اَلأَصْحَاحُ الثَّامِنُ عَشَرَ – سفر أخبار الأيام الثاني – القمص تادرس يعقوب ملطي

هذا الفصل هو جزء من كتاب: 14- تفسير سفر أخبار الأيام الثاني – القمص تادرس يعقوب ملطي.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

اَلأَصْحَاحُ الثَّامِنُ عَشَرَ

تحالف يهوشافاط مع أخآب.

ورد هذا الأصحاح تقريبًا في (1 مل 22) فيما عدا الآيات 1 - 3. غير أن النظرة التي يتطلع إليها ملوك الأول تختلف عن تلك التي لأخبار الأيام الثاني. الأول يهتم بقصة ميخا وأخآب، والثاني ميخا ويهوشافاط، يذكر أخآب بطريقة عارضة، فإن يهوشافاط ملك يهوذا لا أخآب ملك إسرائيل الذي كان مهتمًا أن يطلب مشورة ميخا [6 - 7]. هذا كان باعث قلبي صادر من يهوشافاط. كان بعض ملوك يهوذا يَعتزُّون بكل قلوبهم بكلمة الرب (راجع 12: 5 - 6؛ 15: 1 - 7؛ 16: 7 - 9؛ 19: 2 - 3؛ 20: 13 - 17؛ 24: 20؛ 25: 7 - 9، 15 - 16؛ 28: 9 - 11؛ 33: 10؛ 34: 22 - 28). وذلك على خلاف ملوك إسرائيل الذين لم يكونوا يبالون بعبادة الله الحي، بل غالبًا ما كانوا يقاومونها.

ارتباط يهوشافاط ملك يهوذا الصالح بأخآب ملك إسرائيل الشرير شوَّه صورة يهوشافاط، وسَبَّب له متاعب كثيرة.

1. ارتباط يهوشافاط بأخآب الشرير 1.

2. مشاركة أخآب لاستعادة راموت جلعاد 2 - 3.

3. استشارة الأنبياء الكذبة 4 - 5.

4. يهوشافاط يطلب نبيًا للرب 6 - 27.

5 الرب ينقذ يهوشافاط 28 - 31.

6. جرح أخآب وموته 32 - 34.

العدد 1

1. ارتباط يهوشافاط بأخآب الشرير

وَكَانَ لِيَهُوشَافَاطَ غِنًى وَكَرَامَةٌ بِكَثْرَةٍ.

وَصَاهَرَ أخآب. [1].

نقطة الضعف الخطيرة في حياة يهوشافاط أنه صاهر الملك الشرير أخآب. سيرته تكشف عن خطورة التصاق الأتقياء بفاعلي الشر.

دخل يهوشافاط في علاقة مصاهرة مع أخآب الذي باع نفسه لعمل الشر، عابد وثن، ومقاوم لعبادة الله الحيّ. لقد زَوَّج يهوشافاط ابنه يهورام لعثليا ابنة أخآب، وكانت صورة مطابقة لأمها إيزابل الشريرة التي قتلت الأنبياء وهدمت مذابح الرب، ونشرت عبادة البعل في إسرائيل.

ربما سقط يهوشافاط في فخ محبة الكرامة والغِنَى، فأراد أن يُزوِّج ابنه لابنة ملك إسرائيل الغَنِي والذي كانت له شهرة بسبب انتصاراته. نخطئ كثيرًا عندما نُكَوِّن الصداقة على مُجَرَّد شهرة الآخرين، بقصد نوال شهرة بصداقتنا معهم، أو نُحِبّهم لمُجَرَّد مدح الآخرين لهم.

يرى البعض أنه فعل ذلك لأسباب سياسية، مثل رغبته في توحيد المملكتين في ابنه، ولعل أخآب أغراه بأنه سيجعل يهورام وارثًا له. وحدة المملكتين أمر مُفرِح، لكن كان يلزم أن تكون على أساس وحدة الإيمان والحياة المقدَّسة. فقد أخطأ يهوشافاط حين قال: "مثلي مثلك، شعبي كشعبك، وخيلي كخيلك". كان يليق به أولاً أن يطلب قدسيَّة حياة الملك وشعبه قبل الاتِّحاد معه في الحروب. لقد دفع يهوشافاط الكثير بسبب هذه الصداقة القائمة بلا أساس.

ما أراد هذا السفر تأكيده، أن الخطأ الخطير الذي ارتكبه آسا هو تحالفه الغبي مع أرام، أما بالنسبة ليهوشافاط، فإن أخطر ما فعله هو مصاهرته لأخآب ملك إسرائيل المُقاوِم للحق الإلهي.

