اَلأَصْحَاحُ الرَّابِعُ – سفر أخبار الأيام الثاني – القمص تادرس يعقوب ملطي

هذا الفصل هو جزء من كتاب: 14- تفسير سفر أخبار الأيام الثاني – القمص تادرس يعقوب ملطي.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

اَلأَصْحَاحُ الرَّابِعُ

الأثاث المعدني والأواني المقدسة.

ورد أثاث الهيكل في 1 مل 7: 13 - 51. كان لهذا الأثاث أهميته في هيكل الرب، وفي نفس الوقت يحمل رموزًا تَمِسُّ حياة المؤمن في العهد الجديد. بدون هذا الأثاث الذي عيَّنه الرب لم يكن ممكنًا للكهنة أن يمارسوا خدمتهم التي تُسر الرب.

1. المذبح النحاسي 1.

2. البحر المسبوك 2 - 6.

3. المنائر الذهبية والموائد 7 - 8.

4. أبواب دار الكهنة 9 - 10.

5. أواني مقدسة وغيرها 11 - 22.

ربما نتساءل: ماذا ننتفع من دراستنا للهيكل المقدس والأثاث المعدني والأواني المقدسة؟

يُقَدِّم لنا العلامة أوريجينوس الإجابة على هذا السؤال في حديثه عن خيمة الاجتماع وأثاثاتها، وهو ينطبق أيضًا على الهيكل.

  • يستطيع كل منا بناء خيمة اجتماع لله داخل نفسه. وكما ذكر الأولون أن خيمة الاجتماع تُمَثِّل العالم كله، وكل فردٍ فيها يستطيع أن يحمل صورة العالم، فلماذا إذًا لا يُكَمِّل كل منا صورة خيمة الاجتماع في داخله؟!

لا بد من تأسيس أعمدة الفضيلة في داخله؛ تشير الأعمدة الفضية إلى طول الأناة والتعقل. فأحيانًا يبدو الشخص صبورًا ولكن بدون تعقلٍ، مثل هذا الشخص عنده أعمدة، ولكن ليست فضية، الإنسان الذي يتألم بسبب كلمة الله، ويكرز بها بشجاعة، هو شخص يتحلَّى بالأعمدة الفضية ويحتمي فيها...

يمكن أيضًا أن توسّع القصور داخلك عندما يتَّسع القلب حسب الكلمة التي أوصى بها الرسول أهل كورنثوس، قائلاً: "كونوا أنتم أيضًا مُتَّسعين" (2 كو 13: 6).

ويستطيع الإنسان أيضًا أن يُحَصِّنَ نفسه بعوارض، حينما يرتبط بوحدة المحبة.

ويمكنه أن يقف على الأسس الفضية عندما يتأسس في ثبات كلمة الله النبوية والرسولية.

يمكنه أن يُزَيِّن رؤوس الأعمدة بتيجان، إذا كان تيجانه هي الإيمان بالمسيح، لأن "رأس كل رجل هو المسيح" (1 كو 3: 11).

ويمكن للإنسان أن يُقِيمَ في نفسه عشرة دياراتي، وذلك حينما يتعمَّق لا في كلمة أو اثنتين أو ثلاث كلمات من الشريعة، ولكن يتمتَّع باتِّساع المعنى الروحي للوصايا العشر للناموس وعندما يُثمِر ثمر الروح: فرح، سلام، طول أناة، وداعة، لطف، تعفف، إيمان، صلاح، وبالأخص عندما تُضَاف المحبة فوق كل تلك الثمار. لتكن هذه النفس يقظة: "لا تعطى نعاسًا لعينيها، ولا نومًا لأجفانها، ولا راحة لصدغها، حتى تجد مسكنًا لإله يعقوب" (مز 4: 131 - 5).

أقول، ليرسخ في تلك النفس مذبح دائم ثابت، تُقَدَّم عليه الصلوات للتمتُّع برحمة الله، يُقَدَّم أيضًا عليه الكبرياء وضحايا كعجل مُسَمَّن مذبوح بسكين الاعتدال، فيُذبَح بها الغضب ككبشٍ، وتُقَدَّم كل اللذات والشهوات كماعزٍ وجداءٍ.

