الأصحاح الأول – سفر يهوديت – القمص تادرس يعقوب ملطي

هذا الفصل هو جزء من كتاب: 18- تفسير سفر يهوديت – القمص تادرس يعقوب ملطي.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

مقدمة في سفر يهوديت

الله واهب النصرة.

يرى البعض أن هذا السفر يروي الأحداث التي دارت بعد هزيمة سنحاريب ملك أشور في أيام حزقيا ملك يهوذا (2 مل 19: 35 - 37؛ 2 أي 32) حيث عاد منهزمًا إلى نينوى فقتله ابناه، وخلفه في الحكم ابنه آسرحدون الذي غار على بلاد كثيرة منها بلاد مادي انتقامًا من أرفكشاد ملكهم الذي كان اليهود يحبونه. السبي الذي أشير إليه في هذا السفر هو ما حدث في أيام منسّى (2 أي 11: 33).

بعث ملك أشور بجيش قوي ضد أرفكشاد ملك مادي ليخضعه، ويذل جميع حلفائه الذين من بينهم اليهود. قام بهذا العمل قائد جيوشه أليفانا أو هولوفرنيس Holofernes، وضرب الحصار أمام الحصن اليهودي بيت فَلْوى (بيتولي أو بتولية). وقد أوشك أن يقتحمها، لكن المحاصرين نجوا بفضل البَطلة التقيّة يهوديت.

يقدم لنا هذا السفر صورة إيمانية حيّة لأرملة غنية وجميلة تقتحم بالإيمان معسكر الأعداء، وتلتقي بالقائد أليفانا، واثقة في عمل الله الحيّ في وسط شعبه. استطاعت يهوديت كأستير أن تنقذ شعبها خلال شجاعتها التي ارتبطت بحياتها التقوية وطاعتها للوصية (8: 6؛ 12: 2).

من هي يهوديت؟

"يهوديت" اسم عبري مؤنث معناه "يهودية".

سيدة ذات صفات يندر أن تجتمع معًا في شخصية واحدة. فقد تحلت بالفضائل الروحية والمقوّمات الهامة للشخصية الروحية الوطنية، جمعت بين الحكمة واللياقة، وبين الغنى والنسك، وبين الشجاعة والتواضع، وبين الجمال الجسدي والجمال الروحي (العفّة) [1].

كاتب السفر.

واضح أن كاتب السفر يجمع بين اهتمامه بحفظ الناموس بكل دقةٍ مع روح الوطنية القومية.

يرى القديس جيروم أن الكاتب هو يهوديت نفسها التي سجلت الأحداث وقدمتها هدية مع ما أوقفته على الهيكل كهدايا تذكارية من متاع القائد أليفانا.

2. يرى البعض أنه بحسب التقليد ألياقيم أو يواقيم رئيس الكهنة هو الذي سجل الأحداث[2]، لذا جاء السفر يركز على الصلاة والتسبيح، مُخلص للغاية للناموس الموسوي، كما قدم السفر تفاصيل يصعب أن يسجلها آخر إلا رجل دين معاصر للأحداث. هذا وأن ما رواه عما حدث بين أحيور وأليفانا لا يمكن تسجيله إلا بواسطة رئيس الكهنة الذي التقى به وتحدث معه. وأيضًا ما رواه عما حدث بين يهوديت وأليفانا.

3. يرى آخرون أن يهوديت سجلت الأحداث ثم قام آخر بإعادة كتابة السفر؛ على أي الأوضاع فإن الكاتب يتسم بالآتي:

أ. معاصر للأحداث أو في عصرٍ قريبٍ جدًا منها، نظرًا لما ورد في السفر من تفاصيل لا يقدر أن يسجلها أحد سوى شاهد عيان أو من سمعها منه مباشرة.

ب. يدرك الكاتب دقائق الناموس، له معرفة قوية بالعهد القديم خاصة المزامير، وله دراية حيّة بالعمل التعبُّدي الروحي وأيضًا السياسي.

ج. أسلوبه العبري رائع، يكاد يبلغ إلى مستوى الشعر. أسلوبه الروائي يحمل حيويّة فائقة، يتسم بالواقعية دون تضخيم.

د. للكاتب موهبة التعليم.

تاريخ الكتابة.

إن كان السفر قد كُتب في وقت معاصر للأحداث أو بعدها بقليل، فمتى جرت الأحداث؟

1. يرى البعض أنها في فترة ملك سنحاريب الأشوري حيث قام بحملة تأديبية بعد هزيمته الشهيرة في فجر القرن السابع ق. م. منتقمًا من أرفكشاد صديق اليهود ثم متجهًا نحو اليهودية جنوبًا.

2. يرى آخرون أنها تمت في أيام منسّى الملك وهو أسير في بلاد ما بين النهرين (المصيصة) حيث لم يكن يوجد ملك في البلاد. ويرى البعض أن هذه الأحداث تمت في أيام حزقيا الملك، أما عن سرّ غيابه في السفر وظهور رئيس الكهنة كمخطط للأمور فهو كبرياء حزقيا، إذ كان عدوه سنحاريب يتطلع إليه "حزقيا القوي المتكبر[3]". يقول Boutflower إن حزقيا لم يلتقِ برسل أشور شخصيًا (2 أي 31: 32)، لأن سنحاريب لم يأتٍ إليه، وكما أرسل إليه ثلاثة رسل مندوبين عنه، هكذا أرسل إليه حزقيا رئيس الكهنة والكاتب والمسجل. وربما كان حزقيا مريضًا كما جاء في 2 أي 32: 24، فلم يستطع الخروج إليه شخصيًا.

ولعله بسبب مرض حزقيا كان منسَّى ابنه شريكًا معه في الحكم، لكن كان رئيس الكهنة هو الذي يقوم بمهام الملك.

3. يرى آخرون أنها تمت في القرن الرابع ق. م، في عصر أرتحتششتا الثالث وحمْلته الجنوبية والتي توقفت في اليهودية عند بيت فَلْوى. ويرفض كثيرون هذا الرأي، لأن السفر لم يشر إلى السبي البابلي، ولا ذِكر المكابيين.

غايته.

1. الأمانة في حياتنا مع الله تهبنا سلامًا وأمانًا مهما كانت الظروف المحيطة بنا.

2. يكشف السفر عن أهمية التدقيق في حفظ الوصية الإلهية، فقد حافظت يهوديت على الشريعة بتدقيقٍ شديدٍ (8: 6؛ 12: 2).

مفتاح السفر.

"والَّذينَ يَتَّقونَكَ تَكونُ عنهُم راضِيًا" (16: 15).

سماته.

1. يتسم السفر بالسلاسة في الأسلوب.

2. عالج السفر موضوع الألم، وهو الموضوع الذي يشغل بعض الأسفار الأخرى. لم يُظهر الألم هنا كتأديبٍ أو عقابٍ لقمع خطايا معينة، إذ لم يرتكب الشعب عبادة الأوثان كما فعل في الماضي (8: 18 - 21). إنه ليس علامة غضب إلهي، بل نراه هنا دعوة إلى فضيلة أسمى وإلى بذل النفس من أجل خلاص الشعب وإنقاذ المدينة المقدسة (8: 21 - 24). لقد قبلته يهوديت بروح الشكر بكونه علامة على عناية الله بشعبه (8: 25) [4].

3. أبرز السفر خطورة الكبرياء، فنرى نبوخذنصر يُقيم نفسه إلهًا، ويستخدم القوة لاعتراف كل الشعوب به أنه الإله الأوحد (3: 8).

4. يرى بعض الدارسين أن هذا السفر مثل دانيال يُعتبر سفر رؤيوي أخروي، يقدم لنا رؤية عن أحداث مجيء ضد المسيح. لكن وإن حمل السفر المفهوم الرمزي والرؤيوي الأخروي إلا أنه سفر تاريخي يُسجل أحداثًا تاريخية حقيقية. يرى Scholz أن هجمات هولوفرنيس تمثل هجمات ضد المسيح على كنيسة الله في كل الأمم، ومدينة بيت فَلْوى ويهوديت تمثلان إسرائيل والكنيسة[5].

لقد حملت تسبحة يهوديت لمسات رؤيوية أُخروية (16: 15، 17).

5. يرى كثير من الدارسين أن السفر لا يهدف إلى عرض تاريخي لحدث ما، قدر ما يبرز الفكر اللاهوتي، مع التركيز على الاهتمام بالطقوس الناموسية[6]. لقد كتب لتأكيد أهمية المثابرة على الصلاة وحفظ الناموس، بها غلبت امرأة أقوى الجيوش[7].

غاية الكاتب لا أن يستعرض قصة ما، بل أن يكرز[8].

يهدف السفر إلى تأكيد أن الله لن يتخلى عن شعبه ما داموا أمناء له، وأنه يليق بالمؤمنين أن يتحفظوا بل ويقاوموا العادات الشريرة والرجاسات التي تدنس المقدس؛ كما يقدم يهوديت كمَثلٍ لبطلة تحب الله وتثق فيه[9].

6. لعل من أروع ما اتسم به السفر هو عدم الفصل بين الحياة الشخصية والحياة الجماعية، فمن جانب يصور لنا السفر حياة يهوديت التقوية الشخصية سواء خلال صلواتها الخاصة أو نسكها الشخصي أو تواضعها في مواقفٍ كثيرةٍ، وحياة الجماعة حيث نسمع صرخات الشعب معًا، وصلواتهم وتذللهم بروح جماعي. حتى في الطلبة لله امتزج الدافع الشخصي مع الجماعي، فكانت كل أسرة تخشى أن تُغتصب نساؤها وأن يؤسر أطفالها وفي نفس الوقت تخشى دمار المدن خاصة أورشليم مدينة الله، وأن يُدنس هيكل الرب بالعبادة الوثنية والرجاسات.

7. إن كان الشعب قد تذمر بسبب تجربة الشرب والطعام، حيث عسكر جيش أشور حول المياه في الوادي لمنع الشعب من مصدر الشرب وأيضًا الطعام، فقد سمح الله ليهوديت أن تحمل رأس أليفانا في حقيبة وصيفتها التي كانت تضع فيها الطعام. وكأن الله يُقدم للشعب طعامًا خلال رأس أليفانا المقطوعة.

8. يُحسب البعض سفر يهوديت سفر الصلاة؛ ففي كل موقف عاشته يهوديت كانت ترفع قلبها لله بالصلاة، وقد سجل لنا السفر بعض صلواتها وتسابيحها. وهو في هذا يكشف عن سرّ النصرة؛ هنا يهوديت تشبه أستير (وردت صلواتها في تتمة دانيال)، وسارة زوجة طوبيت، ووالدة الشهداء في 2 مكابيين، وسوسنة العفيفة الخ.

لغة السفر.

كُتب باللغة العبرية، لكن الأصل العبري فُقد، وكل النسخ الباقية ترجع في أصولها عن طريق اللغة اليونانية إلى النسخة العبرية الأصلية. حاليًا يوجد نصّان بالعبرية، واحد مطوّل يتفق مع النص اليوناني، والآخر مختصر.

يوجد هذا السفر باليونانية واللاتينية، الأولى تحوي على الأقل 84 آية أكثر من الأخيرة[10].

يقول القديس جيروم[11] إنه قام بترجمة السفر عن الكلدانية في ليلةٍ واحدة، ليقدم المعنى، ولم يلتزم بالكلمات. كما قال إنه عبّر باللاتينية فقط بما استطاع أن يفهمه من الكلدانية.

كثيرًا ما ذكر القديس جيروم أنه قدم ترجمة مختصرة للسفر حاسبًا أن النص السبعيني اليوناني والنص العبري المطوّل يمثلان الأصل.

جاءنا النص اليوناني في المخطوطات السبعينية الثلاثة: الفاتيكانية، والإسكندرانية، الباسيليونو فاتيكانية Basiliano - Vaticanus. أما السينائية فقد امتدت إليها مؤخرًا اليد وحذفت بعض الكلمات والعبارات وأحيانًا فقرات.

يقول دميان ماكي إنه يقبل الرأي التقليدي بأن النص الأصلي قد وضع حوالي عام 700 ق. م. وللأسف ليس لدينا النص الأصلي حاليًا، الذي يصرّ النقاد المعاصرون أنه كُتب باللغة العبرية، وأن شارلس يدعوه "سفر أو درج يهوديت[12]". وجاء في دائرة المعارف اليهودية أيضًا أن لابد أن يكون الأصل عبريًا[13].

لقد جاء السفر يحمل تعبيرات عبرية أصيلة مثل: "مدة ثلاثين يومًا" (يهـو 15: 11)، "كل جسد" (تك 6: 13)؛ "وجه الأرض" (عا 5: 8)، "يضرب بحد السيف" (مز 89: 43) الخ.

يصرّ شارلس على ذلك، فيقول: [الترجمة (اليونانية) حرفية جدًا حتى أنه يمكن إرجاع الأصل العبري بسهولة وفي حالات كثيرة تصير أكثر قبولاً عندما يُعاد ترجمتها[14].].

جاء في دائرة المعارف الكاثوليكية أن الاختلافات في النص الحالي تشير إلى وجود أصل قديم للغاية: [بالنسبة إلى حالة النص يلزم ملاحظة أن الاختلافات غير العادية بين النصوص المختلفة هي في حد ذاتها دليل على أن النصوص مأخوذة عن نسخة قديمة سابقة لمدة طويلة عن المترجمين[15].].

كان لشخصية يهوديت اعتبارها الخاص لدى اليهود، فوُجد سفر خاص بها، وإن كانوا لم يحسبوه سفرًا قانونيًا، لكنهم ضموه كتكملة للأسفار التاريخية ولسفر إشعياء النبي.

لماذا رفض اليهود سفر يهوديت؟ [16].

بالرغم من أن سفر يهوديت في شكله السامي Semitic يضم كل ما يخص اليهودية الفلسطينية، مثل الحديث عن الله، والصلاة، والأطعمة المحللة، والذبيحة، والهيكل، وأورشليم، الأمر التي لم ترد هكذا في سفر أستير، لكنه لم يرد من بين قائمة الأسفار القانونية في فلسطين أو في قمران، ولعل استبعادهم للسفر علته الأسباب التالية:

1. رفض الأسينيون Essenes الذين عاشوا في تجمعات نسكية مثل جماعة قمران Qumran السفر من أجل العناصر الفريسية الواردة فيه.

