الأصحاح الثامن عشر – سفر إشعياء – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر إشعياء – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثامن عشر

هناك رأيان في هذا الإصحاح: -.

الأول: أن كوش هي الحبشة كما هو معروف ويكون معني الإصحاح أن الأحباش وقد وصلهم أخبار غزو أشور أرسلوا ليسألوا يهوذا في أمر سنحاريب، وربما طلبوا عقد تحالف مع يهوذا ضد أشور، لأنه في هذا الوقت كان قادماً علي أورشليم فإذا دخلها لم يعد شيء يقف في سبيله ليدخل مصر وكوش.

الثاني: - أن المقصود ليس كوش الحبشة لأنه يقول التي في عبر أنهار كوش، وهناك مكان آخر يسمي كوش (تك 2: 13) في منطقة العراق، فيكون المقصود أنها بلاد خارج حدود الحبشة والعراق (عبر أنهار الحبشة والعراق أى خارج حدودهما). وهناك من فكر أنها بلاد قوية تدعم وجود إسرائيل مثل أمريكا وإنجلترا وغيرها.. الخ.

ولنبدأ بالتفسير الأول:

العدد 1

آية (1): -

"1يَا أَرْضَ حَفِيفِ الأَجْنِحَةِ الَّتِي فِي عَبْرِ أَنْهَارِ كُوشَ،".

سميت حَفِيفِ الأَجْنِحَةِ = لعظمة جيوشها وأساطيلها التي لها أشرعة تسمي أجنحة. وفي حزقيال (17) شبه ملك أشور بنسر عظيم ذو منكبين وهكذا شبه في (إش 8: 8). ويكون المقصود بذلك السلطان الإمبراطوري الذي يبسط جناحيه علي الحبشة والمناطق المحيطة بها (راجع 2مل 9: 19) لنجد أن ترهاقة وهو ملك مصر ومن أصل كوشى يحارب سنحاريب فكانت العائلة التى تحكم مصر فى ذلك الحين كوشية.

العدد 2

آية (2): -

"2الْمُرْسِلَةَ رُسُلاً فِي الْبَحْرِ وَفِي قَوَارِبَ مِنَ الْبَرْدِيِّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ. اذْهَبُوا أَيُّهَا الرُّسُلُ السَّرِيعُونَ إِلَى أُمَّةٍ طَوِيلَةٍ وَجَرْدَاءَ، إِلَى شَعْبٍ مَخُوفٍ مُنْذُ كَانَ فَصَاعِدًا، أُمَّةِ قُوَّةٍ وَشِدَّةٍ وَدَوْسٍ، قَدْ خَرَقَتِ الأَنْهَارُ أَرْضَهَا.".

رُسُلاً = المرسَلون من ملك الحبشة لأورشليم. فِي الْبَحْرِ = هو نهر النيل وسُمِّى البحر لعظمته (إش 19: 5). الْبَرْدِيِّ = كانوا يستخدمونه لبناء قوارب سريعة لأنها خفيفة. أُمَّةٍ طَوِيلَةٍ وَجَرْدَاءَ. شَعْبٍ مَخُوفٍ = الشعب المخوف هو إسرائيل لأن إلهه مخوف يدافع عنه حتى والشعب صامت (خر 14: 14) + (خر 23: 27 + 10: 34 + تث28: 10 + يش 2: 9). وهو كان شعب مخوف منذ نشأته إذ خرج من مصر بذراع رفيعة. وهم أُمَّةٍ طَوِيلَةٍ = بدأت منذ إختار الله إبراهيم وتستمر لنهاية الأيام. وَجَرْدَاءَ = بلا ثمر لرفضها المستمر لله خصوصاً حينما تعتمد علي يد آخرين وليس علي يد الله. قَدْ خَرَقَتِ الأَنْهَارُ أَرْضَهَا = إسرائيل بلا أنهار ولكنها قد تشير: -.

