الأصحاح السادس عشر – سفر حزقيال – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر حزقيال – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح السادس عشر

لازال الله يبرر نفسه من أجل الخراب الذى سيأتى على أورشليم، فبعد أن شبه أورشليم بعود الكرم الذى سيحرق، يشبهها هنا بعروس زانية خائنة لا تستحق سوى الهجر والتخلى. وهذا الإصحاح من المفيد أن نطبقه على الشعب اليهودى مرة، ثم مرة ثانية على الكنيسة ككل، ومرة ثالثة على النفس البشرية. هو إصحاح معاملة الله معى وإنتشالى من الضياع ثم خيانتى له. هذا الإصحاح هو أنشودة الخلاص المجانى حتى نكون عروس مقدسة للمسيح.

ويمكن تقسيم الإصحاح إلى الأقسام الآتية: -.

  1. الآيات 1 – 7: - ماذا كان حال إسرائيل أو الكنيسة قبل مراحم الله.
  2. الآيات 8 – 14: - زمن الحب: - الله يحب البشر منذ الأزل وإلى الأبد (راجع تفسير يو13: 1) فيكون زمن الحب معناه زمن إعلان محبة الله هذه التى ظهرت على الصليب، أو ما أسماه بولس الرسول ملء الزمان.
  3. الآيات 15 – 26: - الخيانة = زنيت على إسمك.
  4. الآيات 27 – 43: - الحكم الذى تستحقه هذه الخائنة.
  5. الآيات 44 – 51: - ليست يهوذا فقط هى الخائنة بل كل البشر يهوداً وأمم، ويسمى الأمم هنا السامرة وسدوم، فبعد سبى أشور لإسرائيل المملكة الشمالية إختلط نسل الأسباط العشرة بالأمم الوثنية ومارسوا عباداتهم الوثنية "الجميع زاغوا وفسدوا معا. ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد" (رو3: 12).
  6. الآيات 52 – 63: - كما هى عادة الأنبياء فبعد ذكر ما يستحقه البشر من عقوبات لأجل خطاياهم وخيانتهم لله نجد خلاص المسيح. وهنا نجد نبوة واضحة بصلب المسيح بالنيابة عن البشر، وأن اليهود هم من سيصلبونه. وبهذا يكمل إثم اليهود، ولكن بالصليب يتبرر الجميع.
  7. الأعداد 1-7

الآيات (1 - 7): -

"1 وَكَانَتْ إِلَيَّ كَلِمَةُ الرَّبِّ قَائِلَةً: 2«يَا ابْنَ آدَمَ، عَرِّفْ أُورُشَلِيمَ بِرَجَاسَاتِهَا، 3 وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لأُورُشَلِيمَ: مَخْرَجُكِ وَمَوْلِدُكِ مِنْ أَرْضِ كَنْعَانَ. أَبُوكِ أَمُورِيٌّ وَأُمُّكِ حِثِّيَّةٌ. 4أَمَّا مِيلاَدُكِ يَوْمَ وُلِدْتِ فَلَمْ تُقْطَعْ سُرَّتُكِ، وَلَمْ تُغْسَلِي بِالْمَاءِ لِلتَّنَظُّفِ، وَلَمْ تُمَلَّحِي تَمْلِيحًا، وَلَمْ تُقَمَّطِي تَقْمِيطًا. 5لَمْ تَشْفُقْ عَلَيْكِ عَيْنٌ لِتَصْنَعَ لَكِ وَاحِدَةً مِنْ هذِهِ لِتَرِقَّ لَكِ، بَلْ طُرِحْتِ عَلَى وَجْهِ الْحَقْلِ بِكَرَاهَةِ نَفْسِكِ يَوْمَ وُلِدْتِ. 6فَمَرَرْتُ بِكِ وَرَأَيْتُكِ مَدُوسَةً بِدَمِكِ، فَقُلْتُ لَكِ: بِدَمِكِ عِيشِي، قُلْتُ لَكِ: بِدَمِكِ عِيشِي. 7جَعَلْتُكِ رَبْوَةً كَنَبَاتِ الْحَقْلِ، فَرَبَوْتِ وَكَبُرْتِ، وَبَلَغْتِ زِينَةَ الأَزْيَانِ. نَهَدَ ثَدْيَاكِ، وَنَبَتَ شَعْرُكِ وَقَدْ كُنْتِ عُرْيَانَةً وَعَارِيَةً.".

عَرِّف أورشليم برجاساتها = بدء الأنشودة هو إكتشاف خطايانا. وهذه الرجاسات يكرهها الله، ويجب أن نكرهها نحن أيضاً، خصوصاً أننا شعبه. ورجاسات أورشليم تفوق رجاسات العالم كله.. لماذا؟ لأنها ناكرة للجميل. فبعد كل ما قدمه الله لها تسير وراء آخر. وهنا يوضح الله أصلها الحقير. مخرجك ومولدك من أرض كنعان. أبوك أمورى وأمك حثية = كان اليهود يفتخرون بأنهم أولاد إبراهيم يو 8: 33 + مت 3: 9. ولكن أولاد إبراهيم حقيقة هم أولاده بالإيمان غل 4: 11، 12. أما هؤلاء فأعمالهم تشبه الكنعانيين الذين لعنوا من أجل خطاياهم لذلك صاروا أولاداً للكنعانيين، وهذا نسب أخلاقى وليس عرقى، كما قيل عن كل من يفعل الخطية أنه إبن لإبليس 1يو 3: 10 + يو 8: 44 (ونرى أن الكذاب إبن لإبليس فى هذه الآية يو8: 44).

أبوك أمورى وأمك حثية: - أبوك أمورى = كان إسم أمورى يطلق على سكان فلسطين وغرب آسيا، ويُذكر إسمهم بديلا عن الكنعانيين الذين طلب الرب من شعب إسرائيل إبادتهم بسبب نجاساتهم، وسكن بنو إسرائيل مكانهم. وتم هذا أولا مع سيحون ملك الأموريين وشعبه وعوج ملك باشان وشعبه، والكنعانيين كلهم كانوا ملعونون بسبب خطية أبوهم كنعان مع جده نوح. أمك حثية = حث هو جد الحثيين والابن الثانى لكنعان بن نوح ومعنى الإسم فى العبرية "مرعب" وعاش الحثيون فى كنعان أولا، وإلى ما بعد الغزو الإسرائيلى لكنعان. ولقد إشترى إبراهيم مغارة المكفيلة منهم، وفيها دفن سارة زوجته. وتزوج عيسو من بناتهم. ويقال أنه كان للحثيين 1000 إله.

