اَلأَصْحَاحُ الثَّانِي وَالثَّلاَثُونَ – سفر أخبار الأيام الثاني – القمص تادرس يعقوب ملطي

هذا الفصل هو جزء من كتاب: 14- تفسير سفر أخبار الأيام الثاني – القمص تادرس يعقوب ملطي.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

اَلأَصْحَاحُ الثَّانِي وَالثَّلاَثُونَ

بالإيمان حزقيا الملك يتحدَّى أشور والمرض.

روح القوة لا روح الفشل!

تكشف لنا الفترة الأخيرة من حياة حزقيا الملك أنه مهما نلنا من روح القوة، يلزمنا أن نحذر لئلا يتسرَّب روح الضعف والفشل إلينا. اختبر حزقيا روح القوة حين واجه أكبر قوة في ذلك الحين، أشور، التي استولت وسَبَت الكثير من الأمم والشعوب. كما تحدَّى حزقيا ما حلَّ به من مرض خطير مُستعصى. لكنه إذ تهاون وارتفع قلبه بسبب نصرته وشفائه، وبسبب شهرته حيث صار موضع دهشة الملوك والعظماء، سقط وعرِّض مملكة يهوذا للمرارة في أيام أحفاده. يُشَجِّعنا الرسول بولس وأيضًا يحذرنا بقوله: "لأن الله لم يعطنا روح الفشل، بل روح القوة والمحبة والنصح" (2 تي 1: 7)؛ "من يظن أنه قائم، فلينظر أن لا يسقط" (1 كو 10: 12). خلقنا الله على صورته، وعندما أفسدناها بالعصيان ردَّها لنا بصلبه وقيامته لكي نحيا بروح النصرة والغلبة على الموت وعلى إبليس.

  • من يسقط من النعمة التي هي ملء المسيح، يسقط فارغًا أمام أعدائه[357].
  • تأمل مليًّا كيف جُبِلْتَ. فَكِّرْ في المعمل الذي خَرَجَتْ منه طبيعتك. إنها يد الله التي تسلمتك. فالذي جُبِلَ بواسطة الرب لا يكون ملوَّثا بالشر، لا يكون فاسدًا بالخطية، ولا يسقط من يد الله.

أنت إناء شُكِّلْتَ بطريقة إلهية وخُلِقْتَ بيدي الله، لذلك مَجِّدْ خالقك. لم تُخْلَقْ لأجل شيء آخر غير أن تكون أداة لتمجيد الله، وهذا الكون بأكمله بمثابة كتاب يذيع مجد الله، مُعلِنًا لك ـ يا مَنْ لك عقل تُدرِك به الحقيقة: ـ عظمة الله الخفية والظاهرة. لهذا السبب، تذكَّر بعناية ما قد قيِل[358].

  • لا تيأس من الخلاص، مُسترجِعًا إلى ذاكرتك ما ورد في الكتاب المقدَّس أن الذي يسقط يقوم، والضال يعود (إر 8: 4) والمجروح يُشفَي، والفريسة تهرب (من الوحش)، ومن يعترف بخطيَّته لا يُحتقَر. لا يشاء الرب موت الخاطي، بل بالحري أن يعود ويحيا (حز 18: 32). لا تستهتر، فتكون كالشرِّير في هوة الشر (أم 18: 3). إنه الآن وقت لاحتمالك وطول الأناة (عليك) والشفاء والإصلاح. هل عثرت؟ قُمْ. هل أخطأت؟ كُفّ عن الخطيَّة. ولا تقف في طريق الخطاة (مز 1: 1)، بل اهرب. عندما تندم وتتأوَّه تخلص، إذ يخرج من العمل صحَّة، ومن العرق خلاص[359].

القديس باسيليوس الكبير.

تجارب حزقيا الملك الثلاث.

تجارب حزقيا تُماثِل تجارب أيوب الثلاث، وهي:

1. مقاومة أعدائه له (أي 13: 1 - 21). لم يهتم سفر الأخبار بانجازات حزقيا العسكرية والسياسية، إنما أبرز أن خلاصه من جيش أشور تحت قيادة سنحاريب تحقق خلال الصلاة الطاهرة القادرة أن تُغَيِّرَ كل شيءٍ، لأن الله يقف مع صاحب القلب المُخْلِص.

اشترك إشعياء مع حزقيا في الصلاة من أجل الخلاص من جيش سنحاريب (32: 20).

2. معاناته من المرض (أي 7: 2 - 10).

3. معاناته من أصدقائه (أي 11: 2 - 13).

الظروف التي عاش فيها حزقيا الملك.

عاش حزقيا الملك في فترة عصيبة حيث امتدت إمبراطورية أشور وتَوَسَّعت جدًا، وصارت موضع رُعْب للأمم المحيطة بيهوذا. استسلمت الأمم لسلطان أشور، وأظهرت كل ترحيبٍ لجيشه، حتى يتجنَّبوا شره، ومع هذا لم تَسْلَمْ أُمة ما من عنف أشور وشراسته.

لقد غزا شلمناصر ملك أشور مملكة إسرائيل، وأخضعها له. وها هو سنحاريب ملك أشور يود أن يغزو مملكة يهوذا ويخضعها لنفسه.

بعد أن قام حزقيا بالإصلاحات الخاصة بالهيكل وعبادة الله الحيّ أثار عدو الخير سنحاريب ليفسد كل ما قام به حزقيا. هذا وقد بدأت بعض الأمم الخاضعة لأشور بالتمرُّد، فقد نجح الفلسطينيون في التخلُّص من سيطرة أشور عليهم. وكان كل من أدوم ويهوذا يود أن يكون لهم استقلالهم مثل الفلسطينيين، خاصة وأن فرعون مصر كان يحثهم على ذلك.

عارض إشعياء بقوة هذا التمرُّد على أشور، ليس فقط لعدم ثقته في مصر التي كانت تثير الأمم على هذا التمرُّد، وإنما لإدراكه أن سياسة مصر وفلسطين لم تكن حسب مشيئة الله. لقد حثَّ النبي الملك حزقيا ألا يشترك في التمرُّد الذي كانت تحركه كوش ومصر (إش 18 - 19).

في نظر الأشوريين في عام 712 ق. م أن حزقيا قام بهدم المذابح الأشورية التي كانت في أرض الموعد، لكنه على الأقل لم يشترك في التمرُّد العلني الذي قام به الفلسطينيون.

في سنة 705 ق. م عندما قُتِلَ سرجون الثاني في معركة مع Cimmerians أثناء غزو آسيا الصغرى، تَعَرَّضت الإمبراطورية الأشورية مرة أخرى لمتاعب كثيرة بسبب العصيان. واجه الإمبراطور الجديد سنحاريب (704 - 681 ق. م) متاعب من كل جانبٍ. منها أن البابليين ثاروا على أشور، وكانوا يزدادون قوة حتى غلبوا أشور في القرن التالي.

شعر حزقيا أن الوقت قد حان لاستقلال يهوذا، فكان يضغط على بعض الفلسطينيين للتحالف (2 مل 18: 8)، كما قام بتقوية حصون أورشليم، وحفر قناة تحت الأرض. كما أرسل مندوبين إلى مصر يطلب عونًا في تمرده. هاجم إشعياء النبي هذا الأسلوب (إش 30: 1 - 7)، لكن الملك لم يُعطِ اهتمامًا لنصائح النبي.