2. رفضه الربيون Rabbis وهم الذين كانوا مسئولين عن تقنين الأسفار في المراحل الأخيرة، من أجل اتجاهه الجامعي مثل قبوله الحديث عن مدن السامرة، وأيضًا ضم العمونيين (مثل أحيور) إلى الإيمان اليهودي.

3. يرى Craven أن الربيين Rabbis الذين قاموا بتقنين الأسفار تطلعوا إلى يهوديت كشخصية متطرفة راديكالية radical. فقد رأى بعض الحكماء اليهود القدامى في شخصيتها خطورة على المجتمع اليهودي. فمع أمانتها للناموس بحرفية، لكنها لم تكن مدققة في طرق سلوكها حسب التقليد اليهودي. فإنها لم تخشَ سوى يهوه وحده؛ إذ قامت بتوبيخ قادة المدينة، كما قامت بالتخطيط والتنفيذ دون أن تبوح بما في قلبها وفكرها حتى لقادة بلدها الخ. يتساءل البعض: ماذا يكون حال المجتمع اليهودي لو اقتدت النساء جميعهن بيهوديت؟

ماذا يكون الحال إن صار من حق النساء توبيخ قادة المجتمعات؟

وإن كانت لهن الجرأة للتخطيط والتنفيذ في أمور تتعلق بالبلد كلها في سرية دون إباحة ما في أفكارهن للقادة؟

ماذا لو رفضت النساء الزواج مثل يهوديت؟

وماذا لو صارت للنساء ملكيتهن من أموال وعبيد وجوارٍ؟

ماذا لو استأجرت النساء وصيفات يدبرن أموالهن مثلما فعلت يهوديت؟

هكذا تخيل الحكماء القدامى أن كل نساء المجتمع سيتمثلن بيهوديت ويحملن ذات مواهبها وقدراتها.

4. يرى H. M. Orlinsky أن الربيين رفضوا السفر، لأنه يتعارض مع الحلقة[17] Halakh التي لهم حيث تطالب الأممي الذي يتهود أولاً أن يختتن ثم ينال العماد[18] لكي يصير يهوديًا.

5. يرى البعض أن السفر كان مرتبطًا بعيد الحانوكا Hanuhkah، وإذ لم يعد العيد مقبولاً بعد أسرة الحشمونيين Hasmonean أو المكابيين، صار السفر لدى البعض ليس بذي قيمة.

لم يقبل اليهود هذا السفر لأنه لم يوجد في عصر عزرا الكاتب الذي جمع أسفار العهد القديم، كما لم يورده يوسيفوس المؤرخ في قائمة الأسفار التي ذكرها. غير أننا لا ننسى أن بعض الأسفار القديمة لم يعثر عليها عزرا عندما جمع الأسفار المقدسة. هذا مع ملاحظة أن اليهود كانوا ينظرون إلى الكتبة في فترة ما بعد عزرا.

اعتاد اليهود قراءة بعض الأسفار في أعيادهم، مثل:

1. عيد الحانوكا (التجديد): سفر يهوديت.

2. عيد الفصح: سفر نشيد الأناشيد.

3. عيد الحصاد أو الأسابيع: سفر راعوث.

4. عيد المظال: سفر الجامعة.

5. عيد الفوريم: سفر أستير.

6. ذكرى خراب الهيكل: مراثي إرميا.

قانونية السفر.

ترجمت النسخة السامية لسفر يهوديت إلى اليونانية لأجل نفع اليهود الذين لم يعرفوا العبرية. لذلك وُجد هذا العمل في أقدم النسخ للترجمة السبعينية، وقد اقتبس منه القديس إكليمنضس الروماني صديق القديس بولس[19]. لكنه لم يُعرف في العبرية، ولا أشار إليه المؤرخ يوسيفوس. جاء في مقدمة هذا العمل للقديس چيروم إن هذا السفر يُقرأ بين Hagiographa لدى اليهود باللغة الكلدانية. كما عرف هذا العمل أوريجينوس في الكتاب المقدس باليونانية[20].

لم يدرج الربّانيون اليهود سفر يهوديت في المجموعة الرسمية للأسفار المقدسة. هذا أدى إلى شيء من التردد في الكنيسة الأولى، غير أن استخدام هذا السفر كان شائعًا عند آباء الكنيسة والكتَّاب المسيحيين حتى بين الذين لم يحسبوه ضمن الأسفار القانونية.

في الشرق رأى الآباء قانونية السفر، منهم القديس إكليمنضس السكندري، وكاتب العمل Timothei et Aquilae Diaclectica، وجونيلوس Junilius (حولي 542م)، وعبد يسوع (عبد جيسي) Ebdjesu.

وفي الغرب قبله الآباء هيلاري أسقف بواتيه وأغسطينوس وأيوسنت الأول (401 - 417) والمدعو جلسيوس Pseudo - Gelasius وكاسيودورس Cassiodorus (حوالي 485 - حوالي 585) وإيسيذورس من ميليتس Isidorus of Miletus (560 - 636)، وورد في قوائم Codex Claromonyanus and Libre saeramentasun في القرن السادس / السابع م).

جاء في مقدمة سفر يهوديت التي كتبها القديس جيروم أن السفر لم يوجد في الكتاب المقدس العبري، وأن مجمع نيقية الأول أقر قانونية هذا السفر، واعتبره واحدًا من الأسفار المُوحى بها.

لا يظهر في مستندات مجمع نيقية وقوانينه إعلان عن قبول سفر يهوديت بين الأسفار القانونية. ربما يشير القديس چيروم إلى استخدام المجمع بعض عبارات من السفر أثناء المناقشات بكونها عبارات كتابية. ولعله توجد قوانين فرعية أو قوانين منسوبة للمجمع تشير إلى قانونية السفر.

كما أن مجمع قرطاجنة في قانونه السابع والعشرين اعترف بأن هذا السفر من الأسفار القانونية للتوراة[21]. هذا وقد جاء ضمن قائمة الأسفار القانونية التي وضعها إينوقنتيوس أسقف روما سنة 405م، وأيضًا في مجمع فلورنسا عام 1142م، وترينت عام 1546م.

من المؤكد أن الآباء في العصور الأولى كانوا يحسبونه سفرًا قانونيًا. فالقديس بولس اقتبس من النص اليوناني للسفر ما ورد في ١ كو ٢: ١٠ (يهو ٨: ١٤)؛ وأيضًا ١ كو ١٠: ١٠ (يهو ٨: ٢٥). اقتبست الكنيسة الأولى عبارات من السفر بكونه سفرًا قانونيًا كما جاء في رسالة القديس إكليمنضس الروماني الأولى (ف ٥٥) والقديس إكليمنضس السكندري والعلامة أوريجينوس والعلامة ترتليان.

قصة يهوديت حقيقة تاريخية، وكما يقول Leahy[22]:

  1. حسب التقليد اليهودي والمسيحي ومفسري الكتاب المقدس إلى القرن السادس عشر يتطلعون إلى السفر كسفرٍ تاريخي.
  2. التفاصيل التاريخية والجغرافية والخاصة بالأحداث والأنساب تشير إلى أن القصة تمثل واقعًا تاريخيًا.
  3. يتحدث الكاتب عن نسل أحور بكونهم أحياء في عهده (14: 6)، وأن الاحتفال السنوي لازال في أيامه قائمًا حيث يمجدون نصرة يهوديت (16: 31) [23].
  4. يقول Carey A.: [مكيدة يهوديت بسيطة وصريحة بما فيه الكفاية، مما يجعل القصة حقيقية واقعية أكثر منها خيال[24].].
  5. هذا وقد قبل بعض الدارسين هذه القصة بكونها واقعية، لأنها لا تحمل معجزات خارقة. وكتب Moore: [دمار هولوفرنيس تحقق خلال مجهودات بشرية أكثر منها تدخل إلهي معجزي، ولتأكيد ذلك فإن يهوديت وشعبها دعوا الله بالصلاة والصوم (4: 1، 11: 13)، ومع هذا فقد تحققت النصرة بشجاعةٍ قاتلةٍ ومكرٍ. وبينما حسب كل إسرائيل، ومن بينهم يهوديت، الفضل الأول هو لله، وباتفاق جماعي حسبوا يهوديت وسيلة لتحقيق ذلك (13: 15، 18، 20؛ 16: 5) [25].].

المجامع التي أقرت قانونية السفر.

1. مجمع نيقية سنة 325م.

2. مجمع هيبو 393م.

3. مجمع قرطاجنة الأول سنة 397م.

4. مجمع قرطاجنة الثاني سنة 419م.

مجامع الكنائس الخلقيدونية.

1. مجمع فلورنسا سنة 1142م.

2. مجمع ترنت سنة 1546م.

3. مجمع القسطنطينية سنة 1642م.

4. مجمع أورشليم (الكنيسة اليونانية) سنة 1672م.

سفر يهوديت والعهد الجديد.

واضح أن كتَّاب العهد الجديد قد عرفوا هذا السفر، وإن كانوا غالبًا لم يقتبسوا منه عبارات حرفية:

أ. "فأما الذين لم يقبلوا البلاد بخشية الرب، بل أبدوا جزعهم، وعاد تذمرهم على الرب، فاستأصلهم وهلكوا بالحيات" (8: 24 - 25). وقد ورد في (1 كو 10: 9): "ولا نجرب المسيح كما جرّب أيضًا أُناس منهم فأهلكتهم الحيّات".

ب. "مباركة أنتِ في النساء" (13: 23؛ لو 1: 42).

راجع يهو 1: 11 مع لو 20: 11؛ يهو 8: 6 مع لو 2: 27؛ يهو 8: 14 مع 1 كو 2: 11؛ يهو 8: 25 مع يع 1: 2؛ يهو 13: 18 مع لو 1: 42؛ يهو 13: 19 مع مت 26: 13.

الصلاة في سفر يهوديت.

يركز السفر على الصلاة كسبيلٍ ووسيلةً للخلاص من ضيقاتنا، حيث نلقي بمتاعبنا عند قدميّ الله، وتنسكب نفوسنا أمامه.

* صراخ رجال إسرائيل الحار (4: 9، 15).

* سجود الشعب لله والصراخ إليه (6: 18 - 19).

* عندما خارت عزيمة بني إسرائيل صرخوا إلى الله (7: 29).

* صلوات يهوديت (9: 1؛ 12: 8؛ 13: 10).

التسبيح في سفر يهوديت.

دعوة يهوديت الشعب للتسبيح (8: 25 - 27).

تسبيحها في الصلاة (9: 1 الخ).

يبارك عزيا يهوديت (13: 18 - 20).

يشكر الشعب الله ويباركون يهوديت (15: 9 - 10).

نشيد الخلاص (16: 1 - 17).

العفّة في سفر يهوديت.

يُعتبر سفر يهوديت مقالاً رائعًا عمليًا عن حياة العفّة، وإمكانياتها في حياة المؤمنين، فسِرّ قوة يهوديت التصاقها بالله القدوس وشركتها خلال حياة العفّة والطهارة.

اعتراضات على السفر.

أولاً: يظهر نبوخذنصر هنا كأنه ملك نينوى، وهي مدينة فتحها ودمَّرها عام 612 ق. م. جيش نبوبلصر والد نبوخذنصر الذي تحالف مع جيش مادي. أما نبوخذنصر فعاصمة مملكته بابل، وهو المنتصر على أورشليم ومدمرها، بينما نراه في هذا السفر يرسل جيشه في حملة تنتهي بالهزيمة. هذا ومن جانب آخر، فإن أليفانا قائد الجيش وبوغا خصيُّه، فيحملان اسمين فارسيين، وردا في نصوص غير كتابية تروي حملة لأرتحششتا الثالث (359 - 338 ق. م).

يذكر دميان ماكي Damien Mackey[26] محاولة البعض للتعرف على ما يقصده السفر من شخصية نبوخذنصر هنا، فيورد الافتراضات التالية:

  1. أشوربانيبال Ashurbanibal (حوالي عام ٦٢٠ ق. م.) حفيد سنحاريب Sennacherib. يعتمد القائلون بهذا الرأي على وجود نوع من التشابه خاصة بخصوص حرب أشوربانيبال مع فرارتس Phraotes, Phrarts الميدياني، وإذ قبض الأشوريون على منسَّى ملك يهوذا أخذوه إلى بابل، وتركوا أورشليم بلا ملك. هذا يطابق ما ورد في السفر حيث لا يُشار إلى ملكٍ في يهوذا في كل قصة يهوديت. غير أن هذا الرأي يجد اعتراضًا فإن أشوربانيبال لم يعان قط من أي تقهقر أمام اليهود. هذا وقد ورد في القصة أن يهوديت عاشت حتى بلغت ١٠٥ سنة ولم يعانِ اليهود من متاعب أيام يهوديت وبعدها أيضًا لمدة طويلة (يهو ١٦: ٢٣ - ٢٥). هذا لا يناسب أشوربانيبال، لأن يوشيا ملك يهوذا هُزم في معركة مجدو عام ٦٠٩ ق. م.

يرى M. Leahy أن هذا العمل المجيد ليهوديت لا يمكن أن يكون قد حدث في أيام أشوربانيبال Ashurbanibal، لأن يوشيا Josias ملك يهوذا انهزم وقُتل في معركة مجدو عام 609 ق. م. [27].

  1. أرتحششتا أو أحشويرش الثالث Araxerxes III، حوالي عام ٣٠٥ ق. م. حيث غزا أحشويرش الثالث Araxerxes Ochus فلسطين في طريقه إلى مصر، وهولوفرنيس Holofernes الرئيس الكبادوكي محاربًا مصر[28]. هولوفرنيس وباغوس Bagoos اسمان فارسيان[29].
  2. مجلس شيوخ للشعب ثانٍ Second Commonwealth: يرى البعض أن عدم الإشارة إلى وجود ملك، وإنما يوجد مجلس شيوخ للشعب Gerousia في أورشليم (يهو ٤: ٨) يؤكد نظرتهم بأن هذه الأحداث الخاصة بيهوديت ترجع إلى فترة Second Commonwealth عندما كانت أورشليم يحكمها مجلس وليس كاهن. غير أن الكلمة اليونانية المترجمة مجلسًا استخدمت في لا ٩: ١ بـ "القدامى" Zapen. فيمكن أن تعني شيوخ إسرائيل، كما يوجد مجلس لمدينة بيت فَلْوى Bethulia أثناء الهجوم الأشوري (يهو ٦: ١٦).
  3. المكابيون Maccabees: يرى الفريق القائل أن هذه القصة تحققت في أيام المكابيين أن ظروف القصة تتناسب اجتماعيًا وسياسيًا مع عصر المكابيين. فنبوخذنصر هنا يشير إلى ملك يوناني أو آخر مثل أنطيخوس أبيفانس Antiochus Epiphanes الذي كان يكره اليهود والذي أمر جيوشه أن يحاصر أورشليم.
  4. فترة سنحاريب Sennacherib’s era: كل هذه الافتراضات مع ما لها من وجهة تقارب من شخصية نبوخذنصر الواردة في سفر يهوديت غير أن لها ما يضادها أيضًا. ويرى دميان ماكي أنها تنطبق بالأكثر على فترة سنحاريب والملك حزقيا Hezekiah. في عصر آسرحدون / سنحاريب الذي حكم الأشوريين في نينوى، كان مردوخ بالادان Merdach - Baladan حاكمًا على الكلدانيين في بابل.