ليعرف كيف يحفظ من الذبيحة للكهنة الذراع اليمنى والصدر والفك إشارة إلى الأعمال الصالحة، والأعمال اليمينية (أي لا يحتفظ بأي نوعٍ من الشر)، والصدر الذي يرمز إلى القلب المستقيم والفكر المُكرَّس لله، أما الفك فيُمَثِّل كلمة الله المنطوقة.

ليُدرِك الإنسان وجوب وضع المنارة في مقدسه الداخلي، وينير سرجها دائمًا، ويمنطق نفسه، فيكون هو نفسه كالعبد الأمين الذي ينتظر رجوع سيده من العرس (لو 35: 12 - 36). يقول الرب عن تلك السُرج: "سراج الجسد هو العين" (مت 6: 22).

ليضع المنارة ناحية الجنوب لكي تتطلَّع نحو الشمال، لأنه حينما تنير السرج، أي يلتهب القلب الداخلي يترقَّب ناظرًا جهة الشمال على الدوام، يترقَّب ذاك الذي "هو من الشمال" حيث شهد "قدرًا منفوخة ووجهها من جهة الشمال"، لأن الشر يلتهب من الشمال "(إر 13: 1 - 14). فليكن الإنسان إذًا يقظًا على الدوام مترقبًا خداع عدوه وعلى استعدادٍ دائمٍ لمواجهة حروبه حتى إذا ما بدأ هجومًا وزحف نحوه يصده. يقول بطرس الرسول أيضًا:" إبليس خصمكم كأسدٍ زائرٍ يجول ملتمسًا من يبتلعه هو "(1 بط 8: 5).

ليضع المائدة وعليها اثنتا عشرة خبزة جهة الشمال ومتجهة نحو الجنوب. يشير الخبز إلى الكلمة الرسولية في العدد والقوة. وباستمرارية استخدامها كما أمر الرب موسى أن يوضع الخبز دائمًا أمام الرب، ويتجه الإنسان نحو الجنوب مُترقِّبًا قدوم الرب، "لأن الرب سيأتي من تيمان"، كما هو مكتوب لأنها في الجنوب.

ليضع مذبح البخور في أعماق قلبه، ليقول مع الرسول: "نحن رائحة المسيح الذكية" (2 كو 2: 15).

ليكن لكل إنسانٍ تابوت عهد يحتفظ فيه بلوحي الشريعة حتى "يلهج في ناموس الله نهارًا وليلاً" (مز 2: 1)، وليصبح فكره كتابوت العهد ومكتبة تضم كتب الله، لأن الأنبياء طوّبوا الذين يحفظون وصاياه "في ذاكرتهم (مز 105 (106): 3).

ليحفظ الإنسان أيضًا في داخل قلبه قسط المن إشارة إلى جمال وعذوبة فهم كلمة الله، وليحفظ أيضًا عصا هرون إشارة إلى التعليم الكهنوتي وقد أزهرت بتأديب مستقيم (العصا للتأديب والتهذيب).

بالإضافة إلى كل تلك الأمور السماوية فليرتدِ ملابس رئيس الكهنة. هذا هو أثمن عمل يمكن أن يقوم به الإنسان، إذ يقوم بدور رئيس الكهنة. يرى البعض أن تلك المهمة هي مراقبة القلب، ويرى آخرون أنها الفهم العقلي أو المادة الفكرية. ولكن مهما أطلقوا عليها من أسماء، فهي تبقى تعني الجزء (من النفس) الذي له القدرة على الميل الأساسي نحو الله. فلنُزَيِّن إذًا هذا الجزء الذي فينا بالثياب والجواهر الثمينة وبجبّة كهنوتية طويلة. هذه الجبة تكسو القدمين، وتُغَطِّي الجسم كله، وهذا إشارة إلى أن يكتسي الإنسان كله بثوب العفة. ويرتدي أيضًا الرداء الخارجي المُزَيَّن بالجواهر إشارة إلى الأعمال الحسنة: "فيروا أعمالكم الحسنة، ويُمَجِّدوا أباكم الذي في السماوات" (مت 5: 16)...

ليكن لرئيس الكهنة أغطية على أعضائه الداخلية، فتُغَطِّي أجزاء جسمه الخاصة، فيكون "مقدّسًا جسدًا وروحًا" (1 كو34: 7)، طاهرًا في فكره وأعماله.

