13- التسبيح والفكر السماوى – كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ4 – العبادة المسيحية أنطلاقة نحو السماء – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

13 - التسبيح والفكر السماوى

1 - ما هى بركات التسبيح لله؟

يقول القديس باسيليوس الكبير: [المزامير تهب النفس الطمأنينة وتعطيها السلام، وتهدِّئ فيها بلبلة الأفكار وتراكم الشهوات... هذا الكتاب هو كتاب المحبَّة... هو سلاح ضد سلاح ضدّ الشيطان... هو سبب راحة بعد تعب النهار... هو تعزية الشيوخ... هو باعث أفراحنا واحزاننا المقدَّسة... هو نشيد رائع، هو صوت الكنيسة، هو بخور زكي الرئحة[425].] كما يقول: [التسابيح الهادئة تدخل بالفكر إلى حالة من الفرح والهدوء.].

2 - لماذا اهتم الآباء بالحديث عن التسبيح؟

احتل التسبيح مركزاً خاصاً فى عظات وكتابات الكثير من الآباء، سواء الرعاة منهم أو قادة للرهبان بل وحتى المتوحدين، إذ يشتهون أن تصير كل البشرية خورُس لمؤمنين يتدرَّبون على الحياة السماوية. ولعل من أهم العوامل التى دفعتهم للحديث عنه الآتى:

أ. كان الآباء يشعرون أن رسالتهم الأولى هى الكرازة بالحياة السماوية، متطلعين إلى عمل السيد المسيح الأول أن يُقِيم من الأرض سماءً، ومن البشر ملائكة، فالتسبيح الداخلى هو العمل الأول والرئيسى سواء فى حياة الكنيسة كجماعة أو حياة المؤمن كعضوٍ فيها.

ب. كانت المسارح فى كثير من الدول تمارس أغانٍ بذيئة وتصرفات غير لائقة. وللأسف كان بعض المسيحيين يتركون الاجتماعات الكنسيّة ويذهبون إلى هذه المسارح التى تكتظ بالوثنيين والمسيحيين، خاصة الأغنياء منهم وأصحاب المراكز الكبيرة. لم يكن ممكناً للقادة الكنسيين أن يصمتوا أمام هذا الموقف. فكانوا يقارنون بين الأغانى المقدمة للفساد والتسابيح المقدمة للتمتع ببرّ المسيح، مؤكدين أنه ليست شركة بين هذه وتلك. كمثال فى وصف القديس يوحنا الذهبى الفم لحياة الرهبان قال: [يقومون قبل شروق الشمس، ويبدأون النهار بالترنم – تسبحةٍ أو حمدٍ – وصلاة خاصة تحت قيادة أب الدير... يقضون أربع ساعات فى النهار مركسة للصلاة والتسبيح.].

يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [هل أنت عامل حِرَفي؟ إذ تجلس فى عملك رنّم بالمزامير. ألا تريد أن تسبح بفمك؟ افعل هذا فى قلبك. المزمور رفيق عظيم. إنك لا تقوم بعملٍ شاق. إنك تجلس فى عملك كما فى ديرٍ.].

[كانت قدماه فى المقطرة، ويداه فى القيود، والسجن مُغلَق فى منتصف الليل، بينما كانا (بولس وسيلا) يرنمان بالتسبيج (أع 16: 25). ألا ترون كيف تكمل قوته فى الضعف؟ لو أن بولس كان فى وَسَعٍ، وقد اهتز هذا المبنى لما كان هذا الأمر مدهشاً هكذا. إنه يقول: "بقيَ مقيداً، والأسوار تهتز من كل جانب، والمسجونون منحلون من القيود حتى تظهر قوته بالأكثر.].

ج. يظن الكثيرون أن السعادة تكمن فى ممارسة اللهو أو التمتُع برؤيته، والاندماج فى الأفراح العالمية، والإنصات إلى الأغانى المثيرة للعواطف والرقص بلا ضوابط. إنهم يحسبون فى هذا متعة الحياة وهروب من التجارب المتلاحقة والآلام الحالة بهم. ويرى القديس يوحنا الذهبى الفم مع كثير من آباء الكنيسة مثل القديس مار يعقوب السروجى أن الإنسان كائن موسيقار، وأن الموسيقى لها دورها الحيّ فى حياة الإنسان منذ طفولته إلى آخر نسمة من نسمات حياته، مهما بلغ عمره أو مركزه أو ثقافته. هنا يعلن القديس يوحنا الذهبى الفم ما لروح التمييز من دورٍ فى حياة المؤمن الحقيقى، فيميز داخلياً ما لروح الله مما ما هو لإبليس. فانجذاب النفس لنوع الموسيقى يميزها "بهذا أولاد الله ظاهرون وأولاد إبليس" (1يو 3: 10). يقول القديس يوحنا الذهبى الفم [التسبيح فى ذاته صالح، والمزمور يقدم خيرات كثيرة: إنه يعزل العقل عن الأرض، ويعطى النفس أجنحة، ويجعل (الأجنحة) خفيفة قادرة على الطيران فى الجو. لهذا يقول بولس: "مترنمين ومرتلين فى قلوبكم للرب" (أف 5: 19)... توجد حاجة للتسيح من أجل حياة المرتل وصلاته والتوفيق[426].].