يرد على ذلك أن حادثة سفر يهوديت سابقة لزمن نبوخذنصر الذي سبى اليهود إلى بابل. وأن المذكور في هذا السفر هو آسرحدون بن سنحاريب أو سوصدقيم آسرحدون. وقد كان اسم نبوخذنصر اسم علم لكثير من ملوك الأشوريين (عاصمتهم نينوى قبل دمارها على يد نبوبلصر)، وذلك كما أن اسم "فرعون" يلقب به ملوك مصر. فإن سنحاريب بعد أن خُذلت حملته في اليهودية، إذ هلك منها في ليلة واحدة 185 ألفًا، وعاد منكس الرأس إلى نينوى، انقض عليه ابناه وهو ساجد في معبده الوثني وقتلاه، فخلفه آسرحدون، وأراد أن يأخذ بثأر أبيه فطارد القاتلين إلى بلاد أرمينيا، فأدركهما واستولى على هذه البلاد. وقد ساقه الطمع فاستهوته الفتوحات إلى الإغارة على بلاد الماديين. والذي بعثه على ذلك بالأكثر حب الانتقام من ملكها المدعو فرارتس Phrarts أو أرفكشاد Arphaxad الذي ظهر كمحبٍ لليهود أعداء أبيه؛ لأنه أحسن إلى كل الذين كانوا مسبيين في ولايته، وردهم إلى بلادهم بإكرام وعطايا تليق بملكٍ حليمٍ وعادلٍ. لهذا دعُوه الملك العظيم الحليم. انتصر آسرحدون أو ابنه على فرارتس وضم مملكة الماديين إلى مملكة أشور. وإذ قصد الانتقام من أعداء أبيه وهم اليهود أرسل قائده أليفانا ليخرب بلادهم ويخضعهم، فهلك بتلك الحيلة التي دبرتها يهوديت وتبدد جيشه[30].

ثانيًا: ليس في التاريخ من يُدعى من ملوك الماديين ملك أرفكشاد بنى مدينة تُدعى أحمتا، إنما الذي بناها ديوسيس Deioces كما روى هيرودوت.

يرد على ذلك بأن بناء مدينة قد يُنسب لأكثر من ملكٍ، وبحسب رواية هيرودوت فإن ديوسيس Deioces هذا قد خلفه على كرسي الحكم ابنه أرفكشاد الذي يدعوه بعض المؤرخين "فرا"، ويسميه هيرودوت "فرارتس Phraortes"، ومعناه "الملك العظيم" أو "فرا العظيم"، لأن كلمة "وارتس" الفارسية معناها "العظيم"، وأُضيف على اسمه "كشاد" ومعناها "الحليم". جعل ديوسيس منها عاصمة لمادي عام 700 ق. م في المنطقة الواقعة شرق أشور، ولعل أرفكشاد قد أكمل عمل والده، فأضاف على المدينة الكثير، وجعلها من أعظم المدن، فنسبها اليهود إليه، وإن كان أبوه هو الذي بدأ العمل[31].

ثالثًا: يعترض البعض بأنهم يشمئزوا من فظاعة العمل: امرأة جميلة تقتل بحيلة قائدًا عظيمًا لتخلص شعبها؛ تقطع رأسه وتضعها في جعبتها[32].

يرد على ذلك بالآتي:

أ. يذكر الكتاب عن ثامار أنها استخدمت الحيلة حيث خلعت ثياب ترملها، وتغطت ببرقع، فظنها حماها زانية، فدخل عليها. وهي في هذا أرادت أن تنجب ابنًا لرجلها الميت من الولي (حسب الشريعة فيما بعد). وقد شهد يهوذا قائلاً: "هي أبرّ مني، لأني لم أعطها أشيلة ابني" (تك 38: 26).

ب. استخدم القاضي إهود بن جيرا البنياميني حيلة وقتل عجلون ملك موآب لينقذ شعبه (قض 3: 12 - 30).

ج. قتلت ياعيل امرأة حابر القيني سيسرا بخِدعة، حيث قدمت له في عطشه لبنًا ونام بسبب التعب، وضربت رأسه بوتد الخيمة. وقد تغنت النبية دبورة قائلة: "بين رجليها انطرح، سقط، اضطجع... من الكوة أشرقت وولولت أم سيسرا من الشباك. لماذا أبطأت مركباته عن المجيء" (قض 5: 27 - 28).

هذا وتبقى شخصية يهوديت وتصرفها موضع إعجاب ومديح الكثيرين من آباء الكنيسة والكتَّاب المسيحيين:

أ. اتسمت هذه الأرملة الجميلة بالتقوى مع الشجاعة، ترفع معنويات القادة والشعب وتشددهم بالإيمان الحيّ بالله واهب النصرة.

ب. كان سلاحها الأول هو الصلاة والإيمان، ولكن في غير تراخٍ أو إهمالٍ من جهة العمل. اتسمت يهوديت بالسلام الداخلي العجيب، وسرّ سلامها إيمانها بحضور الله في حياتها، تعيش مع الله في العُلية، تكرس حياتها له وللصلاة من أجل شعبه. فأدركت أن ما حلّ بالشعب إنما لامتحانه وتزكيته.

ج. إن كان الله قد وهبها جمال الجسد، فقد تمتعت بجمال الروح كعطيةٍ إلهيةٍ. استخدمت عطية جمالها الجسدي كسلاحٍ في حكمة وبطهارة. لقد غامرت ودخلت معسكر نبوخذنصر كما إلى مستنقع موبوء، لكنها لم تتحرك إلا بعد استشارة الله القدوس. لقد صلّت وصامت ولبست المسوح قبل أن تتحرك لأخذ القرار وتنفيذه.

دخلت المستنقع دون أن تتلوث. لقد رأت أليفانا في سكره، فلم تفقد صوابها، ولا سكرت معه أو وعدته بشيءٍ. لم تأتِ بأية قباحة لتحقق النصرة على الشر. لقد آمنت أنه لا يُغلب الشر بالشر، بل بالطهارة والقداسة والحق. لم تستعمل جسدها لتحقيق هدفها، ولا كذبت على أليفانا ولا داهنته فأوهمته أنه سيد الأرض كلها. لم تختلس النصرة بطرق بشرية خاطئة، إنما كان القدوس أمام نصب عينيها.

د. كأرملة غنية وجميلة وذات مهابة لم يرتفع قلبها بالكبرياء، بل أحبت العاطي لا العطايا، وارتفعت بقلبها إلى القدوس لتتمتع بمن يحبها. كانت العلية المكان المحبوب لها لتتمتع بالحب الإلهي، فوهبها أكثر مما سألت!

اتسمت يهوديت بروح التواضع، فإن كانت قد بكّتت القادة على قلة إيمانهم (8: 9 - 17)، لكنها طلبت منهم أن يسندوها بالصلوات (8: 13، 31). فهي في حاجة إلى معونتهم لها. وعند لقاءها بقائد قوات العدو سجدت أمامه إلى الأرض (10: 20). وفي انتصارها نسبت النصرة لله ومجَّدته أمام الشعب.

هـ. لم تكن يهوديت قائدة أو مسئولة في أعين الشعب، ومع هذا فإن قلبها الناري رفعها إلى عمل قيادي جبار وشعور بالالتزام والمسئولية. فبينما تراخى رؤساء الشعب أمام ضيق الحصار وحددوا للشعب خمسة أيام كحدٍ أقصى لانتظار عمل الرب وإلا الاستسلام، صرخت يهوديت بقوة: "من نحن حتى نمتحن الله، ومن نحن لنصنع الموعد لعمل القدوس؟ هو الرب، وله الحق بامتحاننا وافتقادنا!".

في شجاعة وبّخت القادة والشعب، وذكَّرتهم بعمل الله في الماضي، ووبختهم على قلّة إيمانهم.

د. اتسمت يهوديت بحياة الشكر والتسبيح، فإننا كثيرًا ما نصرخ لله أثناء الضيق، لكننا ننسى تقديم الشكر والتسبيح له بعد أن ينقذنا. أما هذا السفر فقدم لنا ثلاثة صلوات ليهوديت: صلاة وسط الضيق، صلاة قبل العمل، وصلاة شكر وتسبيح بعد النصرة.

الصلاة الأولى: أثناء الضيق (9: 2 - 19) وهي في مخدعها.

الصلاة الثانية: قبل بدء تنفيذ الخطة (13: 7) وهي في خيمة العدو.

الصلاة الثالثة: وهي تسبحة وشكر لله داخل المدينة وسط الشعب بعد الانتصار (16: 2 - 21).

قدمت صلوات شخصية أينما وُجدت، وقدمت صلوات وتسابيح جماعية مع الشعب! وعندما وُجدت في مكانٍ غريبٍ طلبت تصريحًا لها بالصلاة (12: 6).

شخصية يهوديت[33].

يرى البعض في يهوديت صورة حيّة لأبيها يعقوب، الذي ترك بيته وهزم (عيسو) المقاوم له؟؟، وترك خاله (الذي أراد هلاكه) هاربًا بسلام من أرضه دون أن يدري.

تتشبه أيضًا بالقائد موسى النبي، حيث واجهت نقص المياه وعطش الشعب الشديد الذي دفعهم إلى التذمر على الله (خر 17؛ عد 20؛ تث 33)، واستطاعت بالعون الإلهي أن تسند الشعب على حفظه العهد مع الله واليقين في عمله الخلاصي.

يهوديت تشبه أبيجايل، التي نزلت من الجبل وأخذت معها طعامًا، وتواضعت أمام قائد عسكري (داود النبي)، واهتمت بأمر رجل سكّير غبي (نابال) انتهت حياته بالموت المريع (1 صم 25).

تشبهت يهوديت بالملكة أستير، التي استغلت جمالها بروح الصلاة والتقوى والإيمان بالله العامل حتى بجمالها لإنقاذ شعبها، والذي وهبها روح الحكمة كما أعطاها نعمة أمام الذي أراد إهلاك شعبها.

تشبهت أيضًا بالمكابيين، حيث أنقذت شعبها من السقوط في العبادة الوثنية كما من الدمار عسكريًا.

النسخ الأصلية للسفر.

وُجدت النسخة الأصلية في لغة سامية، غالبًا ما كانت عبرية وليست أرامية. يُشير القديس جيروم إلى نسخة سامية مفقودة[34].

جاءت الترجمة اليونانية ترجمة حرفية للأصل العبري، حتى أنه إذا أُعيد ترجمته إلى العبرية كلمة كلمة يمكننا الوصول إلى الأصل العبري[35].

أحيور في العبرية معناها "أخ النور"؛ جاءت في المخطوطات اليونانية أخيود، حيث أن الدال والراء في العبرية في تشابه كبير. "أخيود" تعني "أخ اليهود" أو صديق اليهود ".

شخصيات السفر.

1. يهوديت: تحدثنا عن شخصية يهوديت قبلاً كأرملة جميلة تقية، متواضعة، وشجاعة، احتلت مركز قيادة خلال غيرتها المتقدة، وإيمانها الحيّ وثقتها في عمل الله. هي بطلة السفر ومحوره.

كانت أرملة لزوج يُدعى منسي، مات من ضربة شمس أثناء حصاد الشعير (8: 2 - 3)، وظلت ثلاث سنوات وستة أشهر أرملة إلى حين استخدمها الله في خلاص شعبه (8: 1 - 4؛ 9: 3)، وقد عاشت حتى بلغت المائة وخمس سنوات (16: 28) في بيت زوجها.

لم تكن شجاعتها عن تهورٍ، بل تتحرك بحكمة محفوظة بصلواتها وصلوات الآخرين عنها، تحت ظل جناحيّ الله.

كانت تُقيم في غرفة سرّية مغلقة عليها مع جواريها في أعلى منزلها (8: 5)، في قرية زوجها الذي كان من الأشراف "بيت فَلْوى" أو بيت خلوي "، إلا أنها كانت ذات شهرة عظيمة بين جميع الناس لتقواها وعفتها (8: 8؛ 16: 25). كانت تظهر في الأعياد بمجدٍ عظيمٍ (16: 27)، وكانت غنيّة جدًا، ذات ثروة واسعة وحشَم كثيرين وأملاك (8: 7).

كانت من سبط رأوبين، بنت مراري (8: 1)، وكان كبار شعبها يدعوها "قديسة" (8: 29).

"كانت تضع على حقويها مُسُحًا، وتصوم كل أيام حياتها" (8: 6؛ 9: 1؛ 10: 2) ماعدا في الأعياد. كانت أثناء الضيقة تصوم إلى المساء (12: 9).

حافظت على الشريعة، فلم تتدنس بطعام قائد أشور الأممي (10: 1).

  • لديكِ أرامل مثلكِ يستحققن أن يكُنّ نماذج لكِ؛ يهوديت المشهورة في قصة عِبرية، وحِنة بنت فنوئيل المشهورة في الإنجيل (لو 2: 36). كلتاهما عاشتا ليلاً ونهارًا في الهيكل، وحفظتا كنز طهارتهما بالصلاة والصوم. واحدة رمز للكنيسة التي قطعت رأس الشيطان، والأخرى تقبَّلت على ذراعيها مخلص العالم، وأُعلنت لها الأسرار المقدسة العتيدة[36].

القديس جيروم.

  • إذ عرفت هذا يهوديت (أرملة ذات غنى عظيم، تتَّسم بالجمال، لكنها بالأكثر تتميّز بفضيلتها أكثر من جمالها)، هذه التي كانت في المحلة، فقد حسبت أنه في ظروف الضيق التي لشعبها يلزم أن تمارس الجرأة، ولو أدّت إلى هلاكها. لقد زيَّنت رأسها وجمَّلت ملامحها، وأخذت جارية واحدة، ودخلت معسكر العدو. للحال اقتادوها إلى أليفانا، وأخبرته بأن شئون وطنها في انهيار، لذلك احتاطت لحياتها بالهروب.

