الأصحاح الأربعون – سفر إشعياء – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر إشعياء – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الأربعون

إفتتح السفر بالكشف عن مرارة ما وصل إليه الشعب من فساد، وما وصلت إليه البشرية كلها. وهنا نكتشف خطة الخلاص. لقد سبق وفارق مجد الرب الهيكل وذهب الشعب للسبي. وهنا يعود الشعب لأورشليم مدينة الله وقائد المسيرة هو الله = أعدوا طريق الرب. هنا نرى الرب محرِّراً أولاده ويقودهم بنفسه في طريق الرجوع. وفى هذا إشارة لموكب المسيا الذي يدخل لحياة البشرية. (بالنسبة ليهوذا كان هذا لم يحدث بعد تاريخيا ولكن النبى يكتب بروح النبوة، وما يتنبأ به هو ما سيحدث إذ يأتى المسيح ليرد سبى الإنسان من العبودية).

الجزء الأول.

من النبوة قد يكون غير معزى، ولكن الله أظهره ليعرفوا حالهم وحاجتهم لمخلص يظهره لهم. في الجزء الأول من النبوة يظهر الله أنه سيضرب. ولكننا نجده فى الجزء الثاني أنه يضرب ويجرح ليشفى. والمخلص الموعود به يظهر بوضوح في الجزء الثانى من النبوة. وفى هذا الجزء نرى شخص كورش الملك كرمز للمسيح المخلص (يرجى الرجوع لنهاية الإصحاح السابق (39) لقراءة من هو كورش الملك).

الجزء الثاني.

ويقال أن النبي كتب هذا الجزء أثناء فترة حكم منسى الملك وكان النبي في شيخوخته، وقد رأى فظائع حكم منسى الذي أقام مذابح لكل جند السماء وسفك دماً بريئا كثيراً جداً حتى ملأ أورشليم، وتتشابه هنا حالة إشعياء الشيخ في رؤياه المعزية مع رؤيا يوحنا الشيخ في بطمس في فترة نفيه وألمه. وإشعياء هنا يتكلم كما لو كان في الروح يرى أحداثاً بعيدة ويظهر إشعياء في هذا الجزء عدة مواضيع.

1 - الله: لا يوجد إلا إله واحد حقيقي فقط ويصف معرفته وقداسته وقدرته ويظهر حقارة الأوثان.

2 - الشعب: وعود للمؤمنين بالتعزية ومواعيد الخلاص (من سبى بابل والخطية عموماً) وإنذار للأشرار بالتوبة ليرحموا.

3 - المخلص: في حال إتضاعه وفى حال ارتفاعه.

4 - الكنيسة: الدين الحقيقي لا ينحصر في أورشليم ولا في الهيكل فقد سمع الله لصلوات الشعب في بابل.

أما مضمون الإصحاح الأربعون هو أن الرب آتٍ إلى شعبه فعليهم أن يعزوا بعضهم ويهيئوا الطريق له.

العدد 1

آية (1): -

"1عَزُّوا، عَزُّوا شَعْبِي، يَقُولُ إِلهُكُمْ.".

عَزُّوا عَزُّوا = التكرار للتأكيد، وربما هي رسالة لليهود وللأمم. والمخاطبون هم معلمو الشعب مثل الأنبياء والكتبة. بل الشعب يعزى بعضه، وأحسن كلمة تعزية هي قوله شَعْبِي وإِلهُكُمْ. أي لم يزال الله إلها لهم وهم شعبه بالرغم من سبيهم. هنا يتكلم عن التعزية وعن أن هناك خلاصاً. ولنتصور كم كانت هذه الآيات مشجعة لهم وهم في السبي. فالله يُعِّد التعزية قبل أن تأتى المشكلة وعمل خدام الله بالروح القدس أن يعزوا. وتكرارها يشير لإهتمام الله بذلك ولأن بعض الناس يكونوا قد أغلقوا قلوبهم رافضين التعزية. ولاحظ محبة الله فبعد كلمات الوعيد السابقة تأتى التعزية. بل هو هنا يريد رفع روح اليأس من المسبيين. ومع أن الله يعطي وعود بالتعزية إلا أن التأديب لابد أن يتم فلا تستغربوا البلوى المحرقة التي بينكم (1بط 4: 12 + 2 كو 1: 5).