احتاج سنحاريب إلى ثلاث سنوات تقريبًا ليحارب بابل، وفي عام 701 ق. م صار مستعدًا للتحرُّك ضد حركات التمرُّد في الغرب. فقام بتغيير ملك صور الذي التجأ إلى قبرص، وتحطيمه لثورة الفينيقيين سنة 701 ق. م أدى إلى زوال أعظم أسطول بحري في البحر الأبيض المتوسط. بعد سقوط الفينيقيين، تحقق حزقيا أن سنحاريب سينطلق نحو يهوذا. وبالفعل قام سنحاريب بتدمير ست وأربعين مدينة مُحَصَّنة في يهوذا، وقام بترحيل سكانها.

هذه هي الظروف التي دارت فيها الأحداث الواردة في هذا الأصحاح. بحسب ما ورد في يوسيفوس لم يكتفِ سنحاريب بما قَدَّمه حزقيا له، فوضع في قلبه مُحاصَرة المدينة تحت أي ظرف.

إذ اقترب سنحاريب من أورشليم حسب حزقيا أن الموت حلَّ به، فإنه لم يعد يوجد أي مجال للحوار. لأن الدخول في حوار مع سنحاريب معناه التدمير الكامل للمدينة، فهو لا يَقْبَلُ أقل من هذا. هذا ما حدث سنة 722 ق. م في مملكة الشمال، فالمتوقَّع أنه سيسبي شعب يهوذا كما قام بسبي السامرة. بهذا لم يكن أمام حزقيا سوى الجهاد حتى الموت.

1. نزول سنحاريب على مدن يهوذا 1.

2. سنحاريب يتوجَّه لمحاربة أورشليم 2 - 8.

3. بعث رسالة من سنحاريب 9 - 19.

4. حزقيا وإشعياء يصليان 20.

5. إرسال ملاك ينقذ حزقيا 21 – 22.

6. مرض حزقيا وشفاؤه 23 - 24.

7. ارتفاع قلب حزقيا 25 - 31.

8. موت حزقيا ودفنه 32 - 33.

العدد 1

1. نزول سنحاريب على مدن يهوذا

وَبَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ وَهَذِهِ الأَمَانَةِ أَتَى سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ،.

وَدَخَلَ يَهُوذَا، وَنَزَلَ عَلَى الْمُدُنِ الْحَصِينَة، ِ.

وَطَمِعَ بِإِخْضَاعِهَا لِنَفْسِهِ. [1].

جاءت الرواية الخاصة بهجوم سنحاريب ملك أشور تكاد تطابق ما ورد في إشعياء 36 - 39، كلمة بكلمة.

بتدبير إلهي لم تحدث هذه المحنة قبل إتمام الإصلاح، وإلا لتوقَّف العمل تمامًا.

لعل سنحاريب سمع عن كل ما فعله حزقيا وأمانته لله، وكيف ألهب قلوب شعبه بإبادة كل أثرٍ للعبادة الوثنية. شعر سنحاريب أن هذه الآلهة الوثنية لن تعضد حزقيا ولن تحميه.

إن كان عدو الخير قد هَيَّجَ سنحاريب ليُحَطِّمَ حزقيا، ويثير شعبه عليه، ظن أن الله لا ينقذهم من يديه، لكن وقد ترك الرب من جانبه سنحاريب يُجَدِّف عليه إلى حين، ويتهوَّر جدًا في تجديفه وتحدِّيه لحزقيا ولله نفسه، حتى يكشف للشعب قوته وحمايته لهم في أقوى صورة!

الأعداد 2-8

2. سنحاريب يتوجه لمحاربة أورشليم

وَلَمَّا رَأَى حَزَقِيَّا أَنَّ سَنْحَارِيبَ قَدْ أَتَى،.

وَوَجْهُهُ عَلَى مُحَارَبَةِ أُورُشَلِيمَ [2].

يرى القديس كيرلس الكبير أن سنحاريب يرمز إلى الشيطان الذي يرسل من هم تحت سلطانه ليُحَطِّموا كنيسة المسيح، ويُحَقِّقوا هدفه الخبيث، حين يثيرون المعركة ضد أبطال الإيمان، ويسخرون بالمجد الإلهي. لكنه كما يقول: [اليد الإلهية بقوتها لديها الكفاية لخلاص الذين يسلكون في الصلاح، وتحطيم العدو. بالحقيقة إنها تطردهم باتخاذ قرارٍ فعالٍ بقوة لا تُقهَر، وتُحَرِّر المدينة المقدسة التي بلا لوم، أي الكنيسة، فإن أبواب الجحيم لن تقوى عليها (مت 16: 18) [360].].

تَشَاوَرَ هُوَ وَرُؤَسَاؤُهُ وَجَبَابِرَتُهُ عَلَى طَمِّ مِيَاهِ الْعُيُونِ،.

الَّتِي هِيَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، فَسَاعَدُوهُ. [3].

بحكمةٍ واجه حزقيا الملك الخطر الذي يُهَدِّده من جهة أشور. "تشاور هو ورؤساؤه وجبابرته"، وأخذ بنصيحتهم وقام بالإجراءات الواقية. خلال الإعداد للحصار، قام حزقيا ورجاله ببذل كل الجهد لتجريد المنطقة من الماء خارج أورشليم. لقد انتفع سكان أورشليم المُحاصرين بالماء الذي في القناة التي تحت الأرض. هذه القناة ارتفاعها ستة أقدام، منحوتة في حجارة قوية من ينبوع جيحون إلى بركة سلوام [30].

اهتم حزقيا بتقوية أسوار أورشليم. بعد ذلك حث الشعب على الإيمان بخلاص الرب. ما ورد هنا بالتفصيل [2 - 8] لم يرد في الملوك الثاني ولا في كتابات يوسيفوس.

ما يليق بنا ملاحظته أن حزقيا فعل كل ما في استطاعته بجانب ثقته في معونة الله. إنه لم ينكر ضرورة كل جهدٍ بشريٍ للدفاع عن المدينة. ثقته في الرب لم تحمل أية غباوة، بل سندته ثقته في الرب ليبذل كل جهد بحكمةٍ مع الرجوع إلى الخبرة.

لم يهتم كاتب السفر أن يذكر تاريخ العدو، ولا أسماء مندوبي سنحاريب كما فعل ملوك الثاني. ولا ذكر العدد الضخم من الأشوريين الذين هلكوا [21].

فَتَجَمَّعَ شَعْبٌ كَثِيرٌ، وَطَمُّوا جَمِيعَ الْيَنَابِيعِ،.

وَالنَّهْرَ الْجَارِيَ فِي وَسَطِ الأَرْضِ، قَائِلِينَ:

لِمَاذَا يَأْتِي مُلُوكُ أَشُّورَ، وَيَجِدُونَ مِيَاهًا غَزِيرَةً؟ [4].

كان هذا النهر موجودًا في القديم واندثر مع الأيام.

أي جيش مهما بلغت إمكانياته إن حُرِمَ من الماء لبضعة أيام هلك. لذلك أسرع لطمّ مياه العيون التي هي خارج المدينة. قام بتحويل المياه إلى داخل المدينة عن طريق أنابيب تحت الأرض.

