكَ مُحَمَّرٌ، وَثِيَابُكَ كَدَائِسِ الْمِعْصَرَةِ؟ 3«قَدْ دُسْتُ الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي، وَمِنَ الشُّعُوبِ لَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ. فَدُسْتُهُمْ بِغَضَبِي، وَوَطِئْتُهُمْ بِغَيْظِي. فَرُشَّ عَصِيرُهُمْ عَلَى ثِيَابِي، فَلَطَخْتُ كُلَّ مَلاَبِسِي. 4لأَنَّ يَوْمَ النَّقْمَةِ فِي قَلْبِي، وَسَنَةَ مَفْدِيِّيَّ قَدْ أَتَتْ. 5فَنَظَرْتُ وَلَمْ يَكُنْ مُعِينٌ، وَتَحَيَّرْتُ إِذْ لَمْ يَكُنْ عَاضِدٌ، فَخَلَّصَتْ لِي ذِرَاعِي، وَغَيْظِي عَضَدَنِي. 6فَدُسْتُ شُعُوبًا بِغَضَبِي وَأَسْكَرْتُهُمْ بِغَيْظِي، وَأَجْرَيْتُ عَلَى الأَرْضِ عَصِيرَهُمْ».".

يجب أن نميز بين الثياب الحمر (آية1)، والعصير الذى لطَّخ ثيابه (آية3)، والعصير الذى جرى على الأرض (آية6) الناتج عن دوس لابس الثياب الحمر على أعدائه.

  1. الثياب الحمر هى جسد المسيح الذى هو كنيسته المغطى بدمه، دم الفداء والكفارة (COVER) عن شعبه. هذه الدماء للخلاص، وهى دماء المسيح ولكنها للفرح، لذلك يقول ثيابك كدائس المعصرة = فدوس معصرة العنب يوم فرح، فرح الله وفرح شعبه بالخلاص العظيم والبر (آيات1، 2). الدم فى هذه الآيات هو دم المسيح.
  2. العصير الأحمر الذى لطخ ثيابه = الدم هنا هو دم أعدائه وأعداء كنيسته أى الشياطين، وهذا إشارة لدوس المسيح على الشيطان يوم الصليب وسيكمل الإنتقام فى نهاية الأيام. وبعد الصليب أعطى المسيح السلطان لكنيسته أن تكمل دوس هذا العدو (لو10: 19). وهنا دوس بغضب وغيظ فهو ضد عدو الله الذى أفسد الكثيرين (آيات3 - 5).
  3. العصير الذى جرى على الأرض هو دم ناتج عن دوس المسيح على أعدائه وأعداء كنيسته المحيطين بها أيام النهاية فى حروب الأيام الأخيرة (رؤ14، رؤ16، حز38، حز39، زك14). وأيضا إشارة لإلقاء الشيطان وأتباعه فى بحيرة النار والكبريت (رؤ19، 20) ونجد هذا فى (آية6).

هنا أدوم تشير لأعداء الله وأعداء شعب الله الروحيين أي قوات الشر الروحية، فهي عداوة تقليدية بين أدوم (عيسو) وبين يعقوب أي شعب الله، هي عداوة من البطن، كما بين الشيطان والبشر. وهناك حروب دائمة بين يعقوب وعيسو، دامت في أولادهم. وكانت هزيمة داود لأدوم (2صم 8: 13، 14) رمزاً لهزيمة المسيح لإبليس. وخطايا أدوم هي الكبرياء (عو 3) والبغضة (حز 35: 5) والحسد (حز 35: 11) والظلم لشعب الله (يؤ 3: 19) وهذه الخطايا هي خطايا قوات الشر الروحية من الشياطين الذين يبغضون شعب الله، وهم كأسد زائر يجول يلتمس من يبتلعه. وهم المتكبرين وهم الذين يحسدون شعب الله على ما حصل عليه من بركات العهد الجديد ومحارباتهم لنا هي ظلم. ولقد بدأ انتقام الرب يوم الصليب. ولكن مازالت هناك حروب ضد شعب الله وهناك يوم للانتقام، وهو يوم محدد للخلاص النهائي يوم تداس فيه قوات الشر الروحية في معصرة غضب الله. حين تقطع عناقيد كرم الأرض أي أشرار الأرض ويداسون في الأرض في معركة عظيمة قد تكون حول أورشليم وبعدها يكون المجيء الثاني بوقت قليل، وفيه يطرح عدو الخير ومن يتبعه في البحيرة المتقدة بالنار. وهذا هو يوم نقمة الله = لأَنَّ يَوْمَ النَّقْمَةِ فِي قَلْبِي. وفى هذا اليوم سيَرُشَّ دمهم عَلَى ثِيَابِه فَلَطَخَتْ كُلَّ مَلاَبِسه = إشارة لأنه غلب العدو وداسه (أي إبليس ومن تبعه) وهذه الدماء كانت خارجة من معصرة الغضب.