بسبب هذه المصاهرة دخلت الوثنية الفينيقية بشرورها بكل قوةٍ في مملكة يهوذا، وبسبب هذا الخطأ الفاحش مرَّت فترة كاد كل نسل داود أن يفنى، لو لم يقم الكاهن يهوياداع بتخبئة يوآش الطفل الصغير في مخازن الهيكل لمدة ست سنوات، ليستلم كرسي داود وهو في السابعة من عمره (22: 1 - 12). هذا ما جعل كاتب السفر بوحي الروح القدس يُسَجِّل مصاهرة يهوشافاط أخآب هنا، وكيف تَعَرَّض يهوشافاط نفسه للقتل في المعركة ربما بخبث أخآب.

كثيرًا ما حذرنا الكتاب المقدس وآباء الكنيسة من الصداقات الشريرة. أخطأ القديس أغسطينوس في بداية حياته عندما كَوَّن صداقة بينه وبين هيريوس Hierius لمُجَرَّد شهرته، لينال هو أيضًا شهرة على حساب هذه الصداقة.

  • ماذا دفعني أيها الرب إلهي أن أهدي هذه الكتب لهيريوس وهو أحد خطباء روما، الذي أَحببتُه دون أن أُقَابلَه، إنما لمُجَرَّد ما اشتهر به من عِلْمٍ؟!...

ولكن هل يمكن أن تتدخَّل المحبة في قلب السامع لمُجَرَّد سماعه عنه من فم مادحه؟!...

لقد أَحببتُ في ذلك الوقت الممدوحين من البشر، وليس الممدوحين منك، وإن كنت قد أَحببتهم ومدحتهم، فإنني كنت أود أن أكون مشهورًا مثلهم...

من أين أعرف، وكيف أعترف لك بأنني أحببت ذلك الخطيب بسبب حُبِّ مادحيه له، أكثر من حُبِّي له؛ بسبب الصفات التي مدحوه من أجلها، فلما ذمه مادحوه أنفسهم... فترت محبتي له وصرت غير متأثر به؛ مع أن الأسباب التي ذموه لأجلها لم تكن جديدة عليه، كما لو أنه أصبح شخصًا آخر. لكن الذي تَغَيَّر هو شعور المُتحدِّثين عنه.

القديس أغسطينوس.

  • افحصي يا نفسي ذاتك، وانظري إلى أي موضع تنتقلين، إذا طُرِدتِ من جسدكِ، ومن هم الأبناء رفقاؤكِ الذين تسيرين معهم لميراثهم؟ إن كانوا ملائكة نور، فكيف لم يضيئوا عليكِ بشعاع جمالهم بمجيئهم عندك؟! ويفرحوا بالخلطة معهم قبل الافتراق؟! وأما إذ كانوا أولئك السمجين الخداعين بالشهوة، السارقين للأطفال إلى بلدة ظلمتهم، المحرومة من العزاء، فالويل لي من صحبتهم، الويل لي من قُرْبهم الذي يبعدني عن ربِّي! الويل لي لأني أَطعتُ غشهم، ومَنعتُ نفسي من نظر الحُسن! الويل لي لأني أَبعدتُ ذاتي عن الشر، وصرت شريكًا للشرير بإرادتي.

الشيخ الروحاني.

  • لا تُفسِدْ وصية الله من أجل صداقة أحدٍ. لا تعُد إلى المدينة التي أخطأتَ لله فيها مرةً أخرى. لا تتخلَّ عن العبادة لئلاّ يصير ذلك لك فخًّا وعثرة.

الطوباوي أنبا أنطونيوس.

  • المعاشرات والاتحاد الخاص يضر النفس ضررًا عظيمًا. لهذا يجب علينا أن نهرب منه باحتراس ونتوطد على هذا الأساس... وهو أنه لا يجوز في الرهبنة أن يكون لأحد صديق خاص يتَّحد معه في صداقة يمكن أن يتألم من قبلها بقية الإخوة.

القديس مار أفرآم السرياني.

  • لا تضطربوا لحقيقة أن (داود النبي) حسب السلام شرًا. فإنَّكم تجدون حقًا في الإنجيل أيضًا سلامًا يرفضه المسيح، كما يقول هو نفسه: "سلامي أترك لكم، سلامي أنا أعطيكم، ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا" (يو 14: 27). لأنَّه يوجد سلام لا يضع حجر عثرة، وسلامًا يضع!... لهذا أيضًا يقول النبي "سلام سلام، وليس سلام" (حز 13: 10). إذن، لنهرب من سلام الأشرار، لأنَّهم يتآمرون ضدّ البريء ويجتمعون على مضايقة البار (حك 2: 12)، ويقهرون الأرملة، ويسحقون تواضعها! [163].

القدِّيس أمبروسيوس.

الأعداد 2-3

2. مشاركة أخآب لاستعادة راموت جلعاد

وَنَزَلَ بَعْدَ سِنِينَ إِلَى أخآب إِلَى السَّامِرَةِ،.