د. يرى القديس يوحنا الذهبى الفم فى التسبيح أعظم سلاح يستخدمه المؤمن فى حربه ضد عدو الخير إبليس. فالمرتل الحقيقى تحت كل الظروف يتسلح بالتسبيح فينعم بنصرات لا تنقطع. التسبيح بروح الفرح السماوى مع تقديم الشكر لله يسندان المؤمن ببرّ المسيح وقداسته وفدائه.

ﮪ. ينصح الذهبى الفم الوالدين قائلاً: [عَلِّم (ابنك) أن يرنم هذه المزامير المملوءة بحب الحكمة. إذ تخص العفة. بالحري لا تجعله يصاحب الأشرار... وحينما سيعرف الترانيم أيضاً كشيءٍ مقدَّسٍ. لأن القوات العلوية تنشد الترانيم[427].].

و. يعتبر الآباء حياة الشكر فى الإنسان الداخلى تسبحة مقبولة لدى الرب، ويرى القديس يوحنا الذهبى الفم أن الفقير الذى يشكر الله لأنه يعطى البعض عطايا كى يعطوا منها الفقراء مثلاً رائعاً للتسبيح، إذ يقول: [يمدح الرسول (الفقراء القديسين) لأنهم يشكرون من أجل ما قُدِّم للآخرين من عطايا بالرغم من فقرهم. ليس أحد حاسد مثل الفقير، ومع هذا فإن هؤلاء الناس متحررون من هذا الهوى حتى أنهم يفرحون من أجل البركات المقدمة للآخرين[428].].

كما يقول: [ليتنا لا نقدّم التشكُّرات من أجل البركات التى تحل بنا فقط، بل ومن أجل البركات التى تحل بالآخرين... هذا هو الأمر الذى يُحَرِّر الإنسان من الأرض، ويرفعنا إلى السماء، ويجعلنا ملائكة بدلاً من أن نكون بشراً. فإن الملائكة يُشَكِّلون طغمة تُقَدِّم التشكّرات لله من أجل الصالحات الموهوبة لنا، قائلين: "المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لو 2: 14) [429].].

ز. الاقتداء بالتلاميذ: يقول القديس كيرلس الكبير: [سبَّح التلاميذ مُخَلِّص الكل ودعوه الملك والرب وسلام السماء والأرض. ليتنا نحن أيضاً نسبحه كما بقيثارة المرتل، قائلين: ما أعظم أعمالك يا رب! بحكمة صُنعت! (مز 104: 24) [430].].

3 - كيف نُقَدِّم تسبحة شكر ونحن فى ظروف قاسية؟

ويقول البابا أثناسيوس الرسولى: [الروح المستقرة تنسى آلامها، وبترتيل الكلمات المقدسة تتطلَّع بفرح إلى المسيح وحده[431].].

ويقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [لتشكر الله ولتسبح ذاك الذى يختبرك فى الأتون. لتنطق بالتسبيح عوض التجديف هذا هو الطريق الذى به عبَّر ذاك الطوباوى عن نفسه[432].].

كما يقول: [هذا هو الطريق الذى به قدَّم أيوب ذبيحة (تسبيح) بالرغم من الأحزان المُرعِبة التى فوق الطاقة البشرية قد حلَّت به[433].].

ويقول: [باحتمال الظروف بنبلٍ وعوض استخدام كلمات تجديف تقدم كلمات شكر للرب، بهذا تصير الشرور التى تُجلب عليكم بغير إرادتكم أعمالاً باختياركم[434].].

يقول القديس مار يعقوب السروجى:

[أيها الخفي العالى عن العلويين الحاملين لك، لتختارنى فأُرتل لك بين الأرضيين المخلصين لك.

أيها الأزلى العارف بذاته وحده، كيف لا يخدمك لسانى بالترنم بخيراتك؟

أيها المخوف الذى تخجل منه الشمس أن تنظر إليه، فلينظر فيك العقل، ويتحرَّك بعظمة تمجيدك...

أيها المحمول من الكاروبيم، والذى لا يقدر الأرضيون أن يتكلموا عنه، تكلَّم فيَّ من أجل مراحمك التى فيك.