وفى هذه الآية نرى أن بتسميتهم أولاد كنعان وحث، فقد نزع عنهم الله بنوتهم لإبراهيم يو8: 39 - 41. بل صاروا أولاد لعنة ورعب كما تشير أسماء (أمورى وحثى) وهكذا كان حال كل البشر قبل المسيح ملك السلام والذى أتى بالسلام ورفع اللعنة، ولهذا قيل أيضا عن الأمم فى آية 45 "أمكن حثية وأبوكن أمورى" فالجميع زاغوا وفسدوا.

وآيات 4، 5 صورة مؤلمة للجنس البشرى كله، إذ يولد ورجاساته تعمل فى داخله "هأنذا بالإثم صورت وبالخطية حبلت بى أمى مز 51: 5". هذا معنى لم تقطع سرتك = فعن طريق السرة يأتى الغذاء للطفل أولاً فى بطن الأم، والمعنى هنا أن مصادر الخطية، خطية أبائك (الأمورى والحثى) مازالت تغذيك = لك نفس خطاياهم، فكنت فى نجاسة الخطية الأصلية، ولم يطهرك أحد = ولم تغسلى بالماء للتنظيف.

ولم يسترك أحد فظللت عارية، فالخطية تساوى العرى = لم تقمطى تقميطاً = فلا يوجد فى البشر من يغسل أدناسنا أو يحمل عارنا ويسترنا بقماط. ولم تملحى تمليحا الملح يستخدم ليمنع الطعام من الفساد (كالفسيخ مثلاً)، فلم يكن هناك ثلاجات أو ثلج فى ذلك الزمان. فكان الملح علامة عدم الفساد (2أى 13: 5 + مر 9: 49، 50 + كو 4: 6) والمعنى أنه لم يكن هناك حماية لك من الفساد. والمسيح أتى ليفتدينا ويستر علينا ويفيض علينا من نعمته التى تحفظنا من الفساد. لذلك فالكنيسة فى صلاة الحميم للطفل فى يوم ميلاده السابع، تضع ملحاً فى الماء إشارة للنعمة التى سيحصل عليها الطفل فى المعمودية فتحفظه من الفساد (وتضع فى الماء زيتاً إشارة لعمل الروح القدس وحلوله على المعمد فى سر الميرون الذى يعقب سر العماد، فالكنيسة فى صلاة الحميم تعلن إهتمامها بالطفل وأنها بأسرارها فيها كل ما يحتاجه الطفل ليحيا فى عدم فساد منذ ميلاده وحتي انتقاله).

ولم تشفق عليك عين = بل حين ولدت الأمة اليهودية كان ذلك فى مصر فى أرض العبودية، وفرعون كرمز للشيطان أذلهم وإستعبدهم. وطرحت بكراهة نفسك = فالمصريين كرهوهم بل إعتبروهم رجس، ولنلاحظ أن من عروها قد كرهوها، والشيطان يسهل لنا طريق الخطية ليس حباً فينا بل كراهية لنا، وليدمرنا.

نجد هنا حصراً لما قدمه الله للأمة اليهودية أو لنا. مدوسة بدمك = نتيجة أنها ورثت خطية آدم كانت مستعبدة للشيطان، فالكل مولود بالخطية "بالخطية ولدتنى أمى" وبدأ الله خطة الخلاص وأتى بهم كنسل إبراهيم إلى مصر ليعزلهم عن نجاسات كنعان. وحافظ عليهم وكوَّن منهم شعبا كبيرا وسط أمة كرهتهم. وكانوا على حافة الخراب والهلاك فى مصر، مكتوب عليهم الموت فقلت لك بدمك عيشى. قلت لك بدمك عيشى = هذه كقول بولس الرسول "أما أنا فكنت بدون الناموس عائشاً قبلاً" رو 7: 9 وهذه كما يقول المثل العامى عن مريض أو فقير معدم "أهى عيشة والسلام". أى قرر لها الله الحياة. وبالنسبة لكل البشرية فالله نظر إلى هذا العالم فى نجاسته يتمرغ فى دمه (يموت ويهلك) وهو منبوذ مطرود، لكن الله فى صلاحه يريد للبشر الحياة. فقال لهم الله بدمك عيشى أى تعيش كما هى، مجرد حياة لأنه مازال هناك دم فى عروق البشر يُبقى عليهم أحياء لفترة من الزمن، ولكن الخطية كائنة فيهم تنجسهم، وهم فى خطاياهم مدوسين من إبليس = مدوسة بدمك، ومدوسين من خطاياهم، فبقائها بدمها اشارة لإستمرارها في نجاستها بلا تطهير (لا 12 + لا 15: 19 – 30)، هي تحتاج تطهير بدم ذبيحة، وهي في نجاستها تعتبر ميتة وهذا يعني ان كل البشر هم فاقدين للحياة الأبدية وقول الله هنا بدمك عيشى = أى لتبقى حياتك البشرية لفترة، وعيشى بحالتك ولا تموتى، حتى أتدخل بنعمتى، فتولدى ميلاداً جديداً فى المعمودية بعد الفداء، وذلك فى ملء الزمان، أما الآن فيكفى أنك حية وإنتظرى. وتكرار بدمك عيشى، يعنى توجيه هذه الكلمة للأمم واليهود. والله لم يتركها تحيا فقط بل إهتم بها ورعاها وأعطاها بركات زمنية = فربوت وكبرت ونما الجنس البشرى وإزدهر فى كل مكان. ربوت = من ربوة أي مكان مرتفع، والكلمة مترجمة في الانجليزية مزدهرة نامية كنبات الحقل = جعلتك ربوة، وبلغت زينة الأزيان = جعلها الله جميلة، فكم من مدن جميلة وحضارات عريقة وفلسفات وعلوم ظهرت فى العالم، لم يبخل الله على العالم بشئ. (وشئ شبيه بذلك فلقد إستمر العالم الشيوعى يسب الله أكثر من سبعين سنة، والله يفيض عليهم قوة وعلم وغذاء..... الخ). ولاحظ أنه بالرغم من إضطهاد المصريين لشعب الله، قول الكتاب عنهم "ولكن بحسبما أذلوهم هكذا نموا وإمتدوا فإختشى منهم المصريون خر1: 12. الله أعطاهم نمواً عددياً. والله أعطى لبقية الشعوب نمواً ونضجاً عقلياً وصار للعالم جمال ونضج وفكر = نهد ثدياك ونبت شعرك = فالتشبيه بعروس، والعروس لا تخطب إلا إذا نضجت وعلامة النضج للفتاة ثدياها، ألن تستعملهما فى إرضاع أولادها. والكنيسة ترضع أولادها لينموا فى الإيمان. هذا القول يشير لأن المسيح أيضاً أتى فى ملء الزمان غل 4: 4 بعد أن صار العالم ناضجاً مستعداً لذلك المجئ. واليهود كان لهم ثديان يرضعان منهما أولادهم وهم الناموس والأنبياء. والكنيسة لها أيضاً ثديان هما العهد القديم والعهد الجديد.