وَتَشَدَّدَ وَبَنَى كُلَّ السُّورِ الْمُنْهَدِمِ، وَأَعْلاَهُ إِلَى الأَبْرَاجِ،.

وَسُورًا آخَرَ خَارِجًا، وَحَصَّنَ الْقَلْعَةَ مَدِينَةَ دَاوُدَ،.

وَعَمِلَ سِلاَحًا بِكَثْرَةٍ وَأَتْرَاسًا. [5].

اهتم حزقيا أيضًا بالأسوار، وتَشَدَّد، وبنى كل السور المُنهدِم في أيام أبيه آحاز لقلة الاعتناء به، وأقام أبراجًا عليه. وبنى سورًا آخر خارجًا. قام أيضًا بتحصين المدينة، إذ بنى السور المُنهدِم،، كما عيَّن رؤساء قتال. الأمانة في خدمة الرب لا تعني التواكل أو التراخي في الأعمال الأخرى. الله هو الذي يُحَصِّن، ويهب النصرة للمتوكِّلين عليه، العاملين بحكمة، وليس للمتراخين المُهمِلين.

وَجَعَلَ رُؤَسَاءَ قِتَالٍ عَلَى الشَّعْبِ،.

وَجَمَعَهُمْ إِلَيْهِ إِلَى سَاحَةِ بَابِ الْمَدِينَةِ،.

وَطَيَّبَ قُلُوبَهُمْ، قَائِلاً: [6].

في اجتماع الملك بالقادة خاطبهم بروح الثقة واليقين في عمل الله، أن هذا الغزو سينتهي بالخير لشعب الله. لم يكن مثل أبيه الذي لم يكن له الإيمان ليقويه في وسط الضيق، فقد كانت خطاياه هي مصدر رُعْبه.

تَشَدَّدُوا وَتَشَجَّعُوا. لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَرْتَاعُوا مِنْ مَلِكِ أَشُّورَ،.

وَمِنْ كُلِّ الْجُمْهُورِ الَّذِي مَعَهُ،.

لأَنَّ مَعَنَا أَكْثَرَ مِمَّا مَعَهُ. [7].

جاءت كلمات الملك تعكس خبرة شعب الله والمؤمنين عبر الأجيال، فقد اختبر موسى في حربه مع عماليق، كيف غلبهم، فقد بسط يديه على شكل صليب (2 مل 6: 16)، واختبره أليشع النبي القائل لتلميذه جيحزى: "لا تخف، لأن الذين معنا أكثر من الذين معهم" (2 مل 6: 16).

  • كانت يدا موسى تديران كل الحرب، وهو يهب النصرة والاندحار.

إنه مثل الحاكم وفي كفِّ يديه كان موضوعًا القيام والسقوط، فنصر ودحَرَ من أراد.

ببسط يديه صار مثل الحوذيّ للمعركة، فأمسك البهي رسنَ الصفوف وقوّادهم.

حين كان موسى يحني يدَه كان الشعب ينهزم، وحين كان يرفعها هزمت إسرائيل الشعوب.

جرت الحرب بين الجيوش، وأمَّا النصرة فمن موسى؛

كانت المعارك في الجبهات وأمَّا فعالياتها فبِيَدِّ ثقيل اللسان.

لم ينجُ المحاربون بقوتهم، ولا غلب الودعاء بعنايتهم...

الذين ألقوا لم ينتصروا، والذين أهملوا لم يخسروا، والذين هربوا لم يتمردوا.

الذين حاربوا لم يغلبوا، والذين خسروا لم يبطلوا، والذين سكتوا لم يموتوا.

حين قاتلوا بقوتهم لم ينتصروا، لو لم يرفع موسى يده ويقويهم.

لم يجدوا بسعيهم على الغلبة عونًا، فإذا ظهرت قوة من الأكمة تقوى صفوفهم.

لم ينتصروا بالسيوف المصقولة التي في أيديهم، بل مال ظِل من الجبل، فاشتدت المعركة.

لم يشقوا الصفوف برماح وسهام تروسهم، وكلما قام ابن عمرام (موسى) على قدمَيه كثر القتلى.

لم يدحرهم الأعداء حتى لو سكتوا، لكن لو أهمل موسى قليلاً لركعت الفيالق (الكتائب).

كانت قوة الفريقين عبثًا، لأن القوة التي تُسقِط وتُقِيم كانت (تصدر) من قمة الأكمة.

قُهِرَت الشجاعة في المعركة، لأن حرب الصفوف كانت تديرها يدا موسى.

صار السلاح المصاغ سخرية مع حامليه، لأنه لم يقاوم الظلَ ويغلبه.

سيوف مُستلَّة، وسهام طائرة، وأوتار مطنطنة، لم تقوَ على دحر واحد مُجَرَّدًا من السلاح.

صفوف مجتمعة تُهَدِّد وترمي وتصرخ وتسخر، ورَجل عارٍ ومصلوبٍ على الجبل يحتقرهم.

خيول مطرودة، وأناس في رُعْبٍ، وسلاح يُضرَب، ومصلوب ساكتٌ جُعِلَ له سلطان على النصرة.

ارتبطت معركة الفريقين وتَعَلَّقت بيديه، وبظله سار سلطان الحرب عليهما.

خصام جيشين أسيرٌ بالعصا التي معه، والى أية جهة أمالت نفسَها انتصر الجيش[361].

  • كان أليشع تحرسه الملائكة، وحيثما يمضي تسير معه القوات.

يُحِيط جيش خدام الله بخائفيه، ويُنَجِّيهم من الأضرار (مز 34: 7).

يحيط ساهرو النار به من كل جانب، فلا يقترب منه الخطر ولا التهديد.

أما تلميذه الذي رأى الخيول والقوات العظيمة، فخاف مثل صبي، وارتعب من الأفواج القوية.

خاف وعاد إلى أليشع وهو يرتعب، وقال: آه يا سيدي، كيف نعبر من الفرسان؟ (2 مل 6: 15).

أما أليشع فلم يَخَفْ من الأفواج، ولم يحسب حسابًا لبأس الملوك.

أحاطت به قوات بيت الله، التي كانت أكثر من الجموع المُحِيطة به.

كان يوجد معه ساهرو النار وخدام اللهيب، الذين كانوا أكثر من أن يُحصوا.

ركب أبناء اللهيب (الخيل) ضد الأراميين، ليصيروا سورًا لمختار بيت الله هذا.

حالما أمر الملك ليأتوا إلى أليشع، أمر الله الخدام، وتطلَّعوا قبالتهم.

أشار ربُّ الكل إلى جوقة اللهيب، وامتطت لتطرد المُفسِدين عن أليشع.

ركبوا وخرجوا من معسكر السماويّين، ليقلقوا هؤلاء الذين أتوا إلى الجميل.

امتلأ الجبل بفرسان النار وخيول النار والقوات ضد قوة المحاربين.

أحاطوا به حتى ينثروا الجمرات، وينقذوه من أيدي الأراميين، إن اقتربوا منه.

أحاط عبيد الملك بالقرية ليصطادوه، ونزل عبيد الرب على الجبل لينقذوه.

نار الخدام مخفية في أشخاصهم، وصامتة، وحاضرة لتظهر بأسها إن طُلب منها.

امتطت النار خيول اللهيب المخيفة، ووقفت لتحرق إن حدث شيء ما لأليشع[362].

القديس مار يعقوب السروجي.

