الأصحاح الثاني عشر – سفر اللاويين – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر اللاويين – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثانى عشر

تطهير الوالدة.

نرى هنا نظرة الله للخطية ونتائجها. واللعنة التى جاءت على البشر بسببها، بل سمة العار التى جلبوها على أنفسهم. ولذلك نجد هنا الطفل يولد خارج العهد مثل آدم أبوه حين طرد من الجنة.

آدم الرأس

أدم حواء (جزء من أدم)

الأولاد جزء من آدم وجزء من حواء

.

إذاً العالم كله هو أجزاء من آدم فحين أصاب الموت آدم أصاب كل ذريته.

+ (مت7: 17) "الشجرة الردية تصنع أثماراً ردية". إذاً الخطية تنتقل.

+ الله خلق آدم على صورته كشبهه، والله حى لذلك كان آدم حياً وكان ممكنا أن يستمر حيا، لأن إرادة الله أن يخلق حياة وليس موتا.

+ بعد السقوط مات آدم.

+ (تك5: 3) وعاش آدم 130 سنة "وولد ولداً على شبهه كصورته" أى محكوما عليه بالموت.

+ (رو5: 12) "من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا إجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع" الخطية إذاً تنتقل.

+ لذلك كانت النغمة المتكررة فى إصحاح تك 5 هى ومات.... ومات.

+ وقد عرفنا أن الموت نجاسة. ومن يتلامس مع ميت يحتاج لتطهير.

+ فى أوشية الراقدين نقول "ليس أحد طاهراً ولو كانت حياته يوماً واحداً... على الأرض" لأن الخطية إنتقلت لهذا المولود.

+ لذلك فالمرأة حين تلد ومع أن الأبناء عطية إلهية، لكن لأن حياة الإنسان قد فسدت بالخطية خلال العصيان الأول، تكون المرأة قد ولدت طفل فى حالة ساقطة. ونظراً لإرتباطها به فهى تعتبر هى الأخرى نجسة، لأنها ولدت ولداً ميتاً لأن مصيره الموت ونجساً، فهو بالخطية إشتهته أمه، وهو شبه والديه.

+ إذاً فالإنسان مرتبط بالدنس فى ميلاده وأيضاً فى موته، أى فى كل مراحل حياته هو موصوم بالنجاسة. ولأن الإنسان ينسى هذه الحقيقة حين يغتر بمجد هذه الدنيا. نجد الله يذكره هنا بها، وهو يذكر أنه يخرج من بطن أمه عرياناً مسكيناً نجساً وتنتهى حياته فى قبر جثة نجسة من يمسها يتنجس وإذا تذكر هذا: -.

1 - لا ينتفخ ويسلك بدون كبرياء ويزهد فى أمجاد هذا العالم.

2 - يشعر بحاجته للتطهير وللميلاد الجديد والموت مع الرب المصلوب ليحيا مقدساً له فهذا الطقس يعلن أننا كلنا مرفوضون نجسون لولا تدخل الله.

+ الأم تعتبر بعد الولادة نجسة لأنها ولدت طفلاً نجساً مصيره الموت. ولكنها تتطهر يوم ختانه أى حين يصير عضواً فى عهد الله. ونفس هذا الطقس يطبق فى الكنيسة اليوم، فالأم لا تقترب من التناول قبل عماد مولودها وإنضمامه للكنيسة جسد المسيح، وبالعماد يصير له حياة ابدية، فيصير للأم إبنا حيا وتتطهر. ولاحظ أن الحياة التى أخذها الطفل المعمد هى حياة أبدية، فهى حياة المسيح الذى إتحد به فى المعمودية.

العدد 1

أية (1): -

"1 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً:".

العدد 2

أية (2): -

"2«كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: إِذَا حَبِلَتِ امْرَأَةٌ وَوَلَدَتْ ذَكَرًا، تَكُونُ نَجِسَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِ عِلَّتِهَا تَكُونُ نَجِسَةً.".

