الإصحاح الخامس والستون – سفر إشعياء – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر إشعياء – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الخامس والستون

الإصحاحين (65، 66) يوجهوننا نحو السموات الجديدة والأرض الجديدة اللذين سيقودنا إليهما الإيمان بالمسيح. والله يعلن دعوته لكل البشر للتمتع بالحياة الجديدة التي تبدأ هنا على الأرض. ونرى أيضاً الفصل والتمييز بين ما هو صالح وما هو شرير. فالمسيح جاء لأجل هذا. وفى هذا الإصحاح نجد توقع قبول الأمم للنداء الإنجيلي.

آية (1) أصغيت إلى الذين لم يسالوا وجدت من الذين لم يطلبوني قلت هاأنذا هاأنذا لأمة لم تسم باسمي.

نرى هنا قبول الأمم آية (1).

ورفض اليهود لعنادهم وعدم إيمانهم آيات (2 - 7).

ثم خلاص البقية منهم بجلبهم للإيمان بالمسيح آيات (8 - 10).

ثم أن أحكام الله ستتعقب اليهود المرفوضين آيات (11 - 16).

ثم البركات المحفوظة للكنيسة المسيحية التي ستكون لفرحها ومجدها آيات (17 - 25).

الأعداد 1-2

الآيات (1 - 2): -

"1«أَصْغَيْتُ إِلَى الَّذِينَ لَمْ يَسْأَلُوا. وُجِدْتُ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَطْلُبُونِي. قُلْتُ: هأَنَذَا، هأَنَذَا. لأُمَّةٍ لَمْ تُسَمَّ بِاسْمِي. 2بَسَطْتُ يَدَيَّ طُولَ النَّهَارِ إِلَى شَعْبٍ مُتَمَرِّدٍ سَائِرٍ فِي طَرِيق غَيْرِ صَالِحٍ وَرَاءَ أَفْكَارِهِ.".

هذه الآيات فسرها بولس الرسول برفض اليهود وقبول الأمم (رو 1: 20، 21) ولقد علق بولس الرسول أن إشعياء كان جريئاً حين واجه اليهود بهذا، أنهم سوف يُرفضون وأكمل أن هذا تتميماً لنبوة موسى "أغيظكم بأمة غبية" (تث 32: 21). الَّذِينَ لَمْ يَسْأَلُوا = هم الأمم وهم أيضاً الذين لَمْ يَطْلُبُوه فهم لم يعرفوه لكي يطلبوه أو يسألوه ولكنه هو عرفهم بنفسه وقال لهم هأَنَذَا. أما اليهود الذين بسَطْتُ لهم يَدَيَّ = وذلك بفيض نعمه عليهم وبقيادته لهم بأنبيائه. وبمعجزاته، ثم جاء لهم وأرسل لهم تلاميذه. فهو بسط يديه لهم ليحتضنهم ويقبلهم ويعطيهم علامات محبته بل في صليبه ظل باسطاً لهم يديه بالحب ليحتضن الكل. وكان هذا طُولَ النَّهَارِ = أي طول عمر الكنيسة فالله سيقبل إليه كل من يرجع إليه ولكنهم شَعْبٍ مُتَمَرِّدٍ يسَيِرٍون وَرَاءَ أَفْكَارِهِم = أي شهواتهم الأرضية وخطاياهم.

العدد 3

آية (3): -

"3شَعْبٍ يُغِيظُنِي بِوَجْهِي. دَائِمًا يَذْبَحُ فِي الْجَنَّاتِ، وَيُبَخِّرُ عَلَى الآجُرِّ.".

يُغِيظُنِي بِوَجْهِي = أي بوقاحة وبلا حياء وهم بدأو يغيظون الله من أيام النبي بعبادة الأصنام ثم في تحديهم للمسيح وصلبه ثم في إصرارهم إلى هذا اليوم في رفضه. يبَخِّرُ عَلَى الآجُرِّ = قارن هذا بما أعطاه لهم الله، أن البخور يكون أمام المذبح الذهبي. والآجُرّ هو ما يغطى به أسطح المنازل فهم وضعوا أصنامهم ومذابحها فوق بيوتهم (2 مل 23: 12). والأسطح هى أعلى مكان فى المنزل وهذا لتكريم الصنم.