العدد 2

آية (2): -

"2طَيِّبُوا قَلْبَ أُورُشَلِيمَ وَنَادُوهَا بِأَنَّ جِهَادَهَا قَدْ كَمُلَ، أَنَّ إِثْمَهَا قَدْ عُفِيَ عَنْهُ، أَنَّهَا قَدْ قَبِلَتْ مِنْ يَدِ الرَّبِّ ضِعْفَيْنِ عَنْ كُلِّ خَطَايَاهَا.".

ما أحلى أن تكون لنا الأذن المدربة على سماع صوت الله حين يعزى القلب وتستطيع المحبة أن تكشف المحبة وأحلى ما تسمعه النفس أن حبيبها صفح عنها. ولكن هناك نتائج للخطية، فالسبي حدث بعد النبوة. ولماذا القَلْبَ = هو مركز كل الانفعالات. ضِعْفَيْنِ = عزاء الله يكون ضعف ما تألمنا به، وحدث هذا مع أيوب حرفيا. والضعف نصيب البكر، ومسيحنا البكر بجسده ورث السماء والمجد لنرثهما نحن.

الأعداد 3-4

الآيات (3 - 4): -

"3صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: «أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. قَوِّمُوا فِي الْقَفْرِ سَبِيلاً لإِلَهِنَا. 4كُلُّ وَطَاءٍ يَرْتَفِعُ، وَكُلُّ جَبَل وَأَكَمَةٍ يَنْخَفِضُ، وَيَصِيرُ الْمُعْوَجُّ مُسْتَقِيمًا، وَالْعَرَاقِيبُ سَهْلاً.".

صَوْتُ صَارِخٍ = لأن الإصحاحات (40 – 66) هي جزء إنجيلي لذلك نجدها تبدأ بالمعمدان، الصوت الصارخ في البرية (برية هذه الحياة القاحلة وينتهي هذا الجزء (40 – 66) بالسموات الجديدة والأرض الجديدة التي سمعنا عنها في سفر الرؤيا. ونلاحظ أن وعود النبي هنا بالخلاص هي وعود بخلاص أكبر بواسطة المسيح. أما بالنسبة لليهود فالصوت الصارخ هو الأنبياء والنبوات التي تبشر بأن وقت الخلاص قد جاء. وهذا الكلام ينطبق على المعمدان الذي جاء ليمهد القلوب بالتوبة (مت 3: 2، 5) وهذا النداء ينطبق على حياتنا، فلكى يظهر مجد المسيح في حياتنا علينا أن نتوب. فيوحنا نادي بالتوبة وأعقب هذا معجزات المسيح. وعلينا أن نقدم توبة ولا نخاف الناس فمهما كانت قوة الناس (البابليين مثلاً) فهم كعشب يموت ويتمجد الله. وبالتوبة كُلُّ جَبَل (متكبر) يَنْخَفِضُ = كل إنسان متكبر يتواضع وكُلُّ وَطَاءٍ (صغير النفس) يثق في إلهه يَرْتَفِعُ فلنبشر بهذا للجميع.