ملاحظات:

1) قوله سَنَةَ مَفْدِيِّيَّ قبل أن يتم الفداء إشارة لأن كلمة الله لا تسقط، فهو قرر وسيعمل بالتأكيد. هى السنة التى تم فيها الفداء على الصليب. يوم داس المسيح عدوه الشيطان بغيظ وغضب. ولاحظ قوله فلطَخْتُ كل ملابسى = هو لطخها، لم يلطخها أحد، وهذا يعنى أنه لم يجبره أحد على الصليب، بل هو ذهب بكامل إرادته، لم يميته أحد بل هو "له السلطان أن يضعها" (يو10: 18)، وهو الذى أسلم روحه وقت أن أراد أن يفعل.

2) لأَنَّ يَوْمَ النَّقْمَةِ فِي قَلْبِي = ومعنى هذا أن الله إنتظر بصبر عجيب حتى يأتي يوم الفداء ليخلص أولاده، ولكنه لا يعمل إلا في الوقت المناسب، ملء الزمان، كما خلص الشعب من مصر ومن بابل فى الوقت المحدد منه.

وهنا في هذه الآيات رأى النبى هذا الإنسان البهى بملابسه وهو المسيح بَثِيَابُ حَمَّر = إشارة للفداء، وقد أتى من أدوم (فالمعركة كانت بين الفادى وبين الشيطان ورمزه هنا أدوم). وبُصْرَةَ = هي أكبر مدن أدوم. ورآه بَهِيُّ في مَلاَبِسِهِ = فهو الذي رآه يوحنا وقد "خرج غالباً ولكي يغلب". ملابسه هى كنيسته وعروسه التى بررها وفداها فصارت لها جماله "أنا سوداء وجميلة" (نش1: 5). مُتَعَظِّمُ بِكَثْرَةِ قُوَّتِهِ = فكان إنتصاره على الصليب بقوة عجيبة غلب فيها الشيطان وداسه وأعطانا نحن شعبه هذا السلطان، وبموته داس الموت وأعطانا حياته الأبدية، ولذلك كانت مذابح الهيكل (المحرقة والبخور) فى العهد القديم لها قرون علامة القوة. وشعب المسيح حينما أدرك عمل المسيح له عَظَّمه ومَجَّده.

وهو الْمُتَكَلِّمُ بِالْبِرِّ = فهو المسيح الكلمة الذي برر شعبه. لِلْخَلاَصِ = فمعنى إسم يسوع هو يخلص شعبه فسأله النبي ما بال لِبَاسِكَ مُحَمَّرٌ = الفداء على الصليب. وَثِيَابُكَ كَدَائِسِ الْمِعْصَرَةِ = كان الشباب يخرجون من المعصرة فى فرح، وهنا فرح المسيح بأنه خلص شعبه وبررهم بدمه. ويرد المسيح قَدْ دُسْتُ الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي = فلا يوجد شريك للمسيح في عمل الخلاص. وهو أيضاً الذي سينتقم من أعدائه في سنة الفداء = السنة المحددة لبدء الحياة الأبدية فنحن نبدأ الحياة الأبدية وتكتب أسماءنا فى سفر الحياة الأبدية يوم المعمودية التى فيها نموت مع المسيح ونقوم ثابتين فيه، متحدين معه ولنا حياته الأبدية. وفى عمل الخلاص لا يوجد مُعِينٌ = فالتلاميذ تركوه وهربوا، بل أن حتى كل إنسان إنشغل عن خلاص نفسه بغواية الشيطان. وَتَحَيَّرْتُ إِذْ لَمْ يَكُنْ عَاضِدٌ = الله لا يتحير ولكن المعنى يشير لأن الوضع قبل الصليب كان وضعاً ميئوساً منه، وهلاك البشر محتوم وعدو الخير كان كأنه قد إنتصر. بل بعد أن قدم المسيح الفداء كان المنتظر أن يهتم كل إنسان بخلاصه ويتجه بقلبه للمسيح ولكن ما يدفع إلى الحيرة (وهذه بلغة البشر) أن الإنسان لم يفعل ما هو منتظر منه. فَخَلَّصَتْ لِي ذِرَاعِي = الذراع تشير لقوة الله أي المسيح فهو قوة الله وحكمته. مدفوعاً بغيظه = وَغَيْظِي عَضَدَنِي = هنا لا يتكلم عن الفداء بل يوم الانتقام يوم المعصرة يوم أن يصير الدم حتى لجم الخيل (رؤ14: 20)، ويوم يُلقَى عدو الخير في بحيرة النار. أي غيرتي ومحبتي لشعبي جعلتني أنتقم من أعدائهم بغيظ.

