الأصحاح الثالث والأربعون – سفر حزقيال – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر حزقيال – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثالث والأربعون

الإصحاح الثالث والأربعون.

ذهب به الروح إلى الباب الشرقى فى ذات الموضع الذى منه إنطلقت المركبة الكاروبيمية لتفارق بيت الله (10: 19) ثم يفارق الله المدينة كلها (إصحاح 11) بسبب خطايا الشعب. والآن بعد تأسيس هذا الهيكل الفخم صار مشابهاً للأجسام التى تكونت من العظام اليابسة وإكتست لحماً وأعصاباً ثم حل فيها الروح. هكذا فى هذا الهيكل حل فيه مجد الله. وكم كان الله الذى "لذاته مع بنى آدم" (أم8: 31) مشتاقاً لهذه اللحظة. والمجد الإلهى جاء من الشرق معلناً أن عودة المجد الإلهى إلى الطبيعة البشرية إنما يتحقق بمجئ السيد المسيح "شمس البر" (مل 4: 2) والمسيح ظهر نجمه فى المشرق. ولهذا يصرخ الشماس "وإلى الشرق أنظروا". والكنيسة تصلى نحو الشرق كتقليد، فنحن فى إشتياق دائم لمجئ المسيح الثانى فى مجده لنتمجد معه.

العدد 1

آية (1): -

"1ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى الْبَابِ، الْبَابِ الْمُتَّجِهِ نَحْوَ الشَّرْقِ.".

الأعداد 2-12

الآيات (2 - 12): -

"2 وَإِذَا بِمَجْدِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ جَاءَ مِنْ طَرِيقِ الشَّرْقِ وَصَوْتُهُ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ، وَالأَرْضُ أَضَاءَتْ مِنْ مَجْدِهِ. 3 وَالْمَنْظَرُ كَالْمَنْظَرِ الَّذِي رَأَيْتُهُ لَمَّا جِئْتُ لأُخْرِبَ الْمَدِينَةَ، وَالْمَنَاظِرُ كَالْمَنْظَرِ الَّذِي رَأَيْتُ عِنْدَ نَهْرِ خَابُورَ، فَخَرَرْتُ عَلَى وَجْهِي. 4فَجَاءَ مَجْدُ الرَّبِّ إِلَى الْبَيْتِ مِنْ طَرِيقِ الْبَابِ الْمُتَّجِهِ نَحْوَ الشَّرْقِ. 5فَحَمَلَنِي رُوحٌ وَأَتَى بِي إِلَى الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ، وَإِذَا بِمَجْدِ الرَّبِّ قَدْ مَلأَ الْبَيْتَ، 6 وَسَمِعْتُهُ يُكَلِّمُنِي مِنَ الْبَيْتِ، وَكَانَ رَجُلٌ وَاقِفًا عِنْدِي. 7 وَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، هذَا مَكَانُ كُرْسِيِّي وَمَكَانُ بَاطِنِ قَدَمَيَّ حَيْثُ أَسْكُنُ فِي وَسْطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يُنَجِّسُ بَعْدُ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ اسْمِي الْقُدُّوسَ، لاَ هُمْ وَلاَ مُلُوكُهُمْ، لاَ بِزِنَاهُمْ وَلاَ بِجُثَثِ مُلُوكِهِمْ فِي مُرْتَفَعَاتِهِمْ. 8بِجَعْلِهِمْ عَتَبَتَهُمْ لَدَى عَتَبَتِي، وَقَوَائِمَهُمْ لَدَى قَوَائِمِي، وَبَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حَائِطٌ، فَنَجَّسُوا اسْمِي الْقُدُّوسَ بِرَجَاسَاتِهِمِ الَّتِي فَعَلُوهَا، فَأَفْنَيْتُهُمْ بِغَضَبِي. 9فَلْيُبْعِدُوا عَنِّي الآنَ زِنَاهُمْ وَجُثَثَ مُلُوكِهِمْ فَأَسْكُنَ فِي وَسْطِهِمْ إِلَى الأَبَدِ. 10« وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَأَخْبِرْ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ عَنِ الْبَيْتِ لِيَخْزَوْا مِنْ آثَامِهِمْ، وَلْيَقِيسُوا الرَّسْمَ. 11فَإِنْ خَزُوا مِنْ كُلِّ مَا فَعَلُوهُ، فَعَرِّفْهُمْ صُورَةَ الْبَيْتِ وَرَسْمَهُ وَمَخَارِجَهُ وَمَدَاخِلَهُ وَكُلَّ أَشْكَالِهِ وَكُلَّ فَرَائِضِهِ وَكُلَّ شَرَائِعِهِ، وَاكْتُبْ ذلِكَ قُدَّامَ أَعْيُنِهِمْ لِيَحْفَظُوا كُلَّ رُسُومِهِ وَكُلَّ فَرَائِضِهِ وَيَعْمَلُوا بِهَا. 12هذِهِ سُنَّةُ الْبَيْتِ: عَلَى رَأْسِ الْجَبَلِ كُلُّ تُخْمِهِ حَوَالَيْهِ قُدْسُ أَقْدَاسٍ. هذِهِ هِيَ سُنَّةُ الْبَيْتِ.".

الإصحاح السابق سمعنا فيه عن الدخول إلى أعماق جديدة وعلاقة داخلية جديدة مع المسيح على مستوى الإتحاد به عن طريق سر الإفخارستيا كما سبق وقلنا.