  1. للخيرات الكثيرة التي يفيض بها الله عليهم.
  2. وقد تشير الأنهار لهجوم أشور عليها فكان هجوم أشور بجيوشه كالطوفان (راجع إش 17: 12، 13) وتشبيه الجيوش التى تهاجم أورشليم بالطوفان إستخدم فعلا فى (دا9: 26).

العدد 3

آية (3): -

"3يَا جَمِيعَ سُكَّانِ الْمَسْكُونَةِ وَقَاطِنِي الأَرْضِ، عِنْدَمَا تَرْتَفِعُ الرَّايَةُ عَلَى الْجِبَالِ تَنْظُرُونَ، وَعِنْدَمَا يُضْرَبُ بِالْبُوقِ تَسْمَعُونَ.".

هنا الرد الذي ينبغي أن يحمله الرسل. وهو دعوة لكل المسكونة لينظر الناس ويسمعوا حين يعمل الله أعمالا عجيبة في الأشوريين لخلاص شعبه.

الأعداد 4-6

الآيات (4 - 6): -

"4لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ لِيَ الرَّبُّ: «إِنِّي أَهْدَأُ وَأَنْظُرُ فِي مَسْكَنِي كَالْحَرِّ الصَّافِي عَلَى الْبَقْلِ، كَغَيْمِ النَّدَى فِي حَرِّ الْحَصَادِ». 5فَإِنَّهُ قَبْلَ الْحَصَادِ، عِنْدَ تَمَامِ الزَّهْرِ، وَعِنْدَمَا يَصِيرُ الزَّهْرُ حِصْرِمًا نَضِيجًا، يَقْطَعُ الْقُضْبَانَ بِالْمَنَاجِلِ، وَيَنْزِعُ الأَفْنَانَ وَيَطْرَحُهَا. 6تُتْرَكُ مَعًا لِجَوَارِحِ الْجِبَالِ وَلِوُحُوشِ الأَرْضِ، فَتُصَيِّفُ عَلَيْهَا الْجَوَارِحُ، وَتُشَتِّي عَلَيْهَا جَمِيعُ وُحُوشِ الأَرْضِ.".

الْحَرِّ الصَّافِي = كثيراً ما يبدو الله هادئاً ساكناً كأنه لا يعبأ بأمورنا، يترك ملك أشور حتى أسوار أورشليم، يرى حروبا ضد شعبه ويبدو أنه ساكت، لكنه هو طويل الأناة ويدبر الأمور فهو ضابط الكل. ويطمئننا أنه يهْدَأُ وَينْظُر = وفي الوقت المناسب يتدخل. ففي كل الأمور هناك وقت مناسب للحصاد. والله في كل الأمور، حين يحتاج المحصول للحر يكون هو حر صافي = (فالله يسمح بهذه الحروب حين يكون شعبه محتاج للتأديب) وحين يحتاج لغَيْمِ النَّدَى = يكون هو غيم الندي = (تعزيات إلهية لمن هم من شعبه وقت الحروب حتى لا يفشلوا). وفي الوقت المحدد يحصد محصوله حصرما نضيجا = (نتائج التأديب توبة شعبه ورجوعهم إليه وقد نضجوا). والمحصول هنا هو خلاص شعبه. يَقْطَعُ الْقُضْبَانَ بِالْمَنَاجِلِ، وَيَنْزِعُ الأَفْنَانَ وَيَطْرَحُهَا = بعد أن ينتهى التأديب يرمى الله عصا التأديب = هلاك أعداء شعبه (أشور كرمز أو كمثال) والقضبان التي تقطع هي جيش أشور فتترك للطيور والوحوش. وبهذا فلتأتى أخبار الحروب والجيوش فلا ننزعج فالله يعرف كيف يدبر أمور شعبه، كما قال داود النبى "إن نزل علىَّ جيش لا يخاف قلبى. إن قامت علىَّ حرب ففى ذلك أنا مطمئن" (مز27: 3).