فَذَبَحَ أخآب غَنَمًا وَبَقَرًا بِكَثْرَةٍ لَهُ وَلِلشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ،.

وَأَغْوَاهُ أَنْ يَصْعَدَ إِلَى رَامُوتِ جِلْعَادَ. [2].

في السنة السابعة عشرة من حُكْمِ يهوشافاط، وهي ليست أقل من ثمان سنوات من إتمام زواج ابنه بعثليا ابنة أخآب[164]، قام بزيارة أخآب في السامرة.

ذبح أخآب غنمًا وبقرًا بكثرة له وللشعب الذي معه. في هذا لم يسلك يهوشافاط في طُرُق أبيه الذي لم يُجَالِس الأشرار، إذ يقول: "طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار، وفي طريق الخطاة لم يقف، وفي مجلس المستهزئين لم يجلس" (مز 1: 1). كما يقول: "أبغضت جماعة الأثمة، ومع الأشرار لا أجلس" (مز 26: 5). ولم يشتهِ أن يأكل من نفائسهم (مز 141: 4).

صنع أخآب هذه الوليمة ليَتَمَلَّق يهوشافاط، ويجتذبه ليُشارِكَه في استرداد راموت جلعاد من ملك أرام.

قام يهوشافاط بهذه الزيارة كنوعٍ من الصداقة مع أخآب، ولم يكن في ذهنه أن يُقِيمَ تحالفًا سياسيًا ضد أرام. غير أن أخآب استغل هذه الزيارة لإقامة تحالف سياسي مع يهوشافاط.

  • "لم أجلس مع محفل باطل" (مز 26: 4)... إلى أي شيء يرمز الجلوس؟ أن يكون الشخص بقلب واحدٍ مع من يعاشرهم. إن لم يكن قلبك هناك على الرغم من وجودك معهم، فأنت لا تجلس معهم، أما إن كان قلبك هناك، فإنك تجلس معهم حتى وإن كنت غائبًا عنهم (بالجسد).

القديس أغسطينوس.

وَقَالَ أخآب مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا:

أَتَذْهَبُ مَعِي إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ؟

فَقَالَ لَهُ: مَثَلِي مَثَلُكَ، وَشَعْبِي كَشَعْبِكَ، وَمَعَكَ فِي الْقِتَالِ. [3].

كانت إمكانيات أخآب العسكرية قد انحدرت، بينما كانت قوة آرام (سوريا) العسكرية قد تشدَّدت.

تَسَرَّع يهوشافاط في إجابته على أخآب، دون أن يحسب النفقة، فإنه يتحالف مع ملكٍ لا علاقة له مع الله، بل كان أخآب قد انحرف إلى العبادة الوثنية، وأحاط نفسه بمجموعة ضخمة من الأنبياء الذين ارتبطوا بعبادة العجول، ولم يكن في ذلك الوقت في إسرائيل نبي للرب إلا ميخا بن يملة وحده، وكان مكروهًا جدًا من أخآب. يبدو أن إيليا في ذلك الوقت كان قد انسحب إلى البرية، فلم يُعرَف في السامرة نبي سوى ميخا.

الأعداد 4-5

3. استشارة الأنبياء الكذبة

ثُمَّ قَالَ يَهُوشَافَاطُ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ:

اسْأَلِ الْيَوْمَ عَنْ كَلاَمِ الرَّبِّ. [4].

وهب الله يهوشافاط سلامًا، لكن خلال مصاهرته لأخآب اندفع إلى الحرب، ويبدو أنه كان قلقًا لهذا القرار، وقد طلب أن يسأل الله في الأمر.

جاء في 1 مل 22؛ 2 أي 20 أن يهوشافاط دخل في تحالف تجاري مع أخزيا بن أخآب الذي خلف والده على مملكة إسرائيل، وقد أُرسِلَتْ سفن إلى ترشيش حيث تجارة القمح والذهب، وتَحَطَّمت السفن وضاعت البضائع، فالله لا يبارك مثل هذا التحالف.

حسن أن يطلب يهوشافاط أن يسأل الله بخصوص الدخول في القتال، لكنه للأسف لم يسأل الله عند مصاهرته أخآب، ولا عند نزوله إلى السامرة.

فَجَمَعَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ الأَنْبِيَاءَ أَرْبَعَ مِئَةِ رَجُلٍ،.

وَقَالَ لَهُمْ: أَنَذْهَبُ إِلَى رَامُوتِ جِلْعَادَ لِلْقِتَالِ أَمْ أَمْتَنِعُ؟

فَقَالُوا: اصْعَدْ، فَيَدْفَعَهَا الله لِيَدِ الْمَلِكِ. [5].

