الأصحاح الثامن – سفر اللاويين – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر اللاويين – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثامن

هو تنفيذ لإصحاحى 28، 29 من سفر الخروج. وقد قام موسى بتقديس هرون وبنيه، فموسى كان هو الكاهن للشعب. وكهنوت موسى هو الإتصال بين الكهنوت القديم (كهنوت الأباء البطاركة) الذى كان يكهن فيه رأس الأسرة أو العشيرة، وبين الكهنوت اللاوى الذى حدد الله فيه هرون وأولاده فقط ليكونوا كهنة. ولذلك قيل "موسى وهرون بين كهنته" (مز99: 6). ولم يكن موسى كاهناً فقط بل كان ملكاً فى يشورون (تث33: 5 + عد12: 7). لذلك يكون موسى هنا ممثلاً للرب لأمانته فى كل بيته بما فيه من كهنة وشعب. وهو أيضاً رمز للمسيح الذى كان كاهناً وملكاً ومخلصاً.

الأعداد 1-5

الأيات (1 - 5): -

"1 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: 2«خُذْ هَارُونَ وَبَنِيهِ مَعَهُ، وَالثِّيَابَ وَدُهْنَ الْمَسْحَةِ وَثَوْرَ الْخَطِيَّةِ وَالْكَبْشَيْنِ وَسَلَّ الْفَطِيرِ، 3 وَاجْمَعْ كُلَّ الْجَمَاعَةِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ». 4فَفَعَلَ مُوسَى كَمَا أَمَرَهُ الرَّبُّ. فَاجْتَمَعَتِ الْجَمَاعَةُ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 5ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِلْجَمَاعَةِ: «هذَا مَا أَمَرَ الرَّبُّ أَنْ يُفْعَلَ».".

إلى باب خيمة الإجتماع = خيمة الإجتماع هى المكان الذى يجتمع الله فيه مع شعبه، لذلك فالباب هو المكان المناسب لتكريس الوسيط بين الله وشعبه، فعن طريق الباب يكون الدخول. والوسيط هنا هم هرون وأبناء هرون الكهنة، يأخذون من الله ويعطون الشعب. ونلاحظ أن المسيح هو باب الخراف (يو10: 7)، وهو الوسيط الواحد بين الله والناس "لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح" (1تى2: 5 + عب8: 6). فالمسيح هو الباب والوسيط، ولكنه يكلف وكلاء له للقيام بالعمل الذى يراه الناس بعيونهم، ففى العهد القديم إختار الله هرون وبنى هرون ونسل بنى هرون من بعده. وإختار فى العهد الجديد الرسل وخلفائهم للعمل كوظيفة يقومون بها "كوكلاء لسرائر الله" (1كو4: 1). "ولا يأخذ أحد هذه الوظيفة لنفسه بل المختار من الله كما هرون أيضا" (عب5: 4).

وكما كان لا يمكن لإنسان أن يكون كاهنا إلا من كان من صلب هرون، هكذا فالكهنوت المسيحى هو كهنوت المسيح، والكهنة يأخذون كهنوتهم فى المسيح، فالمسيح هو الذى يقدم ذاته على المذبح ذبيحة حية، ولكن بيد من إختاره المسيح لهذه الوظيفة. ورأينا فى معجزة الخمس خبزات مثالا لهذا، فالبركة من يد المسيح ويعطيها لوكلائه لتوزيعها. ونرى نفس ما حدث فى العهد القديم هو هو نفسه فى العهد الجديد:

فالله إختار موسى ليصير مخلصا للشعب ورمزا للمسيح، وموسى هو الذى يسكب الزيت على هرون ويستمر الكهنوت من خلال البنوة لهرون.

وهذا ما عمله السيد المسيح إذ إختار رسله ونفخ فيهم ليعطيهم نفخة الروح، فيصير لهم كهنوت يسلمونه لآخرين بوضع اليد (يو20: 22، 23 + أع13: 2، 3). ولاحظ فمع أن الله هو الذى إختار برنابا وشاول إلا أن الكنيسة وضعت عليهما الأيادى.