والتمثيل هنا كأن الملك سيمر في طريق فيرسل أمامه من يمهد له الطريق والمسافة بين بابل وأورشليم (حوالي 3 – 4 أشهر) مملوءة بالمصاعب الطبيعية، جبال عالية = وتشير لرفض بابل اطلاق سراحهم. وأودية سحيقة = تشير الي حالة اليأس التي هم فيها. ولكن هذا المنادى ينادى بأن كل جبل ينخفض وكل وطاء يرتفع أي كأنهم يمهدوا الطريق أمام الملك لمروره، وهذا النداء يطمئن الشعب بأن كل ما يعتبرونه عائقاً ووعراً في طريق العودة سيمهده الله لهم، وهذا ما يحدث في طريق التوبة لنعود إلى الله، وهنا الجَبَل = كبرياء الانسان والأودية = صغر النفس واليأس من الخطية أو اليأس من غفران الله. ولقد إستعمل يوحنا المعمدان هذا التشبيه عن نفسه حينما سألوه من أنت. وهنا نسمع الصوت ولا نرى من أطلقه وهذا يعطى الأهمية للقول لا للقائل، فالله عبر العصور يتكلم من خلال خدامه، ونحن نستمع لا للخدام ولكن لصوت الله.

العدد 5

آية (5): -

"5فَيُعْلَنُ مَجْدُ الرَّبِّ وَيَرَاهُ كُلُّ بَشَرٍ جَمِيعًا، لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ».".

أعْلنُ مَجْدُ الرَّبِّ = أُعْلِن في العودة من السبى جزئياً وفى تجسد المسيح كلياً. قال السيد لفيلبس "الذى رآنى فقد رأى الآب" (يو14: 9)، فحينما ظهر المسيح أمام الناس ورأوه فهم رأوا صورة الآب ورأوا فيه مجد الرب. والقديس أثناسيوس الرسولى يقول أن وجه الآب هو المسيح الذى رأينا فيه صورة الآب. ونرى فى هذه الآيات شرحا لذلك. "يا الله ارجعنا وانر بوجهك فنخلص" (مز80: 3) + "لانه ليس بسيفهم امتلكوا الارض ولا ذراعهم خلصتهم لكن يمينك وذراعك ونور وجهك لانك رضيت عنهم" (مز44: 3). وفى الآية الأخيرة نرى أن يمين الله أى قوة الله وهو المسيح وذراع الله وهو المسيح ونور وجه الله وهو المسيح، هذه ثلاثة صفات للمسيح المخلص.

الأعداد 6-8

الآيات (6 - 8): -

"6صَوْتُ قَائِل: «نَادِ». فَقَالَ: «بِمَاذَا أُنَادِي؟ » «كُلُّ جَسَدٍ عُشْبٌ، وَكُلُّ جَمَالِهِ كَزَهْرِ الْحَقْلِ. 7يَبِسَ الْعُشْبُ، ذَبُلَ الزَّهْرُ، لأَنَّ نَفْخَةَ الرَّبِّ هَبَّتْ عَلَيْهِ. حَقًّا الشَّعْبُ عُشْبٌ! 8يَبِسَ الْعُشْبُ، ذَبُلَ الزَّهْرُ. وَأَمَّا كَلِمَةُ إِلهِنَا فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ».".

سمع النبي صوتاً قائلاً نَادِ فَقَالَ بِمَاذَا أُنَادِي. والمعنى ضعف الإنسان الذي يشبه العشب وقصر أيامه وأمانة الله فلماذا يخافوا البابليين. ومعني هذه الآيات بالنسبة للخلاص الذى بالمسيح أنه وإن كان البشر يموتون في ضعف الآن، ولكن كلمة إلهنا ووعوده وإرادته في حياة أبدية للبشر وخلاصهم لن تسقط.

وفي الآيات القادمة نري أنه وإن كنا نرى أن هذا صعب , فالله يقول وهل يستحيل عليَّ شئ.

الأعداد 9-10

الآيات (9 - 10): -

"9عَلَى جَبَل عَال اصْعَدِي، يَا مُبَشِّرَةَ صِهْيَوْنَ. ارْفَعِي صَوْتَكِ بِقُوَّةٍ، يَا مُبَشِّرَةَ أُورُشَلِيمَ. ارْفَعِي لاَ تَخَافِي. قُولِي لِمُدُنِ يَهُوذَا: «هُوَذَا إِلهُكِ. 10هُوَذَا السَّيِّدُ الرَّبُّ بِقُوَّةٍ يَأْتِي وَذِرَاعُهُ تَحْكُمُ لَهُ. هُوَذَا أُجْرَتُهُ مَعَهُ وَعُمْلَتُهُ قُدَّامَهُ.".