الأعداد 6-27

4. يهوشافاط يطلب نبيًا للرب

فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ: أَلَيْسَ هُنَا أَيْضًا نَبِيٌّ لِلرَّبِّ، فَنَسْأَلَ مِنْهُ؟ [6].

تُرَى ماذا كانت مشاعر يهوشافاط المُلتصِق بالله حين طلب من أخآب أن يسأل، فأحضر له أربعمائة نبي ليس بينهم نبي واحد للرب؟ جميعهم أنبياء كذبة يَعْمَلون لحساب الشيطان! حقًا كانت نفسه مُرَّة، فقال: "أليس هنا أيضًا نبي للرب، فنسأل منه؟!".

كان يليق به أن يرفض البقاء في هذا المجلس الذي هو مجلس لحساب إبليس، ليس للرب موضع فيه.

في كل عصرٍ يوجد أنبياء كذبة يقاومون الحق الإلهي لحساب إبليس. يقول السيد المسيح: "يقوم أنبياء كذبة كثيرون، ويضلون كثيرين" (مت 24: 11)؛ "لأنه سيقوم مسحاء كذبة، وأنبياء كذبة، ويعطون آيات عظيمة، وعجائب، حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضًا" (مت 24: 24؛ مر 13: 22). يُحَذِّرنا الأنبياء والرسل منهم، قائلين: "ولكن كان أيضًا في الشعب أنبياء كذبة، كما سيكون فيكم أيضًا مُعَلِّمون كذبة، الذين يدسون بدع هلاك، وإذ هم ينكرون الرب الذي اشتراهم يجلبون على أنفسهم هلاكًا سريعًا" (2 بط 2: 1). "أيها الأحباء لا تُصَدِّقوا كل روحٍ، بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم" (1 يو 4: 1). "الأنبياء يتنبأون بالكذب، والكهنة تحكم على أيديهم، وشعبي هكذا أحب وماذا تعملون في آخرتها" (إر 5: 31). "لذلك هكذا قال الرب عن الأنبياء الذين يتنبأون باسمي، وأنا لم أرسلهم، وهم يقولون لا يكون سيف ولا جوع في هذه الأرض: بالسيف والجوع يفنى أولئك الأنبياء" (إر 14: 15).

  • عندئذ سُيحَلُّ الشيطان، فيعمل بكل قوته خلال ضد المسيح بطريقة باطلة ومدهشة... إنه يخدع الحواس الميتة بأوهام؛ فيظهر كمن يعمل أعمالاً في الحقيقة هو لم يعملها؛ أو ربما يفعل عجائب حقيقية لكنها تضلل الناس عن الحق، إذ يحسبونها قوة إلهية[165].

القديس أغسطينوس.

فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ:

بَعْدُ رَجُلٌ وَاحِدٌ لِسُؤَالِ الرَّبِّ بِهِ،.

وَلَكِنَّنِي أُبْغِضُهُ،.

لأَنَّهُ لاَ يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ خَيْرًا بَلْ شَرًّا كُلَّ أَيَّامِهِ،.

وَهُوَ مِيخَا بْنُ يَمْلَةَ.

فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ: لاَ يَقُلِ الْمَلِكُ هَكَذَا. [7].

فَدَعَا مَلِكُ إِسْرَائِيلَ خَصِيًّا،.

وَقَالَ: أَسْرِعْ بِمِيخَا بْنِ يَمْلَةَ. [8].

وَكَانَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا جَالِسَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى كُرْسِيِّهِ،.

لاَبِسَيْنِ ثِيَابَهُمَا وَجَالِسَيْنِ فِي سَاحَةٍ عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ السَّامِرَةِ،.

وَجَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ يَتَنَبَّأُونَ أَمَامَهُمَا. [9].

يبدو أن الملكين قد انسحبا من الوليمة، وجلسا على عرشيهما في ساحة عند مدخل مدينة السامرة. في هذا الموضع كان أخآب يجلس ينظر في بعض القضايا الهامة. كان الملوك في الشرق في ذلك الحين يجلسون على عروش متحركة يأخذونها معهم في رحلاتهم، وأينما ذهبوا[166].

الذين يجالسون المستهزئين غالبًا ما يسقطون في أخطاء كثيرة، منها عدم مبالاتهم بواجبهم.

جلس يهوشافاط بحُلَّتِه الملوكية صاغيًا بصبرٍ لأكاذيب الأنبياء الكذبة باسم الله، وربما كان يشعر بتأنيب ضمير خفيف في داخله بسبب البغضة نحو أحد أنبياء الله [7]. لم يجرؤ أن يؤنب النبي الكذاب الذي استهان بالرائي الصادق. ولم يعترض يهوشافاط على وضع النبي الصادق في السجن.

