الأصحاح التاسع والأربعون – سفر إشعياء – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر إشعياء – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح التاسع والأربعون

في الجزء (40 – 48) وجدنا مجادلة الرب مع إسرائيل حول وثنيتهم لذلك نجد آخر آية في هذا الجزء لا سلام يقول ربى للأشرار. وفى هذا الجزء الجديد (49 – 57) كلام واضح عن ملكوت المسيح أي كنيسته ومجيئه ورفض اليهود له ومعاملتهم السيئة له بل وصلبه لذلك نجد ختام هذا الجزء أيضاً لا سلام يقول إلهي للأشرار (إش 57: 21) وإبتداء من هنا لا كلام عن كورش ولا عبادة الأصنام.

والآيات هنا في عظمتها لا يمكن أن تشير لعودة 43000 لأورشليم، بل هم ظلوا خاضعين لملك الفرس وتحت الجزية. بل هي تشير للكنيسة وللمسيح الذي كان قليل عليه أن يأتي لليهود فقط ليخلصهم، لذلك أتى لكل العالم، بل أن حتى أكثر اليهود رفضوه. وفى الإصحاح السابق أشار لإرسالية المسيح (48: 16) والآن يتحدث عن هذه الإرسالية الفريدة التي فيها يخلى الابن ذاته لكي يمجدنا فيه.

الأعداد 1-2

الآيات (1 - 2): -

"1اِسْمَعِي لِي أَيَّتُهَا الْجَزَائِرُ، وَاصْغَوْا أَيُّهَا الأُمَمُ مِنْ بَعِيدٍ: الرَّبُّ مِنَ الْبَطْنِ دَعَانِي. مِنْ أَحْشَاءِ أُمِّي ذَكَرَ اسْمِي، 2 وَجَعَلَ فَمِي كَسَيْفٍ حَادٍّ. فِي ظِلِّ يَدِهِ خَبَّأَنِي وَجَعَلَنِي سَهْمًا مَبْرِيًّا. فِي كِنَانَتِهِ أَخْفَانِي.".

المتكلم هو المسيح فالصفات المذكورة بعد ذلك لا تنطبق إلا عليه.

أَيَّتُهَا الْجَزَائِرُ = كان اليهود يتطلعون للجزائر في البحر المتوسط أنها بعيدة عن اليهود وغريبة عنهم. بل أطلقت الكلمة على كل ما هو بعيد عن أرض إسرائيل.

الأُمَمُ مِنْ بَعِيدٍ = فالمسيح مرسل لكل الأمم. وهم من بعيد لأنهم في كل أنحاء العالم، وهم من بعيد إذ لم يدخلوا في شركة مع الله كاليهود من قبل. في (ص 48) كان يكلم اليهود وهنا نجده يكلم الأمم.

الرَّبُّ مِنَ الْبَطْنِ دَعَانِي = هذه إشارة للتجسد، والمسيح سُمِّىَ يسوع أي مخلص قبل أن يولد "في بشارة الملاك للعذراء". جَعَلَ فَمِي كَسَيْفٍ = هو صاحب سلطان راجع (رؤ 1: 16 + رؤ 2: 16 + مت 7: 29) "كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين" (عب 4: 12) سَهْمًا مَبْرِيًّا = السهم يستخدم لضرب الأعداء البعيدين، فهو سهم ضد إبليس. وهو سهماً مبرياً، أي غير صدأ، مصقول. فالمسيح شهد له أعداءه "لم يتكلم إنسان قط هكذا مثل هذا الإنسان، ولم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة. فِي ظِلِّ يَدِهِ خَبَّأَنِي = يد الله تشير للمسيح فتعنى الآية أن لاهوت المسيح كان مختفيا فى ناسوته، وقد تشير أيضا إلى أن الله حفظه حتى الساعة المعينة من الأعداء الحانقين، فكان يختفي من وسطهم عدة مرات حين كانوا يريدون قتله قبل أن تأتى ساعة الصليب. والآية تعنى أيضاً أن الله كتم سر إرسال إبنه حتى جاء ملء الزمان. وهو خَبَّأ حقيقته عن الشياطين فلم يعرفوه. وهو أي المسيح كان سره مكتوماً مُخَبَّأ في النبوات. ثم ظهر بغتة كسهم مصوب ضد إبليس على الصليب. وهو سهم موجه للمؤمنين يجرحهم حباً (نش 2: 5) ويجعلهم مشتاقين إليه كل حين، لا يتحدثون سوى عنه ولا يستمعون سوى له.