ليضع جلاجل (أجراسًا) على أذيال جبّة الرداء، وكما يقول الكتاب إنه عندما يدخل المقدس يعطي صوتًا ولا يدخل في سكونٍ (خر 35: 28). هذه الأجراس التي تعطي صوتًا على الدوام تُوضَع في هدب الثوب. أظن أن الغرض من هذا في رأيي هو ألا تصمت عن ذكر الأيام الأخيرة ونهاية العالم، بل دائمًا تضرب الأجراس وتحاور وتتحدَّث، متفقةً مع ذاك الذي قال: "أذكر أواخر أيامك فلا تخطئ" (سيراخ 40: 7)، بهذه الطريقة يَتَزيَّن إنساننا الداخلي ليصير رئيس كهنة لله، مستحقًا لا للدخول إلى القدس فقط، بل أيضًا إلى قدس الأقداس، ويقترب من عرش الرحمة حيث الشاروبيم، فيتراءى له الله.

والقدس إشارة إلى الحياة المقدسة في العالم الحاضر، أما قدس الأقداس الذي يدخله (رئيس الكهنة) مرة واحدة في السنة رمزًا للعبور إلى السماويات حيث عرش الرحمة، ويُوجَد الجالس على الشاروبيم، حيث يُعلِن الله ذاته في القلب النقي، إذ يقول الرب: "لأن ها ملكوت الله داخلكم" (لو 21: 17) [37] ".

العلامة أوريجينوس.

العدد 1

1. المذبح النحاسي

وَعَمِلَ مَذْبَحَ نُحَاسٍ طُولُهُ عِشْرُونَ ذِرَاعًا،.

وَعَرْضُهُ عِشْرُونَ ذِرَاعًا،.

وَارْتِفَاعُهُ عَشَرُ أَذْرُعٍ. [1].

من يقترب من الهيكل من جهة الشرق يجد مدخل ساحة دار الكهنة. في هذا المدخل يأتي الشعب بذبائحهم وتقدماتهم التي يحضرونها للرب. على اليمين من جهة الجنوب يوجد المذبح النحاسي، حيث توجد النار مشتعلة على الدوام، والكهنة يُقَدِّمون الذبائح (خر 27: 1 - 8؛ 38: 1 - 7).

المذبح النحاسي هنا هو نظير المذبح الموسوي في جبعون (1: 6؛ خر 38: 30)، ولكنه أكبر منه.

الأشياء المصنوعة من النحاس هي مذبح المُحرَقات [1]، والبحر المسبوك والمراحض لحمل الماء [2 - 6]، وغشاء لمصاريع أبواب دار الكهنة [19]، وبعض أواني المذبح وغيرها [10 - 18].

لم يُذكَر المذبح النحاسي في سفر الملوك. كان يُقدَّم عليه المُحرَقات، وكان أكبر بكثير من المذبح الذي عمله موسى في خيمة الشهادة الذي كانت أبعاده خمسة أذرع مربعة، أما المذبح في هيكل سليمان فكانت أبعاده عشرين ذراعًا مُربّعة، فقد تزايد شعب إسرائيل، وأصبح كثير العدد وغنيًا، وكان الأمل أن يكون أكثر تقوى خلال خبرة الشركة مع الله عبر هذه الأجيال.

كان من المتوقع أن تكون التقدمات لمذبح الله بوفرة كثيرة عما كان سابقًا، لذلك صُنِعَ على سعة كبيرة ليوضع عليه كل التقدمات. فالله قد وسع حدودهم، وكان من المناسب أن يوسعوا مذابحه. فما نُقَدِّمه يجب أن يكون على قدر ما يُعطَى لنا.

كان ارتفاع المذبح عشرة أذرع لكي ما يتمكَّن الشعب الذي يعبد في الدار الخارجية من رؤية ذبائح المُحرَقة، فيتأثر قلبه بذلك، فيُقَدِّم توبة عن خطاياه، قائلاً: إنه من رحمة الله أنني لم أُهلك، وأن هذه الذبيحة قد قُبِلَت كفارة عن ذنبي. ولعلّهم بهذا ينقادون إلى معرفة الذبيحة العظيمة التي ستُقَدَّم في ملء الزمان، ذبيحة المسيح! ولعل قلوبهم تُحَلِّق في السماويات، عندما يرون صعود دُخَّان الذبائح.

