اَلأَصْحَاحُ الْخَامِسُ عَشَرَ – سفر أخبار الأيام الثاني – القمص تادرس يعقوب ملطي

هذا الفصل هو جزء من كتاب: 14- تفسير سفر أخبار الأيام الثاني – القمص تادرس يعقوب ملطي.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

اَلأَصْحَاحُ الْخَامِسُ عَشَرَ

إصلاحات آسا الداخلية.

الدخول في عهد مع الله.

الآن إذ عاد آسا إلى أورشليم، مُحمَّلاً بالغنائم، ومتهللاً بالنصرة، شعر أن الله هو سرّ نصرته، ولعلّه كان يفكر ماذا يرُدٌّ للرب من أجل كثرة إحساناته.

شعر آسا أن الإصلاح الذي قام به لم يكتمل بعد. لقد قهر بالرب أعداءه الذين في الخارج، لكن يوجد أعداء أكثر خطورة لم يُقهَروا بعد، وهم أوثان يهوذا وبنيامين وبعض بلاد من إسرائيل كانت تكنُّ له تقديرًا وتسمع وتخضع له. انتصاره في الخارج حَثَّه على العمل في الداخل لتكملة المسيرة المقدسة في الرب.

1. رسالة إلهية له على فم نبي 1 - 7.

2. غيرته لإزالة الأوثان 8.

3. الغنائم التي كُرِّسَت لله 9 - 11.

4. الدخول في عهد مع الله 12 - 15.

5. إصلاح في البلاط الملكي 16.

6. ترك المرتفعات 17.

7. إدخال المقدسات إلى بيت الرب 18.

8. سلام عظيم للمملكة 19.

الأعداد 1-7

1. رسالة إلهية له على فم نبي

وَكَانَ رُوحُ الله عَلَى عَزَرْيَا بْنِ عُودِيدَ [1].

في ذلك الوقت وُجِدَ أيضًا أنبياء في إسرائيل مثل هوشع وعاموس وإيليا وإليشع وغيرهم. فإذ كثر أنبياء البعل والأنبياء الكذبة في مملكة إسرائيل المُنشقَّة، أرسل إليهم الرب الكثير من الأنبياء صنعوا معجزات وسط شعب ارتدَّ عن الله وعبد الأوثان. يهتم الله بعمل معجزات في وسط غير المؤمنين لأجل رجوعهم إلى الحق الإلهي.

يا لمحبة الله الفائقة، ففي أغلب العصور وُجِدَ أنبياء ورجال الله كرسل يبلغون الملك والشعب كما أحيانًا الكهنة برسائل إلهية. والعجيب مع ما للملك آسا من غيرة ووجود أنبياء في وسط الشعب، إلا أن البعض كانوا يدمنون عبادة الأوثان، لما فيها من ملذَّات وإثارة جسدية.

لم يلتقِ النبي بالملك ليمدحه ويهنئه بالنصرة، وإنما لينهضه بالأكثر لعبادة الله، وحفظ الوصية الإلهية، والعهد مع الله. لم يأتِ النبي من نفسه، إنما حَرَّكه روح الله. جاء النبي عزريا بن عوديد يُشَجِّع الملك آسا، ويحثّه على الدخول مع شعبه في عهد مع الله.

بناء على عمل روح الله في عزريا النبي، التقى النبي مع آسا الملك ليُقَدِّمَ المعنى اللاهوتي السليم للمعركة للملك وجميع يهوذا وبنيامين. أوضح النبي في حديثه ثلاث أساسيات في عمل الله معهم[128]:

1. الله مع إسرائيل، مادام إسرائيل مع الله [2].

2. يليق بالشعب مع الملك ألا ينسوا فترة القضاة، حيث تجاهلوا تعليم الكهنة [3 - 6].

3. وعد الله بالاستمرار في معاونة الملك مادام الملك يسلك الطريق المستقيم [7].

كثيرون تَمَتَّعوا بالنصرة، لأنهم طلبوا الرب والتصقوا به، لكن للأسف استطاع عدو الخير أن يُحَوِّلَ نصرتهم إلى مصيدة لهلاكهم. عوض تقديم الشكر لله سقطوا في الكبرياء أو التهاون من جهة علاقتهم بالرب، ففقدوا كل ما نالوه.

يمكننا أن نقول بأن عزريا جاء لاستقبال الملك الغالب وجيشه، ليُشَجِّعَهم ويُحَذِّرهم في نفس الوقت.

فَخَرَجَ لِلِقَاءِ آسَا وَقَالَ لَهُ:

اسْمَعُوا لِي يَا آسَا وَجَمِيعَ يَهُوذَا وَبِنْيَامِينَ.

الرَّبُّ مَعَكُمْ مَا كُنْتُمْ مَعَهُ، وَإِنْ طَلَبْتُمُوهُ يُوجَدْ لَكُمْ،.

وَإِنْ تَرَكْتُمُوهُ يَتْرُكْكُمْ. [2].

جاء جوهر الرسالة: "الرب معكم ما كنتم معه. وإن طلبتموه يُوجَد لكم. وإن تركتموه يترككم" [2]. الله لا يُقحِم نفسه في حياة أحدٍ، إنما يشتاق أن يعمل في الإنسان بشرط رغبة الإنسان بكامل إرادته الحُرَّة أن يعمل الله فيه وبه.

خشي النبي أن يُسِيئوا استخدام النصرة التي وهبهم الله إيَّاها. فالنصرة لا تدوم معهم إن انحرفوا عن الله. يؤكد لهم: "الرب معكم ما كنتم معه"، مُحَذِّرًا إيَّاهم: "وإن تركتموه يترككم".

بقوله: "يُوجَد لكم" وليس فقط معهم. يشير النبي إلى أن مسرَّة الله أن يكون ليس فقط سندًا لهم، أو مُرافِقًا لهم، إنما هو لهم، فهو من جانبه موجود، وفاتح أحضانه لهم، ليكتشفوا أنه موجود لهم، ويليق بهم من جانبهم أن يصيروا له.

وضع لهم النتيجة الخطيرة لتركهم الله، فإنه يتركهم، كاستجابة لطلبهم، إن لم يكن باللسان فبالعمل. يحسب الله ترك الإنسان له أشبه بطلبة من الله أن يتركه، فيستجيب الله له. وكما يقول المرتل: "يعطيك سؤل قلبك" (مز 37: 4).

يُقَدِّم لنا يوسيفوس المؤرخ ما عناه النبي، قائلاً: [السبب في نوالهم هذه النصرة من قِبَل الله هو أنهم ظهروا كأناسٍ أتقياءٍ مُتديِّنين، يفعلون كل شيءٍ حسب مشيئة الله. لذلك قال (عزريا) إنهم إن ثابروا هكذا، فإن الله يمنحهم أن يغلبوا على الدوام أعداءهم ويعيشوا في سعادة، أما إن تركوا عبادته سيسقط كل شيءٍ إلى العكس[129].].

هذا المفهوم الذي يربط بين العبادة لله وحياة النصرة، كما قَدَّمه عزريا النبي، يتناغمٍ تمامًا مع فكر أخبار الأيام.

