الأصحاح الثلاثون – سفر إشعياء – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر إشعياء – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثلاثون

هم يلجأون لمصر لحمايتهم، وهي غير قادرة علي ذلك، بل ستؤذيهم كالحيات (آية 6) في هذا الإصحاح وما بعده شرح للخلاص الذي يأتي بطريقة معجزيه وتهديد بالويل لمن يتكل علي مصر التي سبق وأذلتهم.

العدد 1

آية (1): -

"1« وَيْلٌ لِلْبَنِينَ الْمُتَمَرِّدِينَ، يَقُولُ الرَّبُّ، حَتَّى أَنَّهُمْ يُجْرُونَ رَأْيًا وَلَيْسَ مِنِّي، وَيَسْكُبُونَ سَكِيبًا وَلَيْسَ بِرُوحِي، لِيَزِيدُوا خَطِيئَةً عَلَى خَطِيئَةٍ.".

الله يبين محبته لليهود ويسميهم بَنِينَ بالرغم من خطاياهم وتمردهم وطلبهم التحالف مع مصر. وَيَسْكُبُونَ سَكِيبًا = من عادات الوثنيين أنهم يسكبون أمام الآلهة سكيبة من خمر وزيت لتصديق العهد. واليهود فعلوا هذا أمام آلهة المصريين في تحالفهم معهم. وهذا كله ليس بحسب إرادة الله ولا بإرشاد روحه = لَيْسَ بِرُوحِي.

الأعداد 2-3

الآيات (2 - 3): -

"2الَّذِينَ يَذْهَبُونَ لِيَنْزِلُوا إِلَى مِصْرَ وَلَمْ يَسْأَلُوا فَمِي، لِيَلْتَجِئُوا إِلَى حِصْنِ فِرْعَوْنَ وَيَحْتَمُوا بِظِلِّ مِصْرَ. 3فَيَصِيرُ لَكُمْ حِصْنُ فِرْعَوْنَ خَجَلاً، وَالاحْتِمَاءُ بِظِلِّ مِصْرَ خِزْيًا.".

لِيَنْزِلُوا إِلَى مِصْرَ = فالإتكال علي مصر أو أي أحد غير الله هو نزول بينما أن الإتكال علي الله هو صعود للسماويات. وكان سؤال الرب عن طريق رئيس الكهنة (الأوريم والتميم) أو الأنبياء، وفي أيامنا بالصلاة وقراءة الكتاب المقدس وسؤال الكنيسة والروح يرشد "فالله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح" (2تى1: 7).

الأعداد 4-5

الآيات (4 - 5): -

"4لأَنَّ رُؤَسَاءَهُ صَارُوا فِي صُوعَنَ، وَبَلَغَ رُسُلُهُ إِلَى حَانِيسَ. 5قَدْ خَجِلَ الْجَمِيعُ مِنْ شَعْبٍ لاَ يَنْفَعُهُمْ. لَيْسَ لِلْمَعُونَةِ وَلاَ لِلْمَنْفَعَةِ، بَلْ لِلْخَجَلِ وَلِلْخِزْيِ».".

صُوعَنَ = هي صالحجر علي نهر النيل (تانيس) كما دعاها اليونانيين. حَانِيسَ = أهناسيا. رُؤَسَاءَ يهوذا = أي المرسلون لعقد التحالف مع مصر وكان خجلهم فيما بعد.

حين تخلي عنهم المصريون وقت الحاجة.

الأعداد 6-7

الآيات (6 - 7): -

"6 وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بَهَائِمِ الْجَنُوبِ: فِي أَرْضِ شِدَّةٍ وَضِيقَةٍ، مِنْهَا اللَّبْوَةُ وَالأَسَدُ، الأَفْعَى وَالثُّعْبَانُ السَّامُّ الطَّيَّارُ، يَحْمِلُونَ عَلَى أَكْتَافِ الْحَمِيرِ ثَرْوَتَهُمْ، وَعَلَى أَسْنِمَةِ الْجِمَالِ كُنُوزَهُمْ، إِلَى شَعْبٍ لاَ يَنْفَعُ. 7فَإِنَّ مِصْرَ تُعِينُ بَاطِلاً وَعَبَثًا، لِذلِكَ دَعَوْتُهَا «رَهَبَ الْجُلُوسِ».".