العدد 4

آية (4): -

"4يَجْلِسُ فِي الْقُبُورِ، وَيَبِيتُ فِي الْمَدَافِنِ. يَأْكُلُ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَفِي آنِيَتِهِ مَرَقُ لُحُومٍ نَجِسَةٍ.".

يَجْلِسُ فِي الْقُبُورِ = لسؤال أرواح الموتى. وهم لم يسألوا الرب. وَيَبِيتُ فِي الْمَدَافِنِ فهم ظنوا أن أرواح الموتى تظهر لهم في الليل أو بواسطة أحلام. ويَأْكُلُ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ = فالخنزير نجس بحكم الشريعة ولكنها طبيعة العصيان والتمرد التي أصبحت فيهم.

العدد 5

آية (5): -

"5يَقُولُ: قِفْ عِنْدَكَ. لاَ تَدْنُ مِنِّي لأَنِّي أَقْدَسُ مِنْكَ. هؤُلاَءِ دُخَانٌ فِي أَنْفِي، نَارٌ مُتَّقِدَةٌ كُلَّ النَّهَارِ.".

بالرغم من خطاياهم فهم في كبرياء يقولون للآخرين قِفْ عِنْدَكَ لاَ تَدْنُ مِنِّي حتى لا تنجسنى لأنى أقدس منك. وهؤلاء المتكبرون يثيرون ضيق الله كدخان في أنفه. وكانت هذه خطية الكتبة والفريسيين أيام المسيح.

الأعداد 6-7

الآيات (6 - 7): -

"6هَا قَدْ كُتِبَ أَمَامِي. لاَ أَسْكُتُ بَلْ أُجَازِي. أُجَازِي فِي حِضْنِهِمْ، 7آثَامَكُمْ وَآثَامَ آبَائِكُمْ مَعًا قَالَ الرَّبُّ، الَّذِينَ بَخَّرُوا عَلَى الْجِبَالِ، وَعَيَّرُونِي عَلَى الآكَامِ، فَأَكِيلُ عَمَلَهُمُ الأَوَّلَ فِي حِضْنِهِمْ».".

هَا قَدْ كُتِبَ أَمَامِي = لنعرف أن الله لا ينسى. أُجَازِي فِي حِضْنِهِمْ = فالخطية تحرق يد الخاطئ، ومن يحتضن الخطية تحرقه.

الأعداد 8-10

الآيات (8 - 10): -

"8هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «كَمَا أَنَّ السُّلاَفَ يُوجَدُ فِي الْعُنْقُودِ، فَيَقُولُ قَائِلٌ: لاَ تُهْلِكْهُ لأَنَّ فِيهِ بَرَكَةً. هكَذَا أَعْمَلُ لأَجْلِ عَبِيدِي حَتَّى لاَ أُهْلِكَ الْكُلَّ. 9بَلْ أُخْرِجُ مِنْ يَعْقُوبَ نَسْلاً وَمِنْ يَهُوذَا وَارِثًا لِجِبَالِي، فَيَرِثُهَا مُخْتَارِيَّ، وَتَسْكُنُ عَبِيدِي هُنَاكَ. 10فَيَكُونُ شَارُونُ مَرْعَى غَنَمٍ، وَوَادِي عَخُورَ مَرْبِضَ بَقَرٍ، لِشَعْبِي الَّذِينَ طَلَبُونِي.".

وهذا شرحه بولس الرسول في (رو11: 1 - 5) وهو مبدأ قبول البقية. فالله لم يرفضهم نهائياً. وشبههم الله هنا بكرمة تبدو أنها جفت وتستحق أن تقلع، ولكن عين الكرام الخبير تكشف أن بعض الأغصان مازال فيها عصارتها وتبشر بمحصول فيبقى عليها. ولقد رفض اليهود المسيح، ولكن قلة منهم قبلوه، هم البقية وستكون في نهاية الأيام، بقية تؤمن. وما هي مواصفات هذه البقية؟ هم عَبِيدِي = هم يعبدون الله وليس شهواتهم الأرضية. وِشَعْبِي الَّذِينَ طَلَبُونِي = فهم أصبحوا يطلبون الله ومن يطلب الله لابد ويستجيب له الله، وهؤلاء ستكون لهم إقامة سعيدة فهم سيرثون في جبال الله وأين؟ من وادي شارون على الحد الغربي وإلى وادي عخور على الحد الشرقي للأرض. هي الأرض المقدسة، أرض ميراث الرب كلها، والآن الأرض كلها للرب. ووادى شارون هو سهل منبسط وأرض صالحة للزراعة والرعى، وهذا يعنى أن الله يرعى البقية من اليهود التى كانت تؤمن عبر التاريخ من بعد صعود المسيح حتى اليوم، فكل يوم يدخل للمسيحية من يؤمن من اليهود، وهؤلاء يدخلون إلى مرعى الكنيسة الفسيح أرض ميراث الرب.