ولكن كيف يعطينا المسيح سر الإفخارستيا هذا؟

كان هذا بالصليب، والإفخارستيا هى إمتداد لذبيحة الصليب.

وكيف يصلب ويموت إبن الله الحى الذى لا يموت؟

كان هذا بالتجسد. وهنا فى هذا الإصحاح نسمع عن التجسد. والتجسد هو إتحاد لاهوت ابن الله له كل المجد بجسد (ناسوت) أخذه من العذراء مريم. فالعذراء مريم كانت الباب الذى دخل منه ابن الله شمس البر للبشرية = الباب المتجه نحو الشرق. وقارن مع الآيات (حز44: 1 – 3). ولأنه شمس البر أتى من الباب الشرقى. وإذا بمجد إله إسرائيل جاء من طريق الشرق (آية2). جاء مجد إله إسرائيل (أى لاهوت الابن) جاء ليتحد بجسد ونراه فى الهيئة كإنسان، لذلك رآه حزقيال كرجل = وكان رجلٌ واقفا عندى (آية6) = ابن الله "تجسد وتأنس" وصار إنسانا كاملا وشابهنا فى كل شئ إلا أنه كان بلا خطية. "والكلمة صار جسدا وحلَّ بيننا ورأينا مجده...." (يو1: 14).

وصوته كصوت مياهٍ كثيرة = المياه تشير للروح القدس، فالروح القدس هو الذى حلَّ على العذراء مريم ليحدث فى بطنها هذا الإتحاد العجيب بين لاهوت الإبن وجسده الذى أخذه منها. وأيضا بعد أن جلس المسيح عن يمين الآب أرسل الروح القدس يوم الخمسين ليؤسس الكنيسة جسد المسيح. والأرض أضاءت من مجده = فالمسيح هو نور العالم (يو8: 12). ويشرح الوحى على فم حزقيال أن الابن بلاهوته ومجده أتى إلى العالم متحدا بجسد بشريتنا عن طريق العذراء فى (أيات3، 4)، فالنبى رأى نفس المنظر الذى رآه لعرش الله والمركبة الكاروبيمية من قبل. وهذا الإله الذى رآه على عرشه هو نفسه الذى تجسد من بطن العذراء. ولما دخل الابن إلى العالم دخل المجد إلى العالم "أكون مجدا فى وسطها" (زك2: 5) والمسيح وسط كنيسته وللأبد.

والمنظر الذى رأيته كالمنظر الذى رأيته لما جئت لأخرب المدينة = (راجع إصحاحات 8 – 11) وقوله لما جئت لأخرب المدينة يعنى أنه تنبأ بهذا "لأجل هذا تنبأ عليهم تنبأ يا ابن آدم" (حز11: 4). والرب أوحى لحزقيال بما قاله ثم نفذه. والمناظر كالمنظر الذى رأيت عند نهر خابور = أى عرش الله والكاروبيم وكل ما صاحبه من نور ومجد.

وفى (آية7) أسكن فى وسط بنى إسرائيل إلى الأبد = إسرائيل هنا هى الكنيسة "إسرائيل الله" (غل6: 16). وهذا لأن الله يقول بعد هذا مباشرة ولا ينجس بعد بيت إسرائيل إسمى القدوس.... فهم نجسوه من قبل (آية8). ولكن من يؤمن فيهم بالمسيح ويتوب يقبله المسيح = فليبعدوا عنى الآن زناهم... فأسكن فى وسطهم إلى الأبد. وفى (آية10) يطلب الرب من النبى أن يشرح للجميع يهود ومسيحيين عن الثمن الذى دفعه المسيح ليؤسس الكنيسة = ليقيسوا الرسم. فيخزوا من خطاياهم التى سببت للمسيح كل هذه الآلام.

صوته كصوت مياه كثيرة = قارن مع (رؤ 1: 15). أى أن هذا الذى جاء هو المسيح نفسه، صوته مرعب كصوت مياه كثيرة بالنسبة للخطاة، وبالنسبة لأحبائه فالمياه الكثيرة تشير لفيض نعمته عليهم وحلول الروح عليهم. والأرض أضاءت = لأنه هو نور العالم + (أف 5: 8). وحينما رأى هذا المنظر ثانية خر على وجهه وحمله الروح للدار الداخلية وإذا بمجد الرب قد ملأ البيت = فكل مجد إبنة الملك من داخل. ولنلاحظ أن هذا هو عمل الروح القدس أن يكشف لنا مجد المسيح فى الداخل "يأخذ مما لى ويخبركم" (يو16: 14 + 1كو 2: 9، 10). مكان كرسييّ ومكان باطن قدمىَّ حيث أسكن = هذا التعبير كان يقال من اليهود عن هيكل أورشليم، ولكن المسيح ابن الله تجسد فعلا ووطأت قدماه على أرضنا = مكان باطن قدمىَّ، وصلب فى هذا المكان، وبصليبه ملك على قلوب شعبه = مكان كرسيىَّ. ولكن الآن تعنى العبارة الكنيسة هيكل جسد المسيح فى كل مكان. فهو حل وسطنا وسكن فينا نحن جسده وأصبحنا أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه. ولا نجد هنا سحابة فالرؤيا الآن أوضح كثيراً جداً من العهد القديم. وكان رجلاً واقفاً عندى = هذا الرجل هو السيد المسيح كإعلان عن تجسده وأن تجسده هو الطريق لهذا المجد للكنيسة.