لم يذكر الكتاب المقدس كيف كان يصعدون ويحملون الذبائح إلى المذبح، فالبعض يعتقد أنهم كانوا يصعدون كما على تلٍ، دون أن يستخدموا درجات (سلالم)، لأن هذا تمنعه الشريعة (خر 20: 26). يرى البعض أنه كان بلا شكٍ يوجد درج مائل للصعود إلى المذبح.

في عظات العلامة أوريجينوس على سفر يشوع يُقَدِّم لنا صورة حية عن خدمة المذبح والذبائح في العهد القديم كرمزٍ لما تَحَقَّق بذبيحة السيد المسيح على الصليب.

  • يجب علينا شرح موت موسى، لأنه إن فهمنا كيف مات موسى، ندرك كيف يملك المسيح. فحينما ترى خراب أورشليم والمذبح بلا ذبيحة ولا تقدمة ولا كهنة أو لاويين، حينما ترى كل ذلك قل إن موسى خادم الرب قد مات.

وحينما ترى أنه لا يوجد أحد يأتي ثلاث مرات (في السنة) ليقف أمام وجه الرب، أو يُقَدِّم تقدمات في الهيكل، أو يذبح حمل الفصح، ويأكل خبزًا بدون خميرة، أو يُقَدِّم البكور أو يكرس الطفل البكر، حينئذ تدرك موت موسى خادم الرب.

ولكن حينما ترى دخول الأمم الإيمان وبناء الكنائس وتقديس المذبح بدم يسوع المسيح الثمين بدلاً من دم الذبائح، وتدرك عدم انشغال الكهنة واللاويين بدماء التيوس والعجول، بل بكلمة الله بواسطة نعمة الروح القدس، حينئذ يمكن القول إن السيد المسيح أخذ الرئاسة خلفًا لموسى...

حينما ترى المسيح فصحنا قد ذُبِحَ، وتأكل خبز الإخلاص الذي بلا خميرة، وتُثمر الأرض الجيدة للكنيسة تثمر ثلاثين وستين ومائة، أقصد الأرامل والعذارى والشهداء. وحينما ترى شعب بني إسرائيل يزدادون، أي الذين وُلِدوا ليس من دم ولا من مشيئة رجل ولا من مشيئة جسد، ولكن من الله قد وُلِدوا فصاروا أبناء الله، هؤلاء الذين كانوا قد تشتَّتوا وقد جمعهم إلي واحدٍ في شخصه.

حين ترى أيضًا حفظ الناس ليوم السبت، لا بترك العمل، ولكن بنزع الخطية، حينما تتم كل تلك الأمور، حينئذ تدرك أن موسى عبد الرب قد مات، وأن المسيح ابن الله له كل الرئاسة[38]. ".

العلامة أوريجينوس.

الأعداد 2-6

2. البحر المسبوك (الحوض أو الجرن)

وَعَمِلَ الْبَحْرَ مَسْبُوكًا عَشَرَ أَذْرُعٍ مِنْ شَفَتِهِ إِلَى شَفَتِهِ،.

وَكَانَ مُدَوَّرًا مُسْتَدِيرًا، وَارْتِفَاعُهُ خَمْسُ أَذْرُعٍ،.

وَخَيْطٌ ثَلاَثُونَ ذِرَاعًا يُحِيطُ بِدَائِرِهِ. [2].

على شمال المدخل نحو الجانب الجنوبي من ساحة دار الكهنة، يوجد البحر المسبوك عوض الحوض الصغير الذي كان قائمًا في ساحة خيمة الاجتماع (خر 30: 17 - 21؛ 38: 8).

يقف هذا الحوض على ظهر 12 تمثالاً لثيران، ربما تشير هذه الثيران إلى أسباط إسرائيل الاثني عشر (2 مل 16: 17)، وهي في مجموعات، تتكوَّن كل منها من ثلاثة تماثيل للثيران كل منها في اتجاهٍ مختلفٍ.

كان الكهنة يلتزمون أن تكون أياديهم وأرجلهم نظيفة، وإلا تَعَرَّضوا للموت (خر 30: 20).

تشير المياه التي للشرب في الكتاب المقدس إلى الروح القدس (يو 7: 37 - 39). بينما مياه الاغتسال تشير إلى كلمة الله (مز 119: 9؛ يو 15: 3؛ أف 5: 25 - 27).