الأعداد 3-4

الآيات (3 - 4): -

"3 وَقَالَ لِي: «أَنْتَ عَبْدِي إِسْرَائِيلُ الَّذِي بِهِ أَتَمَجَّدُ». 4أَمَّا أَنَا فَقُلْتُ:

« عَبَثًا تَعِبْتُ. بَاطِلاً وَفَارِغًا أَفْنَيْتُ قُدْرَتِي. لكِنَّ حَقِّي عِنْدَ الرَّبِّ، وَعَمَلِي عِنْدَ إِلهِي». ".

أنت عبدى = "الإبن أخلى نفسه آخذا صورة عبد صائرا فى شبه الناس" (فى2: 7).

الَّذِي بِهِ أَتَمَجَّدُ = قارن مع (يو 17: 4، 5) فالمسيح بصليبه تمجد ومَجَّد الآب، فبه صالح الآب مع البشر. عَبَثًا تَعِبْتُ = هذا لسان حال المسيح وهو على الصليب معلق واليهود شامتين رافضين والتلاميذ هاربين مشتتين. وتشير الآية لرفض اليهود له "إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله" (يو1: 11). هذا مظهر الصليب الخارجي وأما عمله وفاعليته الحقيقيتين فيظهران في آيات (5، 6).

الأعداد 5-6

الآيات (5 - 6): -

"5 وَالآنَ قَالَ الرَّبُّ جَابِلِي مِنَ الْبَطْنِ عَبْدًا لَهُ، لإِرْجَاعِ يَعْقُوبَ إِلَيْهِ، فَيَنْضَمُّ إِلَيْهِ إِسْرَائِيلُ فَأَتَمَجَّدُ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَإِلهِي يَصِيرُ قُوَّتِي. 6فَقَالَ: «قَلِيلٌ أَنْ تَكُونَ لِي عَبْدًا لإِقَامَةِ أَسْبَاطِ يَعْقُوبَ، وَرَدِّ مَحْفُوظِي إِسْرَائِيلَ. فَقَدْ جَعَلْتُكَ نُورًا لِلأُمَمِ لِتَكُونَ خَلاَصِي إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ».".

كانت كل أمال اليهود فى السبى أن يعودوا إلى بلادهم وينضم إليهم إخوتهم من بقية الأسباط (من المملكة الشمالية). وهنا وعد من الله بأنه سيحقق هذا لهم، وأنه سيرسل لهم أحد عبيده فيرجع المسبيين من يهوذا ومعهم أسباط إسرائيل = لإِرْجَاعِ يَعْقُوبَ إِلَيْهِ فَيَنْضَمُّ إِلَيْهِ إِسْرَائِيلُ. ولكن إمتدت النظرة النبوية للمسيح المخلص الذى سيجمع اليهود والأمم معا فى جسده الذى سيأخذه من بطن العذراء = جَابِلِي مِنَ الْبَطْنِ = تجسد المسيح من الروح القدس ومن العذراء مريم آخذاً صورة عبد. فَيَنْضَمُّ إِسْرَائِيلُ = قد تكون نبوة بعودة اليهود في المستقبل، ولكنها تشير لدخول الأمم = إسرائيل الله (غل 6: 16) فالمسيح كان قليلاً عليه أن يأتى ليخلص اليهود، بل هو أتى لخلاص كل الأمم.

إسرائيل المملكة الشمالية سريعا ما إنحرفت لعبادة الأوثان، ولأنها تشتتت سريعا فى العالم على يد ملك أشور سنة722 ق. م صارت ترمز للأمم. ثم يذكر دخول الأمم صراحة = فَقَدْ جَعَلْتُكَ نُورًا لِلأُمَمِ لِتَكُونَ خَلاَصِي إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ». وعمل الخلاص العظيم ليس عمل إنسان محدود بل عمل الإله الغير محدود، فهو إنتصار الحياة على الموت والله هو الحياة = وإلهى يصير قوتى.

العدد 7

آية (7): -

"7هكَذَا قَالَ الرَّبُّ فَادِي إِسْرَائِيلَ، قُدُّوسُهُ، لِلْمُهَانِ النَّفْسِ، لِمَكْرُوهِ الأُمَّةِ، لِعَبْدِ الْمُتَسَلِّطِينَ: «يَنْظُرُ مُلُوكٌ فَيَقُومُونَ. رُؤَسَاءُ فَيَسْجُدُونَ. لأَجْلِ الرَّبِّ الَّذِي هُوَ أَمِينٌ، وَقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي قَدِ اخْتَارَكَ».".