غالبًا ما تواضع الملك بهذه الرسالة الإلهية، التي سندته إلى زمنٍ طويلٍ، غير أنه انحرف وسقط في الفخ في السنوات الأخيرة من حياته كما سنرى في الأصحاح السادس عشر.

وَلإِسْرَائِيلَ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ بِلاَ إِلَهٍ حَقٍّ،.

وَبِلاَ كَاهِنٍ مُعَلِّمٍ،.

وَبِلاَ شَرِيعَةٍ. [3].

أ. يظن البعض أن النبي يتحدث هنا عن فترة القضاة المُظلِمة للغاية، حيث ترك إسرائيل عبادة الله الحقيقي، وعبدوا آلهة غريبة. لقد كان بينهم كهنة، لكنهم لم يكن بينهم "كاهن مُعَلِّم". صاروا بلا شريعة، مع أن بين أيديهم شريعة موسى، لكن القادة والشعب حتى الكهنة في ذلك الحين لم تشغلهم الشريعة في شيءٍ.

سمح الله لكثير من الأمم مثل الموآبيين والمديانيين والعمونيين وغيرهم أن يزعجوهم بكل ضيقٍ [6]، ومع هذا في وسط ضيقتهم لم يرجعوا إلى الله سريعًا، لكن إذ صاروا يصرخون إليه أرسل إليهم قضاة يُخَلِّصونهم من أعدائهم.

ب. يرى آخرون أنه يتحدث هنا عن مملكة الشمال (إسرائيل) التي أقامت العجول ليعبدوها جنبًا إلى جنبٍ مع عبادة الله. لقد خانوا الله حتى في تظاهرهم بالتعبُّد له. كانوا بدون كهنة مُعلِّمين، لأن الكهنة اللاويين ذهبوا إلى أورشليم ومعهم بعض الأتقياء.

ج. يرى فريق ثالث أن النبي يتكلم عمَّا سيحدث في المستقبل. يقول هوشع: "لأن بين إسرائيل سيقعدّون أيّامًا كثيرة بلا ملك ولا رئيس وبلا ذبيحة وبلا تمثال وبلا أُفودٍ وترافيم، وبعد ذلك يعود بنو إسرائيل يطلبون الرب إلههم وداود ملكهم، ويفزعون إلى الرب وإلي جوده في آخر الأيام" (هو 3: 4 - 5).

أيام الرب وأيام إبليس.

يُمَيِّز العلامة أوريجينوس بين أيام الرب وأيام إبليس في تعليقه على ما ورد في (قض 2: 7) "وعَبَدَ (خدم أو خاف) الشعب الرب كل أيام يشوع، وكل أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع".، قائلاً بأنه توجد أيام الرب وأيام إبليس، ولعل ما ورد هنا "أيام كثيرة بلا إله حق" تشير إلى أيام إبليس أو أيام الشر. فيما يلي سمات أيام الرب وسمات أيام إبليس، كما وردت في عظته الأولى على سفر القضاة:

1. أيام الرب برّ وأيام إبليس شر.

يليق بالمؤمن أن يكون في أيام يشوع الذي هو رمز ليسوع المسيح شمس البرّ، فيتمتَّع بأيام البرِّ، ولا يكون في أيام أحد الملوك الأشرار مثل فرعون أو منسى، فتكون أيامه أيام شر.

  • يقول: "وعَبَدَ الشعب الرب كل أيام يشوع، وكل أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع".

يجب إدراك أنه يليق بكل واحدٍ منا البرهنة هل هو في أيام الخير أم في أيام الشر؟ وهل يقتني "أيام يشوع" التي هي أيام البرِّ، أم يقتني أيام الشر.

لأننا إن أدركنا: "النور الحقيقي الذي ينير كل إنسانٍ آتيًا إلى العالم" (يو 1: 9)، وسلَّمنا أنفسنا إليه كي نستنير، وإذا أشرقت "شمس البرّ" (ملا 4: 2) فينا، وأنارت عالم أنفسنا، فسوف نقتني "أيام يشوع"، أي أيام يسوع المسيح، أيام الخلاص.

أما إذا سلَّم أحد نفسه "للنور الذي سينطفئ" (راجع أي 18: 5)، النور الذي يُضاد الحق، فإنه سوف يقتني أيضًا أيامًا، لكنها أيام الشر. لن يكون في أيام يشوع، إنما في أيام منسى أو فرعون، في الأيام الشريرة التي لملوك آخرين[130].

العلامة أوريجينوس.

2. أيام الرب تُقَدِّم لنا رؤية الجالس على العرش وأيام الشر تفسد البصيرة.

تَمَتَّع إشعياء النبي (الإنجيلي الخامس) برؤياه للرب شمس البرِّ جالسًا على العرش في سنة وفاة عزِّيا الملك (إش 6: 1)، هذا الذي تصلَّف في كبريائه، وحاول اغتصاب العمل الكهنوتي عنوةً، فأُصيب بالبرص في جبهته (2 أي 26: 19). حُسِبَت أيامه شرّ، لذا بعد موته تمتع إشعياء برؤياه المُفرِحة الخاصة بالعرش الإلهي وحوله السيرافيم يرفرفون بالتسبيح في فرحٍ (إش 6: 3). هكذا إذ يموت فينا الإنسان الشرير، ويملك فينا الإنسان الجديد الذي يتمتع بالشفاء بشمس البرِّ (ملا 4: 2)، تنفتح بصيرة المؤمن، ليتمتَّع برؤية الجالس على العرش، ويشترك مع الطغمات السماوية في التسبيح.

لتكن أيامنا أيام الرب، فتنطلق أعماقنا كما إلى السماء.

  • لم يقدر إشعياء أن يرى رؤيا في أيام الملك آحاز الظالم (عزيا) والشرير[131]. لم يقدر إشعياء أن يرى: "السيد جالسًا على كرسي عال ومرتفع" (إش 6: 1 - 3)، إلا عندما مات هذا الملك الشرير الذي كانت أيامه شريرة، عندئذ صار النبي قادرًا على رؤية الرب...

في الحقيقة اسمعوا إلى النبي يقول: "ولكم أيها المتَّقون اسمي تُشرِق شمس البرّ" (ملا 4: 2)، إذن بدون شك سيجعل الله لهؤلاء "أيام البرّ" التي هي "أيام يشوع".

بالإضافة إلى ذلك قال عن الأشرار، إن شمسَ البرِّ تشفيهم. بدون شك تشفي من كان العدل ميتًا فيهم[132].

العلامة أوريجينوس.

3. تتسم أيام الرب بكثرة السلام العظيم وأيام الشر تحطم السلام.

الرب هو ملك السلام (عب 7: 2). متى صارت أيامنا أيام الرب، يملأ أعماقنا بسلامه حتى في وسط الضيقات، فنختبر السلام الداخلي الإلهي العظيم.

  • هل تريدون من النبي معرفة من يقتنون "كثرة السلام"؟ اسمعوا كيف يقول في المزامير: "فليكن سلام عظيم للذين يُحِبُّون اسمك، وليس لهم شك" (مز 118: 165 LXX) [133].