توسّلت إلى القائد أن يعطيها الحق في الخروج من المعسكر أثناء الليل، لتردد صلواتها. صدر هذا الأمر للحراس وحافظي الأبواب. ثبّتت عادة خروجها وعودتها من وإلى المعسكر بممارسة ذلك ثلاثة أيام، وبهذه الطريقة أيضًا أوْحت للبرابرة رغبة أليفانا في معاشرة هذه المسبية بسبب جمالها الفائق، بهذا كان لها أثرها على الفارسيين.

بهذا ذهبت إلى خيمة القائد بقيادة الخصي باغص، وبدأت وليمة حيث سكر البربري وصار في خبلٍ بشربه الخمر بكثرة. وإذ انسحب الخدام قبل أن يُعتدي بعنفٍ على المرأة نام. انتهزت يهوديت الفرصة، وقطعت رأس العدو، وحملته معها. وإذ حسبوا أنها خارجة كالعادة من المعسكر رجعت إلى شعبها بسلامٍ. وفي اليوم التالي عرضوا رأس أليفانا في أعلى (السور) وهجموا على معسكر العدو. فتجمع الأعداء معًا عند خيمة قائدهم ينتظرون علامة بدء المعركة. وإذ اكتشفوا جسمه المشوَّه هربوا في ذعرٍ معيبٍ أمام العدو.

أما اليهود، فمن جانبهم اقتفوا أثر الهاربين، وقتلوا الآلاف منهم، واستولوا على المعسكر وما فيه من غنائم[37].

سالبيتوس سويرس.

اتسمت يهوديت بروح التحدّي، تحدّت طبيعتها وانتصرت، فتحدّت القائد المقاوِم لله فقتلته:

أ. تحدّت يهوديت أمومتها الطبيعية لتحمل أمومة للشعب كله. لم تنجب أطفالاً من رجلها، فلم يُصبها اكتئاب، ولا طلبت الزواج من وليّ لتنجب ابنًا لرجلها الميت. في هذا تحمل جفافًا في المشاعر، لكنها سمت بدافع الأمومة لتقدم حياتها من أجل كل الشعب كأبناء لها. أمومتها الروحية سمت بها إلى ما فوق الأمومة الطبيعية.

ب. تحدت يهوديت ترملها، فكرست حياتها للعبادة بفرحٍ وتهليلٍ ومارست العمل السياسي بقوة، فاقت فيه على رئيس البلد والشيوخ، ورئيس الكهنة، وقادة الجيش!

ج. تحدّت يهوديت الغنى الزمني، فما ورثته من زوجها من ذهب وفضة وممتلكات وخدم وجوارٍ لم يأسر قلبها، بل سلمت تدبير ممتلكاتها في يد وصيفتها الأمينة، وتفرغت تمامًا للعبادة بحب شديد لله ولشعبه. عاشت في بساطة بثوب ترملها، وخلعت كل الحليّ والجواهر الثمينة.

د. تحدّت طبيعة مجتمعها الذي كان يفصل تمامًا بين الرجال والنساء، لكل منهم دوره الذي يعتز به ولا يتعداه. قامت يهوديت بدور الرئيس والقائد والمشير، خطّطت ونفّذت، وقدّمت للبلد وشعبه وجيشه ما كان يجب أن يقوم به الرجال!

هـ. تحدّت طبيعتها الأنثوية، فمع جمالها البارع ورقتها التي أسرت رجال شعبها كما قادة المعسكر، بل والقائد العام لجيش أشور، إلا أنها بروح القوة صرخت إلى الله، ومن أجل غيرتها على الهيكل المقدس وقداسة الشعب لم تخشَ أن تمد يدها لتستل سيف العدو وتضرب به عنقه.

و. تحدّت يهوديت قائد الجيش الذي أراد أن يفسد عفتها ويغتصبها بمكرٍ، فأفسدت جسمه وفي مذلّةٍ له ولكل جيشه سلّمت رأسه المقطوع ليوضع في مخلاة وصيفتها!

2. نبوخذنصر: سبق الحديث عنه تحت عنوان "اعتراضات على السفر"، ورأينا أنه غالبًا ما يكون آسرحدون أو ابنه.

في سفر دانيال نسب نبوخذنصر لنفسه الألوهة. يرى بعض الدارسين أن أليفانا أو هولوفرنيس هو الذي نسب الألوهة للملك، أما الملك فدعى نفسه "سيد الأرض كلها" (2: 5)، وكان مملوء كبرياءً وتشامخًا، لكنه لم يقل إنه إله الأرض، وإنه ليس إله غيره على كل الأرض.

العبارتان الواردتان في السفر اللتان تنسبان للملك الألوهة تؤكدان ذلك[38]:

"فدمّر (هولوفرنيس) جميع معابدهم... فقد عُهد إليه بأن يُبيد جميع آلهة الأرض، لكي تعبد الأمم جميعًا نبوخذنصر وحده، وتدعوه إلهًا جميع ألسنتهم وأجناسهم" (3: 8).

"(في حديث هولوفرنيس لأحيور) من هو إله إلاّ نبوخذنصر؟ فهو الذي يرسل قوته، ويبيدهم من وجه الأرض، ولا ينجيهم إلههم" (6: 2 - 3).

3. أرفكشاد: سبق الحديث عنه.

4. أليفانا قائد جيش أشور: قام بكثير من الفتوحات، وقد تحدّى إله إسرائيل، فمات بيد يهوديت.

يرى دميان ماكي أن قائد الجيش الأشوري هولوفرنيس Holofernes هو في الواقع ابن سنحاريب، آسرحدون Esarhaddon. هذا خدم إلى سنوات كنائب سنحاريب في بابل، وتولّى قيادة جيوشه حتى ضد مصر. وقد دُعي بالرجل الثاني بعد الملك (يهو ١: ٤).

ما ورد في سفر يهوديت يتطابق مع ما ورد في التاريخ من حيث ولائه لوالده سنحاريب، مظهرًا كراهيته الشديدة وسخريته نحو الذين قاوموا الملك السابق له.

يرى البعض أن كلمة هولوفرنيس ليست فارسية كما يظن البعض، وهو الاسم الذي دعا به اليهود هذا القائد الشرير، فهو مشتق من[39]:

هول Hol جاءت عن العبرية Helél أو Heyhe والتي تعني "كوكب النهار" أو "زهرة بنت الصبح" (إش 14: 12).

فيرfer: جزء من الكلمة اللاتينية لوسيفر Lucifer أي "حامل النور"، جاءت عن الفعل ferre أي "يُحضر" أو "يحمل"، كما جاءت عن اليونانية اسم الكوكب Hespherus من الفعل fero (فيرو)، أي "يحمل".

نس nes: جزء من الكلمة، يُستخدم في اليونانية أو اللاتينية كنهاية الاسم.

إن كان كثير من الدارسين يرون في تفسير إشعياء 14 أن كوكب الصبح هو لوسيفر أو إبليس الذي كثيرًا ما يخدع البشر كملاك نور وهو رئيس سلطان الظلمة، فإنه يشير أيضًا إلى آسرحدون الشرير كممثلٍ لإبليس الشرير الذي يبدو كحاملٍ للنور ليخدع البشرية.

كان اليهود يدعون ملوك أشور "كوكب إشتار Ishtar" آلهة الحرب، أو ملكة الحرب والمعارك. إذ كانوا يكرسون حياتهم للحروب لحساب آلهة الحرب Assur.

لعلّه كان في ذهن إشعياء النبي افتخار آسرحدون وتشامخه حين قدم أنشودته، كأنشودة كوكب الصبح، الذي يدعي أنه مُشرق بالبهاء والعظمة:

"أنت قلت في قلبك: أصعد إلى السماوات؛ أرفع كرسيَّ فوق كواكب الله، وأجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال. أصعد فوق مرتفعات السحاب. أصير مثل العليّ (إش 14: 13 - 14).

يا للسخرية! ويا للعار! القائد الذي اهتزت له الأمم، وجاء ملوكها ورؤساؤها في مذلة يسلمون أنفسهم عبيدًا له، ويسلمون له بلادهم، قائلين له: "ها إن حظائرنا وكل أرضنا وجميع حقول قمحنا وقطعان خرافنا وبقرنا ومرابض مخيماتنا أمامك، فاعمل بها كما يطيب لك" (3: 3)، "وها إن مدننا أيضًا والساكنين فيها عبيد لك. فتعال، وادخلها كما يروق في عينيك" (3: 4)، يُهزم أمام مدينة صغيرة، تقتله أرملة شابة بسيفه أو خنجره!

استقبلته الأمم بالرقص والطرب في خنوع للاستعباد له، وها هي رأسه في سلة طعام تحملها وصيفة، وتستقبلها مدينة بيت فَلْوى بالتسبيح لله واهب النصرة!

5. ألياقيم كاهن الرب العظيم: اسم عبري معناه "من يثبته الله". كان يحث الشعب على الصلاة والصوم. وضع خطة أن يضع حراسة على جميع المداخل التي يمكن للأشوريين أن يتسللوا منها إلى داخل البلد.

6. أحيور قائد جميع بني عمون: كان شجاعًا، نطق بالحق أمام أليفانا، فأسلمه إلى أيدي بني إسرائيل. بعد أن رأى عمل الله مع شعبه تهوَّد (14: 6)، مع أن الشريعة منعت قبول العمونيين في الإيمان اليهودي (تث 23: 3).

ترى دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة أنه ليس من علاقة بين أحيور في يهوديت وAhikar في القصة الآرامية في طوبيت، وإن كانت تؤكد أن اسم Achior يمكن أن يكون هو بعينه اسم Ahikar.

ورد شخص اسمه Achior أربع مرات في سفر طوبيا، كرئيس إدارة ومشير ملكي (حافظ الختم) تحت آسرحدون، وأنه ابن أخ (أو ابنة أخت) طوبيت وصديقه. غير أن Ahikar قريب طوبيت حكم عيلام ليس في السنة 12 من سنحاريب عندما كان قائد الجيش الأشوري، وإنما بعد حوالي 10 سنوات بعد ذلك، في أثناء حكم أشوربانيبال (16)، عندما أُرسل إلى عيلام.

شخصية محيرة، فكقائد لبني عمون في ضعف استسلم لأليفانا وخضع لأوامره، لكنه في قوة شهد لعمل الله الفائق مع شعبه أمام أليفانا نفسه.

إن كان قادة إسرائيل قد غُلبوا من تهديدات الشعب وتذمرهم بسبب العطش، فقد أرسل لهم من يوبّخهم، أحيور الذي روى لهم حواره مع أليفانا مؤكدًا لهم النصرة إن سلكوا كما يليق بشعب الله، وأن نصرتهم أو هزيمتهم لا تقوم على إمكانيات العِدد العسكرية وخطته لتدميرهم بالموت عطشًا، وإنما على علاقتهم بالله. فالخطية هي السلاح الوحيد القادر أن يحطمهم!

نسيَ الشعب كعادته معاملات الله معهم عبر التاريخ، فأرسل لهم أحيور يذكّرهم بذلك، حيث قدم ملخّصًا رائعًا لعمل الله مع آبائهم، خاصة ما ورد في تكوين 15؛ وخروج 3؛ تثنية 7؛ يشوع 9 الخ.

7. عزيا بن ميخا رئيس شعب إسرائيل: اسم عبري معناه "يهوه قوة". كان أميرًا، في ضعفٍ سالت دموعه في وقت كان يليق بالقائد أن يسند الشعب ويشجعه بروح الرجاء. حاول كسب الشعب مطالبًا إياهم أن يكونوا طيّبي القلب (7: 23)، ولكن على حساب الثقة في الله، إذ حدّد خمسة أيام انتظارًا لرحمة الله. في عدم إيمان قال: "إذا انقضت خمسة أيام ولم تأتنا معونة" (7: 25).

هنا نقف في إجلال أمام أحيور الذي شهد لله واهب النصرة لشعبه أمام أليفانا الجبار، بينما انهار عزيا رئيس شعب إسرائيل أمام ضغط شعبه، فأقسم أن يستسلم أمام أليفانا ويُسلم المدينة وكل الشعب عبيدًا إن لم يتدخل الله في خلال خمسة أيام.

يقول أيضًا Carey Moore إن عزيا الذي يعني اسمه "الله مدافعي" كان ضعيفًا في ثقته بالله وسلك بطريقة نسائية (كفتاة خائفة) يجلس وراء أسوار المدينة في خوفٍ، بينما حملت يهوديت نوعًا من الشهامة، لتقبض الأمور في يدها، وتحت رعاية الله تركت المدينة وخرجت من الأسوار وواجهت العدو في معسكره[40].

يرى البعض في عزيا ليس فقط من ذات السبط الذي تنتمي إليه يهوديت (شمعون)، ولا أن يَمُتّ لهم بقرابة قوية، وإنما كان هو الوليّ، من حقها أن تتزوجه لتنجب لرجلها الميت منسي نسلاً. لكن يهوديت رفضت هذا الحق بروح القوة والتكريس لله. بينما ضعف القائد عزيا أمام تذمر الشعب وأقسم أن يستسلم هو ورجال الدولة، ويسلّمون الشعب والمدن للعدو حتى لا يهلكوا من العطش والجوع، إذا بالأرملة في قوة توبّخه وتطالبه بالإيمان والتسليم الكامل بين يديّ الله دون شروط بشرية.

8. كرمي (عتنيئيل): اسم عبري معناه "عامل في الكروم". كان أميرًا لبني إسرائيل في ذلك الحين.

9. وصيفة يهوديت: لا نعرف اسمها، لكن نقف في إجلال لوصيفة فاقت كل رجال بيت فَلْوى. كان الكل يحتمي وراء الأسوار في خوف، بل وأرعبوا قلوب الشيوخ، أما هذه الوصيفة فرافقت يهوديت وخرجت معها إلى معسكر الأعداء، وعادت تحمل في سلّتها رأس هولوفرنيس الجبار (13: 9 - 10، 15). إنها تمثل الجندي المجهول، لا نعرف اسمها، لكن التاريخ لن ينساها، والسمائيون يكرمونها!

التفسير الرمزي لسفر يهوديت.

مع روعة ما حمله سفر يهوديت من رعاية الله الفائقة لشعبه، وخاصة في وقت الضيق، والكشف عن عمل الصلاة، يحمل أيضًا معاني رمزية تمس حياتنا.