"حقا الله هو هو أمسا واليوم وإلى الأبد" (عب13: 8).

نلاحظ هنا التسبحة المتكررة هذا ما أمر الرب أن يفعل = من يتبع أوامر الرب تكون له حياة. ونلاحظ أن موسى لم يكن له حق فى إختيار الكهنوت أو طقس تكريسهم إلا حسب خطة الله وتدبيره. وهذا يشير إلى أن ما تحقق بمجئ السيد المسيح إلى العالم كان بحسب خطة الآب الأزلية ومن تدبير الآب "هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد... (يو3: 26). وقطعاً فخطة الآب لا تعنى أن المسيح لم يكن له دور، إذ يقول بولس الرسول فى (أف5: 2، 25)" أحبنا المسيح أيضاً وأسلم نفسه لأجلنا... ". الآب والإبن والروح القدس إله واحد، ثلاثة أقانيم ولهم إرادة واحدة، لكن لكل عمله، الآب يريد والإبن يقدم الفداء والروح القدس يثبتنا فى الإبن فنصير أولادا لله، ونعود إلى حضن الآب ونحن فى المسيح ثابتين فيه.

وإجمع كل الجماعة = هنا تتم سيامة الكهنة وسط الجماعة فهم قد أقيموا من أجل الجماعة. لذلك تتم سيامات الكهنة وسط شعب كنيستهم وهكذا الأساقفة والبطريرك، ونسمع فى نص السيامة "بفعل الروح القدس وإتفاق منا كلنا وطيب قلب، وإتفاق رأى الجماعة". وكانت أول مرة تأتى فيها كلمة الجماعة فى (خر12: 3) وفى مناسبة تقديم خروف الفصح (رمز للمسيح)، وتأتى هنا فى تقديم الكاهن (رمز المسيح) فالمسيح هو الكاهن وهو الذبيحة. ولاحظ أن الذى قدم المسيح كذبيحة هم جماعة إسرائيل.

وتترجم كلمة الجماعة باليونانية إككليسيا = الكنيسة.

العدد 6

أية (6): -

"6فَقَدَّمَ مُوسَى هَارُونَ وَبَنِيهِ وَغَسَّلَهُمْ بِمَاءٍ.".

لم يحدد هنا الأجزاء التى تغسل (الأيدى أو الأقدام) لأنه فى المرة الأولى عند التكريس كان يُغسل الجسد كله. وهذا كان يتم وراء حجاب وليس أمام الشعب، وكذلك السروال والقميص. وهذا رمز للمعمودية التى تصنع لمرة واحدة. أما فى طقوس الخدمة بعد ذلك فكان الكهنة يغسلون أيديهم وأرجلهم قبل دخول الخيمة أو قبل تقديم ذبيحة، وهذا يرمز للتوبة والإعتراف قبل التناول من سر الإفخارستيا. وغسل الكهنة إشارة أن الله القدوس يعمل فى كهنته المقدسين فيه المغتسلين من كل ضعف. وهو إشارة إلى أنه مهما كانت رتبة الكاهن فهو تحت الضعف محتاج أن يغتسل هو أولاً، حتى يغسل أقدام الآخرين. وهذا ما عمله المسيح مع تلاميذه إذ غسل أقدامهم قبل تأسيس سر الإفخارستيا، ثم قال لهم ما صنعته بكم إصنعوه مع الآخرين (يو13). ويرى العلامة أوريجانوس أن إغتسال الكهنة قبل إرتدائهم الملابس الكهنوتية إشارة لضرورة الإغتسال الكلى فى مياه المعمودية لكى نلبس السيد المسيح ثم الحاجة إلى الإغتسال المستمر من الشر بإعتزالنا إياه.

