الأصحاح السابع والأربعون – سفر حزقيال – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر حزقيال – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح السابع والأربعون

الأعداد 1-5

الآيات (1 - 5): -

"1ثُمَّ أَرْجَعَنِي إِلَى مَدْخَلِ الْبَيْتِ وَإِذَا بِمِيَاهٍ تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ عَتَبَةِ الْبَيْتِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، لأَنَّ وَجْهَ الْبَيْتِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ. وَالْمِيَاهُ نَازِلَةٌ مِنْ تَحْتِ جَانِبِ الْبَيْتِ الأَيْمَنِ عَنْ جَنُوبِ الْمَذْبَحِ. 2ثُمَّ أَخْرَجَنِي مِنْ طَرِيقِ بَابِ الشِّمَالِ وَدَارَ بِي فِي الطَّرِيقِ مِنْ خَارِجٍ إِلَى الْبَابِ الْخَارِجِيِّ مِنَ الطَّرِيقِ الَّذِي يَتَّجِهُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَإِذَا بِمِيَاهٍ جَارِيَةٍ مِنَ الْجَانِبِ الأَيْمَنِ. 3 وَعِنْدَ خُرُوجِ الرَّجُلِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَالْخَيْطُ بِيَدِهِ، قَاسَ أَلْفَ ذِرَاعٍ وَعَبَّرَنِي فِي الْمِيَاهِ، وَالْمِيَاهُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. 4ثُمَّ قَاسَ أَلْفًا وَعَبَّرَنِي فِي الْمِيَاهِ، وَالْمِيَاهُ إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ. ثُمَّ قَاسَ أَلْفًا وَعَبَّرَنِي، وَالْمِيَاهُ إِلَى الْحَقْوَيْنِ. 5ثُمَّ قَاسَ أَلْفًا، وَإِذَا بِنَهْرٍ لَمْ أَسْتَطِعْ عُبُورَهُ، لأَنَّ الْمِيَاهَ طَمَتْ، مِيَاهَ سِبَاحَةٍ، نَهْرٍ لاَ يُعْبَرُ.".

البيت هو جسد المسيح شمس البر والذى يأتى من المشارق، وكل كنيسته تنظر إليه تطلب حمايته ومعونته مشتاقة لمجيئه الثانى ليأخذها للمجد = لأَنَّ وَجْهَ الْبَيْتِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ. والمياه نازلة من تحت جانب البيت الأيمن = ما هذا إلا جنب المسيح المطعون الذى جرى منه دم وماء. والمسيح نفسه قال "من آمن بى تجرى من بطنه أنهار ماء حى.. قال هذا عن الروح القدس" (يو7: 37 – 39). إذاً فأنهار الماء تشير إلى الروح القدس الذى فاض على الكنيسة، ومن الكنيسة إلى الآخرين بواسطة عمل المسيح الكفارى، الذى إكتمل بإنطلاقه للسماء وجلوسه عن يمين الآب شفيعاً فينا بدمه للأبد. "وإن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى". فكأنه بإكتمال عمله حل الروح القدس على كنيسته بفيض. وهو يخرج من تحت عتبة البيت = لأن عمل الروح فى الإنسان عمل سرى خفى، مستتر مع المسيح فى الله (كو3: 3). وقيل عن الروح القدس "نهر سواقيه تفرح مدينة الله" (مز 46: 4). والمياه جارية = فهى ليست مياه آسنة ولكنها جارية كنهر ينتشر بسرعة. وهكذا إنتشرت الكرازة بسرعة. وأيضاً فالروح القدس فى الإنسان يظل يدفعه دائماً للأمام وللكمال. (المياه الجارية هى المياه التى تندفع فى النهر فتنظف مجرى النهر من كل القاذورات الموجودة فيه، أما الآسنة فهى كمياه البرك المغلقة، لذلك تجدها عفنة من كثرة القاذورات التى ترمى فيها). والمياه الجارية هى التى يقول عنها السيد المسيح للسامرية أنها "ماء حيا". وهكذا نفهم قول داود فى المزمور الخمسين "روحا مستقيما جدده فى أحشائى"، فهو يطلب أن يعمل فيه الروح القدس لينقيه.