النجاسة فهمنا معناها سابقاً ويضاف لهذا أنها خلال هذه المدة تعتبر غير نظيفة بسبب الدم الذى ينزف منها. والكنيسة تمنع التناول فى هذه الفترة ليس لأنها نجاسة بل كأنها فطر. طمث علتها = أى مرضها الشهرى. فهى خلال هذه الفترة كمن هى فى فترة مرضها الشهرى ويجب أن تمكث فى البيت. تكون نجسة سبعة أيام = فترة نزول الدم عادة تستمر من 3 – 7 أيام وهنا يحسبها 7 أيام. وفى إصحاح 15 من نفس السفر نجد الشريعة تحسب كل جسم يخرج سيلاً سواء كان رجل أو أنثى، أنه نجس ليس لأن الدم فى ذاته نجاسة وإنما لكى يتوقف الإنسان عن كل عمل، ويهتم بصحته حتى يشفى تماماً، هنا الله يظهر كطبيب يهتم بصحة شعبه فهو طبيب أجسادنا ونفوسنا. لذلك ولأن السيل نجاسة سميت الوالدة هنا نجسة. ولاحظ أن الله الذى خلق الإنسان لينمو ويكثر، وهذا النمو والتكاثر كان سيحدث بالطريق الطبيعى ولن يحسب نجاسة إذا لم تكن الخطية قد دخلت إلى العالم. وكون الله ينسب النجاسة للأم الوالدة فهذا ليجذب الأنظار للخطية التى تسللت لنا أباً عن جد.

العدد 3

أية (3): -

"3 وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ يُخْتَنُ لَحْمُ غُرْلَتِهِ.".

اليوم الثامن هو بداية أسبوع جديد. وفيه يدخل الطفل فى عهد جديد مع الله. وبعد ختان الطفل وإنتمائه لشعب الله نجد الأم تشارك إبنها بركات الختان وترفع عنها نجاستها. لكنها لا تعود للهيكل قبل 40 يوماً من الولادة. أما فى خلال هذه السبعة الأيام التى تكون نجسة فيها فهى تنفصل عن أقاربها وزوجها ومن يلمسها يتنجس.

العدد 4

أية (4): -

"4ثُمَّ تُقِيمُ ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ يَوْمًا فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا. كُلَّ شَيْءٍ مُقَدَّسٍ لاَ تَمَسَّ، وَإِلَى الْمَقْدِسِ لاَ تَجِئْ حَتَّى تَكْمُلَ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا.".

دم تطهيرها = أى الدم الطاهر أو السوائل التى تنزل من المرأة وتسمى دم تطهيرها ربما بسبب لونها. ولأن المرأة فى هذه الفترة قد تخلصت من النجاسة وهى الآن فى سبيلها للتطهير الكامل. وهذه السوائل عادة تستغرق من أسبوعين لثلاثة أسابيع. ثم تقيم ثلاثة وثلاثين يوماً = نجد هنا المدة 33 يوماً أى أكثر من أكبر مدة وهى 21 يوماً وأسباب هذا:

  1. لتغطية الحالات الشاذة التى تستمر فيها السوائل مدة طويلة، أى للضمان.
  2. حتى تكون المدة الإجمالية 40 يوماً (7 + 33) ورقم 40 يشير لأشياء معروفة فى الكتاب المقدس، فالطوفان إستمر 40 يوماً، إذاً هذا يطبع فى الأذهان أنهم بسبب الخطية كانوا محرومين من نعمة الله معرضين لسخطه ونقمته. وموسى صام 40 يوماً ليحصل على الناموس وبركات الله. وهى تحرم من المقدسات كمن تكون صائمة وبعدها تحصل على كل حقوقها. إذاً الأربعين يوماً هى مدة إنتظار يعقبها بركات إذا فهم الشخص ما يريده الله وقدم توبة. والعكس فيونان النبى حذَّر أهل نينوى أن المدينة ستنقلب بعد 40 يوما إن لم يتوبوا، فهنا فترة الإنذار أعقبها بركة وعفا الله عنهم لأنهم إستجابوا وتابوا، لكن إن كانوا قد رفضوا التوبة لكانوا قد هلكوا. إذاً الــ 40 رقم إما يعقبه بركة أو لعنة.

كل شئ مقدس لا تمس = أى لا تأكل من ذبائح السلامة والفصح. وإذا كانت زوجة الكاهن فلا تأكل من المحلل أكله لعائلة الكاهن من لحوم الذبائح.

وإلى المقدس لا تجئ = أى لا تأتى إلى بيت الله.

العدد 5

أية (5): -

"5 وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى، تَكُونُ نَجِسَةً أُسْبُوعَيْنِ كَمَا فِي طَمْثِهَا. ثُمَّ تُقِيمُ سِتَّةً وَسِتِّينَ يَوْمًا فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا.".

وإن ولدت أنثى = هنا نجد المدة تضاعفت فهى تظل نجسة بعد ولادتها لمدة أسبوعين بدلاً من أسبوع وهكذا. وهذا لا يقصد به التمييز بين الجنسين فنحن نجد أن الذبيحة المقدمة عن الولد مثل البنت تماماً (وبولس الرسول يقول أن الرجل والمرأة هما واحد فى المسيح يسوع ربنا (غل3: 28 + كو3: 11) وسوف نرى أن شريعة التطهير لكلا الولد والبنت واحدة. أى أن الأم تقدم نفس الذبائح لتطهيرها إن ولدت ولداً أو ولدت بنتاً. إذن المشكلة ليست فى إرتباط النجاسة بالذكر أو بالبنت. ولكن التفريق هنا له أسباب هى: -.