أيها العظيم فوق صفوف السمائيين، أرني دهشك غير المفحوص لأتكلم عنك...

الفم عاجز عن تمجيدك أيها الرب العلي؛ اصنع لى فماً جديداً يصلح للترتل لك...

أنت قريب لمن يطلب أن يلتصق بك.].

4 - هل يوجد وقت مُعَيَّن لممارسة التسبيح؟

الكنيسة كجماعة تسبيح وضعت نظاماً معيناً للتسبيح، خاصة فى الليتورجيات، وفى كل المناسبات، حتى التى نحسبها مناسبة حزن كالجنازات. أذكر على سبيل المثال بينما كان الراهب شنوده السريانى (المتنيح الأنبا يؤأنس أسقف الغربية) فى القاعة التى فى خارج الكنيسة، وكان معه كهنة الإيبارشية، دخل موكب جنازة وكان الكل، الكاهن والشمامسة والشعب، يرنمون: "اذكرنى يارب متى جئت فى ملكوتك"، إذا به يقف فجأة ويُرَنّم بذات اللحن وكل كيانه يهتز. دخل الموكب الكنيسة، عندئذ قال للكهنة: "سامحونى يا أبهات، فإننى إذ أسمع هذا اللحن، خاصة فى موكب جنازة أشعر باب الفردوس مفتوح والملائكة يتهللون لاستقبال الراقد الذى تمتَّع مع اللص اليمين بوعد الرب له:" اليوم تكون معى فى الفردوس. فأُشارِك الملائكة فرحهم ".

تطلب الكنيسة من أبنائها تخصيص أوقات للتسبحة، من بينها تسابيح صلوات السواعى (الأجبية). وفى نفس الوقت تطلب منه أن يكون دائم التسبيح إن لم يستطع بفمه، لا يتوقَّف عن التسبيح بقلبه.

فقد كان الكل يجد فى كل حديثٍ فرصة لتقديم تسبحة شكر وحمد لله مُخِلِّصاً. فالكنيسة مجتمع تسبيح، ليس فى أوقات الفرج فقط، بل وحتى فى وسط أشدّ الضيقات. الكنيسة كما يكشف لنا سفر الأعمال وُلِدَت فى التسبحة، وتجد نموّها وكرازتها فى التسبحة والتهليل بالله مُخَلِّص العالم.

إن عدنا إلى العهد القديم نجد فى عبور إسرائيل وجد الشعب فرصته لتقديم تسبحة موسى (خر 15) التى تعتزّ بها الكنيسة وتتغنَّى بها فى التسبحة اليوميّة، وفى وسط الأتون فى أرض السبى وجد الثلاثة فتية القدّيسين فرصتهم لتقديم تسبحة نتغنَّى بها حتى اليوم.

يقول القديس ميثوديوس أسقف أولمبيوس: [يا لجمال أولئك الذين يترنمون بأسرار الله. ليتنى أنا أيضاً ارتبط بهذه الأغانى فى صلاتى... لا تمنع تسبحة روحية ولا تستهن بالإصغاء إليها.].

5 - من يُعَلِّمني أن أُسَبِّح الرب؟

سر تهليل نفس القديس مار يعقوب السروجى إيمانه بأن الله خلقه قيثارة له وهو يعزف عليها بنفسه، إذ يقول: [لا تقدر القيثارة أن ترتل من نفسها إن لم يضرب عليها الحامل لها، وإلا تبقى خرساء صامتة.

الذى يضرب على القيثارة يحرك إصبعه بمهارة، فيوقظ فيها صوتاً...

الوتر هو النفس، وهى صامتة عن تمجيدك،.

اضرب عليها، فترتل بأصوات المجد بدهشٍ عظيمٍ.

إنك لست محتاجاً لتمجيد الأرضيين،.

بل تعظيم الجنس البشرى هو المحتاج إليك يا أيها الغنى.].

6 - ما هى نظرة الآباء للتسبيح؟

أولاً: يُسَبِّح المؤمن الله إلى الأبد. يقول القديس مار يعقوب السروجى: [يا رب لن أَتوقَّف عن تسبيحك، حتى بعد وفاتى. من يحيا لك وبك لا يموت؛ ولا يقوى صمت الموت على إسكاته. إذن، فليتكلم بفمى، ليُكرّر بعد موتى فى السمستقبل.] ويقول القديس أغسطينوس: [الإنسان العتيق تسبحته قديمة، والإنسان الجديد تسبحته جديدة. من يحب الأرض تسبحته عتيقة، ومن يحب السماويات يُسَبِّح ترنيمة جديدة. إن المحبة أبدية، إذ لا تشيخ فتبقى دوماً جديدة.].

