الأصحاح الرابع والعشرون – سفر حزقيال – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر حزقيال – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الرابع والعشرون

الأعداد 1-14

الآيات (1 - 14): -

"1 وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَيَّ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ، فِي الشَّهْرِ الْعَاشِرِ، فِي الْعَاشِرِ مِنَ الشَّهْرِ قَائِلاً: 2«يَا ابْنَ آدَمَ، اكْتُبْ لِنَفْسِكَ اسْمَ الْيَوْمِ، هذَا الْيَوْمَ بِعَيْنِهِ. فَإِنَّ مَلِكَ بَابِلَ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ هذَا الْيَوْمَ بِعَيْنِهِ. 3 وَاضْرِبْ مَثَلاً لِلْبَيْتِ الْمُتَمَرِّدِ وَقُلْ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: ضَعِ الْقِدْرَ. ضَعْهَا وَأَيْضًا صُبَّ فِيهَا مَاءً. 4اِجْمَعْ إِلَيْهَا قِطَعَهَا، كُلَّ قِطْعَةٍ طَيِّبَةٍ: الْفَخِذَ وَالْكَتِفَ. امْلأُوهَا بِخِيَارِ الْعِظَامِ. 5خُذْ مِنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَكُومَةَ الْعِظَامِ تَحْتَهَا. أَغْلِهَا إِغْلاَءً فَتُسْلَقَ أَيْضًا عِظَامُهَا فِي وَسْطِهَا.

6« لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَيْلٌ لِمَدِينَةِ الدِّمَاءِ، الْقِدْرِ الَّتِي فِيهَا زِنْجَارُهَا، وَمَا خَرَجَ مِنْهَا زِنْجَارُهَا. أَخْرِجُوهَا قِطْعَةً قِطْعَةً. لاَ تَقَعُ عَلَيْهَا قُرْعَةٌ. 7لأَنَّ دَمَهَا فِي وَسْطِهَا. قَدْ وَضَعَتْهُ عَلَى ضِحِّ الصَّخْرِ. لَمْ تُرِقْهُ عَلَى الأَرْضِ لِتُوَارَيهُ بِالتُّرَابِ. 8لِصُعُودِ الْغَضَبِ، لِتُنْقَمَ نَقْمَةً، وَضَعْتُ دَمَهَا عَلَى ضِحِّ الصَّخْرِ لِئَلاَّ يُوارَى. 9لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَيْلٌ لِمَدِينَةِ الدِّمَاءِ. إِنِّي أَنَا أُعَظِّمُ كُومَتَهَا. 10كَثِّرِ الْحَطَبَ، أَضْرِمِ النَّارَ، أَنْضِجِ اللَّحْمَ، تَبِّلْهُ تَتْبِيلاً، وَلْتُحْرَقِ الْعِظَامُ. 11ثُمَّ ضَعْهَا فَارِغَةً عَلَى الْجَمْرِ لِيَحْمَى نُحَاسُهَا وَيُحْرَقَ، فَيَذُوبَ قَذَرُهَا فِيهَا وَيَفْنَى زِنْجَارُهَا. 12بِمَشَقَّاتٍ تَعِبَتْ وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْهَا كَثْرَةُ زِنْجَارِهَا. فِي النَّارِ زِنْجَارُهَا. 13فِي نَجَاسَتِكِ رَذِيلَةٌ لأَنِّي طَهَّرْتُكِ فَلَمْ تَطْهُرِي، وَلَنْ تَطْهُرِي بَعْدُ مِنْ نَجَاسَتِكِ حَتَّى أُحِلَّ غَضَبِي عَلَيْكِ. 14أَنَا الرَّبَّ تَكَلَّمْتُ. يَأْتِي فَأَفْعَلُهُ. لاَ أُطْلِقُ وَلاَ أُشْفِقُ وَلاَ أَنْدَمُ. حَسَبَ طُرُقِكِ وَحَسَبَ أَعْمَالِكِ يَحْكُمُونَ عَلَيْكِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ». ".