وهى خارجة من جنوب المذبح = والمذبح هو الصليب المقدم عليه المسيح ذبيحة. والجنوب يشير للحرارة كما قلنا من قبل، وهذا هو عمل الروح القدس أن يملأ الإنسان بحرارة روحية، وحبا ملتهبا وغيرة نارية على مجد الله. وهذه المياه تجرى ناحية البحر الميت أى إلى المشرق. ونلاحظ أن المياه بعد 1000 ذراع وصلت للكعبين، وبعد 1000 ذراع أخرى وصلت للركبتين، وبعد 1000 ذراع أخرى وصلت إلى الحقوين، وبعد 1000 ذراع أخرى وصلت لإرتفاع لا تصله قامة الإنسان = لأن المياه طمت مياه سباحة نهر لا يعبر = ومعنى هذا أن الروح القدس صار يحمل الإنسان الذى دخل إلى عمق السماويات وأصبح يقوده. ولنراجع سفر أعمال الرسل أو سفر أعمال الروح القدس لنرى كيف كان الروح القدس يقود الكنيسة. وفى بعض الأحيان كان الروح يقودهم ضد رغبة وتخطيط الرسل أنفسهم (رو1: 13 + أع16: 9 + أع21: 4). فالإنسان الروحى فى بداية حياته الروحية تكون له رغباته التى قد تكون ضد مشيئة الروح القدس. وبمشيئته يقاوم تيار الروح القدس. ومشيئة الإنسان معبر عنها هنا بمفاصل الرجل، فالرجل هى التى تقود الإنسان فى سيره. ومع حداثة الإنسان الروحى، لا يكون قد أدرك العمق، وكأن المياه تغمر الكعبين فقط محاولة أن تظهر له إتجاه التيار، أى هو يشعر بما يريده الروح القدس أن يعمله، ولكن يكون للإنسان الحرية والمقاومة، فيمكنه أن يسير عكس إتجاه تيار الماء مع أنه شاعر بإتجاه التيار، وهذا ما يسمى بمقاومة الروح. وكلما دخل الإنسان الروحى للعمق يزيد عمق المياه. والعمق هنا هو الدخول للسماويات المعبر عنها برقم 1000 ذراع. وكلما زاد عمق المياه يزداد توجيه الروح القدس للشخص وتصل المياه للركبتين، وهذا يعنى أن الروح يزداد فى مقاومة الشخص فيجد صعوبة فى تنفيذ إرادته التى هى عكس إرادة الروح القدس، ثم بعد أن يدخل الإنسان إلى عمق آخر = يصل الماء إلى الحقوين، ومع إزدياد عمق المياه يكون السير ضد إتجاه التيار صعبا تماما. وهذا يعنى أنه كلما إزداد الإنسان الروحى عمقا تجد أن الروح القدس يمنعه من طريق يريده هو إلى الطريق الذى يريده الروح، مما يجبره على السير فى إتجاه التيار لإحساسه بمقاومته، وهذا معنى قول الله لبولس الرسول "صعب عليك أن ترفس مناخس" (أع9: 5). وفى كمال العمق الروحى يشعر الإنسان وكأنه محمولاً بالروح القدس. الروح يُسَيِّره ويحمله حسبما يشاء الروح (أع8: 39)، وقارن مع (إش 33: 21) "بل هناك الرب العزيز لنا مكان أنهار وترع واسعة الشواطئ لا يسير فيها قارب بمقذاف وسفينة عظيمة لا تجتاز فيها". فالقارب بمقذاف أى القارب الذى له إمكانية توجيه نفسه والسفينة العظيمة لها دفة وأشرعة تسير أينما تريد. ولكن الله لنا نهر يحملنا إلى حيث يريد هو. وقارن مع قول السيد المسيح لبطرس "لما كنت أكثر حداثة كنت تمنطق ذاتك وتمشى حيث تشاء. ولكنك متى شخت فإنك تمد يديك وآخر يمنطقك ويحملك حيث لا تشاء" (يو 21: 18). وقارن مع قول الرب لنيقوديموس "الريح تهب حيث تشاء... هكذا كل من ولد من الروح" (يو 3: 8). وهذا معنى "لتكن لا إرادتى بل إرادتك" وهذا ما نصليه دائماً "لتكن مشيئتك". هذه الأيات معزية جداً فهى دليل على أن الله يريد أن يوجه كنيسته ويحملها حتى تصل إلى السماء، هو الذى "يحمل السبعة كواكب فى يمينه" (رؤ 1: 16).