يطلب مار يعقوب السروجى من الرب أن يساعده لكى يتحرك بكل كيانه لتسبيحه: الفم وكل الحواس والأفكار النقية والعقل والقلب حتى الرجلين اللتين تحملان الجسد كمركبة تُسَبِّح الله [يا ابن الله ليكن لك فمى كنارة الألحان، وليهتف لك التسبيح النقى بعجب عظيم، لتتحرك كنارتى لتتحدث عن تسبيحك، وأنا عارف بان كلمتك تفوق الناطقين.

[ربى أتكلم بفم مفتوح وأنا مندهش لأنك فتحتَه من موهبتك حتى يصفك،.

ساعدنى لأتعجب بحواس أسمى من العادة، وإذ يتعجب بك العقل، يصفك الفم الذى فتحته.

ليُسَبِّحك العقل لأجل عجائبك الخفية التى هى أسمى من أن يعرفها العقل.

ليُسَبِّحك القلب بالدقات السريعة، والأفكار النقية والقائمة مثل الملائكة للخدمة.

ربي، يُعطى لك التسبيح النقى الضمير أيضاً لأنه نظر ويرى كم أنك مُسبَّح بأعمالك.

ربي، تُسَبِّحك كل الحواس النفسية والروحية والجسدية، لأنك مُسَبَّح.

لتسبّحك العين لأنك أعطيت لها كل جمال كل المخلوقات لتسعد به برؤيتها.

لتسبّحك الأذن التى فيها تنسكب كل حلاوة الأصوات وتقبلها بلذة.

ربي، لتسبّحك اليدان الاثنتان والأصابع العشرة التى تتحرك للعمل بدل كل الجسد.

لتُسبّحك الرجلان اللتان تحملان كل الجسد وتزفانه كمركبة فى كل المواضع.

لتسبّح حاسة الشم التى هى مُلكها كل العطور والروائح، وبها تسعد كثيراً.

ليشكر الحنك الذى يُمَيِّز الحلو من المرّ، ويعرف أن يفحص كل اختلافات الأطعمة.

ليسبّح الفم تسبيحه والتسبيح الذى ليس خاصته، لأنه يملك الكلمة ليشكر عن كل الجسم.

الفم ملزم بالتسبيح بدون جدال نيابة عن الأعضاء الموضوعة فى الجسم التى هى بلا كلمةٍ.

اللسان أيضاً والأسنان التى منها يرنّ الصوت لتسبّح كثيراً بأصوات عمومية.

ربي. كل الجسم مُلزَم بتسبيحك. وهوذا الفم مفتوح ليُسَبِّح عوض الجسم كله.

ساعد الفم ليوفي كل هذه الأمور بدل كل الحواس الصامتة التى تحرك الفم حتى يشكر[435].].

ثانياً: بالتسبيح لله نتشبَّه بالملائكة. يقول القديس باسيليوس: [إن التسبيح لله هو عمل خاص بالملائكة.].

يرى القديس غريغوريوس النيسي أننا بالتسابيح نصير متساوين مع الملائكة من جهة الكرامة. ويقول القديس أغسطينوس: [إن شئت تسبيح الله دائماً فَغِر من سيرة الملائكة وتسبيحهم.].

ثالثاً: بالتسبيح نصير أغنياء. يكشف القديس أغسطينوس عن فقر الإنسان بقوله: "عرياناً خرجت من بطن أمى، وعرياناً أعود إلى هناك. الرب أعطى والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركاً" (أي 1: 21). ويحسب التسبيح جواهر ثمينة، إذ يقول: "من اين جاءت مثل هذه الجواهر التى لمديح الله؟ أنظروا إنساناً من الخارج كان فقيراً (أيوب)، لكن من الداخل كان غنياً. هل كان يمكن لمثل هذه الجواهر أن تصدر عن شفتيه لو لم يحمل كنزاً مخفياً فى قلبه؟ [436].].

رابعاً: لنُسَبِّح باشتياق فينطق القلب حتى إن صمت اللسان. يقول القديس أغسطينوس: [من يصلى برغبة يُسَبِّح فى قلبه، حتى إن كان لسانه صامتاً. أما إذا صلى (الإنسان) بغير شوق فهو أبكم أمام الله حتى إن بلغ صوته آذان البشر[437].].

خامساً: نسبح الله بالحياة المقدسة. يقول القديس أغسطينوس: [الآن إذ نجتمع مع بعضنا البعض فى الكنيسة نُسَبِّح الله، ولكن عندما يذهب كل واحدٍ إلى عمله يبدو كمن توقَّف عن تسبيح الله. لكن ليته لا يتوقف أحد عن الحياة المستقيمة، فيكون مُسبحاً لله على الدوام. إنك تتوقف عن التسبيح لله عندما تنحرف عن العدل وعن كل ما يسر الله. ولكن إن كنت لا توقف عن الحياة المستقيمة فإن حياتك بليغة، وتنفتح أذن الله لقلبك[438].].

