الأصحاح الثالث – سفر إشعياء – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر إشعياء – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثالث

هم اتكلوا علي أشياء مادية مثل البشر ووفرة الخبز والماء ولذلك سينزع الله منهم كل ما إعتمدوا عليه ليخجلوا، ثانياً فإن الله أعطاهم خيرات كثيرة وعوضاً عن أن يشكروه حولوا الخيرات لإشباع شهواتهم، لذلك سيحرمهم الله منها وسينزع الله كل رجالهم فلا يتبقي سوي الأطفال يحكمونهم فيضلونهم فيخربون. وذلك ليس للإنتقام بل ليعودوا إلي الله مصدر شبعهم.

موضوع هذا الإصحاح مشابه لموضوع الإصحاح الثاني وفيه نري سوء حال الشعب في عصر إشعياء ونبوة بالمصائب الآتية عليهم. وهم بسبب تجديفهم وكبائرهم سيدَّمروا بالجوع والفتن والحروب الأهلية الناتجة من أن أناس جهلاء يقبضون علي زمام الحكومة وتشويشها. ونجاة الصديقين منهم من هذا العقاب وأن نساءهم بسبب خلاعتهن واهتمامهن بالزينة سيعاقبن بوقوعهن في السبي. الله يضرب ليؤدب فيرجع الخاطئ فيخلص، وهذا ما حدث مع الإبن الضال.

العدد 1

آية (1): -

"1فَإِنَّهُ هُوَذَا السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ يَنْزِعُ مِنْ أُورُشَلِيمَ وَمِنْ يَهُوذَا السَّنَدَ وَالرُّكْنَ، كُلَّ سَنَدِ خُبْزٍ، وَكُلَّ سَنَدِ مَاءٍ.".

نْزِعُ السَّنَدَ = ينزع الله ما نستند عليه لنكتشف ضعفنا بدون الله ونلجأ لله مصدر الشبع الحقيقي. فالجوع الحقيقي هو الجوع عندما لا يجد الإنسان كلمة الله (عا 8: 11). هُوَذَا = إشارة لقرب وقوع ذلك، وحدث هذا فعلاً فى حصار أشور ثم حصار بابل، سَنَدِ خُبْزٍ، وسَنَدِ مَاءٍ = بدل أن يستندوا علي الرب استندوا علي وفرة الخبز والماء (لذلك حرمهم إيليا ثلاث سنين ونصف سنة من المطر).

الأعداد 2-3

الآيات (2 - 3): -

"2الْجَبَّارَ وَرَجُلَ الْحَرْبِ. الْقَاضِيَ وَالنَّبِيَّ وَالْعَرَّافَ وَالشَّيْخَ. 3رَئِيسَ الْخَمْسِينَ وَالْمُعْتَبَرَ وَالْمُشِيرَ، وَالْمَاهِرَ بَيْنَ الصُّنَّاعِ، وَالْحَاذِقَ بِالرُّقْيَةِ.".

نفس المعني فالله سينزع رجال الحرب والصناعة. وحينما ينزع الحكماء والفاهمين سيحكم هذا الشعب الجهلاء والضعفاء. لقد أقام لهم الله ملوكاً عظماء كموسي وداود ولكن حين إنحرف الجميع ملوكاً وشعب أعطاهم قادة ضعفاء حتي يتعلموا أن يعودوا له ويستندوا عليه. الْحَاذِقَ بِالرُّقْيَةِ = أي الذي يستخدم السحر والمعني أن الله سينزع من وسطهم السند الكاذب كما نزع السند الحقيقي من قبل (الخبز والماء والرجال). ونلاحظ أنه مع مثل هؤلاء البعيدين عن الله حين ينزع منهم الله السند يلجأون في ظلامهم للأمور الخرافية من دجالين وعرافين لتسكين مخاوفهم ولذلك حتي هؤلاء سينزعهم الله من وسطهم فلا يكون أمامهم سوي الالتجاء لله وحده.

العدد 4

آية (4): -

"4 وَأَجْعَلُ صُبْيَانًا رُؤَسَاءَ لَهُمْ، وَأَطْفَالاً تَتَسَلَّطُ عَلَيْهِمْ.".

