الأصحاح الثاني عشر – سفر يهوديت – القمص تادرس يعقوب ملطي

هذا الفصل هو جزء من كتاب: 18- تفسير سفر يهوديت – القمص تادرس يعقوب ملطي.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأصحاح الثاني عشر

ليلة فريدة حاسمة.

يصور لنا هذا الأصحاح ليلة عجيبة، لم تكن في خطة يهوديت في تفاصيلها على ما أظن، إنما كانت ثمرة حياتها المقدسة وصلواتها المستمرة وتكريس كل قلبها للعمل لحساب خلاص شعبها.

لقد آمنت أنه قبل مرور المهلة التي قدَّمها عُزيَّا لشعبه لابد ليد الله أن تتدخل وتحسم الموقف لصالح شعبه، أما كيف فإن يهوديت لم تطلب اللقاء مع أليفانا لتدبر أمر الخلاص منه، إنما أليفانا هو الذي طلب اللقاء معها، حاسبًا أنه عار عليه أن تمر هذه الأيام الثلاثة ولا يقترب منها.

1. يَهوديت لم تتدنس بأطايب أليفانا 1 - 4.

2. يَهوديت في خيمة أليفانا 5 - 6.

3. يَهوديت تطلب إذنًا للخروج للصلاة 7 - 9.

4. يهوديت في مأدبة أليفانا 10 - 20.

الأعداد 1-4

1. يَهوديت لم تتدنس بأطاييب أليفانا

ثُمَّ أمَرَ بإِدخالِها إلى حَيث وُضِعَت آنِيَته الفِضية،.

وأَوصى بِأَن تُطعَمَ مِن مأكولاتِه،.

وتَشرَبَ مِن خَمرِه [1].

اطمأن أليفانا من نية يهوديت، وأعجب بشخصيتها وحكمتها، وأراد تكريمها علانية أمام ضباطه المحيطين به، والذين حضروا اللقاء الأول بينه وبينها. حاول أليفانا أن يظهر لها اهتمامه بها، وإعجابه مع محبته وسخائه ووداعته.

منح أليفانا امتيازات خاصة ليهوديت، وإن كانت تحت حراسة مشددة، وأمر أن يُقدم لها من طعامه الخاص، وعلى مائدته الرسمية.

"آنيته الفضية": يُعتبر هذا امتياز كبير يُقدم لها أن تأكل بذات أدواته الذهبية والفضية.

فقالَت يهوديت: "لا آكُلُ شيئًا مِنها،.

لِئَلاَّ يكونَ في ذلك سَببُ عَثرَة،.

بل يَكفيني ما أَحضرته "[2].

في جرأة وشجاعة وبأدبٍ رفضت أن تتنجس بأطايب القائد الوثني، متمسكة بصومها وطقوس الشريعة. حقًا لقد استخدمت الحيلة لأجل إنقاذ شعبها، لأنه لم يكن أمامها بديل، لكنها لم تتهاون في طهارتها وقداستها وتنفيذها للشريعة مادامت تستطيع ذلك.

بإيمان قوي وثقة في عمل الله صممت على تنفيذ الوصية، فترفض الطعام والشراب وكل أطايب هذا القائد. تعلمت أنه ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الناس، ووثقت أن الله يعطيها نعمة أمام أليفانا، فلا يمنعها من تنفيذ الوصية.

قالَ لَها أليفانا: "إِذا فَرَغَ الَّذي مَعكِ،.

مِن أَينَ نأتيكِ بِمِثلِ ذلك لِنُقدِّمَه لَكِ؟

فلَيسَ عِندَنا أَحَدٌ مِن شعبك "[3].

لم يعترض أليفانا على طلب يهوديت، لكن ما جعله مرتكبًا، أنه متى فرغ طعامها الذي جاءت به مع وصيفتها من أين له ما يقدمه لها حتى يرضيها.

قالَت لَه يهوديت: "تحيا نَفْسُكَ، سَيِّدي،.

إِنَّ أَمتَكَ لا تَستَنفِدُ ما معي.

حَتَّى يَصنَعَ الرَّبّ بِيَدي ما أَرادَه "[4].

"تحيا نفسك، سيدي": استخدمت يهوديت هذا التعبير ليس على سبيل التحية والدعاء، وإنما على سبيل القسم، مثل القول: "حية هي نفسك" (٢ مل ٢: ٢). لقد أقسمت بأن الله يحقق لها ما خرجت من أجله قبل أن تنفذ خبزاتها الطقسية القليلة.