كما يقول: [كل ما تفعله، افعله حسناً، بهذا تُسَبِّح الله[439].].

[هناك نستريح، وهناك نرى. سنرى ونحب، سنحب ونسبح! [440]].

ويعلق القديس جيروم على كلمات المرتل "لتصفق الأنهار بالأيادى" (مز98: 8) قائلاً: [إن المؤمنين وقد صاروا أنهاراً تفيض عليها المياه من النهر الأصلى ربنا يسوع تصفق بالعمل الروحى المستمر كما بالأيدى، تسبح للثالوث القدوس بالسلوك الحيّ.].

سادساً: لنسبح الله بالروح والحق. يقول القديس إيرينيؤس: [نقدم ذبيحة الحمد أى ثمر الشفاه، وتلك القرابين ليست بحسب الناموس الذى رفع الرب صكه من الوسط وألغاه، لكنها قرابين بحسب الروح القدس، لأننا ينبغى أن نعبد الله بالروح والحق، ومن ثم قربان الإفخارستيا ليس جسدياً بل روحانى ومن ثم فهو طاهر[441].].

سابعاً: الخليقة السماوية والأرضية تدعونا للتسبيح. يقول مار أفرآم: [هوذا كل الخليقة صارت أفواهاً تنطق عنه: المجوس بتقدماتهم، والعاقر بطفلها، والنجم المنير فى الهواء! هوذا ابن الملك... السماوات له انفتحت، والمياه هدأت، والحمامة مجدته... الملائكة أعلنت عنه، والأطفال صرخوا إليه "أوصنا". هذه الأصوات جميعها من الأعالى ومن أسفل، الكل يصرخ شاهداً له[442]!].

7 - ما هى نظرة كنيسة العهد الجديد لعبادة التسبيح فى الهيكل؟

ورثت كنيسة العهد الجديد عن الهيكل عبادة التسبيح إذ وُجِدَت فِرق التسبيح؛ قيل إن عدد القيثارات بلغ أكثر من 4000 قيثارة. تتشبَّه الكنيسة ابنة صهيون بداود الملك والنبى، مُرَنّم إسرائيل الحلو (2صم 23: 1)، فقد وجدت فى المزامير أعماقاً مبهجة على ضوء عمل ابن داود على الصليب وقيامته وصعوده إلى السماء. عرّف الرسول بولس ملكوت الله أنّه فرح فى الرب (رو 14: 17).

8 - من هم الآباء الذين اهتموا بالتسابيح والأغانى الكنسيّة عبر العصور؟ [443]

فى القرن الثانى إذ اهتزَّت نفس القديس إكليمنضس السكندرى فى حُبِّه للمُعَلِّم السماوى كلمة الله، سجَّل تسبحة رائعة فى كتابه المُعَلِّم Paedagogus. وأيضاً جمع البرادعى حوالى 150 تسبحة سريانيّة. وفى القرن الرابع أغنى القدّيس مار أفرآم السريانى، المدعو قيثارة الروح القدس، الكنيسة السريانيّة بتسابيحه الكتابيّة اللاهوتيّة العميقة. وفى نفس القرن تأثَّر القديس هيلارى أسقف بواتييه بالتسابيح عند زيارته آىسيا الصغرى باليونانيّة، وعندما عاد إلى بلاد الغال بدأ يضع تسابيح اللاهوتيَة.

قيل عن الأسقف نيسيتا Niceta أنّه كسب كثير من الوثنيّين البرابرة للإيمان بإيبارشيّته بواسطة التسابيح ووضع القديس أمبروسيوس تسابيح، علمها للشعب لكى يترنَّم بها، وقد تأثر بها القديس أغسطينوس. وفى نفس العصر وضع برودنتوس Prodentius الأسبانى تسابيح اتَّسمت بأنّها أكثر التهاباً من تلك التى وضعها القديس أمبروسيوس، وذلك لاستخدامها خارج اليتورجيّات.

9 - ماهو دور القديسة مريم كمُسَبِّحة للربّ؟

قدَّمت لنا القدّيسة مريم ابنة داود المرتّل نموذجاً رائعاً للتسبيح بوحى الروح القدس الذى حلّ عليها، خلال تجسّد الكلمة الإلهى فى أحشائها (لو 1: 46 - 55):

أ. نطقت القدّيسة تسبحتها بعد التجسّد، فهى ليست قطع أدبيّة رائعة فحسب، لكنّها هى تهليل أعماقها بمن حلّ فيها. هكذا يليق أن تحمل التسابيح هذا الروح، فتكشف عن سكنى السيّد المسيح فى كنيسته، كما فى نفس واضع التسبحة الكنسيّة، وفى نفس من يُرَتّل بها.

