الأصحاح الثلاثون – سفر حزقيال – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر حزقيال – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثلاثون

ينتهى الإصحاح السابق بنهاية معزية. فالله يقيم قرناً لشعبه أى يعطيهم قوة، بها يدوسون على الشيطان، بل ويملأهم بالروح القدس فينفتح فمهم. وما هذه إلا نبوة عن عمل الصليب. ونرى هنا فى هذا الإصحاح الصورة فى الوجه المقابل، الذل والهزيمة للشيطان وكل من إختار أن يحتمى به (ممثلين هنا فى كوش ولود... الخ الذين إحتموا بفرعون) وقارن هذا مع رؤ21، 20: 19. فبحيرة النار هى نصيب إبليس رؤ 20: 10. والقتل أى الموت الأبدى نصيب من تبعه، ثم يكون نصيب كل من يتبع إبليس هو نصيب إبليس أى بحيرة النار رؤ 20: 15.

الأعداد 1-19

الآيات (1 - 19): -

"1 وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلاً: 2«يَا ابْنَ آدَمَ تَنَبَّأْ وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَلْوِلُوا: يَا لَلْيَوْمِ! 3لأَنَّ الْيَوْمَ قَرِيبٌ، وَيَوْمٌ لِلرَّبِّ قَرِيبٌ، يَوْمُ غَيْمٍ. يَكُونُ وَقْتًا لِلأُمَمِ. 4 وَيَأْتِي سَيْفٌ عَلَى مِصْرَ، وَيَكُونُ فِي كُوشَ خَوْفٌ شَدِيدٌ، عِنْدَ سُقُوطِ الْقَتْلَى فِي مِصْرَ، وَيَأْخُذُونَ ثَرْوَتَهَا وَتُهْدَمُ أُسُسُهَا. 5يَسْقُطُ مَعَهُمْ بِالسَّيْفِ كُوشُ وَفُوطُ وَلُودُ وَكُلُّ اللَّفِيفِ، وَكُوبُ وَبَنُو أَرْضِ الْعَهْدِ. 6هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: وَيَسْقُطُ عَاضِدُو مِصْرَ، وَتَنْحَطُّ كِبْرِيَاءُ عِزَّتِهَا. مِنْ مَجْدَلَ إِلَى أَسْوَانَ يَسْقُطُونَ فِيهَا بِالسَّيْفِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 7فَتُقْفِرُ فِي وَسْطِ الأَرَاضِي الْمُقْفِرَةِ، وَتَكُونُ مُدُنُهَا فِي وَسْطِ الْمُدُنِ الْخَرِبَةِ. 8فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ عِنْدَ إِضْرَامِي نَارًا فِي مِصْرَ، وَيُكْسَرُ جَمِيعُ أَعْوَانِهَا. 9فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِي رُسُلٌ فِي سُفُنٍ لِتَخْوِيفِ كُوشَ الْمُطْمَئِنَّةِ، فَيَأْتِي عَلَيْهِمْ خَوْفٌ عَظِيمٌ كَمَا فِي يَوْمِ مِصْرَ، لأَنَّهُ هُوَذَا يَأْتِي.

10« هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي أُبِيدُ ثَرْوَةَ مِصْرَ بِيَدِ نَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ. 11هُوَ وَشَعْبُهُ مَعَهُ، عُتَاةُ الأُمَمِ يُؤْتَى بِهِمْ لِخَرَابِ الأَرْضِ، فَيُجَرِّدُونَ سُيُوفَهُمْ عَلَى مِصْرَ وَيَمْلأُونَ الأَرْضَ مِنَ الْقَتْلَى. 12 وَأَجْعَلُ الأَنْهَارَ يَابِسَةً وَأَبِيعُ الأَرْضَ لِيَدِ الأَشْرَارِ، وَأُخْرِبُ الأَرْضَ وَمِلأَهَا بِيَدِ الْغُرَبَاءِ. أَنَا الرَّبَّ تَكَلَّمْتُ. 13هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَأُبِيدُ الأَصْنَامَ وَأُبَطِّلُ الأَوْثَانَ مِنْ نُوفَ. وَلاَ يَكُونُ بَعْدُ رَئِيسٌ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَأُلْقِي الرُّعْبَ فِي أَرْضِ مِصْرَ. 14 وَأُخْرِبُ فَتْرُوسَ، وَأُضْرِمُ نَارًا في صُوعَنَ، وَأُجْرِي أَحْكَامًا فِي نُو. 15 وَأَسْكُبُ غَضَبِي عَلَى سِينَ، حِصْنِ مِصْرَ، وَأَسْتَأْصِلُ جُمْهُورَ نُو. 16 وَأُضْرِمُ نَارًا فِي مِصْرَ. سِينُ تَتَوَجَّعُ تَوَجُّعًا، وَنُو تَكُونُ لِلتَّمْزِيقِ، وَلِنُوفَ ضِيقَاتٌ كُلَّ يَوْمٍ. 17شُبَّانُ آوَنَ وَفِيبِسْتَةَ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ، وَهُمَا تَذْهَبَانِ إِلَى السَّبْيِ. 18 وَيُظْلِمُ النَّهَارُ فِي تَحْفَنْحِيسَ عِنْدَ كَسْرِي أَنْيَارَ مِصْرَ هُنَاكَ. وَتَبْطُلُ فِيهَا كِبْرِيَاءُ عِزِّهَا. أَمَّا هِيَ فَتَغْشَاهَا سَحَابَةٌ، وَتَذْهَبُ بَنَاتُهَا إِلَى السَّبْيِ. 19فَأُجْرِي أَحْكَامًا فِي مِصْرَ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ». ".

ولولوا يالليوم = وأسفاه على اليوم، اليوم الذى خفنا منه طويلاً، ها هو قد جاء، الذى سيظهر فيه الله إلهاً للنقمة (هذا اليوم هو يوم خراب فرعون ومصر ولكنه يرمى لأبعد من هذا، فهو يشير لليوم الأخير) يوم غيم = يوم كئيب لمن هو فى معسكر فرعون (رمز الشيطان)، يوم لن تشرق فيه شمس تعزية. يكون وقتاً للأمم = الأمم هم الوثنيون الذين عبدوا الشيطان وهذا اليوم سيكون يوم عذاب لهم. يكون فى كوش خوف عظيم = فإذا ضُرِبَت مصر، تخاف كوش مما سيحدث لها، فكوش كانت تحتمى بمصر، وإذا ضرب الشيطان، فكل من تبعه، عليه أن ينتظر نفس المصير (رؤ 20: 10، 15). وهذا سيحدث لكل من إعتمد على فرعون كوش وفوط ولود = . أما كوب فهى غير معروفة الآن. وكل اللفيف = اللفيف أى الغرباء الذين يعيشون فى بلد ما أو ما يسمى بالأقليات. وبنو أرض العهد = قد تشير لكل من دخل مع مصر فى معاهدات، ولكن هى تشير لليهود الذين هربوا إلى مصر ليحتموا بها من غضب ملك بابل، وأخذوا معهم إرمياء النبى عنوة. هؤلاء الذين إحتموا بمصر سيهلكوا معها (إر 41، 42، 43 وراجع بالذات 42: 13 – 18) وكل عاضدو مصر يسقطون = ستشرب مصر من نفس الكأس التى أعطتها ليهوذا لتشرب منها. فمصر تظاهرت بأنها تعضد يهوذا ضد بابل وخدعتها، هكذا من تظاهر بأنه سيعضد مصر سيتخلى عنها، بل يسقط غير قادر على أن يفعل شئ. وربما تكون مصر فعلاً قد وعدت يهوذا بصدق أن تعضدها، ولكن بعد أن أنهكت الحرب الأهلية المصريين وهرب ملكهم، ما عادت مصر قادرة أن تعضد أحد وهكذا من تعاهد مع مصر لم يستطع أن يفعل شيئاً لمصر، فهل نتعلم أن لا نلقى رجاؤنا على إنسان كان من كان.