الأعداد 6-7

الآيات (6 - 7): -

"6 وَقَالَ لِي: «أَرَأَيْتَ يَا ابْنَ آدَمَ؟ ». ثُمَّ ذَهَبَ بِي وَأَرْجَعَنِي إِلَى شَاطِئِ النَّهْرِ. 7 وَعِنْدَ رُجُوعِي إِذَا عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ أَشْجَارٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ.".

الأشجار هم المؤمنين الذين يرويهم الروح القدس (مز1)، ويعطون ثمرهم فى أوانه.

العدد 8

آية (8): -

"8 وَقَالَ لِي: «هذِهِ الْمِيَاهُ خَارِجَةٌ إِلَى الدَّائِرَةِ الشَّرْقِيَّةِ وَتَنْزِلُ إِلَى الْعَرَبَةِ وَتَذْهَبُ إِلَى الْبَحْرِ. إِلَى الْبَحْرِ هِيَ خَارِجَةٌ فَتُشْفَى الْمِيَاهُ.".

البحر هنا هو البحر الميت وهو بحر مملوء ملحاً بنسبة عالية (راجع للملح الناتج من حريق سدوم). ويسمى بحيرة سدوم الكبريتية التى تقف عبرة للنقمة الإلهية. ولذلك لا يعيش فى هذه البحيرة أى كائنات بحرية. وهذا البحر يشير للعالم المملوء بالخطية. من يحيا فيه يموت من ملوحته "من يشرب من هذا الماء يعطش" كما قال الرب للسامرية. وهذا البحر عن يمين أورشليم أو شرقها لذلك كانت المياه تجرى إليه لتشفيه. هذا هو عمل الروح القدس أن يشفى الذين إنغمسوا فى حب العالم فماتوا روحيا، ويعطيهم حياة ثانية. ويكثر عدد الذين تم شفاءهم بعمل الروح القدس. وتنزل إلى العربة = العربة هى الصحراء أو الوادى المحيط بالبحر الميت.

العدد 9

آية (9): -

"9 وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ نَفْسٍ حَيَّةٍ تَدِبُّ حَيْثُمَا يَأْتِي النَّهْرَانِ تَحْيَا. وَيَكُونُ السَّمَكُ كَثِيرًا جِدًّا لأَنَّ هذِهِ الْمِيَاهَ تَأْتِي إِلَى هُنَاكَ فَتُشْفَى، وَيَحْيَا كُلُّ مَا يَأْتِي النَّهْرُ إِلَيْهِ.".

بل أن هذا البحر حينما يُشفَى يتحول لنهر فيقال هنا نهران. فالعالم غير المؤمن أصبح كنيسة أى نهراً آخر، وهذا ما قاله السيد المسيح "من آمن بى تجرى من بطنه أنهار ماء حى" (يو7: 37 – 39). قطعاً هذا من محبة الله فهو النهر الحقيقى ولكن هذا كما قال السيد عن نفسه "أنا نور" وقال "أنتم نور"، فنحن به ننير وهكذا الكنيسة بالروح القدس تصير نهراً وتفيض على شعبها. ويكون السمك كثيراً = السمك رمز للمؤمنين الذين يحيون وسط العالم ولا يموتون، وهذا مثل السمك يعيش فى البحر ولا يموت. ولذلك كان المسيحيون القدماء يرمزون للمسيحية برسم سمكة. بل أن كلمة سمكة باليونانية "إخثيس" = الحروف الأولى من "يسوع المسيح إبن الله مخلصنا". وزيادة السمك تشير لكثرة عدد المؤمنين الذين يشفيهم الروح القدس. هذه صورة معكوسة لما قاله إشعياء النبى (إش19: 5 – 10).