العدد 7

آية (7): -

"7إِحْسَانَاتِ الرَّبِّ أَذْكُرُ، تَسَابِيحَ الرَّبِّ، حَسَبَ كُلِّ مَا كَافَأَنَا بِهِ الرَّبُّ، وَالْخَيْرَ الْعَظِيمَ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَافَأَهُمْ بِهِ حَسَبَ مَرَاحِمِهِ، وَحَسَبَ كَثْرَةِ إِحْسَانَاتِهِ.".

تسبحة شكر لله على هذا الخلاص العظيم.

العدد 8

آية (8): -

"8 وَقَدْ قَالَ حَقًّا: «إِنَّهُمْ شَعْبِي، بَنُونَ لاَ يَخُونُونَ». فَصَارَ لَهُمْ مُخَلِّصًا.".

هذا ما كان الرب يتمناه أنهم بَنُونَ لاَ يَخُونُونَ.

العدد 9

آية (9): -

"9فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ.".

فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ = شفقة ورحمة ومحبة الله تنطق في هذه الكلمات. وهو الذي بكى على قبر لعازر وهو عالم أنه سيقيمه، وهو بكى تأثراً بما حوله من جو حزن، وبكى حزناً على الإنسان الذي جلب على نفسه قضية الموت. ومعنى الآية أن الله يسمح بالضيقة لتأديبنا فنخلص، والذى يخلصنا دم المسيح = ملاك حضرته، ولكن الضيقة هى لتعديل مسار نفوسنا المتمردة فنعود للمسيح الذى يخلص كما عاد الإبن الضال. ولكن الله فى حنانه وهو يرانا نتألم فى ضيقتنا يتألم ويتضايق معنا. وجاءت خلصهم فى الماضى فالخلاص تم على الصليب، وتكون الضيقة هى لإعادة النفس المتمردة التى تنحرف عن مسار الخلاص إلى طريق الخلاص مرة أخرى حتى لا تهلك، وهذا معنى ما قاله القديس بولس الرسول عن زانى كورنثوس "أسلمته للشيطان... لهلاك الجسد أى بضيقات كثيرة... فتخلص الروح فى يوم الرب" (1كو5). وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ = فعناية الله بشعبه حتى قبل المسيح، فخلاص الرب هو في كل الأزمنة.

الأعداد 10-11

الآيات (10 - 11): -

"10 وَلكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا وَأَحْزَنُوا رُوحَ قُدْسِهِ، فَتَحَوَّلَ لَهُمْ عَدُوًّا، وَهُوَ حَارَبَهُمْ. 11ثُمَّ ذَكَرَ الأَيَّامَ الْقَدِيمَةَ، مُوسَى وَشَعْبَهُ: «أَيْنَ الَّذِي أَصْعَدَهُمْ مِنَ الْبَحْرِ مَعَ رَاعِي غَنَمِهِ؟ أَيْنَ الَّذِي جَعَلَ فِي وَسَطِهِمْ رُوحَ قُدْسِهِ،".