هكَذَا قَالَ الرَّبُّ فَادِي إِسْرَائِيلَ، قُدُّوسُهُ، لِلْمُهَانِ النَّفْسِ = هذه مثل "قال الرب لربى" (مز110: 1). فالآب يقول للإبن المتجسد المهان، أنه لك سيسجد ملوك. ولاحظ أن قدوسه الأولى فى الآية هى عن الإبن، والثانية قدوس إسرائيل هى عن الآب الذى إختار الإبن وقدسه ليقوم بعمل الفداء والخلاص "فالذى قدسه الآب وأرسله إلى العالم" (يو10: 36) = الَّذِي قَدِ اخْتَارَكَ = وهذا التكليف بإتفاق من داخل المشورة الثالوثية (إش48: 16). مَكْرُوهِ الأُمَّةِ = يسمى التلمود المسيح "المنبوذ المصلوب أو المسيح الأبرص" عَبْدِ الْمُتَسَلِّطِينَ = كان المسيح كعبد وهو يقف بين يدي بيلاطس وهيرودس كاِلْمُهَانِ النَّفْسِ = هذا كان نبوة عما سيحدث للمسيح فسيكون متضعاً فقيراً مرفوضاً. يَنْظُرُ مُلُوكٌ فَيَقُومُونَ = جاء للملكة فيكتوريا رئيس إفريقي وثنى يسألها إلام تنسبين نجاح إمبراطوريتك فقالت لهذا وأعطته إنجيلاً، وقالت أنا مؤمنة بالمجيء الثاني، وربما أن الله أطال عمري ليعطيني فرصة أن أضع تاجي عند قدمي السيد المسيح عندما يجيء. وهذا حال كثيرين من الملوك المؤمنين. لأَجْلِ الرَّبِّ الَّذِي هُوَ أَمِينٌ فالله يتمجد في كنيسته التي إشتراها وطهرها ولا يخيب رجاء أحد المتكلين عليه، والله وعد بالخلاص للبشر وهو أمين وسيتمم الخلاص فى شخص المسيح الذى سيتألم ويهان لكنه سيتمجد ليمجد فيه الطبيعة البشرية. رؤساء فيسجدون = وحينما يفهم البشر ويدركوا ما إحتمله الله القدوس من ألم ومهانة سيسجدوا له شاكرين مسبحين.

العدد 8

آية (8): -

"8هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «فِي وَقْتِ الْقُبُولِ اسْتَجَبْتُكَ، وَفِي يَوْمِ الْخَلاَصِ أَعَنْتُكَ. فَأَحْفَظُكَ وَأَجْعَلُكَ عَهْدًا لِلشَّعْبِ، لإِقَامَةِ الأَرْضِ، لِتَمْلِيكِ أَمْلاَكِ الْبَرَارِيِّ،".

هنا الرب يكلم المسيح قائلاً أنه أعانه في يوم الخلاص، فإن كان الآب قد أرسل له ملائكة لتقويه (لو 22: 43) فكم صنع الآب بنفسه معه. فِي وَقْتِ الْقُبُولِ = الصلح والقبول تم بالصليب والله إستجاب وكانت الإستجابة بتأسيس الكنيسة في العهد الجديد. ووقت القبول بالنسبة لنا هو كل وقت نقدم فيه توبة طالما نحن أحياء. وهذه ثمار الخلاص فنحن صرنا مقبولين بالإبن وفى الإبن لدى الآب فيستجيب الآب لنا. وَأَجْعَلُكَ عَهْدًا = الآب قدم إبنه عهداً جديداً ليس منقوشاً على حجارة بل مسجلاً بالدم في جسد الابن، وبهذا العهد تنال الكنيسة مملكة سماوية وميراث لا يُعبَّر عنه. لإِقَامَةِ الأَرْضِ = أي لتعمير الأرض الخربة، فكما خرب البابليون أورشليم وعادوا من السبي ليعمروها، خَرَّب إبليس أرضنا أي جسدنا والمسيح أتى ليقيمه من الخراب وليكون مثمراً. ولِتَمْلِيكِ أَمْلاَكِ الْبَرَارِيِّ = بعد السبى عاد الشعب لإمتلاك أرضه الخربة التي صارت كالبراري وبعد الصليب عاد المسيح ليمتلك شعبه بعد أن كانوا للشيطان الذى خربهم كالبراري. ولنرث نحن نصيبنا فى السماء.