ظن أليفانا أن يهوديت تفكر في تسليم المدينة له، وعندئذ ستجد طعامًا يناسبها هناك، ولم يخطر على فكره أنها كانت تثق في الله الذي يخلصها ويخلص مدينتها وشعبها من أليفانا نفسه.

وثقت يهوديت أنه ليس من معوقات تقف أمام إلهها الذي أرسلها لإنقاذ شعبه من هذا الشرير وجيشه.

الأعداد 5-6

2. يَهوديت في خيمة أليفانا

وقادَها خدامُ أليفانا إلى الخَيمة،.

فنامَت حَتَّى نِصفِ اللَّيل.

ثُمَّ نهَضَت عِندَ هَجيعِ الفَجْر، [5].

في مثل هذه المواقف يصعب على الإنسان أن ينام، إذ يشغل الأمر فكره، ويجعله في حالة ارتباك شديد، لكن يهوديت نامت وهي مطمئنة وواثقة في عمل الله معها وخلالها. إنها كبطرس الرسول الذي نام في السجن في طمأنينة.

وأَرسَلَت إلى أليفانا تَقول:

"لِيأمُرْ سَيِّدي بِأَن يُؤذَنَ إلى أَمَتِه بالخروجِ لِلصَّلاة" [6].

إذ جاءت اللحظة الحاسمة وقفت يهوديت أمام السرير تصلي بدموعٍ وفي صمتٍ (١٣: ٦).

شعرت أن الموضع مناسب للصلاة والإقامة المؤقتة فيه بعيدًا عن الأنظار، وإن كان قريبًا من خيمة أليفانا. إنما ينقصها عيون الماء التي تحتاجها للاغتسال قبل القيام بالصلوات حسب الشريعة، فأرسلت إلى أليفانا تطلب تصريحًا لها ولوصيفتها للخروج في أية لحظة إلى وادي بيت فلوي لتغتسل في عين الماء، وذلك أسفل الجبل الذي تقع عليها مدينتها. طلبت هذا التصريح لمدة ثلاثة أيام.

الأعداد 7-9

3. يَهوديت تطلب إذنًا للخروج للصلاة

فأَوصى أليفانا حُرَّاسَه بعَدَمِ التَّصَدِّي لَها.

وبَقِيَت في المُعَسكَرِ ثَلاثَةَ أَيَّام.

وكانَت تَخرُجُ لَيلاً إلى وادي بَيتَ فَلْوي،.

وتَغْتَسِلُ في عَينِ الماء في المُعَسكَرِ [7].

بسبب إعجابه الشديد بيهوديت ورغبته في ارضائها بكل وسيلة، ليزداد تعلقها به كما ظن، ولكي تطمئن إليه ولا تخشاه كقائدٍ عنيفٍ، وافق على طلبها، دون التفكير أنها تقترب جدًا من مدينتها عند الاغتسال.

يهوديت تسأله الدخول والخروج ثلاثة أيام لتتعبد لله (رمز القيامة) ولقاؤها معه وإعجابه الشديد بها. حملت قوة القيامة الغالبة (12). في اليوم الرابع وافقت أن تجلس مع القائد وتأكل وتشرب، لكنها أكلت مما هيأته لها جاريتها، وطلب القائد من بوغا خصيه أن ينطلق ويتركهما. شرب القائد كثيرًا جدًا أكثر مما شرب في جميع حياته.

غالبًا ما أُعطيت علامة "كلمة سرّ" تنطق بها فتعبر وسط المعسكر وتخرج وتدخل في أمان.

كانت يهوديت تبدأ يومها بالصلاة عند الفجر، تقدم باكورة اليوم لله.

كانت يهوديت تحرص على طهارة الجسد كما على طهارة النفس، فكانت تبدأ يومها بالاغتسال والتطهر بعيدًا عن معسكر الوثنيين الذين اضطرت أن تسكن إلى حينٍ في وسطهم. واختارت أن تغتسل بمياه يهودية، عند سفح الجبل المقامة مدينتها عليه.

وبَعدَ صُعودِها من الماء كانَت تتَضَرَّعُ إلى الرَّبِّ إِلهِ إِسْرائيل، َ.

أَن يُرشِدَ طَريقَها لِنصرة شَعبِها [8].