ب. نطقت بها بعد عبورها جبال يهوذا وبلوغها بيت زكريّا لخدمة نسيبتها العجوز! فالتسبحة ترتبط بروح الخدمة العمليّة. فإن كنّا بالتسبيح نشارك السمائيّين عملهم السماوى، فإنّهم ليسوا بالكائنات الخاملة، لكنّهم دائموا العمل حسبما يناسب طبيعتهم.

ج. بدأت التسبيح بتمجيد الله مُخَلِّصها، ففى كل تسابيحنا حتى فى تطويب القدّيسة مريم والقدّيسين عيوننا لا تُفارِق الصليب لنُمَجِّد ذاك الذى أعلن عظمته بحُبِّه الإلهي الفائق العملي.

د. حملت تسبحتها روح الرجاء والفرح، "جميع الأجيال تُطَوِّبني". فالتسبحة ذبيحة مُقَدَّمة لله خلال الرجاء فى عمل نعمته التى تُحوِّل ترابنا إلى سماء، وترفعنا من الفساد إلى عدم الفساد. فلا يحمل المرتّل وجهين، إذ يتناغم لسانه المرنّم مع قلبه المتهلّل. يحوّل التسبيح النفس إلى سماء ثانية. فالقديس يوحنّا كاسيان تساءل إن كان الرهبان المرتّلون ملائكة نزلت إلى الأرض أم بشر صعدوا إلى السماء. تساءل ليس لأنّه سمع صوت التسبيح لا ينقطع من شمال مصر إلى جنوبها فحسب، لكنّه تلامس مع قلوبهم التى تحوَّلت إلى السماء، لأن ملكوت الله داخلها.

ﮪ. تُعَبِّر تسبحتها عن رفعها فوق الآلام، إذ ترنَّمت: "صنع قوّة بذراعه، شتَّت المستكبرين" (لو 1: 51). فلا عجب أن نرى الرسولين بولس وسيلا لا ينشغلان بجراحاتهما وهما فى السجن الداخلى، بل ترنَّما فاهتزَّت السماء وتحرّكت لتهزّ أساسات السجن، وتحل القيود وتفتح الأبواب، تبعث ملاكاً مندوباً عنها. يا لقوّة التسبحة العجيبة التى تحرّك السماء والأرض لحساب المرتّل، لأنّه يُقَدِّم "ذبيحة التسبيح" موضع سرور الله!

يقول الأب أوغريس: [صَلِّ فى سلام ونقاء، رتل بفهم ولذة، بذلك تكون كنسرٍ صغيرٍ يُحَلِّق فى أعلى السماء. ترتيل المزامير يُسَكِّن الشهوات ويكبح نبضات آلام الجسد، والصلاة تدفع العقل لأن يكون حكيماً وسليماً فى أفعاله... ترتيل المزامير هو صورة لتَنَوُّع الحكمة الإلهية... إن لم تكن قد أخَذْتَ عطية الله أو ترتيل المزامير اطْلُب بحرارة وإلحاح فستأخذ[444].].

ويقول القديس جيروم: [كن كالجندى واجعل الليلة موسيقية... ترنم بالروح وترنم بالفهم أيضاً. اجعل ترنيمتك من وضع المرتل.].

10 - لماذا دُعِي داود النبى مرنم إسرائيل الحلو (2صم 23: 1)؟ [445]

أولاً: قيل عنه إنه قائم فى الأعالى، يختبر الحياة السماوية المتهللة، يعيش فى شركة مع الطغمات السماوية المسبحة، يشاركهم طعامهم السماوى: "هذه هى كلمات داود الأخيرة... وحى الرجل القائم فى العلا، مسيح إله يعقوب، ومرنم إسرائيل الحلو". (2صم 23: 1) أكل الإنسان خبز الملائكة، أرسل عليهم زادا للشبع (مز 78: 25).

ثانياً: مشغول بكلمة الله، مصدر الفرح الحقيقى الدافع للتسبيح: "روح الرب تكلم بي، وكلمته على لسانى" (2صم 23: 2) يغنى لسانى بأقوالك، لأن كل وصاياك عدل (مز 119: 172).

ثالثاً: مشغول بالمسيح المُخَلِّص. ترسي عند الله مخلص مستقيمى القلوب (مز 7: 10).

رابعاً: مهتم بالشهادة أمام الأمم. "لذلك أحمدك يارب فى الأمم، ولاسمك أرنم". (2صم 22: 50).

خامساً: يتهلل بإله المرذولين والمحتاجين. "الرب مجري العدل والقضاء لجميع المظلومين". (مز 103: 6).

سادساً: يسبح سامع الصلاة. "يا سامع الصلاة، إليك يأتى كل بشر" (مز65: 2).