مَعَهُ ذِرَاعُ بَشَرٍ،.

وَمَعَنَا الرَّبُّ إِلَهُنَا لِيُسَاعِدَنَا وَيُحَارِبَ حُرُوبَنَا.

فَاسْتَنَدَ الشَّعْبُ عَلَى كَلاَمِ حَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا. [8].

سعى الملك إلى تهدئة مخاوفهم، إذ طَيَّب قلوبهم، قائلاً: "تشددوا وتشجعوا. لا تخافوا ولا ترتاعوا من ملك أشور، ومن كل الجمهور الذي معه، لأن معنا أكثر مما معه. معه ذراع بشر ومعنا الرب إلهنا، ليساعدنا ويحارب حروبنا". لم يقل "ليساعدنا فنحاربهم، إنما قال: ليساعدنا ويحارب حروبنا"! لقد شَجَّعهم إشعياء النبي بقوله: "ولكن هكذا يقول السيد رب الجنود: لا تخف من أشور يا شعبي الساكن في صهيون. يضربك بالقضيب، ويرفع عصاه عليك على أسلوب مصر. لأنه بعد قليل جدًا يتم السخط وغضبي في إبادتهم، ويقيم عليه رب الجنود سوطًا كضربة مديان عند صخرة غُراب، وعصاه على البحر، ويرفعها على أسلوب مصر" (إش 10: 24 - 26).

يصف إشعياء النبي موقف حزقيا النبي، قائلاً: "الملك ببهائه تنظر عيناك... انظر صهيون مدينة أعيادنا. عيناك تريان أورشليم مسكنًا مطمئنًا، خيمة لا تنتقل، لا تُقلع أوتادها إلى الأبد، وشيء من أطنابها لا ينقطع، بل هناك الرب العزيز..." (إش 33: 17 - 21).

الأعداد 9-19

3. بعث رسالة من سنحاريب

بَعْدَ هَذَا أَرْسَلَ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ عَبِيدَهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ.

(وَهُوَ عَلَى لَخِيشَ وَكُلُّ سَلْطَنَتِهِ مَعَهُ).

إِلَى حَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا وَإِلَى كُلِّ يَهُوذَا الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ، يَقُولُونَ: [9].

يروي سفر الملوك الثاني (2 مل 18 - 19) قصة تجديف سنحاريب على الله، وصلاة حزقيا، وخلاص أورشليم من دمار جيش أشور بأكثر تفصيل، وجاءت هنا باختصار.

يظهر في القصة خبث عدوّ الخير: كان سنحاريب مشغولاً بمحاصرة لخيش، لكنه إذ سمع أن حزقيا يقوم بتحصين أورشليم، ويُشَدِّد شعبه بروح الإيمان، بعث برسلٍ يلقون الرعب في قلب حزقيا وشعبه، لكي يُسَلِّموا المدينة قبل أن يأتي بنفسه قائدًا جيشه. بخبثٍ وَجَّه الحديث إلى الشعب، لكي يزعزع ثقتهم وولاءهم لحزقيا. استعرض خلال رسله نصراته على شعوب كثيرة، التي لم تستطع آلهتهم أن تحميهم، فلماذا يخدعهم حزقيا بأن إلههم ينقذهم من يديه؟

هَكَذَا يَقُولُ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ:

عَلَى مَاذَا تَتَّكِلُونَ وَتُقِيمُونَ فِي الْحِصَارِ فِي أُورُشَلِيمَ؟ [10].

حسبهم سنحاريب محاصرين قبل أن يتم الحصار، ولم يدرك أنه هو وجيشه سيصيرون مُحاصَرين من الله.

أَلَيْسَ حَزَقِيَّا يُغْوِيكُمْ، لِيَدْفَعَكُمْ لِلْمَوْتِ بِالْجُوعِ وَالْعَطَشِ، قَائِلاً:

الرَّبُّ إِلَهُنَا يُنْقِذُنَا مِنْ يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ. [11].

لم يدرك سنحاريب أن أورشليم تمتلك لنفسها ينابيع المياه الخفية.

أَلَيْسَ حَزَقِيَّا هُوَ الَّذِي أَزَالَ مُرْتَفَعَاتِهِ، وَمَذَابِحَهُ،.

وَقَالَ لِيَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ:

أَمَامَ مَذْبَحٍ وَاحِدٍ تَسْجُدُونَ، وَعَلَيْهِ تُوقِدُونَ؟ [12].

أَمَا تَعْلَمُونَ مَا فَعَلْتُهُ أَنَا وَآبَائِي بِجَمِيعِ شُعُوبِ الأَرَاضِي؟

فَهَلْ قَدِرَتْ آلِهَةُ أُمَمِ الأَرَاضِي أَنْ تُنْقِذَ أَرْضَهَا مِنْ يَدِي؟ [13].

  • كشف ربشاقي عن حقده الهمجي، ونطق بكلمات وقحة ضد الله، مفتخرًا بصوتٍ عالٍ على كل المدن التي للأمم والتي أسرها الأشوري، فإنه ليست مدينة منها خلصت بواسطة آلهتها الباطلة.

لم يكن (ربشاقي) مُدرِكًا أنها أخشاب وحجارة، من صنع أيادٍ بشريةٍ ليس إلا. أما إله يهوذا فعلى عكس هذا، بل بالحري إله كل المسكونة، هو الله الحقيقي، ليس بالمُبتدَع حديثًا، بل هو خالق كل الأجيال، صانع كل الأشياء، رب القوات. ظن ربشاقي أنه يوجد دليل واضح أنهم جميعًا سوف يصيرون أسرى، حتى وإن جاء الله في عظمته ليُعِينَهم، فإنه بالحقيقة ليس من بين آلهة اليونانيين من نجح في إنقاذ مدنه أو أرضه التي كُرِّم فيها...

وكما قلت سابقًا، إن كان لم ينقذ أحد آلهة الأمم شعبه، فإن هذا ليس حقيقي بالنسبة لمن هو الله الحقيقي بالطبيعة، فهو الله في عظمته، أما الآلهة الأخرى، فهي من اختراعٍ بشري لا تساوي شيئًا، بينما الأخير هو ضابط كل الأشياء، يَتَمَتَّع بسلطانٍ لا يُقهَر، وهو رب القوات[363].

القديس كيرلس الكبير.

مَنْ مِن جَمِيعِ آلِهَةِ هَؤُلاَءِ الأُمَمِ الَّذِينَ حَرَّمَهُمْ آبَائِي،.

اسْتَطَاعَ أَنْ يُنْقِذَ شَعْبَهُ مِنْ يَدِي،.

حَتَّى يَسْتَطِيعَ إِلَهُكُمْ أَنْ يُنْقِذَكُمْ مِنْ يَدِي؟ [14].

وَالآنَ لاَ يَخْدَعَنَّكُمْ حَزَقِيَّا، وَلاَ يُغْوِيَنَّكُمْ هَكَذَا، وَلاَ تُصَدِّقُوهُ،.

لأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ إِلَهُ أُمَّةٍ أَوْ مَمْلَكَةٍ أَنْ يُنْقِذَ شَعْبَهُ مِنْ يَدِي وَيَدِ آبَائِي.

فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِلَهُكُمْ لاَ يُنْقِذُكُمْ مِنْ يَدِي! [15].

