الأصحاح الأول – سفر اللاويين – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر اللاويين – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

مقدمة اللاويين

موقع سفر اللاويين بين أسفار موسى الخمسة.

+ يبدأ سفر التكوين "في البدء خلق الله السموات والأرض.... وروح الله يرف" ليعطى حياة. وهذه البداية تعطينا فكرة عن أن الله يريد أن يعطى حياة للبشر. ثم يعرض لنا سفر التكوين قصة السقوط، والسقوط معناه إنفصال الإنسان عن الله فلا شركة للنور مع الظلمة، وكان هذا معناه الموت للإنسان، فالله هو مصدر الحياة. ولذلك ينتهي سفر التكوين بهذه النهاية "ثم مات يوسف... فحَنَّطوه ووضع فى تابوت فى مصر". حقاً يقول القداس الغريغورى "أنا إختطفت لى قضية الموت" فلم يكن الله يريد للإنسان الموت. ولاحظ أن مصر تشير لأرض العبودية.

+ ثم يأتى سفر الخروج ليعلن أن الله لن يقبل بأن نظل عبيد فيعلن فى هذا السفر خلاص الشعب من عبودية مصر وحريتهم رمزاً لخلاص البشر وتحررهم من عبودية إبليس. ويختم سفر الخروج القصة بأمرين غاية فى الأهمية: -.

الأول: - الوصايا العشر: - فليس لنا إستمرارية فى حياة الحرية إلا بالإلتزام بالوصايا.

الثانى: - خيمة الإجتماع: - هذا ما يريده الله أن يجتمع مع شعبه ويقيم وسطهم. وحتى نرى أن هذا هو هدف الله راجع (رؤ21: 3) "هوذا مسكن الله مع الناس".

+ ثم يأتى سفر اللاويين وهو سفر القداسة، وهذا السفر يعلن ماذا يعطى المسيح لشعبه حين يسفك دمه من أجلهم ويكون فى وسطهم. هذا السفر هو سفر شرائع الكهنوت حيث نرى المسيح رئيس كهنتنا مقدماً نفسه كذبيحة عنا حتى يقدسنا = نتصالح مع الله ونعود لنصير من خاصة الله ومن شعب الله وأبناء لله مخصصين له ومكرسين له.

+ ثم يأتى سفر العدد وهو سفر تجوال الشعب فى البرية مشيراً لإنتصاراتهم وأيضاً سقطاتهم رمزاً لحياتنا فى هذا العالم أو غربة هذا العالم.

+ أما سفر يشوع ودخوله مع الشعب لأرض الموعد كنعان، فهو يشير لدخولنا إلى أورشليم السمائية فى نهاية هذا العالم بعد الموت. فكنعان تشير لأورشليم السمائية وإن كان عبور البحر الأحمر يشير للمعمودية (1كو10: 1، 2) فعبور الأردن يشير لإنتقالنا من العالم. إذاً فأسفار موسى ثم يشوع هم إشارة لرحلة حياتنا على الأرض حتى عبورنا لحياتنا الجديدة فى السماء بعد الموت. إذاً: -.

1 - سفر التكوين: - الله يريد حياة للبشر ولكن البشر يسقطون ويموتون.

2 – سفر الخروج: - خطة الله لتحرير البشر من عبودية إبليس. وذلك بدم خروف الفصح الذى كان به الخلاص ثم المعمودية فى البحر الأحمر ثم أكلهم من المن إشارة للمسيح الخبز الحقيقى الذى من يأكل منه يحيا ولا يموت (يو 6).

3 – سفر اللاويين: - كان دم خروف الفصح هو الوسيلة لإنقاذ الشعب من العبودية أما هنا فنجد دم الذبائح إشارة لدم المسيح الذى يقدسنا ويقربنا إلى الله. فنجد هنا طقوس هذه الذبائح ونظام الكهنوت. سفر اللاويين هو سفر حياة الكنيسة والمذبح، فإرادة الله قداستنا وأن نحيا كقديسين.

4 – سفر العدد: - هو سفر التجوال فى البرية، وهذا يرمز لرحلة حياتنا فى غربة هذا العالم، وتنتهى رحلة حياتنا على الأرض بالموت، الذى رمزه عبور نهر الأردن. وكما عبر الشعب فى نهاية رحلته نهر الأردن مع يشوع نعبر نحن أيضا فى المسيح لأرض الراحة كنعان السماوية فى نهاية رحلة حياتنا على الأرض.

الفرق بين ذبيحة خروف الفصح وباقى الذبائح المذكورة فى سفر اللاويين.

فى ذبيحة خروف الفصح المذكورة فى سفر الخروج نرى المسيح كفادى يحرر شعبه. أما فى سفر اللاويين فنرى عمل المسيح لهؤلاء المفديين. المسيح فى سفر الخروج أخرج شعبه من مصر، لكن فى سفر اللاويين نجد أن المسيح الذى يقدس شعبه ويأتى بهم ويقربهم لله ويحفظهم فى فرح. فالله لم يقصد أن يخلصنا من العبودية ثم يتركنا لا نعرف شيئاً بل هو يريد لنا أن نحيا معه فى فرح، وذلك لن يحدث إن لم يسكن فى وسطنا واهباً إيانا حياة مقدسة وحياة شركة. فى ذبيحة خروف الفصح نرى المسيح يعبر بنا من أرض مصر، أما فى اللاويين نرى المسيح هو قائدنا الذى يقدم نفسه أمام شعبه، وكاهننا الذى يقدم نفسه ذبيحة حتى يقدسنا = يطهرنا ويخصصنا ويكرسنا لله.

سفر اللاويين هو سفر الطقوس.

لا نجد هنا شئ تاريخى سوى أشياء بسيطة مثل طقس سيامة هرون (إصحاح 8، 9) وعقوبة ناداب وأبيهو (10) وغيرها. أما باقي السفر كله فهو طقوس الذبائح والتطهيرات وما يأكلونه وما يمتنعوا عنه. وبهذه الطقوس يخصصهم الله شعباً له ويميزهم عن باقى الأمم.

إسم السفر وطبيعته.

+ إعتاد اليهود أن يطلقوا على الأسفار المقدسة أول كلمة فى السفر. وهنا أول كلمة هى "ودعا" وبالعبرية "ويقرا". أما السبعينية أى الترجمة اليونانية للعهد القديم فقد أسمته اللاويين، لأن كل الأوامر التى أتت به سينفذها الكهنة واللاويين أى الذين هم سبط لاوى. وأما التلمود فأسماه "ناموس الكهنة" والسفر له طابع نبوى وبالذات إصحاح 26 وهى النبوة التى تحققت بتشتيت اليهود فى العالم كله. أما باقى الطقوس والرموز فهى تعتبر كأنها نبوات عن عمل السيد المسيح الكفارى. ويوجد فى العهد الجديد حوالى 40 إشارة لهذا السفر.

الرمز والمرموز إليه.

يقول بولس الرسول "إذ يوجد الكهنة الذين يقدمون قرابين حسب الناموس، الذين يخدمون شبه السمويات وظلها" (عب8: 4، 5). فالعهد القديم كان "ظل الخيرات العتيدة" (عب 10: 1). والمسيح كان هو النور الذى كشف كل شئ كان مذخراً لنا، هو النور الإلهى الساطع. واليهود حتى الآن قد إكتفوا بالظل يحيون فيه غير مدركين أن هناك نوراً قد ظهر. والسؤال هنا، إذا كان النور قد ظهر فلماذا نحن كمسيحيين ما زلنا نبحث فى العهد القديم عهد الظلال؟ فى الحقيقة أن العهد القديم بما يحمله من رموز فهو شرح وافى جداً وبتصوير رائع لما قام به المسيح. وربما من شدة ضوء النهار تخفى بعض الملامح الهامة مثل ملامح الوجوه أو بعض المناظر الطبيعية التى يكون لها تأثير أوضح فى الظلال، ولم يكن هذا واضحاً فى نور النهار الساطع هكذا رموز العهد القديم تشرح لنا بوضوح كل جوانب ذبيحة المسيح وعمله وفداءه، هذه التى تغيب عنا فى نور العهد الجديد الساطع. فنحن نرى شرحا وافيا لكل البركات التى حصلنا عليها بالصليب عند دراسة موضوع الذبائح فى هذا السفر. وهناك أسباب جوهرية أيضا لدراسة العهد القديم مثل الوصايا الأخلاقية، والرموز للمسيح والنبوات الخاصة بالمسيح والتى إستشهد بها كتاب العهد الجديد، بل هناك نبوات لم تتحقق بعد. بل الأحداث نفسها لهى شرح لروحيات العهد الجديد، فالحروب هى إشارة للحروب الروحية بين الإنسان والشيطان.

وهناك سؤال آخر، إذا كنا نحن المسيحيين قد فهمنا هذه الحقائق بعد مجئ المسيح فماذا كان موقف اليهودى فى العهد القديم وكيف كان يتعامل معها ويستفيد منها؟

لنأخذ أمثلة لذلك: -.

  1. كان لحم الخنزير نجساً فى العهد القديم. فكان اليهودى الصالح يطيع دون أن يفهم معنى هذا، ولكن كان فيما يفعل هذا يتأمل فى تصرفات الخنازير ويراها ترتمى دائماً فى الطين تتمرغ فيه حتى بعد غسلها وتنظيفها. وقد يفهم هذا اليهودى الصالح الرمز كما فهمه بطرس الرسول، أن الله يمنعه من أن يكون مثل الخنزيرة المغتسلة التى تعود لمراغة الحمأة (أى تتمرغ فى الطين) أى بعد أن يتوب يعود للخطية مرة أخرى (2بط2: 22). ولاحظ قوله أن هذا أصبح مثلاً أى كثيرين فهموا الرمز.
  2. موضوع الذبائح: - كان اليهودى يرى هنا ذبيحة بريئة تموت عوضاً عنه فيتأمل ويعرف أن عقوبة الخطية لابد وأن تكون الموت وقد يدفعه هذا للتوبة. وإنطبع في ذهنه أنه لا غفران ولا تقديس الا بالدم.

+ عموما فالرموز هى مدرسة قصد الله بها أن يعمق ويوسع دائرة الأفكار والرغبات فتسمو الأفكار الروحية وتنشأ رغبات مقدسة. والقصص الرمزية أو الرموز ليس مثلها فى أن تطبع الحقائق في ذهن الإنسان، لذلك فإن المسيح إستخدم الأمثال كثيراً. والرموز في هذا السفر كشفت بوضوح الخطية والخاطىء، النعمة والمخلص، وكيف أن الله في محبته يتنازل ويظهر للإنسان الخاطىء أن هناك وسيلة يتخلص بها من الخطية التى دخلت إليه وهذه الوسيلة هى عطية مجانية بل أن هذه العطية المجانية تؤدى للقداسة، وهذه الوسيلة هى الذبائح رمز ذبيحة المسيح.

سفر اللاويين هو سفر الكهنوت وسفر الجماعة المقدسة.

فى (لا1: 1، 2) يقول الرب لموسى "كلم بنى إسرائيل" فإن كان السفر يختص بشرائع الكهنة واللاويين فهو من أجل تقديس الشعب. فالكهنة واللاويون ليسوا إلا أداة إلهية لخدمة الجماعة الذين هم أعضاء فيها، خدمتهم غرضها أن تقترب الجماعة من الله ويقطنون فى شركة معه. فالكهنة حقاً هم وسطاء وعاملون بإسم الرب لكنهم يعملون لحساب الجماعة. فى هذا السفر يعرف الشعب ماذا عليه أن يفعل ليتقدس، ولكن الذى ينفذ الطقس هم الكهنة المختارون من الله من هرون وأبناءه.

