الأصحاح الرابع – سفر حزقيال – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر حزقيال – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الرابع

كان حكم الله قد صدر بحصار وخراب أورشليم، ولكن اليهود غير المؤمنين لم يصدقوا، وكانوا يوهمون أنفسهم أنهم سيعودون إليها قريباً، وربما فى مراسلات اليهود الباقين فى أورشليم مع أقربائهم فى السبى كانوا يوبخونهم على بقائهم فى السبى، وأن أورشليم ستنتصر على بابل. ولاحظ أن التهديد بخراب بابل لأورشليم كان يقال على فم أرمياء النبى فى أورشليم، وعلى فم حزقيال النبى فى أرض السبى. والشعب المتمرد هنا وهناك رفض كلام كلا النبيين ولكى يكسر الله كبريائهم أعطى للنبى هنا هذه الرؤيا الواضحة عن الحصار العتيد أن يحدث بواسطة بابل لأورشليم وهنا تم تمثيل أمرين: -.

أ) التحصينات التى ستقوم ضد المدينة. وهنا أُمِر النبى بصنع نموذج لأورشليم، وعليه أن يرقد مثبتاً نظره عليها كمن يحاصرها.

ب) تمثيل المجاعة الرهيبة التى ستتعرض لها أورشليم، وذلك بأن يأكل النبى كمية محدودة من الخبز والماء طوال مدة رقادة التى تمثل مدة حصار أورشليم.

الأعداد 1-8

الآيات (1 - 8): -

"1« وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ لِبْنَةً وَضَعْهَا أَمَامَكَ، وَارْسُمْ عَلَيْهَا مَدِينَةَ أُورُشَلِيمَ. 2 وَاجْعَلْ عَلَيْهَا حِصَارًا، وَابْنِ عَلَيْهَا بُرْجًا، وَأَقِمْ عَلَيْهَا مِتْرَسَةً، وَاجْعَلْ عَلَيْهَا جُيُوشًا، وَأَقِمْ عَلَيْهَا مَجَانِقَ حَوْلَهَا. 3 وَخُذْ أَنْتَ لِنَفْسِكَ صَاجًا مِنْ حَدِيدٍ وَانْصِبْهُ سُورًا مِنْ حَدِيدٍ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ، وَثَبِّتْ وَجْهَكَ عَلَيْهَا، فَتَكُونَ فِي حِصَارٍ وَتُحَاصِرَهَا. تِلْكَ آيَةٌ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ. 4« وَاتَّكِئْ أَنْتَ عَلَى جَنْبِكَ الْيَسَارِ، وَضَعْ عَلَيْهِ إِثْمَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ. عَلَى عَدَدِ الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا تَتَّكِئُ عَلَيْهِ تَحْمِلُ إِثْمَهُمْ. 5 وَأَنَا قَدْ جَعَلْتُ لَكَ سِنِي إِثْمِهِمْ حَسَبَ عَدَدِ الأَيَّامِ، ثَلاَثَ مِئَةِ يَوْمٍ وَتِسْعِينَ يَوْمًا، فَتَحْمِلُ إِثْمَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ. 6فَإِذَا أَتْمَمْتَهَا، فَاتَّكِئْ عَلَى جَنْبِكَ الْيَمِينِ أَيْضًا، فَتَحْمِلَ إِثْمَ بَيْتِ يَهُوذَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا. فَقَدْ جَعَلْتُ لَكَ كُلَّ يَوْمٍ عِوَضًا عَنْ سَنَةٍ. 7فَثَبِّتْ وَجْهَكَ عَلَى حِصَارِ أُورُشَلِيمَ وَذِرَاعُكَ مَكْشُوفَةٌ، وَتَنَبَّأْ عَلَيْهَا. 8 وَهأَنَذَا أَجْعَلُ عَلَيْكَ رُبُطًا فَلاَ تَقْلِبُ مِنْ جَنْبٍ إِلَى جَنْبٍ حَتَّى تُتَمِّمَ أَيَّامَ حِصَارِكَ.".

لبنة = تكون من طين ينقش عليه وهو طرى ثم تحرق فتصبح أَجُرَة وأرسم عليها مدينة أورشليم = قال الله قبل ذلك نقشتك على كفى إش 49: 16 وكانت أسماء أسباط إسرائيل ال12 منقوشة على حجارة كريمة على صدرة رئيس الكهنة. أما الآن فنظراً لخطاياهم البشعة، فهم بمدينتهم أورشليم منقوشون على قالب طوب حقير. وأقام النبى حول هذا النموذج لأورشليم برجاً ومترسة ليمثل أبراج المهاجمين. صاجاً من حديد = إشارة لأن هذا الحصار قوى جداً ولا يمكن الإفلات منه، وهو نهائى، والمحاصرين لن ينسحبوا ما لم يدمروا أورشليم تماماً. هذا الشعب ما عاد يفهم بالكلام لقساوة قلبه، فالله يصور له عن طريق النبى ما سيحدث = تلك آية لبيت إسرائيل إن الأسلوب الذى إتبعه الله عن طريق النبى هنا، هو أسلوب يتبع لمن يخاطب صم وبكم، فالنبى هنا لا يعظ ولا يتكلم، بل هو بنفسه صار آية = بحصاره لهذا النموذج ونومه على جانبه. وهم صاروا صم وبكم لأن الخطية تفقد الإنسان حواسه الروحيه فلا يعود الخاطئ يسمع ويفهم، بل يحتاج لمثل هذه العلامات، فربما يكون تأثير الصور على العقل أكبر فيفهموا، وربما أرسلوا لأقربائهم فى أورشليم أيضا لتحذيرهم. ولنلاحظ أن النبى نفذ ما طلب منه بالرغم من صعوبته وأيضاً فهو ضد رغبته الشخصية فهو كان يتمنى عدم خراب أورشليم ولا خراب الهيكل.