كانت يهوديت تصعد كل ليلة لتغتسل وترفع قلبها للصلاة حتى شروق الشمس. لم تتوقف عن هذا العمل طوال الثلاثة أيام. وكانت ترجع إلى خيمتها لتقضي وقتًا طويلاً في الصلاة، وتصوم حتى المساء.

لم تشعر يهوديت أنها كانت في وسط معسكر الأعداء الوثنيين، إنما كأنها لا تزال في عليتها تكرس حياتها للعمل الروحي، ويلتهب قلبها للخدمة.

وإذا عادَت طاهِرة،.

كانَت تُقيمُ في الخَيمة،.

إلى أَن يُقَدَّمَ لَها طَعامُها عِندَ المَساء [9].

بجانب الاغتسال والتطهر بمياه يهودية، وتقديم ذبيحة الصلاة والشكر مع بداية النهار، كانت تعود لتقضي يومها في خيمتها التي حولتها إلى مكانٍ للعبادة، وتمارس الصوم، فلا تأكل إلاَّ في المساء. هكذا اقترن سهرها بالصلاة والتأمل والصوم (مز ٦٣: ٧؛ ١١٩: ٦٢؛ مز ١٤٧؛ مز ١٤٨؛ حك ١٦: ٢٨).

لقد حولت خيمة الوثنيين التي يحيط بها خيام الوثنيين الأشرار إلى مكان مقدس للعبادة.

الأعداد 10-20

4. يهوديت في مأدبة أليفانا

وكانَ في اليَومَ الرَّابِعَ أَنَّ أليفانا أقامَ مأدُبةً للعاملين معه شخصيًا،.

ولم يَدْعُ إليها أَحدًا مِن ضُبَّاطه [10].

بعد انقضاء الثلاثة أيام في صلوات وأصوام وتنهدات وهي تنتظر أن يعلن الله لها خطته الإلهية ومشيئته فوجئت بأن أليفانا يدعوها إلى وليمة عشاء، كما يدعو إليها المقربين إليه من ضباطه الخصوصيين، ولم يدعُ إليها أحدًا من ضباطه غير المقربين.

لم تكن مأدبة لمحادثات عسكرية أو للتشاور في اقتحام بيت فَلْوي أو غيرها، إنما كانت أقرب إلى وليمة عائلية غايتها الاقتراب من يهوديت ليقضي معها ليلة يستولى فيها على قلبها، لأنها استولت على قلبه.

وقالَ لِبوغا Bagoas الخَصِي القائمِ على جَميعِ أَعْمالِه الشخصية:

"اِذهَبْ وأقنِعِ المرأَةَ العِبرانِيَّةَ الَّتي عِندَكَ بِالَمجيءَ إِلَينا،.

والأَكلِ والشُّربِ معَنا [11].

مع ما لأليفانا من قوة وجبروت غير أنه أمام هذه الأرملة صار في صراعٍ داخلي رهيب.

أولاً: شعر بعدم الرغبة في اغتصابها بالعنف بالرغم من عدم وجود مانع يعوقه عن ذلك، إذ هي جاءت إليه بنفسها، لا يرافقها سوى وصيفتها، ويمكنه أن ينفرد بها في مخدعه بسهولة.

ثانيًا: أحبها جدًا، واشتهى أن يلتصق بها.

ثالثًا: ربما شعر بنوعٍ من المهابة من ناحية صلاحها وقداستها، فلم يجرؤ أن يصارحها بما في قلبه علانية وبطريقة واضحة.

هذا كل دفعه أن يطلب من حارسه الخاص أو رئيس حرسه الخاص أن يفاتحها في الأمر، ويقنعها بذلك. وغالبًا ما وعد بوغا بمكافأة عظيمة إن نجح في هذه المهمة.

فإِنَّه عارٌ عِندَنا أَن نُخلِيَ سَبيلَ مِثلِ هذِه المرأَةِ دُونَ أن نُعاشِرَها.

وإن لم نَستَمِلْها تسَخرَ بِنا "[12].

يا للعجب، فإن الأشرار لا يسقطون في الخطية فحسب، ولا يستعبدون أنفسهم لها فقط، وإنما يحسبون عدم ممارستها عارًا وخزيًا. هكذا يشَّوه عدو الخير المفاهيم، فيجعل من السلوك باستقامة وطهارة أمرًا مشينًا يخجل منه الإنسان.