تأمل: - هذه الايات تشرح تعامل الله مع أولاده. فالله يريد ان يرى فينا ثمار. ولكن حتي يعطي أي نبات ثمر لا بد وأن ينضج. والنضج يحتاج حرارة الشمس (هي التجارب لشعب الله) وحتي لا يحترق النبات من حرارة الشمس يسمح الله ببعض الغيوم لتظلل علي النبات (هي تعزيات الله لأولاده وسط الضيقات حتي لا يفشلوا) والمعزي هنا أن الله يقول عن نفسه أنه هو الحر وهو أيضاً غيم الندي فهو كل شئ لأولاده بحسب إحتياجهم. بل النبات حتي لا يحترق ينزل الله عليه بعض الندي صباحاً (هذه هي تعزيات الروح القدس). وهناك سؤال لماذا يهدأ الله وسط تجاربنا؟ والإجابة... لأنه يعرف النتيجة فالمستقبل مكشوف امامه. ولكننا نحن لا نعرف المستقبل فكيف نهدأ؟ والاجابة ببساطة هي بالإيمان والثقة فى الله. الإيمان بأنه ضابط الكل، وبأن لا أحد يحبنا كما أحبنا هو وبذل نفسه عنا ولا يستطيع أحد أن يحمينا سواه فهو كلى القدرة "هل يستحيل على الرب شئ" (تك18: 14).

أما من كانت ألامنا عن طريقه، كأداة إستخدمها الله لتأديبنا (شيطان أو إنسان) فنهايتها الهلاك، فالله ينزعها ويلقيها وتصيف عليها الجوارح وتشتي عليها جميع وحوش الارض.

العدد 7

آية (7): -

"7فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تُقَدَّمُ هَدِيَّةٌ لِرَبِّ الْجُنُودِ مِنْ شَعْبٍ طَوِيل وَأَجْرَدَ، وَمِنْ شَعْبٍ مَخُوفٍ مُنْذُ كَانَ فَصَاعِدًا، مِنْ أُمَّةٍ ذَاتِ قُوَّةٍ وَشِدَّةٍ وَدَوْسٍ، قَدْ خَرَقَتِ الأَنْهَارُ أَرْضَهَا، إِلَى مَوْضِعِ اسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ، جَبَلِ صِهْيَوْنَ.".

قد تكون هذه الهدية هي إيمان أهل كوش في مستقبل الأيام حين يأتون إلي أورشليم الكنيسة ويتحدوا معها في الإيمان.

أما التفسير الثاني.

قد تكون أرض حفيف الأجنحة هي أرض النسر التي هي أمريكا أو إنجلترا صاحبا أكبر أساطيل بحرية وجوية في العالم = أرض حفيف الأجنحة (طائرات)... المرسلة رسلاً فى البحر (الأساطيل)، وهذه وتلك طالما حملت أسلحة لإسرائيل، أو أي دول أخري تدعم وجود أو قيام إسرائيل. وهذه الأمم يبدو أنها ستقضي وقتاً طويلاً تدعم إسرائيل ثم تنقلب عليها. والأمة الطويلة الجرداء هي إسرائيل التي عاشت فترة طويلة وهي الآن بلا ثمر، جرداء، معتمدة علي غيرها (الدول العظمي التي تدعمها) فملعون من إتكل علي ذراع بشر، وهم معتمدون في قيامهم ليس علي الله بل علي دول قوية، هي كانت شعب مخوف حينما كانت معتمدة علي الله فوقع رعبهم علي الشعوب المجاورة. والآيات (1 - 2) تشير لتدعيم الدول الغربية لإسرائيل. والآيات (3 - 6) الراية هي تجمع اليهود لأرضهم، فيجتمع اليهود المشتتون لإسرائيل ولكن عودتهم تنتهي بألام عظيمة لهم. والآية (7) نرى أنه بعد هذه الألام يكون إيمانهم بالمسيح وهذا هو المعبر عنه بالهدية التي يقدمونها لرب الجنود. والأنهار التى خرقت أرضها قد تكون تدعيم الدول الأخرى لها أو جيوش كثيرة محيطة بها (حز38، 39) فى نهاية الأيام.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح التاسع عشر - سفر إشعياء - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح السابع عشر - سفر إشعياء - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر إشعياء الأصحاح 18
تفاسير سفر إشعياء الأصحاح 18