العلامة أوريجينوس.

4. تتسم أيام الرب بالنور الدائم العظيم وأيام الشر نورها مخادع.

إذ يتحدث العلامة أوريجينوس عن أيام يشوع رمز المسيح النور الحقيقي الأبدي، وأيام الشيوخ رمز الرسل الذين بالمسيح صاروا نورًا للعالم، ولا يطلبون نور الأشرار الغاش. ميَّز أوريجينوس بين النورين، الحقيقي والمخادع بالآتي:

ا. من له أيام الرب يتمتع بالنور الحقيقي الأبدي، فلا يُحَطِّمه الزمن. أما أيام الشرير فتبدو منيرة، لكن نور الشر ينطفئ، وهو مخادع.

ب. ليس من شركة بين النور الحقيقي والنور المخادع، إذ ليس من شركة بين المسيح والشيطان.

ج. إذ يظن البعض مثل الرواقيين وبعض الغنوصيين أن السعادة تكمن في الملذات الزمنية، يحسبون اللذة أو المتعة نورًا ساطعًا صالحًا وخيرًا.

د. يرفع النور الحقيقي القلب إلى السماوي، فيشتهي الحياة السماوية، أما النور المخادع، فيربط الإنسان بالزمن والزمنيات، فيطلب الأرضيات الزائلة من غِنَى ومجد وكرامة، ويحسب هذه الأمور أبدية.

هـ. يقدم لنا النور الإلهي الحق، أما النور المخادع فيُقَدِّم الباطل. لذا يُحَذِّرنا الرب من الهراطقة، الذين يرتبطون بالتعاليم الكاذبة.

و. من بين الهراطقة بعض الغنوصيين مثل مرقيون الذي رفض العهد القديم، وحسب الله الخالق ليس صالحًا. بعض الغنوصيين نادوا بأن إله العهد الجديد جاء يُخَلِّص العالم من الإله الخالق.

ز. الصلاة أو الالتقاء مع رب المجد يسوع هو الطريق للتمتُّع بالنور الحقيقي والخلاص من النور المخادع.

  • تُشرِق أيامُ البرِّ وكثرة السلام لمُحبِّي اسم الرب. أما الأشرار، فلهم نورهم الخاص الذي تشرق منه بدون شك "أيام الشر".

هل تريدون أن أثبت لكم ذلك من الأسفار المقدسة؟ اسمعوا إلى ما هو مكتوب: "العدل دائمًا فيه نور، ونور الأشرار ينطفئ" (راجع أم 13: 9؛ أي 18: 5 - 6).

أنتم تنظرون إذن أن "نور الأشرار" سوف ينطفئ، أما "نور الحق" فيستمر إلى الأبد.

لا أعلم إن كان أحد يعتقد في جنونٍ مفترضًا وجود نور أساسي يمكن أن يقال عنه من ناحية إنه "نور الشر" ومن ناحية أخرى "نور الحق". هذا لا يمكن بالتأكيد أن يكون صحيحًا على أي حال. لأن نور العالم الذي خلقه يشرق دائمًا للكل وبالتساوي. لكن كما شرحنا سابقًا، من المفهوم أن نفوسنا، إما تستنير بالنور الحقيقي (يو 1: 9) الذي لا ينطفئ أبدًا، الذي هو المسيح، أو تستنير بالنور الذي لا يملك في نفسه ما هو أزلي. فبدون شك تستنير (النفس) بهذا النور المؤقت الذي ينطفئ بواسطة ذاك الذي "يغيِّر شكله إلى شبه ملاك نور" (2 كو 11: 14)، وينير قلب الخاطئ بنورٍ مخادعٍ حتى تخيل له هذه الأنوار الحاضرة والزائلة أنها صالحة وساطعة جدًا.

بهذا النور يستضيء القائلون إن المتعة هي الخير الأعظم.

بهذا النور يستنير الذين يبحثون عن الثروة والكرامات العالمية والمجد الأرضي كما لو كان الآن هو عصر الأبدية.

وبالتالي فإنهم أيضًا "في أيام" نوره "الذي سينطفئ" يستنير الهراطقة أيضًا بهذا النور مُعلنين للملأ العلم الكاذب الاسم (1 تي 6: 20). استنار مرقيون بهذا النور، فدعا إله الناموس الحق (العهد القديم) ليس صالحًا.

لهذا إذا فهمنا بالصواب ما هي الأيام المستنيرة بربنا يسوع المسيح "النور الحقيقي" والأيام التي ينيرها ذاك "الذي يُغَيِّر شكله إلى شبه ملاك نور" والذي سينطفئ نوره، يمكننا الفهم الصحيح "لأيام يشوع" التي قيل عنها: "وعَبَدَ الشعب الرب كل أيام يشوع". لأن من المؤكد أن من يقتني في نفسه "أيام يشوع" يخدم الرب.

لا يمكن أن يخدم الشيطان أو الطمع من اقتنى في نفسه "أيام يشوع" ونور المسيح. ولا لمن استنار بنور الحق أن يخدم الكذب، ولا الذي استنار بنور الطهارة يكرس نفسه للشهوة أو النجاسة. بالحقيقة أعلن الرسول الآتي: "لأنه أية خلطة للبرّ مع الإثم؟ وأية شركة للنور مع الظلمة؟ وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن؟" (2 كو 6: 14 - 15).

لهذا فلنُصلِّ كي يجعل فينا المسيح الذي هو "النور الحقيقي" (يو 1: 9) دائمًا أيامًا صالحة، ولا نقتني أبدًا في أنفسنا "أيامًا شريرة" (بإنارة الشيطان فينا) التي قال عنها الرسول: "مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة" (أف 5: 16).

إننا نقتني أيامًا شريرة عندما نبحث عن الشهوات عوض الأمور الروحية، والأرضيات عوض السماويات، والأمور الزائلة عوض الأبديات، والأمور الحاضرة عوض العتيدة. فعندما ترون إذن مثل هذه الشهوات تثور فيكم، تأكدوا إنكم واقفون في أيام "فاسدة وشريرة".

من أجل هذا كرِّسوا أنفسكم للصلوات، كي تتحرروا من "الأيام الشريرة" وتمامًا كما قال الرسول تُنتشَلوا من "العالم الحاضر الشرير" (غل 1: 4). لأنه بحسب ما تكلمنا سابقًا، ليس فقط تكون أيامنا شريرة، إنما يصير العمر شريرًا[134].

العلامة أوريجينوس.

5. أيام الرب ترتبط بكلمته وحكمته (بالوصية الإلهية).

تعمل الوصية الإلهية في حياة المؤمن، فيتمتع بالحكمة الإلهية، وينعم بالمعرفة الإلهية. ما يشغل قلب الرسل والخدام هو أن نختبر بالنعمة الإلهية عذوبة الوصية وفاعليتها في حياتنا، حيث نقبل النور الإلهي، فنستنير.