إذ يعمل الكهنة في الهيكل يحتاجون إلى المياه للاغتسال وإلى كلمة الله لغسل قلوبهم بالروح القدس واهب النقاوة والقداسة والتجديد المستمر. هذا ما أعلنه السيد بغسله أقدام التلاميذ قبل تناولهم من جسده المقدس ودمه الكريم في خميس العهد.

كان هذا البحر مثل اللقَّان في كنيسة العهد الجديد، أو مثل المغطس في الكنائس القديمة. يليق بنا أن تغتسل ضمائرنا بالتوبة الحقيقية، لكي نخدم الله الحيّ (عب 9: 14)، كما يليق بنا أن نُطَهِّر أيادينا وقلوبنا (يع 4: 8)، حتى نسمع كلمات السيد المسيح: "الذي قد اغتسل ليس له حاجة إلا إلى غسل قدميه"، ويتجدد بتوبته كلما دخل ليخدم (يو 13: 10).

يرى يوسيفوس المؤرخ اليهودي أنه دُعِي بالبحر من أجل ضخامة حجمه. ويرى البعض أنه حمل هذا الاسم من أجل عمله الرمزي، فبحر سليمان يرمز للمياه الأولى في الخليقة حيث كان روح الله يرف عليها.

المذبح والبحر هما رمزان لمثيلهما في الهيكل السماوي المصنوع ليس بأيادٍ بشريةٍ.

وَشِبْهُ قُثَّاءٍ تَحْتَهُ مُسْتَدِيرًا يُحِيطُ بِهِ عَلَى اسْتِدَارَتِهِ،.

لِلذِّرَاعِ عَشَرٌ تُحِيطُ بِالْبَحْرِ مُسْتَدِيرَةً،.

وَالْقِثَّاءُ صَفَّانِ قَدْ سُبِكَتْ بِسَبْكِهِ [3].

كَانَ قَائِمًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ ثَوْرًا،.

ثَلاَثَةٌ مُتَّجِهَةٌ إِلَى الشِّمَالِ،.

وَثَلاَثَةٌ مُتَّجِهَةٌ إِلَى الْغَرْبِ،.

وَثَلاَثَةٌ مُتَّجِهَةٌ إِلَى الْجَنُوبِ،.

وَثَلاَثَةٌ مُتَّجِهَةٌ إِلَى الشَّرْقِ،.

وَالْبَحْرُ عَلَيْهَا مِنْ فَوْقُ، وَجَمِيعُ مُؤَخَّرَاتِهَا إِلَى دَاخِلٍ. [4].

وَسُمْكُهُ شِبْرٌ، وَشَفَتُهُ كَعَمَلِ شَفَةِ كَأْسٍ بِزَهْرِ سَوْسَنٍّ.

يَأْخُذُ وَيَسَعُ ثَلاَثَةَ آلاَفِ بَثٍّ. [5].

كان البحر أو الحوض متسعًا. يعتقد المفسّرون الربيُّون أن الكهنة اعتادوا أن يستحمّوا فيه، يغطسون فيه [6].

وَعَمِلَ عَشْر مَرَاحِضَ،.

وَجَعَلَ خَمْسًا عَنِ الْيَمِينِ وَخَمْسًا عَنِ الْيَسَارِ لِلاِغْتِسَالِ فِيهَا.

كَانُوا يَغْسِلُونَ فِيهَا مَا يُقَرِّبُونَهُ مُحْرَقَةً،.

وَالْبَحْرُ لِيَغْتَسِلَ فِيهِ الْكَهَنَةُ. [6].

يوجد عشر قواعد من نحاس مُزَيَّنة بأسود وثيران وكروبيم وعلى كل قاعدة حوض يسع 230 جالونًا من الماء. هذه القواعد بأحواضها موجودة في ساحة الكهنة على اليمين، وهي قائمة على عجلات يُمكِن بسهولة تحريكها، تُستخدَم في غسل الذبائح، وربما في تنظيف الهيكل بوجه عام.

عندما تتسخ المياه، تُفرَّغ في مكان مناسب، وتُملأ الأحواض بمياه نظيفة من البحر المسبوك.

هذه القواعد الحاملة للأحواض في غاية الجمال بزخارفها الكثيرة، لكي يدرك الكهنة واللاويون والشعب أن الله يرى في القداسة والنقاوة جمالاً خاصًا، وليس من عزلٍ بين القداسة والجمال (خر 28: 2؛ مز 29: 2؛ 69: 6، 9؛ 110: 3).