وَتَكَلَّمَ عَبِيدُهُ أَكْثَرَ ضِدَّ الرَّبِّ الإِلَهِ وَضِدَّ حَزَقِيَّا عَبْدِهِ. [16].

وَكَتَبَ رَسَائِلَ لِتَعْيِيرِ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ، وَلِلتَّكَلُّمِ ضِدَّهُ، قَائِلاً:

كَمَا أَنَّ آلِهَةَ أُمَمِ الأَرَاضِي لَمْ تُنْقِذْ شُعُوبَهَا مِنْ يَدِي،.

كَذَلِكَ لاَ يُنْقِذُ إِلَهُ حَزَقِيَّا شَعْبَهُ مِنْ يَدِي. [17].

وَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ بِالْيَهُودِيِّ إِلَى شَعْبِ أُورُشَلِيمَ،.

الَّذِينَ عَلَى السُّورِ لِتَخْوِيفِهِمْ وَتَرْوِيعِهِمْ لِيَأْخُذُوا الْمَدِينَةَ. [18].

وَتَكَلَّمُوا عَلَى إِلَهِ أُورُشَلِيمَ كَمَا عَلَى آلِهَةِ شُعُوبِ الأَرْضِ،.

صَنْعَةِ أَيْدِي النَّاسِ. [19].

كان سنحاريب يأمل أن يغزو المدينة ويسبي الشعب دون حاجة إلى الدخول في معركةٍ معهم. فكثير من الأمم سَلَّمت نفسها له، بل واستقبلت جيشه بالرقص والغناء، ومع هذا لم يحسن معاملتهم. ما قاله سنحاريب سبق أن قاله أعداء داود: "ليس له خلاص بإلهه" (مز 3: 2؛ 71: 11). لقد دعا الله الحيّ "إله أورشليم" [19]، حاسبًا إيّاه إلهًا لمدينة واحدة كسائر آلهة الأمم، وليس خالق السماء والأرض.

العدد 20

4. حزقيا وإشعياء يصليان

فَصَلَّى حَزَقِيَّا الْمَلِكُ وَإِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ النَّبِيُّ لِذَلِكَ،.

وَصَرَخَا إِلَى السَّمَاءِ [20].

كانت الضيقة فرصة للصلاة والصراخ إلى الله الساكن في السماوات، مسكن عرشه.

إذ سمع حزقيا الملك من ألياقيم وشبنة كلمات سنحاريب ملك أشور على لسان مندوبه ربشاقي (2 مل 19: 1)، بعثهما إلى إشعياء النبي، يُعَبِّران بملامحهما ومشاعرهما عما قاله ربشاقي. لقد ارتديا المسوح، وقالا لإشعياء: "هكذا يقول حزقيّا: هذا اليوم يوم شدةٍ وتأديبٍ وإهانةٍ، لأن الأجنَّة قد دَنَتْ إلى المَولِد، ولا قوة للولادة!" (2 مل 19: 3). اعترف حزقيا بأن مملكة يهوذا بلا قوة، في وقتٍ تحتاج أن تكون قوية للغاية، لتواجه القوة العظمى في العالم، أي أشور. ما كان يشغل قلب حزقيا ليس فقط جسارة ربشاقي ليُعَيِّر الله الحي، وإنما أنه حلَّ يوم شدة وتأديب وإهانة على يهوذا وأورشليم.

لقد شبَّه هذا اليوم بيوم ولادة عسيرة مع عدم وجود قوة للولادة. لقد طالت مدة الطَلْقِ، فخارت قوى يهوذا، وصارت عاجزة عن الولادة، ويحتاج الأمر إلى تدخُّل الله نفسه صانع العجائب. فالأمر خطير للغاية، ويحتاج إلى عونٍ إلهي.

صرخ كل من حزقيا الملك وإشعياء النبي إلى السماء، ولم يكن الساكن في السماء بعيدًا عنهما. بالصلاة إليه كان قريبًا جدًا إليهما.

  • ذاك الذي يُخَلِّص ليس على مسافة بل قريب، وجاءت محصلة الطلبات (بسرعة)، بعد الصلاة مباشرةً... غيرة القديسين جديرة بالإطراء جدًا، وعندما يُسَاء إلى مجد الله، يهب فرحًا لهم عندما يحزنون[364].

القديس كيرلس الكبير.

  • هذا اليوم يوم شدةٍ وتأديبٍ وإهانةٍ... "رسم تشبيهًا بامرأة تعاني من آلام الولادة، فقد جاء وقت الطلق، وهي عاجزة عن الولادة، بمعنى أننا نحبل بالخوف منك، ونحن نعاني، ونلد بروح الخلاص[365].

القديس جيروم.

الأعداد 21-22

5. إرسال ملاك ينقذ حزقيا

فَأَرْسَلَ الرَّبُّ مَلاَكًا،.

فَأَبَادَ كُلَّ جَبَّارِ بَأْسٍ وَرَئِيسٍ وَقَائِدٍ فِي مَحَلَّةِ مَلِكِ أَشُّورَ.

فَرَجَعَ بِخِزْيِ الْوَجْهِ إِلَى أَرْضِهِ.

وَلَمَّا دَخَلَ بَيْتَ إِلَهِهِ، قَتَلَهُ هُنَاكَ بِالسَّيْفِ،.

الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ أَحْشَائِهِ. [21].

تجديف الأعداء الأشرار يُلفِت نظر الله، إن صحَّ التعبير، وصراخ شعبه المتألم أيضًا يلفت نظره إليهم.

إذ استخف سنحاريب بإله القوات، لمس بيديه كيف في ليلة واحدة مات 185 ألفًا من جيشه بدون سلاح بشري. وإذ عاد إلى معبد إلهه نسروخ يحمل مشاعر الغيظ والضيق، إذا به يُقتَل بأيدي ابنيه.

  • إنه يفضح تجاوزات عجرفة الفارسي (الأشورى) وأفكاره الغبية، وبشاعة افتخاره، فإن الفارسيين والأشوريين ينسبون لسلطانهم كل منجزاتهم: غزوهم للبلاد، وعبورهم الأنهار[366].

القديس كيرلس الكبير.

وَخَلَّصَ الرَّبُّ حَزَقِيَّا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ مِنْ سَنْحَارِيبَ مَلِكِ أَشُّورَ،.

وَمِنْ يَدِ الْجَمِيعِ، وَحَمَاهُمْ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. [22].

في وسط الضيق يميل الرب أذنه ليَسمعنا، ويُعطِينا أكثر مما نسأل، وفوق ما نطلب. كل ما اشتهاه الملك والشعب هو أن ينقذهم من يد سنحاريب وجيشه، لكن الرب خَلَّصهم أيضًا "من يدِّ الجميع، وحماهم من كل ناحية". وأعطاهم كرامة في أعين جميع الأمم.

  • مات العدد الضخم من الأشوريين ليس بقدرة يهودية، وليس بسَحْبِ أحد القوس عليهم، وليس ببراعة الضرب برمح في معركة، ولا بأن استل أحد سيفًا، أو بقوة الخيل، وإنما بمبادرة ملاك.

في المعركة حطَّمهم بقدرة لا يُعَبَّر عنها، فجلب جثثًا ميتة بلا عددٍ.