  1. المرأة بعد ولادتها تستمر فى البيت لا تتعامل مع أحد فهى مدعوة للتأمل والتفكير فى أسباب مدة النجاسة أصلاً ثم لماذا هى مختلفة بين الولد والبنت.
  2. كان الذكر إنتظار كل إمرأة، لذلك كان أقل فى المدة الخاصة بالنجاسة وهذا يحيى بإستمرار رجاء مجئ المسيا (نسل المرأة المرتقب الذى يسحق رأس الحية).
  3. التفريق الكتابى المستمر بين الذكر والأنثى هو مجرد جعل الذكر رأس أى قائد، والأنثى جسد أى خاضع كعلامة مسبقة ومستمرة لإرتباط الرأس (المسيح) بالجسد (الكنيسة) (1كو12 + أف5).
  4. المرأة كانت المدخل للخطية "آدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت فى التعدى" (1تى 2: 14). وليس معنى هذا أنها هى مصدر النجاسة أو أكثر نجاسة إنما المعنى هو أنها أضعف فى تكوينها النفسى والعاطفى فيسهل إغوائها عندما تكون بمفردها. وهناك سبب هام جداً موجه للرجال والسيدات، فمن يتسبب فى إعثار غيره فعقوبته أشد "من أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين فخير له أن يعلق فى عنقه حجر الرحى ويغرق فى لجة البحر" (مت18: 6). وكما قلنا فالله يقصد بتشريعاته أن يجعلنا نتأمل لنتحاشى السقوط.

الأعداد 6-7

الأيات (6 - 7): -

"6 وَمَتَى كَمُلَتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا لأَجْلِ ابْنٍ أَوِ ابْنَةٍ، تَأْتِي بِخَرُوفٍ حَوْلِيٍّ مُحْرَقَةً، وَفَرْخِ حَمَامَةٍ أَوْ يَمَامَةٍ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، إِلَى الْكَاهِنِ، 7فَيُقَدِّمُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ وَيُكَفِّرُ عَنْهَا، فَتَطْهُرُ مِنْ يَنْبُوعِ دَمِهَا. هذِهِ شَرِيعَةُ الَّتِي تَلِدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى.".

إذاً الأم لا تحسب طاهرة حتى تقدم ذبيحة دموية، رمزاً للحاجة إلى دم المسيح الذى يطهر من كل خطية (1يو1: 7). لاحظ أنها إستمرت 40 يوماً أو 80 يوماً لكنها لا تطهر سوى بالذبيحة. فالزمن عاجز عن مسح الخطية والحاجة دوماً إلى دم يطهر. وهى تقدم ذبيحة محرقة = فالمحرقة هى أساس كل الذبائح وهى هنا تقدمها شكراً وفرحاً لأن الله أقامها سالمة وأعطاها نسلاً. والمحرقة هى إعلان واضح لقبول الله للخاطئ وذبيحة المحرقة هى موضع سرور الرب كما رأينا. وذبيحة خطية = بإمتزاج المحرقة مع ذبيحة الخطية يمتزج الفرح بالغفران من الخطية. وكون ذبيحة الخطية من الطيور، ففى هذا إشارة لبراءة الطفل الظاهرية وطفولته البريئة، ولكن الخطية إنتقلت إليه وصارت مختبئة داخله.

العدد 8

أية (8): -

"8 وَإِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهَا كِفَايَةً لِشَاةٍ تَأْخُذُ يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ، الْوَاحِدَ مُحْرَقَةً، وَالآخَرَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، فَيُكَفِّرُ عَنْهَا الْكَاهِنُ فَتَطْهُرُ».".

تقدمة الفقراء تستبدل الخروف بيمامة وهذا ما قدمته العذراء أم المسيح الذى إفتقر ليغنينا (2كو8: 9) والعجيب أن المسيح وأمه التزما بالناموس.

هذا الطقس يجعلنا كمسيحيين نشعر بأن الطفل يولد بنجاسته فنشتاق لينال سر العماد المقدس وأن نحرص على تربية أطفالنا فى خوف الله.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثالث عشر - سفر اللاويين - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الحادي عشر - سفر اللاويين - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر اللاويين الأصحاح 12
تفاسير سفر اللاويين الأصحاح 12