اعتاد أخآب أن يستمع إليهم، ويُعجَب بكلمات الإطراء والملاطفة ويرفض اللقاء مع النبي الصادق، لأنه صريح ويُحَذِّره من الخطأ والخطر. هنا تظهر خطورة المحاطين بالمداهنين، مثل الأنبياء الكذبة الذين يتكلمون بالناعمات، ويبثّون رجاءً مزيَّفًا.

وَعَمِلَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ لِنَفْسِهِ قُرُونَ حَدِيدٍ وَقَالَ:

هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: بِهَذِهِ تَنْطَحُ الأَرَامِيِّينَ حَتَّى يَفْنُوا. [10].

تستخدم القرون في الكتاب المقدس كرمزٍ للقوة. كان النطح بالقرون يشير إلى الدخول في معركة حربية بروح القوة، مع التأكد من النصرة على الأعداء (راجع تث 33: 17؛ مز 44: 5؛ دا 8: 4).

أما قول صدقيا وهو كاهن للبعل: "هكذا قال الرب"، فقد أراد بروح الكذب أن يُعلِنَ أنه مُرسَل من قِبَل الرب.

أما قيام صدقيا بعملية النطح بالقرون الحديدية، وإدِّعائه أن الرب قال له: "بهذه تنطح الأراميين"، فذلك لأن أنبياء الأوثان كانوا ليس مُجَرَّد ناطقين بما يقوله لهم الآلهة، إنما كان لديهم شخصيًّا القوة والسلطان أن يعملوا ما يريدون، وأن يحثّوا الآلهة على إتمام ما يطلبونه[167].

وَتَنَبَّأَ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ هَكَذَا قَائِلِينَ:

اصْعَدْ إِلَى رَامُوتِ جِلْعَادَ وَأَفْلِحْ،.

فَيَدْفَعَهَا الرَّبُّ لِيَدِ الْمَلِكِ. [11].

وَقَالَ الرَّسُولُ الَّذِي ذَهَبَ لِيَدْعُوَ مِيخَا:

هُوَذَا كَلاَمُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ بِفَمٍ وَاحِدٍ خَيْرٌ لِلْمَلِكِ.

فَلْيَكُنْ كَلاَمُكَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ. [12].

قَدَّم الرسول لميخا نبي الرب مشورة أو نصيحة أن يتكلم مع الملك بما اتفق عليه كل الأنبياء الكذبة أو أنبياء الأوثان. أما ميخا فحسب هذه المشورة شريرة وباطلة.

فَقَالَ مِيخَا: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ،.

إِنَّ مَا يَقُولُهُ إِلَهِي فَبِهِ أَتَكَلَّمُ. [13].

وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْمَلِكِ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ:

يَا مِيخَا، أَنَذْهَبُ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ لِلْقِتَالِ أَمْ أَمْتَنِعُ؟

فَقَالَ: اصْعَدُوا وَأَفْلِحُوا فَيُدْفَعُوا لِيَدِكُمْ. [14].

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي فيها يضطر أخآب أن يستدعيه فيسأله، وهو لا ينتظر منه الإجابة، إنما ينتظر منه أن ينطق بما يقوله الأنبياء الكذبة، ربما لكي يقنع الذين حوله أن هؤلاء الأنبياء صادقون. فكان يجيبه ميخا بما يطلبه الملك، ولكن بلهجة تحمل نوعًا من السخرية والاستخفاف بتصرُّفات الملك الذي يود أن ينطق رجل الله ليس حسب فكر الله، إنما حسب هوى الملك.

فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: كَمْ مَرَّةٍ أَسْتَحْلِفُكَ أَنْ لاَ تَقُولَ لِي إِلاَّ الْحَقَّ بِاسْمِ الرَّبِّ! [15].

كان الملك يعلم تمامًا أنه إذ يستحلف النبي، يلتزم الأخير أن يُغَيِّرَ أسلوبه، فلا يتكلم بسخرية، إنما ينطق بما يخبره به الرب.

فَقَالَ: رَأَيْتُ كُلَّ إِسْرَائِيلَ مُشَتَّتِينَ عَلَى الْجِبَالِ كَخِرَافٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا.

فَقَالَ الرَّبُّ: لَيْسَ لِهَؤُلاَءِ أَصْحَابٌ،.

فَلْيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ بِسَلاَمٍ. [16].

أدرك الملك ما وراء المَثَل من معنى، وذلك من صلاة موسى حين طلب من الرب رئيسًا أو قائدَا صالحًا للشعب فقال: "يخرج أمامهم، ويدخل أمامهم، ويخرجهم ويدخلهم، لكيلا تكون جماعة الرب كالغنم التي لا راعي لها" (عد 27: 17).

فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ:

أَمَا قُلْتُ لَكَ إِنَّهُ لاَ يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ خَيْرًا بَلْ شَرًّا؟ [17].