أما وادى عخور ففيه رُجِمَ عاخان بعد أن كدر إسرائيل وتعنى عخور تكدير وإزعاج. فيصير المعنى أن هناك من سيؤمن فى نهاية الأيام من اليهود، والله يحفظ بركات لهم، هؤلاء الذين كانوا يوما مكدرين لسلام الآخرين ناكرين لمعانى نبوات توراتهم فيضللوا المسيحيين. يمكن القول أن هؤلاء من يقال عنهم أصحاب الساعة الحادية عشرة.

العدد 11

آية (11): -

"11«أَمَّا أَنْتُمُ الَّذِينَ تَرَكُوا الرَّبَّ وَنَسُوا جَبَلَ قُدْسِي، وَرَتَّبُوا لِلسَّعْدِ الأَكْبَرِ مَائِدَةً، وَمَلأُوا لِلسَّعْدِ الأَصْغَرِ خَمْرًا مَمْزُوجَةً،".

أَمَّا أَنْتُمُ = هذا الكلام موجه لليهود ويوجهه إشعياء لقومه ومن سيأتي بعدهم الذين سيعبدون النجوم = اِلسَّعْدِ الأَكْبَرِ والأَصْغَرِ. وهى عبادة فيها سكر وعربدة. وحتى يومنا هذا، فهناك من يؤمن بالأبراج وحظك اليوم ويتفاءلون ويتشاءمون.

العدد 12

آية (12): -

"12فَإِنِّي أُعَيِّنُكُمْ لِلسَّيْفِ، وَتَجْثُونَ كُلُّكُمْ لِلذَّبْحِ، لأَنِّي دَعَوْتُ فَلَمْ تُجِيبُوا، تَكَلَّمْتُ فَلَمْ تَسْمَعُوا، بَلْ عَمِلْتُمُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيَّ، وَاخْتَرْتُمْ مَا لَمْ أُسَرَّ بِهِ.".

فإني أعينكم = والمعنى المقصود في الترجمة الأصلية أنني أُعَيِّن العدو = فمن هو عدو لله سيهلكه الله بالسيف، فالسيف لا يقتل عشوائياً، بل هو في يد الله. والله يحدد من هو العدو. والسيف تركه الله عليهم لأنه تكلم = بواسطة الأنبياء أو في إبنه الكلمة المسيح فلم يجيبوا بل عملوا الشر = صلبوه.

الأعداد 13-14

الآيات (13 - 14): -

"13لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هُوَذَا عَبِيدِي يَأْكُلُونَ وَأَنْتُمْ تَجُوعُونَ. هُوَذَا عَبِيدِي يَشْرَبُونَ وَأَنْتُمْ تَعْطَشُونَ. هُوَذَا عَبِيدِي يَفْرَحُونَ وَأَنْتُمْ تَخْزَوْنَ. 14هُوَذَا عَبِيدِي يَتَرَنَّمُونَ مِنْ طِيبَةِ الْقَلْبِ وَأَنْتُمْ تَصْرُخُونَ مِنْ كآبَةِ الْقَلْبِ، وَمِنِ انْكِسَارِ الرُّوحِ تُوَلْوِلُونَ.".

مقارنة بين حال عبيد الرب ورافضى الرب. فعبيد الرب مكتفين قانعين حتى في الطعام والشراب وأفراح السماء لهم أفراح أبدية، وأما هؤلاء الذين وضعوا أمالهم في الأرض فهم في عطش وحزن وجوع، يجرون ويلهثون وراء هذه الأرض الفانية. أما عبيد الرب فهم يشتركون فرحين في مائدة الرب الدسمة فيفرحون ويشبعون ويسبحون. وقد رأينا تنفيذ هذه الآية فى اليهود الذين ظلوا مشتتين ومرفوضين من العالم 2000 سنة تقريبا بعد صلبهم للمسيح.