الأعداد 7-13

الأيات (7 - 13): -

"7 وَجَعَلَ عَلَيْهِ الْقَمِيصَ وَنَطَّقَهُ بِالْمِنْطَقَةِ وَأَلْبَسَهُ الْجُبَّةَ وَجَعَلَ عَلَيْهِ الرِّدَاءَ، وَنَطَّقَهُ بِزُنَّارِ الرِّدَاءِ وَشَدَّهُ بِهِ. 8 وَوَضَعَ عَلَيْهِ الصُّدْرَةَ وَجَعَلَ فِي الصُّدْرَةِ الأُورِيمَ وَالتُّمِّيمَ. 9 وَوَضَعَ الْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ، وَوَضَعَ عَلَى الْعِمَامَةِ إِلَى جِهَةِ وَجْهِهِ صَفِيحَةَ الذَّهَبِ، الإِكْلِيلَ الْمُقَدَّسَ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. 10ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى دُهْنَ الْمَسْحَةِ وَمَسَحَ الْمَسْكَنَ وَكُلَّ مَا فِيهِ وَقَدَّسَهُ، 11 وَنَضَحَ مِنْهُ عَلَى الْمَذْبَحِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَمَسَحَ الْمَذْبَحَ وَجَمِيعَ آنِيَتِهِ، وَالْمِرْحَضَةَ وَقَاعِدَتَهَا لِتَقْدِيسِهَا. 12 وَصَبَّ مِنْ دُهْنِ الْمَسْحَةِ عَلَى رَأْسِ هَارُونَ وَمَسَحَهُ لِتَقْدِيسِهِ. 13ثُمَّ قَدَّمَ مُوسَى بَنِي هَارُونَ وَأَلْبَسَهُمْ أَقْمِصَةً وَنَطَّقَهُمْ بِمَنَاطِقَ وَشَدَّ لَهُمْ قَلاَنِسَ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.".

التقديس: - راجع مقدمة سفر اللاويين لتفسير معنى كلمة التقديس.

الملابس الكهنوتية تشير للمسيح. وبعد الإغتسال نلبس المسيح ونختفى فيه بكونه الكاهن الأعظم. (والإغتسال هو رمز المعمودية تى3: 5).

ومسح موسى المسكن وقدسه = مسح الأشياء يشير لتخصيصها لله. وموسى مسح كل آنية المسكن فهى بذلك صارت مخصصة للرب، لذلك كانت خطية بيلشاصر عظيمة إذ إستعمل آنية بيت الرب لنفسه بينما هى مكرسة للرب (دا 5).

وفى طقس المعمودية كل، من أو ما، ينزل لماء المعمودية يصير مكرساً لحساب الله فمياه المعمودية تحوى زيت الميرون.

وبهذا نفهم قول المسيح "ولأجلهم أقدس أنا ذاتى ليكونوا هم مقدسين فى الحق" (يو17: 19). ومفهومها أن المسيح كان مكرساً لله بالكامل مخصصاً لهذا العمل الكهنوتى أى تقديم نفسه ذبيحة ليأتى بنا إلى حضن الآب. ومسح كل شئ يشير لأن الخدمة كلها وكل أنشطتها ممسوحة بالروح القدس أو هكذا يجب أن تكون، والمسح معناه تخصيص الإنسان أو الشئ الممسوح لغرض خدمة الله ومجد إسمه. ونلاحظ أننا كلنا كمسيحيين مسحنا بالميرون أي حل فينا الروح القدس فليكن هدفنا الوحيد هو أن تكون كل أعمالنا لمجد إسم الله القدوس. فكما رأينا فإن المسح بالزيت يشير للمسح بالروح القدس. هكذا كان رئيس الكهنة يمسح بصب الزيت على رأسه ومسح جبهته بعلامة "حرف الكاف" إشارة لأنه كاهن. أما الآن فالمسح يكون بعلامة الصليب. والمسيح لم يمسح بزيت بل بالروح القدس بعد العماد، وحينما يمسح هرون بالزيت يسيل على لحيته (مز133) وهذا ما حدث مع المسيح حين حل الروح القدس عليه بالجسد فإنسكب الروح على الكنيسة جسده (لحيته) لأن اللحية ملتصقة بالرأس، والرأس هو المسيح. وحين ينسكب هذا الزيت الذى يحمل أربعة أنواع من الأطياب، تفوح رائحة الأطياب التى تشير للمسيح. وهذا معنى "أنتم رائحة المسيح الزكية" (2كو 2: 15) أننا يظهر فينا رائحة المسيح، بل يرى الناس فينا صورة المسيح فيمجدوه، راجع تفسير (مزمور 133 وموضوع زيت المسحة فى موضوع خيمة الإجتماع فى سفر الخروج).