أراد أخآب أن يُصَوِّرَ ليهوشافاط أن ما نطق به ميخا لم يصدر من الله، إنما عن حقدٍ يحمله ضد الملك، لذلك جاء رأيه مناقضًا للإجماع الذي كان بين كل الأربعمائة نبي.

وَقَالَ: فَاسْمَعْ إِذًا كَلاَمَ الرَّبِّ.

قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّهِ،.

وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. [18].

كثيرًا ما تحدث داود النبي عن الرب الجالس على العرش في السماء (مز 9: 7؛ 11: 4؛ 45: 6؛ 103: 19)، وقد ظهر القدير جالسًا على العرش في رؤى وُهِبَت لإشعياء (إش 6)، ودانيال (دا 7: 9)، وحزقيال (حز 1: 26)، وإستفانوس (أع 7: 56)، ويوحنا (رؤ 4: 2).

فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أخآب مَلِكَ إِسْرَائِيلَ، فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟

فَقَالَ هَذَا هَكَذَا، وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. [19].

ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ، وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ.

فَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ [20].

جاء في الترجوم فكر غريب؛ وهو أن روح نابوت اليزرعيلي خرج من مسكن الأبرار ووقف أمام الرب، وقال: "أنا أخدعه"، فقال له الرب: "بماذا؟ فأجاب:" أُصَيِّر روح نبي كذَّاب في أفواه أنبيائه ". قال له الرب:" إذن ليكن هذا. ولكن إذ تأخذ سلطان لتخدعهم، لا يجوز لك أن تجلس بين الأبرار، لأن من يتكلم بالكذب، لا يقدر أن يقطن بين الأبرار. فاذهب عني، وأفعل ما قد قلته[168]. ".

فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ.

فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ.

فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا. [21].

إذ كان أخآب يستريح ويستطيب مشورة الأنبياء الكذبة، لذا سمح الله له أن يخدعه روح الكذب ويغويه.

يتعجب كيف يوجد في السماء من يقول: "أخرج وأكون روح كذب"، غير أنه من المعروف أن الرؤى الخاصة بالسماء لا تُفسَّر بطريقة حرفية، إنما هي أقرب إلى المثال أو الإعلانات التي لا يُنطَق بها. إنها تُقدَّم للبشر بطريقة تتناسب مع اللغة البشرية أو الفكر البشري.

وَالآنَ هُوَذَا قَدْ جَعَلَ الرَّبُّ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ أَنْبِيَائِكَ هَؤُلاَءِ،.

وَالرَّبُّ تَكَلَّمَ عَلَيْكَ بِشَرٍّ. [22].

فَتَقَدَّمَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ،.

وَضَرَبَ مِيخَا عَلَى الْفَكِّ وَقَالَ:

مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ عَبَرَ رُوحُ الرَّبِّ مِنِّي لِيُكَلِّمَك؟ [23].

غالبًا ما كان ميخا مربوط اليدين، وقد أُحضر من السجن. ضربه صدقيا على خَدِّه أو وجهه كنوعٍ من الخزي والعار.

فَقَالَ مِيخَا: إِنَّكَ سَتَرَى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي تَدْخُلُ فِيه.

مِنْ مِخْدَعٍ إِلَى مِخْدَعٍ لِتَخْتَبِئَ. [24].

لم يجب ميخا النبي صدقيا على سؤاله مباشرة، إنما قَدَّم الإجابة لجميع الحاضرين، قائلاً: لهم حين يأتي خبر موت أخآب الملك إلى السامرة، يختبئ كل مشيري الملك والأنبياء الكذبة، حينئذ يهرب صدقيا ليختبئ من موضعٍ إلى موضعٍ، خشيةً أن ينتقم منه أخزيا بن أخآب، أو إيزابل الملكة، عندئذ تدركون أنني نبي حقيقي.

فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: خُذُوا مِيخَا،.

وَرُدُّوهُ إِلَى أَمُّونَ رَئِيسِ الْمَدِينَةِ، وَإِلَى يُوآشَ ابْنِ الْمَلِكِ [25].

طلب الملك أن يردُّوا ميخا إلى السجن الذي كان محبوسًا فيه.

كان للسامرة رئيس مدينة، وكان من بين مسئولياته إدارة السجن العام والإشراف على طريقة التعامل مع المسجونين.

وَقُولُوا هَكَذَا يَقُولُ الْمَلِكُ: ضَعُوا هَذَا فِي السِّجْنِ.

وَأَطْعِمُوهُ خُبْزَ الضِّيقِ وَمَاءَ الضِّيقِ، حَتَّى أَرْجِعَ بِسَلاَمٍ. [26].