الأعداد 15-16

الآيات (15 - 16): -

"15 وَتُخْلِفُونَ اسْمَكُمْ لَعْنَةً لِمُخْتَارِيَّ، فَيُمِيتُكَ السَّيِّدُ الرَّبُّ وَيُسَمِّي عَبِيدَهُ اسْمًا آخَرَ. 16فَالَّذِي يَتَبَرَّكُ فِي الأَرْضِ يَتَبَرَّكُ بِإِلهِ الْحَقِّ، وَالَّذِي يَحْلِفُ فِي الأَرْضِ يَحْلِفُ بِإِلهِ الْحَقِّ، لأَنَّ الضِّيقَاتِ الأُولَى قَدْ نُسِيَتْ، وَلأَنَّهَا اسْتَتَرَتْ عَنْ عَيْنَيَّ.".

هناك فرق أيضاً بين عبيد الرب والخطاة من ناحية الذكرى والسمعة، فإسم من عبد الأوثان من اليهود ثم صلبوا المسيح سيترك لَعْنَةً. وسوف يُهمل ويكون استخدامه بائساً وسيئاً. فكان هناك مثل أوروبي "يجعلك الله بائساً كاليهود" ويكون كل هذا كإنذار ليتساءلوا لماذا نحن كذلك، ويكون هناك خوف من أن تنزل اللعنات على الناس مثلما تنزل على اليهود، فالله تركهم للعنة = وَيُمِيتُكَ السَّيِّدُ الرَّبُّ. أما عبيد الرب فذكراهم دائماً بالبركة، والله سيدعوهم بإسم آخر، فإسم شعب الله اليوم مسيحيين وهم جسد المسيح. وتحت هذا الإسم سيكون لهم كل بركات ومميزات العهد الجديد. ولن يكون هذا الشعب واحد في الأرض بل لكل الأرض فَالَّذِي يَتَبَرَّكُ فِي الأَرْضِ كلها يَتَبَرَّكُ بِإِلهِ الْحَقِّ = والمسيح هو الحق، وهؤلاء سوف ينسبون كل نجاح لهم وكل تعزية لله وهؤلاء سينسون أيضاً كل ألام الماضي في أفراح الحاضر. والله هو الذي سيجعلهم ينسون مشاكل الماضي، بل الله يقول إنها اسْتَتَرَتْ عَنْ عَيْنَيَّه أي أزيلت. فهو في كل ضيقنا تضايق، وإذا كان مازالت هناك مشاكل لكانت بقيت أمام عينيه، فهو يحس بالألام التي نحسها ويرتاح حينما نرتاح، وهنا على الأرض يتحقق جزء من هذا وأما تحقيقه الكامل فهو في السماء.

العدد 17

آية (17): -

"17«لأَنِّي هأَنَذَا خَالِقٌ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، فَلاَ تُذْكَرُ الأُولَى وَلاَ تَخْطُرُ عَلَى بَال.".

هذه الآية وجدت تحقيقها جزئياً أولاً فى عودة اليهود من السبي لأرض جديدة بلا أوثان وسماء جديدة أي بعلاقة جديدة بينهم وبين الله. ثم ثانياً في الكنيسة فصارت الكنيسة هي الأرض الجديدة فأعضائها من المؤمنين في حب يتعاملون مع بعضهم، وهى السماء الجديدة أي في علاقة حب بين هؤلاء المؤمنين وبين الله وبين السمائيين، بل هي علاقة بنوة نقول لله فيها "أبانا الذي في السموات". ولكن الآية ستتحقق كلياً في الحياة الأبدية فهي بحق الأرض الجديدة والسموات الجديدة (رؤ 21: 1).

العدد 18

آية (18): -

"18بَلِ افْرَحُوا وَابْتَهِجُوا إِلَى الأَبَدِ فِي مَا أَنَا خَالِقٌ، لأَنِّي هأَنَذَا خَالِقٌ أُورُشَلِيمَ بَهْجَةً وَشَعْبَهَا فَرَحًا.".

فرح القديسين بالرب فرح أبدى فكل ما سيخلقه الله جديداً سيكون مصدر فرح لقديسيه ومن تألم مع الكنيسة سيفرح (رو 8: 17). لأَنِّي هأَنَذَا خَالِقٌ أُورُشَلِيمَ بَهْجَةً وشعبها فرحا = هنا نرى الله يفرح بكنيسته التى إشتراها بدمه وصارت ميراثه (أف1: 18). "يكون فرح فى السماء بخاطئ واحد يتوب" (لو15: 7).

