أسرار الكنيسة السبعة – الباب الثامن – القس أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: أسرار الكنيسة السبعة – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

فى الطريق إلى عمواس

أعطى المسيح تلاميذه ليلة العشاء الربانى جسده ودمه وقال “يسفك لأجل كثيرين”

(مت26 : 28) . فكيف يشترك الكثيرين فى هذه الإفخارستيا؟ كان هذا مبنيا على أنه سيقوم من الأموات كما سبق وتنبـأ “انه كان يعلم تلاميذه ويقول لهم ان ابن الانسان يسلم الى ايدي الناس فيقتلونه. وبعد ان يقتل يقوم في اليوم الثالث”(مر9 : 31). والمسيح ربط بين الإفخارستيا وقيامته من الأموات وصعوده للسموات “فان رايتم ابن الانسان صاعدا الى حيث كان اولا” (يو6 : 62) . وبهذا كان المسيح يربط بين جسده الذى يصلب ويسكب دمه على الصليب وبين الإفخارستيا. وكان أيضا يربط فى هذه الآية بين الإفخارستيا وبين قيامته من الأموات وصعوده للسماء حيث عرشه. ومن هناك ومن على عرشه السماوى صار يقدم جسده مأكلا حق ودمه مشربا حق لكل العالم. وبهذا يتحقق قول المسيح “تأكلون وتشربون على مائدتى فى ملكوتى” (لو22 : 30) .

وكان كثيرين من اليهود يؤمنون بأن أجسادهم ستقوم، وأن الأرواح لن تموت، بل أن بعض فلاسفة اليونان رأوا أن الروح لن تموت. والمسيح أوضح أن هذا الرأى صحيح وأن الروح لن تموت والأجساد ستقوم، ولكن سيكون ذلك من خلال الأكل من جسده والشرب من دمه (يو6 : 53 : 54) .

أمكــــــــــث معنـــــــــا (لو24 : 29)

قصة تلميذى عمواس (لو24 : 13 – 35) شرحت وأوضحت تماما عمل الإفخارستيا، وربطت بين الإفخارستيا وبين قيامة المسيح ونلاحظ شيئين فيما حدث :-

1)  أن التلميذين “أمسكت أعينهما” ، لقد أخفى الرب يسوع نفسه فلم يعرفاه. فليس من المعقول أنهما نسيا شكله فى يومين. والمعنى أن المسيح بعد القيامة كان قادرا أن يظهر بالصورة التى يريدها، وبجسده الممجد كان قادرا أن يظهر، أو أن لا يظهر كما حدث مع المجدلية ومع تلميذى عمواس، بل ومع اليهود فلم يراه أحد منهم، فقط رآه وفرح به من يستحق.

2)  وكان ذلك لأن إيمانهم إهتز فيه وإعتبروه نبيا قادرا … ولكنه ليس المسيا المنتظر. ولم يصدقوا قيامته حين سمعوا بها.

فماذا فعل الرب يسوع؟

  • هو عمل بالضبط ما تم شرحه فى الصفحات السابقة. فلقد عاد إلى العهد القديم شارحا ما جاء فيه عنه، فالله سبق ومهد الطريق فى العهد القديم لنفهم ما عمله المسيح.
  • وكان هذا الشرح مقدمة وإعداد لما حدث بعد ذلك.
  • ولم تنفتح أعين التلميذين إلا بعد كسر الخبز. وكان كسر الخبز هو ما تممه ليلة العشاء الربانى. “فالزماه قائلين امكث معنا لانه نحو المساء وقد مال النهار. فدخل ليمكث معهما. فلما اتكا معهما اخذ خبزا وبارك وكسر وناولهما.فانفتحت اعينهما وعرفاه ثم اختفى عنهما. فقال بعضهما لبعض الم يكن قلبنا ملتهبا فينا اذ كان يكلمنا في الطريق ويوضح لنا الكتب. فقاما في تلك الساعة ورجعا الى اورشليم ووجدا الاحد عشر مجتمعين هم والذين معهم. وهم يقولون ان الرب قام بالحقيقة وظهر لسمعان. واما هما فكانا يخبران بما حدث في الطريق وكيف عرفاه عند كسرالخبز” .
  • وبعد أن إنفتحت أعينهما وعرفاه إختفى عنهما فجأة.
  • ولماذا إختفى المسيح؟ هو بهذا شرح للتلميذين أنه بعد القيامة والصعود إلى السماء، سيكون حاضرا أمامهم ليس فى صورة إنسان كما تعودوا قبل ذلك، ولكن على صورة الخبز والخمر فى الإفخارستيا. وكأنه يقول لهم… ها أنا ما زلت حاضرا أمامكم فى هذا الخبز المكسور ولن تروننى بعد ذلك فى صورة الإنسان الذى عرفتموه قبل الصليب والقيامة. وهذا معنى قول الكتاب فدخل ليمكث معهما. فهو مع أنه إختفى لكنه ظل ماكثا معهم فى صورة الخبز والخمر اللذان حولهما إلى جسده ودمه.
  • والمسيح بهذا شرح للتلاميذ وللكنيسة كلها أن كسر الخبز، ستكون الطريقة التى يكون حاضرا بها معهم للأبد حسب وعده، “وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر” (مت28 : 20) .
  • والمسيح بهذا أظهر للتلميذين أن الإفخارستيا هى جسده المصلوب والقائم من بين الأموات، وأنه بعد قيامته وصعوده لم يعد مقيدا ومحدودا فى زمان أو مكان أو صورة معينة.
  • المسيح القائم من الأموات يستطيع أن يظهر فى الوقت الذى يريده وفى المكان الذى يريده وبالصورة التى يريدها وبالكيفية التى يريدها. وهو قادر أن يخفى جسده كما إختفى من أمام التلميذين فى عمواس، وأيضا مع المجدلية. وقادر أن يخفى شخصه ويظهر بصورة غير التى يعرفه بها الناس، وأيضا هذا قد حدث مع المجدلية ومع التلميذين فى الطريق إلى عمواس. وحدث هذا مع القديس الأنبا بيشوى وغيره من القديسين.
  • وإذ عرفه التلميذين … فهما عرفاه فى كسر الخبز، إنطلقا فرحين ليخبرا الباقين بما حدث، وأيضا بالطريقة التى عرفوا بها كيف يكون المسيح حاضرا معهم كل حين. ففى كسر الخبز أى الإفخارستيا سيكون المسيح حاضرا معنا. ومن هنا نرى أن الإفخارستيا تساعد على فتح الأعين.
  • وكانت حادثة تلميذى عمواس بعد القيامة مباشرة، ولقد كرر المسيح معهم ما عمله ليلة خميس العهد. وهنا تم تنفيذ وعده “تأكلون وتشربون على مائدتى فى ملكوتى”(لو22 : 30) .
  • فى هذا اليوم أعطى المسيح تلاميذه جسده ودمه. وبينما لم يعرفه التلاميذ فى الطريق لكنه إستجاب لطلبهم “أمكث معنا” . وفى كل قداس يستجيب المسيح لهذا الطلب وهذه الصلاة ويبقى معنا، وسيمكث معنا ومع كنيسته إلى نهاية الزمان فى سر الإفخارستيا الذى أسسه ليلة خميس العهد، بدأه فى العلية وأنهاه على الصليب.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found