غاية السفر.

هى إعلان أن القداسة هى الخط المميز لشعب الله لأن الله إلهنا قدوس (لا11: 44). والقداسة كما يرسمها هذا السفر لها شقين. الشق الأول هو دم الذبائح. وهذا ما قام به المسيح. والشق الثانى ما هو دور الشعب حتى يتقدس، أى كيف يستفيد من دم المسيح المذبوح على الصليب؟ فمثلا عليه أن يمتنع عن الخطايا ويلتزم بالوصية المقدسة..... وينتهى السفر بالأعياد والأفراح. فمن يحيا في القداسة لابد وأن يفرح، ويلتزم الله بكل إحتياجاته الزمنية وسلامة كل ممتلكاته مثل البيوت بل والملابس (شريعة تطهير المنازل والملابس) بالإضافة لأكلهم وشربهم. والله حين يعطي، يعطي بسخاء ولا يُعيِّر وتكون هناك بركة فى كل شئ. ولكن هناك شرط نجده فى إصحاح 26!!

إصحاح 26.

هناك نص قانوني "أن العقد شريعة المتعاقدين" ومن لا يلتزم بالعقد فهناك شروط جزائية. فالله إلتزم بأن يبارك شعبه لكن بشرط أن يلتزم الشعب بالوصايا المقدسة، وإن لم يلتزم فهناك عقوبات أى لعنات. فلا يصح أن نلوم الله عن خسارتنا لبركاته إن لم نلتزم بوصاياه فالخطية بالنسبة لله شئ شنيع.

كاتب السفر.

كاتب الأسفار الخمسة هو موسى النبي. ويبدأ هذا السفر بقوله "ودعا". وحرف العطف هنا يشير أن هذه الدعوة الإلهية جاءت بعد إقامة خيمة الإجتماع كما شرح فى سفر الخروج. ويشير حرف العطف لإتصال سفرى الخروج واللاويين وأن كاتبهما واحد.

من هم اللاويين؟

أفرز الله اللاويين (سبط لاوى) لخدمته بدلاً من أبكار بنى إسرائيل (عد3: 44، 45). وكان الله قد أفرز أبكار بنى إسرائيل لخدمته، فأبكار بنى إسرائيل قد نجوا من الموت يوم الخروج من مصر بدم خروف الفصح، وكأن الله إشتراهم بدم خروف الفصح فصاروا له. وكان دم خروف الفصح رمزا لدم المسيح الذى إشترانا به كما قال القديس بطرس الرسول "عالمين انكم افتديتم لا باشياء تفنى بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الأباء. بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح" (1بط1: 18، 19). فإختيار الأبكار ليصيروا مخصصين لله كان ليشرح فكرة أننا كمسيحيين صرنا أبكارا إشترانا المسيح بدمه، فصرنا مخصصين له، مكرسين أنفسنا لخدمته وهذا معنى كلمة مُقَدَّسين. ولاحظ أن البكر كان له إمتيازات كثيرة فهو له نصيب الضعف فى الميراث، وهو الذى يرث الكهنوت عن أبيه ويكون رأسا لعائلته بعد أبيه (وذلك فى عهد الأباء البطاركة قبل إختيار هرون ونسله ليكونوا هم كهنة الله). فالمسيح لم يشترنا بدمه ليستعبدنا بل ليحررنا ويجعلنا ملوكا وكهنة، ويعطينا ميراث السماء.

وكان أبونا آدم بكر الخليقة وكان له أن يرث الأمجاد لو إلتزم بالوصية. وعندما سقط.

آدم فقد بكوريته. وجاء المسيح آدم الأخير ليصبح هو البكر الجديد الوارث لكل شئ (عب1: 2) وهذه تعنى أنه صار له مجد أبيه بجسده الإنسانى، ليعطينا نحن ميراث هذا المجد (راجع تفسير يو17: 5 + يو17: 22). فنحن فى المسيح صرنا أبكارا أى وارثين للمجد، وهذا لمن يغلب، وراجع تفسير (رؤ3: 21). وعبر الكتاب المقدس شرح الله من خلال الكثيرين أن البكورية بالطبيعة يمكن أن يفقدها الإنسان فيفقد ميراثه كبكر ليأخذ غيره البكورية وبالتالى الميراث: أمثلة لذلك إسمعيل يفقدها وتذهب لإسحق / عيسو يفقد البكورية ويأخذها يعقوب / رأوبين يفقد البكورية وتذهب البكورية الروحية ليهوذا ويأتى من نسله المسيح، وذهبت البكورية المادية ليوسف فورث نصيب الضعف بالنسبة لإخوته. وأخيرا جاء المسيح بالجسد ليأخذ البكورية من آدم والكنيسة من اليهود.

لذلك تُسمَّى الكنيسة كنيسة أبكار "بل قد أتيتم إلى جبل صهيون وإلى مدينة الله الحي أورشليم السماوية وإلى ربوات هم محفل ملائكة. وكنيسة أبكار مكتوبين في السموات وإلى الله ديان الجميع وإلى أرواح أبرار مكملين" (عب12: 22، 23). وبعد إختيار الأبكار ليكونوا مخصصين لله، وبعد أن شرح الوحى فكرة أن الكنيسة كلها هى كنيسة مقدسة أى مخصصة لله، عاد الله ليخصص سبط لاوى للخدمة ونسل هرون للكهنوت، وهذا كوظيفة قال عنها بولس الرسول "لا يأخذ هذه الوظيفة أحد بنفسه بل المدعو من الله كما هرون ايضا" (عب5: 4). وبنفس الفكرة أيضا فالكنيسة الآن هى بكل أفرادها المؤمنين هى كنيسة ملوك وكهنة (رؤ1: 6) ولكن بمفهوم الكهنوت العام (تقديم ذبائح التسبيح والصلاة والإنسحاق.. إلخ، وراجع سر الكهنوت فى موضوع الأسرار المقدسة). أما الكهنوت كوظيفة فهو لأشخاص دعاهم الله لخدمته ليقدم الله نعمته لشعبه من خلالهم فى الأسرار المقدسة.

وقد أفرز الله من سبط لاوى هرون وبنيه ليكونوا كهنة. أما بقية السبط فهم اللاويين وهؤلاء يساعدون الكهنة فى خدمتهم ( وعملهم يناظر الشمامسة الآن فى الكنيسة). وكان عملهم هو الإهتمام بخيمة الإجتماع وحملها عند ترحالهم فى سيناء، أما بعد بناء الهيكل فكانوا يعتنون به. كما كان منهم معلمين وكتبة وقضاة وموسيقيين (1أى23: 3 - 6).

اللاويين ورسالة العبرانيين.

تعتبر الرسالة إلى العبرانيين خير مفسر لهذا السفر، إذ تقارن بين ذبائح العهد القديم وبين ذبيحة المسيح الكفارية، وأظهر الرسول كيف أن دم التيوس مهما كثرت لا تستطيع أن ترفع الخطية، أما يسوع فقد قدم نفسه مرة واحدة حاملاً خطايا العالم فى جسده. كذلك نجد فى الرسالة مقارنة رائعة بين الكهنوت اللاوى وكهنوت السيد المسيح الذى على رتبة ملكى صادق.

فكرة عامة عن الذبائح.

الله يعطى رجاء. وسط كل عقوبة يعطى الله رجاء. ففى وسط عقوبة أبوينا الأولين أعطانا رجاء بمجئ المسيح الذى يسحق رأس الحية. وبدأ الله يعلم الناس الذبائح، أى عقيدة "بدون سفك دم لا تحدث مغفرة". وكانت أول ذبيحة عرفها الناس ذبيحة قدمها الله نفسه، لأنه بعد أن تعرى آدم وحواء وتغطى كل منهما بأوراق الشجر، يقول الكتاب أن الله صنع لهما أقمصة من جلد أى أن الله ذبح حيوان. وبدأ الإنسان يأخذ فكرة أنه بالخطية يتعرى ويفتضح وبالذبيحة يكتسى من عريه. وهابيل تعلم من أبيه فقدم ذبائح حيوانية فقبلها الله، بينما لم يقبل الله تقدمة قايين. فهو بتقديمه من ثمار الأرض خالف التقليد المسلم من أبيه بضرورة سفك دم. وسفك الدم معناه نفس توضع عن نفس. وهكذا بعد الطوفان قدم نوح ذبائح محرقات "فتنسم الرب رائحة الرضا وقال فى قلبه لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان". ولهذا أخذ نوحاً سبعة أزواج من البهائم والطيور الطاهرة حتى يستطيع أن يقدم ذبائح. وكان يجب أن تكون الذبائح طاهرة وبلا عيب إشارة للمسيح الذى بلا خطية. فالخاطئ يموت عن نفسه أما البار فيموت عن غيره.

وهناك نوعان من الذبائح: - أ) ذبائح المحرقات.

ب) ذبائح الخطية.

  1. المحرقات: - تذبح وتوضع على النار فتأكلها النار جميعها حتى تتحول إلى رماد، ولا يأكل منها الكاهن ولا الإنسان الذى قدمها ولا أحد من البشر على الإطلاق، كلها للنار، أى كلها للرب. هذه تمثل غرضاً معيناً ليس هو فداء الإنسان إنما إرضاء الله الغاضب على الخطية.
  2. ذبائح الخطية: - هذه تقدم فداء عن الإنسان حتى لا يموت الإنسان.

+ وذلك لأن الخطية كان لها نتيجتان: - 1 - إحزان قلب الله.

2 - هلاك الإنسان.

إذاً المحرقات كانت لإرضاء قلب الله الغاضب... أما ذبائح الخطية فهى لفداء الإنسان، ولذلك فعندما قدم نوح محرقاته "تنسم الرب رائحة الرضا". وعمل أول ميثاق مع الإنسان (تك9: 9) وهو وعد بالحياة وأنه لن يكون هناك موت شامل. ثم يأتى إبراهيم الذى كان عنده عنصران أساسيان فى حياته، أولهما الخيمة فهو غريب على الأرض، وثانيهما المذبح. وفى تقديم إسحق ذبيحة إرتقى الله بالفكر البشرى، فهناك إنسان سيقدم ذبيحة. فإسحق كان الإبن الوحيد المحبوب وكان بلا خطية يموت عنها، لذلك فهو رمز للمسيح البار والإبن الوحيد الجنس (أف1: 6) الذى مات عن غيره.

+ ثم قدم يعقوب ذبائح. فكانت هذه الذبائح حسب التقليد المسلم من الأباء عن آدم.

+ وإستمر هذا حتى سلم الله لموسى شرائع الذبائح الواردة فى سفر اللاويين.

+ الذبائح الواردة فى سفر اللاويين هى: -.

1 - المحرقة وهذه لا يأكل منها الإنسان. كلها للنار.

2 - الخطية والإثم وهذه يأكل منها الكاهن فقط.

3 - السلامة وهذه يأكل منها الكاهن ومقدمها وأحباؤه.

هذا فضلاً عن تقدمة الدقيق وذبيحة يوم الكفارة التى هى أصلاً ذبيحة خطية.

+ جاءت ذبيحة المحرقة الأولى فى الذبائح، فإرضاء الله الغاضب يأتى أولاً قبل فداء الإنسان وكما سيرد شرحه بعد ذلك، فهذه الذبيحة تشير لطاعة المسيح الكاملة التى بدونها لم يكن هناك فداء ولا غفران للخطية. لذلك فذبيحة المحرقة أو الطاعة هى أولاً.

+ كان الله يطبع فى ذهن شعبه أنه بدون سفك دم لا تحدث مغفرة. وتَصَّوَر منظر خيمة الإجتماع وهى مغطاة بالدماء ورائحة شواء الذبائح. هذه تعطى إنطباعاً بأن عقوبة الخطية موت ولكن تعطى رجاء بأن هذه الخطية لها فداء بدم ذبيحة.