ولكن هناك شرط ليبقى مجد الله وسطنا، ولنكون حجارة حية فى هيكل جسد المسيح ألا وهو التوبة والنقاوة = لا ينجس بيت إسرائيل إسمى القدوس لا هم ولا ملوكهم = هم وملوكهم بخطاياهم جلبوا على أنفسهم كل هذه الأحكام. ولكن غالباً كلمة ملوكهم المقصود بها الأوثان التى سموها ملوكاً فهكذا كان إسم الإله عند الوثنيين بعل أو مولوك أى سادة عليهم فمعنى كلمة بعل = سيد ومولوك = ملك. ولكن الله يسمى هؤلاء السادة جثث ملوكهم = فهى ليست آلهة بل موت ونجاسة، والجثث تعنى نجاسة. والعجيب أنهم جعلوا عتبتهم لدى عتبة الله = أى أن مساكنهم كانت ملتصقة ببيت الله ( = صاروا جيرانا لبيت الله) ولكنهم لم يستطيعوا أن يتقدسوا، وللأسف فهذا حال كثيرين ممن فى الكنيسة ملتصقين بالله ولكنهم بعيدين بقلوبهم عنه. إلا أن عبارة جثث ملوكهم = يمكن فهمها على المؤمنين الآن، فالله جعلنا ملوكاً وكهنة (رؤ 1: 9)، وجعلنا ملتصقين به وقريبين جداً منه = عتبتهم لدى عتبة الله ولكننا مع وجودنا فى هيكله ننجس هذا المكان الطاهر ولا نستفيد من وجودنا فيه. فالله فى وسطنا يسكن وقادر أن يطهرنا فنصير أحياء وليس جثث ملوك. وليقيسوا الرسم = المعنى أن عليهم أن يعرفوا ويفهموا حجم الخيرات التى أعدها الله لهم. وعلينا أن لا نكون كالإبن الأكبر للإبن الضال نحسب أن خيرات الله هى العطايا المادية، بل علينا أن تنفتح عيوننا على عطايا الله الروحية. وبالنسبة للعهد القديم فهم سيسعدون بأن الله سيقيم لهم هيكل أفخم من الهيكل الأول. وبالنسبة لنا فهذا الهيكل هو جسده، وهو يحل فينا بمجده وحينما نعرف هذا علينا أن نخجل من خطايانا. ولنعرف أن الجبل كله قدس أقداس = أى الكنيسة كلها، فلم يعد هناك قدس أقداس منفصل، بل الجسد، جسد المسيح أى الكنيسة كلها مقدسة.

الأعداد 13-17

الآيات (13 - 17): -

"13« وَهذِهِ أَقْيِسَةُ الْمَذْبَحِ بِالأَذْرُعِ، وَالذِّرَاعُ هِيَ ذِرَاعٌ وَفِتْرٌ: الْحِضْنُ ذِرَاعٌ، وَالْعَرْضُ ذِرَاعٌ، وَحَاشِيَتُهُ إِلَى شَفَتِهِ حَوَالَيْهِ شِبْرٌ وَاحِدٌ. هذَا ظَهْرُ الْمَذْبَحِ. 14 وَمِنَ الْحِضْنِ عِنْدَ الأَرْضِ إِلَى الْخُصْمِ الأَسْفَلِ ذِرَاعَانِ، وَالْعَرْضُ ذِرَاعٌ. وَمِنَ الْخُصْمِ الأَصْغَرِ إِلَى الْخُصْمِ الأَكْبَرِ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ، وَالْعَرْضُ ذِرَاعٌ. 15 وَالْمَوْقِدُ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ. وَمِنَ الْمَوْقِدِ إِلَى فَوْقُ أَرْبَعَةُ قُرُونٍ. 16 وَالْمَوْقِدُ اثْنَتَا عَشَرَةَ طُولاً، بِاثْنَتَيْ عَشَرَةَ عَرْضًا، مُرَبَّعًا عَلَى جَوَانِبِهِ الأَرْبَعَةِ. 17 وَالْخُصْمُ أَرْبَعَ عَشَرَةَ طُولاً بِأَرْبَعَ عَشَرَةَ عَرْضًا عَلَى جَوَانِبِهِ الأَرْبَعَةِ. وَالْحَاشِيَةُ حَوَالَيْهِ نِصْفُ ذِرَاعٍ، وَحِضْنُهُ ذِرَاعٌ حَوَالَيْهِ، وَدَرَجَاتُهُ تُجَاهَ الْمَشْرِقِ».".

قلنا سابقا أن المسيح تجسد ليصلب ويموت، لذلك تأتى الآيات الآتية لتشرح لماذا قبل المسيح الصليب. ولكن لنفهم أن الصليب قَبِلَه المسيح وعلينا أن نقبله نحن أيضا، فهو طريق الكمال. وفيما يلى سنرى مقاييس المذبح ومعناها. ونرى فى الجدول الآتى لماذا قبل المسيح الصليب، والدوافع التى تجعلنا نحن أن نقبله. إذ تحدث عن عودة مجد الرب تكلم عن التوبة. ولكن توبة بدون دم المسيح هى بلا فائدة، لذلك جاء الحديث مباشرة عن المذبح، وقطعاً نحن لا ننتظر أن يوجد مذبح الآن تقدم عليه ذبائح حيوانية، فهذه لا مكان لها فى العبادة بعد أن قدم المسيح نفسه على الصليب. ولكن هذا المذبح يشير لأن المسيح قد قدم نفسه ذبيحة عنا، ومازالت الكنيسة فى كل قداس تقدم ذبيحة الإفخارستيا، وهى تعطى لمغفرة الخطايا. ويشير المذبح، للصليب الذى قبله المسيح شفيعنا الذى يشفع فينا بدمه وللأبد.