العدد 19

آية (19): -

"19فَأَبْتَهِجُ بِأُورُشَلِيمَ وَأَفْرَحُ بِشَعْبِي، وَلاَ يُسْمَعُ بَعْدُ فِيهَا صَوْتُ بُكَاءٍ وَلاَ صَوْتُ صُرَاخٍ.".

الله يفرح بكنيسته وكنيسته تفرح به. وإذا طبقنا هذه الآية على الأرض فيكون المعنى أننا لن نحزن على الأرضيات الفانية، ولكن تطبيقها الكامل سيكون في السماء.

العدد 20

آية (20): -

"20لاَ يَكُونُ بَعْدُ هُنَاكَ طِفْلُ أَيَّامٍ، وَلاَ شَيْخٌ لَمْ يُكْمِلْ أَيَّامَهُ. لأَنَّ الصَّبِيَّ يَمُوتُ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ، وَالْخَاطِئُ يُلْعَنُ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ.".

لن يَكُونُ بَعْدُ هُنَاكَ طِفْلُ أَيَّامٍ ولا شيخ لم يكمل أيامه = بعد المسيح تغيرت النظرة للموت، فلم يعد يقال "قد أعدمت بقية سني" أو "من النول يقطعني" (إش 38: 10، 12) وقائلها هو حزقيا الملك حينما أخبره النبي بموته، فإعتبر ذلك بمثابة أنه يموت ناقص عمر بلغة هذه الأيام. فكلمة طفل أيام هي المضاد لكلمة يموت شبعان أيام التي قيلت كثيراً فيمن عمروا طويلاً. ولا يقال اليوم بعد المسيح أن فلان مات ناقص عمر لأن:

1) العمر محدد من الله. والله يعطى مدة محددة ننهى فيها عملا خلقنا من أجله. ثم ننضم لمن سبقونا فى الفردوس حيث الراحة (أف2: 10 + دا12: 13) إلى أن ننتقل للمجد السماوى.

2) ليس موت لعبيدك يا رب بل هو إنتقال. فالذي مات ذهب إلى السماء ولا مقارنة بين السماء والأرض خاصة بعد أن قال القديس بولس آيته الشهيرة "لي إشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً". بل نحن بدأنا حياتنا الأبدية بعد المعمودية.

3) المسيح نفسه مات فى سن 33 سنة. وهكذا كثير من الشهداء القديسين (أبانوب وقرياقوص وونس...).

4) بل حتى فى العهد القديم لنتساءل ماذا إستفاد حزقيا من زيادة عمره أو لنقل ماذا خسره حزقيا؟ 1) أنجب منسى أشر ملوك يهوذا. 2) أخطأ فى موضوع أمراء بابل.

5) فلنترك تحديد العمر لله ولا نطلب عمرا طويلا لسببين: - 1) هو وحده يعلم متى ينتهى العمل الذى خلقنا من أجله. 2) هو وحده الذى يعلم متى نكون فى أحسن أحوالنا الروحية، فالله يظل يؤدبنا طوال العمر، وهو وحده الذى يعلم متى يتم هذا ونكون أنقياء. ونفهم ان الله خلال مدة حياتنا يعمل هو أيضا. هو يعمل علي إعدادنا وتنقيتنا لنؤهل لذلك المكان الذي ذهب إليه السيد المسيح كسابق ليعد لنا المكان.

لاَ يَكُونُ بَعْدُ هُنَاكَ طِفْلُ أَيَّامٍ، وَلاَ شَيْخٌ لَمْ يُكْمِلْ أَيَّامَهُ.

لأَنَّ الصَّبِيَّ يَمُوتُ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ وَالْخَاطِئُ يُلْعَنُ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ.

لاحظ أن الآية شقين: -.

الشق الأول يذكر طفل فى مقابل شيخ.

والشق الثانى يذكر صبى فى مقابل خاطئ.

ولنضع أمامنا قول الرب "الحق أقول لكم إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات" (مت18: 3). فنستنتج أن الصبى هو من عاش حياته مجاهدا وقبل تجديد الروح القدس ولم يقاومه، فعاد وصار كالأولاد وهذا يخلص. أما الخاطئ فهو عاش حياته مقاوما للروح القدس ولم يقبل التجديد وقيل عنه شيخا، فهو شاخ عمرا وشاخ روحيا أى لم يتجدد. ولكن من يشيخ عمرا ولكن يتجاوب مع الروح القدس ولا يقاومه "يجدد مثل النسر شبابه" (مز103: 5) ويعيده صبيا روحيا.