الأعداد 9-10

الآيات (9 - 10): -

"9قَائِلاً لِلأَسْرَى: اخْرُجُوا. لِلَّذِينَ فِي الظَّلاَمِ: اظْهَرُوا. عَلَى الطُّرُقِ يَرْعَوْنَ وَفِي كُلِّ الْهِضَابِ مَرْعَاهُمْ. 10لاَ يَجُوعُونَ وَلاَ يَعْطَشُونَ، وَلاَ يَضْرِبُهُمْ حَرٌّ وَلاَ شَمْسٌ، لأَنَّ الَّذِي يَرْحَمُهُمْ يَهْدِيهِمْ وَإِلَى يَنَابِيعِ الْمِيَاهِ يُورِدُهُمْ.".

المسيح نزل إلى الجحيم من قبل الصليب ليخلص من كانوا فيه على رجاء من قديسى العهد القديم، وفتح لهم باب الفردوس = قَائِلاً لِلأَسْرَى: اخْرُجُوا. لِلَّذِينَ فِي الظَّلاَمِ: اظْهَرُوا. وبالنسبة لمن كانوا أحياء بالجسد ولكن مستعبدين وأسرى ظلام الخطية، فهؤلاء حررهم الإبن (يو8: 36). الحرية ثمرة من ثمار الخلاص فلا يعود للعدو سلطان على أسرى الخطية أسرى الظلام والشهوات الذين حررهم المسيح. ومن الثمار أيضاً التمتع بمرعى إلهي خصيب. عَلَى الطُّرُقِ يَرْعَوْن = فالله قادر أن يرعى شعبه حتى خارج المراعى ولو ضلوا فى الطريق يعيدهم، كما فتش عن الخروف الضال ليعيده. ومن يعود يرعاه الراعى الصالح = وَفِي كُلِّ الْهِضَابِ مَرْعَاهُمْ = إشارة لأن الحياة مع المسيح رفعتنا من الأرضيات إلى السماويات، وفى ضيقتنا يعزينا ويظلل علينا = لا يضربهم حر. والمعاني هنا تطبق جزئياً على الأرض إذ نحيا في سلام مع الله وفرح، ولكن التطبيق الكامل يكون في السماء.

العدد 11

آية (11): -

"11 وَأَجْعَلُ كُلَّ جِبَالِي طَرِيقًا، وَمَنَاهِجِي تَرْتَفِعُ.".

فى الآية السابقة رأينا أن الله يرعى شعبه على الهضاب، لكنه يقودنا دائما من نمو إلى نمو، وها هو يقودنا فى طريق جبال، فنعلو فى السماويات. ولكن كيف نعلو فى طريقنا على الجبال؟ تجيب الآية وتقول أن هذا يكون بالإلتزام بوصايا الرب والحياة السماوية التي يريدها الله لنا. ولكن الله يمهد لنا الطريق مهما بدا شاقاً بإتحادنا مع المسيح الطريق فتتحول الوصية إلى لذة = وهذا معنى مناهجى ترتفع.

مَنَاهِجِي تَرْتَفِعُ = ستكون الوصية التي هي مناهج أو مسالك الرب سهلة نحن لن ننزل للعالم بل نصعد للرب، على جبال الرب لنحيا في السماويات.

الأعداد 12-13

الآيات (12 - 13): -

"12هؤُلاَءِ مِنْ بَعِيدٍ يَأْتُونَ، وَهؤُلاَءِ مِنَ الشَّمَالِ وَمِنَ الْمَغْرِبِ، وَهؤُلاَءِ مِنْ أَرْضِ سِينِيمَ». 13تَرَنَّمِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ، وَابْتَهِجِي أَيَّتُهَا الأَرْضُ. لِتُشِدِ الْجِبَالُ بِالتَّرَنُّمِ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ عَزَّى شَعْبَهُ، وَعَلَى بَائِسِيهِ يَتَرَحَّمُ.".

المواعيد للجميع مِنْ أَرْضِ سِينِيمَ = قد تشير لأسوان حيث آلهة الأوثان المصرية فى جنوب مصر وقد تشير للجنوب عموماً، فالآتين هنا فى الآية أتوا من الشمال ومن الغرب فيتبقى الجنوب أما الشرق فمحجوز للمسيح فهو أتى من الشرق ليضم الجميع. وأمام هذا الخلاص فلتفرح الأرض كلها، والترنم هو سمة المؤمنين بسبب تعزيات الروح القدس.