حدد الله لحزقيال وهو على بعد مئات الكيلومترات بلا وسائل إتصالات فى ذلك الزمان، اليوم الذى حاصر فيه نبوخذ نصر أورشليم وطلب منه أن يكتب هذا اليوم = حتى إذا ما تحقق الخبر بعد ذلك يظهر صدق النبى. وهذا ما حدث فعلاً (راجع 2مل 25: 1). وكان الشعب كما قلنا سابقاً يتصورون أنهم فى حماية أسوار أورشليم كما لو كانوا فى قدر نحاس وهم قطع لحم لا يستطيع أحد أن ينال منهم كما لو كانت أسوارهم هى أسوار نحاسية. ولكن الله يقول هنا فعلاً فأنتم داخل أسوار أورشليم كما لو كنتم داخل قدر نحاس، ولكن سأشعل ناراً حوله، وما هذه النار إلا جيش بابل.. ولكن ما فائدة النار؟ القدر مليئة بالزنجار = الصدأ رمزاً لخطايا أورشليم العالقة بها ولا حل سوى حرقها لتطهر. والحريق سيشمل الجميع صغاراً وكباراً، عظماء وأدنياء. وهذا معنى وضع كل قطع اللحم حتى القطع الطيبة الفخذ والكتف = فالكل يستحق أن يضرب. ولكن يجب أن نفرق بين قطع اللحم الطيبة والعظام وخيار العظام = والمعنى أن الخطية تحول الإنسان الحى إلى إنسان ميت، والفرق بين الميت والحى أن الأول هو كومة من العظام والثانى يكسوه اللحم (قارن مع إصحاح 37) فمن وصل لدرجة الموت التام بخطيته، فهذا لا أمل فى إصلاحه، هذا سيتم حرقة فى كومة العظام تحت القدر، أما من يكسوه اللحم أو حتى من أصبح عظاماً لكن مازال فى داخله نخاع، هذا ما سماه خيار العظام (فهو فتيلة مدخنة لا يطفئ) = هؤلاء سيكونون داخل القدر لا يحرقون تماماً ويفنون مثل من هم فى خارج القدر، بل سيكونون فى الداخل للتطهير. والماء الذى يغلى داخل القدر هو ماء للتطهير. وفى آية (5) يميز بين خيار الغنم = فهؤلاء هم قادة وأمراء الشعب الأشرار فهم مع كومة العظام تحتها، كلهم للحريق. وسبب هذا أنها مدينة دماء = خطاياها هى زنجارها الذى لم يخرج منها. حتى القطع التى لا أمل فيها أو فى إصلاحها ستخرج للحريق بدون أن تلقى عليها قرعة = فليس مهماً من سيحرق أولاً ومن يأتى عليه الدور ثانياً فالكل سيحرق لماذا؟ لأن دمها فى وسطها. وقد وضعته على ضح الصخر = أى على قمة الصخرة، فى أعلى مكان بلا خجل فيرى كل إنسان خطاياها والآن يرى كل إنسان ضرباتها فيعتبر. فالله أقام أورشليم كمثل أمام العالم كله (منظراً للناس) لتكون كرازة، يرى الناس أعمالها الحسنة وقداستها والبركات التى يفيض بها الله عليها فيمجدوا أباها الذى فى السموات. ولكن حين تمتلئ بالدم فسيفضحها الله ويظهر غضبه عليها ويكون تأديبه لها واضحاً، فيعرف الكل أيضاً قداسة الله وأنه ضد الخطية. ولنلاحظ أن الله يصبر ويطيل أناته كثيراً على أبنائه الخطاة، ولكن بعد مدة يعلن خطيتهم إن لم يتوبوا ويفضحهم وهذا معنى لم تُرِقه على الأرض لتواريه بالتراب = فلا شئ سوف يستر على خطيتها ما دام الله قد صمم على إعلانها. وأيضاً سيعلن الله عن غضبه، لصعود الغضب لتنقم نقمة = وسوف يظهر لكل إنسان عدالة الله وقداسته فهو لا يقبل أن يكون أولاده خطاة فهو يعاقب الخطية فى كل إنسان حتى أولاده، فالله قدوس وعادل كما أنه رحيم. فى عدله سيعظم كومتها = أى سيجمع كل من يستحق الحريق كومة كبيرة تجعل الحريق عظيماً، وهذا نفس معنى كثر الحطب إضرم النار. وما نتيجة هذه النار؟ شيئان: - فمن هو مستحق أن يطهر سيطهر وينضج = أنضج اللحم وتبله تتبيلاً فهؤلاء كانوا سابقاً بلا طعم مقبول. وهكذا حولت الألام أيوب إلى رجل كامل. أما العظام لتحرق = فهذه لا أمل فيها. وأما الزنجار = العالق بالقدر ككل، مثل العبادات الوثنية وما يتبعها فهذا سيتم حريقه فى النار، وهذا ما حدث فعلاً، فلم تعد إسرائيل تخطئ هذه الخطيئة بعد سبى بابل. وقد حاول الله كثيراً من قبل أن يخلصها من هذه الخطية ولكن بلا فائدة، فالله لا يضرب ضربة كبيرة ما لم ينذر أولاً ويبدأ بضربات خفيفة ثانياً. فلطالما سَلَّط الله عليها الفلسطينيين وغيرهم ثم الأشوريون الذين أحرقوا 46 مدينة من يهوذا وتوقفوا على حدود أورشليم حين هلك منهم 185000 رجل ولكن لم يطهروا. وهذا معنى بمشقات تَعِبَت ولم تخرج منها كثرة زنجارها فماذا يكون الحل = فى النار زنجارها أى بابل بضربتها الموجعة سوف تشفيها من زنجارها تماماً. ويعاد الكلام ثانية بنفس المعنى فى نجاستك رذيلة لأنى طهرتك = بكل المحاولات التى سبقت ضربة بابل ولكن لم تطهرى. وما الحل أحل غضبى عليك = عن طريق بابل. ولا رجوع فى هذا فأنا الرب تكلمت لا أطلق ولا أشفق ولا أندم = إذاً يارب توبنا فنتوب قبل أن يأتى علينا غضبك.