سابعاً: رجاؤه فى الرب. "لأنك أنت رجائى يا سيدى الرب، متكلى منذ صباى" (مز 71: 5).

ثامناً: يدعو للهتاف. "كهنتها ألبس خلاصاً، واتقياها يهتفون هتافاً". (مز 132: 16).

تاسعاً: يقدم أغنية جديدة. "رنموا للرب ترنيمة جديدة، رنمى للرب يا كل الأرض." (مز96: 1) يقول مار يعقوب السروجى: [سبّح هكذا مثلما علَّمك داود الملك كل تسبيحٍ جديدٍ كل يوم وبتمييزٍ.

قال: سبّحوا الرب تسبيحاً جديداً: انتبه الآن وسبّح كل تسبيحٍ جديدٍ.

سبّحتَ البارحة وذهب البارحة ودخل فى منزله. اليوم أعط تسبيحاً جديداً. لماذا أنت بطال؟

لا تتكل على التسبيح الذى دخل البارحة. فاليوم يطلب منك أن تسبّح هكذا.

لأنك تطلب أيضاً من المخلوقات أن تجدد لك كل يوم سميرة أشكالها.

الشمس التى مشت وخدمتك البارحة لا تتركها اليوم تتوقف كما لو كانت مسيرتها فى الأمس كافية.

لكن كما قامت لتنيرك اليوم فقط تنظر إلى نور اليوم لتتنعم به.

هكذا يطلب ربُّك منك كل الأيام كل تسبيحٍ جديدٍ لتُقَرِّبه له كل يوم.

لو سبَّحته البارحة وأول البارحة ربوات المرات، فأنت مدين له اليوم بتسبيحٍ جديدٍ[446].].

عاشراً: من الذى يرنم؟ الشخص نفسه (بصيغة المفرد): "أُسَبِّح الرب فى حياتى، وأُرَنِّم لإلهى ما دمت موجوداً". (مز 146: 2) كما يرنم شعب الله: "وأنت القدوس الجالس بين تسبيحات إسرائيل" (مز 22: 3). ويدعو العالم كله للتسبيح: "ويسجد له كل الملوك، كل الأمم تتعبَّد له". (مز 72: 11).

حادى عشر: يطلب أن تشترك النفس مع الجسد فى التسبيح. "لذلك فرح قلبى، وابتهجت روحى. جسدى أيضاً يسكن مطمئناً (مز 16: 9).

ثانى عشر: يطلب التبكير فى التسبيح. "استيقظى أيتها الرباب والعود، أنا استيقظ سحراً (مز 108: 2).

ثالث عشر: يتطلع إلى تقديم التسابيح كذبائح مقبولة لدى الله. "لك أذبح ذبيحة حمد". (مز 116: 17).

رابع عشر: يطلب التسبيح الكنسى الروحى. "من قبلك تسبيحى فى الجماعة العظيمة". (مز 22: 25).

11 - لماذا يدعو داود السماويين وغير الناطقين إلى التسبيح؟

يقول مار يعقوب السروجى: [داود الذى صار كنارة ألحان المزامير، يُنهض كل المخلوقات كل يوم للتسبيح. قام فى الوسط بين الأرضيين والسماويين مثل من يقوم بين الخورُسين ليحثهما.

صرخ: سبِّحوا الرب من السماء. وهتف بمزموره: سبّحوا الرب من الأرض.

دعا اللجج والتنانين والملائكة وأفواج القوات للتسبيح.

بصوته العالى أيقظ الجبال والآكام وطالب التسبيح من الأشجار المثمرة والأرز.

وقف وسط الخورُسين مثل مُنَظّم بين العلويين والسفليين وأيقظهم.

كان قد تحرك بمحبة الرب التى كانت تضطرم كاللهيب ليحث السماويين على التسبيح.

لم تكن هذه الجموع محتاجة ليحثها، لأن القوات لا تنام ولا تنعس.

ولا تسكت ولا تبطل من التسبيح، ومع ذلك كان يريد داود أن تُسَبِّح لو أمكن.

قل يا داود يا بحر الجمال والإيحاءات، لماذا رفعت صوتك إلى السماء لتُسَبِّح؟

أيقظ للتسبيح بنى جنسك وبنى ترابك وبنى عشيرتك وبنى وطنك.

فى السماء لا توجد بطالة ولا اضطراب ولا يوجد هدوء لمُسَبِّحى الله.

هناك لا توجد كلمة أخرى سوى التسبيح أو التهاليل أو التبريك أو الترتيل.

تصرخ القوات وتسبّحه بصوت وبعجب: قدوس قدوس مبارك مجده، مبارك من موضعه...

وفى مزاميره دعا الحيوانات والبهائم والطيور والدبيب والزحاف للتسبيح...