أَجْعَلُ صُبْيَانًا = ملك أحاز وعمره 20 سنة ومنسي كان عمره 12 سنة. وكان أحاز من صفاته التردد والجبن. وَأَطْفَالاً تَتَسَلَّطُ عَلَيْهِمْ = كان مشيرو الشعب مثل الأطفال في ضعفهم وجهلهم ويسلكون كصبيان وحين يضرب الراعي تتبدد الرعية.

العدد 5

آية (5): -

"5 وَيَظْلِمُ الشَّعْبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالرَّجُلُ صَاحِبَهُ. يَتَمَرَّدُ الصَّبِيُّ عَلَى الشَّيْخِ، وَالدَّنِيءُ عَلَى الشَّرِيفِ.".

هنا نري أن الشعب سيظلم بعضه بعضاً فلا توجد قيادة حكيمة عادلة.

الأعداد 6-7

الآيات (6 - 7): -

"6إِذَا أَمْسَكَ إِنْسَانٌ بِأَخِيهِ فِي بَيْتِ أَبِيهِ قَائِلاً: «لَكَ ثَوْبٌ فَتَكُونُ لَنَا رَئِيسًا، وَهذَا الْخَرَابُ تَحْتَ يَدِكَ» 7يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ قَائِلاً: «لاَ أَكُونُ عَاصِبًا وَفِي بَيْتِي لاَ خُبْزَ وَلاَ ثَوْبَ. لاَ تَجْعَلُونِي رَئِيسَ الشَّعْبِ».".

الآن نجد الشعب يعاني من محنة التخلي، فقد تخلي عنهم الله. ولكنهم عوضاً عن أن يلجأوا لله لجأوا للإنسان الذي ليس له سوي ثوبه أي مظهره الخارجي، فهم ما زالوا ينخدعون بالمظاهر الخارجية. وسيخزي من يتكل علي البشر. لاَ أَكُونُ عَاصِبًا = أي أضمد الجراحات، هذا جزاء من يطلب مخلصاً بشرياً (مز 146: 3) وَهذَا الْخَرَابُ تَحْتَ يَدِكَ = أي كل الخراب الذي أمامك نحن نملكك لتصلحه ولكن هذا الإنسان يستعفي من هذه المهمة كطبيب يستعفي من معالجة مريض ميئوس من شفائه ولا يريد الطبيب أن يموت المريض في يده.

الأعداد 8-9

الآيات (8 - 9): -

"8لأَنَّ أُورُشَلِيمَ عَثَرَتْ، وَيَهُوذَا سَقَطَتْ، لأَنَّ لِسَانَهُمَا وَأَفْعَالَهُمَا ضِدَّ الرَّبِّ لإِغَاظَةِ عَيْنَيْ مَجْدِهِ. 9نَظَرُ وُجُوهِهِمْ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ يُخْبِرُونَ بِخَطِيَّتِهِمْ كَسَدُومَ. لاَ يُخْفُونَهَا. وَيْلٌ لِنُفُوسِهِمْ لأَنَّهُمْ يَصْنَعُونَ لأَنْفُسِهِمْ شَرًّا.".

إذاً سبب ما حدث لهم أنهم يغيظون الله. ونظَرُ وُجُوهِهِمْ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ = أي عينيهم فيها وقاحة وبلا ندم مثل أهل سدوم. وعدم الندم علي الخطية هو مصيبة في نظر الله والأصعب أنهم لا يخفونها، هنا نري فقدان الحياء إذ يخبرون بخطيتهم. ولكن يمكن فهمها بأن لكل خطية علامات تظهر علي الوجه وتشوهه، هي بصمات الخطية وحرمانهم من عمل النعمة فيهم.

الأعداد 10-11

الآيات (10 - 11): -

"10قُولُوا لِلصِّدِّيقِ خَيْرٌ! لأَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ ثَمَرَ أَفْعَالِهِمْ. 11 وَيْلٌ لِلشِّرِّيرِ. شَرٌّ! لأَنَّ مُجَازَاةَ يَدَيْهِ تُعْمَلُ بِهِ.".