انظروا فإن سنحاريب مع كونه قائدًا، ارتعب لِمَا حدث بطريقة معجزية، ورجع إلى بيته، وقد سُلِبَ منه جيشه تمامًا. عاد إلى نينوى في بؤسٍ[367].

القديس كيرلس الكبير.

الأعداد 23-24

6. مرض حزقيا وشفاؤه

وَكَانَ كَثِيرُونَ يَأْتُونَ بِتَقْدِمَاتِ الرَّبِّ إِلَى أُورُشَلِيمَ،.

وَتُحَفٍ لِحَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا،.

وَاُعْتُبِرَ فِي أَعْيُنِ جَمِيعِ الأُمَمِ بَعْدَ ذَلِكَ. [23].

رأى الشعب بنفسه يد الله القوية التي تحمي من يلجأ إليه، فجاءوا بتقدمات للرب، وهدايا للملك، إذ حسبوه صديقًا للرب.

فِي تِلْكَ الأَيَّامِ مَرِضَ حَزَقِيَّا إِلَى حَدِّ الْمَوْتِ،.

وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ، فَكَلَّمَهُ، وَأَعْطَاهُ عَلاَمَةً. [24].

لم يُذكَرْ مرض حزقيا سوى في آية واحدة [24]، فقد سبق وورد ذلك بالتفصيل في 2 مل 20: 1 - 11؛ إش 38: 1 - 8، 21 - 22، ويوسيفوس[368].

  • مرض حزقيا للموت، فقال له النبي إنه يموت وأن يُدَبِّرَ بيته. الآن قيل هذا ليس عن جهلٍ أنه سيعيش، وسيهرب من النتيجة الرهيبة للمرض كثمرٍ لمراحم (الله)، بل بالحري يدعوه ويحثه أن يُصَلِّي، لكي بطلبته ينعم بالرحمة. فإن (الله) فوق كل شيءٍ رءوف على الذين يُحِبُّونه، ويهب المُخْلِصين طلباتهم، ويَقْبَل صلواتهم التي يُقَدِّمونها كما حدث في هذه الحالة...

يفرح إله الكل بحياتهم التقوية، ويقبل رغبات الذين يمارسون الحياة المستقيمة عندما يراهم في دموعٍ، وترتبط صلواتهم بالتعب[369].

القديس كيرلس الكبير.

أعطاه الرب علامة، وردت في إش 38: 8 "هأنذا أرجع ظل الدرجات الذي نزل في درجات آحاز بالشمس عشر درجات إلى الوراء. فرجعت الشمس عشر درجات في الدرجات التي نزلتها". وكما يقول القديس كيرلس الكبير: [لقد ثبَّت إيمانه أن ما وعده به يتحقق، بعلامةٍ خاصة بالشمس برجوع الظل عشر درجات. الآن قيل إن والد حزقيا آحاز صنع بمهارةٍ وحذقٍ عشر درجات في بيته، مثل أولئك الذين يصنعون ساعات لقياس تحرُّكات الشمس. هكذا أوضح الله أن حزقيا سيعود إلى الحياة كانسحاب ظل الشمس، وامتداد النهار بطريقة فريدة. ليس شيء ما ليس في سلطان إله الكل، فما يختاره يتحقق ببساطة بمُجَرَّد أنه يريده[370].].

الأعداد 25-31

7. ارتفاع قلب حزقيا

وَلَكِنْ لَمْ يَرُدَّ حَزَقِيَّا حَسْبَمَا أُنْعِمَ عَلَيْهِ،.

لأَنَّ قَلْبَهُ ارْتَفَعَ،.

فَكَانَ غَضَبٌ عَلَيْهِ وَعَلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ. [25].

لم يُدرِك أحد ممن هم حوله بما سقط فيه حزقيا، إذ بدا كإنسانٍ مؤمنٍ بريءٍ، غير أن الله غضب عليه من أجل كبرياء قلبه وتشامخه الخفي.

مع كل ما لحزقيا من حكمةٍ واستقامةٍ، غير أنه لم يحتمل الكرامة التي قُدِّمَت له، خاصة بسبب نصرته على أشور وشفائه من مرضٍ مُستعصى. لم يكن له فضل في شيءٍ، غير أن قلبه ارتفع بسبب الكرامة. لقد قَدَّمت له الأمم المجاورة هدايا، وأرسل ملك بابل سفراء لملاطفته والتودُّد إليه. لقد غلب حزقيا عبادة الأوثان بينما سقط في تأليه نفسه. كان يليق به عوض الكبرياء أن يُرَدِّدَ: "ماذا أَرُد للرب من أجل كثرة إحساناته لي؟" (مز 116: 12).

ما حدث لحزقيا يدعونا إلى الآتي:

1. أن نطلب من روح الله القدوس أن يعمل فينا، حتى لا تنحرف قلوبنا عن طريق الاستقامة.

2. أن نُقَدِّمَ الشكر لله على أعماله معنا.

3. أن نصلي من أجل القيادات، حتى لا تسقط فيما سقط فيه داود حين أحصى الشعب، ولا فيما سقط فيه حزقيا الذي ارتفع قلبه.

يوضح لنا إشعياء النبي ما حدث، فإنه إذ أرسل ملك بابل رسائل وهدية إلى حزقيا (إش 39: 1)، عوض الحديث مع الرسل عن عمل الله معه، فرح بهم حزقيا، وأراهم بيت ذخائره، وكل بيت أسلحته، وكل ما وُجِدَ في خزائنه. لم يكن شيء لم يرهم إياه حزقيا في بيته وفي كل ملكه "(إش 39: 2 - 3).

يرى القديس كيرلس الكبير أنه من الظاهر أرسل ملك بابل الرسل والهدايا ليُهَنِّئَ حزقيا على شفائه، لكن الحقيقة أن البابليين والكلدانيين كانوا بارعين في الفلك وحركات الكواكب، فدهشوا عندما لاحظوا أن اليوم قد طال بطريقة فريدة لم يستطيعوا تبريرها في دراستهم، وأن هذا تم كتحقيق لوعد الله لحزقيا. كما دهش مردوخ ملك بابل لما فعله الله لإنقاذ أورشليم من حصار ربشاقي (قائد جيش سنحاريب)، وكيف ضرب ملاك الرب في ليلة واحدة 185 ألفًا، فصاروا جثثًا ميتة (إش 37: 36 - 37). لكن حزقيا لم يُمَجِّدْ الله أمامهم، بل سقط في الكبرياء.

  • وصل الرسل يحملون إعجاب مردوخ لبرِّ حزقيا كثمرة لهذه العلامات الإلهية، يسألون الإيمان. من الجانب الآخر، كان يليق لحزقيا أن يُقَدِّمَ حسابًا متوهجًا للذين وصلوا إليه من بابل عن عون الله القدير في الوقت المناسب، وعن عظمة الأعمال المجيدة غير العادية، من سمو عمل الله الفائق، وسلطان رب الجميع الذي لا يُغلَبْ، فيعودون إلى بلدهم أغنياء بمعرفة الله خلال تعليم المعلمين الذين عيَّنهم (حزقيا)، وبهذا يصيرون سبب نفع للآخرين بنقل ما تَعَلَّموه. عوض أن يحدث هذا، حمل البطلان البشري، ونسب شهرته لا للكرامات التي قَدَّمها له الله، وإنما لغِنَى مملكته[371].

القديس كيرلس الكبير.