ملحوظة: - فى آية 7 نجد أن خطية أورشليم علنية، فهى صارت لا تستحى لذلك كانت عقوبتها علنية ليعلن الله قداسته، وهذا يتضح من آية 8. فحين يصل الإنسان فى خطيته أن يعلنها بلا حياء، يعاقبه الله علانية.

الأعداد 15-27

الآيات (15 - 27): -

"15 وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلاً: 16«يَا ابْنَ آدَمَ، هأَنَذَا آخُذُ عَنْكَ شَهْوَةَ عَيْنَيْكَ بِضَرْبَةٍ، فَلاَ تَنُحْ وَلاَ تَبْكِ وَلاَ تَنْزِلْ دُمُوعُكَ. 17تَنَهَّدْ سَاكِتًا. لاَ تَعْمَلْ مَنَاحَةً عَلَى أَمْوَاتٍ. لُفَّ عِصَابَتَكَ عَلَيْكَ، وَاجْعَلْ نَعْلَيْكَ فِي رِجْلَيْكَ، وَلاَ تُغَطِّ شَارِبَيْكَ، وَلاَ تَأْكُلْ مِنْ خُبْزِ النَّاسِ». 18فَكَلَّمْتُ الشَّعْبَ صَبَاحًا وَمَاتَتْ زَوْجَتِي مَسَاءً. وَفَعَلْتُ فِي الْغَدِ كَمَا أُمِرْتُ.

19فَقَالَ لِيَ الشَّعْبُ: «أَلاَ تُخْبِرُنَا مَا لَنَا وَهذِهِ الَّتِي أَنْتَ صَانِعُهَا؟ » 20فَأَجَبْتُهُمْ: «قَدْ كَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلاً: 21كَلِّمْ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا مُنَجِّسٌ مَقْدِسِي فَخْرَ عِزِّكُمْ، شَهْوَةَ أَعْيُنِكُمْ وَلَذَّةَ نُفُوسِكُمْ. وَأَبْنَاؤُكُمْ وَبَنَاتُكُمُ الَّذِينَ خَلَّفْتُمْ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ، 22 وَتَفْعَلُونَ كَمَا فَعَلْتُ: لاَ تُغَطُّونَ شَوَارِبَكُمْ وَلاَ تَأْكُلُونَ مِنْ خُبْزِ النَّاسِ. 23 وَتَكُونُ عَصَائِبُكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ، وَنِعَالُكُمْ فِي أَرْجُلِكُمْ. لاَ تَنُوحُونَ وَلاَ تَبْكُونَ وَتَفْنَوْنَ بِآثَامِكُمْ. تَئِنُّونَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ. 24 وَيَكُونُ حِزْقِيَالُ لَكُمْ آيَةً. مِثْلَ كُلِّ مَا صَنَعَ تَصْنَعُونَ. إِذَا جَاءَ هذَا، تَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ. 25 وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، أَفَلاَ يَكُونُ فِي يَوْمٍ آخُذُ عَنْهُمْ عِزَّهُمْ، سُرُورَ فَخْرِهِمْ، شَهْوَةَ عُيُونِهِمْ وَرَفْعَةَ نَفْسِهِمْ: أَبْنَاءَهُمْ وَبَنَاتِهِمْ، 26أَنْ يَأْتِيَ إِلَيْكَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ الْمُنْفَلِتُ لِيُسْمِعَ أُذُنَيْكَ. 27فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَنْفَتِحُ فَمُكَ لِلْمُنْفَلِتِ وَتَتَكَلَّمُ، وَلاَ تَكُونُ مِنْ بَعْدُ أَبْكَمَ. وَتَكُونُ لَهُمْ آيَةً، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ». ".