العدد 10

آية (10): -

"10 وَيَكُونُ الصَّيَّادُونَ وَاقِفِينَ عَلَيْهِ. مِنْ عَيْنِ جَدْيٍ إِلَى عَيْنِ عِجْلاَيِمَ يَكُونُ لِبَسْطِ الشِّبَاكِ، وَيَكُونُ سَمَكُهُمْ عَلَى أَنْوَاعِهِ كَسَمَكِ الْبَحْرِ الْعَظِيمِ كَثِيرًا جِدًّا.".

عين جدى تقع غرب البحر الميت فى منتصفه. وعين عجلايم تقع على شمال البحر الميت. والصيادون هم الكارزون والخدام الذين يستخدمهم الله ليصطادوا الناس.

عين جدى = عين تعنى ينبوع ماء. جدى = الجدى (من الماشية). ولكن أصل كلمة جدى فى العبرية يشير للتقسيم. عجلايم = عجلين (زوج من العجول).

البحر العظيم هو البحر الأبيض المتوسط.

ولاحظ أن تلاميذ المسيح كانوا صيادين أرسلهم الرب ليجمعوا ويصطادوا شعبه من كل العالم والذى يُرمز له بالبحر العظيم، والبحر الميت هو رمز للعالم الذى كان فى حالة موت قبل المسيح. وكان العالم منقسما قبل المسيح إلى يهود وأمم (أصل كلمة جدى فى معناها اللغوى تقسيم)، بل أن الخطية قسمت العالم الذى خلقه الله فى وحدة إلى قسمين (راجع معنى رقم 2 فى تفسير معانى الأرقام) والمسيح أتى ليجعل الإثنين واحدا (أف2: 14). وعَمِلَ الروح القدس مع التلاميذ والرسل ليجذبوا البشر إلى شباكهم (أى الإيمان بالمسيح والإنتماء إلى الكنيسة) ويصيرونهم كعجلين = لقد صار كلا اليهود والأمم مقبولين: -.

  1. العجل كان يقدم كمحرقة لإرضاء الله. والمعنى أن أولاد الله يقدمون أنفسهم كذبائح حية مرضية لله (رو12: 1).
  2. العجول حيوانات طاهرة (لا11).
  3. ولكن يقال عن أولاد الله أنهم فى فرحهم يمرحون أمامه مثل عجل (مز29).

ولاحظ أن لقاء الرسل مع الناس كان عند عين أى ينبوع إشارة للمعمودية، التى بها يولد الإنسان كإبن لله فيخلص.

العدد 11

آية (11): -

"11أَمَّا غَمِقَاتُهُ وَبِرَكُهُ فَلاَ تُشْفَى. تُجْعَلُ لِلْمِلْحِ.".

غمقاته = مستنقعاته وهذه مع بِرَكِه لا تشفى. وهذه المستنقعات هى أماكن مقفولة لا يطولها تيار الماء الجارى. هذه الأماكن المقفولة لا تنقيها المياه الجارية، فيطلق على مياهها مياه آسنة. وهذه المياه تشبه النفوس التى أَغلَقت على نفسها لا تريد أن الروح يشفيها فهذه تظل فى مستنقعها مملوءة بالملح وميتة. كخاطئ لا يريد أن يقدم توبة فلن يستطيع الروح القدس أن يشفيه فقد أغلق الباب أمامه (قارن مع نش5: 2، 3 + رؤ3: 20). وهناك بنفس الطريقة نجد إنسانا حزينا بسبب تجربة أصابته ويرفض أن يطلب تعزية وقد أغلق قلبه أمام عمل الروح.