وسيضرم الله ناراً فى مصر = إلهنا نار آكلة، وهو الذى سيحرق بناره الخطاة المتكبرين. وأبيد ثروة مصر = الثروة كانت الوزنات أو وكالة الله لها. ولكنها لم تكن أمينة على وكالتها لذلك سينزعها الله منها (راجع مثال الوزنات) وأجعل الأنهار يابسة = هذه التى إتكلوا عليها (إش 19) وهذه تساوى نزع الوزنات. وأبيد الأصنام = هذه الشياطين التى إتكلوا عليها سيظهر خزيها فهى لا تستطيع أن تسند أحد. (وهذا هو هدف الله من ضرباته) ولا يكون بعد رئيس من أرض مصر = فهو هارب فى البرية وسيموت فى البرية. ولكن هذه النبوة العجيبة قد إنطبقت على مصر منذ قيلت وحتى سنة 1952 م. سنة قيام الثورة المصرية، فلقد توالى حكام غرباء على مصر من بابل وفارس ثم اليونان والرومان والعرب والأتراك... الخ. وكان أول رؤساء مصريون يحكمون مصر هم قادة الثورة. أى ظلت هذه النبوة سارية لأكثر من 2500 سنة. شبان آون يسقطون = تذهب عن مصر كل مصادر قوتها، حتى شبانها وفتياتها. سيكسر الله كل أنيار مصر = أنيار جمع نير، وهو ما يربط حيوانين معاً فى محراث للجر. ومصر التى تمثل عبودية الشيطان لها أنيار ربطت بها عبودية شعب الرب، والله يكسر الأنيار معطياً حرية لشعبه "إن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحراراً". ولكن الآية تفهم أيضاً أن الله فى ضربه مصر يكسر الأنيار التى تربطها بالشيطان فيجعلها متكبرة، وعند كسر هذه الأنيار تتحرر مصر من كبريائها = وتبطل فيها كبرياء عزها = وهذا إستعداداً لمجئ المسيح إليها ليباركها. ولتتم النبوة مبارك شعبى مصر. وضربة الله لمصر تصل بها للإنسحاق التام، لدرجة أنها تتخبط فى ظلامها، ولا ترى أمل فى المستقبل = وتغشاها سحابة ويلاحظ هنا ذكر أسماء مدن مصرية كثيرة (نوف / صوعن / فتروس / تحفنحيس.....) وهذه المدن كانت عظيمة جداً، ولكنها مملوءه بهياكل الأوثان حيث تعمل الشياطين بكل قوتها. وكل هذه المدن ستخرب، وهذا يشير لخراب كل مملكة الشيطان والشر فى العالم. وكون أن النهر ييبس فهذا يشير لمصادر الخيرات الزمنية التى يعطيها إبليس لمن يتبعه، وأمجاد هذا العالم التى يغدق بها على كل من يسجد له. وقد يشير قوله فتغشاها سحابة لمجئ المسيح إلى مصر كما قيل فى إش 19: 1 وذلك بعد كسر أنيار مصر. وتذهب بناتها إلى السبى = قد يشير هذا للخطايا الناشئة عن الكبرياء، فحين ينتهى الكبرياء تنتهى هذه الخطايا، وينتشر الإيمان = فيعلمون أنى الرب.

الأعداد 20-26

الآيات (20 - 26): -

"20 وَكَانَ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشَرَةَ، فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ، فِي السَّابعِ مِنَ الشَّهْرِ، أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ صَارَ إِلَيَّ قَائِلاً: 21«يَا ابْنَ آدَمَ، إِنِّي كَسَرْتُ ذِرَاعَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، وَهَا هِيَ لَنْ تُجْبَرُ بِوَضْعِ رَفَائِدَ وَلاَ بِوَضْعِ عِصَابَةٍ لِتُجْبَرَ فَتُمْسِكَ السَّيْفَ. 22لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، فَأُكَسِّرُ ذِرَاعَيْهِ الْقَوِيَّةَ وَالْمَكْسُورَةَ، وَأُسْقِطُ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ. 23 وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ، وَأُذَرِّيهِمْ فِي الأَرَاضِي. 24 وَأُشَدِّدُ ذِرَاعَيْ مَلِكِ بَابِلَ وَأَجْعَلُ سَيْفِي فِي يَدِهِ، وَأُكَسِّرُ ذِرَاعَيْ فِرْعَوْنَ فَيَئِنُّ قُدَّامَهُ أَنِينَ الْجَرِيحِ. 25 وَأُشَدِّدُ ذِرَاعَيْ مَلِكِ بَابِلَ، أَمَّا ذِرَاعَا فِرْعَوْنَ فَتَسْقُطَانِ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ حِينَ أَجْعَلُ سَيْفِي فِي يَدِ مَلِكِ بَابِلَ، فَيَمُدُّهُ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ. 26 وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ وَأُذَرِّيهِمْ فِي الأَرَاضِي، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ».".