الله يخلص ولكن ما هو موقف البشر؟ وَلكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا. وماذا صنع الله؟ وَهُوَ حَارَبَهُمْ = ليس المعنى الإنتقام من شعبه، بل تطهير شعبه من خطاياهم فسمح لشعب إسرائيل أن يقع في يد بابل مدة من الزمان للتطهير. بعدها ذَكَرَ الأَيَّامَ الْقَدِيمَةَ = الله لم ينسى حتى يذكر، بل نحن الذين ننسى إحساناته والمعنى أنه حين إنتهى التطهير ومن أجل وعوده لأبائهم أطلقهم من بابل وهنا تحير النبي فتساءل أَيْنَ الَّذِي أَصْعَدَهُمْ مِنَ الْبَحْرِ مَعَ رَاعِي غَنَمِهِ موسى = كان يجب أن يكونوا تابعين لله ولكن للأسف أين هم؟

الأعداد 12-14

الآيات (12 - 14): -

"12الَّذِي سَيَّرَ لِيَمِينِ مُوسَى ذِرَاعَ مَجْدِهِ، الَّذِي شَقَّ الْمِيَاهَ قُدَّامَهُمْ لِيَصْنَعَ لِنَفْسِهِ اسْمًا أَبَدِيًّا، 13الَّذِي سَيَّرَهُمْ فِي اللُّجَجِ، كَفَرَسٍ فِي الْبَرِّيَّةِ فَلَمْ يَعْثُرُوا؟ 14كَبَهَائِمَ تَنْزِلُ إِلَى وَطَاءٍ، رُوحُ الرَّبِّ أَرَاحَهُمْ». هكَذَا قُدْتَ شَعْبَكَ لِتَصْنَعَ لِنَفْسِكَ اسْمَ مَجْدٍ.".

الله يذكرهم بأعماله العظيمة معهم أي بالرغم أنهم أحزنوا روحه القدوس إلا أنه معهم.

سَيَّرَ لِيَمِينِ مُوسَى ذِرَاعَ مَجْدِهِ = ذراع الله هو الإبن قوة الله له كل المجد، وهو أعطى لموسى قوة تسانده. ليمين موسى = اليمين هو القوة، فقوة موسى كانت هى القوة التى أعطاها الله له. وقوله سيَّر تعنى أن هذه القوة رافقت موسى طوال الرحلة. وقوة الله التى رافقت موسى هى التى شقت أمامه المياه وسَيَّرَهُمْ وسط اللُّجَجِ = وسط البحر كَفَرَسٍ = لا يعثر لأن الله هو الذي يقودهم. وحين يعطشوا يقودهم كَبَهَائِمَ تَنْزِلُ إِلَى وَطَاءٍ = لتشرب من الوادي مياهاً حلوة بعنايته. ورُوحُ الرَّبِّ أَرَاحَهُمْ = فهو المعزى دائماً أبداً لأولاده. وكان الله في كل هذا يصْنَعَ لِنَفْسِه إسما واسْمَ مَجْدٍ. = ليتمجد الله وسط شعبه وأمام الأمم ليؤمنوا.

الأعداد 15-19

الآيات (15 - 19): -

"15تَطَلَّعْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَانْظُرْ مِنْ مَسْكَنِ قُدْسِكَ وَمَجْدِكَ: أَيْنَ غَيْرَتُكَ وَجَبَرُوتُكَ؟ زَفِيرُ أَحْشَائِكَ وَمَرَاحِمُكَ نَحْوِي امْتَنَعَتْ. 16فَإِنَّكَ أَنْتَ أَبُونَا وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْنَا إِبْرَاهِيمُ، وَإِنْ لَمْ يَدْرِنَا إِسْرَائِيلُ. أَنْتَ يَا رَبُّ أَبُونَا، وَلِيُّنَا مُنْذُ الأَبَدِ اسْمُكَ.

17لِمَاذَا أَضْلَلْتَنَا يَا رَبُّ عَنْ طُرُقِكَ، قَسَّيْتَ قُلُوبَنَا عَنْ مَخَافَتِكَ؟ ارْجعْ مِنْ أَجْلِ عَبِيدِكَ، أَسْبَاطِ مِيرَاثِكَ. 18إِلَى قَلِيل امْتَلَكَ شَعْبُ قُدْسِكَ. مُضَايِقُونَا دَاسُوا مَقْدِسَكَ. 19قَدْ كُنَّا مُنْذُ زَمَانٍ كَالَّذِينَ لَمْ تَحْكُمْ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُدْعَ عَلَيْهِمْ بِاسْمِكَ. ".