+ والعهد القديم قدم لنا الخطية على أنها إنفصال عن الله. ولذلك أصبح هناك حاجز بين الله والإنسان (رمزه حجاب بين قدس الأقداس والقدس فى الهيكل والخيمة). وكان هناك مثال آخر فالأبرص رمز للخاطئ كان يعزل عن الجماعة.

+ والفداء كان 1) عمل من أعمال محبة الله ورحمته..... وهو أيضاً.

2) عمل من أعمال عدل الله.

فلم تكن المغفرة تنازلاً من الله عن الخطية. فمبدأ الغفران فى المسيحية هو أن يكون هناك ثمن يدفع للخطية. وفى الفداء دفع الله الثمن وإشترانا بدمه.

+ فى الذبائح تنقل الخطية إلى الذبيحة التى تموت فأجرة الخطية موت. والله لو تنازل عن ثمن الخطية يصبح غير كاملاً فى عدله وصلاحه وقداسته. وكان عدل الله فى أنه نقل الخطية للمسيح وغفرها بالدم، وهذا أيضاً أظهر رحمته.

+ كان الدم كفَّارة عن الخطية. وكلمة كَفَّر من الفعل يُكَفِّر. وهذا الفعل كان فى العربية قبل القرآن يعنى يغطى (قاموس مختار الصحاح)، والفلاح كان يسمَّى كافر لأنه يضع البذور فى التربة ويغطيها. وهى نفس الكلمة فى الإنجليزية cover أما بعد أن حدد القرآن معانى بعض الكلمات فأصبح كافر يعنى مشرك بالله. وكان غطاء تابوت العهد يسمى كافورت. إذاً فكلمة كفارة هى كلمة عبرية. وكان رئيس الكهنة يوم الكفارة يضع دم تيس الخطية على غطاء تابوت العهد فيكفر عن خطايا الشعب. إذاً التكفير معناه تغطية الخطية بالدم فلا تظهر. وجاء مترجمو السبعينية الذين ترجموا العهد القديم من العبرية إلى اليونانية فترجموا كلمة كافورت = كرسى الرحمة (الكرسى هنا هو عرش الله). وبهذه الترجمة إتضح معنى التكفير.

وفى محاولة لشرح المعنى، حينما نأتى بورقة بيضاء لنكتب عليها خطابا هاما، فإذا حدث خطأ فى الكتابة كانوا يلقون بالورقة ويمزقونها. إلى أن تم إختراع الـــ corrector الذى يغطى الخطأ فتعود الورقة بيضاء وصالحة للكتابة مرة أخرى.

+ وفى كل ذبيحة كان الخاطئ يأتى بالذبيحة إلى باب خيمة الإجتماع ساعياً بنفسه لله طالباً المغفرة، فالله لا يرغم أحداً أن يسير فى طريقه بل هو ينتظر رجوعنا إليه كما إنتظر الأب رجوع إبنه الضال. ومن يأتى لله شاعراً أنه خاطئ ويستحق الموت، وأنه محتاج لدم الذبيحة لتكفر عنه فيحيا، ويأتى مؤمناً بمبدأ الفداء أى أن يموت عنه غيره. ويأتى بالفدية لباب الخيمة شاعراً أنه خاطئ لا يستحق الدخول داخل الخيمة لنجاسته وبالدم تنزع نجاسته. وكان مقدم الذبيحة يضع يده على رأس الذبيحة ممسكا بها ويعترف بخطيته أمام الكاهن الذى سيقدم الذبيحة، شاعراً أنها تنوب عنه إذ إنتقلت خطيته إليها فصارت حاملة لخطيته.

+ كان دم الذبيحة يرش أولاً على المذبح الذى لدى باب خيمة الإجتماع الذى هو مذبح المحرقة. وكان الكاهن فقط هو الذى يرشه، فرش الدم للتكفير للمغفرة من عمل الكاهن فقط (لأن كهنوت الكاهن هو رمز لكهنوت المسيح، فالكاهن يقدم ذبائح حيوانية أما المسيح فهو رئيس كهنتنا الذى قدَّم ذبيحة نفسه على الصليب). ويرش الدم على حائط المذبح. وفى بعض الذبائح يرش الدم على الحجاب وأسفل المذبح إشارة إلى أن المذبح تأسس بالدم ولولا الدم ما كان هناك مذبح، وإشارة إلى أن الصلوات التى تصلى على المذبح تأخذ قوتها من الدم.

+ فى ذبيحة الخطية كانوا ينضحون من الدم على الحجاب سبع مرات إشارة إلي أنها كفارة كاملة فرقم 7 يشير للكمال. ورش الدم على الحجاب إشارة لدم المسيح الذى بواسطته إنفتحت السماء للبشر. ولهذا إنشق حجاب الهيكل عندما أسلم المسيح روحه على الصليب. ولنرجع لجمال الطقس القبطى، فهناك حجابا أمام الهيكل مغلق دائما أمام الشعب رمزا للخصومة التى كانت بين السماء والأرض، ويأتى الكاهن وفى يده الصليب ليفتح ستر الهيكل الذى يرمز للحجاب الذى كان فى الهيكل، وذلك رمزا للمسيح الذى بكهنوته إذ قدم نفسه ذبيحة على الصليب، تم الصلح بين السماء والبشر بموته. وهكذا قال بولس الرسول "لأنه إن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت إبنه،...." (رو5: 10) + "ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح..." (2كو5: 18).

+ كان الدم يشير للنفس فإذا سُفِك دم إنسان أهدرت حياته والحياة ملك للرب، ولذلك مُنِع شرب الدم فى العهد القديم. أما فى العهد الجديد فقد أعطانا المسيح دمه أى حياته نشربه فنحيا به.

المعانى وراء تقديم ذبيحة.

  1. شعور الإنسان أنه أخطأ: - فلولا خطيته لما أتى بذبيحة، وهذا الشعور لازم كخطوة أولى فى روحيات هذا الإنسان أى الإقرار بالخطية، فالشعور بالخطية يدفع الإنسان لأن يحاول التوبة عنها، كما أن المريض لا يذهب للطبيب إن لم يشعر أولا بمرضه.
  2. إعتراف بأن أجرة الخطية موت: - فلولا خطيته ما ماتت الذبيحة البريئة.
  3. إيمان بمبدأ الفداء: - أى نفس تفدى نفس. وكأن مقدم الذبيحة يقول فى نفسه أنا الذى أستحق الموت وليس هذا الحيوان البرئ.
  4. إحساسه بأن الذبيحة تحمل الخطية: - بإقراره بخطاياه على رأسها يرى الخاطئ أن الذبيحة البريئة تموت إذ إنتقلت خطيته إليها.
  5. شعوره بعمل الدم وقوته: - فبدون سفك دم لا تحدث مغفرة.

الذبائح تظهر الفرق بين الخاطئ وحامل الخطية.

فالخروف المذبوح ليس خاطئاً ولكنه حامل خطية. مثل السيد المسيح الذى وضع عليه إثم جميعنا وهو البار القدوس.

الإعتراف كسر كنسى وعلاقته بطقس الذبائح.

إقرار مقدم الذبيحة بخطيته على رأس الذبيحة هو رمز لسر الإعتراف. فالخاطئ فى العهد القديم كان يذهب للكاهن ليقول له "هذه هى خطيتى خذها ضعها على رأس الذبيحة". أما فى العهد الجديد فالروح القدس هو العامل فى سر الإعتراف، يسمع إعتراف الخاطئ وينقل خطيته إلى المسيح الذى سيُقَدَّم ذبيحة حية على المذبح المسيحى كإمتداد لذبيحة الصليب فتغفر خطايا المعترف. لذلك نقول فى القداس "يعطى لمغفرة الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه".

تنوع الذبائح وسببه.

حدد سفر اللاويين أنواعاً للذبائح (محرقات وخطية..... الخ) والسبب أن ذبيحة واحدة كانت عاجزة عن شرح ذبيحة المسيح. وأيضاً من داخل الذبيحة الواحدة تعددت أنواع الحيوانات التى يمكن إستعمالها (عجول – خراف – طيور....) وما هذا إلا للإشارة لعمل المسيح المتنوع فهى مظاهر متعددة لذبيحة المسيح الواحدة. وكمثال على ذلك فإن هناك أربعة أناجيل لشرح حياة المسيح ولم يكن ممكنا أن يقوم إنجيل واحد بشرح كافة الجوانب فإنجيل لوقا يقدم المسيح كإبن آدم = إبن الإنسان. ويوحنا يقدمه كإبن الله. لذلك لوقا يتحدث عن ميلاد المسيح بالجسد ونموه فى الحكمة والقامة.. وخضوعه لأبويه ومعموديته، وتجربة البرية. أما يوحنا فيحدثنا عن أن "الكلمة كان الله". وفى إنجيل لوقا نجد مشهد بستان جثسيمانى هكذا: - المسيح المتألم الباكى الذى يريد للكأس أن تعبر عنه وملاك يشجعه. أما فى إنجيل يوحنا فحين أتى يهوذا وجماعته ليمسكوه قال لهم أنا هو فسقطوا. ثم يسلم نفسه بشرط أن لا يؤذوا تلاميذه. هنا نجد المسيح بسلطان لاهوته تسقط الجموع ثم بإرادته يسلم نفسه ليخلص تلاميذه.

+ كما تشير كثرة الذبائح وتكرارها إلى أن الخطية بشعة جداً، وأن هذه الذبائح لا تستطيع أن تصالحنا مع الله فقيمتها فى كونها رمزاً للذبيحة الكفارية يسوع المصلوب. كما أن من المفيد لمقدمها طاعة أوامر الله والتأمل فى معانى الذبيحة.

+ لكل ذبيحة ثلاث جوانب 1 - التقدمة 2 - الكاهن 3 - مقدم الذبيحة. والمسيح هو التقدمة أى الذبيحة وهو الكاهن الذى قدمها وهو مقدم الذبيحة، فهو الذى قدم نفسه بسلطانه. ونلاحظ قول الكتاب "إذا قَرَّب إنسان منكم" (لا1: 2 + لا2: 1....) فلفظ قرَّب مقترن بتقديم ذبيحة (ومنها كلمة قربان)، والمسيح قدم نفسه ذبيحة ليقربنا لله. راجع (دا7: 13) "مثل إبن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه" وواضح أن المعنى، أن إبن الإنسان قربوه ذبيحة ليقربنا نحن من الله. هو قدم جسده وهو بلا خطية كمن يريد أن يكمل لنا كل بر. وصار لنا الكاهن والوسيط والشفيع، التقدمة والمقدم. الآب يرى دمه يغطينا فيقبلنا.

أنواع الحيوانات التى تقدم ذبائح وكيف تشير للمسيح.

  1. التيس: - وهو ذكر الماعز. هو يتكلم عن يسوع المصلوب لكى نفهم المعنى فلنبحث المواقف التى ذكر فيها التيس فى الكتاب المقدس. نجده مثلاً فى قصة خديعة يعقوب لأبيه إسحق وخديعة أولاد يعقوب له، والمسيح يصف الذين لم يقدموا الحب لإخوته الأصاغر بأنهم جداء. ومن هنا نفهم بأن هناك إرتباط بين الماعز والخطية (بسبب لون الماعز الأسود). والمسيح "صار خطية لأجلنا" (2كو5: 21). فهو تحمل ثقل دينونة الله للخطية حتى نصير نحن بر الله فيه.