هنا نرى الكنيسة التي قامت على أساس الرسل. هنا نرى البشارة بالرجوع من السبي ونمو أورشليم كرمز للبشارة الإنجيلية المفرحة.

يَا مُبَشِّرَةَ صِهْيَوْنَ = كانت مريم المجدلية أول من بشر بالقيامة، ومعنى الآية هنا أن التلاميذ المبشرون عليهم أن يعلنوا البشارة بصوت عالٍ. فالمبشرون هم من حملوا البشارة للعالم. وسماها هنا مبشرة صهيون وسبق أن سماها بنت أورشليم فهي عروس المسيح التي تحمل البشارة، هي الكنيسة كلها. الجَبَل العَالي = هو الكنيسة الجديدة السماوية الثابتة فى إيمانها. وَذِرَاعُهُ تَحْكُمُ لَهُ = الذراع تعنى المسيح فالمسيح هو قوة الله وحكمته والذراع رمز للقوة (1 كو 1: 24). هُوَذَا أُجْرَتُهُ معه = قد تعنى البركات التي يعطيها عند مجيئه وقد تعنى أن المسيح سيحصل على أجرته عن عمله الفدائي، وما هى أجرته التي سيفرح بها؟ هم المؤمنون الذين سيصبحون له ومعه فى المجد. كما أن يعقوب أخذ أجرته قطعاناً من الغنم، وهذا التفسير الأخير يتمشى مع ما بعده. وَعُمْلَتُهُ قُدَّامَهُ = His work أي الذين خلصهم بيديه وآمنوا به. "ها أنا والأولاد الذين أعطانيهم الرب" (عب2: 13).

العدد 11

آية (11): -

"11كَرَاعٍ يَرْعَى قَطِيعَهُ. بِذِرَاعِهِ يَجْمَعُ الْحُمْلاَنَ، وَفِي حِضْنِهِ يَحْمِلُهَا، وَيَقُودُ الْمُرْضِعَاتِ».".

المسيح هو الراعي الصالح الذي يُربِض القطيع في مراع خضر ويورده إلى مياه الراحة ويرحم الضعيف.

الآيات (12 - 17): -.

"12مَنْ كَالَ بِكَفِّهِ الْمِيَاهَ، وَقَاسَ السَّمَاوَاتِ بِالشِّبْرِ، وَكَالَ بِالْكَيْلِ تُرَابَ الأَرْضِ، وَوَزَنَ الْجِبَالَ بِالْقَبَّانِ، وَالآكَامَ بِالْمِيزَانِ؟ 13مَنْ قَاسَ رُوحَ الرَّبِّ، وَمَنْ مُشِيرُهُ يُعَلِّمُهُ؟ 14مَنِ اسْتَشَارَهُ فَأَفْهَمَهُ وَعَلَّمَهُ فِي طَرِيقِ الْحَقِّ، وَعَلَّمَهُ مَعْرِفَةً وَعَرَّفَهُ سَبِيلَ الْفَهْمِ.؟ 15هُوَذَا الأُمَمُ كَنُقْطَةٍ مِنْ دَلْوٍ، وَكَغُبَارِ الْمِيزَانِ تُحْسَبُ. هُوَذَا الْجَزَائِرُ يَرْفَعُهَا كَدُقَّةٍ! 16 وَلُبْنَانُ لَيْسَ كَافِيًا لِلإِيقَادِ، وَحَيَوَانُهُ لَيْسَ كَافِيًا لِمُحْرَقَةٍ. 17كُلُّ الأُمَمِ كَلاَ شَيْءٍ قُدَّامَهُ. مِنَ الْعَدَمِ وَالْبَاطِلِ تُحْسَبُ عِنْدَهُ.".