1. الوحشان: ضد المسيح والنبي الكذاب.

يهتم سفر الرؤيا بالكشف عمّا سيحل بالعالم عند مجيء النبي الكذّاب الذي يهيّئ الجو لضد المسيح (رؤ 13)، وهما الوحشان البرّي والبحري. وفي سفر يهوديت يرى الملك نبوخذنصر (آسرحدون) وقد ملك لمدة ثلاث سنوات ونصف، مطالبًا في تشامخٍ أن يقيم نفسه إلهًا على الأرض كلها. وقد اختار رئيس جيشه الرجل الثاني بعده ليقتل ويحطم حتى يخضع كل الأمم للملك المتألّه! هذا هو عمل النبي الكذاب الذي يدعو كل الملوك والشعوب للتعبد لضد المسيح (يو 13: 8).

من جانب آخر نرى كل الأمم والشعوب تخضع لضد المسيح والنبي الكذاب، بل ويعملان لحسابهما ضد شعب الله (الكنيسة) بكونه الشعب الوحيد الذي لم يقبل إنكار الإيمان الحيّ والتعبد للشرير!

إن كان غاية أليفانا في كل حروبه الدعوة للتعبد لنبوخذنصر (يهو 6: 3، 4، 15؛ 9: 17)، ففي المقابل يؤكد السفر أن الله الحيّ هو رب السماء والأرض.

2. القديسة يهوديت كرمزٍ للقديسة مريم.

يرى البعض في عزيا رمزًا للملاك جبرائيل الذي جاء يُحيّي القديسة مريم (لو 1: 28)، هنا طوّب عزيا يهوديت بين كل نساء العالم (13: 23).

وكما طوّب الشعب يهوديت (15: 10 - 11)، هكذا تقول العذراء مريم أن جميع الأجيال تطوَّبها (لو 1: 48).

كما سحقت يهوديت رأس أليفانا العامل بروح الشيطان، وقدمت الخلاص للشعب كله بعمل الله معه. هكذا جاء السيد المسيح من نسل المرأة (العذراء مريم) وسحق الشيطان بصليبه (تك 3: 15) لحساب البشرية.

جاءت تسبحة الشعب الرائعة لتكريم يهوديت تطابق التطويب المُقدم عبر الأجيال من الكنيسة للقديسة مريم، والدة المخلص.

يهوديت والخروج.

غاية الخروج: "ورأى إسرائيل الفعل العظيم الذي صنعه الرب بالمصريين، فخاف الشعب الرب، وآمنوا بالرب وبعبده موسى" (خر 14: 31). إنها قصة عمل الله العجيب على يديّ موسى كرمز لعمل السيد المسيح الخلاصي لحساب العالم كله. الله الذي عمل برجل الله موسى، هو بنفسه الذي عمل بالشابة الأرملة، وكلاهما يهيئان الطريق لقبول عمل السيد المسيح مخلصنا، الذي يهبنا النصرة على إبليس، ويدخل بنا إلى كنعان السماوية والتمتع بالفرح الأبدي.

يهوديت وسفر القضاة[41].

ارتباط سفر يهوديت بسفر القضاة يصحح أفكار الذين يرون في تصرفات يهوديت أنها لا تحمل أخلاقيات لائقة، وأنها لا تتناسب مع سيدة تقية. نرى من خلال دراستنا للسفرين معًا أن يهوديت تتسم بالشجاعة مثل ياعيل التي قتلت سيسرا رئيس الجيش (قض 4: 21)، وتحمل أمومة عامة نحو كل الشعب مثل دبورة التي رافقت القائد في معركته للدفاع عن شعبه، ومثل سائر القضاة بسببها حلّ السلام على الشعب حتى يوم نياحتها.

بيت فَلْوى Bethulia وكنيسة الأبكار.

اسم المدينة بيت فَلْوى (بيثوليا) ربما مشتق من كلمة "بتولية"، ويظن البعض أن يهوديت قد عاشت مع رجلها فترة قصيرة جدًا، ربما عاشت كعذراء بتول، أو حُسبت بتولاً لأنها مع زواجها لم تكن العلاقات الجسدية حتى مع رجلها تشغل فكرها، إنما حملت له حبًا وأمانة وتقديرًا. حسبها بعض آباء الكنيسة بتولاً من أجل رفضها الزواج بالولي ليقيم نسلاً لرجلها الميّت، ففضلت أن تكرس حياتها للعبادة في عُلّيتها وهي ترتدي ثياب ترملها، وعازفة عن كل زينة جسدية وعن الحياة المترفة.

اسم المدينة نفسه يجعل من المدينة رمزًا لكنيسة العهد الجديد، كنيسة البتوليين الأبكار.

للمدينة مضيق لا يقدر أن يعبر أكثر من شخصين معًا، وهي بهذا تُشير إلى الكنيسة التي لن يقدر أن يعبر إليها غير المؤمن الذي في اتحاد مع السيد المسيح وفي صحبته، بكونه كل شيءٍ بالنسبة له.

وكما عجز القائد الذي أرعب سكان الأرض عن الدخول إليها وعبور جيشه إليها، هكذا يعجز عدو الخير المحارب المضلل بكل جنوده وملائكته إلى النفس البتول، كنيسة المسيح المقدسة.

ذُكرت في سفر يهوديت مرات كثيرة (6: 10؛ 7: 1 - 11؛ 8: 3؛ 12: 7؛ 15: 7؛ 16: 25). كانت في موقع حصين يُمكن منه منع جيوش أليفانا من اختراق السهل إلى المناطق الجبلية، وكانت قبالة سهل يزرعيل (اسدارالون) بالقرب من سهل آخر تقع فيه دوثان.

واضح من السفر أنها كانت تقع على قمة صخرة تشرف على وادِ عميق، وكان يوجد عند أسفل الصخرة ينبوع لا يبعد كثيرًا عن جنين. هذا الوصف ينطبق على "سنور"، حيث يرتفع في انحدار شديد من حافة مرج الغريق على الطريق الرئيسي، يبعد حوالي سبعة أميال من جنين، ويرى البعض أن موقعها هو في "ميتلية" إلى الشمال قليلاً.

ويرى البعض أن "بيت فَلْوى" كان اسمًا رمزيًا "لبتول" التي كانت من نصيب سبط شمعون، إذ كانت يهوديت من سبط شمعون (يهو 8: 2؛ 9: 2).

القديسة يهوديت والصليب.

في القديم ضرب الصبي داود رأس جليات الجبار بسيفه، وهنا نرى يهوديت الشابة الأرملة تضرب رأس أليفانا بسيفه، وكلاهما يشيران إلى عمل السيد المسيح في معركة الصليب. فقد ظن عدو الخير أنه قادر أن يتخلص من السيد المسيح، ويحطم مملكته بالصليب، فإذا بالصليب يحطم عدو الخير نفسه، ويجرده من سلطانه (كو 2: 15). هكذا بالسيف الذي كان أليفانا – رمز الشيطان - يود أن يحطم اسم الله وشعبه مملكته قُطعت رأسه، وفقد سلطانه، وصار في عارٍ وخزيٍ.

القديسة يهوديت وخبرة الحياة السماوية.

إن كانت يهوديت قد ترملت في وقت مبكر، وأصرت أن تعيش في حياة نسكية وتلبس ثياب ترملها، لكنها إذ دخلت في المعركة مع أليفانا التحفت بثوب العرس وتزينت. هكذا في معركتنا مع إبليس يليق بنا أن نلتحف بثوب الرجاء المفرح، واليقين في عمل الله واهب الغلبة والنصرة، والذي أعطانا سلطانًا أن ندوس على الحيات والعقارب.

إيمانها رفع قلبها وكل كيانها فوق كل الأحداث المؤلمة والضيقات التي حلت بها وبشعبها، فتحركت ترتدي زيّ الفرح الداخلي السماوي.

إذ اختبرت يهوديت بالإيمان حياة النصرة قبل أن تلتقي بأليفانا وتقطع رأسه، حولت شعبها إلى جماعة شبه سماوية يتهللون لمدة ثلاثة شهورٍ في عيد لا ينقطع، وكأنهم قد عاشوا السماء عينها!

الفكر اللاهوتي والروحي.

في سفر يهوديت.

ألقاب الله في يهوديت.

الرب: (4: 11؛ 8: 11؛ 9: 1). الله (8: 11؛ 11: 6).

إله إسرائيل: (6: 21؛ 9: 12، 10: 1؛ 12: 8؛ 14: 10).

الرب إلهنا (أو إلههم): (4: 2؛ 7: 19؛ 8: 14؛ 13: 18).

إله السماء: (5: 8).

الرب إله السماء: (6: 19).

الرب (الإله) المحطم الحروب (9: 7؛ 16: 2).

رب آبائنا (7: 28).

إله شمعون أبي (9: 2).

إله المتواضعين (9: 11).

إله أبي (9: 12).

رب السماوات والأرض (9: 12).

خالق المياه (9: 12).

ملك خليقتك كلها (9: 12).

الإله العليّ (13: 18).

رعاية الله.

يعتبر السفر في جوهره قطعة رائعة عن رعاية الله لشعبه، كما للمؤمن، كعضوٍ في شعب الله. فإن كان هو الله الواحد الحقيقي، إنما الإله الذي لا يستخف بالإنسان (8: 20).

هو الرب الكلي القدرة، الذي يسمع لصلوات شعبه وصراخهم والقادر أن يخلصهم بيدٍ قوية وذراعٍ رفيعة (4: 13؛ 8: 13؛ 15: 10؛ 16: 5، 17).

الرب الذي لا يُغلب (16: 13).

الرب الذي لا يمكن للإنسان إدراك أسراره وفهمه (8: 14).

رحوم بالنسبة لخائفيه (16: 15)، حازم مع المعاندين والمقاومين للحق الإلهي (9: 12؛ 13: 18).

إله المُضطهدين والمتضايقين (9: 11).

إله المسكونة وضابط التاريخ (9: 12؛ 13: 18).

الحالّ وسط شعبه، قائد لهم مثل عصر الآباء (5: 6 - 9؛ 8: 26؛ 9: 2 - 4)،.

وأثناء تغربهم في مصر وخروجهم منها (5: 10 - 13)، وتجوالهم في البرية ونصرتهم لكنعان (5: 14 - 16) الخ.

ذُكرت كلمة "العهد" مرة واحدة (9: 13)، لكن السفر كله يقوم على اهتمام الله أن يقيم عهدًا مع شعبه ويرعاهم بكونهم خاصته. لذا نجد الإشارة إلى أورشليم (4: 2؛ 10: 8؛ 11: 19؛ 15: 9؛ 16: 18، 20)، والاهتمام الإلهي بحمايتها كمدينة الله التي تضم هيكله المقدس (4: 2 - 3، 12؛ 8: 21، 24؛ 9: 8، 13؛ 16: 20).

اهتم السفر بالطقوس الدينية الواردة في الشريعة، مثل تقديم الذبائح والتقدمات وبخور المساء (4: 14؛ 9: 1؛ 16: 18)، والبكور والعشور (11: 13).

اهتم السفر بإبراز قوة الصلاة والصوم ولبس المسوح (4: 11 - 15) كعلامة التوبة والرجوع إلى الله واستدرار مراحمه الإلهية.

كما أشار إلى ختان الذين ينضمون إلى شعب الله (14: 10).

أقسامه.

أولاً: حملات الأشوريين [1 - 3].

1. نبوخذنصر المنتصر [1].

2. حملات أليفانا رئيس جيش أشور [2].

3. خضوع سوريا لنبوخذنصر [3].

ثانيًا: الشعب المتضايق [4 - 7].

1. رعب اليهود من جيش أشور [4].

2. حوار بين أليفانا وأحيور قائد بني عمون [5].

3. أحيور في وسط إسرائيل [6].

4. محاصرة أورشليم [7].

ثالثًا: الله واهب النصرة [8 - 14].

1. غيرة يهوديت على شعب الله [8].

2. صلاة يهوديت الأولى [9].

3. تحرك يهوديت للعمل [10].

4. لقاء يهوديت مع أليفانا [11].

5. يهوديت في خيمة أليفانا [12].

6. قتل أليفانا المتكبر [13].

7. تعليق رأس أليفانا [14].

رابعًا: عربون الأبدية [15 - 16].

1. هزيمة جيش أشور [15].

2. شكر وتسبيح لواهب النصرة [16].

ملاحظة.

اعتمدت في النص على:

1. الترجمة اليسوعية (دار الشروق، بيروت لبنان).

2. Samuel Bagster and Sons Ltd: The Septuagint Version….

3. Bruce Metzger: The Annotated Apocrypha, , 1965.

4. The Catholic Bible, Good Counsel Publishers, Chicago. , 1970.

5. The Holy Bible, Douay Version, Catholic Truth Society,.

6. http://ebible.org/bible/web/Judith.htm.

7. ttp: / / www.theworkofgod.org/Bible/OldTestm/judith.htm ouay Old Testament.

8. The Orthodox Study Bible, Thomas Nelson, 2008, Ahanasius Academy of Orthodox Theology.

7. القمص قزمان البراموسي: ترجمة حديثة لأسفار عزرا الأول...، 1978.

من وحي يهوديت.

بك أتحدى طبيعتي الساقطة!

  • إلهي الصالح، أقمتني على صورتك ومثالك.

لأحيا سيدًا لا عبدًا، أشهد لك كسفيرٍ!

في غباوة سقطت تحت قدميّ العالم،.

فصار العالم يملكني ويستعبدني في مذلةٍ!

الآن بك أقوم، لاسترد بروحك الناري ما وهبتني من سلطانٍ!

  • يهوديت تحدّت ترملها وأنوثتها وصغر سنها.

اخترقت بصلواتها أبواب السماء، لتصير بالحق في حضرتك،.

فلم تخشَ أن تخترق معسكر الأعداء بيقين في مساندتك!

بالإيمان فاقت رئيس الكهنة وشيوخ الشعب.

بالإيمان لم تُبالِ بثورة الشعب عليك!

  • لم يستطع هولوفرنيس قاهر الأمم أن يدخل مدينتها.

أما هي فنزلت إلى معسكره بلا سلاح مادي.

اهتز ربوات العسكر مع قادتهم أمام أرملة شابة!

  • لم تخشَ أن تدخل خيمة الجبار،.

أسَرته بجمالها وحكمتها وتقواها،.

صار صاحب السلطان أسيرًا لشهوته!