  • مبارك هو الذي في أيام يشوع يخدم (يعبد) الرب (قض 2: 7)، الذي يستنير بكلمته وحكمته، الذي يستنير بوصاياه، والذي يوهب من تعليمه نور المعرفة. ويبقى أيضًا مباركًا ثانية الذي يخدم الرب في أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع. إنهم "الشيوخ" الذين عاشوا إما مع يشوع أو "بعد يشوع" إنهم ليسوا إلا الرسل الذين أناروا قلوبنا بكتاباتهم ومبادئهم، وجعلوا فينا أيامًا مطمئنة من النور الذي بعد مجيئهم اشتركوا فيه من "النور الحقيقي" (يو 1: 9).

وبالتالي من يستنير ويتعلَّم بتعاليم الرسل ويتدرَّب على خدمة الرب على مثال الرسل فهو الذي قيل عنه: "خدم الرب في أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع".

علاوة على ذلك، هل تريدون حقًا معرفة لماذا كما كان المُخَلِّص "النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتيًا إلى العالم" (يو 1: 9)، صار الرسل أيضًا "نور العالم"؟ مكتوب في الإنجيل أن الرب قال لهم: "أنتم نور العالم" (مت 5: 14). حتى الرسل الآن هم "نور العالم". بدون شك من خلال مبادئهم وتعاليمهم أناروا لنا "الأيام" التي فيها "نخدم الرب" [135].

العلامة أوريجينوس.

6. يوم الرب يُطِيل أيام الشيوخ.

اهتم العلامة أوريجينوس بالحديث عن أيام الشيوخ الذين جاءوا بعد يشوع، إذ تشير إلى أيام الرسل الذين عاش يسوع رب المجد معهم وفي وسطهم حتى بعد صعوده إلى السماء، وحملت أيامهم سمات أيام السيد المسيح.

اهتم كاتب سفر يشوع أن يؤكد أن أيامهم طويلة، ليس من جهة الزمن، إنما من جهة البركة.

كثيراً ما تكلم أوريجينوس عن الجنين يوحنا المعمدان، الذين لم يكن قد وُلِدَ بعد حين قامت القديسة مريم بزيارة بيته، فقام بعمل كرازي فائق، وهو بعد في سادس شهر من الحبل به، يُحسَب أكبر من رؤساء الكهنة والكهنة الذين لم يبالوا باللقاء مع الطفل يسوع! إن أيام الجنين يوحنا في عيني الله أطول من السنوات التي عاشها هؤلاء القادة الذين لم يُتَمِّموا رسالتهم ككارزين بالحق الإلهي.

لا تعجب إن قال الرسول: "إن يومًا واحدًا عند الرب كألف سنة، وألف سنة كيومٍ واحدٍ" (2 بط 3: 8). يقول العلامة أوريجينوس إننا سنرى في يوم الرب العظيم أطفالاً حُسِبَت أيامهم القليلة كسنوات طويلة، بينما نرى شيوخًا حسبت سنواتهم الطويلة كأيامٍ قليلةٍ، وربما كأن لا وجود لها.

تُدعَى أيام القديسين طويلة، لأنها أيام حب ثمينة، كل نسمة من نسمات حياتهم لا يمكن تقديرها. أما الأشرار الذين تبرد محبتهم، فأيامهم قصيرة وتافهة وزائلة!

أيام القديسين طويلة ومتنوعة وجذابة، تحمل أسماء الفضائل التي يقتنونها خلال نعمة الله، فيدعون اليوم الحب، وغدًا السلام، واليوم الثالث الطهارة، والرابع العفة، والخامس الصلاح... ومع طول الأيام يحمل فردوس نفسه ثمار الروح العذبة المتكاثرة.

  • بالإضافة إلى ذلك قال: "كل أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع" (قض 2: 7).

يبدو أن هذا لم يُذكَر مصادفة أن "الشيوخ" أو هؤلاء "طوال الأيام" قيل عنهم: "الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع".

في الحقيقة إن الله فقط هو الذي يعرف من "بعد يشوع" سيعيش وسط "الشيوخ"، الذي يعمل "يومًا طويلاً"، الذي سيشع من نفسه النور العظيم، سواء كان بولس أو بطرس أو برثلماوس أو يوحنا. ومع ذلك يُدعَى القديسون "ذوي الأيام الطويلة".

لكن في المقابل، في ذلك الزمان، عندما يمتلئ العالم بالتجارب، عندما "يكثر الإثم، فتبرد محبة الكثيرين" (مت 24: 12) وعندما "يأتي ابن الإنسان، سيجد صعوبة في وجود الإيمان على الأرض" (راجع لو 18: 8)، في ذلك الزمان، لا يُقال إنها ستكون "أيام طويلة" بل بالحري، إنها أيام مُقصِّرة تمامًا كما قال الرب: "لو لم يقصر الرب تلك الأيام، لم يخلص جسد" (مت 24: 22). بالتالي قيل عن تلك الأيام الشريرة إنها تكون قصيرة، أما "الطويلة" فهي أيام الخير التي فيها وقت كثير، وفي قياس محدد التي طولها عظيم التي فيها نخدم الرب. ومع ذلك، انظروا أنه أشار أيضًا في الإنجيل: "إنه من أجل المختارين تُقصر تلك الأيام" (مت 24: 22). إذن، "من أجل المختارين" تكون "الأيام الشريرة" أيام الإثم والتجربة قصيرة.

وأنا أعتقد أنه متى بدأت الأيام الشريرة لتكون قصيرة للمختارين، فإنها دائمًا تقصر، وتقل حتى تصير لا شيء، وتختفي تدريجيًا بالكامل وتختفي كلية.

على حساب هذه الأشياء، أظن أن هناك من يقول أيضًا: "ليته هلك اليوم الذي وُلدت فيه" (أي 3: 3).

إذن "تقصر الأيام الشريرة للمختارين" وتختفي، ولكن أيام الشيوخ القديسين مستمرة وطويلة...

إن ما قاله لا يُحذف: "وعبد الشعب الرب جميع أيام يشوع" (قض2: 7). لم يقل يومًا واحدًا ليشوع، لكن أيامًا كثيرة "أيام يشوع". إذن فكم عدد الأيام التي نعدها بحسب هذا الترتيب الذي شرحناه؟ أنا أعتقد أنه بنفس الطريقة أحد أيامه يكون عدل، والآخر طهارة، وآخر تواضع، وآخر رحمة، وهكذا لكل الفضائل والصفات الطيبة تحسب على إنها "أيام يشوع" التي خلالها يُخدَم "الرب"، لأنه بفضائل النفس[136] هذه يُسر الرب.

في الحقيقة، الصبر يُحسَب أيضًا يومًا من أيامه، اللطف والتقوى والصلاح وكل شيء يتعلق بالفضيلة يمكن أن يُدعى يومه.

وهكذا "خلال كل أيام يشوع ستخدمون الرب". لأن وصايا الأسفار المقدسة لا ترغب أن تقتنوا في نفوسكم بعض سمات هذه الفضائل وتهملون الأخرى، بل أن تتزينوا بجميع هذه الفضائل وتكمل فيكم حين تتمموها. "فتخدمون الرب". وأيضًا بنفس الطريقة يقتني آخر "أيام الشيوخ" في نفسه "ويخدم الرب في أيامهم" (راجع قض 2: 7) عندما ينجز ما قاله بولس الرسول: "كونوا متمثلين بي، كما أنا أيضًا بالمسيح" (راجع 1 كو 4: 16؛ في 3: 17) [137].