عريانة وعارية = تكرار القول فيه إشارة: -.

  1. لأنها مولودة بالخطية فعريانة إشارة للخطية الأصلية، وعارية إشارة لخطاياها الحالية.
  2. عريانة إشارة للخطية، فآدم لم يشعر أنه عريان إلا بعد أن أخطأ، وعارية فيه إشارة للشعور بعدم الإحتياج للمسيح رؤ 3: 17 وبالتالى لا يلجأوا إليه. فالمسيح وحده هو الذى يستر، ورمزا لهذا إستتر آدم بذبيحة.
  3. عريانة إشارة لليهود بسبب تعديهم على الناموس، وعارية إشارة للأمم لخطاياهم.

الأعداد 8-14

الآيات (8 - 14): -

"8فَمَرَرْتُ بِكِ وَرَأَيْتُكِ، وَإِذَا زَمَنُكِ زَمَنُ الْحُبِّ. فَبَسَطْتُ ذَيْلِي عَلَيْكِ وَسَتَرْتُ عَوْرَتَكِ، وَحَلَفْتُ لَكِ، وَدَخَلْتُ مَعَكِ فِي عَهْدٍ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فَصِرْتِ لِي. 9فَحَمَّمْتُكِ بِالْمَاءِ، وَغَسَلْتُ عَنْكِ دِمَاءَكِ، وَمَسَحْتُكِ بِالزَّيْتِ، 10 وَأَلْبَسْتُكِ مُطَرَّزَةً، وَنَعَلْتُكِ بِالتُّخَسِ، وَأَزَّرْتُكِ بِالْكَتَّانِ، وَكَسَوْتُكِ بَزًّا، 11 وَحَلَّيْتُكِ بِالْحُلِيِّ، فَوَضَعْتُ أَسْوِرَةً فِي يَدَيْكِ وَطَوْقًا فِي عُنُقِكِ. 12 وَوَضَعْتُ خِزَامَةً فِي أَنْفِكِ وَأَقْرَاطًا فِي أُذُنَيْكِ وَتَاجَ جَمَال عَلَى رَأْسِكِ. 13فَتَحَلَّيْتِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلِبَاسُكِ الْكَتَّانُ وَالْبَزُّ وَالْمُطَرَّزُ. وَأَكَلْتِ السَّمِيذَ وَالْعَسَلَ وَالزَّيْتَ، وَجَمُلْتِ جِدًّا جِدًّا، فَصَلُحْتِ لِمَمْلَكَةٍ. 14 وَخَرَجَ لَكِ اسْمٌ فِي الأُمَمِ لِجَمَالِكِ، لأَنَّهُ كَانَ كَامِلاً بِبَهَائِي الَّذِي جعَلْتُهُ عَلَيْكِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.".

فمررت بك وإذا زمنك زمن الحب = لقد صارت العروس ناضجة الآن، وعلى العريس أن يتقدم لخطبتها. فالشعب اليهودى فى مصر صار ناضجاً ليتحرر فأرسل الله لهم موسى، وبالنسبة للكنيسة فلقد جاء المسيح بنفسه لها. كان موسى مُخَلِّصاً للشعب فى زمن إعلان حب الله لهم، وكان المسيح فى تجسده أبلغ مثل للحب "ليس حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" يو 15: 13. زمن الحب = ملء الزمان = الزمن الذى رآه الله مناسبا ليظهر حبه للبشر وليتجسد المسيح ليخلص الإنسان، هو الزمن الذى ظهرت فيه محبة الله الأزلية ورأيناها على الصليب.

وحين مر السيد عليها كانت عريانة بفعل الخطية، فستر السيد عليها = وبسطت ذيلى عليك = هذا ما فعله بوعز مع راعوث إشارة للمسيح عريس نفوسنا (را 3: 9). فالقدوس لم يستنكف من أن يتخذنا له عروساً. ودخلت معك فى عهد = كان العهد الأول لآدم وحواء "نسل المرأة يسحق رأس الحية" والوعد الثانى لنوح بعدم الهلاك "قوس قزح" والوعد الثالث لإبراهيم بالختان والوعد الرابع مع موسى بالذبائح وخروف الفصح، والوعد الخامس والأخير بدم المسيح. هي كانت نجسة تعيش بدمها ولا تطهير سوي بالدم (عب 9: 22) فحممتك بالماء = لليهود بالمرور فى البحر الأحمر، ولنا بالمعمودية ( = تطهير) (رو 6) التي فيها نموت في المسيح. ومسحتك بالزيت = هذا رمز لعمل الروح القدس، فمع اليهود كان هذا للأنبياء والملوك والكهنة. أما فى العهد الجديد فكلنا مسحنا بالميرون وصرنا هياكل للروح القدس. وغسلت عنك دماءك = بالمعمودية نغسل من دماء خطايانا الأصلية التى ولدنا بها، أما الحالية التى نرتكبها بعد المعمودية فبالتوبة والإعتراف. وبعد المسح بالروح القدس نصير له = فصرتِ لى = لاحظ أن المسح بالميرون فيه تكريس للممسوح فيصير قدساً أى مخصصاً لله.