بالنسبة للمرحضة، في خيمة الاجتماع وجدت مرحضة واحدة، لأن جميع الكهنة كانوا من سبط لاوي، ولا يجوز حتى للملوك أن يمارسوا العمل الكهنوتي. أما في الهيكل حيث يشير إلى كنيسة العهد الجديد، فوجدت عشر مراحض، خمسًا عن اليمين وخمسًا عن اليسار، لأن كهنة العهد الجديد لا يرتبطون بسبط مُعَيَّن ولا أُمَّة مُعيَّنة، إذ في المسيح ليس يهودي ولا يوناني، إنما جميع الكهنة مستترون في رئيس الكهنة الأعظم السماوي، ربنا يسوع المسيح.

كانوا يغسلون فيها ما يُقَرِّبونه مُحرَقة [6]، فكما وجب أن يغتسل الكهنة، كذلك تُغسَل الذبائح. ونحن يلزمنا أن نطرح بكل حرصٍ كل الأفكار الشريرة.

الأعداد 7-8

3. المنائر الذهبية والموائد

وَعَمِلَ مَنَائِرَ ذَهَبٍ عَشَرًا كَرَسْمِهَا،.

وَجَعَلَهَا فِي الْهَيْكَلِ خَمْسًا عَنِ الْيَمِينِ، وَخَمْسًا عَنِ الْيَسَارِ. [7].

المكان المُتَّسِع والذي لا يصل إليه نور النهار يحتاج إلى هذه المنائر.

بالغ يوسيفوس في قوله بأنه في الهيكل وُجِدَ عشرة آلاف شمعدان.

تشبه المنارة التي كانت في خيمة الاجتماع.

كلمة الله هي سراج مُنِير يضيء في عالمٍ مظلمٍ.

في أيام موسى كانت منارة واحدة، وهي أسفار موسى الخمسة (التوراة). إضافة منارات أخرى هنا تشير إلى إضافة أسفار أخرى مقدسة. فالنور يتوهَّج أكثر، والمنائر أي الكنائس تتزايد (رؤ 1: 20).

أَسَّس موسى منارة واحدة هي الكنيسة اليهودية، لكن هيكل الإنجيل تضاعف فيه، ليس بسبب كثرة المؤمنين من اليهود، بل تضاعفت أيضًا الكنائس من كل الأمم والشعوب.

وَعَمِلَ عَشَرَ مَوَائِدَ، وَوَضَعَهَا فِي الْهَيْكَلِ،.

خَمْسًا عَنِ الْيَمِينِ، وَخَمْسًا عَنِ الْيَسَارِ.

وَعَمِلَ مِئَةَ مِنْضَحَةٍ مِنْ ذَهَبٍ. [8].

في 1 مل 7: 48 يذكر مائدة وجوه واحدة، لأن غاية السفر تأكيد قيام مملكة إسرائيل التي تُعَد الطريق لمجيء المسيا المُخَلِّص، أما 2 أي 4: 8، فيُشِير إلى عشر موائد في الهيكل، خمسًا علي اليمين، وخمسًا علي اليسار، وكأن كنيسة العهد الجديد كرمزٍ للسماء تفتح أبوابها لإسرائيل الجديد الذي يذوب فيه اليهود وسط الأمم، فيُقَدِّم المسيح نفسه خبزًا سماويًا للشعوب القادمة من المشارق والقادمة من المغارب، أي من أقاصي المسكونة إلى أقاصيها دون محاباة لأمةٍ معينةٍ.

ربما كان يوضع اثنتا عشرة خبزة على كل مائدة، فكلما كبر بيت الرب كبرت أيضًا الخدمة. ففي بيت أبي هناك خبز يكفي جميع الأسرة.

كان لهذه الموائد مائة منضحة أو طبق من ذهب، فإن مائدة الرب مُعدَّة حسنًا.

الأعداد 9-10

4. أبواب دار الكهنة

وَعَمِلَ دَارَ الْكَهَنَةِ وَالدَّارَ الْعَظِيمَةَ وَمَصَارِيعَ الدَّارِ،.

وَغَشَّى مَصَارِيعَهَا بِنُحَاسٍ. [9].

كانت أبواب دار الكهنة مُغطَّاة بالنحاس [9]، حتى لا تتأثَّر بعوامل الجو التي تتعرَّض لها؛ وقد ذُكرت أبواب النحاس في مز 107: 16.