ثُمَّ تَوَاضَعَ حَزَقِيَّا بِسَبَبِ ارْتِفَاعِ قَلْبِهِ،.

هُوَ وَسُكَّانُ أُورُشَلِيمَ،.

فَلَمْ يَأْتِ عَلَيْهِمْ غَضَبُ الرَّبِّ فِي أَيَّامِ حَزَقِيَّا. [26].

التواضع أمام الرب هو الطريق العملي للتمتُّع بمراحمه وحنوه، بينما بسبب الكبرياء يُؤدِّبنا بتسليمنا في يد الأعداء.

  • رذيلة الكبرياء مكروهة في عين الله، كما يقول الكتاب المقدس: "أول كبرياء الإنسان، ارتداده عن الرب" (سيراخ 10: 12). وفي موضع آخر يقول الكتاب: "يقاوم الله المستكبرين، وأما المتواضعون، فيعطيهم نعمة" (1 بط 5: 5). لذلك إذا احتقر أحدهم تواضع المسيح من أجلنا "الذي إذ كان في صورة الله... وُجِدَ في الهيئة كإنسانٍ، وضع نفسه، وأطاع حتى الموت" (في 2: 6 - 8). أيضًا إذا ارتفع واندفع نحو السلطة والمراتب العالية والسعي وراء المهارات التي تساعده على الحصول على كل ذلك حتى ولو تعارض مع إيمانه وديانته لا يتفادى ولا يرتجف طالما يحصل على شهواته، بعد ذلك يحدث كما هو مكتوب: "فعمل الشر في عيني الرب" (قض 3: 7). فبعد أن يحصل على أعلى درجات القوة (عالميًا)، ويصعد إلى أعلى مراتب العظمة، حينئذ يسقط ويُسَلَّم إلى "كوشان رشعتايم"، إلى واحدٍ من (أتباع) "رئيس سلطان الهواء" (أف 2: 2) تمامًا مثلما حدث في أيام فرعون (خر 1: 11)، وفي وقت حيرام ملك صور (1مل 9: 11). فإن الله يذل الشخص الذي يتعالى بشدة، ويضعفه ويتآكل إلى أن يرجع إلى رشده، ويبحث عن الله. إنه عندما يستمر في زهوه وتمجيده لذاته، لا يعرف الله[372].

العلامة أوريجينوس.

  • أتريد أن تعرف ما هي قوة التوبة؟

أتريد أن تعلم سلاح الخلاص القوي وتدرك قوة الاعتراف؟

حزقيا بالاعتراف ضرب خمسة وثمانين ألفًا ومائة من أعدائه (2 مل 19: 25). يا له من أمر عظيم، لكنه يُحسَب قليلاً بالنسبة لما أذكره لك. إذ بالتوبة استطاع الملك أن يحصل على تغيير في القول الإلهي الذي نطق به فعلاً. إذ لما مرض، قال له إشعياء: "أوصِ بيتك، لأنك تموت ولا تعيش" (2 مل 20: 1). هل يمكن أن يقوم استثناء بعد، أو يوجد رجاء شفاء بعدما قال له النبي: "لأنك تموت"؟!

لكن حزقيا لم يكف عن التوبة. وبتَذَكُّرِه ما هو مكتوب: "متي رجعت وبكيت تخلص" (راجع إش 30: 15)، اتَّجَه بوجهه إلى الحائط وهو على سريره، رافعًا ذهنه إلى السماء (حيث لا تعوق الحائط بلوغ الصلوات بورعٍ إلى السماء) وقال: "اذكرني يا رب. يكفي أن تذكرني فأشفى!" (راجع إش 38).

إنك لا تخضع للزمان، بل أنت خالق القانون. أنت واهب قانون الحياة وتدبيرها حسب إرادتك، إذ لا تعتمد حياتنا على يوم ميلادنا، ولا على اقتران النجوم معًا في برجٍ واحد كما يظن البعض في غباوة.

ذاك الذي كان يمكنه ألاّ يرجو الحياة بسبب العبارة النبوية، صار له خمسة عشر عامًا مُضافَة إلى حياته، وكانت العلامة أن الشمس رجعت إلى خلف عشر درجات (2 مل 20: 11).

حسنًا! من أجل حزقيا رجعت، وأمّا من أجل المسيح انكسفت. لم ترجع درجات بل انكسفت مُعلِنة بذلك الفارق بين حزقيا ويسوع!...

أرجعوا ونوحوا على أنفسكم! أغلقوا أبوابكم وصَلُّوا لكي يغفر لكم!

صَلُّوا لكي ينزع عنكم النار المُحرِقة، لأن له السلطان أن يطفئ حتى النار، وله قوة أن يبكم حتى الأسود! [373].

القديس كيرلس الأورشليمي.

وَكَانَ لِحَزَقِيَّا غِنًى وَكَرَامَةٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا.

وَعَمِلَ لِنَفْسِهِ خَزَائِنَ لِلْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَالْحِجَارَةِ الْكَرِيمَةِ وَالأَطْيَابِ وَالأَتْرَاسِ،.

وَكُلِّ آنِيَةٍ ثَمِينَةٍ [27].

أغدق الله على حزقيا بعطايا كثيرة وغِنَى وكرامة، فبنى لنفسه خزائن للفضة والذهب والحجارة الكريمة والأطياب والأتراس وكل آنية ثمينة.

وَمَخَازِنَ لِغَلَّةِ الْحِنْطَةِ وَالْمِسْطَارِ وَالزَّيْتِ،.

وَإِسْطَبْلاَتٍ لِكُلِّ أَنْوَاعِ الْبَهَائِمِ وَلِلْقُطْعَانِ. [28].

وَعَمِلَ لِنَفْسِهِ أَبْرَاجًا،.

وَمَوَاشِيَ غَنَمٍ وَبَقَرٍ بِكَثْرَةٍ،.

لأَنَّ الله أَعْطَاهُ أَمْوَالاً كَثِيرَةً جِدًّا. [29].

أعطاه الله فوق ما كان حزقيا يظن: "أعطاه أموالاً كثيرة جدًا".

وَحَزَقِيَّا هَذَا سَدَّ مَخْرَجَ مِيَاهِ جَيْحُونَ الأَعْلَى،.

وَأَجْرَاهَا تَحْتَ الأَرْضِ إِلَى الْجِهَةِ الْغَرْبِيَّةِ مِنْ مَدِينَةِ دَاوُدَ.

وَأَفْلَحَ حَزَقِيَّا فِي كُلِّ عَمَلِهِ. [30].

تَحَوَّلت الضيقة أيضًا للخير، فمن أجل توقُّع هجوم أشور عليه، قام بتحويل مياه جيحون، فجاءت إلى داخل المدينة في البركة العتيقة (إش 22: 11)، والبركة العليا (إش 7: 3)، وفي مكان جديد يُدعَى "البركة السفلى" (إش 22: 9).

جعل حزقيا ينابيع جيحون وينابيع البحر الجاري يمتدان داخل أسوار أورشليم. يقول المرتل: "كل ينابيعي فيكِ" (مز 87: 7)، ويقول الحكيم: "اشرب مياها من جبك، ومياها جارية من بئرك" (أم 5: 15) ". كل ينابيعنا هي الثالوث الساكن فينا، يفيض بالحب الإلهي فينا.