هذه النبوة القصيرة عن ضعف قوة مصر كانت تقريباً حينما حاول جيش مصر رفع الحصار عن أورشليم، ولكنه منى بالخيبة وفشل فى محاولاته. وعاد ملك بابل بعد أن فك الحصار لأيام عن أورشليم ليلاقى فرعون، عاد لحصار أورشليم. إنى كسرت ذراع فرعون = أى كسرت قوته، ولكن لم يذكر أنه كسر رقبته، فالله يأتى بأحكامه على البشر على درجات. وهنا الله لم يبد مصر كما أباد صور، بل كسر ذراعها حتى لا تتكبر ثانية عليه. وهذا ما حدث مع صور فملك بابل كسر ذراعا صور ولما لم تتب سمح الله بكسر رقبتها على يد الإسكندر الأكبر، ولم تعد صور ثانية. ولكن لنا نظرة أخرى للآية فما دام فرعون يرمز للشيطان، فالمسيح بصليبه كسر ذراعاه وقيده بسلسلة رؤ 20: 1 – 3 ولم يعد له سلطان على أولاد الله، ولكنه لم تنكسر رقبته بعد أى لم ينتهى تماماً من حياتنا، فهو موجود، ولكنه بلا ذراعان أى بلا قوة ولا سلطة له علينا، بل نحن الذين لنا سلطة أن ندوسه. ولكن رأسه موجودة فكل ما يستطيعه ضدنا، أن يضع فى رؤوسنا أفكاراً خاطئة، ولذلك قال الأباء عن الشيطان أنه مجرد قوة فكرية.

ولكننا بإسم يسوع المرعب للشياطين ةبعلامة الصليب نطردهم ونطرد أفكارهم.

ولن يعود ملك مصر يمسك السيف ليذل أحداً. بل سيئن أنين الجريح = أمام سيف ملك بابل، كما يئن إبليس الآن من الصليب. ملك بابل كان سيف الله ضد فرعون.

رأينا فى نهاية الإصحاح السابق أن الله يقيم قرنا لشعبه أى يعطيهم قوة يدوسون بها الشيطان. ورأينا فى هذا الإصحاح أن الرب كَسَّر ذراعى الشيطان، الآن ما هو عذر من لا يزال مطمئنا وهو ما زال فى خطاياه، كأنه ليس هناك دينونة. وهذا معنى قول رب المجد أن الروح القدس "يبكت على دينونة... لأن رئيس هذا العالم قد دين" (يو16: 8 – 10). ونجد الوحى هنا يعبِّر عن نفس المعنى فى (الآية 9) = يخرج من قبلى رسل فى سفن لتخويف كوش المطمئنة، فما معنى هذا؟

لاحظ قول الوحى فى (الآية 4) أنه يكون فى كوش خوف شديد. وفى (الآية 5) يقول أن كوش وفوط ولود... إلخ تسقط بالسيف. فما معنى تكرار التخويف هنا؟ وما عمل هؤلاء الرسل إن كنا قد رأينا أن كوش خائفة أصلا بعد سقوط مصر، بل كوش نفسها سقطت بالسيف؟

هذا الإصحاح يتكلم عن ضرب الشيطان وتخريب مملكته بالصليب بطريقة رمزية. فنجد أنه فى بداية الإصحاح يقول للشيطان عن يوم الصليب ولولوا يا لليوم، وهذا ما رددته الشياطين أمام رب المجد "أتيت لتهلكنا" (مر1: 24). ويقول للأبرار المنتظرين الخلاص = لأن اليوم قريب وهذا يعطى للأبرار إطمئنانا حقيقيا، فهو يوم خلاص لهم. أما للشياطين وأتباعهم الذين يسميهم هنا الأمم فهو يوم غيم (الآية 3). وبالصليب ينحط كبرياء الشيطان (الآية 6). ويخرب هو ومملكته = فتقفر مملكته، ويكون هكذا حقيرا خربا وسط من إنقادوا له فخربوا مثله أو من رفضوا المسيح فخربوا = فتقفر فى وسط المدن الخربة.

ونجد هنا رسالة تحذير لمن إستمر فى خطيته تابعا للشيطان، رافضا لخلاص المسيح ويسميه هنا مطمئنا أى أن هذا الخاطئ يتصور أنه لا دينونة ولا حساب، ولكن هذا إطمئنان زائف وبلا مبرر. ومن يستمر فى خطيته يسميه هنا كوش المشهورة بلون البشرة الأسود. واللون الأسود يرمز للخطية بينما اللون الأبيض يرمز للبر.

ونجد فى الآيات 4، 5، 9 تكرار لكلمة كوش، والمقصود من كل كلمة يختلف عن الأخرى.