والتيس كان يقدم ذبيحة كفارة (لا16). والتيس من صفاته أنه يتقدم القطيع في عظمة ويقود القطيع. وبنفس المعنى يقول إرمياء النبى "كونوا مثل كراريز أمام الغنم" (إر50: 8). بل من صفاته أنه يتسلق الأماكن العالية رافضاً الوديان المنخفضة (مز18: 104). وبهذا يكون التيس إشارة للمسيح السماوي الذي قدم نفسه ذبيحة وكان سابق لنا ويقودنا للسماء. وعلى كل مؤمن من قطيع المسيح أن يقدم نفسه ذبيحة حية ويحيا بفكر سماوي (كو1: 3 - 3).

  1. الثور: - لنرجع إلى (إش 53: 4) "لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها". الثور هو أقوى حيوان فى الحيوانات المسموح بتقديمها، ويتميز بقوة التحمل وله قدرة واضحة على تحمل عناء العمل الشاق. وإستخدمه الرسول بولس ليشبه به الخدام الذين يتعبون (1كو9: 9). وهنا الثور يشير للمسيح الذى أتى ليَخدِم لا ليُخدَم، متحملاً حمل الصليب وصلبه، هذا بالنسبة لألام الجسد. أما بالنسبة لألام النفس التى تحملها فلا يعبر عنها. فهو تعرى أمام الجميع وحمل الخطايا كمذنب وإحتمل السخرية والهزء والرفض ممن أتى لأجلهم. ولم يتراجع ولا تذمر وهو إحتمل كل هذا فى صمت ليحمل عنا ألامنا وأحزاننا وليعطينا نحن سلام يفوق كل عقل، ألم يقل الكتاب أنه "فى كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصهم" (إش63: 9) + لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها.
  2. الخروف: - الخروف هو أكثر الحيوانات خضوعاً وإستسلاماً لصاحبه وأقلها عناداً وتمرداً. ولذلك فالخروف يتكلم عن الطاعة والخضوع والإستسلام كما قال إرمياء النبى "وأنا كخروف داجن يساق إلى الذبح" (إر11: 19). فالمسيح إستسلم لجلاديه ولصالبيه ولم يدافع عن نفسه ولا تكلم أمام من يحاكمه كما قال إشعياء النبى "كشاة تساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه" (إش 53: 7). ولم يدافع عن نفسه، وهو القوى بلا حدود. خضوع المسيح لم يظهر فقط فى صلبه ولكن فى حياته فهو الذى قال "طعامى أن أصنع مشيئة الذى أرسلنى" (يو4: 32، 34). وكانت مشيئة الآب أن يريح المسيح الخطاة ويخلصهم، "فالله يريد أن الجميع يخلصون" (1تى2: 4). وخلاص البشر ورجوعهم لله يمجد الله، وهذا ما عمله المسيح بطاعته حتى الصليب.
  3. الحمامة: - فى قصة معمودية المسيح إنشقت السماء لينزل الروح القدس على هيئة حمامة. فالمسيح بصلبه إنشقت السماء وإنشق حجاب الهيكل معلناً الصلح بين الله والإنسان وليحل الروح القدس على الإنسان. فهو مات لكى يعطينا الروح القدس (الحمامة) الذى يحلق بنا عالياً فى أجواء السماء. والحمام رمز للطهارة والبساطة والوداعة التى فى المسيح. أيضا فالحمام معروف برجوعه دائما لبيته كما عادت حمامة نوح للفلك، هكذا الروح القدس يجعلنا نرجع للمسيح مهما إبتعدنا عنه، بالتبكيت ثم بالمعونة. وكلمة البساطة تترجم فى العهد الجديد فى الترجمة الإنجليزية إما: - simplicity أو singlehearted. وعلاقة هذا المعنى بالحمام أن الحمامة دائما لها إتجاه واحد هو بيتها (الحمام الزاجل وحمامة فلك نوح مثلا). فقول السيد المسيح "إن كانت عينك بسيطة فجسدك يكون كله نيرا" (مت: 22)، فهذا يعنى أن من يكون له هدف وحيد هو البحث عن ما يمجد إسم الله، يكون جسده منيراً، لأن المسيح النور الحقيقى يسكن فيه فينير. وبالنسبة للمسيح فهو "أطاع حتى الموت.." (فى2: 8) وقدم نفسه ذبيحة ليمجد الله (يو17: 1 – 4). فالمسيح على الأرض بجسده كان له هدف واحد هو مجد الله، وهذا هو ما كان يشبعه "....... ينبغى أن أكون فيما لأبى" (لو3: 49) + "طعامى أن أعمل مشيئة الذى أرسلنى وأتمم عمله" (يو4: 34). وكما قلنا سابقا أن مشيئة الآب هى أن الجميع يخلصون فكان هذا هو هدف المسيح الوحيد أن يخلص البشر ويعيدنا فيه إلى حضن أبيه، يعلن لنا الآب فنحب الآب لأنه أحبنا أولا. ولذلك كان خلاص الناس وتحقيق مشيئة الآب هو ما يشبع المسيح "من تعب نفسه يرى ويشبع" (إش53: 11).
  4. اليمامة: - راجع (نش2: 12، 13) "صوت اليمامة سمع فى أرضنا" فاليمام إذاً يشير للتسبيح بصوته، وهذا يشير للمسيح الذى كان فى مجده وأخذ للذبح كما تؤخذ هذه اليمامة المغردة للذبح. واليمام يشير للانعزال عن العالم بخطاياه. واليمامة تشير للكنيسة المنعزلة عن الخطية التى فى العالم فتحيا كمن صُلِبت عن العالم وصُلِب العالم لها كما قال القديس بولس الرسول (غل6: 14). وهذا أحد معانى تقديم أجسادنا ذبيحة حية أمام الله (رو12: 1 + غل5: 24). وهكذا عاش المسيح فى حياته بالجسد على الأرض رافضا لكل خطية "من منكم يبكتنى على خطية" (يو8: 46). وفى التجربة على الجبل رفض كل أمجاد العالم. هنا اليمامة ترمز للمسيح الذى إعتزل خطايا العالم وأمجاده.

الملخص: -.

التيس: - يرمز للمسيح الذى صار خطية ليبررنا فيه ويقودنا للسماويات.

الثور: - يرمز للمسيح الذى حمل أحزاننا وألامنا وخطايانا وإحتمل ألام لن نستطيع أن نفهمها. وإحتمل كل هذا بقوة، فقدم لنا خلاصا وفداءً قويا.

الخروف: - الإستسلام الكامل دون مقاومة لصالبيه.

الحمامة: - ترمز للمسيح الذى كان له هدف واحد هو مجد الله.

اليمامة: - ترمز للمسيح الذى كان بلا خطية رافضا كل أمجاد العالم.

وهناك معانى أخرى لتنوع الذبائح فمثلا: -.

  1. الفقير لا يستطيع أن يقدم ثورا أو خروف كذبيحة، إذاً فليقدم حمامة أو يمامة وهذا ما عملته العذراء مريم.
  2. تتناسب حجم الذبيحة مع قيمة الخاطئ الدينية أو الإجتماعية، فالذبيحة التى يقدمها رئيس الكهنة لو أخطأ، أو الرئيس (الملك) لو أخطأ، تختلف عن ذبيحة الفرد العادى.

معنى تقديم ذبائح حيوانية.

  1. كان مقدم الذبيحة يقدم ذبيحته التى بلا عيب ويقف أمامها معترفاً بخطاياه ويده على رأسها فيحس ويقتنع أن الله ينظر إليه فى عدم عيب ذبيحته التى يقدمها عن نفسه، وأن خطاياه إنتقلت للذبيحة وخرج هو مبرراً أمام الله معتوقاً من حكم الموت.
  2. كان يجب أن تكون الذبيحة طاهرة، أى من الحيوانات المسموح بأكلها، إشارة إلى أن المسيح أعطانا جسده لنأكله "من يأكلنى يحيا بى". وهى بلا عيب إشارة للمسيح القدوس البار الذى بلا خطية وحده.
  3. كانت الذبائح ذبائح حيوانية أى غير عاقلة؟ أى غير قابلة للخطية والتعدى، إشارة للمسيح الذى بلا خطية. وإن كانت الذبيحة لها إمكانية الخطية فكيف يمكن أن توضع بديلاً عن الخاطئ. ولو تأمل اليهودى التقى فى معانى الذبائح التى تقدم لكان قد إرتقى روحياً ولقدم توبة حقيقية وهذا ما كان يريده الله ولكن للأسف إنحصر إهتمام الأشخاص بالطقوس وأهملوا التوبة. وكان هذا دور الأنبياء أن يشرحوا لهم ما هو المقصود بالذبائح والطقوس عموماً. فأكد صموئيل لشاول أن الطاعة أفضل من الذبيحة (1صم15: 22 وراجع إش1: 10 – 20 + هو6: 6 + مز51: 16، 17).

ما معني التقديس.

التقديس هي كلمة عبرية تعني تخصيص الشئ أي تكريسه لله. ونلاحظ أن الشعب العبراني في هذا الوقت كان هو شعب الله. وقطعا من كان يخطئ لا يعتبر من شعب الله. وكان تقديم الذبيحة لغفران الخطية، فيعود مقدم الذبيحة ليصبح من شعب الله. أما في اليونانية فيقال أن الله قدوس = والمعني المتعالي عن الأرضيات، وهذا يعني السماوي. أما البشر يقال عنهم قديسين، والقداسة درجات كل بحسب تكريس قلبه للسماويات. فنجد بولس الرسول يسمي المسيحيين عموما قديسين في رسائله.

وبقدر ما تتقدس أفكارنا وطاقاتنا وأعضائنا وحواسنا... إلخ أى تتخصص لله ولا تخدم سوى ما يمجد إسمه، نعلو فى درجة قداستنا.

ولفهم أكثر لبولس الرسول نجده يطلب من شعب كولوسي أن يطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله (كو3: 1 – 4)، إذاً هو يطلب التكريس القلبي لله. وهذا معني قول الكتاب "يا إبني اعطني قلبك". والمعني اليوناني للكلمة يجعل المعني يتكامل، ليكون الاهتمام والإنشغال بالسماويات، وبتخصيص الحواس لله، نسمع صوته ونعرفه ونتذوق حلاوته، وندرك مع بولس الرسول أن كل ما في الأرض لهو نفاية بجانب معرفة الرب يسوع المسيح (في3: 8). ونأتي الي معاني الكلمات: -.

1) قدِّس: أى خصص كما في (خر13: 2) "قدس لي كل بكر". وراجع الشواهد الآتية لتري أن التقديس معناه تخصيص الشئ لله (خر16: 23 + خر25: 8 + لا11: 44 + لا22: 2 + تث14: 2 + تث15: 19 + تث22: 9).

2) قدوس: هي باليونانية أجيوس وهذه تتكون من 3 مقاطع (جي: بمعني أرض) + (يوس: ليصبح المعني أرضي) + (أ: وهذه للنفي) وبهذا يصبح المعني اللاأرضي أى الذى يتسامى عن الأرضيات = السماوى. وقدوس تقال عن الله فقط.

3) قديس: هو الإنسان الذى يسعى لتخصيص نفسه لله وللإنشغال بالسماويات، وبقدر ما يكرس نفسه يرتقى فى درجة قداسته.

هل كانت الذبائح فى العهد القديم تغفر الخطايا؟

لا يغفر الخطايا سوى دم المسيح، ولكن نفهم أن هذا كان حلاً مؤقتاً إلى أن يأتى المسيح. فكانت هذه الذبائح الدموية هى للرضا عن الخاطئ إذ قدَّم توبة وأطاع وقدَّم ذبيحة معترفا بخطيته فتنقل خطيته إلى رأس المسيح الذى سيأتى، لذلك كان غفران الخطية كان مؤجلاً إلى حين يأتى المسيح. إذاً كان هدف الذبائح الحيوانية نقل الخطايا إلى رأس المسيح.