الصبي هنا في مقابل الخاطئ وكلاهما يعيش 100 سنة ثم يموت. (الـ 100 سنة هى رمزيا المدة التى حددها الله لننهى العمل الذى خلقنا الله من أجل أن نتممه) ولكن الصبي قيل عنه يموت، أي ينتقل من حياة على الأرض إلى حياة في السماء. وأما الخاطئ فقيل عنه يلعن فهو كان ميتاً بالخطية على الأرض وإنتقل إلى جهنم بعد موته وهى مكان لعنة.

من هو الصبي؟ هو من تعلق بالمسيح وأنار المسيح حياته، وهذا يستعيد بساطة الأطفال فيكون صالحاً لملكوت السموات.

ومن هو الشيخ؟ هو من قاوم عمل الروح القدس فلم يثبت فى المسيح، فهذا لن تشفى طبيعته (لاحظ أن المسيح هو طبيب أنفسنا) وسيظل كما هو بطبيعة العصيان والخطية، ولا ينطبق عليه الشرط الذى قاله الرب "أنه عاد وصار مثل الأولاد" فهذا يهلك.

وكلاهما يموت.. ولكن الصبي وهذا من تم شفاؤه يموت وتحمله الملائكة (مثل لعازر) والخاطئ يموت وتحمله الشياطين لمكان اللعنة الأبدية (حيث ذهب الغنى).

ولكن كلاهما عاش 100 سنة فما هي هذه الـ 100 سنة؟

* هي مدة حياتهما على الأرض وتمثل رمزياً بـ 100 سنة.

* فرقم 100 يشير للكمال فهم أتموا ما حدده لهم الله من عمر لينهوا أعمالهم.

* وهو أيضاً يشير للمكافأة أو المجازاة عن الأعمال "كل من ترك أباً أو أماً.... يأخذ 100 ضعف".

* إذاً هى فترة نحياها على الأرض فإما نحياها بأمانة ونتمم الأعمال التى خلقنا من أجلها فنكافأ 100 ضعف، وإما أن لا نكون أمناء فلا مكافأة بل لعنة.

* قيل عمن يكون بارا وأمينا صبى إذ قبل تجديد الروح القدس وعاد كطفل صغير فيكون له ملكوت السموات، أما غير الأمين فقيل عنه شيخ لم يكمل أيامه وهذا يدل على أنه إستمر فترة طويلة وأخذ فرصا متعددة، فهو بلا عذر حين يقول "لو كان الله أعطانى عمرا لكنت صرت قديسا" هو أخذ فرصته ولكنه إستمر كما هو ولم يرجع ليصير كطفل فلا نصيب له فى ملكوت السموات = يلعن.

* قطيع المسيح الصغير (لو12: 32) رمزيا هو 100 خروف (لو15: 1 – 7)، لو ضل منهم خروف سيفتش عنه المسيح الراعى الصالح ليعيده، فنقول أن الصبى هو من عاد وصار من الـ 100 خروف القطيع الصغير، ومن عاند ورفض هو الخاطئ الرافض.

* أيضا قطيع المسيح الذى يخلص هو رمزيا 153 (راجع يو21).

وهذه مواصفات من يخلص 153 = 100 + 50 + 3.

1) يكونوا من القطيع الصغير الـ 100 خروف.

2) ملأهم الروح إذ هم لا يقاومونه فجددهم الروح الذى حل على الكنيسة يوم الـ 50. 3) قاموا القيامة الأولى من موت الخطية، ورقم القيامة هو 3.

فكل من الصبي والخاطئ أتم حياته وأخذ نصيبه على أعماله وأحدهم ذهب للسماء والآخر للجحيم ليلعن. والبعض يفسر الآية على أن هناك أطفال يموتون في عمر صغير ولكن بعد أن قضوا حياة كلها قداسة وامتلأوا من كل حكمة فهؤلاء كأنهم عاشوا 100 سنة، أو كأنهم في حكمة الشيوخ. أما الخطاة الذين يعيشون في العالم ولا يشبعون منه فحتى لو عاشوا 100 سنة فهم لن يشبعوا ويموتوا ويلعنوا لخطاياهم. إذاً طول العمر ليس المقياس بل كيف نعيش عمرنا هذا هو المقياس.