وألبستك مطرزة = تلبس أفخر الملابس بعد أن كانت عارية. وأفخر ما نرتديه هو المسيح "إلبسوا المسيح" فبالمعمودية تصير لنا حياة المسيح الكامل فى صفاته (رو 13: 14 + فى 1: 21). ونعلتك بالتخس = كما ألبس الأب الإبن الضال حذاء فى رجليه، وهذه حماية لنا لنسير وسط العالم ولا ننحرف عن طريق الله. والكتان = علامة النقاوة والطهارة. والبز = علامة البر. والحلى = هى عربون الروح الذى يكسب النفس جمالاً. ووضع الإسورة فى يديها = هو تقديس طاقات العمل لحساب الملكوت. وخزامة فى أنفها وأقراطاً فى أذنيها = لتقديس حواسها. أما تاج جمالها = فهو السيد المسيح نفسه. وتحليت بالذهب = الحياة السماوية. والفضة = كلمة الله مز 12: 6. وأكلت السميذ = جسد المسيح غذاء للنفس، أما اليهود فأكلوا المن وقد يكون المعنى أيضاً لليهود الحلى والذهب والفضة هى ما أخذوه من المصريين. وأكلت العسل = حين أكل حزقيال كلمة الله (الدَرْج) كان فى فمه كالعسل. وهكذا داود وإرمياء ويوحنا (راجع تفسير إصحاح 3 آيات 1 - 15). وخرج لك إسم فى الأمم = إسم = الإسم يشير لسمعتها وإمكانياتها وعظمتها. هكذا جاءت ملكة سبأ لسليمان لشهرته. والكنيسة دائماً منارة للعالم كله.

والله عادة يحب أن يرفع من شأن أولاده الذين يحبهم إذ هو يكرم من يكرمونه (1صم2: 30)، وكما إشتهرت حكمة سليمان إشتهرت بركة إبراهيم وإسحق (تك26: 26 – 30) وهذا ما حدث مع حزقيا الملك حين غيَّرت الشمس إتجاهها، وهى من آلهة البابليين فأتى أمراء بابل ليروا من هو هذا الإنسان الذى فعل هذا.

14 وَخَرَجَ لَكِ اسْمٌ فِي الأُمَمِ لِجَمَالِكِ، لأَنَّهُ كَانَ كَامِلاً بِبَهَائِي الَّذِي جَعَلْتُهُ عَلَيْكِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ = سر جمالنا الحقيقى وقوتنا وبركتنا هو الثبات فى المسيح.

الأعداد 15-34

الآيات (15 - 34): -

"15«فَاتَّكَلْتِ عَلَى جَمَالِكِ، وَزَنَيْتِ عَلَى اسْمِكِ، وَسَكَبْتِ زِنَاكِ عَلَى كُلِّ عَابِرٍ فَكَانَ لَهُ. 16 وَأَخَذْتِ مِنْ ثِيَابِكِ وَصَنَعْتِ لِنَفْسِكِ مُرْتَفَعَاتٍ مُوَشَّاةٍ، وَزَنَيْتِ عَلَيْهَا. أَمْرٌ لَمْ يَأْتِ وَلَمْ يَكُنْ. 17 وَأَخَذْتِ أَمْتِعَةَ زِينَتِكِ مِنْ ذَهَبِي وَمِنْ فِضَّتِي الَّتِي أَعْطَيْتُكِ، وَصَنَعْتِ لِنَفْسِكِ صُوَرَ ذُكُورٍ وَزَنَيْتِ بِهَا. 18 وَأَخَذْتِ ثِيَابَكِ الْمُطَرَّزَةَ وَغَطَّيْتِهَا بِهَا، وَوَضَعْتِ أَمَامَهَا زَيْتِي وَبَخُورِي. 19 وَخُبْزِي الَّذِي أَعْطَيْتُكِ، السَّمِيذَ وَالزَّيْتَ وَالْعَسَلَ الَّذِي أَطْعَمْتُكِ، وَضَعْتِهَا أَمَامَهَا رَائِحَةَ سُرُورٍ. وَهكَذَا كَانَ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.

20«أَخَذْتِ بَنِيكِ وَبَنَاتِكِ الَّذِينَ وَلَدْتِهِمْ لِي، وَذَبَحْتِهِمْ لَهَا طَعَامًا. أَهُوَ قَلِيلٌ مِنْ زِنَاكِ 21أَنَّكِ ذَبَحْتِ بَنِيَّ وَجَعَلْتِهِمْ يَجُوزُونَ فِي النَّارِ لَهَا؟ 22 وَفِي كُلِّ رَجَاسَاتِكِ وَزِنَاكِ لَمْ تَذْكُرِي أَيَّامَ صِبَاكِ، إِذْ كُنْتِ عُرْيَانَةً وَعَارِيَةً وَكُنْتِ مَدُوسَةً بِدَمِكِ. 23 وَكَانَ بَعْدَ كُلِّ شَرِّكِ. وَيْلٌ، وَيْلٌ لَكِ! يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، 24أَنَّكِ بَنَيْتِ لِنَفْسِكِ قُبَّةً وَصَنَعْتِ لِنَفْسِكِ مُرْتَفَعَةً فِي كُلِّ شَارِعٍ. 25فِي رَأْسِ كُلِّ طَرِيق بَنَيْتِ مُرْتَفَعَتَكِ وَرَجَّسْتِ جَمَالَكِ، وَفَرَّجْتِ رِجْلَيْكِ لِكُلِّ عَابِرٍ وَأَكْثَرْتِ زِنَاكِ. 26 وَزَنَيْتِ مَعَ جِيرَانِكِ بَنِي مِصْرَ الْغِلاَظِ اللَّحْمِ، وَزِدْتِ فِي زِنَاكِ لإِغَاظَتِي.