فخَرَجَ بوغا مِن وَجهِ أليفانا، ودَخَلَ إِلَيها، فقال:

"لا تتردَّدْ هذه الخادِمةُ الحَسْناءُ في المَجيءَ إلى سَيِّدي،.

لِتُكَرَّمَ أَمامَ وَجهِه، وتَشْرَبَ مَعَنا خَمرًا بِفَرَحٍ،.

فتصبِحَ في هذا اليَومِ كاَبنَةٍ مِن بَناتِ بَني ًأشور،.

اللَّواتي يخدمنَ في بَيتِ نَبوخَذنَصَّر "[13].

ظن أليفانا ورجاله أن دعوة يهوديت للمأدبة وضمها إلى الجواري في بيت الملك أمر يشرفها ويبهج قلبها، ولم يدركوا أنها قدمت قلبها وحياتها مكرسة للعريس السماوي.

قالَت لَه يَهوديت: "ومَن أَنا حتَّى أُخالِفَ سَيِّدي؟

كُلُّ ما حَسُنَ في عَينَيه أَصنَعُه للحال،.

ويكونُ ذلك فرَحًا لي حتَّى َيومَ مَوتي "[14].

أدركت يهوديت أن الله قد أنجح طريقها، فمع تمسكها بطهارتها، وافقت بل ورحبت بعرض أليفانا، وقد أدركت أنه قد حان الوقت من قبل الله للخلاص من هذا المُفسد الذي يعيَّر رب القوات.

لقد وثقت أنها وإن التزمت أن تتزين وتدخل مخدع أليفانا، فإن الله يحفظها في الطهارة والقداسة، ويقوم بضرب هذا العدو الذي يود أن يحطم المقادس الإلهية.

ثُمَّ قامَت وتزَيَّنَت بِمَلابِسِها وبِجَميع زينَتِها النِّسائيّة،.

ودَخَلَت وَصيفَتُها،.

وفَرَشَت لَها على الأَرضِ تُجاهَ أليفانا.

الجُزَزَ الَّتي حَصَلَت علَيها مِن بوغا لاستعمالها اليَومِيِّ في الأَكلِ،.

وهي مُتَّكِئةٌ علَيها [15].

بعد موافقة يهوديت لبوغا على طلب أليفانا استأذنته، ودخلت خيمتها، ولبست ثيابًا جميلة برّاقة، وتزينت بكامل زينتها، كما سبق ففعلت قبل ذلك بثلاثة أيام في لقائها الأول مع أليفانا.

أعدت مع وصيفتها طعام العشاء لهما، وذهبتا مع بوغا إلى خيمة أليفانا العظيمة، فدخل بوغا وأخبر أليفانا بنجاحه في أداء مهمته. ابتهج أليفانا جدًا ثم أُدخلت إليه في مخدعه، وبقيت وصيفتها مع بعض الحراس في حجرة الاستقبال الخارجية. وعندما رآها أليفانا انبهر بجمالها وتحركت شهوته بعنف، فأخذ يشرب خمرًا بلا ضابط. أما هي فأعطاها الله طمأنينة وقوة وثباتًا حتى لا يتشكك أليفانا في أمرها[179].

ثُمَّ دَخَلَت يَهوديتُ واتَكأَت،.

فشُغِفَ بِها قَلبُ أليفانا واضطَرَبَت نَفسُه،.

واشتَدَّت شَهوَتُه نحوها.

وكانَ يتَرَقَّبُ الفُرصةَ لإِغوائِها مِن يومِ رآها [16].

اتكأت يهوديت، وقد أظهرت كأنها في أسعد لحظات عمرها، أما أليفانا فحسب أنه قد جاءت اللحظة التي طالما كان يترقبها. ومن فرط كبريائه لم يشك في إعجابها به، وأنها تشعر بالفخر لمصاحبته وقضاء ليلة معه.

إذ خلق الله آدم وحواء رأى كل شيء حسنًا جدًا. فالإنسان بروحه وجسده وطاقاته ومواهبه وكل إمكانياته هو عطية الله الصالحة. إن أُحسن استخدمها كانت لمجد الله وبنيان البشرية وخلاص الإنسان، وإن أساء استخدامها حطمته وأساءت إلى الجماعة، كما قد يُجدف على اسم الله بسبب سوء استخدامنا لما وُهب لنا.