ونفهم الآن أن الله خلقنا لمدة محددة تكفي لنتمم العمل الصالح الذي خلقنا لنعمله (أف2: 10) اذن ليس المهم طول مدة العمر، بل كيف مجدنا الله خلال مدة حياتنا. إذن طول مدة عمر الانسان ما عادت تعبيراً عن رضي الله.

الأعداد 21-23

الآيات (21 - 23): -

"21 وَيَبْنُونَ بُيُوتًا وَيَسْكُنُونَ فِيهَا، وَيَغْرِسُونَ كُرُومًا وَيَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا. 22لاَ يَبْنُونَ وَآخَرُ يَسْكُنُ، وَلاَ يَغْرِسُونَ وَآخَرُ يَأْكُلُ. لأَنَّهُ كَأَيَّامِ شَجَرَةٍ أَيَّامُ شَعْبِي، وَيَسْتَعْمِلُ مُخْتَارِيَّ عَمَلَ أَيْدِيهِمْ. 23لاَ يَتْعَبُونَ بَاطِلاً وَلاَ يَلِدُونَ لِلرُّعْبِ، لأَنَّهُمْ نَسْلُ مُبَارَكِي الرَّبِّ، وَذُرِّيَّتُهُمْ مَعَهُمْ.".

الله سيبارك عمل أياديهم، ويجنون ما يتمنونه، وبلغة ما كان يحدث قديماً فحين كانوا يخطئون كان الله يسلط عليهم أمة تؤدبهم، بأن تطردهم من بيوتهم وتسكن فيها وتأكل محاصيلهم (راجع سفر القضاة) ولكن الآن في عهد النعمة فلا سلطان لأحد علينا حتى ولا الشياطين. وكَأَيَّامِ شَجَرَةٍ أَيَّامُ شَعْبِي = مثل شجرة البلوط التي وإن قطعت أوراقها تعود وتستعيد شكلها ثانية، ونحن نستعيد شكلنا بالتوبة ونزدهر من جديد، وعندما نموت بالجسد نقوم مرة ثانية وإلي حياة أبدية ففى الترجمة السبعينية تترجم الآية كَأَيَّامِ شَجَرَةٍ الحياة = وشجرة الحياة هي المسيح، أي سيكون المسيح لنا شجرة حياتنا "لي الحياة هي المسيح" وفيه سنتمتع بكل التعزيات الروحية، وأيضاً لنا حياة ابدية.

وَلاَ يَلِدُونَ لِلرُّعْبِ = الله سيجعل أولادهم مصدر تعزية لهم بأن يجعلهم يسيرون في طريق الحياة، طريق الحق وتكون أيامهم فرحة.

العدد 24

آية (24): -

"24 وَيَكُونُ أَنِّي قَبْلَمَا يَدْعُونَ أَنَا أُجِيبُ، وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بَعْدُ أَنَا أَسْمَعُ.

هناك إتصال جيد بينهم وبين الله، والله يتوقع ما يصلون لأجله، كما قابل الأب الابن الضال في طريقه.

العدد 25

آية (25): -

"25الذِّئْبُ وَالْحَمَلُ يَرْعَيَانِ مَعًا، وَالأَسَدُ يَأْكُلُ التِّبْنَ كَالْبَقَرِ. أَمَّا الْحَيَّةُ فَالتُّرَابُ طَعَامُهَا. لاَ يُؤْذُونَ وَلاَ يُهْلِكُونَ فِي كُلِّ جَبَلِ قُدْسِي، قَالَ الرَّبُّ».".

ويكون هناك اتصال جيد بينهم وبين بعضهم، فالله أرسلنا كحملان وسط ذئاب ولو آمن هؤلاء الذئاب لصار الكل حملان ويرعوا معا. وطبع البشر سيتغير، ومن منهم كالأسد يأكل الدماء سيصير كالبقر آكل تبن. أما الشيطان فمقيد بسلسلة والتراب طعامه. ومن عاش للأرضيات يصير تراباً أي طعاماً لإبليس.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الإصحاح السادس والستون - سفر إشعياء - القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الرابع والستون - سفر إشعياء - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر إشعياء الأصحاح 65
تفاسير سفر إشعياء الأصحاح 65