27«فَهأَنَذَا قَدْ مَدَدْتُ يَدِي عَلَيْكِ، وَمَنَعْتُ عَنْكِ فَرِيضَتَكِ، وَأَسْلَمْتُكِ لِمَرَامِ مُبْغِضَاتِكِ، بَنَاتِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، اللَّوَاتِي يَخْجَلْنَ مِنْ طَرِيقِكِ الرَّذِيلَةِ. 28 وَزَنَيْتِ مَعَ بَنِي أَشُّورَ، إِذْ كُنْتِ لَمْ تَشْبَعِي فَزَنَيْتِ بِهِمْ، وَلَمْ تَشْبَعِي أَيْضًا. 29 وَكَثَّرْتِ زِنَاكِ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ إِلَى أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ، وَبِهذَا أَيْضًا لَمْ تَشْبَعِي. 30مَا أَمْرَضَ قَلْبَكِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِذْ فَعَلْتِ كُلَّ هذَا فِعْلَ امْرَأَةٍ زَانِيَةٍ سَلِيطَةٍ، 31بِبِنَائِكِ قُبَّتَكِ فِي رَأْسِ كُلِّ طَرِيق، وَصُنْعِكِ مُرْتَفَعَتَكِ فِي كُلِّ شَارِعٍ. وَلَمْ تَكُونِي كَزَانِيَةٍ، بَلْ مُحْتَقَرةً الأُجْرَةَ. 32أَيَّتُهَا الزَّوْجَةُ الْفَاسِقَةُ، تَأْخُذُ أَجْنَبِيِّينَ مَكَانَ زَوْجِهَا. 33لِكُلِّ الزَّوَانِي يُعْطُونَ هَدِيَّةً، أَمَّا أَنْتِ فَقَدْ أَعْطَيْتِ كُلَّ مُحِبِّيكِ هَدَايَاكِ، وَرَشَيْتِهِمْ لِيَأْتُوكِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ لِلزِّنَا بِكِ. 34 وَصَارَ فِيكِ عَكْسُ عَادَةِ النِّسَاءِ فِي زِنَاكِ، إِذْ لَمْ يُزْنَ وَرَاءَكِ، بَلْ أَنْتِ تُعْطِينَ أُجْرَةً وَلاَ أُجْرَةَ تُعْطَى لَكِ، فَصِرْتِ بِالْعَكْسِ. ".

نجد هنا حصراً للشر العظيم الذى إرتكبوه فى نكران واضح لجميل الله. كانت جريمتهم هى الوثنية ويسميها الكتاب زنا روحى، فهى خيانة بالقلب = إذ أحب الإنسان أحداً غير الله وعبده. وبدأت العبادة الوثنية فى أواخر أيام سليمان وإستمرت. هنا إنحراف هذه العروس وراء آخر غير عريسها. وفى حالتنا هو إرتباطنا بالأمور العالمية على حساب الله. وبدء السقوط هو الكبرياء = إتكلت على جمالك = فالنفس التى تثق فى جمالها وتظن أنها بارة تقوم بدور الزانية، لأنه فيما تفعله حسناً لا تفعله لإعلان مجد الله بل هى تطلب مجدها الذاتى، وزنيت على إسمك = أحسن شرح لهذه الآية هو ما حدث من حزقيا الملك، فحينما أتى له أمراء بابل مبهورين من معجزة تغيير الشمس لإتجاهها بسببه والشمس من آلهتهم، وربما كان فى فكرهم إلتماس بركته أو طلب حمايته إذ صنع له الرب إسماً عظيما، إذ بحزقيا يسقط ويتباهى بنفسه وكأنه يطلب عمل حلف معهم طالبا حماية البابليين له، هذا بدلا من أن يشهد لله فيعرف البابليون الله. وكانت هذه السقطة من حزقيا الملك فى نظر الله زنا روحى، إذ لجأ حزقيا لغير الله. وهذه السقطة لم يسقط فيها بولس الرسول إذ حين أراد شعب لسترة أن يذبحوا له كإله رفض بشدة وبشرهم بالله (أع14: 8 – 18).

وسكبت زناك على كل عابر = أى عبدوا كل أوثان جيرانهم. وَفَرَّجْتِ رِجْلَيْكِ لِكُلِّ عَابِرٍ = وهذه العبارة جاءت فى الترجمة الإنجليزية (new kjv) هكذا "قدمت نفسك لكل عابر" وجاءت فى الــ (old kjv) كما جاءت فى الترجمة العربية. فنفهم أن هذا كان تعبير يهودى عن اللواتى يحترفن الزنى ويعرضن أنفسهن.

وأخذت كل ما أعطاها الله من مواهب وزينة (صحة ومال وإسم...) زيتى وبخورى وخبزى وزنيت عليها = بالنسبة لليهود فهم قدموا كل شئ للأوثان التى عبدوها. ولنا الآن فهذا يعنى إستخدام كل شئ فى الخطايا. بل هم قدموا أولادهم ذبائح للأوثان = هم عملوا هذا فعلاً ولكن روحياً كم من أولاد لنا، جسديين أو روحيين كنا سبباً فى هلاكهم. ولاحظ هنا أن الله يقول ذبحت بنىَّ = فالأولاد هم أولاده هو، أما الأباء فما هم سوى خدام لله يربون الأولاد لحساب الله. ومما ضاعف خطيتها نكرانها لجميل الله عليها = لم تذكرى أيام صباك = يوم أخرجهم الله من أرض مصر وفاض عليهم ببركاته مظهراً لهم تفاهة أوثان وآلهة الشعوب. وبعد خروجهم تذمروا على الله طالبين العودة إلى مصر من أجل الكُرَّات واللحم ونسوا سياط وإذلال المصريين لهم... وهذا يحدث مع كل تائب، إذ بعد أن ينعم بغفران خطاياه ويشعر بالسلام والطمأنينة، فإن أهمل جهاده نجد الشيطان يذكره بلذة الخطايا وينسيه بؤس ألام أيام عبوديته للخطية فيبدأ حنينه لخطاياه القديمة، وهذا ما يقال عنه فى القداس الإلهى "تذكار الشر الملبس الموت".