وكان على النبى أن يرقد على جانبه الأيسر لمدة 390 يوماً أى حوالى 13 شهراً ثم يتكئ على جانبه الأيمن لمدة 40 يوماً. وهذه المدة هى مدة حصار بابل لمدينة أورشليم. ولكن بالرجوع لسفر إرمياء 52: 4 – 6 نجد أن مدة الحصار كانت 18 شهراً... فما تفسير هذا؟ بالرجوع إلى إر 37: 5 – 8 نجد أن جيش بابل قد إنسحب لفترة بعيداً عن أورشليم ليواجه جيش فرعون. فتكون الفترة الإجمالية للحصار هى 18 شهراً شاملة الحصار الفعلى بالإضافة إلى فترة الإنسحاب (أنظر الرسم).

ezekiel 3
.

أى أن البابليين بدأوا حصاراً مدته 390 يوماً إنسحبوا بعده ليواجهوا جيش فرعون ثم عادوا لحصار قصير لمدة 40 يوماً نجحوا بعده فى تحطيم المدينة بعد أن ثغروا السور إر 52: 7.

حاملاً الإثم = ألام النبى فى هذا النوم على جانب واحد هى رمز لألام الشعب التى سيلاقونها فى الحصار. وحاملاً الإثم = أى حاملاً لعقوبة الإثم. هنا نسمع عن برئ يحمل عقوبة إثم الخطاة رمزاً لمن سيحمل أثامنا.

معنى الأرقام: - الـ 390 يوماً إشارة إلى مدة إنفصال مملكة إسرائيل عن يهوذا على يد يربعام بن نباط، وهذه المملكة إنجرفت فى تيار شرور العبادات الوثنية منذ نشأتها. ومملكة إسرائيل إنشقت حوالى سنة 975 ق. م. أما خراب أورشليم فكان سنة 586 ق. م إذن الفترة من الإنشقاق حتى خراب أورشليم = 390 سنة تماماً.

وتكون الـ 390 يوماً هى إشارة لكل المدة التى ظل فيها شعب مملكة إسرائيل يمارسون شرورهم منذ إنشقوا عن يهوذا وحتى خراب أورشليم. ولاحظ أن مملكة إسرائيل قد إنتهت على يد أشور سنة 722 ق. م. وهرب من هرب منهم إلى أورشليم ليحتموا بها، ولكنهم أتوا إلى أورشليم بخطاياهم. والله يعاقبهم هنا على كل سنة من خطاياهم بيوم حصار وهذا من مراحم الله. ولكن هناك كلام آخر فى العذاب الأبدى ونعود لعبارة حاملاً الإثم = فلو إستمع هذا الشعب الخاطئ لتحذيرات النبى وقدموا توبة لكان النبى قد حمل إثمهم، بألامه هو فى رقاده ولنجوا هم من الهلاك. والمسيح حمل إثمنا على الصليب، وبنفس المفهوم، فلو قدمنا توبة لخلصنا. ومعنى الـ40 يوماً: - هذه إشارة لإثم بيت يهوذا (المملكة الجنوبية) وهذه كانت أفضل حالاً من مملكة إسرائيل. ولكن كأس غضب الله قد إمتلأ من ذنبهم خلال أربعين سنة فقط بينما إسرائيل قد ملأت كأسها فى 390 سنة والسبب أن يهوذا كان لهم الهيكل والكهنوت بينما إسرائيل كانت محرومة من كل هذا. ومن له أكثر يدان أكثر. والأربعين سنة غالباً محسوبة منذ العثور على سفر الشريعة أيام يوشيا الملك، أو منذ بدأ إرمياء دعوته ونبوته، حتى حريق أورشليم. والمعلوم أن شعب يهوذا رفض إرمياء ورفضوا إنذاراته، بل عذبوه كثيراً.

وذراعك مكشوفة = كشف الذراع معناه الإستعداد للعمل بهمة. وهذا إشارة لتصميم الله على خراب أورشليم. وإذا فهمنا أن حزقيال (كحامل للإثم يرمز للسيد المسيح، فإن كشف الذراع يشير لتجسد المسيح إش 51: 9 + إش 51: 5 + 52: 10.