الأعداد 14-36

الأيات (14 - 36): -

"14ثُمَّ قَدَّمَ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ، وَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ثَوْرِ الْخَطِيَّةِ. 15فَذَبَحَهُ، وَأَخَذَ مُوسَى الدَّمَ وَجَعَلَهُ عَلَى قُرُونِ الْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا بِإِصْبَعِهِ، وَطَهَّرَ الْمَذْبَحَ. ثُمَّ صَبَّ الدَّمَ إِلَى أَسْفَلِ الْمَذْبَحِ وَقَدَّسَهُ تَكْفِيرًا عَنْهُ. 16 وَأَخَذَ كُلَّ الشَّحْمِ الَّذِي عَلَى الأَحْشَاءِ وَزِيَادَةَ الْكَبِدِ وَالْكُلْيَتَيْنِ وَشَحْمَهُمَا، وَأَوْقَدَهُ مُوسَى عَلَى الْمَذْبَحِ. 17 وَأَمَّا الثَّوْرُ: جِلْدُهُ وَلَحْمُهُ وَفَرْثُهُ، فَأَحْرَقَهُ بِنَارٍ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.

18ثُمَّ قَدَّمَ كَبْشَ الْمُحْرَقَةِ، فَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ الْكَبْشِ. 19فَذَبَحَهُ، وَرَشَّ مُوسَى الدَّمَ عَلَى الْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا. 20 وَقَطَّعَ الْكَبْشَ إِلَى قِطَعِهِ. وَأَوْقَدَ مُوسَى الرَّأْسَ وَالْقِطَعَ وَالشَّحْمَ. 21 وَأَمَّا الأَحْشَاءُ وَالأَكَارِعُ فَغَسَلَهَا بِمَاءٍ، وَأَوْقَدَ مُوسَى كُلَّ الْكَبْشِ عَلَى الْمَذْبَحِ. إِنَّهُ مُحْرَقَةٌ لِرَائِحَةِ سَرُورٍ. وَقُودٌ هُوَ لِلرَّبِّ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.