ويشير لنا نحن الذين يجب علينا أن نقدم أنفسنا ذبائح حية مقدسة (رو12: 1). بل يجب أن تكون هذه حياتنا أن نمات لأجل المسيح كل النهار (رو8: 36). فتظهر حياة المسيح فى جسدنا المائت (2كو4: 10).

ولكن لنلاحظ أن أبعاد هذا المذبح لا معنى لها لو تم تنفيذها حرفياً طبقاً للقياسات الموجودة هنا. فطول هذا المذبح (إرتفاعه) = 2 + 4 + 4 + 4 = 14 ذراع أى حوالى 7 متر. ومن يتصور أن كل هذا سيتم تنفيذه حرفياً، يقول أن هناك كهنة يقفون على الحضن ويتسلمون الذبائح ليسلموها لكهنة آخرين واقفين على الخصم الأسفل، وهؤلاء يضعون الذبيحة فى نيران الموقد!! فما معنى هذا؟ هذا لا يمكن فهمه إلا بالمعنى الرمزى ولنلاحظ: -.

الحضن = 18 ذراع = 2 × 9 (9 رقم الدينونة).

الخصم الأسفل = 16 ذراع = 2 × 8 (8 رقم الأبدية السعيدة).

الخصم الأعلى = 14 ذراع = 2 × 7 (7 رقم الكمال).

الموقد (الصليب) = 12 × 12 ذراع (12 هم شعب الله شركاء صليب المسيح).

ومعنى الأرقام أن من يأتى للمذبح، يكون أول ما يجذبه هو الخوف من الدينونة، ولكنه حينما ينضج روحياً تنفتح عيناه ليرى الأبدية السعيدة فيفرح بالمسيح الذى أعد له هذا. ومع إستمرار النضج، يكمل الشخص ويفرح بالمسيح الذى بمحبته يكمله ويعده للسماء، فيثبت فى المسيح الكامل، وهذا هو الكمال (كو1: 28). والمسيحى الكامل يفرح بأن يشترك مع المسيح فى ألامه وصليبه، فيقبل أن يُلقَى فى موقد التجارب والألم متقبلاً الصليب فى حب. وهذا ما قاله بولس الرسول تماماً "من سيفصلنا عن محبة المسيح أشدة أم... من أجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح" (رو 8: 35، 36). ولاحظ أن أبعاد الموقد 12 × 12 وهذا إشارة لشعبَىْ الله، شعب العهد القديم وشعب العهد الجديد. ولاحظ تكرار رقم 2 (2 × 9، 2 × 8، 2 × 7) فرقم 2 هو رقم ابن الله الأقنوم الثانى، وهو رقم المسيح المتجسد الذى قدم نفسه ذبيحة ليجعل الإثنين واحداً.

ومحبة المسيح الذى سبق وقدم نفسه ذبيحة عنا هى ما تدفعنا لأن نقدم أنفسنا ذبائح، سواء حية (بصلب أهوائنا مع شهواتنا) أو ذبائح حقيقية (كالشهداء)، "فنحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً" (1يو 4: 19). ولذلك نجد أقيسة المذبح بالأذرع والذراع هو ذراع وفتر = الفتر هو المسافة الممتدة من السبابة إلى رأس الإبهام إذا كانت الأصابع منفرجة بقدر ما يمكن. والذراع هنا يشير للمسيح ذراع الله الذى تجسد ليقدم نفسه ذبيحة (إش 51: 5، 9 + 59: 1). والفتر يشير لجهادى فى أن أقدم نفسى ذبيحة، جهاد بقدر ما أستطيع. ونلاحظ أن القصبة المستخدمة فى قياسات كل المبنى كانت ذراع وشبر (حز40: 5) والشبر هو المسافة الممتدة من رأس الإبهام إلى رأس الخنصر إذا إنفرجا وإمتدا بقدر ما يمكن. والشبر أطول من الفتر، والسبب واضح فالشبر هو جهادى.

ezekiel 11
.

لبنائى روحيا كحجر حى فى هيكل الله (كالصلاة والخدمة...). أما الفتر فهو جهادى لأجل قبول الصليب وتقديم نفسى ذبيحة حية، وتقديم النفس ذبيحة حية أصعب ولكنه طريق الكمال، لكن الدوافع النفسية لقبول الصليب ضعيفة لذلك وضع قياساتها بالفتر. والله الذى يعلم ضعف الإنسان لقبوله ألام الصليب يساعده ويعطيه معونة "بل سيجعل مع التجربة أيضا المنفذ لتستطيعوا أن تحتملوا" (1كو10: 13). ونلاحظ أنه قيل عن المسيح أنه يَكْمُل بالألام أى ليشابهنا فى كل شئ حتى الألام والأحزان، ونحن نكمل بالألام لنتنقى ونشبه المسيح.

أما الكهنة الواقفين على درجات المذبح ليتسلموا الذبائح ويسلموها لمن فى الدرجة الأعلى، حتى تصل للموقد، فهذا يشير أولاً للمسيح كاهننا الأعظم الذى يعمل فينا لنكمل، وثانياً لكهنة الكنيسة وخدامها الذين يعمل فيهم الروح القدس فيحملون لنا التعليم الصحيح فنصل للكمال ونقبل أن نقدم أنفسنا ذبائح.