بَهَائِمِ الْجَنُوبِ = الجنوب هي مصر، ورسل اليهود المرسلين إلي مصر مشبهين بالبهائم، إذ هم لا يفهمون أن الله هو القادر على حمايتهم فيلجأوا لغير الله. لَّبْوَةُ وَأَسَدُ وَثُّعْبَانُ = فهذا تصوير لمصر أنها أرض وحوش كاسرة تستعد للإفتراس، ومع هذا أرسل لهم الشعب هداياهم. والله هنا يصور مصر بإسم شعري رَهَبَ الْجُلُوسِ ورهب تعني كبرياء وتعظم، والجلوس أي كالتماثيل التى يصنعها المصريين، فهي لا تنفع شيئاً ولن تتحرك لتحميهم.

الأعداد 8-9

الآيات (8 - 9): -

"8تَعَالَ الآنَ اكْتُبْ هذَا عِنْدَهُمْ عَلَى لَوْحٍ وَارْسُمْهُ فِي سِفْرٍ، لِيَكُونَ لِزَمَنٍ آتٍ لِلأَبَدِ إِلَى الدُّهُورِ. 9لأَنَّهُ شَعْبٌ مُتَمَرِّدٌ، أَوْلاَدٌ كَذَبَةٌ، أَوْلاَدٌ لَمْ يَشَاءُوا أَنْ يَسْمَعُوا شَرِيعَةَ الرَّبِّ.".

الله يطلب من النبي لا أن يكتفي بالكلام بل يكتب علي لوح ليراه كل إنسان وليصبح هذا شاهداً عليهم.

الأعداد 10-12

الآيات (10 - 12): -

"10الَّذِينَ يَقُولُونَ لِلرَّائِينَ: «لاَ تَرَوْا»، وَلِلنَّاظِرِينَ: «لاَ تَنْظُرُوا لَنَا مُسْتَقِيمَاتٍ. كَلِّمُونَا بِالنَّاعِمَاتِ. انْظُرُوا مُخَادِعَاتٍ. 11حِيدُوا عَنِ الطَّرِيقِ. مِيلُوا عَنِ السَّبِيلِ. اعْزِلُوا مِنْ أَمَامِنَا قُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ» 12لِذلِكَ هكَذَا يَقُولُ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ: «لأَنَّكُمْ رَفَضْتُمْ هذَا الْقَوْلَ وَتَوَكَّلْتُمْ عَلَى الظُّلْمِ وَالاعْوِجَاجِ وَاسْتَنَدْتُمْ عَلَيْهِمَا،".

هنا نري الشعب يرفض الوعظ الذي يكشف خطاياه ويطلب كلاماً ناعماً ونبوات كاذبة تتفق مع مشيئته. وقارن مع سفر الرؤيا حين يفرح الناس بقتل النبيين ويرسلوا هدايا.

لبعضهم (رؤ 11) هؤلاء يرفضون قدوس إسرائيل. هذه تشبه "أنه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلّمين مستحكة مسامعهم" أى يريدون أن يسمعوا ما يحبونه ويرفضوا سماع كلام الله (2تى4: 3).