العلامة أوريجينوس.

7. يوم الرب ومعرفة جميع أعمال الرب.

يليق بنا إذ تكون أيامنا للرب أن نتعرَّف على جميع أعماله، أي نختبرها ونحفظها ونمارسها، وإلا حُسِبنا كمن يجهلها. لقد أوضح لنا العلامة أوريجينوس مفهوم كلمة يعرف، ألا وهي أن يختبر الشيء عمليًا، وليس مجرد المعرفة العقلانية.

  • قيل "في أيام الشيوخ الذين يعرفون جميع أعمال الرب" (راجع قض 2: 7). فمن هو الذي يعرف جميع أعمال الرب إلا الذي يعملها؟

في الحقيقة، كما قيل عن أبناء عالي: "كان بنو عالي بني بليعال لم يعرفوا الرب" (1 صم 2: 12). لم يكونا يجهلان الرب – لأنهما بدون شك كانا معلمين للبقية – لكن كانا يتصرفان كما لو كانا لا يعرفان الرب. بهذه الطريقة أيضًا، ما يقال هنا يجب أن يُسمَع: "الذين يعرفون أعمال الرب"، ولكن ضيف "الذين يعرفون جميع أعمال الرب" أي الذين "يعرفون" أعمال الرب: البرّ، الطهارة، الصبر، اللطف والتقوى. وأي شيء نابع من وصايا الرب يُدعَى "عمل الرب". لكن كما يوجد عمل الرب هكذا عمل الشيطان بدون شك مضاد له تمامًا.

لأنه من المؤكد كما أن البرّ هو من عمل الرب، هكذا الإثم من عمل الشيطان، وكما أن اللطف من عمل الرب يكون الغضب والغيظ من عمل الشيطان. بالتالي قيل إنهم يعرفون عمل الله الذين يعملون هذا العمل.

أيضًا، بما أنه صار واضحًا من سلطان الأسفار بأية طريقة مألوفة يقال: "يعرف" أو "لا يعرف"، انظروا ما هو مكتوب في موضع آخر. لقد قيل: "حافظ الوصية لا يعرف كلمة شريرة" (راجع جا 8: 5 LXX). الآن "من يحفظ الوصية" هل يمكن ألا يعرف كلمة شريرة؟ في الحقيقة إنه يعرف، ولكن قيل "لا يعرف"، لأنه يحفظ نفسه من الكلمات الشريرة ويتجنبها.

علاوة على ذلك، ما قيل بخصوص الرب والمخلص نفسه إنه "لم يعرف خطية" (راجع 2 كو 5: 21). من المؤكد أنه قيل إنه لم يعرف خطية، لأنه لم يعمل أية خطية. لهذا وبنفس الطريقة قيل: "يعرف أعمال الرب" من يعمل أعمال الرب، وكذلك يجهل عمل الله من لا يعمل عمل الله[138].

العلامة أوريجينوس.

8. يوم الرب يوم خلاصه العظيم للعالم بالصليب.

يوم الرب هو يوم الخلاص الذي قدَّمه عن العالم كله بالصليب. كل أعمال الله عظيمة وفائقة، لكنها لا تقارن بيوم الفداء!

  • أيضًا كيف نتجاوز ما ضيف: "الذين رأوا (يعرفون) كل عمل الرب العظيم الذي عمل لإسرائيل" (قض 2: 7) ماذا بالحقيقة؟ هل توجد أعمال صغيرة للرب تختلف عن هذه التي قيل إنها أعمال عظيمة؟ أعتقد أن كل عمل الرب إنما هو بالحقيقة عظيم. لكن إذا ما قورنت بعضها ببعض، يقال عنها إنها إما عظيمة أو صغيرة بحسب قدرة الذين يحصلون عليها، الذين يعمل معهم الرب العمل.

فعلى سبيل المثال، قاد الله شعب بني إسرائيل خارج مصر "بيدٍ شديدةٍ وذراعٍ ممدودةٍ" (تث 5: 15، راجع خر 6: 6؛ 13: 3). وضايق المصريين بعلامات نبوية وسماوية "وجعل البحر طريقًا يابسة وانشق الماء" (راجع خر 14: 21). وأعطى الشعب المن في البرية من السماء (راجع خر 16؛ حك 16: 20). وتكلم مع موسى (راجع خر 19: 3)، وأعطى الناموس مكتوبًا على لوحي من الحجارة (راجع خر 24: 12). ولكن إذا قورنت هذه الأعمال بجانب خلاص الله للعالم "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد" (راجع يو 3: 16) فسوف تجدون أن كل هذه الأعمال صغيرة بالنسبة لعظم هذا العمل الذي يجب أن نعرفه ونؤمن به.

علينا أن ننشغل بأعمال الرب (راجع يو 6: 28 - 29) ليس بإهمال، إنما بإيمان ويقظة، حتى نوجد نحن في أيام يسوع المسيح وفي أيام الشيوخ الذين هم رسله حتى نستحق معهم الاشتراك في الميراث السماوي بواسطة ربنا يسوع المسيح نفسه الذي له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين أمين "(1 بط 4: 11) [139].

العلامة أوريجينوس.

وَلَكِنْ لَمَّا رَجَعُوا عِنْدَمَا تَضَايَقُوا إِلَى الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ،.

وَطَلَبُوهُ وُجِدَ لَهُمْ. [4].

قَدَّم ليهوذا مثلاً خطيرًا وهو إسرائيل الذي عاش أيامًا كثيرة بلا إله حق، وبلا كاهنٍ معلمٍ، وبلا شريعةٍ إلهيةٍ، ومع هذا فإنهم إذ رجعوا إلى الله وطلبوه يجدوه لهم [4].

"وطلبوه وُجد لهم": لم يقل: "وطلبوه فوجدوه"، إنما وُجِدَ لهم. بمعنى أنهم يجدونه لهم، فيترنمون: "أنا لحبيبي، وحبيبي لي" (نش 6: 3). هكذا يشعر طالبو الرب أنه صار لهم، محبوبهم الخاص بهم.

  • إنه من حق النفس أن تفرح، لأنها وصلت إلى مركزٍ عالٍ أثناء صعودها إلى قمة رغباتها. ما هو أعظم من سعادة من يصل إلى رؤية الله؟ ولكن ما حققته هو بداءة لما تأمَّل فيه بعد ذلك...

يتَّحِد العروسان: الله في النفس، والنفس مرة أخرى تسكن في الله. تقول العروس: "حبيبي لي، وأنا له، الراعي بين السوْسن"، (نش 6: 3) هو نفسه الذي غيَّر الحياة الإنسانية من خيال الظلال إلى قمة الحق. لاحظ الارتفاع الذي صعدت إليه العروس، متقدمة من قوةٍ إلى قوةٍ كما يقول النبي (مز 84: 7)، وتظهر كأنها حصلت على قمة أمانيها. ما هو أعلى من أن تكون في المحبوب ويكون هو في نفسها؟ [140].