الحضن = هو جزء الأساس الملامس للأرض مباشرة. وهو القاعدة الأساس الذى يستقر عليه كل المذبح. وقيل عنه الحضن فهو يطوق ويحيط بكل المذبح وهو الأساس لكل المذبح، لذلك لنا أن نقول أنه يشير للمسيح الذى هو أساس الكنيسة وهو يحتضنها بل يحملها كما نرى فى سفر الرؤيا أنه يحمل ملائكة الكنائس (رؤ2: 1). وهو "حامل كل الأشياء بكلمة قدرته" (عب1: 3).

والقاعدة أى الحضن إرتفاعها 2 ذراع، فرقم 2 يشير للتجسد الذى حدث ليمكن للمسيح أن يقدم نفسه على هذا المذبح ويموت، فاللاهوت لا يموت.

الحضن ذراع والعرض ذراع = حينما ننظر إلى رسم المذبح نجد أبعاد الخصم الأعلى 14 × 14. والخصم الأسفل يزداد بمقدار عرض الخصم، والعرض ذراع من كل ناحية. فتكون قياسات الخصم الأعلى 16 × 16 = (14 + 2). وبنفس الطريقة تكون قياسات الحضن 18 × 18 ذراع. فما معنى القول أن الحضن ذراع والعرض ذراع. المعنى سبق شرحه فى (حز40: 5). ونقول هنا بنفس الطريقة أن الذراع هنا إشارة للعمل الكامل، فسواء الطول أو العرض أو الأساس فعمل الله كامل. فالمسيح هو "الذى داس المعصرة وحده" (إش63: 3). والمسيح تمم الفداء كاملا بصليبه.

وإذا كان الذراع هو ذراع وفتر فهذه هبة أعطاها لنا المسيح أن نتألم معه (فى1: 29)، ومن يتألم معه سيتمجد أيضا معه (رو8: 17).

وحاشيته إلى شفته حواليه شبر واحد = الحاشية هى كورنيش أو برواز كسور يدور حول الحضن. وهو لحماية الكهنة الواقفين عليه. ومرة أخرى نرى إستحالة تنفيذ هذا عمليا. فعرض الحضن حيث يقف الكاهن = ذراع ويقتطع منه عرض الكورنيش وهو شبر!! فأين يقف الكاهن وكيف يحفظ إتزانه بل وعلى إرتفاع يصل إلى 5 أمتار عن الأرض وليضع الذبيحة على الموقد الذى هو أيضا على إرتفاع 2 متر؟! لكن هذا الكلام لا يفهم سوى رمزيا. فالمسيح قام بعمل الفداء ويدعونا لأن نحمل معه الصليب، وهذا يعتبر كرامة لنا. ومن يقبل يعينه المسيح ويحمله حَملاً، ولكن ثباته متوقف على قبوله الإستمرار وجهاده، لذلك كان قياس السور شبر = وهو دور الإنسان نفسه وإستمراره فى جهاده. وأما من يرفض وينجذب لمحبة العالم ثانية سيسمع قول المسيح... أنت حر وإذا أردت أن تتركنى "أنا مزمع أن أتقيأك من فمى" (رؤ3: 16). وبهذا يتكرر القول أن كلٌ منا supported but not fastened وراجع شرح الآيات (حز41: 6، 7). ولكن كان هذا بالنسبة للحضن وهو المستوى الأول للإقتراب من الصليب. هذا ظهر المذبح = كلمة ظهر جاءت فى الترجمة الإنجليزية higher place of the altar وتأتى الكلمة بمعنى المشهور أو الرئيس فالحضن إشارة للمسيح الملك الذى يحمل الكنيسة، هو صُلِبَ لأجلها وهى تقبل الصليب حباً فيه.

وفوق الحضن نجد الخُصم الأسفل وفوقه الخُصم الأعلى. وكلمة خُصم تعنى المقعد. إذاً كأن هناك قاعدتين يحملان الموقد الذى تحرق عليه الذبائح.

وإرتفاع كل من الخصم الأسفل والخصم الأعلى والموقد ثابت وهو 4 ذراع. ورقم 4 هو رقم العمومية، فالكل مدعو للصليب "ومن لا يحمل صليبه ويأتى ورائى فلا يقدر أن يكون لى تلميذا" (لو14: 27).

ولكن حين يصل الإنسان للمستوى الأعلى = الخُصم = إذ يقرر قبول الصليب فنسمع هذا والحاشية حواليه نصف ذراع = وطالما قياس السور بالذراع تكون الحماية إلهية بالكامل. وراجع معنى رقم 2 / 1 فى مقدمة خيمة الإجتماع (سفر الخروج) ويكون المعنى أننا لن ندرك مدى الحماية الإلهية إلا حينما نختبرها، وذلك كما قالت ملكة سبأ للملك سليمان بعد رؤيتها لمجد سليمان وعظمته، عما سمعته عنه وهى بعد فى بلدها "فهوذا النصف لم أخبر به" (1مل10: 7) أى ما سمعته كان كلا شئ مما رأيته وإختبرته حينما أتيت إلى قصر الملك فى أورشليم. وعن الحماية الإلهية قال الرب "لأنكم تعطون فى تلك الساعة ما تتكلمون به" (مت10: 19). فالله يعطى ما نحتاج إليه فى حينه.

المذبح = هو مركز الهيكل، فكل شئ فى هذا الهيكل مؤسس على ذبيحة الصليب وحتى يوحنا فى رؤياه رأى المسيح على أنه "خروف قائم كأنه مذبوح" (رؤ 5: 6).