الأعداد 13-14

الآيات (13 - 14): -

"13لِذلِكَ يَكُونُ لَكُمْ هذَا الإِثْمُ كَصَدْعٍ مُنْقَضٍّ نَاتِئٍ فِي جِدَارٍ مُرْتَفِعٍ، يَأْتِي هدُّهُ بَغْتَةً فِي لَحْظَةٍ. 14 وَيُكْسَرُ كَكَسْرِ إِنَاءِ الْخَزَّافِينَ، مَسْحُوقًا بِلاَ شَفَقَةٍ، حَتَّى لاَ يُوجَدُ فِي مَسْحُوقِهِ شَقَفَةٌ لأَخْذِ نَارٍ مِنَ الْمَوْقَدَةِ، أَوْ لِغَرْفِ مَاءٍ مِنَ الْجُبِّ».".

الصَدْعٍ يكون قبل الهدم (هدم الجدار). ويكون فيه ويزداد رويداً رويداً، غير أن هدم الجدار يكون دفعة واحدة بَغْتَةً، وهكذا سيكون سقوط يهوذا ولكن من أسباب قديمة داخلية (وسيكسر حتى لا يصلح سوي للمزبلة وكسر الإناء هذه نراها بالتفصيل في (إر 19).

العدد 15

آية (15): -

"15لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ: «بِالرُّجُوعِ وَالسُّكُونِ تَخْلُصُونَ. بِالْهُدُوءِ وَالطُّمَأْنِينَةِ تَكُونُ قُوَّتُكُمْ». فَلَمْ تَشَاءُوا.".

هم لم يقبلوا الخلاص بطريقة الله التي كلها هدوء وطمأنينة وسلام بدل المخاوف. ولكن هذا السلام يتطلب الرجوع لله بالتوبة والهدوء بثقة بِالرُّجُوعِ وَالسُّكُونِ تَخْلُصُونَ = أي بالرجوع عن خطاياهم خصوصاً الإتكال علي مصر، أو الإتكال على ذراع بشر أو أى شئ آخر، وهكذا قال الرب "ما أعسر دخول المتكلين على الأموال" (مر10: 24).

الأعداد 16-17

الآيات (16 - 17): -

"16 وَقُلْتُمْ: «لاَ بَلْ عَلَى خَيْل نَهْرُبُ». لِذلِكَ تَهْرُبُونَ. « وَعَلَى خَيْل سَرِيعَةٍ نَرْكَبُ». لِذلِكَ يُسْرُعُ طَارِدُوكُمْ. 17يَهْرُبُ أَلْفٌ مِنْ زَجْرَةِ وَاحِدٍ. مِنْ زَجْرَةِ خَمْسَةٍ تَهْرُبُونَ، حَتَّى أَنَّكُمْ تَبْقُونَ كَسَارِيَةٍ عَلَى رَأْسِ جَبَل، وَكَرَايَةٍ عَلَى أَكَمَةٍ.".

اشتهرت مصر قديما بالخيل والملك سليمان أخذ خيل من مصر والمعني إصرارهم علي الاتكال علي مصر وقوتها الحربية. وهم رفضوا دعوة الله في آية (15) وقالوا لا بل على خيل نهرب إلي مصر، ظانين أنها قادرة أن تنقذهم، فإذا بالعدو يطاردهم بل يهربون من لا شيء، وهذا ناشئ عن رعبهم. الله هنا ينذرهم بأن إتكالهم علي مصر سيكون سبباً في تشتتهم. كَسَارِيَةٍ = شجرة وحيدة باقية بعد قطع كل الأشجار. وَكَرَايَةٍ عَلَى أَكَمَةٍ = هي راية في مكان ظاهر تبقى بعد تشتت الجنود عبرة للجميع. هنا نري أيضاً صورة البقية.

الآيات (18 – 26) صورة جميلة للشعب بعد إنتهاء الحصار، وهذا وعد من الله لهم أنهم لو تركوا الإعتماد علي مصر ورجعوا إليه يرحمهم. هذه البركات هي للبقية سواء بعد فك حصار أشور أو الرجوع من السبي (من بابل) أو للمؤمنين بالمسيح.