كانت دليلة جميلة، واستخدمت جمالها ورقتها لتسحب من شمشون تعقله، وتفقد قوة الله العاملة فيه. وكانت يهوديت جميلة، وتقَّدس جمال جسدها بجمال روحها وغيرتها وتعقلها، فخلصت من الشر الذي كان سيلحق بها كما أنقذت كل شعب الله بروح الإيمان مع الصلاة والطهارة والعفة والحكمة.

فقالَ لَها أليفانا: "اِشرَبي وشارِكينا في الفَرَح" [17].

دعاها أليفانا كي تشرب وتسكر وتفرح به ومعه. أما هي فكانت تشرب من عصير العنب الذي كانت قد جاءت به حتى لا تسكر وتفقد وعيها مثله.

فقالَت يَهوديت: "بالحقيقة الآن بفرحٍ أَشرَبُ، يا سَيِّدي،.

فإن هذا اليَومِ هو أفضل جَميعِ أَيَّامِ حَياتي "[18].

أجابته يهوديت معلنة له أن هذا اليوم أكرم يوم في حياتها.

ظن أليفانا أنها تعتز بهذا اليوم لوجودها في صحبته، أما هي فحسبته أسعد يوم من أجل خلاص الله لشعبه على يديها.

وتَناوَلَت ما كانَت قد هيَّأَته وَصيَفَتُها،.

فأَكَلَت وشَرِبَت بِحَضرَتِه [19].

سمح لها أليفانا أن تأكل من طعامها وشرابها إذ أعطاها الله نعمة في عينيه لكي لا يُلزمها على أن تشاركه أطاييبه.

ففَرِحَ أليفانا بِها، وشَرِبَ مِنَ الخَمرِ شَيئًا كثيرًا جِدًّا،.

أَكثَرَ مِمَّا شَرِبَ مِنها في أي يَوم مُنذُ مَولدِه [20].

فرح أليفانا وشرب خمرًا كثيرًا ليحقق شهواته الجسدية والملذات، بينما تهللت يهوديت إذ رأت عمل الله واضحًا وأنه قد أنجح طريقها لإنقاذ شعبه.

لقد فقد أليفانا وعيه وعقله بل ورأسه قبل أن تطيح بها يهوديت.

  • لماذا أتحدث عن الرجال؟ لم تتأثر يهوديت قط بمأدبة أليفانا المترفة، فحققت النصرة التي يئس منها رجال الجيوش، وذلك خلال ضبط نفسها وحدها. لقد أنقذت بلدها من الاحتلال الأجنبي، وقتلت قائد الحملة بيديها. هذا برهان واضح أن الترف أضعف ذلك المقاتل المرعب للأمم؛ وأن ضبط النفس جعل هذه المرأة أقوى من الرجال. في هذا المثال لم تتسم بطبيعة جنسها (كامرأة)، وإنما غلبت خلال نسكها[180].

القديس أمبروسيوس.

من وحي يهوديت 12.

لقاء ثانٍ في مخدع أليفانا.

  • حرصت يهوديت ألا تتدنس بأطياب أليفانا.

لكن ما يشغلها بالأكثر أن يمد الله يده لخلاص شعبه.

من أجل حبها لشعبها قبلت أن تتزين وتدخل مخدع أليفانا.

وثقت في القدوس أنه يحفظ طهارتها وعفتها.

سمحت بالمظاهر الخارجية أن تتغير،.

أما قلبها فكان كالصخرة لا يتزعزع.

  • دخلت إلى المخدع، وفرحت وأكلت وشربت.

لكنها لم تسلم مشاعرها ولا جسدها للشر.

ولم تتهلل إلا لرؤيتها المخلص القدير.

لم تمتد يدها لطعامٍٍ أو شرابٍ دنس.

  • كانت على مأدبة أليفانا بجسدها،.

أما بقلبها وإرادتها وكل كيانها الداخلي،.

فكانت تشترك في المائدة السماوية.

  • هب لي يا رب روح الحكمة والتمييز.

هب لي إلا أتهاون في الحياة المقدسة.

لألتصق بك أيها القدوس، فتقدسني إلى التمام.


[179] القس يوحنا باقي.

[180] Epistle 63: 29.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثالث عشر - سفر يهوديت - القمص تادرس يعقوب ملطي

الأصحاح الحادي عشر - سفر يهوديت - القمص تادرس يعقوب ملطي

تفاسير سفر يهوديت الأصحاح 12
تفاسير سفر يهوديت الأصحاح 12