موضوع هذه الآيات والإصحاح الذي بعده، صلاة من الشعب قد يكون إشعياء هو الذي صلاها بدافع من الروح القدس. فيها يطلب الشعب من الرب أن يرحمهم ويعترف بأنهم شعبه ويخلصهم من خطاياهم وأعدائهم. تَطَلَّعْ مِنَ السَّمَاء = كأن الله في غضبه قد ترك الأرض وجلس في السماء غير مهتم بشعبه المسحوق تحت أعدائه بسبب خطاياهم. وهنا يصلى له الشعب تَطَلَّعْ = انظر إلينا في ضيقاتنا أى تحنن علينا. زَفِيرُ أَحْشَائِكَ = شفقتك وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْنَا إِبْرَاهِيمُ = هم قالوا قبلها لأنك أنت أبونا، ويكون المعنى أنه وحتى إن لم نكن أولاد إبراهيم فبنوتنا لله أهم من بنوتنا لإبراهيم بالرغم من إعتزاز اليهود ببنوتهم لإبراهيم. ولا توجد صلاة أخرى في العهد القديم فيها يخاطب الشعب الله قائلا أبونا سوى هذه الصلاة. وهذا مما يدل أن الروح القدس أوحى لإشعياء أن يصلى بروح العهد الجديد "أبانا الذي في السموات". أَضْلَلْتَنَا = الله لا يضل أحد ولكن هم بحريتهم ضلوا بعيداً عنه والله سمح بضلالهم ليتأدبوا، وربما تشير للسبي الذي يحكم به الله. وقد تشير أن الله تركهم وتخلى عنهم بسبب خطاياهم فضلوا. إِلَى قَلِيل امْتَلَكَ شَعْبُ قُدْسِكَ = أي المدة منذ بناء الهيكل حتى السبي وهى حوالي 400 سنه ولكن الشعب إعتبرها مدة قليلة. 19قَدْ كُنَّا مُنْذُ زَمَان = مدة الضيقات الحاضرة تظهر أنها طويلة (مع أنها 70 سنه) كَالَّذِينَ لَمْ تَحْكُمْ عَلَيْهِمْ = هذه شهوة قلوبهم أن يعود ويحكم عليهم ولا يحكمهم الأمم، وهذا ما نصليه يومياً "ليأت ملكوتك".

ملحوظة: - ذراع الرب هو الله ظهر في الجسد = هو ابن الله المتجسد.

راجع الآيات الآتية:

حقا أنت إله محتجب يا إله اسرائيل (إش 45: 15).

هل قصرت يدي عن الفداء (إش50: 2).

إياي ترجو الجزائر وتنتظر ذراعي (إش51: 5).

إستيقظي إستيقظي إلبسي قوة يا ذراع الرب (إش51: 9).

والملخص حتي الآن أن عمل الله في الخلاص كان محتجبا, ولا أحد يستطيع أن يتعرف علي الله أو يراه والله يقول لكني قادر أن أخلص وسأفعل. وهذا بذراعي الذي هو قوتي, وقوة الله هو المسيح (1 كو ا: 24) والذي تنتظره الجزائر أى الامم البعيدة. وهذه تنتظر ان يستيقظ أي يتجسد ليعمل عمل الفداء.

شَمَّر الرب عن ذراع قدسه (إش52: 10).

من صدق خبرنا ولمن استعلنت ذراع الرب........ رجل أوجاع ومختبر الحزن (إش52: 1 - 12).

والملخص حتي الان أن المسيح قد تجسد وفي وسط اليهود الذين صلبوه.

ها إن يد الرب لم تقصر عن أن تخلص (إش 59: 1).

فرأي أنه ليس إنسان وتحير من أنه ليس شفيع فخلصت ذراعه لنفسه (إش 59: 16).

اذا لقد نجح عمل المسيح الفدائي حلف الرب بيمينه وبذراع عزته (62: 8).

وبهذا نفهم ان المسيح مساو للاب تماما فنجد الله هنا يحلف بذراعه.

ونحن نعلم أن الله لا يحلف سوى بنفسه إذ ليس أعظم منه يحلف به (عب 6: 13).

فخلصت لي ذراعي (إش 63: 5).

في كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصهم (إش 63: 9).

فلنشكر الله الذي في كل ضيقنا يتضايق ولكنه إله قدير يخلص.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الإصحاح الرابع والستون - سفر إشعياء - القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الثاني والستون - سفر إشعياء - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر إشعياء الأصحاح 63
تفاسير سفر إشعياء الأصحاح 63