وَجَعَلَ الْبَحْرَ إِلَى الْجَانِبِ الأَيْمَنِ إِلَى الشَّرْقِ مِنْ جِهَةِ الْجَنُوبِ. [10].

الأعداد 11-22

5. أواني مقدسة وغيرها

وَعَمِلَ حُورَامُ الْقُدُورَ وَالرُّفُوشَ وَالْمَنَاضِحَ،.

وَانْتَهَى حُورَامُ مِنْ عَمَلِ الْعَمَلِ الَّذِي صَنَعَهُ لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ فِي بَيْتِ الله: [11].

الْعَمُودَيْنِ وَكُرَتَيِ التَّاجَيْنِ عَلَى رَأْسَيِ الْعَمُودَيْنِ وَالشَّبَكَتَيْنِ،.

لِتَغْطِيَةِ كُرَتَيِ التَّاجَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى رَأْسَيِ الْعَمُودَيْنِ [12].

هنا نرى نبذة مختصرة للأشياء المصنوعة من النحاس.

يلاحظ هنا الآتي:

1. كان حورام صانعًا ماهرًا ومدقِّقًا وملتزمًا، فقد أنجز كل ما طُلِبَ منه [11]. دعاه ملك صور "حورام أبي"، ودعاه سليمان أيضًا هكذا، لأنه قد أبدع في عمله، وحُسِبَ أبًا لكل الصنَّاع المهرة.

2. كان سليمان كريمًا جدًا، فقد عمل آنية كثيرة جدًا [18] من كل نوعٍ، حتى يتم العمل في الهيكل بسرعة، ولكي توجد أواني تُستخدَم متى تلفت آنية.

جاءت التبرعات بسخاءٍ، وأعطى هو أيضًا بسخاءٍ. وعندما عمل ما يكفي من الأواني لذلك الحين لم يستطع أن يستخدم ما تبقَّى من النحاس لأغراضه الخاصة، لأنه كان مُخصَّصًا لله، ويجب أن يُستخدَم لخدمته فقط.

وَالرُّمَّانَاتِ الأَرْبَعِ مِئَةٍ لِلشَّبَكَتَيْنِ،.

(صَفَّيْ رُمَّانٍ لِلشَّبَكَةِ الْوَاحِدَةِ لِتَغْطِيَةِ كُرَتَيِ التَّاجَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى الْعَمُودَيْنِ). [13].

وَعَمِلَ الْقَوَاعِدَ، وَعَمِلَ الْمَرَاحِضَ عَلَى الْقَوَاعِدِ [14].

وَالْبَحْرَ الْوَاحِدَ وَالاِثْنَيْ عَشَرَ ثَوْرًا تَحْتَه [15].

وَالْقُدُورَ وَالرُّفُوشَ وَالْمَنَاشِلَ وَكُلَّ آنِيَتِهَا،.

عَمِلَهَا لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ حُورَامُ أَبِي لِبَيْتِ الرَّبِّ مِنْ نُحَاسٍ مَجْلِيٍّ. [16].

فِي غَوْرِ الأُرْدُنِّ سَبَكَهَا الْمَلِكُ فِي أَرْضِ الْخَزَفِ بَيْنَ سُكُّوتَ وَصَرَدَةَ. [17].

وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ كُلَّ هَذِهِ الآنِيَةِ كَثِيرَةً جِدًّا،.

لأَنَّهُ لَمْ يُتَحَقَّقْ وَزْنُ النُّحَاسِ. [18].

وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ كُلَّ الآنِيَةِ الَّتِي لِبَيْتِ الله وَمَذْبَحَ الذَّهَبِ،.

وَالْمَوَائِدَ وَعَلَيْهَا خُبْزُ الْوُجُوهِ [19].

مذبح الذهب: يوجد أمام الحجاب الذي يفصل قدس الأقداس عن القدس. عليه يُقَدِّم الكهنة بخورًا في الصباح والمساء، وهم يهتمون بالمنارة الذهبية (خر 30: 1 - 10؛ 37: 25 - 29).

يشير رفع البخور إلى رفع الصلوات لله (مز 141: 1 - 2؛ رؤ 5: 8، لو 1: 8 - 10).