العدد 14

آية (14): -

"14 وَقَالَتْ صِهْيَوْنُ: «قَدْ تَرَكَنِي الرَّبُّ، وَسَيِّدِي نَسِيَنِي».".

قد تكون هذه أقوال صهيون قالتها في مدة سبيها، وقد تكون قالتها حين قبل الله الأمم. وقد يكون هذا قول الأمم فى شقائهم وهم يرزحون تحت ثقل الخطية وذل الشيطان للبشر قبل المسيح. وهذا القول هو لسان حال كل نفس أو الكنيسة فى تجاربها ومشاكلها.

الأعداد 15-16

الآيات (15 - 16): -

"15«هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟ حَتَّى هؤُلاَءِ يَنْسَيْنَ، وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ. 16هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ. أَسْوَارُكِ أَمَامِي دَائِمًا.".

نَقَشْتُك = هذا رد الله على من يتصور أن الله نسيه وأهمله. وحين ينقش الله على كفه فهو لا ينسى، فهذا النقش هو كالوشم لا يزول. وكانت هناك عادة أن ينقش الواحد إسم محبوبته علامة حبه الأبدي لها. والمسيح نقش على كفيه أثار المسامير علامة حبه لكنيسته. قد يشعر الإنسان في تجربته أنه وحده ولكن أمام هذه الآيات يتعزى. أَسْوَارُكِ = أي موضوع حمايتها أمام الله كل حين. والله سيعيد لها أسوارها. بل يكون لها سور من نار "(زك2: 5). وسيعيد حمايتها وبنائها، وسيعيد إليها بنيها كما كانت، وهو حين يقول أنه يذكر أسوارها فهو يذكرها في حالة مجدها ويشتاق أن يعيد إليها مجدها الأول.

هناك تطبيق لطيف من طقس الكنيسة، فقد تعودت الكنائس أن تضع بيض نعام فى الكنائس، وهذا لأن النعامة حمقاء تضع بيضها وتتركه وتنساه فتدوسه الوحوش، ولكن الله يحفظ جنس النعام (أى39: 13 - 18). وتضع الكنيسة بيض النعام لنذكر دائما أنه حتى إن نسيتنا أمهاتنا فالله لا ينسانا.

العدد 17

آية (17): -

"17قَدْ أَسْرَعَ بَنُوكِ. هَادِمُوكِ وَمُخْرِبُوكِ مِنْكِ يَخْرُجُونَ.".

الله لا يسمح بخراب الكنيسة ولكن للأسف فالهادمون والمخربون يخرجون من الكنيسة ولأغراضهم الشخصية وهذا ما أدى لوجود طوائف متعارضة.

العدد 18

آية (18): -

"18اِرْفَعِي عَيْنَيْكِ حَوَالَيْكِ وَانْظُرِي. كُلُّهُمْ قَدِ اجْتَمَعُوا، أَتَوْا إِلَيْكِ. حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ، إِنَّكِ تَلْبَسِينَ كُلَّهُمْ كَحُلِيٍّ، وَتَتَنَطَّقِينَ بِهِمْ كَعَرُوسٍ.".

الذين يجتمعوا هم المؤمنون، وهم أجمل زينة للكنيسة كما أن أجمل زينة للوالدين هم أبناؤهم الصالحين.

العدد 19

آية (19): -

"19إِنَّ خِرَبَكِ وَبَرَارِيَّكِ وَأَرْضَ خَرَابِكِ، إِنَّكِ تَكُونِينَ الآنَ ضَيِّقَةً عَلَى السُّكَّانِ، وَيَتَبَاعَدُ مُبْتَلِعُوكِ.".

هذه نبوة بإتساع شعب الله وكنيسته بدخول الأمم جميعاً للإيمان.

العدد 20

آية (20): -

20يَقُولُ أَيْضًا فِي أُذُنَيْكِ بَنُو ثُكْلِكِ: ضَيِّقٌ عَلَيَّ الْمَكَانُ. وَسِّعِي لِي لأَسْكُنَ.

بَنُو ثُكْلِكِ = بنو الثكل هم أبناء التي كانت قد فقدت أبنائها (إشارة لرفض اليهود للإيمان، فكأن الكنيسة الأم عدمتهم) فأصبح لها أبناء آخرين (إشارة لقبول الأمم للإيمان). وَسِّعِي = إشارة لكثرة الداخلين للإيمان من الأمم.