الأعداد 18-19

الآيات (18 - 19): -

"18 وَلِذلِكَ يَنْتَظِرُ الرَّبُّ لِيَتَرَاءَفَ عَلَيْكُمْ. وَلِذلِكَ يَقُومُ لِيَرْحَمَكُمْ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهُ حَقّ. طُوبَى لِجَمِيعِ مُنْتَظِرِيهِ. 19لأَنَّ الشَّعْبَ فِي صِهْيَوْنَ يَسْكُنُ فِي أُورُشَلِيمَ. لاَ تَبْكِي بُكَاءً. يَتَرَاءَفُ عَلَيْكَ عِنْدَ صَوْتِ صُرَاخِكَ. حِينَمَا يَسْمَعُ يَسْتَجِيبُ لَكَ.".

لاَ تَبْكِي = الله المحب الذي لا يحتمل بكائنا بل يعطينا فرحاً داخليا. وعِنْدَ صَوْتِ صُرَاخِنا = يسمع ويستجب. هنا نري الله ينتظر عودتهم ورجوعهم له. وهنا يسكنهم الرب في أورشليم في هدوء وسلام. وهذه إشارة لسكني المؤمنين في الكنيسة في سلام. وهذه تذكرنا بقول الرب لإيليا عن أخاب "هل رأيت كيف إتضع أخاب أمامى.. لا أجلب الشر فى أيامه" (1مل21: 29) هذا بعد أن كان الله قد أرسل إيليا لأخاب وهدده، وتذكرنا بقول العريس "حولى عنى عينيك فإنهما قد غلبتانى" (نش6: 5).

الأعداد 20-21

الآيات (20 - 21): -

"20 وَيُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ خُبْزًا فِي الضِّيقِ وَمَاءً فِي الشِّدَّةِ. لاَ يَخْتَبِئُ مُعَلِّمُوكَ بَعْدُ، بَلْ تَكُونُ عَيْنَاكَ تَرَيَانِ مُعَلِّمِيكَ، 21 وَأُذُنَاكَ تَسْمَعَانِ كَلِمَةً خَلْفَكَ قَائِلَةً: «هذِهِ هِيَ الطَّرِيقُ. اسْلُكُوا فِيهَا». حِينَمَا تَمِيلُونَ إِلَى الْيَمِينِ وَحِينَمَا تَمِيلُونَ إِلَى الْيَسَارِ.".

حتى لو تضايقوا في السبي، أو لو عادوا من السبي وسكنوا في أورشليم وأتت عليهم أية ضيقة (وهذه تنطبق علينا الآن ونحن فى الكنيسة معرضين لتجارب) فالرب لا يتركهم ولا يقطع عنهم القوت الروحي أي نعمته اليومية. والقوت الروحي يرسله لهم الله عن طريق الروح القدس الذي يعلم ويذكر ويهب روح التعليم للمعلمين الذين يرسلهم الرب لنا وللشعب. والله لم يترك شعبه في السبي دون أنبياء بل أرسل لهم حزقيال ودانيال. كَلِمَةً خَلْفَكَ = كتائهين عن الطريق يسمعون صوت دليلهم (صوت الروح القدس) من ورائهم يقول لهم أرجعوا.

العدد 22

آية (22): -

"22 وَتُنَجِّسُونَ صَفَائِحَ تَمَاثِيلِ فِضَّتِكُمُ الْمَنْحُوتَةِ، وَغِشَاءَ تِمْثَالِ ذَهَبِكُمُ الْمَسْبُوكِ. تَطْرَحُهَا مِثْلَ فِرْصَةِ حَائِضٍ. تَقُولُ لَهَا: «اخْرُجِي».".

هنا نري بركات التجربة. وأنهم رفضوا أوثانهم بكراهية شديدة.