الله يظهر لشعبه أنه راع متواضع، ولكنه هنا يظهر قوته وجبروته. في آية (11) نراه راع لشعبه. وهنا نراه جباراً أمام أعداء شعبه وسيخلص قطيعه بقوة. ونرى هنا إن كان الله يهتم ويضبط الخليقة الجامدة فهل يتركنا نحن قطيعه. كان الشعب الذي ذهب إلى بابل قد رأوا عظمة البابليين ورأوا الآلاف منهم يسجدون لآلهتهم في هياكلهم الجبارة الذهبية وأصنامهم الذهبية. والنبي هنا يوجه الأنظار لله ويقول أنه ليس مثله.

العدد 12

آية (12): -

"12مَنْ كَالَ بِكَفِّهِ الْمِيَاهَ، وَقَاسَ السَّمَاوَاتِ بِالشِّبْرِ، وَكَالَ بِالْكَيْلِ تُرَابَ الأَرْضِ، وَوَزَنَ الْجِبَالَ بِالْقَبَّانِ، وَالآكَامَ بِالْمِيزَانِ؟".

المكاييل والمقاييس المذكورة هنا صغيرة (كف / شبر / كيل) ولكن بهذه المكاييل يكيل الله الأرض فكف الله يسع كل البحار. إذاً المقصود إظهار عظمة الله. وقد يكون هؤلاء المسبيون ظنوا أن الله تركهم ولكن علينا أن نثق أن الله لا يترك شعبه لكن الله له طرقه التي قد لا نفهمها. وعلينا أن نردد هذا في ضيقاتنا.

الأعداد 13-15

الآيات (13 - 15): -

"13مَنْ قَاسَ رُوحَ الرَّبِّ، وَمَنْ مُشِيرُهُ يُعَلِّمُهُ؟ 14مَنِ اسْتَشَارَهُ فَأَفْهَمَهُ وَعَلَّمَهُ فِي طَرِيقِ الْحَقِّ، وَعَلَّمَهُ مَعْرِفَةً وَعَرَّفَهُ سَبِيلَ الْفَهْمِ.؟ 15هُوَذَا الأُمَمُ كَنُقْطَةٍ مِنْ دَلْوٍ، وَكَغُبَارِ الْمِيزَانِ تُحْسَبُ. هُوَذَا الْجَزَائِرُ يَرْفَعُهَا كَدُقَّةٍ!".

هنا نرى الله كلى الحكمة، ولكن خطته غير خطة البشر، وأفهامه تعلو على أفهامنا وتدابيره تعلو عن تدابيرنا (رو 11: 34) بل الأمم القوية التي ترعبهم وتريد أن تحكم العالم كبابل (الشياطين) ما هي إلا نُقْطَةٍ فيْ دَلْوٍ.

من قاس روح الرب = وليس المقصود بروح الله هنا الروح القدس الأقنوم الثالث، بل قدرة الله فالمقصود من يستطيع أن يعرف قدرة إلهنا وما الذي يستطيعه بقدراته. وكلمة روح تعنى أيضا ريح وتعنى نفس من تنفس، وبهذا قد يشير المعنى لطول أناة الله.

هُوَذَا الأُمَمُ كَنُقْطَةٍ تسقط مِنْ دَلْوٍ = فلا يشعر بها أحد. كَدُقَّةٍ = شيء صغير جداً.

الأعداد 16-17

الآيات (16 - 17): -

"16 وَلُبْنَانُ لَيْسَ كَافِيًا لِلإِيقَادِ، وَحَيَوَانُهُ لَيْسَ كَافِيًا لِمُحْرَقَةٍ. 17كُلُّ الأُمَمِ كَلاَ شَيْءٍ قُدَّامَهُ. مِنَ الْعَدَمِ وَالْبَاطِلِ تُحْسَبُ عِنْدَهُ.".