أعطى الله لموسى الخلطة الخاصة بالبخور الذي يُقدم في خيمة الاجتماع والهيكل (خر 30: 34 - 38)، هذه الخلطة لا يجوز لأحد أن يستخدمها لغرض آخر.

في يوم الكفارة يستخدم رئيس الكهنة الدم لغسل المذبح الذهبي وتطهيره (خر 30: 10). لا نستطيع أن نقترب إلى الله بدون دم السيد المسيح الكفَّاري؛ إذ لا يجوز لنا الاقتراب إلا بأيادٍ طاهرةٍ وقلبٍ نقيٍ (مز 24: 3 - 5).

كان يُحرَق عليه البخور، ربما صُنِعَ بحجمٍ كبيرٍ كما حدث بالنسبة للمذبح النحاسي.

هنا فقط يشير الكتاب المقدس إلى كثرة من موائد خبز الوجوه.

وَالْمَنَائِرَ وَسُرُجَهَا لِتَتَّقِدَ حَسَبَ الْمَرْسُومِ أَمَامَ الْمِحْرَابِ مِنْ ذَهَبٍ خَالِصٍ [20].

وَالأَزْهَارَ وَالسُّرُجَ وَالْمَلاَقِطَ مِنْ ذَهَبٍ.

وَهُوَ ذَهَبٌ كَامِلٌ. [21].

وَالْمَقَاصَّ وَالْمَنَاضِحَ وَالصُّحُونَ وَالْمَجَامِرَ مِنْ ذَهَبٍ خَالِصٍ.

وَبَابَ الْبَيْتِ وَمَصَارِيعَهُ الدَّاخِلِيَّةَ لِقُدْسِ الأَقْدَاسِ،.

وَمَصَارِيعَ بَيْتِ الْهَيْكَلِ مِنْ ذَهَبٍ. [22].

من وحي 2 أي 4.

ما أعظم عمل يديك في داخلي؟!

  • من يستطيع أن يبني هيكلك سواك؟!

من يقوم بتأسيسه غير نعمتك؟!

لتؤسس في داخلي أعمدة الفضيلة الفضية.

كلمتك هي الأعمدة التي يقوم عليها بناء نفسي.

ليتني أتحلَّى بك، يا كلمة الله الكلِّي الجمال!

  • لتوسِّع تخوم هيكلك فيَّ،.

فيكون موضع سرورك ورضاك.

يتَّسِع بالحُبِّ لك ولكل إخوتي.

فلا يكون للكراهية أو الحسد أو الكبرياء موضع في أفكاري.

ولا تخرج كلمة جارحة من فمي.

  • لتُقم منارة ذهبية في داخلي.

تشرق بنور برِّك، فتتبدد كل ظلمة فيَّ.

بنورك لا يقدر رئيس مملكة الظلمة أن يتسلَّل داخلي.

  • لتُقِم مائدة خبز الوجوه المُشبِعة.

فلا أقتات بمحبة العالم وملذّاته.

إنما أتمتع بخبز الملائكة، فتشبع نفسي.

أقتات بجسدك المحيي ودمك الكريم.

فأتمتَّع بالحياة الأبدية.

  • ليصعد بخور عطر كما إلى السماء.

لتكون صلواتي مقبولة لديك.

تحمل رائحتك الذكية، فتدخل إلى عرشك الإلهي.

  • اقبلْ حياتي ذبيحة حب، مُحرَقة كاملة أمامك.

ليس لي ما أُقَدِّمه لك من عندي.

هَبْ لي أن أُقَدِّم لك مما تهبني.

قَدِّس عواطفي وأحاسيسي وكلماتي،.

لأُقَدِّم الحب، ذبيحة مرضية أمامك.

  • لتكن كل طاقاتي ومواهبي ووزناتي أواني مقدسة لك،.

لا تتوقَّف عن الخدمة والعبادة والتسبيح لك.


[37] Origen: In Exod. hom. 9: 4 (Ronald E. Heine).

[38] In Jos. hom 2: 1.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلأَصْحَاحُ الْخَامِسُ - سفر أخبار الأيام الثاني - القمص تادرس يعقوب ملطي

اَلأَصْحَاحُ الثَّالِثُ - سفر أخبار الأيام الثاني - القمص تادرس يعقوب ملطي

تفاسير أخبار الأيام الثاني الأصحاح 4
تفاسير أخبار الأيام الثاني الأصحاح 4