لِلصِّدِّيقِ خَيْرٌ = فالله لا ينسي القلة الأمينة، كما نجا لوط فالله لا ينسي تعب المحبة. إذاً فالصديق سيكون بمأمن من هذا العقاب.

العدد 12

آية (12): -

"12شَعْبِي ظَالِمُوهُ أَوْلاَدٌ، وَنِسَاءٌ يَتَسَلَّطْنَ عَلَيْهِ. يَا شَعْبِي، مُرْشِدُوكَ مُضِلُّونَ، وَيَبْلَعُونَ طَرِيقَ مَسَالِكِكَ.".

ملوك يهوذا الأخيرين منسي ملك وعمره 12 سنة وأمون 22 سنة ويوشيا 8 سنين (كان استثناء إذ كان قديساً) ويهوياكين 18 سنة وصدقيا 21 سنة والكل كانوا أشراراً. وليس هذا فقط فكل المشيرين والحكماء كالأطفال وَنِسَاءٌ يَتَسَلَّطْنَ عَلَيْهِ = قد تعني أن حكامهم تحت سلطة نساء شريرات أو نساء شريرات يحكمن عليهم كما حدث مع إيزابل وعثليا (وإيزابل تسلطت علي أخاب). ومُرْشِدُوكَ = أي الأنبياء، وكان هناك أنبياء كذبة كثيرين. "وإن كان النور الذي فيك ظلاماً فالظلام كم يكون" (مت 6: 23).

العدد 13

آية (13): -

"13قَدِ انْتَصَبَ الرَّبُّ لِلْمُخَاصَمَةِ، وَهُوَ قَائِمٌ لِدَيْنُونَةِ الشُّعُوبِ.".

الله لا يسكت علي الشر كثيرا.

العدد 14

آية (14): -

"14اَلرَّبُّ يَدْخُلُ فِي الْمُحَاكَمَةِ مَعَ شُيُوخِ شَعْبِهِ وَرُؤَسَائِهِمْ: « وَأَنْتُمْ قَدْ أَكَلْتُمُ الْكَرْمَ. سَلَبُ الْبَائِسِ فِي بُيُوتِكُمْ.".

الله يحاسب الرؤساء أولا. سَلَبُ الْبَائِسِ فِي بُيُوتِكُمْ = لا تقدرون أن تنكروا. فما سرقتموه من البؤساء هو فى بيوتكم.

العدد 15

آية (15): -

"15مَا لَكُمْ تَسْحَقُونَ شَعْبِي، وَتَطْحَنُونَ وُجُوهَ الْبَائِسِينَ؟ يَقُولُ السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ».".

الله يقيم نفسه محامياً ومدافعاً عن المظلومين.

الأعداد 16-24

الآيات (16 - 24): -

"16 وَقَالَ الرَّبُّ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ يَتَشَامَخْنَ، وَيَمْشِينَ مَمْدُودَاتِ الأَعْنَاقِ، وَغَامِزَاتٍ بِعُيُونِهِنَّ، وَخَاطِرَاتٍ فِي مَشْيِهِنَّ، وَيُخَشْخِشْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ، 17يُصْلِعُ السَّيِّدُ هَامَةَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ، وَيُعَرِّي الرَّبُّ عَوْرَتَهُنَّ. 18يَنْزِعُ السَّيِّدُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ زِينَةَ الْخَلاَخِيلِ وَالضَّفَائِرِ وَالأَهِلَّةِ، 19 وَالْحَلَقِ وَالأَسَاوِرِ وَالْبَرَاقِعِ 20 وَالْعَصَائِبِ وَالسَّلاَسِلِ وَالْمَنَاطِقِ وَحَنَاجِرِ الشَّمَّامَاتِ وَالأَحْرَازِ، 21 وَالْخَوَاتِمِ وَخَزَائِمِ الأَنْفِ، 22 وَالثِّيَابِ الْمُزَخْرَفَةِ وَالْعُطْفِ وَالأَرْدِيَةِ وَالأَكْيَاسِ، 23 وَالْمَرَائِي وَالْقُمْصَانِ وَالْعَمَائِمِ وَالأُزُرِ. 24فَيَكُونُ عِوَضَ الطِّيبِ عُفُونَةٌ، وَعِوَضَ الْمِنْطَقَةِ حَبْلٌ، وَعِوَضَ الْجَدَائِلِ قَرْعَةٌ، وَعِوَضَ الدِّيبَاجِ زُنَّارُ مِسْحٍ، وَعِوَضَ الْجَمَالِ كَيٌّ!".