وبنيت لنفسك قبة = في كل مكان صنعوا لأنفسهم مذابح للأوثان. وروحياً فهذا يعنى أينما سار الإنسان لا يهتم سوى بملذاته وشهواته. وهى تدعو الآخرين للزنا معها أى بالنسبة لليهود يُدخِلون كل أصنام جيرانهم مصر وأشور... الخ كآلهة يقدمون لها البخور ليسترضونها طالبين حمايتها وبركتها المزعومة، وعاقدين أحلافا مع شعوب هذه الآلهة. هذا يشبه من تتحول الخطية فى حياته إلى حالة مرضية، يخطئ بلا شبع، وفى خطايا قد تكون متضادة (زنا وكبرياء مثلاً) والنتيجة أنها رجست جمالها = فبالخطية نفقد صورة المسيح فينا. وبنى مصر الغلاظ اللحم = أى من كانوا فى نظرهم أقوياء قادرين على حمايتهم. زنيت معهم = هذه تشير غالباً لإتكالهم على مصر، وعملهم معاهدات وحلف مع مصر لتحميهم، وكانت العادة فى عقد المعاهدات للحماية أن من يطلب الحماية يقدم العبادة لآلهة من يطلب منه الحماية، وهذا حدث أيضاً مع أشور آية 28. ولنلاحظ أنهم عبدوا آلهة الفلسطينيين فأسلمهم الله ليدهم، وهكذا مع مصر وأشور وبابل. وهكذا من يحب خطية تحرقه نيران هذه الخطية. وهى زانية تحتقر الأجرة، بل تعطى من يزنى معها هدايا = هذه إشارة للذهب والفضة التى يدفعونها للشعوب لعقد معاهدات معهم. وهم بعبادتهم لأوثان هذه الشعوب يرتكبون الزنا الروحى. والتشبيه هنا أن من عادة الزوانى أنهن يأخذن أجراً، ولم يسمع أن زانية دفعت هدية لأحد، أما هؤلاء فقد دفعن لآلهة الشعوب المجاورة. أو ليس هذا مثل من يضيع صحته ويصرف أمواله فى سبيل خطاياه. تأخذ أجنبيين مكان زوجها = الزوج هنا هو الرب، وزوجها هو الذى يدافع عنها، لكنها أخذت أوثاناً مكان زوجها.

الأعداد 35-43

الآيات (35 - 43): -

"35«فَلِذلِكَ يَا زَانِيَةُ اسْمَعِي كَلاَمَ الرَّبِّ: 36هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ أُنْفِقَ نُحَاسُكِ وَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُكِ بِزِنَاكِ بِمُحِبِّيكِ وَبِكُلِّ أَصْنَامِ رَجَاسَاتِكِ، وَلِدِمَاءِ بَنِيكِ الَّذِينَ بَذَلْتِهِمْ لَهَا، 37لِذلِكَ هأَنَذَا أَجْمَعُ جَمِيعَ مُحِبِّيكِ الَّذِينَ لَذَذْتِ لَهُمْ، وَكُلَّ الَّذِينَ أَحْبَبْتِهِمْ مَعَ كُلِّ الَّذِينَ أَبْغَضْتِهِمْ، فَأَجْمَعُهُمْ عَلَيْكِ مِنْ حَوْلِكِ، وَأَكْشِفُ عَوْرَتَكِ لَهُمْ لِيَنْظُرُوا كُلَّ عَوْرَتِكِ. 38 وَأَحْكُمُ عَلَيْكِ أَحْكَامَ الْفَاسِقَاتِ السَّافِكَاتِ الدَّمِ، وَأَجْعَلُكِ دَمَ السَّخْطِ وَالْغَيْرَةِ. 39 وَأُسَلِّمُكِ لِيَدِهِمْ فَيَهْدِمُونَ قُبَّتَكِ وَيُهَدِّمُونَ مُرْتَفَعَاتِكِ، وَيَنْزِعُونَ عَنْكِ ثِيَابَكِ، وَيَأْخُذُونَ أَدَوَاتِ زِينَتِكِ، وَيَتْرُكُونَكِ عُرْيَانَةً وَعَارِيَةً. 40 وَيُصْعِدُونَ عَلَيْكِ جَمَاعَةً، وَيَرْجُمُونَكِ بِالْحِجَارَةِ وَيَقْطَعُونَكِ بِسُيُوفِهِمْ، 41 وَيُحْرِقُونَ بُيُوتَكِ بِالنَّارِ، وَيُجْرُونَ عَلَيْكِ أَحْكَامًا قُدَّامَ عُيُونِ نِسَاءٍ كَثِيرَةٍ. وَأَكُفُّكِ عَنِ الزِّنَا، وَأَيْضًا لاَ تُعْطِينَ أُجْرَةً بَعْدُ. 42 وَأُحِلُّ غَضَبِي بِكِ فَتَنْصَرِفُ غَيْرَتِي عَنْكِ، فَأَسْكُنُ وَلاَ أَغْضَبُ بَعْدُ. 43مِنْ أَجْلِ أَنَّكِ لَمْ تَذْكُرِي أَيَّامَ صِبَاكِ، بَلْ أَسْخَطْتِنِي فِي كُلِّ هذِهِ، فَهأَنَذَا أَيْضًا أَجْلِبُ طَرِيقَكِ عَلَى رَأْسِكِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فَلاَ تَفْعَلِينَ هذِهِ الرَّذِيلَةَ فَوْقَ رَجَاسَاتِكِ كُلِّهَا.".

نجد هنا أجرة الخطية. فالأمم الذين زنوا معهم سيكونون هم سبباً فى خرابهم. أليس فى الأمراض الجنسية مثالاً لذلك (الزهرى والإيدز). إذاً الشخص يَهلَك من خطيته. وسيكون تأديبها علنياً = قدام عيون نساء كثيرة = حتى يتعظ الجميع. والنساء الكثيرة هنا هى شعوب كثيرة، فالله يعلن قداسته لباقى الشعوب فى رفضه خطية شعبه. والله يستر كثيراً على خطايانا، فإذا أصر المرء على خطيته يسمح الله بأن يفضح، فربما يتوب. والأمور الخاطئة التى يظن الإنسان أن فيها سعادته يكون فيها خرابه.