المقصود لا شيء يستطيع أن يكفر عن الخطية، لا كل حيوان لبنان ولا كل أخشابه كافية فالخطية مريعة جداً. لا شيء يغفر سوي الصليب.

الأعداد 18-26

الآيات (18 - 26): -

"18فَبِمَنْ تُشَبِّهُونَ اللهَ، وَأَيَّ شَبَهٍ تُعَادِلُونَ بِهِ؟ 19اَلصَّنَمُ يَسْبِكُهُ الصَّانِعُ، وَالصَّائِغُ يُغَشِّيهِ بِذَهَبٍ وَيَصُوغُ سَلاَسِلَ فِضَّةٍ. 20الْفَقِيرُ عَنِ التَّقْدِمَةِ يَنْتَخِبُ خَشَبًا لاَ يُسَوِّسُ، يَطْلُبُ لَهُ صَانِعًا مَاهِرًا لِيَنْصُبَ صَنَمًا لاَ يَتَزَعْزَعُ!

21أَلاَ تَعْلَمُونَ؟ أَلاَ تَسْمَعُونَ؟ أَلَمْ تُخْبَرُوا مِنَ الْبَدَاءَةِ؟ أَلَمْ تَفْهَمُوا مِنْ أَسَاسَاتِ الأَرْضِ؟ 22الْجَالِسُ عَلَى كُرَةِ الأَرْضِ وَسُكَّانُهَا كَالْجُنْدُبِ. الَّذِي يَنْشُرُ السَّمَاوَاتِ كَسَرَادِقَ، وَيَبْسُطُهَا كَخَيْمَةٍ لِلسَّكَنِ. 23الَّذِي يَجْعَلُ الْعُظَمَاءَ لاَ شَيْئًا، وَيُصَيِّرُ قُضَاةَ الأَرْضِ كَالْبَاطِلِ. 24لَمْ يُغْرَسُوا بَلْ لَمْ يُزْرَعُوا وَلَمْ يَتَأَصَّلْ فِي الأَرْضِ سَاقُهُمْ. فَنَفَخَ أَيْضًا عَلَيْهِمْ فَجَفُّوا، وَالْعَاصِفُ كَالْعَصْفِ يَحْمِلُهُمْ. 25«فَبِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي فَأُسَاوِيهِ؟ » يَقُولُ الْقُدُّوسُ. 26ارْفَعُوا إِلَى الْعَلاَءِ عُيُونَكُمْ وَانْظُرُوا، مَنْ خَلَقَ هذِهِ؟ مَنِ الَّذِي يُخْرِجُ بِعَدَدٍ جُنْدَهَا، يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ؟ لِكَثْرَةِ الْقُوَّةِ وَكَوْنِهِ شَدِيدَ الْقُدْرَةِ لاَ يُفْقَدُ أَحَدٌ. ".

عتاب لمن يذهبون ويتعبدون للأوثان. ولا أحد يتعبد للأوثان هذه الأيام. ولكن هناك من يتعبد لشهواته أو للمال أو لذاته (شخصه).

آية (21) حتى الطبيعة تشهد أن هناك إلهاً وراءها، صنعها وخلقها ويدبرها وهذا واضح لليهود من كتبهم وواضح للوثنيين من الطبيعة (رو 1: 19، 20).

(22) هنا يتكلم عن الأرض ككرة قبل أن يكتشف ذلك بقرون، وقت أن كانوا يقولون أنها منبسطة. الْجُنْدُبِ = جراد صغير ضعيف جداً. كَسَرَادِقَ = غطاء من نسيج ناعم كالستارة. كَخَيْمَةٍ = السموات التي لا ندرك مداها ولا نهايتها ولا عدد نجومها، بكل عظمتها هي عند الله كخيمة يمكن أن يطويها (لذلك قيل أن السموات ستزول).