الأعداد 23-26

الآيات (23 - 26): -

"23ثُمَّ يُعْطِي مَطَرَ زَرْعِكَ الَّذِي تَزْرَعُ الأَرْضَ بِهِ، وَخُبْزَ غَلَّةِ الأَرْضِ، فَيَكُونُ دَسَمًا وَسَمِينًا، وَتَرْعَى مَاشِيَتُكَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ فِي مَرْعًى وَاسِعٍ. 24 وَالأَبْقَارُ وَالْحَمِيرُ الَّتِي تَعْمَلُ الأَرْضَ تَأْكُلُ عَلَفًا مُمَلَّحًا مُذَرَّى بِالْمِنْسَفِ وَالْمِذْرَاةِ. 25 وَيَكُونُ عَلَى كُلِّ جَبَل عَال وَعَلَى كُلِّ أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ سَوَاق وَمَجَارِي مِيَاهٍ فِي يَوْمِ الْمَقْتَلَةِ الْعَظِيمَةِ، حِينَمَا تَسْقُطُ الأَبْرَاجُ. 26 وَيَكُونُ نُورُ الْقَمَرِ كَنُورِ الشَّمْسِ، وَنُورُ الشَّمْسِ يَكُونُ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ كَنُورِ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، فِي يَوْمٍ يَجْبُرُ الرَّبُّ كَسْرَ شَعْبِهِ وَيَشْفِي رَضَّ ضَرْبِهِ.".

نبوءة بأحسن البركات للكنيسة. خُبْزَ غَلَّةِ = هنا نري الجهاد والنعمة، فالمؤمن يزرع والرب يبارك في الثمار. وروحياً فكلمة الله هي طعام القلب لمن يتأمل فيها. مَطَرَ زَرْعِكَ + سَوَاق وَمَجَارِي مِيَاهٍ = هذه عطايا الروح القدس. وفي (24) الأَبْقَارُ وَالْحَمِيرُ إشارة للأجساد، وهنا يعد الله بأنها تأكل أحسن طعام علفاً مملحاً نقياً من التبن والأتربة علامة الاهتمام بالجسد الذي تقدس لحساب المسيح. وفي (25) نعمة الله ستفيض علي العظماء (الجبال) وعلي البسطاء (الآكام) وهؤلاء مرتفعين بحياتهم السماوية، أما المتكبرين (الأبراج) فسيسقطون يَوْمِ الْمَقْتَلَةِ الْعَظِيمَةِ = هو يوم هلاك جيش أشور، يوم الـ 185000 أو هو يوم نهاية بابل، أو هو يوم الصليب، يوم صراع المسيح مع الشيطان علي الصليب. والذي من بعده قامت الكنيسة منتصرة، أو هو في الأيام الأخيرة بعد المعركة العظيمة ومجيء المسيح. ويوم الصليب فِي يَوْمٍ يَجْبُرُ الرَّبُّ كَسْرَ شَعْبِهِ وَيَشْفِي رَضَّ ضَرْبِهِ سقطت الأبراج (جزئياً) أي الشياطين المتكبرين. وفي مجيئه الثاني تكون نهايتهم ونهاية كبريائهم.

وفي (26) بعد مجيء المسيح الأول يصبح نُورُ الْقَمَرِ كنور الشمس = أي نور الكنيسة كنور المسيح، فالمسيح قال لنا أنا هو النور.. وقال أنتم نور.... وبعد المجئ الثانى فالكنيسة تتمجد وتظهر صورة المسيح إذ نري الله في كمال مجده "فيغير صورة جسد تواضعنا إلى صورة جسد مجده" + "ونكون مثله" (فى3: 21 + 1يو3: 2)، وَيَكُونُ نُورُ الشَّمْسِ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ = أي نور كامل لأننا سنري الله وجهاً لوجه، نراه في كمال مجده، وليس فى لغز أو كما فى مرآة، هذا في السماء.