أراد أخآب أن يؤكد للملك يهوشافاط وجميع الحاضرين أنه لا يُصَدِّق ما يقوله ميخا، لذا أمر بالتشديد على النبي في السجن، فيأكل خبر الضيق أو الحزن، ويشرب ماء الضيق.

فَقَالَ مِيخَا: إِنْ رَجَعْتَ رُجُوعًا بِسَلاَمٍ، فَلَمْ يَتَكَلَّمِ الرَّبُّ بِي.

وَقَالَ: اسْمَعُوا أَيُّهَا الشُّعُوبُ أَجْمَعُونَ. [27].

موقف المُشيرين الأمناء صعب، وغالبًا ما يكونوا مكروهين ومُضطهدين، وذلك بسبب أمانتهم للرب إلههم. لكن في الوقت المناسب يكشف الله عن رجاله الأمناء وعن المضللين والكذبة.

عرَّض يهوشافاط الإنسان المستقيم في عينيّ الله نفسه للخطر بلباسه الملوكي، ومع ذلك نجَّاه الله. وأخآب الشرير الذي ادَّعى الصداقة الحميمة ليهوشافاط، وقَدَّم له مشورة خطيرة تُعرِّض يهوشافاط للقتل.

يرى البعض أنه قَدَّمها بسوء نيّة، فقد أضمر في نفسه إنهاء حياة يهوشافاط بجعله علامة واضحة أمام العدو لكي يقتله، وبذلك يسيطر على خليفته – ابنه يهورام – زوج ابنة أخآب. لكن سقط أخآب في الحفرة التي حفرها لصديقه.

لقد تخفَّى أخآب ليظهر كجندي عادي، فسمح الله أن يُقتَل بيد مجهول.

الأعداد 28-31

5. الرب ينقذ يهوشافاط

فَصَعِدَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ. [28].

كان يليق بيهوشافاط بعد سماعه ما قاله ميخا النبي أن ينسحب، ولا يذهب مع أخآب إلى المعركة.

للأسف لقد أعلن له ميخا النبي إرادة الله، ومع ذلك اندفع بالعاطفة نحو أخآب الشرير ليسنده في المعركة. ربما شعر أنه ليس من الرجولة أو الشجاعة أن يترك أخآب في المعركة وحده.

وَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: إِنِّي أَتَنَكَّرُ وَأَدْخُلُ الْحَرْبَ،.

وَأَمَّا أَنْتَ فَالْبَسْ ثِيَابَكَ.

فَتَنَكَّرَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ، وَدَخَلاَ الْحَرْبَ. [29].

ربما سمع أخآب الأمر الذي أصدره بنهدد لقادة جيشه، أن يُرَكِّزوا كل المعركة على شخص أخآب (1 مل 22: 31).

وَأَمَرَ مَلِكُ أَرَامَ رُؤَسَاءَ الْمَرْكَبَاتِ الَّتِي لَهُ:

لاَ تُحَارِبُوا صَغِيرًا وَلاَ كَبِيرًا إِلاَّ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ وَحْدَهُ. [30].

فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْمَرْكَبَاتِ يَهُوشَافَاطَ، قَالُوا إِنَّهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ،.

فَحَاوَطُوهُ لِلْقِتَالِ،.

فَصَرَخَ يَهُوشَافَاطُ، وَسَاعَدَهُ الرَّبُّ وَحَوَّلَهُمُ عَنْهُ. [31].

جاء في الترجوم: "صرخ يهوشافاط، وقَدَّمت له كلمة الرب مساعدة[169]".

إذ وَجد يهوشافاط نفسه في مأزق، صرخ طالبًا النجدة من رجاله. سمعه رؤساء مركبات أرام، وعرفوا أنها ليست صرخة أخآب، بل صرخة يهوشافاط، فتحوَّلوا عنه.

لم يحدث هذا اعتباطًا، إنما بسماح من الرب الذي أراد أن يُنقِذَ يهوشافاط بالرغم من عدم سماعه لما تنبّأ عنه ميخا.

ظَنَّ يهوشافاط أن الدخول في مصاهرة مع أخآب ملك إسرائيل الشرير يسنده ويعطيه قوة. لقد ضحَّى بشركته مع الله من أجل أسباب سياسية ودبلوماسية، فعرَّض نفسه للموت، مع هذا فإن الله تطلَّع إلى ما سبق فسلكه يهوشافاط بأمانة، فأنقذه من الموت.

الأعداد 32-34

6. جرح أخآب وموته.

فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْمَرْكَبَاتِ أَنَّهُ لَيْسَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ، رَجَعُوا عَنْهُ. [32].

وَإِنَّ رَجُلاً نَزَعَ فِي قَوْسِهِ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ،.

وَضَرَبَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ بَيْنَ أَوْصَالِ الدِّرْعِ،.