ويتم تشبيه هذا بمن يستلف مبلغ من شخص، ثم يُعطيه شيك ويُظَهِّر الشيك أى يكتب على ظهره تاريخا ليُصرف فيه الشيك، فصاحب المال حصل على حقه لكنه لن يستطيع صرف المبلغ إلاَّ فى التاريخ المكتوب على ظهر الشيك. وبذلك فالخاطئ نقلت خطيته إلى رأس المسيح، وسوف تغفر يوم الصليب. ونلاحظ قول النبى ناثان لداود إذ إعترف داود بخطيته "الرب نقل عنك خطيتك. لا تموت" (2صم12: 13) وهذا يعنى أن الله نقل خطيته إلى المسيح.

الإصحاح الأول

ذبيحة المحرقة.

معنى كلمة محرقة: - أنها تحرق بالنار تماماً وهى بالإنجليزية holocaust وأصل الكلمة (حرق) causis (كلها) holou. والمسيح كان ذبيحة محرقة عندما تحمل نار الغضب الإلهى على الخطية وتحمل لعنة الناموس، فأرضى قلب الله الغاضب وعقد صلحاً بين الله والناس بدمه.

المحرقة هى أول ذبيحة: - لماذا جاءت المحرقة متقدمة على باقى الذبائح؟

المحرقة ترمز للتسليم والطاعة الكاملة بل تشير إلى عمق الإنسحاق. وهذا ما ظهر فى تجسد وحياة المسيح حتى صلبه. "أطاع حتى الموت موت الصليب" (فى2: 5 – 8) فالله خلق الإنسان فى الجنة لمحبته فى الإنسان، وكان الله يُظهر حبه للإنسان بعطاياه الجيدة، وينتظر منه فى مقابل هذا الحب الخضوع الكامل له علامة على محبته وثقته فى الله. ولكن تمرَّد الإنسان على الله وتحداه، وصدَّق الحية وصدَّق خِدْعَتها، ولم يثق فى الله، فحزن قلب الله: - أولا لعدم طاعة آدم له. وثانيا على موت آدم. فماذا صنع المسيح بتجسده؟ المسيح جاء وإتحد بنا وصرنا نحن جسده وهو رأس هذا الجسد. وحين يقول بولس الرسول "فحينئذ الإبن نفسه أيضاً سيخضع" (1كو15: 28) كان مفهومها أن المسيح يقف فى هذا اليوم، يوم القيامة، مع كنيسته قائلاً للآب "أيها الآب هذا ما أردتَه أنت أولاً... أن تعلن حبك للبشر وهم يقدمون لك الخضوع دليل ثقتهم فى حبك، وها أنا والأولاد الذين أعطيتنى هم جسدى وأنا كرأس لهذا الجسد نقدم لك الخضوع وبهذا نعيد الصورة التى أردتها". فنحن فى المسيح صرنا نُحسب طائعين.

وحتى يحقق المسيح هذا سبق فقدم هو الخضوع لمشيئة الآب فى تجسده حتى صلبه. وفى صلبه قال "لتكن لا إرادتى بل إرادتك" إذاً هذا الخضوع الكامل هو سبب مسرة الآب لذلك قال "هذا هو إبنى الحبيب الذى به سررت". ولذلك أيضاً قيل عن ذبيحة المحرقة "كان الله يتنسم رائحة الرضا". هنا رضا الله راجع للطاعة الكاملة التى للمسيح وهذه المحرقات هى رمز لها. وصار الله يرانا بلا لوم وكاملين طائعين فى المسيح (أف1: 4 + كو1: 28)، فسرور الله وتنسم الله لرائحة الرضا راجع لفرح الله برجوع الإنسان لحضنه مرة أخرى فى المسيح. وكون أننا نصبح فى المسيح فذلك يبدأ بالمعمودية لذلك نسمع قول الآب يوم معمودية المسيح "هذا هو إبنى الحبيب الذى به سررت".

+ والمحرقة هى أول الذبائح لأن حق الله ينبغى أن يستوفى أولاً قبل الكلام عن خلاص الإنسان. فإرضاء الله يجب أن يأتى قبل التفكير فى سعادة الإنسان وأبديته.

+ وهكذا كان الوضع فى الوصايا فوصايا حقوق الله (اللوح الأول) جاءت أولاً قبل وصايا المعاملات مع الناس (اللوح الثانى)، وهكذا طلبات الصلاة الربانية.

طاعة المسيح لم تظهر فقط فى الصليب: -.

لقد ظهرت هذه الطاعة أيضاً فى تجسده حين أخلى ذاته آخذاً صورة عبد. وفى حياته حين كان يقول "طعامى أن أصنع مشيئة الذى أرسلنى" و "ينبغى أن أكون فيما لأبى". وإذا قارننا هذه المواقف للمسيح مع قوله "من يحبنى يحفظ وصاياى" (يو14: 23)، نفهم أنه إذا كان المسيح يقول هذا ويصنع هذا، فإنما هذا كان بسبب الحب فهو قدم حياته كلها محرقة حب ملتهب، لذلك إشتمه الآب رائحة سرور ورضا بإسم الكنيسة ولحسابها.

ولاحظ قول رب المجد "ان حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما اني انا قد حفظت وصايا ابي واثبت في محبته" (يو15: 10). فما معنى أن المسيح ابن الله يحفظ وصايا أبيه، وهل يمكن أن تأتى لحظة يمكن أن يخالف فيها رأى أبيه؟! قطعا هذا لايمكن حدوثه فالآب والإبن فى وحدة، الآب فى الإبن والإبن فى الآب، وبالتالى فإن إرادة الآب هى نفسها إرادة الإبن فكيف يمكن أن يختلفا؟!. وبهذا نفهم قول المسيح هنا هكذا... لأن المسيح ابن الله ثابت فى محبة أبيه فإرادتهما واحدة، وبالنسبة لنا علينا أن نفهم أننا لكى نثبت فى محبة المسيح علينا أن نحفظ وصاياه، وهذا نفس المعنى الذى نجده فى (يو14: 23). وإذا فهمنا قول الكتاب "الله محبة" (1يو4: 8) نفهم أن المحبة هى طبيعة جوهر الله. وأن "لذات الله مع بنى آدم" (أم8: 31). إذاً فهذا الحب الإلهى متجه نحو الإنسان. ولنضع أمامنا أيضا أن الله "إلهنا نار آكلة" (عب12: 29). من هذه الآيات نستنتج أن النار التى كانت تشتعل على مذبح المحرقة، بالإضافة لأنها هى نار الغضب الإلهى على الخطايا التى يحملها المسيح كحامل لخطايا البشر، كانت هذه النيران هى أيضا نيران المحبة الإلهية التى تحرق خطايا البشر ليعود البشر لحضن الله بعد أن تحترق خطاياهم. وهذا ما جعل الله يتنسم رائحة الرضا والسرور مع ذبائح المحرقات بالذات. الله يشتاق أن نراه ونفرح به ونشعر ونفرح بمحبته فهذا ما سوف يجعلنا نتذوق الفرح الحقيقى، ولكن كيف نراه ونحن قد سكنت فينا الخطية؟! "إلهنا نار آكلة" فلسوف تحرقنا هذه النيران إذا رأيناه فى مجده بسبب الخطية التى تسكن فينا (رو7: 20) فالله قدوس لا يطيق الخطية، لذلك قال الله لموسى "لا يرانى الإنسان ويعيش".

(خر33: 20)، أما حين تحترق خطايانا يمكن أن نراه.

ونرجع لجمال الطقس القبطى لنجد أن القربان الذى نقدمه فى سر الإفخارستيا هو خبز مختمر، والخمير رمز للشر، وحين تدخل القربانة لنار الفرن تموت الخميرة وذلك إشارة لنار المحبة الإلهية التى أحرقت وقتلت خطايا البشر التى حملها المسيح.

موقف المسيحى من ذبيحة المحرقة: -.

كيف يكون المسيحى موضع سرور ورضا الله؟ ذلك بأن يقدم طاعة وخضوع كامل لله. وكيف أستطيع أن أقدم هذا الخضوع لله؟ هذا لا يأتى سوى بأن نحب الله. وهناك من يلتهب بنار الحب الإلهى فيقدم نفسه محرقة لله، أى يقدم كل حياته الداخليه وتصرفاته الظاهرة كذبيحة حب ملتهبة لحساب الله، ويصل هذا للإستشهاد. ولهذا يقول بولس الرسول "من يفصلنى عن محبة المسيح....." (رو8: 35 – 39). ويقول "الذين صلبوا الجسد، الأهواء مع الشهوات" (غل5: 24). هذا ما له رائحة عذبة أمام الله فلماذا؟ لأن من يفعل هذا فقد إرتفعت درجة محبته لنفس أسلوب محبة المسيح. والذى يصنع هذا ويقدم نفسه ذبيحة فهو خلال الإتحاد بالمصلوب يرتفع فى إشتياق معه إلى الصليب، كما على مذبح المحرقة. ويتقبل أى نوع من الألام شاكراً وبسرور (هذا السرور لا يدركه إلا من أحب إنسان حبا كبيرا، فحينما يتألم هذا الحبيب يتمنى هذا الإنسان أن يشاركه ألامه ويفرح إن حدث هذا). ومن إرتفعت درجة محبته للمسيح فحين ينظر للمسيح المصلوب يشتهى حمل الصليب معه، بل يسبح الرب لو حدث أن حمل صليب التجربة وهذا معنى "نقدم عجول شفاهنا" (هو 14: 2) = أى نسبحك يا رب ونحن فى قمة الألم، لأننا شاركناك ألامك فهذا التسبيح يحمل معنى الحب لله والثقة فيه، وهذا التسبيح فى نظر الله لهو أثمن من تقديم عجول كمحرقات. ليس هذا فقط بل واثقين فى محبتك وأن كل ما تسمح به من تجارب أو ألام هو للخير فأنت صانع خيرات، وحبك للبشر لا نهائى فكيف تسمح بما يضر من تحبهم بل بذلت ذاتك من أجلهم. مقدمين أنفسنا ذبائح حية (عجول محرقات) ولذلك يدعونا الرسول "قدموا أجسادكم ذبائح حية". وهذه هى أعلى درجات الحب أى الحب الباذل وهذا ما نسميه بالأغابى فى اليونانية، وهذا ما وصل له الشهداء حين قدموا أنفسهم للموت حبا فى المسيح، فوضعتهم الكنيسة فى أعلى الدرجات فى السماء فوق كل القديسين. وبهذا المعنى قال السيد المسيح "من لا يحمل صليبه ويأتى ورائى فلا يقدر أن يكون لى تلميذا" (لو14: 27) فمن يريد أن يلتحق بمدرسة المسيح ويصير تلميذا فى هذه المدرسة، عليه أن يفهم أن مدرسة المسيح هى الحب الباذل حتى آخر قطرة دم حباً. وهذا معنى الصليب بالنسبة للمسيح الذى أحبنا باذلا نفسه على الصليب حتى آخر نقطة دم. ومن يقبل يفرح به الله كمدرس يفرح بتفوق تلميذه فلقد وصل لأعلى الدرجات السمائية وهى الحب الذى لا يطلب شيئا فى مقابله، كمحبة المسيح لنا الذى بذل نفسه عنا ولا يطلب منا شيئا، أو محبة أم لإبنها فهى تحبه ولا تطلب منه شيئا. وهذا النوع من المحبة هو ما يُطلق عليه الأغابى باليونانية.