العدد 12

آية (12): -

"12 وَعَلَى النَّهْرِ يَنْبُتُ عَلَى شَاطِئِهِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ كُلُّ شَجَرٍ لِلأَكْلِ، لاَ يَذْبُلُ وَرَقُهُ وَلاَ يَنْقَطِعُ ثَمَرُهُ. كُلَّ شَهْرٍ يُبَكِّرُ لأَنَّ مِيَاهَهُ خَارِجَةٌ مِنَ الْمَقْدِسِ، وَيَكُونُ ثَمَرُهُ لِلأَكْلِ وَوَرَقُهُ لِلدَّوَاءِ.".

هنا عكس الآية السابقة. فمن فتح قلبه لعمل الروح القدس سيشفى ويصبح كشجر له ثمر (مز1). بل أن ورقه للدواء. وهكذا إنسان الله مملوء ثمراً وحتى حديثه وكلامه يفرح، يعزى الحزين ويشجع الضعيف وإبتسامته فى سلامه تكون كدواء. فالورق يشير للمظهر، وهذا معنى "تجرى من بطنه أنهار ماء حى" (يو7: 38). فهناك من يمتلئ من الروح فيمتلئ فرحاً وسلاماً، وهناك من يفيض أى يكون مصدر فرح للحزانى ومصدر عزاء للمتألمين.

الأعداد 13-23

الآيات (13 - 23): -

"13« هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هذَا هُوَ التُّخْمُ الَّذِي بِهِ تَمْتَلِكُونَ الأَرْضَ بِحَسَبِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ، يُوسُفُ قِسْمَانِ. 14 وَتَمْتَلِكُونَهَا أَحَدُكُمْ كَصَاحِبِهِ، الَّتِي رَفَعْتُ يَدِي لأُعْطِيَ آبَاءَكُمْ إِيَّاهَا. وَهذِهِ الأَرْضُ تَقَعُ لَكُمْ نَصِيبًا. 15 وَهذَا تُخْمُ الأَرْضِ: نَحْوَ الشِّمَالِ مِنَ الْبَحْرِ الْكَبِيرِ طَرِيقُ حِثْلُونَ إِلَى الْمَجِيءِ إِلَى صَدَدَ، 16حَمَاةُ وَبَيْرُوثَةُ وَسِبْرَائِمُ، الَّتِي بَيْنَ تُخْمِ دِمَشْقَ وَتُخْمِ حَمَاةَ، وَحَصْرُ الْوُسْطَى، الَّتِي عَلَى تُخْمِ حَوْرَانَ. 17 وَيَكُونُ التُّخْمُ مِنَ الْبَحْرِ حَصْرَ عِينَانَ تُخْمَ دِمَشْقَ وَالشِّمَالُ شِمَالاً وَتُخْمَ حَمَاةَ. وَهذَا جَانِبُ الشِّمَالِ. 18 وَجَانِبُ الشَّرْقِ بَيْنَ حَوْرَانَ وَدِمَشْقَ وَجِلْعَادَ وَأَرْضَ إِسْرَائِيلَ الأُرْدُنُّ. مِنَ التُّخْمِ إِلَى الْبَحْرِ الشَّرْقِيِّ تَقِيسُونَ. وَهذَا جَانِبُ الْمَشْرِقِ. 19 وَجَانِبُ الْجَنُوبِ يَمِينًا مِنْ ثَامَارَ إِلَى مِيَاهِ مَرِيبُوثَ قَادِشَ النَّهْرُ إِلَى الْبَحْرِ الْكَبِيرِ. وَهذَا جَانِبُ الْيَمِينِ جَنُوبًا. 20 وَجَانِبُ الْغَرْبِ الْبَحْرُ الْكَبِيرُ مِنَ التُّخْمِ إِلَى مُقَابِلِ مَدْخَلِ حَمَاةَ. وَهذَا جَانِبُ الْغَرْبِ. 21فَتَقْتَسِمُونَ هذِهِ الأَرْضَ لَكُمْ لأَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ. 22 وَيَكُونُ أَنَّكُمْ تَقْسِمُونَهَا بِالْقُرْعَةِ لَكُمْ وَلِلْغُرَبَاءِ الْمُتَغَرِّبِينَ فِي وَسْطِكُمُ الَّذِينَ يَلِدُونَ بَنِينَ فِي وَسْطِكُمْ، فَيَكُونُونَ لَكُمْ كَالْوَطَنِيِّينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. يُقَاسِمُونَكُمُ الْمِيرَاثَ فِي وَسْطِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ. 23 وَيَكُونُ أَنَّهُ فِي السِّبْطِ الَّذِي فِيهِ يَتَغَرَّبُ غَرِيبٌ هُنَاكَ تُعْطُونَهُ مِيرَاثَهُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.".