ويكون لكم حزقيال آية (24) هنا تموت زوجة حزقيال وعليه أن لا يحزن عليها لا يذرف عليها دمعة ولا يصنع مناحة ولا ينطق بكلمة حزن ولا يأكل من خبز الناس = فهذه عادة فى تلك المناسبات المؤلمة أن يشارك الجيران أهل الميت بإرسال طعام، كتعزية ومشاركة له، وعليه أن لا يأكل مما يقدمونه له. وعليه أن يلبس عمامته = لف عصابتك عليك = كما تعود أن يفعل. وأن يجعل نعليه فى رجليه = ولا يسير حافياً كعلامة حزن ولا يغطى شاربيه = مثلما يفعل الحزانى. وهو سيعد طعامه بنفسه حيث أنه لن يأكل من الطعام المرسل له (فهم يرسلون الطعام لأهل الميت، إذ ليس من اللائق أن يقوم أهل الميت بإعداد طعامهم وهم فى أحزانهم، فما معنى كل هذا؟

  1. زوجة حزقيال هى شهوة عينيه فهو يحبها ولا يستطيع فراقها. وهذا مشابه لوضع الشعب مع أورشليم فهى شهوة عيونهم، يحبونها ويودون لو عادوا إليها لكن الحكم صدر بنهايتها، وعليهم أن يصنعوا مثل حزقيال فلا يحزنوا لأن الأمر صدر من الله.
  2. أورشليم هى شهوة عينى الله، فالله يحبها، وكان مجده فى هيكله فى وسطها. وهنا النبى مثل أنبياء كثيرين، كان الله يضعهم فى موقفه ليشعروا بمشاعره. فلقد طلب الله من إبراهيم أن يقدم إبنه محرقة ليشرح سر الفداء لإبراهيم ولقد سار إبراهيم مع إبنه ثلاثة أيام، كان قلبه يتمزق فى كل ثانية فيهم إلى أن وصل للموضع الذى سيقدم فيه إبنه. وفى هذا شعر إبراهيم بمشاعر الآب إذ قام بدور الآب الذى قدم إبنه الوحيد كفارة عن خطايانا، هو شعر بأن الآب سيعانى مشاعر مرة وسيتألم بألام إبنه.

وهكذا ليشرح الله إرتباطه بنا ونحن فى خطايانا أمر هوشع ان يتزوج بزانية. وهكذا هنا فى مثال حزقيال، فالله يحب أورشليم قطعاً كما يحب حزقيال زوجته وبهذا تكون مشاعر الله وحزنه على هلاك أورشليم هى نفس مشاعر حزقيال إذ تموت زوجته. وفى عدم تعبير حزقيال عن مشاعره إعلان بأن الله يرى فى خراب أورشليم الحل الوحيد لتطهيرها وهذا ايضا لمحبته لها، فهو سيتخذه بلا ندامة.

وفى عدم إظهار حزقيال لمشاعره تجاه وفاة زوجته إظهار أن دمار أورشليم سيكون نهائياً شاملاً، ولن يوجد لأحد من سكانها فرصة لأن يحزن على آخر، فالكل إما ميت أو هارب من السيف والنار.

ولكن تنهد ساكتاً = إشارة لحزنه الداخلى وهذا ما يشير لحزن الله أيضاً على خراب أورشليم. وقطعاً إندهش الناس من موقف حزقيال فسألوه ألا تخبرنا = وكان الجواب هانذأ منجس مقدسى = أى قد حكمت على هيكلى بالخراب وبأن تدوسه الأمم. والهيكل هو بالنسبة لكم فخر عزكم شهوة عيونكم حتى بعد ما خرب هذا الهيكل، وقام هيكل بدلاً منه، ظل التلاميذ يفتخرون بهيكلهم مت 24: 1 مع العلم بأن الهيكل الأول الذى دمر فى هجوم بابل أعظم كثيراً من الثانى الذى كان التلاميذ يفتخرون به أمام المسيح. وليس الخراب للهيكل فقط بل أبناءكم وبناتكم يسقطون بالسيف. هى ضربة شديدة موجعة ولكن السبب فى كل هذا الفناء والخراب هو الخطية = وتفنون بأثامكم.