آمنت ونالت، أنه لن يمس طهارتها وعفتها!

  • طلبت من الله عونًا لتضربه بخنجره!

إذ رأت فيه معيّر رب الجنود!

بقوة وفي شهامة لم تخشَ شيئًا،.

فقد أدركت أن الله يهب سلطانًا على إبليس المخادع!

  • الرأس المدبر لتحطيم مدينة الله وهيكله،.

واغتصاب النساء الشريفات وسبي الأطفال،.

وقتل المؤمنين،.

صار في سلة وصيفتها، تضعه مع بقايا الطعام!

اللسان الذي جدف على الله صمت تمامًا!

الذي استقبلته الشعوب مع قادتها بالرقص،.

يسلمون أنفسهم ونسلهم عبيدًا وجواريَ،.

صار جثة بلا رأس، مطروحة أرضًا!

عوض المواكب التي استقبلته،.

لم يجد في موته إنسانًا يكفنه، ويستره في مقبرة!

  • تحدّت يهوديت الطبيعة فنالت بالعون الإلهي ما يفوق الطبيعة.

صارت أداة مقدسة في يد القدوس.

بها تحولت الأحزان إلى أعياد ممتدة!

وتحولت المراثي إلى تسابيح لا تنقطع!

عوض الجوع والعطش والفقر، امتلأت المدينة بالغنائم!

لك المجد يا أيها العجيب في عمله معنا!

الباب الأول.

حملات الأشوريين.

يهوديت 1 - 3.

خطة الله في الداخل والخارج.

لا نعجب إن كان سفر يهوديت ينقسم إلى أربعة أقسام رئيسية: القسم الأول يبدو كأن لا علاقة له بقصة يهوديت، خاص بحملات الأشوريين واكتساحها كل البلاد المحيطة تقريبًا (ص 1 - 3). والقسم الثاني يتحدث عن حالة الرعب التي حلت باليهود واستعدادهم للمقاومة (ص 4 - 7). والقسم الثالث يتحدث عن النصرة بالله العامل خلال يهوديت (ص 8 - 14)، والقسم الرابع يمثل حياة التسبيح والفرح كعربون للحياة السماوية (ص 15 - 16).

أولاً: بعرض أحداث خارج شعب الله في شيءٍ من التفصيل تخص أشور ومادي وبني عمون وغيرهم، وأراد تأكيد أن الله مهتم بالبشرية كلها. هو ضابط التاريخ، وليس من أمر يحدث إلا بإرادته أو بسماحٍ منه.

ثانيًا: بينما يبذل عدو الخير كل جهده لتحطيم كنيسة الله، فيثير الشعوب ضدها، يعمل الله بأقل القليل، وبأرملة شابة تتحدى كل الشعوب وتغلبها. فقد أعدها الله لمواجهة آسرحدون وقائده العظيم وجيشه والشعوب المتحالفة معهم ضد كنيسة الله.

ثالثًا: إن الفساد يهدم نفسه بنفسه، فملك أشور أخذ موقفًا مضادًا من ملك مادي، واستطاع أن يقتله برماحه، وإذ يملك أشور نفسه يُهزم ويُقتل رئيس جيشه هولوفرنيس بخنجره.

رابعًا: بينما يتنافس الملوك على السلطة خلال القوة العسكرية والمنشآت الفخمة والأسوار والحصون، إذا بيهوديت تُعد نفسها خلال زهدها وصلواتها وغيرتها المقدسة في الرب.

الأصحاح الأول

نبوخذنصر المنتصر.

يُفتح السفر باستعراض الصراع المُرّ بين القوتين العظيمتين في ذلك الحين، وفي ذلك الموقع، وهما أشور ومادي، يتصارعان على السلطة، كل منهما يود أن يخضع العالم المحيط به، بل الأرض كلها له. إنه يُحارب بذات حرب أبويه الأولين آدم وحواء، حيث أرادا أن يصيرا كالله. أما الدول الصغيرة فكانت في صراع مرّ، بين رغبتها في الاستقلال والتمتع بالحرية والاحتفاظ بعبادتها وثقافتها وبين التحالف مع إحدى الدولتين على حساب فقدان سيادتها وممتلكاتها وآلهتها وثقافتها.

لازمت هذه الصراعات حياة البشرية منذ السقوط، وإن كانت تختلف في الشكل والمسميات والإمكانيات.

تمتد هذه الصراعات جذورها في حياة الإنسان، حتى الطفل الصغير، فيطلب السيطرة والاعتداد برأيه والضغط حتى على الوالدين المحبين له. إنه ثمر الفساد الداخلي الذي حلّ بالقلب والفكر والطاقات الداخلية، لا يمكن علاجه إلا بيد الخالق نفسه القادر أن يهب المؤمن حياة جديدة صالحة، فيعود كما إلى حالته قبل السقوط.

يكشف هذا الأصحاح عن مفهوم العالم للنصرة والمجد، فنرى منافسة خطيرة بين أشور ومادي خلال بناء الأسوار والحصون المنيعة والأبواب الضخمة لاستعراض قوات الجيش [1 - 4] واستخدام الضغوط لإخضاع الآخرين للعمل لحسابه [5 - 12].

إذ يحقق ملك أشور نصرة مؤقتة، كل ما يشغله الولائم والترف، لكن بلا سلام داخلي.

1. نَبوخذْنَصَّر وأَرْفَكْشادَ 1 - 4.

2. نَبوخذْنَصَّرُ المَلِكُ يشن حَرْبًا على أَرْفَكْشادَ 5.

3. انضمام الكثير من الأمم إلى أَرْفَكْشادَ 6 - 11.

4. نَبوخذْنَصَّر يهدد الأمم المساندة لأَرْفَكْشاد 12.

5. حَملَة على أَرفكشاد 13 - 16.

الأعداد 1-4

1. نَبوخذْنَصَّر وأَرْفَكْشادَ

في السَّنَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ مِن مُلْكِ نَبوخذْنَصَّر،.

الَّذي مَلك على مَدينةِ نينَوى العَظيمة،.

وفي أَيَّامِ أَرْفَكْشادَ Arphaxad الَّذي مَلَكَ على المادِيِّينَ Medes في أَحْمَتا (أَحْمَثا) Ecbatana [1].

المقصود بنبوخذنصر Nebuchadnezzar هنا غالبًا آسرحدون بن سنحاريب كما سبق فرأينا في المقدمة، فقد تعهد بالانتقام من كل اليهود، بعد أن ذاق أبوه سنحاريب مرارة الهزيمة أمامهم، في الواقعة التي قُتل فيها مائة وخمسة وثمانون ألفًا من جنوده (2 مل 19: 35 - 37)، والانتقام من أرفكشاد المذكور، باعتباره صديق اليهود وعونهم المتحالف معهم[42].

يبدأ السفر بمقدمة بسيطة عن الملك أرفكشاد صديق اليهود، فيروي لنا أنه أخضع أممًا كثيرة، وبنى لنفسه عاصمة أو مقرًا لرئاسته التي هي أحمتا (أَحْمَثا)، وقد سبق الحديث عنها في المقدمة (اعتراضات على السفر). حصنها ببناء سورٍ عظيم حتى يكون في أمانٍ.

جاء في سفر طوبيت أن طوبيا تزوج سارة من أحمتا.

يقول دميان ماكي أن أرفكشاد Arphaxad لا يمكن أن يكون إلا مرودخ بالادان Mardach - baladan من بابل (2 مل 20: 12، إش 39: 1)، وقد انعكس أصله الكلداني على اسمه. فإن أرفكشاد اسم يعني "أور الكلدانيين Ur of Chaldees". وهذا يؤكد ما جاء في بعض النسخ: "واجتمعت أمم كثيرة إلى قوات الكلدانيين Chaldeans"، من بينهم الأراميون Aramaeans والعيلاميون Elymeans أوElamites، فقد تحالف الكل مع بابل ضد أشور.

أحمتا (أَحْمَثا) أو Ecbatana، وردت في (عز 6: 2). وهي مشتقة من الكلمة Achmetha[43]، يدعوها المواطنون Hagmatana.

عاصمة كورش العظيم، وفي الأصل عاصمة مادي قبل احتلال كورش مادي وإخضاعها للحكم الفارسي[44].

كانت هناك مدينتان تحملان نفس الاسم، الأولى عاصمة شمال مادي، المدينة التي لها سبعة أسوار، لكل سور لون خاص: أبيض، وأسود، وقرمزي، وأزرق، وبرتقالي، وفضي، وذهبي[45]. صارت عاصمة كورش وربما هي المدينة التي وُجد فيها الدرج الذي يحوي منشور كورش الخاص بإعادة بناء هيكل أورشليم. حاليًا هي خرائب تخت سليمان[46]. والمدينة الثانية كانت عاصمة لمقاطعة أكبر: Media Magna، حاليًا تدعى همدان Hamadan، تبعد حوالي 300 ميلاً شمال شوشن Susa. كانت أحمثا Achematha مدينة غنية جدًا تتسم بالترف والفخامة. إذ استولى عليها كورش عام 550 ق. م. جعلها عاصمته الصيفية حيث كان يهرب إليها من الحر الشديد في بلاد فارس. كان يحتفظ فيها بالسجلات الملكية كما جاء في هوشع 6: 2.

في عام 330 ق. م. فتحها الإسكندر الأكبر، ودمر أسوارها، ونهب قصورها. حاليًا تحتل موقعها همدان بإيران وهي تبعد حوالي 170 ميلاً جنوب غرب طهران. أغلب الترجمات الإنجليزية الحديثة تترجمها Ecbatana[47].

فبَنى حَولَ أَحْمَتا Ecbatana َسورًا مِن حِجارةٍ مَنحوتةٍ،.

عَرضُه ثَلاثةُ أَذرُع وطوُله سِتَّة،.

وجَعَلَ ارتفاع السُّور سَبْعينَ ذِراعًا وعَرضَه خَمْسين [2].

يرى دميان ماكي أن الفعل "بنى" يُحتمل أنه يعود على أرفكشاد الذي أنشأ أحمتا Ecbatana، مشيرًا إلى الملك الكلداني مردوخ بالادان، وقد كان عظيمًا في إنشاءاته. كما يُحتمل أنه يقصد سنحاريب ملك أشور الذي قام بإنشاء الكثير من المباني في ذلك الحين، في مدينة نينوى التقليدية أو مدينته "دير شاروكين Dur - Sharrukin أو Sargonsville".

كان من عادة ملوك الأشوريين والبابليين وقدماء الملوك في بلاد كثيرة المبالغة في تجهيز الأسوار والقلاع والأبراج. ويبدو حجم الحجارة هنا كبير جدًا، وقد حذر الله بني إسرائيل من استخدام الحجارة المنحوتة في أعمال البناء لاسيما المذابح، إذ يُعد ذلك اشتراكًا مع الوثنيين الذين اعتادوا على صنع التماثيل وتصوير آلهتهم على حجارة مباينهم (حز 20: 25 - 26؛ تث 27: 5 - 6؛ يش 8: 31).

أُستخدم في مصر نوعان من الذراع، الأول يساوي 65,20 بوصة والآخر يساوي 49,17 بوصة، بالإضافة إلى أنواعٍ أخرى من الذراع. بهذا يظهر أن ارتفاع سور المدينة يصل إلى الثلاثين مترًا.

وشَيَّدَ على أَبْوابِه أَبْراِجًا بِمائَةِ ذِراع،.

وأَرْسى أُسُسًا في عَرْضِ سِتِّينَ ذِراعًا [3].

الأبراج: يظن البعض أن الأرقام هنا مُبالغ فيها حيث يبلغ ارتفاع البرج مائة ذراعًا، أي حوالي 45 مترًا. لكن عُثر في الحفائر الحديثة طباية لهيرودس الكبير أحد أبراجه يبلغ طول الضلع منها 18 مترًا، ومازال باقيًا من ارتفاع البرج حوالي مسافة 20 مترًا، بينما بلغ قطر برج آخر من الخارج 55 مترًا، ومن الداخل 45 مترًا، كما كان داخل البرج مقسمًا إلى حجرات واسعة حيث دُفن هناك هيرودس.

أما بالنسبة لأبراج أرفكشاد، فكانت مساحة قاعدة البرج تصل إلى سبعة أمتار، وقد أُقيمت حول الأبواب الرئيسية للمدينة، وكانت تلك الأبواب من السعة والفخامة بحيث تصلح كأقواس النصر، ومرور استعراضات الجيش والغنائم[48].

وجَعَلَ أَبْوابَه يَبلُغُ ارتفاعُها سَبْعينَ ذِراعًا وعَرْضُها أَرْبَعين،.

لِخُروجِ قُوَّاتِه العظَيمة،.

واستِعْراضِ مُشاتِه [4].

كثيرًا ما يُضرب القادة بالكبرياء ومحبة المجد الباطل بعد نوالهم نصرات متتالية. لقد اعتمد أرفكشاد على حصونه العظيمة وسطوة جيشه ومراكبه كما على خبراته العسكرية، من هنا تبدأ الهزيمة. "يُقاوم الله المستكبرين، وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (يع 4: 6).

لم يمنع الله إقامة حصون وأسوار وأبواب لحماية المدن، لكن الخطورة في أن يظن الإنسان أنه قادر على حماية نفسه بنفسه، متجاهلاً حماية الله ورعايته له. يقول المرتل: "إن لم يحرس الرب المدينة، فباطلاً يسهر الحرّاس" (مز 127: 1 - 2).

يليق بالمؤمن ألا يتراخى في حراسة حواسه وعواطفه وكل طاقاته حتى لا يتسلل العدو إليها فيفسدها. لكن هذه الحراسة باطلة ما لم نطلب من الله أن يحررنا بنعمته وعمل روحه القدوس. إنه هو الحارس الذي لا يغفل ولا ينام (مز 212: 4).

  • إننا نقوم بالحراسة، لكن باطلة هي حراستنا ما لم يحرسنا ذاك الذي يرى أفكارنا. إنه يقوم بالحراسة ونحن يقظون، كما يقوم بالحراسة ونحن نائمون. فإنه نام مرة على الصليب وقام. إنه لا ينام بعد! كونوا إسرائيل (الروحي الجديد)، فإن "حافظ إسرائيل لا ينعس ولا ينام" (مز 121: 4). نعم أيها الإخوة إن أردنا أن نكون محفوظين تحت ظل جناحي الله، فلنكن إسرائيل[49].

القديس أغسطينوس.