والصليب الذى نقبله له نوعين: -.

  1. صليب مفروض علينا كالمرض مثلا ونقبله بفرح كشركة مع المسيح فى ألام صليبه، كما إحتمل بولس الرسول صليب مرضه الجسدى.
  2. صليب إختيارى كمن يذهب للإستشهاد بإرادته، أو كما قال بولس الرسول "أقمع جسدى وأستعبده..." (1كو9: 27).

+ إذاً علينا أن نهتم بأن نبحث عن محبة الله وإرضاؤه قبل أن نفكر فى أبديتنا، ولذلك بكى داود على خطيته حتى بعد أن غفرها له الله. وإذا بحثنا كيف نرضى الله نكون قد إصطلحنا معه وصرنا مقبولين أمامه ورائحة سرور لديه.

+ فى ذبيحة المحرقة المسيح نفذ الوصية "حب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك" (تث6: 4). فالكل يحترق على النار حباً. فالرأس يشير للفكر والأرجل تشير للسير أى الإتجاه الذى يقرر الإنسان أن يتجه إليه، والأحشاء للقلب والمشاعر، والشحم يشير لطاقة الجسم. فالمسيح قدم كل شئ فكانت أول كلماته وهو بعد صغير "ينبغى أن أكون فيما لأبى" وآخر كلماته على الصليب "قد أكمل" أى أنه أكمل العمل الذى أعطاه له الآب. وهكذا على المسيحى أن يقدم كل ماله لله، الرأس أى أفكاره يحفظها طاهرة والأرجل وهذا يشير للسلوك الخارجى والأحشاء وهذه تشير لتطهير القلب. وهذا ما يعنيه تكريس الإنسان للمسيح، أى تقديس أو تخصيص كل أعضاء وحواس الإنسان لله.

كلمة محرقة تعنى أيضاً صعيدة: -.

وكلمة محرقة بالعبرية هى "أعولة" ومعناها الشئ الذى يعلو ويصعد ويرتفع لأنها من ناحية ترفع كلها على المذبح لا يأكل منها أحد فكلها لله. والأهم أنها تصعد لله القدوس العلِّىْ كرائحة بخور. ولذلك يستخدم الفعل أُصْعِدَ مع هذه الذبيحة كثيراً فهى صعيدة، مثلاً (تك8: 20 + تث12: 14). ولاحظ فى الترجمة العربية قوله "ويوقد الكاهن" (لا1: 9، 13، 17) ولم يقل يحرق كما فى ذبيحة الخطية (لا4: 12). وفى الأصل العبرى فكلمة يوقد هى المستخدمة لإيقاد البخور، فهذه الذبيحة لها رائحة زكية أمام الله أما الكلمة المستخدمة مع ذبيحة الخطية فهى تعنى حرق بالمعنى العادى.

أنواع المحرقات: -.

كانت المحرقات نوعان 1) عامة 2) خاصة.

  1. العامة: - مثل المحرقة الصباحية والمحرقة المسائية وهذه تقدم يومياً (خر29: 38 – 42). وهناك محرقات تقدم فى السبوت والأهلة والأعياد عن الشعب كله (عد28: 9).
  2. الخاصة: - كالتى قدمت فى مسح هرون وبنيه أو التى يقدمها كل شخص عن نفسه وهذه تنقسم لنوعان أ) إجبارية ب) إختيارية.
  3. الإجبارية: - هذه يقدمها المريض (مثل الأبرص) حين يشفى.
  4. الإختيارية: - كالنذور وللشكر وفى الفرح.

الحيوانات التى تقدم للمحرقات: - ثلاث أنواع البقر - الغنم – والطيور. وهذه هى الحيوانات الثمينة عند الشخص العادى فلا ينبغى أن نقدم لله إلا من أثمن ما عندنا، ومن ناحية أخرى فهى متواجدة بإستمرار. فلم يطلب الله منهم صيد وحوش مثلاً. المهم أن لا يظهروا فارغين أمام الله. بجانب أن هذه هى الحيوانات الطاهرة (لا 11).

ملحوظة: - فى المحرقات العامة (الصباحية والمسائية......) كان رئيس الكهنة يعترف بخطايا الشعب على رأس الذبيحة (لا16: 21) وهذا ما يفعله الكاهن الآن فى دورة البخور وفى تقديم الحمل.

+ كلمة للرضا عنه لم تأتى مع ذبائح الخطية والإثم ولا مع ذبيحة السلامة، إنما جاءت هنا فقط مع ذبيحة المحرقة. وكذلك كلمة يُكفِّر هنا تختلف عن كلمة يُكفِّر فى ذبيحة الخطية، فهى مع المحرقة تعنى الرضا أما مع ذبائح الخطية فهى للصفح. فى ذبيحة المحرقة الله يسر بكمال مقدم الذبيحة فهو بلا خطية. ولكن فى ذبيحة الخطية فمقدم الذبيحة يسترضى الله الذى كسر شريعته، هو يحاول أن يبقى وسط شعب الله لأن خطيته تجعله مطروداً خارجاً.

+ كانت حادثة العجل الذهبى وإرتدادهم عن الله فيها، فمات منهم 3000 نفس كافية لإثبات ضرورة المصالحة مع الله حتى لا يظهر غضبه عليهم. (خروج 32).

العدد 1

أية (1): -

"1 وَدَعَا الرَّبُّ مُوسَى وَكَلَّمَهُ مِنْ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ قَائِلاً:".

سبق الشعب ورفض أن يتكلم مع الله حين خافوا من البرق والرعد والدخان، ثم سلم الله الوصايا لموسى بعد ذلك. وهنا الله يستدعى موسى إلى خيمة الإجتماع إلى تابوت العهد (كرسى الرحمة). والمعنى أن الله أعطانا الوصية لنقترب إليه من خلالها. لكننا فى ضعفنا حسبنا كاسرين للوصية وسقطنا بالأكثر تحت لعنة الناموس. وهنا يعطى الله شريعة الذبائح، فلا مصالحة إلا خلال ذبيحة الدم التى بدونها لا يسكن الله وسط شعبه. والإعلان لموسى هنا من حيث يظهر مجد الله بين الكاروبين. والخيمة تشير لتجسد المسيح فهى حلول الله وسط شعبه. فالله لو حل فى وسطهم على أساس صفاته التى أظهرها فى جبل سيناء لكانوا قد هلكوا بسبب أنهم خطاة. وفى الخيمة إعلان لمجد الله المستور داخل حجاب رمزاً لتجسد المسيح. وقداسة الله فوق جبل سيناء لم تختلف عن قداسة الله فوق تابوت العهد حيث كلم الله موسى هنا، إلا أن قداسته فى الحالة الأولى إقترنت بنار آكلة. وفى الحالة الثانية إمتزجت بالنعمة الكاملة وهذه الأخيرة ظهرت بملئها فى الفداء الذى بالمسيح وهذا هو الفداء الذى يشير له سفر اللاويين. ففى جبل سيناء كان هناك مجداً لله فى الأعالى لكن بدون سلام على الأرض ولا مسرة بالناس. والآن من فوق كرسى الرحمة يوجد رجاء بسلام على الأرض ورضا الله بالناس.

العدد 2

أية (2): -

"2«كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: إِذَا قَرَّبَ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ قُرْبَانًا لِلرَّبِّ من الْبَهَائِمِ، فَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ تُقَرِّبُونَ قَرَابِينَكُمْ.".

كلم بنى إسرائيل = راجع (عب1: 1). هذه تظهر الإحتياج لوسيط بين الله والناس. إنسان منكم = لأنها مقدمة عن الجنس البشرى كله. فالآب يود أن يَشْتَمَّ فى الكل رائحة سرور ورضا. والمحرقة الحقيقية التى تفرح قلب الآب هى محرقة المسيح المصلوب والذى سيجمع البشر كجسد واحد وهو رأس هذا الجسد، يقدم الحب والطاعة والخضوع للآب. والمسيح الإبن يقدمها (أى المحرقة) للآب كأن البشرية كلها كإنسان واحد هو جسده مقدم لله، والوحى يعبِّر عن هذا بقوله إنسان منكم. قرباناً = هى كلمة عبرية تعنى عطية.

العدد 3

أية (3): -

"3إِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ مُحْرَقَةً مِنَ الْبَقَرِ، فَذَكَرًا صَحِيحًا يُقَرِّبْهُ. إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ يُقَدِّمُهُ لِلرِّضَا عَنْهُ أَمَامَ الرَّبِّ.".

من البقر = هذه للقادرين، أما لغير القادرين فهؤلاء يقدمون من الغنم، والمعدمين يقدمون من الطيور. فذكراً = لأن المسيح هو عريس الكنيسة، والكنيسة هى عروس المسيح والمسيح هو رأس الكنيسة كما أن الرجل هو رأس المرأة. وعن هذا سبق إرمياء وتنبأ قائلاً "لأن الرب قد خلق شيئاً حديثاً فى الأرض. أنثى تحيط برجل" (31: 22). ويقول إشعياء فى نبوة عن ولادة العذراء "قبل أن يأتى عليها المخاض ولدت ذكراً" (66: 7) وفى سفر الرؤيا "ولدت إبناً ذكراً عتيداً أن يرعى جميع الأمم" (رؤ 12: 5).

صحيحاً = أى بلا عيب (هو العجل المسمن الذى قدم عن الإبن الضال). وكان الكهنة يختمون الحيوانات بعد فحصها، ومن يجدونه بلا عيب يضعون عليه ختماً لتقدم الذبائح من هذه الحيوانات المختومة. وهذا تفسير (يو6: 27) أن المسيح كان بلا عيب أو خطية. وقارن مع (ملا1: 6 – 8) فحين أهمل الكهنة إختيار الذبائح الصحيحة وقدموا لله الردئ منها وما فيه عيوب حزن الله.

يقربه = هنا كان يسمح لمقدم الذبيحة غالباً أن يذبحها بنفسه أو يذبحها له اللاويين. ولكنه كان هو يأتى بنفسه مع الذبيحة إلى باب خيمة الإجتماع. وهذا إعلان منه أنه راضياً عن هذا ولم يجبره أحد على ذلك. وهذا فيه إشارة للمسيح الذى قدم نفسه للموت بإرادته فصار آدم الأخير، الذكر، رأس الكنيسة الذى بلا عيب.

إلى باب خيمة الإجتماع = وليس فى الداخل فالمسيح تألم خارج أورشليم. هو جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبله. وهكذا صنعوا بإبن صاحب الكرم (مت21: 38، 39) قارن مع (عب13: 13). وكان مقدمى الذبائح يقفون خارجاً كمن هم غير مستحقين للدخول فى شركة الجماعة. ولذلك أخذ واضعى طقوس العهد الجديد نفس الفكر، فقبل تقديم الحمل فى القداس تكون كل الصلوات من على باب الهيكل ومن الخارج، وهذا ينطبق على صلوات رفع بخور عشية ورفع بخور باكر. وهذه الصلوات هى إشارة للمحرقة الصباحية والمسائية. وكأن الصلوات التى تسبق تقديم الحمل تشير للعهد القديم ولذلك نصلى خارج الهيكل. للرضا عنه = المسيح مقبول ومرضى عنه لكماله أما نحن فنقبل فيه. ولاحظ أن باب خيمة الإجتماع أى قبل مذبح المحرقة النحاسى.

باب خيمة الإجتماع = لا دخول للأقداس سوى بالإيمان بالمسيح "أنا هو الباب. إن دخل بى أحد فيخلص..." (يو10: 9). وبعد الباب نجد مذبح المحرقة ويشير للصليب الذى حمله المسيح عنا كذبيحة محرقة ويشير لقبولنا حمل الصليب معه لنتقدم للداخل.