كل هذه الأمور التى قالها هى زائدة. وقد قالها لأجلك حتى تُسَبِّح بتمييز.

مثل الحكيم كان يوقظ المستيقظين على التسبيح ليوقظ البشر من سباتهم.

على الإنسان صورة الله الناطق أن يُسَبِّح الربّ...

وإذ صار سيداً لكلها فإنه ملزم أن يفى التسبيح بالأصالة عن نفسه ونيابة عنها.

هوذا كل المخلوقات تقوم مع جمالها ومع زينتها وتحركك على التسبيح.

ولأنها صارت لخدمتك بأشكالها. أنت مدين بأن تعطى التسبيح نيابة عن خدمتك[447].

12 - هل محتاج الرب إلى تسبيح البشر؟

يقول مار يعقوب السروجى: [ربك يطلب منك التسبيح ليس لأنه محتاج، لكنه يود أن تقترب منك فى كل الأحوال.

لا حد للمُسَبِّحين الموجودين فى موضعه: جموع وصفوف وأجواق النار بلا عددٍ.

آلاف الألوف وربوات ربوات صفوف النار التى تحرك التسبيح بلا هدوء إلى ميعاد موضعه.

لم يكن محتاجاً حتى إلى هذه الصفوف الكثيرة المقدسة والسامية والبهية والمليئة عجباً.

أنت من أنت سوى طين مجبول بالحنان؟ أو ما هو تسبيحك بين الملائكة؟

ها أنت خاضع للشهوة وللسبات وللطعام وللأهواء والأمراض والأوجاع والقلق.

وللجوع وللعطش ولأمور أخرى كثيرة. وللهمّ اليومى وللفكر بالأجل الخفى.

السبات ابتز منك نصف حياتك. وهذه (الحياة) التى فضلت وزعتها على البطالة...

لعمل العالم أنت نشيط وقوى وسريع الركض. ولتسبيح ربك أنت ضعيف وكسلان.

عندما تعمل فى العالم الزائل أنت نشيط. ولما يصادفك تسبيح ربك أنت بطال...

بما أنك اليوم حي فسَبِّح اليوم مثل متميز. ماذا تملك لتكافئ الرب بدل الحياة؟

يوجد كثيرون جعلهم الليل أمواتاً ولا يُطالبون بإعطاء التسبيح فى موضع الهاوية.

قبل أن تصير ميتاً مخيفاً وجامداً فى القبر، سبِّح الآن لأن فمك مفتوح للتسبيح...

كل العالم مدين ليُسَبِّح كل يوم. مبارك من أعطانا فماً لنُسَبِّحه ونحيا معه. له التسبيح.].


[425] - عظة على المزامير: الفصل الأول، الأب الياس كويتر المخلصي ص 63.

[426] On Ps. 147.

[427] Homilies on Col. , Hom. 9.

[428] In 2 Cor. Hom 2: 20.

[429] In Matt. Hom 3: 25.

[430] Hom 130.

[431] Athanasius. to Marcel on Psalms.

[432] On Ps. 128.

[433] On Ps. 50.

[434] The Epistle to the Romans. Homily 9.

[435] - الميمر 106 على المزمور: سبّحوا الرب تسبيحاً جديداً (مزمور 96: 1، 149: 1) (راجع نص الأب بول بيجان؛ الأب الدكتور بهنام سوني).

[436] On Ps. 30, Discourse, 4.12.

[437] On Ps. 8: 102.

[438] On Ps. 2: 148.

[439] Letter 19: 130.

[440] City of God 30: 22.

[441] Fragments on his Lost Works, 37.

[442] - ميامر الميلاد للقديس مار أفراَم ص 41.

[443] K. S. Latourette: A History of Christianity. 1953, p. 206 etc.

[444] - الفيلوكاليا عن الصلاة ص 25 – 26.

[445] - الاقتباسات من مزامير داود النبى وغيره من المسبحين الذين سلكوا بروحه.

[446] - الميمر 106 على المزمور: سبّحوا الرب تسبيحاً جديداً (مزمور96: 1، 149: 1) راجع نص الأب بول بيجان؛ الدكتور بهنام سونى.

[447] - الميمر 106 على المزمور: سبّحوا الرب تسبيحاً جديداً (مزمور 96: 1، 149: 1) راجع نص الأب بول بيجان؛ الدكتور بهنام سوني.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

لا توجد نتائج

No items found

14- الألحان والفكر السماوي - كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ4 – العبادة المسيحية أنطلاقة نحو السماء - القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

12- العبادة الكنسية والدموع - كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ4 – العبادة المسيحية أنطلاقة نحو السماء - القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

فهرس المحتويات
فهرس المحتويات

المحتويات