لاحظ أن آلام حزقيال وهو بار تشبه آلام المسيح الذى صلب وهو بلا خطية، إنما الشعب هو الذى أخطأ "وإذا كان هذا قد عُمِلَ بالغصن الرطب فكم يصنع باليابس" وهم فى ألامهم يئنون بعضهم على بعض = فهم لن يجرؤا أن يعلنوا غضبهم أمام الغزاة البابليين. وإذا جاء هذا تعلمون إنى أنا السيد الرب = سبق حزقيال وقال لهم متنبئاً بما سوف يحدث، فإذا ما تم، فسيصدقون ويؤمنون أنه من قبل الرب حدث هذا ويؤمنون بالرب ويصدقون أن حزقيال هو نبى من عند الرب. ولكن هذا سوف يحدث فى يوم مرعب = أفلا يكون فى يوم آخذ عنهم عزهم = أى قوتهم وما إستندوا عليه باطلاً من تحصينات ورجال وقصور وكل ما وضعوا فيه فكرهم. ومعنى الكلام.... لا تندهش ولا تستغرب ما أعلن لك يا إبن آدم = ولا تكن غير مصدقاً فهو سيحدث. ويبدو أنه كعلامة أن حزقيال بعد ما نقل هذه الأخبار للشعب أنه صمت وجعله الله لا يتكلم (كما حدث مع زكريا أبو يوحنا المعمدان) وسوف يعود ويتكلم حين يأتى منفلت = أى هارب من جحيم أورشليم يخبره ويخبر الشعب بما حدث مصدقاً لنبوات حزقيال التى سبق فأنبأ بها وقد حدث هذا فعلاً (حز 33: 22) حين جاء المنفلت وتكلم النبى مرة ثانية، وقد يكون موضوع صمته وكلامه له تفسيران.

الأول = أنه صمت عن النبوات بخصوص إسرائيل وبدأ يتنبأ عن الأمم الغريبة وهذا ما بدأه فى إصحاح (25) وأنهاه فى إصحاح (33). أى أن الصمت كان صمتاً فى نبواته الخاصة بشعبه إسرائيل. لأن النبوات عن الأمم تعترض بدء صمته (24: 27) ونهايته (33: 22).

الثانى = أن يكون صمته حقيقياً طوال هذه الفترة وأن هذه النبوات الخاصة بالأمم إصحاحات (25 – 32) قد سبق وقيلت فى زمان متقدم ولكن وضعت فى هذا المكان، أو قيلت بعد أن فتح فمه ووضعت أيضاً فى هذا الموضع لسبب هام وهو أن الأمم يشيرون لمملكة الشر والشيطان فى العالم. وبدءاً من إصحاح (33) يبدأ النبى فى الكلام عن إسرائيل الجديد. فكأن إصحاح (24) ينتهى بتدمير وموت إسرائيل القديم الخاطئ. ونبدأ إصحاح (33) بالكلام عن إسرائيل الجديد، فكان من حكمة الله أن تجئ النبوات ضد الأمم وهلاكهم فى وسط هذه الإصحاحات كإعلان من الله عن خراب مملكة الشيطان وإندحارها قبل بدئه فى تكوين إسرائيل الجديد. وإذا عرفنا أن كل هذا يرمز لعمل المسيح فتكون إسرائيل القديمة التى خربت هى شعبه قبل مجئ المسيح، وإسرائيل الجديد هى الكنيسة جسد المسيح وهلاك الأمم رمزاً لنهاية سيادة الشيطان "رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق" فهذا يعنى هدماً لمملكة الشر تمهيداً لإقامة مملكة الله. خصوصاً أن الأمم الذين تنبأ حزقيال ضدهم هم 7. وإذا كان رقم 7 يشير للكمال فهذا يعنى كمال تحطيم مملكة الشر (الأمم هى بنى عمون / موآب / أدوم / فلسطين / صور / مصر / صيدون) والرأى الثانى هو المرجح فى موضوع صمت النبى ثم عودته للكلام، فيكون قد صمت فعلاً كآية بعد أن أعلن للشعب بالخراب الذى سيحدث، وعاد للكلام بعد أن جاء هذا المنفلت مصدقاً لما قاله عن خراب أورشليم. وكون أن الخراب يبدأ ببيت الله، فهذا ليس معناه أن الله سيترك باقى الأشرار، ولكن أكثر الناس معرفة يدانون أولاً ويدانون أكثر، فليس عند الله محاباة. والعجيب أن هذه الشعوب (بنى عمون / موآب...) لم يتعظوا بسهولة بسقوط يهوذا. لكن علينا أن نحذر فحينما يحترق بيت الجار فالحريق قد يمتد لبيتنا. وحينما نرى تأديب الله لأحد الخطاة فلنسارع بتقديم توبة.