  • تقول العروس: "أنا لحبيبي، وحبيبي لي". ففي تطابقها مع المسيح تستقبل منه جمالها الأصيل. هذه البركة الأولى لطبيعتنا حسب صورة الجمال الأصلي وشبيه به ذاك الذي يستحق وحده التمجيد والحب. ويشبه ذلك مرآة مصنوعة بدقة ماهرة يدوية، التي تعكس صورة مطابقة للوجه. لذلك، عندما ترتب النفس أمورها، وترفض كل تلوثٍ ماديٍ تُصبح مُمثلة لصورة الجمال النقي الخالي من الغش.

تقول النفس، المرآة الحيّة التي تملك الإرادة الحرة: "عندما أنظر إلى وجه حبيبي، ينعكس جمال وجهه عليَّ". يقلد بولس هذه الكلمات بوضوح بقوله: "وفيما بعد لا أحيا أنا، بل المسيح يحيا في. أما الحياة التي أحياها الآن في الجسد، فإنما أحياها بالإيمان في ابن الله، الذي أحبني وبذل نفسه عني" (غل 20: 2). وعندما يقول: "فالحياة عندي هي المسيح" (في 21: 1)، يصرخ بولس أنه نقَّى نفسه من أي هوى بشري مثل الحزن، والغضب، والخوف، والجبن، والأهواء القوية، والكبرياء، والحمق، والرغبة الشريرة، والحسد، والانتقام، وحب التملك والمكسب أو أية عادة قد تؤدِّي إلى تخريب النفس.

هو وحده الذي يملأ نفسي، وليس أي شيء مما سبق ذكره. لقد نُزِعَت عني كل طبيعتي الخارجية الظاهرة، ولم يبقَ بداخلي أي شيء غير المسيح.

حقيقة الحياة عندي هي المسيح "أو كما تقول العروس:" أنا لحبيبي وحبيبي لي ". هذا هو الطهر والنقاء وعدم التلوث والنور والحق الذي يُغَذِّي نفسي. إنه لا يتغذَّى بالعشب الجاف أو بالشجيرات وإنما بروعة قديسيه. يوحي السوّسن ببهاء وإشعاع ألوانه الجميلة. من أجل هذا، فالذي يتغذَّى بين السوّسن يقود قطيعه إلى مروج السوّسن حتى تكون:" نعمة ربنا علينا "(مز 17: 90).

نحن نصبح مثل الطعام الذي نأكله. دعونا نأخذ مثال الإناء الأجوف من الكريستال، فكل ما يوضع فيه يظهر بوضوح (حتى يبدو الإناء كأنه هو نفسه ما في داخله). ويشبه ذلك عندما نضع بهاء السوّسن في نفوسنا، فإنها تشع وتظهر من الخارج الأشكال الموجودة بالداخل.

لتوضيح هذه النقطة، تُغذِّي الروح نفسها بالفضائل التي تُسمَّى رمزيًا بالسوّسن، ويُصبح الشخص المكوَّن بهذه ذا حياة طيبة مُشعًا، مُظهرًا في حياته كل نوعٍ من الفضيلة.

لنفرض أن السوّسن النقي هو: ضبط النفس والاعتدال والبرّ والشجاعة والقدرة وكل ما يقوله الرسول حقيقي، ومشرف ومستحق للحب وعادل ومقدس، عطوف وفاضل ومستحق للتمجيد (في 4: 8). تتكون هذه الفضائل جميعها في النفس نتيجة للحياة النقية، وتزيِّن النفس التي تمتلكها.

لذلك تهب العروس نفسها لمحبوبها، وتستقبل جمال من تُحِب[141].

القديس غريغوريوس النيصي.

وَفِي تِلْكَ الأَزْمَانِ لَمْ يَكُنْ أَمَانٌ لِلْخَارِجِ وَلاَ لِلدَّاخِلِ،.

لأَنَّ اضْطِرَابَاتٍ كَثِيرَةً كَانَتْ عَلَى كُلِّ سُكَّانِ الأَرَاضِي. [5].

يقصد بالأزمان هنا فترة القضاة، كما يقصد العشرة أسباط الذين انشقُّوا عن بيت داود ورفضوا الكهنوت اللاوي الخ، وهي تنطبق علي كل فترة يعطي فيها الإنسان القفا لله لا الوجه.

فَأُفْنِيَتْ أُمَّةٌ بِأُمَّةٍ، وَمَدِينَةٌ بِمَدِينَةٍ،.

لأَنَّ الله أَزْعَجَهُمْ بِكُلِّ ضِيقٍ. [6].

فَتَشَدَّدُوا أَنْتُمْ، وَلاَ تَرْتَخِ أَيْدِيكُمْ،.

لأَنَّ لِعَمَلِكُمْ أَجْرًا. [7].

يدعو يهوذا أن يتشددوا، لا ترتخي أياديهم معتمدين على ما نالوه من نصرة [7].

يلزم أن يتدرَّب الإنسان على العمل بجدِّيةٍ وفرحٍ، سواء في عبادته أو أعماله اليومية.

العدد 8

2. غيرته لإزالة الأوثان

فَلَمَّا سَمِعَ آسَا هَذَا الْكَلاَمَ وَنُبُوَّةَ عُودِيدَ النَّبِيِّ تَشَدَّدَ،.

وَنَزَعَ الرَّجَاسَاتِ مِنْ كُلِّ أَرْضِ يَهُوذَا وَبِنْيَامِينَ،.

وَمِنَ الْمُدُنِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ،.

وَجَدَّدَ مَذْبَحَ الرَّبِّ الَّذِي أَمَامَ رِوَاقِ الرَّبِّ. [8].

التهبت قلوب الملك ومعاونيه، فازدادت مجهوداتهم في الإصلاح، ونزعوا الرجاسات التي تركها رحبعام من كل موقعٍ. لقد نزعها من قبل، وها هو يُكَمِّل ما بدأ به.

الإنسان المؤمن الجاد لا يتوقَّف عن النمو المستمر، فقد بدأ آسا حركة الإصلاح منذ تولَّى العرش، وتشدَّد عندما دخل في ضيقة في حرب مع الكوشيين، وإذ نال نصرة نَسَبَها للرب، وتَشدَّد أكثر. والآن إذ جاءته رسالة من الله على لسان عزريا بن عوديد، "تشدّد ونزع الرجاسات من كل أرض يهوذا وبنيامين ومن المدن التي أخذها من جبل أفرايم". ازداد حماسًا وتشجَّع للقيام بإصلاحات أخرى، وتأكيد حضور الله وسط مملكته.

"جَدَّد مذبح الرب": يبدو أن مذبح المُحرَقة احتاج إلى ترميمٍ، بالرغم من أنه لم يمضِ عليه أكثر من 35 عامًا منذ أن شيَّده سليمان، ربما نتيجة الإهمال أثناء الحروب بين يهوذا وإسرائيل.