العدد 5

2. نَبوخذْنَصَّرُ المَلِكُ يشن حَرْبًا على أَرْفَكْشادَ

في تِلكَ الأَيَّامِ شَنَّ نَبوخذْنَصَّرُ المَلِكُ حَرْبًا على أَرْفَكْشادَ المَلِكِ في السَّهْلِ الكَبير،.

وهو السَّهْلُ الَّذي في أَرضِ رَعاوى Ragau [5].

السهل الكبير: يقصد به منطقة العراق Irak Ajemi في إيران ألحديثه، حيث يبدأ حوالي 100 ميل شمال شرقي أحتما Acbatana ويبلغ حتى سلسلة جبال جنوب بحر كاسبيان Caspian Sea[50].

الأعداد 6-11

3. انضمام الكثير من الأمم إلى أَرْفَكْشادَ

فانضَمَّ إِلَيه جَميعُ سُكَّانِ النَّاحِيَةِ الجَبَلِيَّة،.

وجَميعُ السَّاكِنينَ على الفُراتِ ودِجلةَ ويادَسون Hydaspes.

وفي سُهولِ أَرْيوكَ Arioch مَلِكِ عَليم Elamites.

فاجتمعت أُمَمٌ كَثيرةٌ لِمُحاربةِ بَني كَلْعود (Chaldea) Cheleoud [6].

الناحية الجبلية، وهي أنجاد إيران الغربي[51]؛ تُشير إلى سلسلة جبال Zagros الإيرانية، وهي سهل مرتفع مقابل سهول ما بين النهرين وعيلام Elam[52].

يادسون: يعتقد بعض الدارسين أن النهر المقصود هو نهر Choaspes (حاليًا Kerkheh) يبلغ طوله حوالي 200 ميلاً، يفيض غرب الشوشن Susa في تيجر – الفرات[53].

أريوك ملك عليم، وتُكتب أيضًا أريوخ، وهي مشتقة عن اللفظة السومرية (أري كو) ومعناها "عبد إله القمر". وهو اسم ملك ورد في تكوين 14: 1 - 9، حيث كانت مملكته تقع شرقي فارس، أي المنطقة التي دارت فيها رحى المعركة. كاتب السفر يصف الميدان ناسبًا إياه إلى أريوخ هذا نظرًا لشهرته.

عليم Elamites هي عيلام أي المايس، وهي الأسماء التي أُطلقت على هذه البقعة (1 مك 6: 1).

بنو كلعود (The Sons of Chaldea) Cheleoudites: إما إنه اسم آخر للأشوريين أو مشتق عن الكلدانيينChaldeans، أو هم جماعة ارتبطت بالأشوريين[54]. هم مركز قوى التحالف لإحباط جيش أرفكشاد العظيم (1: 13). ومما يدعو للسخرية أن هؤلاء يظهرون لا حول لهم ولا قوة أمام يهوديت ابنة العبرانيين (10: 12) [55].

فأَوفَدَ نَبوخَذنَصَّر، مَلِكُ أشور، إلى جَميعِ سُكَّانِ بلادِ فارِس.

وجَميعِ سُكَّانِ النَّاحِيَةِ الغَربِيَّة.

وَسُكَّانِ كيليكية Cilicia ودِمَشْقَ ولُبْنان ولُبْنانَ الشَّرقِيِّ Antilibanon.

وجَميعِ سُكَّانِ السَّاحِل [7].

كان يُنظر إلى نهر الفرات أنه يقسم هذه المنطقة إلى الشرق والغرب، وبين مصر وبلاد أشور (وفيما بعد بابل)، وقد دام الصراع طويلاً بين مصر وأشور، أو مصر وبابل في السيطرة على المنطقة ما بين نهر الفرات ووادي النيل.

بعث الملك رسائل إلى الكثير من البلاد لتتحالف معه ضد أرفكشاد، مغريًا إياهم بالغنائم التي ينالونها بهزيمة أرفكشاد، فأرسل إلى البلاد الواقعة في الغرب وفي الجنوب حتى بلغ أثيوبيا، وهي بلاد كان لها اسم وجيوش قوية.

كيليكية: مقاطعة تقع جنوب شرقي آسيا الصغرى، وكانت تسمى "من قوية". ورد في آثار أشوربانيبال، الأسطوانة الأولى، عمود 2:

[سودا رزمي: ملك كيليكية، أتى إليّ ومعه ابنته لتكون لي زوجة، وسجد لي وقبَّل قدميّ، وقدم لي هدايا كثيرة مع أنه لم يخضع لآبائي[56].].

والَّذينَ مِن أُمَمِ الكَرمَلِ Carmel وجِلْعاد.

والجَليلِ الأَعْلى وسَهْلِ يِزرَعيلَ Esdraelon الواسعِ [8].

جلعاد: منطقة جبلية صخرية وعرة عبر الأردن يفيض عليها نهر يبوق أو نهر الزرقاء.

يزرعيل: اسمه باليونانية Esdraelon، وهو يخص الجزء الغربي من الوادي يزرعيل Jezreel، ويضم وادي مجدون Megiddon الذي يفصل الجليل عن السامرة.

سهل يزرعيل مثلث في فلسطين الوسطى، يدعوه يوسيفوس "السهل الكبير"، يمتد من البحر المتوسط إلى الأردن، ومن الكرمل وجبال السامرة إلى جبال الجليل، وطوله من الغرب إلى الشرق نحو 25 ميلاً، ومن الجنوب إلى الشمال 12 ميلاً.

كان سهل يزرعيل باب فلسطين ومفتاحها أيضًا، منه دخل الفاتحون الأولون لاحتلال الأرض.

وجَميعَ الَّذينَ مِنَ السَّامِرَةِ ومُدُنِها وعِبْرِ الأُردُنِّ إلى أُورَشَليمِ،.

وبَيت عَنوت وكِلُّود Chelous وقادِش.

ونَهْرِ (جدول) مِصْرَ وتَحْفَنْحيس Taphnhes.

ورعَمْسيس Rameses وأَرضِ جاسانَ Goshen كُلِّها [9].

بيت عنوت Betane, Bitané: اسم كنعاني معناه "بيت الآلهة عناة" (يش 15: 58 - 59). مدينة على بعد 7 أميال إلى الشمال من حبرون، وميل ونصف جنوب شرقي حلحول Helhul. ربما هي مدينة بيت عينون Beit - Ainum الحالية، أكثر منها "بيت عنيا Bethany" التي تبعد نحو ميل ونصف شرق أورشليم.

هنا يتحدث عن البلاد اليهودية ومصر. فقد أرسل يطلب تسليم المدن ليتركهم أحيانًا بدلاً من أن يقتلهم بدخوله في حربٍ معهم، فيستولي على كل مواردهم ومواشيهم وأموالهم كما يسبيهم وينقلهم إلى مدن أخرى ليضمن ولاءهم وعدم التمرد عليه.

كلود Chelous أو Chellus: في جنوب فلسطين، وردت في الترجوم تحت اسم هلوصة، على الطريق الجنوبي من أورشليم بين غزة وأدوم، ربما تكون هي حلحول Helhul (يش 15: 58)، تبعد 4 أميال شمال حبرون، أو Chalutsa (حاليًا خلاصه Khalasa) جنوب شرقي بئر سبع[57]، وربما تكون شور[58].

قادش، أي قادش برنيع: وهي واحة ومحلة في الصحراء جنوب بئر سبع. ورد ذكرها عند الحديث عن حملة كدرلعومر وحلفائه في أيام إبراهيم. بالقرب منها ظهر ملاك لهاجر. وبعد الخروج من مصر أمضى بنو إسرائيل معظم سني تيههم في الصحراء في المنطقة المحيطة بقادش (عد 20). وهناك ماتت مريم (عد 20: 1)، وأخرج موسى ماءً من الصخرة، ومنها أرسل جواسيس لاكتشاف أرض كنعان (عد 13، 14). يظن أنها عين قديس على مسافة خمسين ميلاً جنوب بئر سبع، ويظن البعض أنها عين قضيرات.

نهر مصر: جاءت الكلمة اليونانية لا تعني نهر النيل ذاته، وإنما جدول مصر، حاليًا وادي العريش التي تفصل بين فلسطين ومصر (1 مل 8: 65؛ أي 7: 8، يش 15: 4).

بالنسبة لجدول (نهر) مصر فقد أشار سرجون الأول وسنحاريب الأشوريين أنه لا يوجد فيه ماء[59].

تحفنحيس Taphanhes, Taphnes: مدينة مصرية في الجزء الشرقي من دلتا النيل، إليها أُخذ النبي إرميا بعد سقوط أورشليم، وربما مات فيها (إر 43: 5 - 10؛ حز 30: 8). وهي أحد التخوم الهامة بجوار بحيرة المنزلة. تُدعى تل دفنه؛ دعاها هيرودت[60] دفناي Dephnai.

رعمسيس Rameses: المدينة الملكية للملك رعمسيس الثاني (حوالي 1290 - 1224 ق. م) وخلفائه لمدة قرنين. وهي المدينة التي بدأت منها رحلة الخروج (12: 37، عد 33: 3 - 6).

كانت عشرات المواقع تدعى رعمسيس لهذا يُصعب جدًا تحديد ما يقصده هنا بالموقع.

جاسان Goshen: منطقة خصبة في شمال شرقي الدلتا. وهي المنطقة التي قطن فيها العبرانيون منذ أيام يوسف حتى الخروج (تك 47: 4، 6). كانت مكانًا مناسبًا لرعاية مواشيهم وقطعانهم، وعلى مقربة من بلاط فرعون.

إلى ما وَراءَ صوعَن Tanis ونُوف Memphis.

وجَميعِ سُكَّانِ مِصْرَ إلى حُدودِ إثيوبيا [10].

صوعن أو تانيس: مدينة تاريخية تقع في شرقي الدلتا. تُدعى حاليًا صا الحجر، دعاها اليونانيون صوعن Zoam (إش 19: 11، 13؛ 30: 4؛ حز 30: 14؛ مز 78: 12).

يرى كثير من الدارسين أنها Per - Ramses أثناء الأسرة التاسعة عشر، Avaris في فترة الهكسوس.

نوف أو ممفيس Memphis: تقع على الضفة الغربية للنيل على بعد حوالي 13 ميل جنوب القاهرة كانت عاصمة مصر الشمالية (السفلى)، خاصة من الأسرة الثالثة حتى الخامسة، واستمر شهرتها حتى القرن الأول ق. م. كما يُشير Strabo[61]. وجاء تعدادها الثاني بعد الإسكندرية.

أهرام الجيزة قريبة من نوف أيضًا. وقد أشار إليها بعض الأنبياء عند نقدهم للاتكال على مصر (إش 19: 13؛ إر 2: 16؛ 46: 14؛ حز 30: 13).

واستَهانَ جَميعُ سُكَّانِ الأَرضِ كُلِّها بِأَوامِرِ نَبوخَذنَصَّر مَلِكِ أشور،.

ورفضوا أن يَنضَمُّوا إِلَيه لِلقِتال،.

لأنّهم لم يَكونوا يَخافونَه،.

بل قاوَموه مُقاوَمةَ رَجُلٍ واحِد،.

ورَدُّوا الرُّسُلَ فارِغي الأَيدي وفي خَزي [11].

"جميع سكان الأرض" أو كل الأرض all the land "تعبير بلاغي، يُستخدم للكشف عن القوة الغاشمة التي لملك أشور. وقد وردت 8 مرات في الأصحاحين الأولين (1: 11، 12؛ 2: 1، 2، 6، 7، 9، 11).

"مقاومة رجل واحد": جاءت في النص العبري لتعني: "كان أمامهم كمعادلٍ (لرجلٍ)". ولعله يقصد إنهم تطلعوا إليه بكونه ملكًا أو رجلاً يعادل غيره من الملوك أو القادة السابقين، وليس أعظم منهم. لقد اعتقدوا أنه باطل يحسب نفسه شيئًا عظيمًا يهزم الممالك وينتصر عليهم.

استخف حكام هذه البلاد وشعوبها بطلبه كما بتهديداته، وردوا رسله خائبين، إما لأن علاقتهم به لم تكن على ما يُرام، أو لأنهم خشوا أن تتسع إمبراطوريته ويسيطر عليهم. عبروا عن رفضهم لطلبه بإهانتهم لرسله.

العدد 12

4. نَبوخذْنَصَّر يهدد الأمم المساندة لأَرْفَكْشاد

فغضبَ نَبوخَذنَصَّر غَضَبًا شديدًا على تِلكَ الأَرضِ كُلِّها.

وأقسم بِعَرْشِه ومُلكِه أن يَنْتَقِم من جَميعِ بِلادِ كيليكية ودمشقِ وسوريا.

وُيهلِكَ أَيضًا بِسَيفِه جَميعَ السَّاكِنينَ في أَرضِ موآب وبَني عَمُّون وكُلِّ اليَهودِيَّة.

وجَميعَ الَّذينَ في مِصْرَ إلى حدودِ البَحْرَين [12].

كيليكية: منطقة في جنوب آسيا الصغرى (تركيا)، صارت إحدى ولايات الإمبراطورية الرومانية عام 103 ق. م. وكانت طرسوس، مسقط رأس شاول الطرسوسي، هي المدينة الرئيسية فيها، وخلفها نحو الشمال الشرقي جبال طوروس الوعرة، والتي يخترقها معبر جميل يُعرف باسم بوّابات كيليكية.

إذ ظن في نفسه إلهًا للأرض كلها أقسم بعرشه ومُلكه أن ينتقم من كل هذه الممالك. لقد سعى أن يذل الآخرين ليؤكد مركزه كإله للأرض، فأذله إله السماء والأرض، ولكن في الوقت المعين.

حدودِ البَحْرَين: يرى البعض أنه يعني البلاد الواقعة ما بين البحر المتوسط والخليج الفارسي، وآخرون أنها ما بين البحر الأحمر والخليج الفارسي، وآخرون ما بين البحر الأحمر والبحر المتوسط.

الأعداد 13-16

5. حَملَة على أَرفكشاد

وصَفَّ جَيشَه لِمُحاربةِ أَرفَكْشادَ Arphaxad المَلِكِ في السَّنةِ السَّابِعةَ عَشرَةَ لملكه،.

فغَلَبَه في القِتال،.

ودَحَرَ جَيشَ أَرْفَكْشادَ كُلُّه، وجَميعَ فُرْسانِه، وجَميعَ مَركَباتِه [13].