22ثُمَّ قَدَّمَ الْكَبْشَ الثَّانِي، كَبْشَ الْمَلْءِ، فَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ الْكَبْشِ. 23فَذَبَحَهُ، وَأَخَذَ مُوسَى مِنْ دَمِهِ وَجَعَلَ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ هَارُونَ الْيُمْنَى، وَعَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ الْيُمْنَى، وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى. 24ثُمَّ قَدَّمَ مُوسَى بَنِي هَارُونَ وَجَعَلَ مِنَ الدَّمِ عَلَى شَحْمِ آذَانِهِمِ الْيُمْنَى، وَعَلَى أَبَاهِمِ أَيْدِيهِمِ الْيُمْنَى، وَعَلَى أَبَاهِمِ أَرْجُلِهِمِ الْيُمْنَى، ثُمَّ رَشَّ مُوسَى الدَّمَ عَلَى الْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا. 25ثُمَّ أَخَذَ الشَّحْمَ: الأَلْيَةَ وَكُلَّ الشَّحْمِ الَّذِي عَلَى الأَحْشَاءِ، وَزِيَادَةَ الْكَبِدِ وَالْكُلْيَتَيْنِ وَشَحْمَهُمَا، وَالسَّاقَ الْيُمْنَى، 26 وَمِنْ سَلِّ الْفَطِيرِ الَّذِي أَمَامَ الرَّبِّ، أَخَذَ قُرْصًا وَاحِدًا فَطِيرًا، وَقُرْصًا وَاحِدًا مِنَ الْخُبْزِ بِزَيْتٍ، وَرُقَاقَةً وَاحِدَةً، وَوَضَعَهَا عَلَى الشَّحْمِ وَعَلَى السَّاقِ الْيُمْنَى، 27 وَجَعَلَ الْجَمِيعَ عَلَى كَفَّيْ هَارُونَ وَكُفُوفِ بَنِيهِ، وَرَدَّدَهَا تَرْدِيدًا أَمَامَ الرَّبِّ. 28ثُمَّ أَخَذَهَا مُوسَى عَنْ كُفُوفِهِمْ، وَأَوْقَدَهَا عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْمُحْرَقَةِ. إِنَّهَا قُرْبَانُ مَلْءٍ لِرَائِحَةِ سَرُورٍ. وَقُودٌ هِيَ لِلرَّبِّ. 29ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى الصَّدْرَ وَرَدَّدَهُ تَرْدِيدًا أَمَامَ الرَّبِّ مِنْ كَبْشِ الْمَلْءِ. لِمُوسَى كَانَ نَصِيبًا، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. 30ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى مِنْ دُهْنِ الْمَسْحَةِ وَمِنَ الدَّمِ الَّذِي عَلَى الْمَذْبَحِ، وَنَضَحَ عَلَى هَارُونَ وَعَلَى ثِيَابِهِ، وَعَلَى بَنِيهِ وَعَلَى ثِيَابِ بَنِيهِ مَعَهُ. وَقَدَّسَ هَارُونَ وَثِيَابَهُ وَبَنِيهِ وَثِيَابَ بَنِيهِ مَعَهُ. 31ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِهَارُونَ وَبَنِيهِ: «اطْبُخُوا اللَّحْمَ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، وَهُنَاكَ تَأْكُلُونَهُ وَالْخُبْزَ الَّذِي فِي سَلِّ قُرْبَانِ الْمَلْءِ، كَمَا أَمَرْتُ قَائِلاً: هَارُونُ وَبَنُوهُ يَأْكُلُونَهُ. 32 وَالْبَاقِي مِنَ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ تُحْرِقُونَهُ بِالنَّارِ. 33 وَمِنْ لَدُنْ بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، لاَ تَخْرُجُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ إِلَى يَوْمِ كَمَالِ أَيَّامِ مَلْئِكُمْ، لأَنَّهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَمْلأُ أَيْدِيَكُمْ. 34كَمَا فَعَلَ فِي هذَا الْيَوْمِ، قَدْ أَمَرَ الرَّبُّ أَنْ يُفْعَلَ لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ. 35 وَلَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ تُقِيمُونَ نَهَارًا وَلَيْلاً سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَتَحْفَظُونَ شَعَائِرَ الرَّبِّ فَلاَ تَمُوتُونَ، لأَنِّي هكَذَا أُمِرْتُ». 36فَعَمِلَ هَارُونُ وَبَنُوهُ كُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ عَلَى يَدِ مُوسَى. ".

راجع تفسير ما سبق فى سفر الخروج إصحاحى (8، 9) فلا داعى للتكرار. ولكن هناك بعض الملحوظات فقط.

الذبائح المذكورة هنا سبق الحديث عنها بالتفصيل. ولكن هناك ملحوظة بالنسبة لذبيحة الخطية. فنجد فى هذا الطقس أن موسى سكب الزيت على هرون قبل تقديم ذبيحة الخطية، فهرون هنا يرمز للمسيح كرئيس كهنة والمسيح رئيس كهنتنا لم يحتاج أن يقدم ذبيحة عن نفسه فهو بلا خطية، وأيضا فالمسيح حلَّ عليه الروح القدس قبل أن يقدم نفسه على الصليب. ولكن هرون كإنسان له خطاياه ومحتاج لدم الذبيحة لتقديسه. وذبيحة كبش المحرقة قدموها إظهاراً لإستعدادهم تقديم أنفسهم بالكامل لله، وهذا هو التكريس الكامل للكهنة، وقدموها بعد تقديم ذبيحة الخطية أى بعد تطهيرهم من خطاياهم فصاروا مقبولين أمام الله وصاروا كرائحة سرور أمام الله.

أما ذبيحة كبش الملء فهى ذبيحة سلامة مع بعض الفروق: -.