هنا توزيع الأرض وهذا يشير لميراث ملكوت السموات والبركات التى حصلنا عليها بعمل المسيح. وهذا طبيعى أن يأتى بعد أن تكلم عن الروح القدس فى الآيات السابقة، وعن الشفاء، ومن يشفي فله نصيب في ميراث الملكوت. والخيرات التى حصلنا عليها من الروح هكذا لا تحصى حتى أن المسيح قال "خير لكم أن أنطلق فإنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى". وإشارة لهذه البركات يحدثنا هنا عن التقسيم. ويكون التقسيم بالقرعة (22) = فالله هو الذى يعطى، وإذا أعطى الله فهو "يعطى بسخاء ولا يُعيِّر" وكما قيل فى المزمور "الحبال وقعت لى فى أماكن حسنة" أى القرعة، والحبال تستخدم فى قياس الأرض عند التقسيم للميراث. فبركات الله لا تحصى فهو صانع خيرات. قارن مع (أف 1: 11) "الذى فيه نلنا نصيباً معينين سابقاً حسب قصد الذى يعمل كل شئ حسب رأى مشيئته". إذاً هذا التقسيم إشارة لعطايا الله المادية لنا ولبركات وثمار الروح القدس الآن ونحن هنا على الأرض، وأيضاً يشير لميراث الملكوت الأبدى. ولاحظ أن سبط يوسف أخذ نصيبين فهذا جزاء العفة = يوسف قسمان. وكان هذا نصيب البكر، فالأخ البكر يرث نصيبا ضعف إخوته. وهذا إشارة لأننا فى المسيح صرنا كنيسة أبكار (عب12: 23). فالمسيح الذى صار بكرا بين إخوة كثيرين (رو8: 29) ورث بجسده نفس مجد لاهوته الأزلى (يو17: 5 + عب1: 2). وهذا معنى أنه جلس عن يمين الآب أو جلس فى عرش الآب (مز110: 1 + رؤ3: 21). ونحن فيه صار لنا نصيبا فى هذا المجد = نجلس مع المسيح فى عرشه (رؤ3: 21).

ولاحظ أن الغرباء لهم نصيب وهذا إشارة لدخول الأمم (أيات 22، 23). ولكن كلمة غريب هنا فى الأصل اللغوى تختلف عما جاء فى (44: 7). فهنا تشير للغريب الذى يعيش بينهم (إشارة للأمم). أما فى (44: 7) فتعنى الأجانب الدخلاء بعاداتهم الغريبة المرفوضة من الله.

ملحوظة: - بالنسبة للرسم التالى البحر المتوسط المالح عن يسار أرض الميراث. والبحر الميت عن يمينها، إشارة لأن من هو خارج أرض الله يشرب ماءً مالحاً، إشارة إلى ملذات العالم الخاطئة. وهذه تؤدى للموت كمن يشرب الماء المالح فقط فهو يعطش ويموت.

ezekiel 14
.

معانى الأسماء الواردة فى تحديد أرض الميراث.