استمرت تهديداته لأرفكشاد حوالي خمس سنوات (قارن 1: 1 مع 1: 13)، وهي المدة التي حاول فيها الاتصال بالبلاد السابق ذكرها لتعضيده والتحالف معه، وإذ رفض الكل مساندته زحف بجيشه لمواجهة أرفكشاد.

تمت المعركة في منطقة رعاوي أو راجيس، شرق ميديا، وجنوب بحر قزوين Caspian Sea بالقرب من طهران الحالية.

انهزم أرفكشاد من الكبرياء قبل أن يهزمه ملك أشور.

وأَخضَعَ مُدُنَه وزحَفَ على أَحْمَتا (أَحْمَثا) Ecbatana،.

فاستولى على أَبْراجِها،.

ونَهَبَ ساحاتِها،.

وحَوَّلَ جمالها إلى عار [14].

"حوّل جمالها إلى عارٍ": تعبير عن مدى الدمار الذي حدث.

وقَبَضَ على أَرْفَكْشادَ في جِبالِ رَعاوى Ragau،.

وطَعَنَه بِرِماحِه وأَبادَه تمامًا في ذلك اليوم [15].

جبال رعاوي Rages: سلسلة جبال Elburz تبعد حوالي 6 أميال شمال Rages.

يرى بعض الدارسين أن واضع السفر يقدم صورة تفصيلية صادقة عن هزيمة Phraortes وموته، الملك الثاني لمادي، عند هجوم أشور على نينوى[62].

ثُمَّ عادَ بعد ذلك (إلى نينوى)،.

مع جَيشِه الخَليطِ الغَفيرِ جِدًّا مِنَ المُحارِبينَ الَّذينَ انضَمُّوا إلَيه،.

وأَقامَوا هُناكَ مِائةً وعِشْرينَ يَومًا لا يُبالي بِشَيء،.

وَيتَنَعَّمُوا بِالمَآكِلِ [16].

إذ انتصر ملك أشور على ملك مادي حسب نفسه قد ملك على الأرض كلها، لأنه ليس من قوةٍ تعادل ملك مادي لتقف أمامه. هذا وقد خرج من الحرب بقوة أعظم. فمن جهة الإمكانيات البشرية؛ فإن كان فقد بعض رجال جيشه، فانهم يحسبون قلة قليلة جدًا بالنسبة لانضمام أعداد ضخمة من رجال جيش العدو ليعملوا في جيشه كجنودٍ مرتزقةٍ، يصطفون في أول الصفوف، فيتعرضون للهجوم كدرعٍ يحمي جيش أشور الذي خلفه. ومن جهة الإمكانيات المادية، فما أنفقه ملك أشور على جيشه في المعركة يُحسب كلا شيء أمام الغنائم التي استولى عليها هو ورجاله وكل جيشه.

هذا من جانب ومن جانب آخر، بالنصرة تشامخ بالأكثر، فحسب نفسه سيدًا قديرًا يستطيع أن يفتتح كل الممالك والشعوب ويسيطر عليها، ويستغلها دون مجهود يُذكر. لقد وثق في نفسه وفي جيشه، فانطلق الكل إلى التنعم بالولائم المستمرة لمدة مائة وعشرون يومًا، دون شبع. لقد صارت بالحق بطونهم آلهتهم (أف 3: 19).

إن كان المؤمن مع كل نصرة يقدم تشكرات وتسابيح لله واهب الغلبة والقائد الحقيقي لكل معركة، إذا بالشرير يجد في نصرته فرصة لتأليه بطنه والخنوع لشهواته، فيود أن يقطع حياته كلها يتمتع بالمأكل والمشرب.

لقد حذرنا الكتاب المقدس من خطية النهم، ويحسبها المؤمن شيطانًا خطيرًا يفسد جسم الإنسان وروحه وعقله وعواطفه!

  • برذيلة النهم سُلم آدم للموت، فقد دخل الشر المدمر إلى العالم بلذة شهوة الطعام.

بها صار نوح موضع سخرية (تك 9: 21)، ولُعن حام (تك 9: 26)، وحُرم عيسو من البكورية، وتزوج من أسرة كنعانية (تك 25: 33، 36: 2).

بها تزوج لوط بنتيه، فصار لابنه أبًا وحما، صار الأب زوجًا، والجد أبًا، وهكذا أقام سخرية مضاعفة للنواميس الطبيعية (تك 19: 35).

النهم أيضًا جعل شعب إسرائيل عبدة للأوثان، وغطوا البرية بأجسامهم (عد 14: 29 الخ).

جعل النهم نبيًا مرسلاً من الله لملكٍ شريرٍ كي يلومه أن يصير فريسة لوحشٍ. ذاك الذي لم يستطع يربعام الملك بكل قوته الملوكية أن ينتقم منه صار أسيرًا بشهوته للطعام الغادرة ويسقط ضحية لموت بائس (1 مل 13: 24).

دانيال، إذ ساد علي شهوة الطعام (دا 10: 3) ساد على مملكة الكلدانيين، فألقى بأصنامهم، وحطم التنين، وروَّض الأسود، وبشر بالتجسد، وفسر الأسرار الخفية (دا 5: 9 - 14).

الثلاثة فتية القدِّيسين الذين أظهروا أنفسهم أسمى من ملذات شهوة الطعام استخفوا بغضب الملك، وتمتعوا بشجاعة باسلة أمام رعب الأتون الناري الذي أمر نبوخذنصر الملك بإيقاده (دا 3: 12 الخ). لقد برهنوا أن التمثال الذهبي الذي كان يُعبد كإله بلا نفع...

في اختصار إن اقتنيتم السيادة على شهوتكم للطعام تسكنون الفردوس، وإلاَّ موتًا تموتون[63].

القدِّيس باسيليوس الكبير.

  • لنحذر أم الشر، محبة الذات! فإن هذا حب للجسم بغير متعقل، منه يولد ثلاثة أهواء أساسية تبدو أنه لا يمكن مقاومتها، هذه الأهواء هي النهم والشهوة والأمور الباطلة، بحجة أن هذه احتياجات جسدية ضرورية. هذه تولد سربًا كاملاً للأهواء[64].

القديس مكسيموس المعترف.

من وحي يهوديت 1.

نجاح أم تهور!

  • في يدك الإلهية التاريخ كله يا ضابط الكل!

ملك مادي بنى وحصَّن نفسه بأسوار وأبراج،.

ولم يدرك أنه وإن تحالفت معه أغلب الأمم،.

لكنه يسقط، ويُقتل برماحه في خزيٍ وعارٍ!

  • ظن ملك أشور أنه سيد الأرض كلها!

اعتمد على قائده الجبار هولوفرنيس وجيشه الجرار.

ليس من قوة تقف أمام جيش يغطي الأرض كحملات الجراد!

رعب الممالك، وهزّ قلوب القادة بجيشه.

استسلم الكل له برقصات في مواكبٍ لا تنقطع.

نجح قائده، فلم يعد يشغله شيء.

كل الأمور – في ذهنه – تنحني له في مذلة!

  • لم يدرك الملك وقائده أنهما غبيان!

لم يدركا أن العالم في قبضة يد الخالق!

يتركهما يخططان وينجحان إلى حين،.

لكن، كل آلة تصور ضد شعبه تخرب.

وكل نجاحٍ يتحول إلى هزيمة.

وكل مجدٍ زمنيٍ يصير إلى الخزي والعار!

  • لماذا أنتقد ملكي أشور ومادي،.

وهوذا الصراع في أعماق نفسي!

يدك الإلهية التي سمرت تحل رباطات نفسي،.

تتمتع بحرية مجد أولاد الله!

لا أجد مسرة في حب السلطة،.

بل أن أصلب معك حبًا فيك وفي خليقتك!

ليصارع العالم بكل قوته وإمكانياته وخداعه!

فأنا لست من هذا العالم!

  • هكذا وعدتني إذ وهبتني البنوة لأبيك!

نزعتني في مياه المعمودية من البنوة لإبليس،.

وقدمت ليّ البنوة لله الآب العجيب!

ليس لصراع العالم موضع في قلبي.

إنما فرحك الإلهي يشع في داخلي!

بك أتمتع بالملكوت السماوي!

بك أحب كل خليقتك!

لك المجد يا مخلصي الصالح!

  • الآن كابنٍ لك صار غذائي هو خبز السماء.

أتمتع بولائم الشكر والتسبيح الذي لا ينقطع.

مسرتي لا في الطعام الزمني والشراب،.

فإنني أشكرك عليهما لإعالة جسمي.

لكن حبي لك وشكري إياك هما سرّ فرحي.

وليمتي بالحق هي شركة مع وليمة خدامك السمائيين!

لأتنعم بحبك يا مشبع النفوس.


[1] راجع راهب من دير البراموس: تفسير سفر يهوديت، 1997، ص 7.

[2] Introduction to Judith in the Vulgate version.Charles, Charles, R. , The Apocrypha and Pseudepigrapha of the Old Testament (Oxford, Clarendon Press) , p. 246, who late dates the writing of the book by linking the author to "the Pharisaic party" , thinks that he must have been "a Palestinian Jew … a man of some literary skill … well acquainted with the literature of his people". Could this great man, as Akhi - miti, actually be the Archimedes of Greek tradition?.

[3] TCE, article "Judith" , VIII, (The Ency. Press, Inc. , N. Y.) , 555, citing Calmet's "Introd. in Lib. Judith".

[4] دار الشروق، بيروت 1988: الكتاب المقدسالعهد القديم، ص 904.

[5] Cf. Carey Moore, p. 73 - 74.

[6] W. O. E. Oestereley: Books of the Apocrypha, N. Y. 1914, p. 38.

[7] Norman B. Johnson: Prayer in the Apocrypha…, 1948, p. 7.

[8] Adolphe Lods: Histoire de la littérature hébraique et juive, 1950, p. 789.

[9] L. Soubigou: Judith, La Sainte Bible de Loius et Albest Clamer, 4,. 1952, p. 495 - 496. Cf. Carey Moore, p. 77.

[10] http://www.newadvent.org/cathen/08554a.htm.

[11] Praef. In Lib.

[12] Charles, Op. cit. , 243.

[13] ] E. J. , 452, 460. See also Leahy, op. cit. , 403. A. F. Rainey, `The Toponymics of Eretz - Israel' in ASOR Bulletin, No. 231, Oct 1978, p. 1 - 17.

[14] Charles, Op. cit. , 244.

[15] TCE, article "Judith" , VIII, (The Ency. Press, Inc. , N. Y.) , 555, citing Calmet's "Introd. in Lib. Judith".

[16] Cf. Carey Moore, p. 86 ff.

[17] الحلقة هي هيكل الناموس اليهودي في تلمود، وهي تفسر وتقدم إضافات لشرائع العهد القديم.

[18] هذا المتطلب صار إلزاميًا بعد عام 65م.

[19] Clem.: Ep. to. 1: 55.

[20] Origen: Ep. to African,13.

[21] ايهاب رئيف وهيب: سفر يهوديت 1996، ص 6.

[22] Judith, 404. See also TCE, 554.

[23] The "festival" to which Leahy refers here may possibly be the Hannukah itself. Though Judas Maccabeus is thought to have instituted Hannukah on the 25th of Chislev, the feast of the Temple's Dedication, he may in fact have been merely reviving what was already an old feast that had become neglected during the régime of Antiochus 'Epiphanes', as he certainly did revive Mordecai's feast (no doubt Purim) on the 13th of Adar (1 Maccabees 7: 49).

[24] Carey A. Moore: Judith (The Anchor Bible, 40. N. Y. 1985, p. 44).

[25] , p. 45.

[26] Damien Mackey, A Historical Commentary on the Book of Judith, March 2003.

[27] Cf. Damien Mackey, A Historical Commentary on the Book of Judith, March 2003; M. Leahy: Judith, 407.

[28] Thus Diodorus Siculus xvii, 6, 1, as referred to in Encyclopedia Judaica (EJ) , "Judith".

[29] E. J. , Ibid. Douay gives Vagao, rather than Bagoas; Luckenbill, D. , Ancient Records of Assyria and Babylonia, Vol. II (Press, NY.) , p. 97.

[30] القس مرقس حنا: سفر يهوديت، لوس أنجيلوس 2000، ص 15 - 16.

[31] القس مرقس حنا، ص 15.

[32] دراسات بيبلية: 1 القراءة المسيحية للعهد القديم، بيروت 1991، ص 147 الخ.

[33] The Bible Commentary, (J. Barton and J. Muddiman) , 2000, p. 635.

[34] H. N. Richardson: Apocrypha & Pseudpigrapha, p. 536.

[35] راجع راهب من دير البراموس، ص 16.

[36] Letter to Salvina, 79: 10.

[37] The Sacred History of Sulpitius Severus, 2: 16.

[38] Carey Moore p. 74.

[39] Damien Mackey: A Historical Commentary on the Book of Judith, March 2003.

[40] Cf. C. Moore, p. 81.

[41] The Bible Commentary, (J. Barton and J. Muddiman) , 2000, p. 635.

[42] راجع راهب من دير البراموس: تفسير سفر يهوديت، 1997، ص 44.

[43] Nelson Bible Dictionary, article.

[44] New Umger's Bible Dictionary, article.

[45] Herodotus, 1: 98, 99, 153.

[46] Fausset's Bible Dictionary:.

[47] Nelson's Bible Dictionary, article Achmetha..

[48] راجع راهب من دير البراموس: تفسير سفر يهوديت، 1997، ص 45.

[49] On Ps. 127 (126).

[50] Carey Moore. P. 125.

[51] دار المشرق: الكتاب المقدس، 1991، ص 905.

[52] Carey Moore. P. 125.

[53] , p. 12506; Herodotus, Hist. 1: 188; 5: 49).

[54] Carey Moore. P. 126.

[55] The Orthodox Study Bible 2008, Jud. 1: 6.

[56] راجع راهب من دير البراموس: تفسير سفر يهوديت، 1997، ص 47.

[57] Carey Moore. P. 126.

[58] Interpreter Dictionary of the Bible – article Chellus.

[59] Carey Moore. P. 126.

[60] Hist. 2: 30.

[61] Geog. 17: 1: 32.

[62] Carey Moore. P. 129.

[63] On Renunciation of the World, (Frs. Of he Church, volume 9, p. 25 - 26).

[64] Fr. Maximus the Confessor: Four Centuries on Love.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثاني - سفر يهوديت - القمص تادرس يعقوب ملطي

تفاسير سفر يهوديت الأصحاح 1
تفاسير سفر يهوديت الأصحاح 1