رأينا أن آسا عمل الصالح والمستقيم في عيني الرب إلهه، ونزع المذابح الغريبة والمرتفعات وكسّر التماثيل الخ (11: 2)، وجاهد وطلب الرب فوهبه النصرة، ومع هذا أمال أذنيه إلى كلمات النبي ولم يُعاتِبه على قوله: "إن تركتموه يترككم" (15: 2). إنما تحرَّك لينزع الرجاسات من المدن التي أخذها من جبل أفرايم ومن كل أرض يهوذا، وجدَّد مذبح الرب الذي أمام رواق الرب. لقد قام بحركة تطهير وتقديس أعمق.

أيضًا وجد في كلمات النبي فرصة لجمع يهوذا وبنيامين والقادمين من أسباط إسرائيل الذين تلامسوا مع عمل الله في حياة آسا؛ ودخلوا في تجديد للعهد مع الله "وطلبوه بكل رضاهم، فوُجِدَ لهم" (15: 15).

مع كل حركة للإصلاح، احتاج القادة مع الشعب إلى تجديد العهد مع الله!

الأعداد 9-11

3. الغنائم التي كُرِّسَت لله

وَجَمَعَ كُلَّ يَهُوذَا وَبِنْيَامِينَ وَالْغُرَبَاءَ مَعَهُمْ مِنْ أَفْرَايِمَ وَمَنَسَّى وَمِنْ شَمْعُونَ،.

لأَنَّهُمْ سَقَطُوا إِلَيْهِ مِنْ إِسْرَائِيلَ بِكَثْرَةٍ،.

حِينَ رَأُوا أَنَّ الرَّبَّ إِلَهَهُ مَعَهُ. [9].

سبق أن رأينا كثيرين من أتقياء مملكة الشمال انطلقوا إلى يهوذا. الآن تزايد عدد القادمين من أفرايم ومنسَّى وشمعون إلى الجنوب، إذ تأثَّروا بإخلاص آسا في حياته وعبادته. دعاهم الغرباء إذ صار الشعبان يهوذا وإسرائيل غرباء عن بعضهما البعض.

جاءوا إلى أورشليم يعلنون رغبتهم في الالتفاف حول الملك الذي من بيت داود، مشتاقين إلى العبادة الحقيقية والالتصاق بهيكل الرب.

"رأوا أن الرب معه": التصاقه بالرب أعطاه مهابة، ليس فقط بين شعب يهوذا، وإنما بعض الأتقياء أو المُحبِّين للتقوى، إذ أدركوا ذلك، انضمُّوا إليه. جاء في زكريا النبي: "نذهب معكم، لأننا سمعنا أن الله معكم" (زك 8: 23).

فَاجْتَمَعُوا فِي أُورُشَلِيمَ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةَ عَشَرَةَ لِمُلْكِ آسَا [10].

إذ دعا الملك إلى اجتماع عام، بالفعل اجتمعوا معًا بخوف الله وفي مهابةٍ، في الشهر الثالث، وربما كان في عيد الخمسين أو عيد الأسابيع.

وَذَبَحُوا لِلرَّبِّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْغَنِيمَةِ الَّتِي جَلَبُوا،.

سَبْعَ مِئَةٍ مِنَ الْبَقَرِ وَسَبْعَةَ آلاَفٍ مِنَ الضَّأْنِ. [11].

قَدَّم هو وشعبه ذبائح للرب، نصيبهم من الغنائم التي حصلوا عليها. هذه التقدمات لا تُقارَن بما قَدَّمه سليمان (7: 5)، ربما لقلة غيرتهم أو إمكانياتهم.

الأعداد 12-15

4. الدخول في عهد مع الله

وَدَخَلُوا فِي عَهْدٍ أَنْ يَطْلُبُوا الرَّبَّ إِلَهَ آبَائِهِمْ بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ وَكُلِّ أَنْفُسِهِمْ. [12].

دخلوا في عهدٍ معه تائبين، لأنهم كسروا تعهداتهم معه، ووعدوا أن يسلكوا بطريقة أفضل. في تجديدهم للعهد طلبوا الرب بأكثر اجتهاد، وسألوه حنوَّه، وتعهَّدوا بحفظ وصاياه.

حَتَّى إِنَّ كُلَّ مَنْ لاَ يَطْلُبُ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ يُقْتَلُ،.

مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ،.

مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. [13].

اتفقوا أن كل من لا يطلب الرب إله إسرائيل، بكونه مُلحِدًا أو عابد أوثان عنيدًا، يُقتَل. هذا التعهُّد يتَّفِق مع ما ورد في الشريعة (تث 7: 2 الخ)، وكان يُناسِب العصر بعنفه الشديد وممارسات العبادة الوثنية بما فيها من عنفٍ، مثل تقديم الذبائح البشرية حتى أطفال الشخص المُتعبِّد نفسه. ومع هذا كله وُجِدَت العبادة الوثنية حتى في يهوذا وبنيامين [8].

ونحن الآن في عهد النعمة لا نُطالِب بتنفيذ ذلك حرفيًّا بل رمزيًّا، لأن أسلحة محاربتنا روحية لا جسدية.

وَحَلَفُوا لِلرَّبِّ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَهُتَافٍ وَبِأَبْوَاقٍ وَقُرُونٍ. [14].

أُقِيم العهد جهارًا بغير خجلٍ، بل بفرحٍ، لا كالمدين الذي يتعهد أمام دائنه بروح الخوف والتغصّب، وإنما كالعروس الذي تفتخر بحُبِّها وطاعتها لعريسها الباذل حياته لأجلها.

وَفَرِحَ كُلُّ يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ الْحَلْفِ،.

لأَنَّهُمْ حَلَفُوا بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ،.

وَطَلَبُوهُ بِكُلِّ رِضَاهُمْ، فَوُجِدَ لَهُمْ،.

وَأَرَاحَهُمُ الرَّبُّ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. [15].

أُقيم العهد بإخلاصٍ عظيمٍ وغيرةٍ وتصميمٍ، إذ "حلفوا بكل قلوبهم وطلبوه بكل رضاهم، فوُجِدَ لهم".

ما فعلوه لم يكن مُملاً، لأنه نبع عن قلوبهم وبكل رضاهم، أي بمسرَّةٍ وفرحٍ وتهليلٍ.

العدد 16

5. إصلاح في البلاط الملكي

حَتَّى إِنَّ مَعْكَةَ أُمَّ آسَا الْمَلِكِ،.

خَلَعَهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مَلِكَةً،.

لأَنَّهَا عَمِلَتْ لِسَارِيَةٍ تِمْثَالاً،.

وَقَطَعَ آسَا تِمْثَالَهَا وَدَقَّهُ،.

وَأَحْرَقَهُ فِي وَادِي قَدْرُونَ. [16].

يخبرنا بما ورد في 1 مل 15: 13 - 14 عن عزل جدته التي كانت تعبد الأوثان من مركزها السياسي بكونها "الملكة الأم".