  • توجد آبار عندما توجد مياه خفية جارية وقوية في الكلمة والتعاليم، عندما تُزال عنها الأمور الدنيئة التي تغطيها. لذلك من الضروري لكل أحد أن يُعدَّ بئرًا لنفسه، لكي ما يحرس الأمر السابق ذكره، القائل: "اشرب مياهًا من جبكcistern، ومياهًا جارية من بئرك" (أم 5: 15). بهذا نُدعَى أبناء الذين حفروا الآبار، إبراهيم وإسحق ويعقوب. لكننا لا نحفر هوة (حفرة) لئلا نسقط فيها، كما قيل هنا في هذا الموضع. وبهذا نفشل في سماع الكلمات الواردة في إرميا لتوبيخ الخطاة، إذ يقول عنهم الله ما سبق أن أشرنا إليه: "تركوني أنا ينبوع المياه الحيَّة، وحفروا لأنفسهم أحواض أرضية lakkous، أحواض أرضية مكسورة، لا تضبط ماءً" (إر 2: 13) [374].

القديس باسيليوس الكبير.

وَهَكَذَا فِي أَمْرِ سُفَرَاءِ رُؤَسَاءِ بَابِلَ الَّذِينَ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ،.

لِيَسْأَلُوا عَنِ الأُعْجُوبَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الأَرْضِ،.

تَرَكَهُ الله لِيُجَرِّبَهُ لِيَعْلَمَ كُلَّ مَا فِي قَلْبِهِ. [31].

جاء سفراء رؤساء بابل، لا ليحاربوا، إنما ليبتهجوا، ويسألونه عن أمرين:

1. كيفية نواله نصرة أكيدة وهلاك الأشوريين أعداء بابل الأقوياء.

2. إذ كانت الشمس هي إلههم لم تخدمهم، بل خدمت الذي يعبد الله الحي، فكرَّمته برجوعها عشرة درجات. اعتبروا حزقيا شخصًا عجيبًا ينحني له إلههم (الشمس) احترامًا. لكن للأسف افتخر حزقيا بغناه، وفرح بتكريم هذه البعثة له، كما جاء في سفر الملوك.

الأعداد 32-33

8. موت حزقيا ودفنه

وَبَقِيَّةُ أُمُورِ حَزَقِيَّا وَمَرَاحِمُهُ،.

مَكْتُوبَةٌ فِي رُؤْيَا إِشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ النَّبِيِّ،.

فِي سِفْرِ مُلُوكِ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيلَ. [32].

في هذا الأصحاح ما شغل الكاتب حالة حزقيا الروحية، لا إنجازاته السياسية والعسكرية.

ثُمَّ اضْطَجَعَ حَزَقِيَّا مَعَ آبَائِهِ،.

فَدَفَنُوهُ فِي عَقَبَةِ قُبُورِ بَنِي دَاوُدَ،.

وَعَمِلَ لَهُ إِكْرَامًا عِنْدَ مَوْتِهِ كُلُّ يَهُوذَا وَسُكَّانِ أُورُشَلِيمَ.

وَمَلَكَ مَنَسَّى ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. [33].

أكرمه الشعب عند موته:

1. كتب إشعياء النبي قصة حياته وأعماله في الرب.

2. دفنه الشعب في عقبة قبور بني داود.

3. غالبًا عملوا له حريقة كبيرة، فقد كانت العادة أن تُحرق أطياب ثمينة أثناء إقامة جنازة الملوك، وأيضًا مناحة عظيمة كتلك التي ليوشيا.

من وحي 2 أي 32.

لتكن معي، ولتحارب حروبي!

  • إلهي، كم أنت عجيب في حُبِّك لي!

خلقتني لأحيا على الأرض، كما في فردوسٍ مبهجٍ!

بعصياني أعطيتك القفا لا الوجه،.

عزلتُ نفسي عنك يا مصدر سعادتي!

تحولت الأرض إلى أرض معركة مع إبليس وقوات الظلمة.

  • لأسمع صوتك على لسان حزقيا التقي:

لا تخافوا ولا ترتاعوا من ملك أشور،.

ومن كل الجمهور الذي معه.

لأن معنا أكثر مما معه!

أنت معنا، تساعدنا وتحارب حروبنا!

أختفي فيك يا رب القوات،.

فلا يقترب مني إبليس وكل قواته.

أنت ترسي وحصني وخلاصي!

  • لن ألجأ إلى ذراعٍ بشريٍ، ولن تسبيني حكمة بشرية،.

فإنك تُحَرِّك القوات الملائكية لتنقذني.

لقد أتيتَ بنفسك، وستأتي لتَعْبُرَ بي إلى الأبدية.

  • احتاج حزقيا الملك إلى إشعياء ليصلي معه ولأجله.

ها أنا اطلب من كل آبائي وإخوتي الذين في الفردوس.

يسندونني بصلواتهم أمام عرش النعمة.

قلوبهم مُلتهِبة بالشوق نحو خلاص كل بشرٍ!

تسابيحهم لك ممزوجة بالحب لإخوتهم المجاهدين.

كما من المرض المستعصي،.

سقط في الكبرياء، وافتخر بغناه أمام الغرباء.

غلب الأعداء الذين هم في الخارج،.

لكنه انحدر بسبب الكبرياء الذي استعبده.

بالتواضع اقتني رحمتك!

هَبْ لي روح التواضع، فأقترب إليك.

ألتصق بك كل أيام غربتي.

احفظني إلى النفس الأخير!


[357] Homily 11: 3 on Psalm 7.

[358] The Origin of Man, homily 2: 4. ترجمة: ريمون يوسف.

[359] رسالة 44 إلى راهبٍ ساقط.

[360] Commentary on Isaiah, chapter 37.

[361] راجع الميمر 158 الدكتور بهنام سوني؛ الخوري بولس الفغالي، ص 165 - 167.

[362] الميمر 120 الخامس على أليشع وعلى رؤيا القديسين القادرة أن ترى الخفايا (راجع نص الأب بولس بيجان والدكتور بهنام سوني؛ وترجمة الخوري بولس الفغالي: عظات حول أليشع النبي، 2003، ص 128 - 130).

[363] Commentary on Isaiah, chapter 36.

[364] Commentary on Isaiah, chapter 37.

[365] Commentary on Isaiah, 11: 37: 1 - 7.

[366] Commentary on Isaiah, chapter 37.

[367] Commentary on Isaiah, chapter 37.

[368] Antiq. 10: 2: 1.

[369] Commentary on Isaiah, chapter 38.

[370] Commentary on Isaiah, chapter 38.

[371] Commentary on Isaiah, chapter 39.

[372] عظات العلامة أوريجينوس على سفر القضاة: العظة الثالثة، 1. ترجمة الشماس بيشوي بشرى فايز.

[373] مقالاته لطالبي العماد، 2: 16.

[374] Homily 11: 8 on Psalm 7.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلأَصْحَاحُ الثَّالِثُ وَالثَّلاَثُونَ - سفر أخبار الأيام الثاني - القمص تادرس يعقوب ملطي

اَلأَصْحَاحُ الْحَادِي وَالثَّلاَثُونَ - سفر أخبار الأيام الثاني - القمص تادرس يعقوب ملطي

تفاسير أخبار الأيام الثاني الأصحاح 32
تفاسير أخبار الأيام الثاني الأصحاح 32