العدد 4

أية (4): -

"4 وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ الْمُحْرَقَةِ، فَيُرْضَى عَلَيْهِ لِلتَّكْفِيرِ عَنْهُ.".

يضع يده على رأس = كان الطقس المعروف أن مقدم الذبيحة يضغط بكل قوته على رأس الذبيحة ويقول "أتوسل إليك يا الله فإننى أخطأت وتمردت وعصيت مرتكباً.... كذا وكذا لكننى عدت تائباً وليكن هذا للتكفير عنى" وهذا فى ذبيحة الخطية. ومعنى الضغط على رأس الحيوان يعني أن مقدم الذبيحة يلقى بكل أحماله ومتاعبه وخطاياه عليها، ويعود لبيته فرحاً لأن خطاياه رفعت عنه وحملها الحيوان البرئ. والضغط بقوة يحمل فكرة قرار بالتخلى عن الخطية أى توبة قوية. وأما طقس شريعة المحرقة أو الكلمات التى كان يرددها مقدم هذه الذبيحة فغير معروفة. والمهم أن وضع يد المقدم وضغطها على رأس الذبيحة تشير لمعنى الوحدة مع الذبيحة، وكأن الذبيحة صارت ممثلة لشخص مقدمها وكما صارت هذه الذبيحة موضع سرور الرب هكذا يصير مقدمها. وفى هذا إشارة لوحدتنا مع الرب يسوع فقد صرنا من لحمه ومن عظامه.

العدد 5

أية (5): -

"5 وَيَذْبَحُ الْعِجْلَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَيُقَرِّبُ بَنوُ هَارُونَ الْكَهَنَةُ الدَّمَ، وَيَرُشُّونَهُ مُسْتَدِيرًا عَلَى الْمَذْبَحِ الَّذِي لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ.".

ويذبح العجل = كان مقدم الذبيحة أو اللاويين هم الذين يقومون بالذبح. أمام الرب = حقاً العجل يذبح خارج الخيمة لكنه أمام الرب. والمسيح "يظهر أمام وجه الله لأجلنا" (عب9: 24 + 7: 25). ونحن فى المسيح ندخل إلى حضن الآب. ويقرب بنو هرون الكهنة الدم = الدم هو نفس الحيوان، فنفس الحيوان أى حياته فى دمه. والمعنى أن الذبيحة قدمت دمها فداء عن حياة الإنسان. وكان الكهنة يستقبلون الدم فى طشوت معدة لذلك. وكان رش الدم للتكفير حقاً للكهنة فقط (فالكهنوت رمز لكهنوت المسيح الذى قدم نفسه ذبيحة عنا). ورش الدم مستديراً = والدائرة تشير للأبدية فهى لا بداية لها ولا نهاية وكأن هذا الدم يعمل فينا أبدياً وينطلق بنا إلى السماء عينها ليدخل بنا إلى حضن الآب فنحيا فوق حدود الزمن وهذا الدم مقدم لكل البشر فى كل العالم وفى كل زمان، لكل من يؤمن. وراجع (1يو1: 7 + عب9: 14، 22 + 1بط1: 18، 19 + رؤ7: 14 + 12: 11) لترى قوة دم المسيح فى التطهير. وكون دم المسيح دم رش (عب 12: 24) فهذا لأنه هو رئيس كهنتنا الذى يرش دمه علينا فنتطهر.

مستديراً = إستوحى واضع الطقس القبطى نفس الفكرة ولذلك نجد الكاهن يدور بالحمل حول المذبح بعد إختيار الحمل، وعند قوله "وهكذا الكأس أيضاً بعد العشاء مزجها من خمر وماء" يدور بإصبعه راسماً دائرة على حافة الكأس والمعنى أن دم المسيح هو لكل أحد ولكل زمان وحتى الأبدية وفى كل مكان.

عَلَى الْمَذْبَحِ الَّذِي لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ = قوة المذبح وقوة الذبيحة هى فى الدم، والإشارة إلى باب خيمة الإجتماع راجع لأنه لا دخول ولا قبول لإنسان إلا بالإيمان بدم المسيح، والثبات فى المسيح الذى هو الباب.

العدد 6

أية (6): -

"6 وَيَسْلَخُ الْمُحْرَقَةَ وَيُقَطِّعُهَا إِلَى قِطَعِهَا.".

ويسلخ = السلخ يشير للإستسلام الكامل فالذبيحة لا تستطيع أن تدافع عن نفسها الآن ومستسلمة تماماً. ولأن الغنم هذا هو طبعها فهى تشير للإستسلام الكامل فهى لا تسلخ وهكذا المسيح كان "كخروف داجن وشاة سيقت للذبح". ويشير أيضاً السلخ للعرى فقد تعرت الذبيحة مما تلبسه والمسيح تعرى ليسترنا. هكذا لبس آدم أقمصة من جلد. ويشير السلخ أيضاً للطاعة الكاملة ظاهرية وباطنية. فالسلخ إعلان لطاعة المسيح الباطنية. فهى ليست طاعة ظاهرة فى التصرفات الخارجية فقط، بل بإقتناع داخلى، لأن السلخ هو نزع الغطاء الخارجى فيظهر الداخل. ويقطعها إلى قطعها = مرة أخرى نعود لواضع الطقس القبطى الذى إستوحى نفس الفكرة فنجد الكاهن يقسم القربانة لقطع ثم يعيد ترتيبها على شكلها الأصلى فى الصينية. وراجع آية (8) ويرتب بنو هرون القطع. وكانوا غالباً يعيدون ترتيبها على المذبح لتأخذ شكل الحيوان الأصلى رأسه وأكارعه وأعضاؤه. وهذا ما يفعله الكاهن القبطى اليوم والمعنى أن هذا الجسد المكسور، مكسور لأجلنا، ليجمعنا المسيح فيه فنصير جسده، هو الرأس ونحن أعضاء جسده، كنا متفرقين كما تقطعت الذبيحة إلى أعضاء متفرقة، ثم جمعها الكاهن ورتبها لتعود فى شكل جسد واحد تقبل الصليب الموضوع عليها بشكر.

العدد 7

أية (7): -

"7 وَيَجْعَلُ بَنُو هَارُونَ الْكَاهِنِ نَارًا عَلَى الْمَذْبَحِ، وَيُرَتِّبُونَ حَطَبًا عَلَى النَّارِ.

ناراً = كانت النار لا تطفأ أبداً رمزا لمحبة الله الدائمة التى تريد خلاصنا، وهى التى أرسلها الله لتأكل الذبائح فى يوم تكريس هرون وبنيه. وكان شحم الذبائح هو ما يساعد على إضرام النار. ويرتبون حطباً على النار = الحطب أى الخشب وهذا يرمز للصليب (خشبة الصليب).

العدد 8

أية (8): -

"8 وَيُرَتِّبُ بَنُو هَارُونَ الْكَهَنَةُ الْقِطَعَ مَعَ الرَّأْسِ وَالشَّحْمِ فَوْقَ الْحَطَبِ الَّذِي عَلَى النَّارِ الَّتِي عَلَى الْمَذْبَحِ.".

ويرتب بنو هرون القطع = هذا يشير إلى أن الصليب حمل المسيح رأس الكنيسة، وأيضاً على أعضاء جسده أى الكنيسة أن تقبل حمل الصليب مع رأسها، فالمسيح صلب عنا، ونحن نقبل الصليب حبا فيه. فالكنيسة هى جسد المسيح المتألم تشاركه طاعته للآب وحبه (راجع تفسير كو1: 24). وقال يعقوب فى نبوته عن يهوذا إبنه الذى من نسله أتى المسيح، وقد جاءت كلمات يعقوب نبوة عن المسيح "جثا وربض كأسد ولبؤة" (تك49: 9) وبهذا المفهوم يقول بولس الرسول "أنا صلبت للعالم" (غل6: 14). وهنا الكل على النار، وهكذا المسيح قدم نفسه جسداً وروحاً ونفساً على مذبح الصليب. وهذا يشير للقلب الذى تشعله نار الله لتحرق الخطايا، ثم يشتعل حباً فيريد أن يأتى بكل نفس لله (رو1: 13 – 15 + نش1: 4). ثم يشتعل غيرة على أولاد الله فيحترق حين يضعف أحدهم (2كو11: 29).

العدد 9

أية (9): -

"9 وَأَمَّا أَحْشَاؤُهُ وَأَكَارِعُهُ فَيَغْسِلُهَا بِمَاءٍ، وَيُوقِدُ الْكَاهِنُ الْجَمِيعَ عَلَى الْمَذْبَحِ مُحْرَقَةً، وَقُودَ رَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ.".

فيغسلها بماء = الغسيل لأعضاء الإنسان هو للتطهير، فالإنسان كله يحتاج لغسيل كامل بسبب طبيعته الساقطة. أما بالنسبة للمسيح الذى بلا خطية فغسيل القطع يشير لطهارة المسيح الذبيح، وأنه بلا عيب. لذلك فهو يذبح عن غيره. يذبح لنصير نحن مقبولين فيه. وبالنسبة للكنيسة فيشير لعمل المعمودية التى بها تغتسل طبيعتنا الداخلية بعمل دم الذبيحة، وتتجدد بصلب الإنسان العتيق والتمتع بالإنسان الجديد. وهنا يلتحم الدم مع الماء كما خرج دم وماء من جنب المسيح. ولاحظ الشكل الموجود على المذبح، الأعضاء المغسولة للحيوان المذبوح مرتبة على خشب والنار تأكل الجميع. ما هذا سوى الكنيسة المعتمدة المقدسة بالدم التى صلبت أهوائها مع شهواتها "مع المسيح صلبت" ونار الروح القدس روح الإحراق (إش4: 4) يغسل الخطايا ثم يشعل محبتها لله، فتصير رائحتها رائحة سرور أمام الرب. والروح القدس هو النار الذى يهبنا التبنى لله الآب فى إستحقاقات الصليب، فالروح القدس يثبتنا فى المسيح إبن الله فنصير أبناء الله بالتبنى.

الأعداد 10-13

الأيات (10 - 13): -

"10« وَإِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ مِنَ الْغَنَمِ الضَّأْنِ أَوِ الْمَعْزِ مُحْرَقَةً، فَذَكَرًا صَحِيحًا يُقَرِّبُهُ. 11 وَيَذْبَحُهُ عَلَى جَانِبِ الْمَذْبَحِ إِلَى الشِّمَالِ أَمَامَ الرَّبِّ، وَيَرُشُّ بَنُو هَارُونَ الْكَهَنَةُ دَمَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا. 12 وَيُقَطِّعُهُ إِلَى قِطَعِهِ، مَعَ رَأْسِهِ وَشَحْمِهِ. وَيُرَتِّبُهُنَّ الْكَاهِنُ فَوْقَ الْحَطَبِ الَّذِي عَلَى النَّارِ الَّتِي عَلَى الْمَذْبَحِ. 13 وَأَمَّا الأَحْشَاءُ وَالأَكَارِعُ فَيَغْسِلُهَا بِمَاءٍ، وَيُقَرِّبُ الْكَاهِنُ الْجَمِيعَ، وَيُوقِدُ عَلَى الْمَذْبَحِ. إِنَّهُ مُحْرَقَةٌ، وَقُودُ رَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ.".