الأعداد 9-17

الآيات (9 - 17): -

"9« وَخُذْ أَنْتَ لِنَفْسِكَ قَمْحًا وَشَعِيرًا وَفُولاً وَعَدَسًا وَدُخْنًا وَكَرْسَنَّةَ وَضَعْهَا فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ، وَاصْنَعْهَا لِنَفْسِكَ خُبْزًا كَعَدَدِ الأَيَّامِ الَّتِي تَتَّكِئُ فِيهَا عَلَى جَنْبِكَ. ثَلاَثَ مِئَةِ يَوْمٍ وَتِسْعِينَ يَوْمًا تَأْكُلُهُ. 10 وَطَعَامُكَ الَّذِي تَأْكُلُهُ يَكُونُ بِالْوَزْنِ. كُلَّ يَوْمٍ عِشْرِينَ شَاقِلاً. مِنْ وَقْتٍ إِلَى وَقْتٍ تَأْكُلُهُ. 11 وَتَشْرَبُ الْمَاءَ بِالْكَيْلِ، سُدْسَ الْهِينِ، مِنْ وَقْتٍ إِلَى وَقْتٍ تَشْرَبُهُ. 12 وَتَأْكُلُ كَعْكًا مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ». 13 وَقَالَ الرَّبُّ: «هكَذَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ خُبْزَهُمُ النَّجِسَ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهِمْ». 14فَقُلْتُ: «آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، هَا نَفْسِي لَمْ تَتَنَجَّسْ. وَمِنْ صِبَايَ إِلَى الآنَ لَمْ آكُلْ مِيتَةً أَوْ فَرِيسَةً، وَلاَ دَخَلَ فَمِي لَحْمٌ نَجِسٌ». 15فَقَالَ لِي: «اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ الْبَقَرِ بَدَلَ خُرْءِ الإِنْسَانِ، فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ». 16 وَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، هأَنَذَا أُكَسِّرُ قِوَامَ الْخُبْزِ فِي أُورُشَلِيمَ، فَيَأْكُلُونَ الْخُبْزَ بِالْوَزْنِ وَبِالْغَمِّ، وَيَشْرَبُونَ الْمَاءَ بِالْكَيْلِ وَبِالْحَيْرَةِ، 17لِكَيْ يُعْوِزَهُمُ الْخُبْزُ وَالْمَاءُ، وَيَتَحَيَّرُوا الرَّجُلُ وَأَخُوهُ وَيَفْنَوْا بِإِثْمِهِمْ».".

قارن هذه الأيات بالمراثى حيث يصف إرمياء أهوال الحصار مرا 4: 3، 4. وهنا أُمِر النبى أن يأكل نوعية رديئة من الخبز بكميات قليلة جداً إشارة للمجاعة التى ستحدث، ومعنى الوزن للأكل عدم وفرته وإضطرارهم لتوزيعه بالوزن. وأسوأ أنواع الخبز هو المصنوع من الحبوب المذكورة وهو طعام كانوا يستعملونه للخيل وللخنازير. والكمية التى يأكلها كانت = 220 جم تقريباً، ويشرب ما يساوى 1 / 2 كوب ماء. وهذا إشارة لأهوال الحصار. فعلينا نحن إذاً فى أصوامنا أن نلتزم بأن لا نبحث عن الطعام اللذيذ، فنحن لا نعرف ما سيحدث فى المستقبل. أما طريقة الخَبْزْ.. فعليه أن يخبز الخبز على وقود من خرء الإنسان (برازه) وهذا إشارة لنتائج الخطية التى تنجس. الله بهذا الأمر يشير لنجاسة الشعب إذ أن خرء الإنسان فى العهد القديم يشير للنجاسة، ومن يتلامس معه يتنجس، وإعتذر النبى عن هذا الأمر، وتسامح الله معه، وسمح له بإستخدام روث البقر كما يصنع فى الريف المصرى "هنا النبى لم يكن يعلم أن ما يدخل الفم لا ينجسه بل ما يخرج منه. وكم أنت رحيم يارب فى أن يتنازل عن مطلبه أمام مطلب النبى. هكذا على الأقوياء أن يتنازلوا للضعفاء. ويشير أيضاً الخبز على خرء الإنسان لأن المسبيين سيضطرون فى أثناء وجودهم فى السبى أن يعاشروا الأمم الوثنية ويأكلوا معهم ومن طعامهم وفى هذا نجاسة. ويشير أيضاً لعدم وجود وقود نتيجة للحصار. والله طلب هذا كإجابة على سؤال يسأله كل البشر... لماذا يتألم الانسان؟ والإجابة ان هذا نتيجة عمله. فما يخرج من الانسان يعبر عما في داخله، والداخل نجاسة (إر17: 9) كخزان الخارج منه يعبر عما فيه. والطعام هو حياتنا، والوقود المستخدم لإنضاج الطعام هو شهواتنا الفاسدة العفنة التى تحركنا.

ولاحظ كيف شرح الوحى هذه الفكرة فى (هوشع 7: 3 – 7) وراجع تفسير هوشع النبى.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الخامس - سفر حزقيال - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثالث - سفر حزقيال - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر حزقيال الأصحاح 4
تفاسير سفر حزقيال الأصحاح 4