المسارح (آية28) = تترجم الضواحى المجاورة للمدينة، وقد تعنى الحقول المجاورة وحظائر البهائم حول المدن، فالخراب سيشمل كل العالم وكل الخليقة. وهذا الخراب تم التعبير عنه بقول الوحى كسرتك الريح الشرقية، والريح الشرقية هى رياح ساخنة تدمر المزروعات (هو13: 15) ولكنها هنا ستصيب هذه السفينة فى قلب البحار إشارة لما يحدث من دمار وخراب للعالم بسبب خطاياه.

ملوك الأرض (آية33) = راجع (رؤ18: 9، 10) هؤلاء هم من تصوروا أنهم إمتلكوا كل شئ إذ إغتنوا وصاروا يتلذذون بكل متعة أو شهوة حسية. وبأموالهم ظنوا أن لهم سيطرة على كل أحد. ونلاحظ فى الآية أن تجارة الشيطان هى ملذات العالم الحسية حتى يُلهى الإنسان عن السمائيات التى أعدها له الله، وهذه تم الإشارة عنها فى هذه الآية = بكثرة ثروتك وتجارتك أغنيت ملوك الأرض. وقارن مع (حز28: 16) فهذه التجارة المخادعة ملأت جوف الشيطان ظلما إذ أن نتيجتها هلاك البشر.

ولهذا قال السيد المسيح عن الشيطان رئيس هذا العالم، فهو يسهل طريق الحصول على شهوات وملذات العالم الدنسة ولكن يطلب السجود له وهذا يعنى إستعباد من يوافقه ويأخذ من يده (مت4: 9). وقارن لقب ملوك الأرض مع قول الكتاب عن أولاد الله أنه "جعلناملوكا وكهنة" (رؤ1: 6) فنحن لنا السلطان أن نتحكم فى شهواتنا ولا تستعبدنا أى شهوة، ونملك وعداً بأن لنا نصيبا بالجلوس فى عرش المسيح للأبد. أما ملوك الأرض فهم مخدوعون إذ يمتلكون سراب زائل فى عالم محكوم عليه بالدمار، وهذا ما قيل فى (حز28: 32) "كالمسكتة فى قلب البحار" أى المدمرة ".

فى ذلك اليوم ينفتح فمك للمنفلت وتتكلم ولا تكون من بعد أبكم (آية27) = لنفهم المعنى الرمزى لذلك لنرى تسلسل سفر حزقيال الذى يمكن تلخيصه كما يلى: -.

  1. الإصحاح (1): - حزقيال يرى الله فى مجده. وكانت هذه إرادة الله أن يرى البشر مجد الله ويفرحوا أمامه ويفرح هو بنا. وهكذا كان آدم فى الجنة.
  2. الإصحاحات (2 – 24): - رأينا الخراب نتيجة خطايا الإنسان. ويكون صمت حزقيال هنا إعلانا عن غضب الله، فحزقيال أو أى نبى يرسله الله هو لسان الله لشعبه (إر15: 19).
  3. الإصحاحات (25 – 32): - هذه نبوات ضد الأمم، ولكن كما سنرى أنها فى الحقيقة تشير لأن الله بتجسد إبنه وبصليبه سيضرب الشيطان الذى ترمز له هذه الأمم الوثنية بخطاياها وأوثانها وممارساتها وعدوانها المستمر وتحطيمها لشعب الله.
  4. الإصحاحات (33 – 39): - تشير لبداية جديدة بعد الصليب بين الله وبين البشر، لأن المسيح صالحنا مع الله بصليبه (2كو5: 18). وكعلامة على هذا الصلح يعود النبى للكلام. وهذا ما حدث بعد الصليب إذ سكن فينا الروح القدس ليعلن لنا إرادة الله فالروح القدس هو روح النصح (2تى1: 7) وهو يخبرنا بأمور آتية ويأخذ مما للمسيح ويخبرنا (يو16: 13، 14).

الإصحاحات (40 – 48): - مواصفات كنيسة العهد الجديد.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الخامس والعشرون - سفر حزقيال - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثالث والعشرون - سفر حزقيال - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر حزقيال الأصحاح 24
تفاسير سفر حزقيال الأصحاح 24