  1. الله حين يدعو أحد لخدمته فهو لا بد وأن يزوده بكل ما يحتاجه، بل كل مسيحى له مواهبه لخدمة باقى الكنيسة (1بط4: 10). وهذه المواهب نسميها الوزنات التى نتاجر بها لنربح. ولكن من يتكرس لخدمة الرب فالله يعطى له كثيرا (يملأه) ليعطى مما أخذ لشعب الله (الخمس خبزات). ولكن على هذا المكرس أن يجاهد لينمى موهبته، وهذا ما قاله بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس (1تى4: 13 – 16 + 2تى1: 6).
  2. فى ذبيحة السلامة العادية لا نسمع أن أحداً يمسح من دمها فى يديه أو أذنيه. ولكن هذا المسح هو لتقديس كل طاقات وحواس الكاهن المكرس لخدمة الله. الله يضع كلماته فى أذن خادمه ليوصلها هو لشعب الله.
  3. فى ذبيحة السلامة العادية كان نصيب الكهنة الساق والصدر وبعض الخبز، ولكن نجد هنا أن الساق والخبز تذهب للمذبح، والصدر يذهب ليكون نصيب موسى. وكأن الكاهن يعطى نصيبه لله، الله وضع الساق نصيبا للكاهن، وهنا الله ملأ يده شبعا ماديا، لكن نجد الكاهن يفرغ يده ويعطى ما فى يده لله، فلا يترك الله يد الكاهن فارغة بل يملأ يده بركات مادية وروحية، وهذه كما نقول فى التسبحة "أخذ الذى لنا وأعطانا الذى له". هو أخذ جسد بشرى من البشر، وأنظر ماذا أعطى للبشر. الله أخذ لحم ذبيحة وفطير، وأعطى إمتلاء روحى لمن كرَّس نفسه لخدمته، وهكذا كل من أعطى الله شيئا يعوضه الله أضعافا. وهذه هى العلاقة بين التكريس وذبيحة الملء، وتسمى "يملأ الله يده". ونلاحظ أن الوحى فى سفر الخروج بعد أن نصَّ على حرق ساق الرفيعة (خر29: 25) وإعطاء القص لموسى (خر29: 26)، يعود ويكرر أن يُعطَى القص وساق الرفيعة لهرون وبنيه فريضة أبدية (خر29: 28)، ويعود ويقول من ذبائح السلامة. فنفهم أن الله يعطى الكهنة الساق اليمنى والصدر من ذبائح السلامة كفريضة أبدية. ولكن لماذا يذكرها هنا؟ الله يعطينا، ولكنه يفرح حينما نعطيه مما أعطانا وهذا ما قاله داود النبى "لأن منك الجميع ومن يدك أعطيناك" (2أى29: 14).
  4. وموسى كرمز للمسيح الإبن المحبوب كان له الصدر حيث القلب والحب.
  5. فى ذبيحة السلامة كان الله (نار المذبح) يشترك مع الكاهن ومقدم الذبيحة وأصدقاءه، ولكن هنا نجد الله (ويمثله هنا نار المذبح) والكهنة فقط، حتى المتبقى من اللحم والخبز يحرق بالنار. فهذه ليست ذبيحة شركة (إفخارستية) بل هى شركة بين الله ووكلاءه، يعطيهم ويملأهم وهم يعطوا الشعب. ولذلك لا يأكل من هذه الذبيحة سوى الكهنة وأبناءهم (آية31).
  6. ولأنها لا تشير للإفخارستيا التى كان يقدم فيها خبز مختمر مع الذبيحة، نجد هنا أنه يقدم فطير غير مختمر فقط، فلا حديث هنا عن غفران للخطايا، بل عن ملء.
  7. رش ثياب هرون وأبناءه بدهن المسحة والدم هو لتقديسهم وملؤهم بالمواهب الروحية (الدم للتقديس والمسحة للمواهب). ولاحظ أن الروح إنسكب على هرون كرئيس كهنة قبل تقديم الذبائح. وبعد تقديم الذبائح الدموية، رش موسى الدم مع دهن المسحة على الكهنة، ولكن لم يسكب الدهن عليهم كما فعل مع هرون. وهذا يشير لأن هرون كرمز للمسيح حل عليه الروح القدس قبل أن يصلب ويقدم ذبيحة. وأيضا فسكب الدهن على هرون، بينما كان نصيب الكهنة الرش فقط، فهذا يشير لأن نصيب هرون كرئيس للكهنة من الإمتلاء بالروح أكثر جدا من نصيب الكهنة. وهذا كان رمزا لأن الروح القدس حل على جسد المسيح حلولا أقنوميا كاملا، بينما حلول الروح القدس على الرسل وعلى الكنيسة هو حلول مواهب، ولذلك نجد أن الروح القدس قد حل على المسيح بشكل كامل (حمامة كاملة)، بينما كان حلوله على التلاميذ على هيئة ألسنة نار منقسمة (أع 2). وهذا ما تنبأ به المرنم أيضا فى المزمور "مسحك الله إلهك بدهن الإبتهاج أكثر من رفقائك" (مز45: 7 + عب2: 9). وحينما نقول أن الروح القدس قد حل على الكنيسة فهذا يعنى حلوله على كل فرد معمد وممسوح بالميرون، فكل الشعب المسيحى هم كهنة بالمفهوم العام.