فَقَالَ لِمُدِيرِ الْمَرْكَبَةِ: رُدَّ يَدَكَ وَأَخْرِجْنِي مِنَ الْجَيْشِ، لأَنِّي قَدْ جُرِحْتُ. [33].

جاء في الترجوم: "لأن نعمان قائد قوات ملك سوريا العظيم، سحب قوسًا ضده (لكي تتحقق نبوة إيليا التشبي وميخا بن يملة)، وضرب ملك إسرائيل ما بين القلب وغشاء الكبد، في موضع المفصل... [170]".

كانت دروع الصدر مصنوعة من المعادن، خاصة في مصر وأشور. ضرب الجندي قوسه تحت درع الصدر مباشرة، في المفصل.

"رد يدك": كانت العادة في مصر وأشور أن يقود المعركة سائقها خلال لجام يديره بيديه معًا.

ما حدث هنا كان درسًا لإسرائيل كما ليهوذا، فإنه لا خلاص إلا بالشركة مع الله والاتكال عليه، وعدم الانغماس في الفساد والنجاسة، والتحفظ من الالتصاق بالأشرار.

وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ،.

وَأُوقِفَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ فِي الْمَرْكَبَةِ مُقَابِلَ أَرَامَ إِلَى الْمَسَاءِ،.

وَمَاتَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. [34].

من وحي 2 أي 18.

تحالف فاسد وشرير!

  • ليس شيء يَسرُّ الله مثل الحب والوحدة والتحالف.

نزل إلينا لينزع عنا كل ما هو غريبٍ عن الحُبِّ.

ارتفع على الصليب لكي بالخشبة الرأسية تتحالف السماء مع الأرض.

وبالخشبة الأفقية تتحالف البشرية معًا وكل الأمم.

فأقام شِبْه تحالُف فاسد.

أي اتفاق بين الله وبليعال؟!

وأيّة شركة بين النور والظلمة؟!

  • كيف احتمل يهوشافاط إنسان الله أن يجتمع مع أخآب؟

اجتمع معهما أربعمائة نبي كذّاب.

تحدَّثوا باسم الرب، وهم خدام إبليس وجنوده.

قَدَّموا مشورة باسم الرب،.

تحدَّثوا بالناعمات وأكَّدا النصرة على أرام.

فكانوا يدفعون الملكين وشعبيهما للدمار!

  • أَكَّد ميخا الرائي كذبهم وخداعهم،.

لكن فساد أخآب أفسد بصيرة يهوشافاط.

قُتِلَ أخآب في عارٍ،.

وكاد يهوشافاط أن يهلك مع شعبه.

  • هَبْ لي يا إلهي روح القوة والتمييز.

فأرفض كل تحالفٍ مع الشر والظلمة.

ألتصق بك يا نور العالم،.

فلا تتسلل الظلمة إلى قلبي أو فكري.

أتمتَّع بالشركة مع قدِّيسيك خُدَّامك الناريين!

ألتصق بالحق، فلا يجد الباطل له فيَّ مكانًا.

  • أشتهي خلاص العالم كله،.

أُصلَب معك، لأحيا بك وفيك.

لا أدين أحدًا، ولا أستخف بإنسانٍ.

لكنني لا أشترك في عمل الظلمة.

هَبْ لي مع البساطة روح الحكمة والتمييز.

أَتَرَفَّق بكل ضعيفٍ، كأني ضعيف لأربحه.

لكنني لا أنحدر معه في الضعفٍ.

  • ثَبِّتني فيك يا إلهي، النور الحقيقي.

بك أستنير وأحملك إلى كل قلبٍ.

فلا أستعذب فساد الظلمة!

بل أتهلل بنورك، وأتمتع بالاتحاد معك.

  • متى أرى العالم كله ملتصقًا بك؟

متى أرى الأرض تصير بك سماءً جديدة؟

متى أرى البشرية بك تصير شِبْه ملائكة؟

لك المجد يا مخلص العالم، مُحِب البشرية!


[163] صلاة داود: الكتاب الثالث 3: 6.

[164] Barnes, Notes.

[165] City of God 29: 19.

[166] Barnes, Notes on 1 Kings 22: 10.

[167] Barnes, Notes on 1 Kings 22: 13.

[168] Cf. Adam Clarke Commentary.

[169] Cf. Adam Clarke Commentary.

[170] Cf. Adam Clarke Commentary.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلأَصْحَاحُ التَّاسِعُ عَشَرَ - سفر أخبار الأيام الثاني - القمص تادرس يعقوب ملطي

اَلأَصْحَاحُ السَّابِعُ عَشَرَ - سفر أخبار الأيام الثاني - القمص تادرس يعقوب ملطي

تفاسير أخبار الأيام الثاني الأصحاح 18
تفاسير أخبار الأيام الثاني الأصحاح 18