أما علي الأرض فمن رأي المسيح هو كمن رأي الآب. والروح القدس الساكن فينا يعطينا رؤية واضحة لله. سَبْعَةِ أَيَّامٍ = رقم 7 رقم كامل والمعني سنعرف هذه المعرفة طوال حياتنا في المسيح وفي الأبدية سنكون في هذا المجد للأبد، بلا نهاية.

آيات (27 - 33) هنا تتداخل آيات البركة والدينونة.

العدد 27

آية (27): -

"27هُوَذَا اسْمُ الرَّبِّ يَأْتِي مِنْ بَعِيدٍ. غَضَبُهُ مُشْتَعِلٌ وَالْحَرِيقُ عَظِيمٌ. شَفَتَاهُ مُمْتَلِئَتَانِ سَخَطًا، وَلِسَانُهُ كَنَارٍ آكِلَةٍ،".

اسْمُ الرَّبِّ = الإسم هو ما يعرف به المُسَمَّى، ومعني الكلام أن الرب سيظهر نفسه وقدراته الغير محدودة بأعمال مخيفة ليعرف كل الناس قوة غضبه. وغَضَبُهُ يَأْتِي مِنْ بَعِيدٍ فهو إنتظر طويلاً وأطال أناته لعل (أشور أو الشيطان أو كل إنسان شرير) يتراجع عن كبريائه وشروره. وهو من بعيد لأن الأشرار يظنونه بعيداً وعقابه بعيد، بل ربما ظنوا أنه لن يأتي. وشَفَتَاهُ = شفتا الرب تقطران دسماً لأولاده وسَخَطًا للعصاة. لِسَانُهُ = لسان الله يدعو الكل لخيراته السماوية ويكون كنار آكلة للمضادين. الْحَرِيقُ عَظِيمٌ = هلاك أشور أو هلاك الأيام الأخيرة.. وتصوير غضب الله هنا أنه كغيمة تأتي مِنْ بَعِيدٍ وسريعاً ما تمتلئ السماء غيوماً وتسود السماء ويأتي المطر والريح. ومن البروق يشتعل حريق عظيم. هو مطر يسبب فيضاناً مهلكاً بالإضافة لحريق عظيم.

العدد 28

آية (28): -

"28 وَنَفْخَتُهُ كَنَهْرٍ غَامِرٍ يَبْلُغُ إِلَى الرَّقَبَةِ. لِغَرْبَلَةِ الأُمَمِ بِغُرْبَالِ السُّوءِ، وَعَلَى فُكُوكِ الشُّعُوبِ رَسَنٌ مُضِلٌّ.".

نَفْخَتُهُ كَنَهْرٍ = الله ينفخ في الريح فتعطي مطراً بفيضان يَبْلُغُ إِلَى الرَّقَبَةِ = هذه تفهم أن ملك أشور وصل حتى أورشليم (الرقبة) لكنه لم يغرقها فهو لم يدخلها. وتفهم علي ملك أشور نفسه أن غضب الله وصل إلي رقبته فقد هلك جيشه أما الملك نفسه فلم يهلك بل عاد لبلاده. ولاحظ في الآية (25) أن الماء كان يرمز لفيض الروح القدس علي الكنيسة. فنفخة الله لكنيسته فيها كل ملء البركة ونفخته ضد أعدائه فيضان يهلكهم. غُرْبَالِ السُّوءِ = هو الذي لا يبقى فيه سوي الهشيم وهذا مصيره الحريق. والغربال في يد الله يوم الحصاد هو لغربلة الأمم = فمن يؤمن يخلص ومن يقاوم ويرفض يهلك = لم يترك في هذا الغربال سوي القش (الأمم المقاومة / إبليس / الأشرار) بعد أن إنتقي أولاده وما تبقي في غربال السوء هو للحريق. ثم شبه الأمم المقاومة أو جيش أشور بحصان جامح علي فكه رَسَنٌ مُضِلٌّ = أي علي فكه لجام يقود للضلال، فهو قد سمع عن خبر (ص37: 7) عن خروج المصريين عليه وخدعه هذا الخبر.