محرقة الأغنام يقدمها غير القادرين. وهى لها نفس الطقس السابق ما عدا أنها لا تسلخ. ونجد هنا إشارة لأنها تذبح على جانب المذبح إلى الشمال، والشمال هو الناحية البحرية مكان هبوب الريح اللطيفة. ففى هذه الذبائح إرضاء الله. وقد يكون هذا المكان هو المناسب للذبح فهو المكان الخالى كما هو واضح بالرسم. وهناك سبب آخر أن المسيح قد صلب فى

غرب

قدس

الأقداس

القدس

المرحضة

مكان الذبح

سلم

مذبح النحاس

الباب

شرق

موضع الجمجمة (لو23: 33) وهذا المكان على الجانب الشمالى من أورشليم. ومن هذا الجانب الشمالى رمز الريح اللطيفة نجد إشارة للصليب الذى بسببه رضى الله على الإنسان، فكانت نعمته التى تشبه الريح اللطيفة بعد سنين من عذاب الهواء اللافح الساخن من غضبه على البشرية. ولكن لماذا أشير للجانب الشمالى فى ذبائح الغنم بالذات، ولماذا سمى المسيح حمل الله ولم يُسَمَّى بأى إسم آخر من الحيوانات التى تقدم ذبائح؟ السبب أن الغنم رمز للطاعة الكاملة فهى صفة خاصة بالغنم. وأيضاً فالمحرقة الدائمة (الصباحية والمسائية) من الغنم إشارة للمسيح الذى يشفع فينا دائماً أمام الآب بدمه فيرضى الآب.

ملحوظة: - الشمال يأتى منه الرياح الباردة المنعشة فيكون رمزا للتعزيات، أما الجنوب فيأتى منه الرياح الساخنة ولذلك يرمز الجنوب للتجارب. ولكن لنلاحظ من ناحية أخرى أنه لو إستخدمت رموز الشمال والجنوب للإشارة إلى الحالة الروحية للإنسان، نجد أن الشمال البارد يشير للبرودة الروحية والخطية وبالتالى عدم القبول، والجنوب الحار يشير للحرارة الروحية. هذه مجرد رموز وعلينا أن نفهمها ونفسرها بحسب النص الذى ندرسه. لذلك نضيف هنا أن الشمال مكان الرفض للخطاة (الجداء ستكون على اليسار مت25: 33)، فالمسيح كحامل لخطايانا وُضِعَ موضع الرفض ليأتى لنا بالتعزيات (الرياح الباردة من الشمال).

الأعداد 14-17

الأيات (14 - 17): -

"14« وَإِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ لِلرَّبِّ مِنَ الطَّيْرِ مُحْرَقَةً، يُقَرِّبُ قُرْبَانَهُ مِنَ الْيَمَامِ أَوْ مِنْ أَفْرَاخِ الْحَمَامِ. 15يُقَدِّمُهُ الْكَاهِنُ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَيَحُزُّ رَأْسَهُ، وَيُوقِدُ عَلَى الْمَذْبَحِ، وَيُعْصَرُ دَمُهُ عَلَى حَائِطِ الْمَذْبَحِ. 16 وَيَنْزِعُ حَوْصَلَتَهُ بِفَرْثِهَا وَيَطْرَحُهَا إِلَى جَانِبِ الْمَذْبَحِ شَرْقًا إِلَى مَكَانِ الرَّمَادِ. 17 وَيَشُقُّهُ بَيْنَ جَنَاحَيْهِ. لاَ يَفْصِلُهُ. وَيُوقِدُهُ الْكَاهِنُ عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْحَطَبِ الَّذِي عَلَى النَّارِ. إِنَّهُ مُحْرَقَةٌ، وَقُودُ رَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ.".

هى المحرقة التى يقدمها المعدمين. الطيور (يمام وحمام) والكلمة العبرية تشير أنه لابد أن يكون الطير ذكراً. وهنا تنزع الحوصلة والريش وترمى، فكل ما هو غير نقى يرمى خارجاً. ولم يقال فى حالة الطير أن مقدم الذبيحة يضع يده على رأس الطير فهى صغيرة جداً، ويكفى مقدمها أنه يقدمها بيديه. ونلاحظ هنا أن الكاهن هو الذى يقوم بكل العمل (الذبح أيضاً وليس اللاويين هم الذين يذبحون الطير). وفى هذا رفع لشأن الفقراء والمسيح إمتدح فلسى الأرملة. وكان الكاهن يعصر دم الطير مباشرة على المذبح لقلة مقدار الدم. وراجع (لو2: 24) فأبوى المسيح قدموا محرقة من الطيور فالمسيح أتى فقيراً. الله لا يطلب القيمة المادية بل القلب. ولهذا نجد هنا فقط أن الكاهن يعصر دم الطير مباشرة على المذبح لقلة مقدار الدم. وراجع (لو2: 24) فأبوى المسيح قدموا محرقة من الطيور فالمسيح أتى فقيراً. الله لا يطلب القيمة المادية بل القلب. ولهذا نجد هنا فقط وإن كان قربانه للرب فقوله للرب لم يذكر مع النوعين الآخرين، أى البقر والغنم.

والحمام واليمام سبق الإشارة لهما ويشيران للوداعة والبساطة. وبعض اليمام لا يقبل الذكر منه سوى أنثى واحدة لا يقترب إلى غيرها حتى إن ماتت، فهو رمز للطهارة. وكلمة بساطة تترجم كثيرا فى الكتاب المقدس singlehearted أى يكون القلب غير منقسم بل له إتجاه واحد، وهو البحث عن مجد الله، وبهذا نفهم قول الوحى وإن كان قربانه للرب أنه يعنى تقديم القلب كله للرب "يا إبنى إعطنى قلبك" (أم23: 26). ومن يفعل يكون جسده كله نيراً (مت6: 22)، فمثل هذا الإنسان يتحد به المسيح نور العالم.

ويحز رأسه = فالطريقة التى كانت ذبيحة الحمام واليمام تقدم بها طريقة عنيفة لطائر نقى وديع بل ووحشية مع طائر مسالم!!..... ولماذا التعجب أو ليس هذا ما حدث مع المسيح الذى سالم جميع الناس ولم يكن فى فمه غش..... ولاحظ مشهد الصليب. ويشقه بين جناحيه لا يفصله = هذا مثل ما حدث مع خروف الفصح الذى لا تكسر عظامه. وعدم كسر العظام قد يشير أنه هو نفسه كامل بلا عيب وهو مصلوب ومذبوح لأجلنا. ولاحظ أن الكنيسة تُسمَّى اليمامة كمسيحها (نش2: 12).

تأملات.

+ ياليتنا نقدم أنفسنا ذبيحة محرقة، فالعجل هو الجموح الجسدى وشهواته، فلنصلبها ونقدم طاعة وتسليم لإرادة الله فنصير حملان وهنا ننطلق للسماويات كالحمام، ونمتلئ من الروح القدس (الذى ظهر على هيئة حمامة). فتهب علينا ريح الشمال الباردة أى تعزيات الله السماوية.

+ حقا التدلاج فى الذبائح التى تقدم مرتبطة بالحالة المادية لمقدم الذبيحة، فالغنى يقدم عجلا والأقل مقدرة يقدم من الغنم والمعدم يقدم طيرا. ولكن هذه الحيوانات تعبر عن ماذا يجب أن نقدمه كمحرقة يشتمها الله كرائحة سرور: -.

  1. العجل: - له طاقة عضلية كبيرة فهل نكرس طاقاتنا الجسمانية لخدمة الله.
  2. الأغنام: - تمثل الطاعة الكاملة فهل نصنع مثلها ونطيع الله دون تذمر.
  3. الطيور: - هل يمكن أن نحيا فى السماويات مثلها.

+ وهناك ملحوظة أخرى فالعجول مرتبطة بالقادرين الأغنياء، ثم الحملان مرتبطة بالأقل قدرة، والطيور السماوية مرتبطة بمن لا قدرة لهم، وحقاً قوته فى الضعف تُكْمَل وعلى من يحس بقدراته وجموحه أن يقاومها ويبدأ فى طاعة الله فيحلق بعد ذلك فى السماويات.

ملاحظات على ذبيحة المحرقة.

  1. من الواضح أن للمحرقة مكاناً خاصاً بين الذبائح كلها. فهى ذكرت أولاً فى هذا السفر فى الترتيب، بل تعتبر من بعض الوجوه أساس كل التقدمات. فكثيراً ما نقرأ عن تقدمة ذبائح محرقة مع تقدمة دقيق (لا23: 18). وكانت ذبيحة السلامة تحرق على المحرقة (لا3: 5). بل كان مذبح النحاس الذى فى الدار الخارجية للخيمة يسمى مذبح المحرقة. وكانت تتقد عليه المحرقة الدائمة ليلاً ونهاراً، لأن الله قصد أن يبقى أمامه دائماً ما هو ثمين فى عينيه.
  2. يتردد فى ذبيحة الخطية القول "يكفر عنه فيصفح عنه" أما فى المحرقة فالتكفير ليس للصفح عن الخطية، بل لقبول الشخص نفسه أى للرضا عنه أمام الرب. ووضع مقدم الذبيحة يده على رأس الذبيحة كأنه يتحد بها فى كل قيمتها وكمال قبولها أمام الله فإن كان الله يقبلها فهو يقبل مقدمها.
  3. فى قول معلمنا بولس الرسول "وأسلكوا فى المحبة كما أحبنا المسيح أيضاً وأسلم نفسه لأجلنا قرباناً وذبيحة لله رائحة طيبة" (أف 5: 2). نرى هنا مقطعين للآية: -.

المقطع لأول: أنه أسلم نفسه لأجلنا هذا هو الوجه الأول للصليب من ناحيتى كإنسان، أى كيف أرى أنا الصليب أو كيف أفهمه أو كيف أستفيد منه. فالمسيح قدم نفسه ذبيحة خطية لأجلى فأصير أنا مقبولا إذ غفرت خطيتى.

أما المقطع الثانى: المسيح كان قرباناً وذبيحة لله، هذه هى ذبيحة المحرقة. هذه من وجهة نظر المسيح فى الصليب، كيف يرى المسيح الصليب؟ فى نظر المسيح الصليب هو حب باذل لآخر نقطة دم حبا فينا، حب لايطلب مقابل (الأغابى).

ملحوظة أخرى على سلخ المحرقة، فهو قَبِل أن يتعرى ليكسينا بعد أن تعرينا، فالسلخ يشير لخلع الغطاء الخارجى أى للعرى الذى قبله المسيح على الصليب لأجلنا ليسترنا.

الذبيحة التى غطى بها الله عُرىْ آدم.

قال الكتاب "وصنع الرب الإله لآدم أقمصة من جلد وألبسهما" (تك3: 20). الله غطى عريهما، ولكن من الذى ذبح الحيوان، هل هو الله أم آدم؟ لم يذكر الكتاب إجابة لهذا السؤال، فلماذا؟ الإجابة... نقول أنه من المنطقى أن آدم هو من ذبح الحيوان، ليتسلم من الله طقس تقديم الذبائح لإسترضاء الله، وألبس الله آدم من جلد الذبيحة ليستره، ولكن كان هذا ستراً مؤقتا. أما الستر الحقيقى الذى سيستر فضيحة خطايانا سيكون فى ملء الزمان بصليب المسيح إبن الله... وإبن آدم فى نفس الوقت، والذى سيقدم ذبيحة نفسه كمحرقة. وابن الله (المسيح) يُدعى هنا الرب الإله. ولأن المسيح هو الذى سيقدم الذبيحة التى تسترنا تُرِكَ السؤال بلا إجابة. فمن قدم الذبيحة الحقيقية هو المسيح إبن الله وإبن آدم فى آنٍ واحد. هو مقدم المحرقة الحقيقية التى تفرح قلب الله إذ هى التى تستر الإنسان حقيقة، وتعيده إلى حضن الله.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثاني - سفر اللاويين - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر اللاويين الأصحاح 1
تفاسير سفر اللاويين الأصحاح 1