حثلون = يضمد أو يعصب / صدد = إسم سامى (نسبة إلى سام بن نوح) ويعنى جانب الجبل / حماة = حصن أو قلعة وتقع على تل / بيروثة = إسم عبرى معناه أبار / سبرائم = أمل مضاعف / حصَر = حظيرة أو مكان محصور ومسوَّر أو قرية / حوران = أصل الكلمة يشحب وجهه من الخجل / حصر عينان = قرية الينابيع / صافون = الكلمة تعنى فى العبرية الشمال وهناك إحتمال كبير أنها كانت مقرا لعبادة الإله الوثنى بعل صافون / ثامار = نخلة / مياه مريبوث = مريبوث كلمة عبرية تعنى خصام أو نزاع، فهناك ضرب موسى الصخرة بدلا من أن يكلمها فغضب الله وحرمه من دخول أرض الموعد / جلعاد = اسم مشتق من العبرية ومكون من شقين جل + عيد. جل = حجر وعيد = شاهد. إذاً جلعاد تعنى حجر الشهادة، وفى الأرامية يجر سهدوثا.

رفعت يدى لأعطى... = هذه صورة قسم، يشدد بها الله على أن الميراث الذى وعد به مؤكد وسنحصل عليه فى ملء الزمان. والحدود الشمالية فى ضوء معانى الكلمات: - نحو الشمال من البحر الكبير (البحر الكبير = هو خارج الحدود، ولا يوجد إنسان يعيش فى البحر، والمعنى أن من هو خارج أرض الله هو ميت) طريق حثلون (المسيح السامرى الصالح يبدأ يداوى ويضمد جراح من يدخل إلى شعبه تاركا العالم = البحر الكبير) إلى المجئ إلى صدد (من يبدأ يدخل إلى شعب الله يكون بجانب الجبال ومع نموه الروحى يصير هو نفسه جبل إش2: 2 + مز125: 1) حماة وبيروثة وسبرائم (الله يحصنهم ويملأهم رجاءً مضاعفاً ويفيض عليهم من بركات الروح القدس = أبار). ويدخلهم الله الراعى الصالح إلى حظيرة الخراف فى وسط شعبه = حصر الوسطى على تخم حوران = صاروا وسط حظيرة الخراف بعد أن كانت وجوههم شاحبة من الخجل، ولكن أيضا بعد أن يرى الإنسان كرم الله ومحبته يخجل ويمقت نفسه (حز36: 31) ويكون التخم من البحر حصر عينان (بعد أن كانوا أمواتا فى البحر نجد الله يعطيهم ينابيع = من آمن بى تجرى من بطنه أنهار ماء حى قال هذا عن الروح القدس) (يو7: 37 – 39). والشمال شمالا وتخم حماة = فى الكتاب بشواهد نجد أن كلمة الشمال تترجم.. وصافون شمالا، والمعنى أنه بدلا من ضياعهم وتوهانهم وراء الأصنام يحميهم الله فيكونوا كمن فى قلعة عالية على تل هى الكنيسة التى تحيا فى السماء.

وجانب الشرق بين حوران ودمشق وجلعاد وأرض إسرائيل الأردن = بدلا من شحوب الوجه من سيرتهم السابقة فى العالم = حوران، ودمشق كأقدم مدن العالم فهى تتخذ كرمز للعالم، خصوصا حين نحسب رقم الكلمة نجدها 444 والمعنى كمال الإنغماس فى حياة العالم (راجع معانى الأرقام فى سفر الخروج)، نجد أن الله يسكنهم فى جلعاد بجانب كنيسته السماوية، ووسط كنيسته = أرض إسرائيل الله (غل6: 16)، ويرويهم من نهر الأردن، أى يفيض عليهم من بركاته روحيا وماديا. وجلعاد = لاحظ أن جلعاد تفصل بين حوران ودمشق = خزى وجوه من يحيا فى خطايا العالم، وبين إسرائيل الأردن حيث بركات الله لشعبه. وحجر الشهادة فاصل بينهما، وكأن الله يقول ها قد وضعت أمامكم طريق الحياة والبركة فلا تختاروا طريق الموت.

وجانب الجنوب يمينا من ثامار إلى مياه مريبوث قادش = يصير شعب الله كالنخل يزهون "الصديق كالنخلة يزهو" (أم92: 12) بعد أن كانوا فى حالة خصام مع الله محرومين من أرض الميعاد (أى الميراث السمائى) فموسى النبى حُرِمَ من أرض الميعاد عند قادش حينما ضرب الصخرة مرتين بدلا من أن يكلمها (عد20: 6 – 12).