ويتركونك عريانة وعارية = إننا نفضح أمام الجميع، لو تخلى عنا المسيح الذى يسترنا. أحل غضبى بك. فأسكن ولا أغضب بعد = هذه ضربة إفناء للخطاة، وتطهير لمن بقى فيه رجاء، وعندما يفنى الأشرار ويتطهر الباقين يسكن غضب الله. فإلهنا نار آكلة (عب12: 29). وأكفك عن الزنا = هذا ناتج عن التطهير إذ سمح الله بتأديبهم. وتاريخياً فاليهود بعد عودتهم من السبى لم يعودوا أبداً لعبادة الأوثان. لاحظ أن خراب الشعب أتى على يد أصدقائه "فإن أرضت الرب طرق إنسان جعل أعداؤه يسالمونه" والعكس إن لم ترضى الرب طرق إنسان جعل أصدقاؤه فى حرب معه. ويسحب الله منه كل ما سبق وأعطاه له من بركات، ويتركه بلا زينة = عريانة وعارية.

أكشف عورتك = هذا التعبير حين يقال عن المدن فهو يعنى كشف نقاط الضعف فيها حتى يدخل منها جيش الأعداء بسهولة حين يهاجمها. وعادة ما يكون هذا العمل هو عمل الجواسيس الذين يتجسسون نقاط الضعف. وكان هذا الإتهام هو ما وجهه يوسف إلى إخوته "أنهم جاءوا ليروا عورة الأرض" (تك42: 9).

الأعداد 44-59

الآيات (44 - 59): -

"44«هُوَذَا كُلُّ ضَارِبِ مَثَل يَضْرِبُ مَثَلاً عَلَيْكِ قَائِلاً: مِثْلُ الأُمِّ بِنْتُهَا. 45اِبْنَةُ أُمِّكِ أَنْتِ، الْكَارِهَةُ زَوْجَهَا وَبَنِيهَا. وَأَنْتِ أُخْتُ أَخَوَاتِكِ اللَّوَاتِي كَرِهْنَ أَزْوَاجَهُنَّ وَأَبْنَاءَهُنَّ. أُمُّكُنَّ حِثِّيَّةٌ وَأَبُوكُنَّ أَمُورِيٌّ. 46 وَأُخْتُكِ الْكُبْرَى السَّامِرَةُ هِيَ وَبَنَاتُهَا السَّاكِنَةُ عَنْ شِمَالِكِ، وَأُخْتُكِ الصُّغْرَى السَّاكِنَةُ عَنْ يَمِينِكِ هِيَ سَدُومُ وَبَنَاتُهَا. 47 وَلاَ فِي طَرِيقِهِنَّ سَلَكْتِ، وَلاَ مِثْلَ رَجَاسَاتِهِنَّ فَعَلْتِ، كَأَنَّ ذلِكَ قَلِيلٌ فَقَطْ، فَفَسَدْتِ أَكْثَرَ مِنْهُنَّ فِي كُلِّ طُرُقِكِ. 48حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنَّ سَدُومَ أُخْتَكِ لَمْ تَفْعَلْ هِيَ وَلاَ بَنَاتُهَا كَمَا فَعَلْتِ أَنْتِ وَبَنَاتُكِ. 49هذَا كَانَ إِثْمَ أُخْتِكِ سَدُومَ: الْكِبْرِيَاءُ وَالشَّبَعُ مِنَ الْخُبْزِ وَسَلاَمُ الاطْمِئْنَانِ كَانَ لَهَا وَلِبَنَاتِهَا، وَلَمْ تُشَدِّدْ يَدَ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ، 50 وَتَكَبَّرْنَ وَعَمِلْنَ الرِّجْسَ أَمَامِي فَنَزَعْتُهُنَّ كَمَا رَأَيْتُ. 51 وَلَمْ تُخْطِئِ السَّامِرَةُ نِصْفَ خَطَايَاكِ. بَلْ زِدْتِ رَجَاسَاتِكِ أَكْثَرَ مِنْهُنَّ، وَبَرَّرْتِ أَخَوَاتِكِ بِكُلِّ رَجَاسَاتِكِ الَّتِي فَعَلْتِ. 52فَاحْمِلِي أَيْضًا خِزْيَكِ، أَنْتِ الْقَاضِيَةُ عَلَى أَخَوَاتِكِ، بِخَطَايَاكِ الَّتِي بِهَا رَجَسْتِ أَكْثَرَ مِنْهُنَّ. هُنَّ أَبَرُّ مِنْكِ، فَاخْجَلِي أَنْتِ أَيْضًا، وَاحْمِلِي عَارَكِ بِتَبْرِيرِكِ أَخَوَاتِكِ. 53 وَأُرَجِّعُ سَبْيَهُنَّ، سَبْيَ سَدُومَ وَبَنَاتِهَا، وَسَبْيَ السَّامِرَةِ وَبَنَاتِهَا، وَسَبْيَ مَسْبِيِّيكِ فِي وَسْطِهَا، 54لِكَيْ تَحْمِلِي عَارَكِ وَتَخْزَيْ مِنْ كُلِّ مَا فَعَلْتِ بِتَعْزِيَتِكِ إِيَّاهُنَّ. 55 وَأَخَوَاتُكِ سَدُومُ وَبَنَاتُهَا يَرْجِعْنَ إِلَى حَالَتِهِنَّ الْقَدِيمَةِ، وَالسَّامِرَةُ وَبَنَاتُهَا يَرْجِعْنَ إِلَى حَالَتِهِنَّ الْقَدِيمَةِ، وَأَنْتِ وَبَنَاتُكِ تَرْجِعْنَ إِلَى حَالَتِكُنَّ الْقَدِيمَةِ. 56 وَأُخْتُكِ سَدُومُ لَمْ تَكُنْ تُذْكَرْ فِي فَمِكِ يَوْمَ كِبْرِيَائِكِ، 57قَبْلَ مَا انْكَشَفَ شَرُّكِ، كَمَا فِي زَمَانِ تَعْيِيرِ بَنَاتِ أَرَامَ وَكُلِّ مَنْ حَوْلَهَا، بَنَاتِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ اللَّوَاتِي يَحْتَقِرْنَكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. 58رَذِيلَتُكِ وَرَجَاسَاتُكِ أَنْتِ تَحْمِلِينَهَا، يَقُولُ الرَّبُّ.

59« لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي أَفْعَلُ بِكِ كَمَا فَعَلْتِ، إِذِ ازْدَرَيْتِ بِالْقَسَمِ لِنَكْثِ الْعَهْدِ. ".

وهى كرهت زوجها (الله) وبنيها (فقدمتهم ذبائح). وهنا عدد الله خطايا سدوم، ولم يذكر خطيتهم البشعة وهى الشذوذ الجنسى صراحة ولكن قال عنها فعل الرجس، ونرى أن الخطايا المذكورة هنا هى التى تقود لهذه الخطية الكبرياء والشبع أى النهم وسلام الإطمئنان أى عدم الخوف من أثار الخطية أو عقوبتها. وظلم الفقير لذلك وصلت بهم الحالة إلى فعل الرجس. هذه الحالة المتردية التى وصل لها الجميع، وصاروا سبايا للخطايا، أى إسرائيل ويهوذا وسدوم... لا علاج لها إلا بمجيء المسيح. فى هذه الحالة فقط يرجع الله يهيمن على القلب. ففى المسيح تصير الخليقة جديدة 2كو 5: 17 = يرجعن إلى حالتهن القديمة = أى إلى حالة ما قبل السقوط والفساد.

حينما يسقط المؤمن فى الشر يكون أشر من غير المؤمن مت 5: 13. والله دعاهم أولاً أولاد الحثيين والأموريين، والآن يزيد أن لها أختين هما السامرة (مملكة إسرائيل) وسدوم. وسميت السامرة الأخت الكبرى لأنها كمملكة أكبر من يهوذا. وخطية يهوذا فاقت خطايا أختيها فأظهرتهم أبرارا بالنسبة لها = وَاحْمِلِي عَارَكِ بِتَبْرِيرِكِ أَخَوَاتِكِ = ولكن هذه الآية لها معنى آخر إذ هى نبوة واضحة عن أن اليهود هم من سيصلبون المسيح، وبالصليب سيتبرر أخواتها أى كل العالم يهوداً وأمم = وَأُرَجِّعُ سَبْيَهُنَّ، سَبْيَ سَدُومَ وَبَنَاتِهَا، وَسَبْيَ السَّامِرَةِ وبناتها ولكن يرجع بعض اليهود فى البداية = وسبى مسبييك فى وسطها (آية53). وفى نهاية الأيام يرجع اليهود للمسيح = وَأَنْتِ وَبَنَاتُكِ تَرْجِعْنَ إِلَى حَالَتِكُنَّ الْقَدِيمَةِ (آية 55). وتكون خطية اليهود بصلب المسيح عاراً أبديا لهم لا يزيله سوى إيمانهم بالمسيح فيتبررون بدمه، إذ حمل المسيح عار كل البشر، حتى اليهود، بصليب العار، ولكن ذلك فقط لمن يؤمن. وكان الصليب هو طريق التعزية لكل البشر = 54لِكَيْ تَحْمِلِي عَارَكِ وَتَخْزَيْ مِنْ كُلِّ مَا فَعَلْتِ بتعزيتك إياهن.

ولاحظ حالة الكبرياء التى كانت عليها يهوذا، فهى لم تكن تذكر سدوم فى فمها. وذلك قبل أن ينكشف شرها = ولكن بعد أن إنكشف شرهم بصلبهم للمسيح إحتقرهم جميع الذين آمنوا بالمسيح، بسبب ما فعله اليهود إذ صلبوا رب المجد = بَنَاتِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ اللَّوَاتِي يَحْتَقِرْنَكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. 58رَذِيلَتُكِ وَرَجَاسَاتُكِ أَنْتِ تَحْمِلِينَهَا، يَقُولُ الرَّبُّ. ويزيد الله على هذا بقوله إنى أفعل بك كما فعلت = ونرى هذا فى قول بولس الرسول عنهم "أنظروا الكلاب أنظروا فعلة الشر أنظروا القطع" (فى3: 2). وهذه الصفات كان اليهود يقولونها عن الأمم، وها هى نفسها قد صارت تقال عنهم بفم بولس الرسول.

الأعداد 60-63

الآيات (60 - 63): -

"60 وَلكِنِّي أَذْكُرُ عَهْدِي مَعَكِ فِي أَيَّامِ صِبَاكِ، وَأُقِيمُ لَكِ عَهْدًا أَبَدِيًّا. 61فَتَتَذَكَّرِينَ طُرُقَكِ وَتَخْجَلِينَ إِذْ تَقْبَلِينَ أَخَوَاتِكِ الْكِبَرَ وَالصِّغَرَ، وَأَجْعَلُهُنَّ لَكِ بَنَاتٍ، وَلكِنْ لاَ بِعَهْدِكِ. 62 وَأَنَا أُقِيمُ عَهْدِي مَعَكِ، فَتَعْلَمِينَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، 63لِكَيْ تَتَذَكَّرِي فَتَخْزَيْ وَلاَ تَفْتَحِي فَاكِ بَعْدُ بِسَبَبِ خِزْيِكِ، حِينَ أَغْفِرُ لَكِ كُلَّ مَا فَعَلْتِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ».".

هنا فتح الله باب الرجاء ثانية بالوعد بالمسيح = عهداً أبدياً قال عنه إرمياء النبى "عهدا جديدا مع إسرائيل ويهوذا" (إر31: 31) وحينئذ ستقبل الجميع فقول الكتاب إسرائيل ويهوذا يشير ضمنا لليهود والأمم، إذ فى زمن إرمياء النبى كانت إسرائيل المملكة الشمالية قد إندثرت وإختلطت بالأمم الوثنية. وليس بعهدها السابق، حينما كانوا وحدهم شعب الله المختار. ففى المسيح سيقبل الكل وهذا معنى ولكن لا بعهدك = وأيضاً بلا ختان أو دم ذبائح حيوانية. بل بدم المسيح الذى يغفر = أغفر لك.

هذه الوعود فى هذه الآيات هى وعود إنجيلية للكنيسة التى تضم الجميع، أى كل من يؤمن بالمسيح.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح السابع عشر - سفر حزقيال - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الخامس عشر - سفر حزقيال - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر حزقيال الأصحاح 16
تفاسير سفر حزقيال الأصحاح 16