الأعداد 29-31

الآيات (29 - 31): -

"29تَكُونُ لَكُمْ أُغْنِيَّةٌ كَلَيْلَةِ تَقْدِيسِ عِيدٍ، وَفَرَحُ قَلْبٍ كَالسَّائِرِ بِالنَّايِ، لِيَأْتِيَ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ، إِلَى صَخْرِ إِسْرَائِيلَ. 30 وَيُسَمِّعُ الرَّبُّ جَلاَلَ صَوْتِهِ، وَيُرِي نُزُولَ ذِرَاعِهِ بِهَيَجَانِ غَضَبٍ وَلَهِيبِ نَارٍ آكِلَةٍ، نَوْءٍ وَسَيْل وَحِجَارَةِ بَرَدٍ. 31لأَنَّهُ مِنْ صَوْتِ الرَّبِّ يَرْتَاعُ أَشُّورُ. بِالْقَضِيبِ يَضْرِبُ.".

الصورة هنا فى هذه الآيات ليوم الدينونة فنجد القديسين وقد وصلوا للسماء = جَبَلِ الرَّبِّ. وفى يوم الدينونة أيضا يظهر عدل الله فى عقوبة الأشرار.

ففى آية (29) الصورة هنا للقديسين الذين يفرحون بالله فى السماء. وفى (30، 31) نرى الله يظهر لقديسيه عدله ضد أعدائهم. ويكون لهم ذلك كليلة عيد فهم سيأتون لله بلا عائق متهللين ويسبحون (رؤ 14: 2). وفرحة القديسين بدينونة الأشرار ستكون لأن هؤلاء أهانو الله جدا وأحزنوا قلبه.

العدد 32

آية (32): -

"32 وَيَكُونُ كُلُّ مُرُورِ عَصَا الْقَضَاءِ الَّتِي يُنْزِلُهَا الرَّبُّ عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ وَالْعِيدَانِ. وَبِحُرُوبٍ ثَائِرَةٍ يُحَارِبُهُ.".

مُرُورِ عَصَا الْقَضَاءِ = الضربات التي وقعت علي أشور (إبليس) والقضاء الذي تم فيها فيه فرح بالدفوف لأبناء الله.

العدد 33

آية (33): -

"33لأَنَّ «تُفْتَةَ» مُرَتَّبَةٌ مُنْذُ الأَمْسِ، مُهَيَّأَةٌ هِيَ أَيْضًا لِلْمَلِكِ، عَمِيقَةٌ وَاسِعَةٌ، كُومَتُهَا نَارٌ وَحَطَبٌ بِكَثْرَةٍ. نَفْخَةُ الرَّبِّ كَنَهْرِ كِبْرِيتٍ تُوقِدُهَا.".

تُفْتَةَ = كانت مكاناً لمولك إله بني عمون حيث يوقدون في تمثال نحاسي له ويلقون أولادهم عليه كمحرقات. ولقد أزال يوشيا هذه العبادة وجعل هذا المكان الذي في وادي إبن هنوم مزبلة. وفيها ترمي الجثث وموقدة = مشتعلة فيها النيران دائماً للتنقية ليتنجس المكان بالجثث والقاذورات فلا يستخدمون المكان مرة أخرى للعبادة الوثنية. مُرَتَّبَةٌ مُنْذُ أَمْسِ = في مقاصد الله الأزلية، فنار جهنم معدة لإبليس وجنوده "ثم يقول أيضا للذين عن اليسار إذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته" (مت25: 41). الْمَلِكِ = هو ملك أشور أو إبليس. وهذه الصورة هي نفسها في (رؤ 20: 10).

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الحادي والثلاثون - سفر إشعياء - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح التاسع والعشرون - سفر إشعياء - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر إشعياء الأصحاح 30
تفاسير سفر إشعياء الأصحاح 30