حركات الطهارة في مدن يهوذا وبنيامين وأيضًا في المدن التي قبلت الانضمام إليه من إسرائيل، وتجديد العهد، وبث روح الفرح، هذا كله لم يشغله عن طهارة بيته. فقد خلع جدته معكة من العرش كملكةٍ، لأنها عملت لسارية تمثالاً، وقطع التمثال ودَقَّه وأحرقه في وادي قدرون علانيةً. لقد سما فوق الروابط العائلية من أجل مجد الرب.

بروح الإخلاص والشجاعة والغيرة، لم يُداهِن الملك آسا حتى أمّه (جدّته) الملكة؛ وكما نعلم أنه في أغلب دول العالم في القديم كانت السلطة في يد أم الملك أو جدّته من أجل خبرتها وكرامتها. أما آسا الملك فأقصى جدّته بسبب ارتباطها بالعبادة الوثنية. عرف آسا أنه يلزم أن يكرم الله أكثر من جدّته.

غالبًا ما اقتنعت معكة بخطيّتها، لهذا لم تُقتَلْ، لكنها أُقصَت عن دورها القيادي. ولعلّ آسا طرد حاشيتها الوثنية، وحدَّد إقامتها بعد نزع سلطانها.

العدد 17

6. ترك المرتفعات

وَأَمَّا الْمُرْتَفَعَاتُ، فَلَمْ تُنْزَعْ مِنْ إِسْرَائِيلَ.

إِلاَّ أَنَّ قَلْبَ آسَا كَانَ كَامِلاً كُلَّ أَيَّامِهِ. [17].

طهارة غير كاملة! مع كل هذا العمل الجبار، غير أنه لم ينزع المرتفعات من مدن إسرائيل التي خضعت له. كان يليق به ألا يتهاون في هذا الأمر الذي يبدو قليلاً جدًا بالنسبة لجهاده وأعماله العظيمة!

خُتِمَ الأصحاح بملاحظة أن آسا لم يكن ناجحًا تمامًا. بهذا يُعِدُّنا لما يرد في الأصحاح التالي عن سوء سلوك آسا في شيخوخته.

العدد 18

7. إدخال المقدسات إلى بيت الرب

وَأَدْخَلَ أَقْدَاسَ أَبِيهِ وَأَقْدَاسَهُ إِلَى بَيْتِ الله مِنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَالآنِيَةِ. [18].

من الأمانة أن يُقدَّمَ لله ما له.

العدد 19

8. سلام عظيم للمملكة

وَلَمْ تَكُنْ حَرْبٌ إِلَى السَّنَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِمُلْكِ آسَا. [19].

لقد وُجِدَت مناوشات وتعديات بين آسا وبعشا ملك إسرائيل، ولكن ليست حربًا.

يُقصَد بالسنة الخامسة والثلاثين من الانفصال.

من وحي 2 أي 15.

قدِّس أيامي، وأَعْلِنْ عن سكناك فيَّ!

  • إلهي، إذ التصقَ بك آسا الملك،.

صارت أيامه الأولى مقدسة.

لم يكن لإسرائيل في ذلك الحين أيام بلا إله حق.

بل صارت أيامه كأيام يشوع بن نون.

تمتع بحياة النصرة والبرِّ والسلام.

  • لتكن أيام حياتي أيام خير لا أيام شرّ.

لتشرق عليها يا شمس البرّ، فأستنير بك.

لن يتسلل إبليس بنوره المخادع إلى قلبي.

ولا يجتذب حياتي إلى الشر والفساد.

قدِّس أيامي، فتُحسَب أيامًا لك يا مخلصي.

تمدني بنعمتك، وتكسوني ببرِّك، وتهبني سلامك!

  • لأطلبك فأجدك لي.

أُناجِيك: حبيبي لي، وأنا لحبيبي.

تُحَوِّل إنائي الخزفي إلى كريستال نقي.

تتجلَّي صورتك فيَّ، وينعكس بهاؤك عليَّ!

تشبع أعماقي بك، فلا تطلب سواك!

تصير أنت نوري ومجدي وشبعي وغناي.

أجد فيك راحتي وسعادتي.

  • تُحَطِّم كل وثنٍ في داخلي،.

وتنزع كل رجاسة ودنس من أعماقي.

يَتَحَوَّل قلبي إلى مذبحٍ مُقَدَّس لك.

يُسمَع في داخلي صوت هتاف مُفرِح.

وتصعد من أعماقي رائحة بخور عطر!

تتمجَّد فيَّ بأعمال نعمتك.

وتفتح أبواب الفردوس لقلبي.

تسكن فيَّ، وأسكن فيك، يا شهوة قلبي.


[128] Cf. Patrick Henry Reardon: Chronicles of History and Worship. Orthodox Reflections on Chronicles, 2 Chapter 15.

[129] Antiq. 8: 12: 2.

[130] عظات العلامة أوريجينوس على سفر القضاة: العظة الأولى، 1. ترجمة الشماس بيشوي بشرى فايز.

[131] ربما يكون المقصود هو عزيا وليس آحاز بن يوثام الذي ملك من 736 ق. م حتى 716 ق. م. كان كل ملوك يهوذا أشرارًا في عيني الرب بحسب ما ورد في سفر إشعياء و (2 أي 26– 28). تمت رؤية إشعياء (إش 1) بخصوص أورشليم ويهوذا في هذه الفترة. أعطى الرب إشعياء رسالة النبوة فقط في سنة وفاة عزيا (إش 6).

[132] عظات العلامة أوريجينوس على سفر القضاة: العظة الأولى، 1. ترجمة الشماس بيشوي بشرى فايز.

[133] عظات العلامة أوريجينوس على سفر القضاة: العظة الأولى، 1. ترجمة الشماس بيشوي بشرى فايز.

[134] عظات العلامة أوريجينوس على سفر القضاة: العظة الأولى، 1. ترجمة الشماس بيشوي بشرى فايز.

[135] عظات العلامة أوريجينوس على سفر القضاة: العظة الأولى، 2. ترجمة الشماس بيشوي بشرى فايز.

[136] كلمة النفس هنا تعود بالأكثر إلى الذهن أو الجزء العاقل في النفس.

[137] عظات العلامة أوريجينوس على سفر القضاة: العظة الأولى، 3. ترجمة الشماس بيشوي بشرى فايز.

[138] عظات العلامة أوريجينوس على سفر القضاة: العظة الأولى، 4. ترجمة الشماس بيشوي بشرى فايز.

[139] عظات العلامة أوريجينوس على سفر القضاة: العظة الأولى، 5. ترجمة الشماس بيشوي بشرى فايز.

[140] Song of Songs, homily 6. تعريب الدكتور جورج نوار.

[141] Song of Songs, homily 15.. تعريب الدكتور جورج نوار.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلأَصْحَاحُ السَّادِسُ عَشَرَ - سفر أخبار الأيام الثاني - القمص تادرس يعقوب ملطي

اَلأَصْحَاحُ الرَّابِعُ عَشَرَ - سفر أخبار الأيام الثاني - القمص تادرس يعقوب ملطي

تفاسير أخبار الأيام الثاني الأصحاح 15
تفاسير أخبار الأيام الثاني الأصحاح 15