فى الآيات (23 – 25) هنا يقابل الله بالملوك والعظماء. وكان قد سبق وقابل الرب بالخليقة فى الآيات (12 – 17).

لَمْ يُغْرَسُوا = المقصود أن الملوك بشر يموتون وممالكهم تخرب وهم لا يقدرون أن يقاوموا الله ولا يجروا مقاصدهم، بل كالعصافة تحملها الريح.

آية (26) يسمى النجوم = الجُنْدَ والله يعرفها واحداً واحداً وهكذا يعرف البشر واحداً واحداً. الفلك يظهر عمل الله وقدراته. ولأن الوثنيين عبدوا النجوم عبادة السبئيين (sabaism)، قال اليهود أن النجوم والكواكب ما هى إلا خليقة الله وهى كجند تتحرك بأمره ومن هنا جاء لقب رب الصباؤوت. ونفهم نحن أن الله رب الجنود السماوية أى طغمات الملائكة ورب البشر ورب الخليقة كلها من نجوم... إلخ. الكل جنود يتحركوا بأمره وهو ضابط الكل.

آيات (27 – 31): -.

العدد 27

آية (27): -

"27لِمَاذَا تَقُولُ يَا يَعْقُوبُ وَتَتَكَلَّمُ يَا إِسْرَائِيلُ: «قَدِ اخْتَفَتْ طَرِيقِي عَنِ الرَّبِّ وَفَاتَ حَقِّي إِلهِي»؟".

آية (27) عتاب لليهود أنهم يتصوروا أن الله لا يرى طريقهم ولا يهتم بهم.

وَفَاتَ حَقِّي إِلهِي = حقي في الخلاص لم يعطه لي الله، لأنهم كانوا مظلومين في بابل. ولكن الله يعطي المعيي قدرة ولعديم القوة يكثر شدة.

الأعداد 28-29

آية (28 - 29): -

"28أَمَا عَرَفْتَ أَمْ لَمْ تَسْمَعْ؟ إِلهُ الدَّهْرِ الرَّبُّ خَالِقُ أَطْرَافِ الأَرْضِ لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَعْيَا. لَيْسَ عَنْ فَهْمِهِ فَحْصٌ. 29يُعْطِي الْمُعْيِيَ قُدْرَةً، وَلِعَدِيمِ الْقُوَّةِ يُكَثِّرُ شِدَّةً.".

أَمَا عَرَفْتَ أَمْ لَمْ تَسْمَعْ = الله يعاتب المسبيين ليأسهم في الخلاص ويذكرهم بأعماله مع أبائهم، وقوله يا يعقوب (آية 27) ليذكرهم بوعده لأبيهم لتقواه، فهنا يحثهم أن يصيروا مثله. وآية (29) الله يعمل في الضعيف فيتقوى "قوتي في الضعف تُكْمَلْ" ولنلاحظ أن الخطية تضعف إيماننا ولكن الله يعطى قوة.

الأعداد 30-31

الآيات (30 - 31): -

"30اَلْغِلْمَانُ يُعْيُونَ وَيَتْعَبُونَ، وَالْفِتْيَانُ يَتَعَثَّرُونَ تَعَثُّرًا. 31 وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ. يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ.".

قد يثق الشبان في قوتهم ولكنهم سريعاً ما يخوروا. ولكن من يعتمد على الله تكون له قوة متجددة ويُحَلِّق عالياً تجاه الله وذلك بالروح القدس، روح القوة. إنتظار الرب أي ترجى عونه بالصبر في المحن مع التأكد أنه لا يتباطأ. والله يمنح قوة جديدة لكل مهمة جديدة ولكل تجربة جديدة. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ = تشير لإيمان قوى به ينتظرون الرب.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الحادي والأربعون - سفر إشعياء - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح التاسع والثلاثون - سفر إشعياء - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر إشعياء الأصحاح 40
تفاسير سفر إشعياء الأصحاح 40