العدد 21

آية (21): -

"21فَتَقُولِينَ فِي قَلْبِكِ: مَنْ وَلَدَ لِي هؤُلاَءِ وَأَنَا ثَكْلَى، وَعَاقِرٌ مَنْفِيَّةٌ وَمَطْرُودَةٌ؟ وَهؤُلاَءِ مَنْ رَبَّاهُمْ؟ هأَنَذَا كُنْتُ مَتْرُوكَةً وَحْدِي. هؤُلاَءِ أَيْنَ كَانُوا؟ ».".

الكنيسة هنا مشبهة بامرأة مطرودة مهجورة ثم أصبح لها أبناء.

العدد 22

آية (22): -

"22هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: «هَا إِنِّي أَرْفَعُ إِلَى الأُمَمِ يَدِي وَإِلَى الشُّعُوبِ أُقِيمُ رَايَتِي، فَيَأْتُونَ بِأَوْلاَدِكِ فِي الأَحْضَانِ، وَبَنَاتُكِ عَلَى الأَكْتَافِ يُحْمَلْنَ.".

كالقائد يرفع يده ليجمع الأمم إلى أحضان الكنيسة (يو 12: 32) ورفع اليد تم على الصليب، فيد الله هو المسيح وقوله أرفع تشير لرفعه على الصليب. فكان الصليب راية للأمم علامة النصر والخلاص. بسط المسيح ذراعيه ليجمع كل الأمم.

يَدِه = رمز لتجسد المسيح ذراع الله أي قوة الله.

العدد 23

آية (23): -

"23 وَيَكُونُ الْمُلُوكُ حَاضِنِيكِ وَسَيِّدَاتُهُمْ مُرْضِعَاتِكِ. بِالْوُجُوهِ إِلَى الأَرْضِ يَسْجُدُونَ لَكِ، وَيَلْحَسُونَ غُبَارَ رِجْلَيْكِ، فَتَعْلَمِينَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الَّذِي لاَ يَخْزَى مُنْتَظِرُوهُ».".

الملوك يتعهدون الكنائس بالرعاية ومثال لهذا كورش وإستير قديماً بل إن الإسكندر الأكبر فرض حمايته على أورشليم وقسطنطين وثيئودوسيوس حديثاً.

الأعداد 24-26

الآيات (24 - 26): -

"24هَلْ تُسْلَبُ مِنَ الْجَبَّارِ غَنِيمَةٌ؟ وَهَلْ يُفْلِتُ سَبْيُ الْمَنْصُورِ؟ 25فَإِنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «حَتَّى سَبْيُ الْجَبَّارِ يُسْلَبُ، وَغَنِيمَةُ الْعَاتِي تُفْلِتُ. وَأَنَا أُخَاصِمُ مُخَاصِمَكِ وَأُخَلِّصُ أَوْلاَدَكِ، 26 وَأُطْعِمُ ظَالِمِيكِ لَحْمَ أَنْفُسِهِمْ، وَيَسْكَرُونَ بِدَمِهِمْ كَمَا مِنْ سُلاَفٍ، فَيَعْلَمُ كُلُّ بَشَرٍ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ مُخَلِّصُكِ، وَفَادِيكِ عَزِيزُ يَعْقُوبَ».".

هي تدعيم لكل من أصابه اليأس والتشكك في محبة الله وقدرته على الخلاص. وهنا نرى الله الغالب المنصور في معركة الصليب يقتنى أولاده بدمه، ولن يهلك أحد منهم إلا إبن الهلاك، هذا الذى رفض بعناد كل محاولات الله معه ليثبت فى المسيح ويخلص (يو17: 12) وهذا ما نراه فى هذه الآيات. وقارن آية (26) مع (رؤ 16: 6) فالله قادر أن يهيج أعداء كنيسته بعضهم ضد بعض فينقذ كنيسته من بين أيديهم. يَسْكَرُونَ بِدَمِهِمْ = عملهم يرتد على رؤوسهم فيذوقون من عنفهم مرارة، حتى يكون كمن يفقدوا وعيهم وكمن في حالة سكر.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الخمسُون - سفر إشعياء - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثامن والأربعون - سفر إشعياء - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر إشعياء الأصحاح 49
تفاسير سفر إشعياء الأصحاح 49