ونلاحظ أن سكب الدم على المذبح ووضعه على قرونه يقدسه كله. وهذا يشير للمسيح الذى لم يتنجس بالخطية بالرغم من حمله لكل خطايانا. وكان الدم يوضع جزء منه على المذبح، ويؤخذ جزء لمسح الكهنة به فكأنهم يتزوجون المذبح. وبقدر التكريس ما يكون كاملاً بقدر ما يكون الإمتلاء كاملاً. وكان مسح الأذن يشير لتقديس حواسهم، ولكى تكون لهم أذان للسمع. وتقديس أياديهم الروحية للعمل بلا رخاوة فى حقل الرب. وتقديس أرجلهم الروحية للإنطلاق مع الشعب فى طريق الرب نحو السماويات. وتقديم الشحم يشير لأنهم يجب أن يقدموا كل قوتهم لله وكل دسم الروح له. وبقدر ما يعطون ويكرسون ذواتهم لله ولخدمته ولمجد إسمه بقدر ما يمتلئوا.

أية (32): -

"32 وَالْبَاقِي مِنَ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ تُحْرِقُونَهُ بِالنَّارِ.".

لا يأكل منه أحد لأن هذا خاص بالكهنة وليس لعائلاتهم، هي ذبيحة لملء الكهنة فقط. غير أن هذا الطقس سيتكرر لمدة 7 أيام (آية33)، فكل يوم لهم طعام.

الأيات (35 - 36): -

"35 وَلَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ تُقِيمُونَ نَهَارًا وَلَيْلاً سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَتَحْفَظُونَ شَعَائِرَ الرَّبِّ فَلاَ تَمُوتُونَ، لأَنِّي هكَذَا أُمِرْتُ». 36فَعَمِلَ هَارُونُ وَبَنُوهُ كُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ عَلَى يَدِ مُوسَى.".

كانت الذبائح تقدم 7 أيام، إذاً هى غير كافية لرفع الخطية فى ذاتها ولكن لأن الرقم 7 يشير للكمال، إذاً هذه الذبائح لمدة 7 أيام تشير للمسيح الذبيحة الكاملة عنا. وسيامتهم ككهنة للرب يعنى فى جوهره تخصيص كل حياتهم الداخلية وتصرفاتهم الظاهرة لحساب الرب نفسه. لذا قيل ولدى باب خيمة الإجتماع تقيمون نهاراً وليلاً سبعة أيام = أى لا راحة لهم سوى عند الرب كل أيام حياتهم فرقم 7 رقم كامل. ويعنى هذا أيضا أن الكاهن لا يجب أن يبتعد عن بيت الله فإمتلاءه هو فى وجوده فى بيت الله.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح التاسع - سفر اللاويين - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح السابع - سفر اللاويين - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر اللاويين الأصحاح 8
تفاسير سفر اللاويين الأصحاح 8