القرون = تشير لأن عمل المسيح الكفارى وهزيمته للشيطان كان بقوة، وأن عمله فى تكميل المؤمنين هو عمل قوى أيضاً.

3 درجات للوصول للموقد = قد تشير لدرجات الكهنوت الثلاث (الأسقفية والقسيسية والشموسية). أو تشير لدرجات الإرتفاع للسماويات، كما كانت الغرف ثلاث طبقات، هكذا هناك 3 درجات فيمن يقتربون للذبيحة، وكان فلك نوح 3 طبقات (رمز الكنيسة الخارجة من المعمودية). وكلما إقتربنا لأعلى روحياً كان عمل الذبيحة فينا نارياً يلهب قلوبنا، وكلما إقتربنا لأعلى إزداد إشتياقنا لتقديم أنفسنا ذبائح. وموضوع أن المسيح يقدم نفسه ذبيحة، وكنيسته تقدم نفسها ذبيحة سبق أبونا يعقوب وتنبأ عنه فى نبوته لإبنه يهوذا (جد المسيح بالجسد)، حين قال "جثا وربض (أى صُلِب) كأسد (المسيح) وكلبوة (الكنيسة)" (تك49: 9). فالصليب هو نصيب المسيح ونصيب من يريد أن يكون تلميذاً للمسيح وهذا ما قاله السيد المسيح (مر8: 34) "من أراد أن يأتى ورائى فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى" وهذا هو طريق الكمال = الخصم الأعلى = 2 × 7 (رقم الكمال). وراجع حوار الرب يسوع مع بطرس (يو 21) ونفهم منه أن الصليب هو علامة محبتنا له، لكن قبوله صعب وقارن مع (مت16: 22).

كيف نفهم معنى الأرقام بالنسبة للمسيح وبالنسبة لنا؟

15 وَالْمَوْقِدُ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ. وَمِنَ الْمَوْقِدِ إِلَى فَوْقُ أَرْبَعَةُ قُرُونٍ. 16 وَالْمَوْقِدُ اثْنَتَا عَشَرَةَ طُولاً، بِاثْنَتَيْ عَشَرَةَ عَرْضًا، مُرَبَّعًا عَلَى جَوَانِبِهِ الأربعة = الموقد = هو مكان إحراق الذبيحة وإرتفاعه 4 أذرع. وأبعاده 12 × 12 وفوقه 4 قرون ومكانه فوق الخصم الأعلى. ومعنى الأبعاد 12 × 12 أن شعب المسيح عليه أن يقبل الألام فى هذا العالم الذى يبغض شعب المسيح لأنهم يبغضون المسيح (يو15: 18 – 21).

ودرجاته تجاه المشرق = ما يجعلنا نقبل الصليب نظرنا الدائم وإشتياقنا للمجد حين يأتى المسيح فى مجيئه الثانى من الشرق. لذلك ينتهى الإنجيل بقول القديس يوحنا "آمين تعال أيها الرب يسوع" (رؤ22: 20). وقوله درجات لا تعنى بالضرورة أنه سيكون هناك سلم فهو لم يذكر أى مواصفات لهذه الدرجات، إذاً المقصود بها هو قبول الشخص لأن يدخل إلى أعماق أكبر فى العلاقة مع المسيح إلى أن تصل إلى شركة الصليب. هى أعماق تُعبِّر عن درجة الحب.

الأعداد 18-27

الآيات (18 - 27): -

"18 وَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هذِهِ فَرَائِضُ الْمَذْبَحِ يَوْمَ صُنْعِهِ لإِصْعَادِ الْمُحْرَقَةِ عَلَيْهِ وَلِرَشِّ الدَّمِ عَلَيْهِ: 19فَتُعْطِي الْكَهَنَةَ اللاَّوِيِّينَ الَّذِينَ مِنْ نَسْلِ صَادُوقَ الْمُقْتَرِبِينَ إِلَيَّ لِيَخْدِمُونِي، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، ثَوْرًا مِنَ الْبَقَرِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ. 20 وَتَأْخُذُ مِنْ دَمِهِ وَتَضَعُهُ عَلَى قُرُونِهِ الأَرْبَعَةِ، وَعَلَى أَرْبَعِ زَوَايَا الْخُصْمِ وَعَلَى الْحَاشِيَةِ حَوَالَيْهَا، فَتُطَهِّرُهُ وَتُكَفِّرُ عَنْهُ. 21 وَتَأْخُذُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ فَيُحْرَقُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُعَيَّنِ مِنَ الْبَيْتِ خَارِجَ الْمَقْدِسِ. 22 وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي تُقَرِّبُ تَيْسًا مِنَ الْمَعْزِ صَحِيحًا ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، فَيُطَهِّرُونَ الْمَذْبَحَ كَمَا طَهَّرُوهُ بِالثَّوْرِ. 23 وَإِذَا أَكْمَلْتَ التَّطْهِيرَ، تُقَرِّبُ ثَوْرًا مِنَ الْبَقَرِ صَحِيحًا، وَكَبْشًا مِنَ الضَّأْنِ صَحِيحًا. 24 وَتُقَرِّبُهُمَا قُدَّامَ الرَّبِّ، وَيُلْقِي عَلَيْهِمَا الْكَهَنَةُ مِلْحًا وَيُصْعِدُونَهُمَا مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ. 25سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَيْسَ الْخَطِيَّةِ. وَيَعْمَلُونَ ثَوْرًا مِنَ الْبَقَرِ وَكَبْشًا مِنَ الضَّأْنِ صَحِيحَيْنِ. 26سَبْعَةَ أَيَّامٍ يُكَفِّرُونَ عَنِ الْمَذْبَحِ وَيُطَهِّرُونَهُ وَيَمْلأُونَ يَدَهُ. 27فَإِذَا تَمَّتْ هذِهِ الأَيَّامُ يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ فَصَاعِدًا أَنَّ الْكَهَنَةَ يَعْمَلُونَ عَلَى الْمَذْبَحِ مُحْرَقَاتِكُمْ وَذَبَائِحَكُمْ السَّلاَمِيَّةَ، فَأَرْضَى عَنْكُمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ».".