يَتَشَامَخْنَ = في إباحية وكبرياء (قارن مع 1تي 2: 9) واهتمام النساء بالزينة المبالغ فيها له مضار.

1) هو ضار أمام الفقيرات.

2) قد يدفع هذا الأزواج لظلم الفقراء للحصول علي المال، ليرضوا زوجاتهم ويأتوا لهن بما يردنه.

3) علي هؤلاء النسوة أن يهتموا برأي الله فيهن عوضاً عن الاهتمام برأي الناس.

ملحوظة: أسماء الملبوسات المستخدمة هنا مع الزينة المذكورة ليست عبرانية وهذا دليل أن نساء صهيون أردن أن يقلدن الأجنبيات (يلبسن حسب الموضة). أما أولاد الله الذين يبررهم الله فيلبسون ثياباً بيض. وهذا ما يجب أن يهتم به الناس أن يلبسوا المسيح ليتبرروا عوضاً عن لبس آخر موضة ليرضوا الناس.

غَامِزَاتٍ بِعُيُونِهِنَّ = علامة الفساد لجذب الرجال. وهذه الخلاعة تشبهن فيها بالأمم يُخَشْخِشْنَ = وضع خلاخيل (موضة تلك الأيام) ولاحظ أن هذه الموضة صارت بلا معني الآن. مَرَائِي = ملابس شفافة.

يُصْلِعُ = الشعر تاج المرأة فالله سيجعلها قبيحة حتي تعود له بالتوبة فيستر عليها فَيَكُونُ عِوَضَ الطِّيبِ عُفُونَةٌ = في السبي عملن كجواري فاحت منهن رائحة العرق. والطيب هو رائحة المسيح الزكية التي يجب أن تفوح منا فإن تركناه تفوح رائحة الخطية العفنة. عِوَضَ الْجَمَالِ كَيٌّ = الكي علامة العبودية وهذه العبودية نتيجة الخطية إن لم نقدم أعضائنا آلات بر، نُسبَي ونستعبد للخطية. عِوَضَ الْمِنْطَقَةِ حَبْلٌ = الحبل يُربطن به لسحبهن للسبي كذليلات.

الأعداد 25-26

الآيات (25 - 26): -

"25رِجَالُكِ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ، وَأَبْطَالُكِ فِي الْحَرْبِ. 26فَتَئِنُّ وَتَنُوحُ أَبْوَابُهَا، وَهِيَ فَارِغَةً تَجْلِسُ عَلَى الأَرْضِ.".

تَنُوحُ أَبْوَابُهَا وَهِيَ فَارِغَةً = أبواب المدن القديمة كانت لمرور أهل المدينة، منها يخرجون ويدخلون، وكانت مكاناً للجلوس والكلام. أيضاً كان القضاة يجلسون عند الأبواب للمحاكمات. والنبوءة بأن أبواب أورشليم تصير فارغة تدل علي سقوط الهيئة الاجتماعية كلها.

وتَجْلِسُ عَلَى الأَرْضِ = هنا نري أورشليم وهي مشبهة بإمرأة قد إنحطت إلي آخر درجة من الهوان والفقر. وقد سَكَّ الإمبراطور فسباسيانوس مسكوكاً تذكاراً لافتتاح أورشليم وعليه صورة امرأة حزينة جالسة إلي الأرض وتحت الصورة كتابة ترجمتها "يهودية مسبية".

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الرابع - سفر إشعياء - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثاني - سفر إشعياء - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر إشعياء الأصحاح 3
تفاسير سفر إشعياء الأصحاح 3