لاحظ فى آية16 قول الكتب 16حَمَاةُ وَبَيْرُوثَةُ وَسِبْرَائِمُ، الَّتِي بَيْنَ تُخْمِ دِمَشْقَ = حماة وبيروثة وسبرائم يمثلون الكنيسة التى يجعلها الله كحصن سماوى ولها رجاء مضاعف وبركات، هذه الثلاثة حماة وبيروثة وسبرائم على حدود دمشق = تخم دمشق. والمعنى أن على كل إنسان أن يختار بين حماية الله وبركاته وبين العالم وملذاته الخاطئة. وبنفس المعنى فقوله تخم حماة وحصر الوسطى التى على تخم حوران فإن حماة وحصر الوسطى هى حظيرة الله، والله هو الراعى الصالح للخراف. والمعنى أن على كل إنسان أن يختار بين رعاية الله لشعبه داخل كنيسته وبين البقاء خارجا فى حالة خزى الوجوه = حوران.

وجانب الغرب البحر الكبير من التخم إلى مقابل مدخل حماة. البحر الكبير = أى البحر الأبيض المتوسط وهذا يشير لمن يعيش فى ملذات العالم الخاطئة. والذى يعيش فيه يموت روحيا.

مدخل حماة = إن كانت حماة تعنى حصن، فمدخل حماة يشير للتائب الذى يحتمى بالحصن، ومن يرفض التوبة فهو يظل غارقا فى بحر العالم بملذاته وشهواته = مياهه المالحة، والتى من يشرب منها يعطش كما قال الرب للسامرية (يو4)، أما من يقرر التوبة تاركا البحر، معطيا للغرب ظهره، ناظرا للشرق وقد إختار المسيح شمس البر الذى يأتى من المشارق، فهذا قد إحتمى بالحصن = حماة. وكل من يتخذ هذا القرار ينطبق عليه قول سليمان الحكيم "إسم الرب برج حصين. يركض إليه الصديق ويتمنع" (أم18: 10). وبهذا نفهم أن مدخل حماة هو التوبة = والتوبة هى نية ثم قرار لمن هو فى البحر أن يغير طريقه، ويتجه إلى الشرق أى طالبا المسيح شمس البر. ونلاحظ أن كل من يقرر التوبة لايمكن أن يتركه الله بدون حماية، فالله يحمى ويحصن ويدافع عن كل من يحتمى به.

ملحوظة.

نلاحظ هنا أن هناك تركيز شديد على الحدود الشمالية، فمن الشمال كان الأعداء دائما يأتون (الأشوريون والبابليون والفرس واليونان والرومان). فعُرِف الشمال فى الكتاب المقدس بأنه مصدر هجمات العدو على شعب الله، ويكون التركيز على الحماية من الشمال هو لإعطاء الإطمئنان لشعب الله أنه يحميهم حماية كاملة ويكون لهم "مجداً فى وسطهم وسور من نار حولهم" (زك2: 5).

الشمال (حماية قوية = راجع معانى حثلون... إلى... حصر عينان).

(الآيات15 – 17).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.

الشرق من يأتى للمسيح من العالم الغرب (البحر الكبير).

آية (18) (البحر المتوسط) .

حيث المسيح شمس البر مدخل حماة = التوبة رمز لمن يحيا فى العالم.

فهناك كل البركة (الأردن) فى الموت.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.

الجنوب آية (19).

النتيجة: - كل من يترك العالم (البحر) متجها للمسيح ويدخل فى شعبه.

ويتمتع ببركات الأردن يكون كالنخلة (ثامار) وله نصيب فى السماء.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثامن والأربعون - سفر حزقيال - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح السادس والأربعون - سفر حزقيال - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر حزقيال الأصحاح 47
تفاسير سفر حزقيال الأصحاح 47