الصليب ذبيحة ممتدة حتى نهاية الأيام.

قَدَّم المسيح نفسه ذبيحة خطية عن البشر على الصليب، وإستمر المسيح يقدم نفسه ذبيحة خطية فى الكنيسة المسيحية عبر العصور وإلى نهاية الأيام من خلال ذبيحة الإفخارستيا. وذلك للتكفير عن الخطايا وتطهير الكنيسة شعب المسيح. ونرى المسيح على الصليب وجسده مغطى (covered) بالدماء يقول "يا أبتاه إغفر لهم" = فلتبدأ الكفارة وغفران الخطايا لمن يؤمن من الآن فلقد تغطى جسدى بالدم، وجسد المسيح هو كنيسته التى ستر عليها بدمه (أف1: 22، 23 + 5: 30).

ويكمل تطهير كل شخص حين يقبل أن يُمَلِّك المسيح على قلبه ويقبل أن يقدم نفسه ذبيحة حية صالبا جسده، أهواءه مع شهواته (رو12: + غل5: 24 + رو6: 11). وهذا ما قاله يعقوب لإبنه يهوذا فى نبوة عن صلب المسيح وأن الصليب هو للمسيح ويستمر فى حياة المؤمنين "جثا وربض (على الصليب) كأسد (المسيح الأسد الخارج من سبط يهوذا) ولبوة (الكنيسة عروس المسيح)" (تك49: 9). وهذا ما نراه مشروحا فى هذه الآيات بلغة العهد القديم، والمسيح لم يكن فى صلبه ضعيفا بل كان قويا كأسد يحارب عن شعبه ضد الشيطان والخطية والموت، لينقذ شعبه من هؤلاء الأعداء. هو غلب بما كان يبدو أنه ضعفا، ما كان يبدو أنه قوة (الموت)، وهكذا كنيسته عروسه تسلم نفسها للصليب ليس عن ضعف بل فى قوة.

الآيات 18 – 21: - هذه تتكلم عن يوم الصليب.

الآيات 22 – 26: - هذه تتكلم عن ذبيحة الإفخارستيا كإمتداد لذبيحة الصليب.

الآية 28: - هذه تتكلم عن الأبدية.

نتائج الخطية كانت: -.

  1. إحزان قلب الله إذ خالف آدم الله ولم يطعه، وكان الله فى محبته يريد أن يبادله آدم حباً فى مقابل حب. حب الله ظهر فى عطاياه لآدم، وكانت محبة آدم ستظهر فى طاعة الله.
  2. موت الإنسان نتيجة الخطية وضياع فرحه.

* وكانت طاعة المسيح حتى الموت موت الصليب هى ما رأى الله فيها طاعة البشر له، فنحن فى المسيح نحسب طائعين حينما أطاع المسيح. وكانت ذبيحة المحرقة هى التى تعبر عن طاعة المسيح. لذلك قيل عن ذبيحة المحرقة "محرقة وقود رائحة سرور للرب" (لا1: 9) وكلمة وقود هنا تأتى بمعنى رائحة جميلة كالبخور.

* وكان المسيح على الصليب أيضا ذبيحة خطية كفارة عن خطايانا فصالحنا مع الآب.

يوم الصليب.

لإصعاد المحرقة = المحرقة هى ذبيحة تقدم لإسترضاء الله لذلك كان يشتمها كرائحة سرور، فهو كان يرى فيها الطاعة الكاملة ويرى فيها رجوع أولاده إليه بالفداء الذى قدمه إبنه (راجع التفسير فى سفر اللاويين). ولرش الدم عليه = كان رش الدم فى العهد القديم للتطهير. والمسيح سفك دمه ليكفر عنا وتغفر خطايانا فنطهر.

الكهنة من نسل صادوق = وصادوق تعنى صديق وبار. وهذا هو كهنوت العهد الجديد على طقس ملكى صادق، كهنوت الخبز والخمر. كهنوت خلال المسيح نفسه. المسيح هو الكاهن الحقيقي والذبيحة المقدمة علي المذبح. الكاهن المسيحي يستمد كهنوته من كهنوت المسيح. فالكهنوت هو تقديم ذبائح. والمسيح ككاهن قدم نفسه ذبيحة. والكاهن المسيحى يقوم بتقديم ذبيحة جسد المسيح كوكيل، والمسيح أعطاه هذه الوكالة ليوصل هذه النعمة لشعبه. ولا يجب أن يقترب الكاهن إلى مذبح الله إلا خلال التمتع ببر المسيح ليكون نسل صادوق روحياً.

ولكن كان قيافا ورؤساء كهنة اليهود من نسل صادوق، وكانت آخر ذبيحة مقبولة يقدمونها لله هى صلب المسيح = ليخدمونى، وبعدها بطلت ذبائحهم (دا9: 27) بطل الرمز إذ أتى المرموز إليه.