ففى (الآية 4) يبدأ الله بتحذير كوش المتحالفة مع فرعون من نتائج هذا التحالف (هو تحالف كل نفس خاطئة مع الشيطان، فالشيطان رمزه هنا فرعون). والتحذير هنا هو بأنها ترى ضربة مصر فتخاف.

وفى (الآية 5) نرى الموت نتيجة التحالف مع الشيطان أو الإنقياد وراء الخطية، السقوط بالسيف فى هذه الآية هو رفض رسالة التحذير السابقة.

وتأتى الآيات (5 – 8) لنرى خراب مملكة الشيطان بالصليب.

أما فى (الآية 9) فالوحى يستخدم إسم كوش بالمعنى الرمزى، فلون الكوشيون هو اللون الأسود. واللون الأسود هو إشارة للخطية، فنجد فى (رؤ7: 14) أن المُخَلَّصون فى السماء قد غسلوا ثيابهم وبيضوها فى دم الخروف، فالثياب البيضاء تشير للتبرير الذى نحصل عليه بدم المسيح. ولا وسيلة لغفران الخطية والتبرير سوى بدم المسيح، لذلك يقول الرب "هل يغير الكوشى جلده أو النمر رقطه" (إر13: 23) = وهذه تعنى أنه لا وسيلة للكوشى بلونه الأسود أو للنمر برقطه السوداء للخلاص من اللون الأسود = والمعنى أنه لا يمكن لإنسان أن يتخلص من خطاياه ونتائج خطاياه بنفسه. لذلك لا وسيلة للبشر للخلاص من خطاياهم سوى بالصليب. ونجد فى إشعياء أن الله يعطى رجاء للبشر أنه سيفعل هذا "هلم نتحاجج يقول الرب إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج..." (إش1: 18). ومن يؤمن ويعتمد يتبرر، ومن يحافظ على بره رافضا إغراءات الخطية يصبح من الخراف التى على اليمين (الخراف تكون بيضاء)، أما من يرتد للخطايا يستعيد اللون الأسود فيكون من الجداء التى على اليسار أى يُرفَض، (والجداء تكون سوداء) (مت25: 33). وبذلك يصبح معنى (الآية9) أنه بعد الصليب وخراب مملكة الشيطان، أن كل من إستمر على عناده وإستمراره على لونه الأسود (أى على خطاياه) يأتى عليه خوف عظيم.

يخرج من قبلى رسل فى سفن = جاءت كلمة سفن فى الأصل العبرى من جذور بمعنى = من يُثَبِّت ويسن تشريعا ويرسخه بوصايا تشمل التحريم والحظر. ويصبح المعنى أن هذا التشريع هو عمل تلاميذ المسيح ورسله فى كل مكان، فالمسيح أرسلهم لكل العالم ليبشروا بالخلاص الذى صنعه المسيح وليؤسسوا ويعلموا العالم شريعة الخلاص، فمن يطيع هذه الوصايا يخلص، أما من يرفض ما حظره الرسل يهلك.

وتأتى (الآيات 10 – 19) لنرى فيها تحطيم كامل لمملكة الشيطان. فحين يقول أجعل الأنهار يابسة فهذا يعنى أن المؤمنين حينما تذوقوا حلاوة المسيح الجوهرة كثيرة الثمن باعوا كل ملذات العالم التى كان الشيطان رئيس هذا العالم يغريهم بها أى فقدت قيمتها فى عيونهم = وهذا معنى كلمة باعوا. وقال عن هذه الملذات هنا = الأنهار. والأنهار هنا قطعا غير الأنهار التى تشير للروح القدس وراجع تفسير الآية (حز31: 12) فملذات الأرض يسميها أنهار الأرض وهذه هى المقصودة فى هذه الآية.

ولا يكون بعد رئيس من أرض مصر = إذا فهمنا أن فرعون فى هذا الإصحاح يرمز للشيطان، فمعنى الآية يصبح أن الشيطان فقد كل سلطان له على البشر بعد الصليب، ولذلك يقول رب المجد "إن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحرارا" (يو8: 36)، بل أعطانا الرب سلطانا عليه أن ندوسه (لو10: 19).

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الحادي والثلاثون - سفر حزقيال - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح التاسع والعشرون - سفر حزقيال - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر حزقيال الأصحاح 30
تفاسير سفر حزقيال الأصحاح 30