ثورا من البقر لذبيحة خطية = هذا إشارة للمسيح رئيس كهنتنا البار (لا3: 3) = نسل صادوق وقوله نسل صادوق فهذا إشارة لبره، فهو وحده الذى بلا خطية، وهو الذى قدَّم نفسه ذبيحة للصلب. وقوله ثورا من البقر مقصود به ثورا من نفس جنس البقر كما كان المسيح بناسوته من نفس جنس البشر.

وتأخذ من دمه وتضعه على قرونه الأربعة = إعلانا عن مدى قوة ذبيحة الصليب.

وعلى أربع زوايا الخصم = هذا الدم هو لكل العالم. رقم 4 يشير للعمومية.

ويحُرق خارج المقدس = فهم أخذوا المخلص وصلبوه خارج أسوار أورشليم.

إستمرارية الذبيحة من خلال سر الإفخارستيا.

وفى اليوم الثانى تقرب تيسا من المعز = تيسا من المعز = راجع سفر اللاويين (3: 22) فتجد أن التيس يقدم عن الرئيس (أى الملك) ومن هنا نفهم أن المسيح رئيس كهنتنا وملكنا (كرئيس كهنتنا يقدم نفسه ذبيحة لغفران الخطايا، وكملك يملك على حياتنا فنطيع وصاياه فنحيا فى طهارة). وعن هذا تنبأ إشعياء النبى وقال "وتكون الرياسة على كتفه" (إش9: 6). ولقد حمل المسيح الصليب على كتفه، وبصليبه ملك على قلوبنا.

وفى (آيات23، 24) نجد طقسا يتكرر 7 أيام = تقدم ثورا من البقر صحيحا وكبشا من الضأن صحيحا = 7 أيام أى كل مدة الكنيسة على الأرض، فرقم 7 هو رقم كامل. وهذا إشارة لسر الإفخارستيا الذى قال عنه الرب "إصنعوا هذا لذكرى" وهذا ما تمارسه الكنيسة وإلى نهاية الأيام. ورقم 7 يشير أيضا لأن عمل المسيح كذبيحة عنا يشمل كل أيام غربتنا وكل أيام الكنيسة على الأرض، وهذا معناه أيضا إزالة تامة لخطايانا.

ماذا يعنى تقديم ثورا وكبش؟ الثور يقدم كذبيحة خطية والكبش يقدم كذبيحة إثم راجع تفسير سفر اللاويين. فذبيحة الخطية تقدم عن الخطايا اللا إرادية الناشئة عن طبيعتنا الساقطة، أما ذبيحة الإثم فهى تقدم عن الخطايا الإرادية.

يملأون يده (آية 26) فهنا تكريس للمذبح فكلمة يملأون يده تعنى تكريس أو تخصيص هذا المذبح المسيحى لتكون الذبيحة المقدمة عليه لغفران الخطايا لمن يتناول منها. وقال المرنم أن المسيح لن يرى فساداً بل سيقوم (مز 16: 10)، وقام المسيح حيا فى اليوم الثالث وبالمعمودية نقوم متحدين معه فتكون لنا حياته، ولهذا لا نموت بل يكون لنا إنتقال. ومن يستمر فى التناول من ذبيحة الإفخارستيا لا يفسد أى لا يموت = لا ينفصل عن الله بل يثبت فى المسيح الحى (يو6: 52 – 57). والملح يشير لعدم الفساد. وهذا معنى يلقى الكهنة عليهما ملحاً. وكهنة الله، خدام الله سيملأهم الله من نعمته ليملأوا هم شعبه بالذبيحة الإفخارستية = هذا معنى ذبيحة الملء.

ويبدأ الرضى عنهم فى اليوم الثامن وهو اليوم الأول من الأسبوع الجديد وهو يوم قيامة السيد المسيح من الأموات، والذى فيه نقوم نحن أيضاً ونحسب جالسين فى السماويات. ونحن سنستمر فى التناول من الذبيحة الإفخارستية لتغفر خطايانا ونستمر أحياء روحيا.

الأبدية.

أما فى اليوم الثامن ننطلق للحياة الأبدية السعيدة ويقول عن هذا الكهنة يعملون على المذبح محرقاتكم وذبائحكم السلامية فأرضى عنكم يقول السيد الرب = وهذا يعنى أننا فى السماء سنقدم الشكر على هذه النعمة التى حصلنا عليها، فهكذا كانوا فى العهد القديم يقدمون ذبيحة السلامة عندما يعطيهم الله خيرات يفرحون بها. أما عن المحرقات، فإن المحرقة كانت ترمز للطاعة الكاملة لله عن محبة لله، وهذا ما سنكون عليه فى السماء التى يرمز لها هنا باليوم الثامن، فرقم 8 هو رقم الحياة الأبدية. نحن الآن نحيا فى اليوم السابع للخليقة، وعند المجئ الثانى يبدأ اليوم الثامن وهو بلا نهاية. فى الأبدية لن تكون هناك ذبائح، ولكن هذا يعنى إعلان عن فرحة الله بأولاده، وفرحة أولاده بدخولهم السماء. وللتعبير عن فرحة الله قيل هنا أن الكهنة يعملون على المذبح محرقاتكم. وللتعبير عن فرحتنا نحن قيل وذبائحكم السلامية.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الرابع والأربعون - سفر حزقيال - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثاني والأربعون - سفر حزقيال - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر حزقيال الأصحاح 43
تفاسير سفر حزقيال الأصحاح 43